رواية حلم الطفولة الفصل الرابع 4 بقلم نورهان ذكي
دخلت دينا الفصل وإذا بالجميع ينظرون إليها في حماس ودينا تبدوا سعيدة .. فهمت ذلك من نظرتها الخبيثة لي والتي كادت أن تقتلني ببطء ولكنني سكتت حتى أرى المفاجأة.. !!
ثم قالت المعلمة وهي مبتسمة: يا فتيات .. أنتن بالطبع تعرفن صديقتكن دينا ، فلا داعي لأن أعرفكم بها من جديد .. رحِّبوا معي بالفتاة المبدعة صاحبة لقب " الرسامة الصغيرة " !
ثم صفَّق لها الجميع .. إلا أنا .
لم أشعر بنفسي وقتها .. !!!
وفجأة مرت من أمامي جميع زكرياتي مع دينا بحلوها ومرها مع أني كنت بالكاد قد بدأت أنسى بعض زكرياتي معها...
لكنني تذكرت كل شئ ، وتذكرت يوم أعطيتها لوحاتي بيديَّ هاتين .. ماذا فعلت ؟!! .. مااذا فعلتتت !!؟
لقد انتهى حلمي وأنا السبب .. أنا السبب ، لقد انطفأت شمعة الأمل الوحيدة لي في الحياة !!
هل هذه الفتاة من البشر ؟!! .. ألديها قلبٌ وعقلٌ وإحساسٌ مثلنا !؟؟
لماذا فعلا بي هذااا؟؟ لماااذااا؟؟؟
كل هذا مرَّ من أمامي كلمح البصر ولم أشعر بنفسي بعد ذلك !!!
استيقظت فوجدت نفسي في المستشفى وأمي وأبي بجانبي .. فسألتهم : أين أنا؟؟ ماذا حدث لي ؟؟!
نظرت إليَّ أمي وعيناها مليئتان بالدموع ثم بدأت في البكاء وقالت : الحمد لله .. لقد أفاقت .. أفاقت !
فابتسم أبي وظل يُقبِّلُ رأسي وأمي تحتضنني بقوة ، لم أكن أفهم وقتها ما يجري .. لم أكن أرى سوى السرير الذي أنام عليه والمحاليل الموصولة بيدي ، فسألت أمي : ماذا حدث لي يا أمي ؟!!
قال لي : لقد أصبتِ بأزمة قلبية في المدرسة ، ونقلتكِ المعلمة وباقي الأساتذة إلى هنا واتصلوا بنا كي نأتي .. وعندما سألت المعلمة عن سبب ما حدث لكِ حكت لي ما حدث بخصوص دينا ..
لقد صدمتُ مما حدث يا ابنتي ، يالها من فتاةٍ حقودة ! .. كيف تفعل بكِ هذا ؟!! .. لا تقلقي يا عزيزتي وتماسكي .. لن يضيع حقكِ أبدًا وستندم ذات يوم على فعلتها تلك !!
قلت لها بحزن : انسي الأمر يا أمي .. لقد فقدت الأمل .. أنا أستسلم !!
نظرت إليَّ أمي وعيناها مليئتان بالدموع وقالت لي : لا يا بُنيَّتي .. لا تقولي ذلك ، بإذن الله ستفوزين وستحققين أحلامكِ كلها عاجلًا أم آجلًا .. فقط اصبري !
ألستِ مؤمنة وتعلمين أن الصبر مفتاح الفرج وأن الأمل موجود دومًا ، اصبري يا رحاب ولا تستسلمي مهما حدث !
وبعد أن قالت أمي تلك العبارة هزت في كياني ذكرى جميلة وتذكرت وصية عمي سمير التي تركها لي والتي كان يحثني فيها أيضًا على الصبر !!
يالي من حمقاء ! ..
ثم اعتذرت لأمي وقات لها بحزن : معكِ كل الحق يا أمي عليّ أن أصبر وسوف أجعل دينا تندم أشد ندم على ما فعلته بي .
وبعد قليل..
دخل الطبيب وعندما رآني ابتسم وقال لي بلطف وهدوء : كيف حالك الآن؟؟.. فأجبته : بخير والحمد لله
قال لي : تحمَّلي .. لقد كانت صدمة قوية عليكِ .. يبدوا أنكِ تعرضتِ لأكثر من صدمة في فترة قصيرة ، فهززت رأسي قائلة : أجل هذا ما حدث .
قال لي : سأكتب لكِ العلاج وعندما تخرجين من المستشفى ستواظبين على أخذه .
ثم قام الطبيب وقال لأبي: أريد أن أحدثك على انفراد .. فبدى على أبي القلق ولكنه خرج مع الطبيب .
ظلت أمي قلقة ومتوترة وتنظر لي !!
وعندما دخل أبي قامت إليه والقلق يغمرها وسألته بصوتٍ خافت : هااا .. ماذا قال لك الطبيب يا أحمد ؟؟! .. أخبِرني .
فطلب منها الخروج معه وأخذها لخارج الغرفة في هدوء ، فشعرتُ وقتها بالقلق وشعرت برغبة شديدة في معرفة ما قاله الطبيب لأبي !؟؟
وعندما دخل والداي وبدى الحزن عليهما سألتهما بخوف : ماذا بكما ؟؟! .. ماذا قال الطبيب عني ؟
فنظر كل منهما للآخر في حزن وصمت ولم يجبني أحد !!
فقلت: ماذا حدث ؟؟ .. ما معنى هذا السكوت ؟؟
فقالت أمي وهي تحاول أن تخفي حزنها : آاا..لقد قال الطبيب أنك في تحسن وسوف تخرجين غدًا من المستشفى بإذن الله.
تعجبتُ من كلامها جدا ، وفهمت وقتها أنهم يخفون عني شيئًا ما !
الأمر أقلقني جدا .. لم أتوقف عن التفكير فيه .
وفي اليوم التالي..
خرجت من المستشفى وشعرت وقتها شعورا غريبا !
كَمٌّ من الحزن والألم في داخلي لا أستطيع فهمه ولا حتى التعبير عنه لأي أحد .. عِشتُ كابوسًا لا أحد يتحمله !
مرت الأيام..
ومنذ خروجي من المستشفى لم أخرج من منزلي يومًا ، وأخذت إجازة مرضية من المدرسة .. كنت دائما صامتة جالسة في سريري ، لم أكن أشعر للحظة واحدة أنني بخير !!
شئٌ ما بداخلي يجعلني أكره الحياة والناس .
كنت دائما أفكر في أن كل الناس صاروا مخادعين.. !
زارني الكثيرُ من زميلاتي بالمدرسة للاطمئنان عليّ ولكني لم أكن أخرج لمقابلة أي منهم .. كانت أمي تخبرهم عني وعن حالتي السيئة والحزن اليامت الذي أنا عليه منذ خروجي من المستشفى.
كان هاتفي يرن كثيرًا ويأتيه كمٌّ من الرسائل.. ولكني لم أكن أجيب ولا أمسكه حتى .
وذات يوم..
قررت فتح الهاتف قليلًا ورأيت عدة رسائل مرسلة لي منذ فترة ولم أفتحها .. ففتحتها واحدة تلو الأخرى وكنت أجيب على من يسأل عن حالي الآن بأنني في تحسن والحمد لله .. ولكن استوقفتني رسالةٌ بها رابط لموقع على الفيسبوك ففتحتها وكانت الصدمة !!؟
كانت صورة لدينا تقف مع فنانين مشهورين وترفع لوحة من لوحاتي بيدها وتبتسم !!
وكانت تلك اللوحة الأقرب لقلبي لأنها تجسد شخصيتي إلى حد ما .. كانت لوحة لفتاة صغيرة تمسك فرشاة وترسم على اللوحة منظرًا يوحي بالأمل.. الذي لم يعد لديَّ منه الكثير بعد الآن !!
ولكن لفت انتباهي ما كان مكتوبا أسفل الصورة : انتظرونا يوم الثلاثاء القادم في صالة الاحتفالات بالمدينة مع الرسامة الصغيرة المبدعة / دينا أحمد .. والدعوة عامة للجميع .
صُدمتُ مما قرأت وخصوصا لقب الرسامة الصغيرة !! .. يالها من مُحتالة ! .. إنه لقبي الذي أطلقه عليَّ عمي سمير ولقد أخبرتها بذلك ، لماذا أخذت كل شئ لماااذاا؟؟
بكيت وقتها وحدي ندمًا على كل ما حدث بيننا ، نمتُ تلك الليلة وقلبي الصغير يبكي ألمًا وندمًا وحسرة !
فرأيت في منامي حلمًا عجيبًا غيّر حياتي إلى ما لم أكن أتوقع حدوثه أبدا !!؟
رأيت عمي سمير في منامي وكان جالسا في الحديقة كما كان يفعل دومًا والأطفال من حوله.
ركضتُّ إليه ضاحكة وقابلني بوجه حزين ، فسألته : ما بك يا عمي سمير ؟؟..أأنت بخير ؟؟..ما هذا الحزن الذي أراه في عينيك؟؟
فأجابني قائلا : ألم أوصيكِ بعدم التخلي عن موهبتك وعدم اليأس مهما حدث ؟؟
فقلت له : بلى .
فقال : إذًا أنتِ تتذكرين كل شئ ولا تنفذين !!.. ماذا حدث لكِ ؟؟
فقلت له : بلى .. أنا أنفذها بقدر استطاعتي، ولكن ظروفي اليوم اختلفت عن الماضي كثيرًا..
لقد حدث لي الكثير والكثير من المشاكل والحياة بدونك لا معنى لها أبدا.. رحلت ورحل أملي معك .. وتكرتني للحزن والمشاكل تلاحقني وحدي .. لماذا تركتني يا عمي سمير لمااذا ؟؟ .. أترى أن كل هذا لا يجعلني حزينة ؟!!
أجابني بحزن : لا .. لا يا رحاب لقد قصرتي في حق نفسك أولا وموهبتك ثانيا ! .. أنا لم أتركك يا رحاب بل أنا معكِ دومًا وأشعر بك.
ثم سألته : ماذا سأفعل مع دينا لقد دمرت حياتي وأخذت كل شئ ؟
قال لي مبتسمًا : اذهبي إلى حفلتها يوم الثلاثاء وهناك ستجدين الحل !؟
فتعجبت وكنت سأسأله عن السبب ولكنه تركني وانصرف .. فناديت عليه مرارًا ولم يُجِب ، وفجأة أيقظتني أمي !
وقالت لي في عجب : مع من كنتِ تتحدثين ؟؟ .. لقد سمعتك تقولين عمي سمير ويوم الثلاثاء ولم أفهم الباقي !
فحكيتُ لها الحلم..
فقالت لي مبتسمة : لعله نجدة من حالتكِ هذه .. اذهبي يا رحاب إلى الحفلة وافعلي ما طلبه منكِ العم سمير ، اليوم هو الأحد وبعد غد سيكون الاحتفال .. اذهبي إليه حينئذ .. لعله خير ولعلها بشارة !!
وجاء يوم الثلاثاء وجهزت نفسي وذهبت إلى الحفلِ وكلن ما حدث هناك لم يكن ببالي أبدا ولم أتوقع حدوثه بهذه السرعة.....!!؟
يا تُرى ماذا حدث ؟؟!