رواية انا لها شمس الفصل الثامن واربعون 48 بقلم روز امين
بعد عدة ساعات عادت من عملها لتجد صغيراها اللذان اتما عامهما الرابع يلهوان داخل حديقة المنزل بصحبة دكتورة عصمت التي كرست جزءًا كبيرًا من وقتها بل وحياتها لصغيراي نجلها الغالي وفلذات قلبه بعد أن تبدلت حياتها للأفضل بوجودهما،تجاورها فريال حيث باتت لا تفارق منزل أبيها إلا قليلاً للاهتمام بشؤون توأم شقيقها الغالي وعزيز عينيها،فقد دبت الحياة بالمنزل وكأنهُ تحول لأخر،فبرغم وجود نجلي فريال بالإضافة إلى حضور يوسف إلا أن ذاك التوأم لهما حضورٍ خاص ويرجع ذلك لفطانة الصغيرين والمحبة التي وضعها الله لهما في جميع قلوب من حولهم،تطلع عليها الصغير بعينيه التي ورثهما عن والده مما زاد من عشقها له ليهرول مهللاً:
-مامي
هرولت إليه لتلتقطه وتخبأه داخل أحضانها مع نثرها لقبلاتها الشغوفة فوق وجههُ وعنقه وجل ما يقابلها من ذاك الغالي لتنطق عصمت بنبرة حادة معترضة على تصرف إيثار:
-معقولة يا إيثار اللي عملتيه ده،تحضني الولد وتبوسيه قبل ما تغيري هدومك وتغسلي وشك؟!
هزت فريال رأسها استسلامًا لحديث والدتها وتشددها في حماية الصغار من الجراثيم لتنطق بكلماتٍ ساخرة:
-أنا شايفة إن حضرتك تجيبي لهم صندوق من البلور وتحطيهم جواه وإحنا نشاور لهم من برة البلور
رمقتها حانقة لتتابع ابنتها:
-مش معقول يا ماما اللي بتعمليه ده
هتفت عصمت بارتيابٍ يعود لشدة خوفها على الصغار:
-على أساس إنك مبتسمعيش عن كم الأوبئة والجراثيم اللي بقت محوطانا يا أستاذة
إقتربت عليهم إيثار التي مازالت تزيد من قبلاتها الشغوفة للصغير لتنطق أخيرًا:
-ما تقلقيش يا ماما،عملت حسابي وعقمت نفسي وأنا جاية في العربية
تنهدت براحة لتبتسم لها قائلة:
-حمدالله على السلامة يا حبيبتي
أطلقت فريال ضحكاتها وهي تقول:
-الوقت بس تقدر تقول لك حمدالله على السلامة
ضحكت الأخرى وناولت الصغير إلى عمته التي تلقتهُ بالقبلات الشغوفة لترفع تلك الصغيرة وتقول وهي تدللها:
-الندلة اللي مش بتسأل في مامي وقاعدة في حضن نانا
+
عوضًا من ان تحتضنها الصغيرة سألتها باعتراضٍ ظهر على ملامحها:
-فين بابي،ليه مش جه؟
أجابتها وهي تُقبل وجنتها الوردية بشغفٍ فقد اتخذت ملامح جدتها عصمت وكأنها نسختها الصغيرة مما زاد من عشق علام وفؤاد لتلك الصغيرة التي خطفت لُبهما:
-لسه الساعة إتنين يا حبيبتي،بابي هيوصل النهاردة الساعة خمسة علشان عنده شغل كتير
+
أنزلت الصغيرة التي سكنت أحضان جدتها من جديد لتسترسل باستأذان:
-أنا هطلع أخد شاور وأطمن على يوسف
واسترسلت بنبرة هادئة:
-متعملوش حسابي في الغدا،أنا هستنى فؤاد لما يرجع
ضيقت عصمت بين حاجبيها وهي تقول:
-بس فؤاد مش هيرجع قبل الساعة خمسة يا إيثار،كده الغدا هيبقى عشا
+
-ولو قعدت لبكرة بردوا هستناه...قالتها باصرار نال استحسان عصمت وطمأنها على نجلها في حين نطقت فريال بمشاكسة لزوجة شقيقها التي أصبحت صديقتها المقربة:
-قولي إنك عاوزة تنفردي بالباشا وتحولوا الغدا لعشاء رومانسي على ضوء الشموع
+
رفعت قامتها للأعلى وهي تقول:
-وهنكر ليه،جوزي وحبيبي وأتمنى أعيش عمره كله في قربه
ابتسامة عريضة ظهرت على ثغر عصمت بانتشاء لتنسحب الاخرى إلى الاعلى،صعدت الدرج لمنتصفه لتتفاجئ بظهور عزة التي تهبط من الأعلى،على الفور ارتسمت على وجهها الابتسامة وهي ترحب بها:
-حمدالله على السلامة يا ست الكل،جهزت لك الحمام زي ما بلغتيني في التليفون من شوية وحطيت لك فيه من الزيوت اللي بتفك الجسم وتنعنشه
ابتسمت الأخرى لتجيبها:
-ربنا يخليكِ ليا يا عزة
واسترسلت بجدية:
-يوسف في أوضته
أجابتها باستفاضة:
-أيوا فوق،لسه باص المدرسة واصل من شوية،سبته كان داخل ياخد الشاور بتاعه على ما الغدا يجهز
-تمام،أنا كمان هاخد شاور وأروح له أوضته يكون خلص...قالتها لتغمز لها عزة وهي تقول:
-أنا خليت البت وداد تجهز لك اوضة الچاكوزي زي ما أمرتي،وحضرت لك الشيكولاتة والفاكهة اللي قولتي عليها،هو أحنا عندنا أغلى من الباشا علشان ندلعه
ردت لها الغمزة وهي تقول بابتسامة عريضة:
-برافوا عليكِ يا عزة
وصعدت سريعًا قبل أن تفتح تلك الثرثارة بمواضيعها التي لا تنتهي، أخذت حمامًا ثم ارتدت ثيابها واتجهت صوب غرفة نجلها الغالي،وجدته يقف أمام مرآة الزينة يقوم بتمشيط شعره،تطلعت عليه بسعادة فقد أصبح صغيرها رجلاً صغيرًا حيث سيكمل غدًا عامه الثاني عشر،فقد زاد طولاً حتى أنهُ تخطاها وأصبحت تتطلع للأعلى حتى تنظر بعيناه،واشتد عوده نظرًا لكثرة التماربن التي يتلقاها على يد المدرب الخاص به وأيضًا ممارسته للسباحة،نطقت وهي تفتح ذراعيها لاستقباله:
-إيه الشياكة دي كلها يا باشمهندس، بالراحة على قلوب البنات
5
تطلع على صورتها بانعكاس المرآة بملامح وجه معترضة قبل أن ينطق:
-قولت لحضرتك مليون مره قبل كده إني هكون وكيل نيابة زي جدو علام وبابا،مش فاهم إيه إصرارك بإنك تناديني بالباشمهندس
+
لقد أصبح يُلقب فؤاد بـ بأبي مثل أخويه عندما كان بالتاسعة من عمره وبدأ أخويه ينطقان ويطلقان "بابا" على فؤاد فاعتاد هو الأخر من باب التعود،وحدث الامر رُغمًا عنه فبالاخير هو ابن التاسعة من عمرة ويظل طفلاً، تقبل فؤاد الامر بل وسعد به بينما هي تحسست من ذاك الوضع لكنها لم تفصح عنه،والأن ينشطر قلبها للمرة اللامعلوم عددها حين تستمع من صغيرها الإعتراض على مهنة المهندس التي حاولت ومازالت جاهدة بزرع الفكرة في عقله منذ الصغر لكنهُ مصرًا على أن يلتحق بكلية الحقوق كي يمتهن مهنة القاضي تشبهًا بما يناديه بـ أبي"فؤاد" وقدوته "علام زين الدين"حيث يراهما قدوته الحسنة ويريد التشبه بكلاهما
2
هو يعلم أن فؤاد ليس بأبيه الحقيقي ولا علام بـ جدًا له،لكنه تأقلم على وجودهما بحياته وشعر بكيانه معهما ولم يعد يسأل عن أهله بعدما تلقى على عدة حجج من والدته جعلته يغلق الباب على ذاك الأمر برمته
كيف لها أن تبلغه أنه لا يمكنه الالتحاق بسلك القضاء نظرًا لتاريخ عائلته الإجرامي والذي يتعارض مع شروط الدخول لذاك العالم النزية،يزداد الأمر سوءًا مع كل يومٍ تتأخر هي بإخباره عن حقيقة أمر عائلته لكنها لم تستطع،فالأمر شبه مستحيل لديها،كيف لها أن تهدم عزيمة نجلها وتقتل شغفه بالمستقبل التي تراه بعينيه،وبالرغم من إصرار فؤاد وعلام والضغط عليها بعدم إخفاء الامر عليه إلا أنها أغلقت باب النقاش نهائيًا وأبلغتهم بأنها ستبلغه في الوقت التي ستراهُ مناسبًا من وجهة نظرها،فما كان منهما سوى إلتزام الصمت حيال رغبتها فبالنهاية هي والدته وصاحبة الكلمة الأخيرة فيما يخصه ويخص مستقبله.
تجاهلت كلماته حين اقترب عليها لتحتضنه بحنوٍ وتسألهُ:
-وشك رايق وبيضحك،شكل يومك كان لطيف النهاردة
+
بنبرة حماسية أجابها:
-جداً،لو تعرفي اللي حصل هترفعي راسك للسما إنك مامت"يوسف عمرو"
اتسعت ابتسامتها لتتحسس وجنته وهي تحتويهِ بنظراتٍ حنون:
-طول عمري وأنا فخورة بيك من غير حاجة يا حبيبي
لتسألهُ بشغفٍ ولهفة:
-بس مفيش مانع إنك تقولي على اللي مخليك فرحان كده علشان افتخر بيك أكتر
أجابها بصوتٍ حماسي وأشعة لامعة تخرج من مقلتيه الصافية وهو يقول:
-النهاردة اكتشفت نظرية في الرياضيات وبلغت المستر بيها، فرح بيا جداً بس قال لي إنها للمخترع فيثاغورس وإني هاخدها في ثانوي عام إن شاءالله، بس المستر فرح بيا جداً وقال لي إن اللي يوصل بدماغه للنظرية دي وهو في سني، مش بعيد يوصل لنظريات تانية مش موجودة
سعدت لذاك الحماس الذي يكتسي صوته ويظهر جليًا بعينيه لتحتضنه وتثنى عليه،ثم تحركت معه للأسفل كي يتناول هو وجبة غدائه في حضور العائلة وتهتم هي بصغيريها حتى موعد عودة حبيبها
+
*********
بحلول الساعة التاسعة مساءًا،عاد زوجها بموعده وتناولا غدائهما سويًا ثم جلسا بصحبة العائلة،كانت تحتضن والدها تلف ذراعيها الصغيرتين حول عنقه وهي تقول:
-تاج فؤاد زعلانة منك يا بابي
ضحك علام على تلك المشاغبة ليسألها ذاك الذي امتلكت قلبهُ وانتهى الأمر:
-وليه زعلانة يا قلب فؤاد من جوه
بدأت تمرر أناملها فوق ذقن والدها لتنطق بدلالٍ يليق بابنة فؤاد وحفيدة علام زين الدين:
-علشان إنتِ قولت لي بالليل إنك هترجع على طول من الشُغل، وتزرع معايا أنا وجدو الوردة بتاعتي
بمداعبة نطق وهو يداعب وجنتيها بأصابعه:
-يا خلاثي يا ناس على اللي زعلان ومادد بوزه اللي عاوز يتقطع من البوس ده
تدللت لينطق علام بنبرة عاتبة:
-مش أنا قولت لك تعالي نزرعها وإنتِ اللي رفضتي
رفعت كتفيها بغرور لتكمل:
-بس أنا عاوزة بابي هو اللي يزرعها معايا
تحدثت عصمت بمشاكسة:
-متتعبش نفسك يا علام،دي بنت أبوها بحت
واسترسلت وهي تُقبل وجنة ذاك القابع بأحضانها:
-إحنا ملناش غير زين حبيب قلب نانا وجدو
ضحك الصغير بسعادة لتنطق إيثار:
-ريحي نفسك يا ماما، دي متعرفش في البيت كله غير فؤاد وبس
+
نطقت الصغيرة بمفاخرة:
-أنا مش بحب غير بابي،علشان أنا تاج فؤاد،بابي بيقولي إني تاج فؤاد وحبيبته
تحدث إليها علام بملاطفة:
-طب إبقى شوفي مين بقى اللي هيلعب معاكِ وبابي حبيبك في الشغل
بابي هيقعد من الشغل وهيلعب معايا...قالتها ليطلق الجميع ضحكاتهم على تلك المشاكسة عاشقة أبيها،همست إيثار بجوار أذن زوجها لتبعدها الصغيرة بغيرة واضحة وهي تقول:
-إبعدي يا مامي،بابي مش بيحب الوشوشة غير من تاج وبس
هزت رأسها لتنطق باستسلام:
-البنت بتعاملني على إني مرات أبوها مش امها
+
تعالت ضحكات الجميع لتقترب إيثار من جديد وأخبرته أنها تنتظره بحجرة الچاكوزي فتيقن ان تلك المثيرة تعد له مفاجأة،بصعوبة بالغة أفلت حالهُ من تلك الصغيرة وتحرك إلى الحديقة واقترب من الباب الخاص بحجرة الچاكوزي وقام بفتحه ليشهق وتتسع عينيه بعدما رأها بكل ذاك السحر والدلال،استدار ليوصد الباب خلفه ثم اعتدل من جديد يتطلع على أميرته الحسناء التي أصبحت أيقونة من الجمال والسحر بعدما زالت مشاكلها وهُدمت جميع العراقيل التي كانت تؤرق حياتها والأن أكتملت أركان سعادتها بعد تصالحها النفسي ورجوعها لحضن عائلتها،تمركزت عينيه على منحنياتها حيث أبرز ذاك المايوة المكون من قطعتين جمالها ومفاتنها الانثوية المثيرة وجعلها تبدو كنجمة مضيئة بليلٍ عاتم ليظهر بريقها ويخطف العيون بسحرهِ،وما جعل قلبهُ ينتفضُ فرحًا هو تحديدها للونه المفضل الذي يعشقه عليها،"النبيذي"الغامق مما أظهر انعكاس لونهُ على جسدها البض،اقتربت عليه وهي تتحركُ بغنجٍ أثار كل ما به ليشعر بانتشاءٍ غمر كيانهُ بالكامل لتنطق هي بدلالٍ انثوي أصبحت تجيدهُ جيدًا وهي تفردُ ذراعيها تستعرض حالها أمام عينيه:
-إيه رأيك في المفاجأة الحلوة دي؟
أجابها وعينيه تستبيح النظر فوق مفاتنها بجرأة:
-مفيش أحلا من كده مفاجأت
إقتربت لتلتصق به قائلة:
-ياترى حبيبي يسمح لي أعزمه على سهرة چاكوزية
رفع يدهُ اليمني للأعلى قائلاً:
-حبيبك من إيدك دي
ليتابع وهو يرفع اليسرى وعينيه تتمركز على شفتيها المثيرة:
-لإيدك دي
واسترسل مستسلمًا:
-من الأخر كده أنا سايب لك نفسي
+
مالت عليه لتهمس بجوار أذنه:
-أوعدك مش هتندم،هدلعك
-أرجوكِ...نطقها بعينين متوسلتين لتطلق ضحكاتٍ رقيقة وهي ترفع رأسها للأعلى لينطق مهللًا:
-دي شكلها هتبقى ليلة فل، خميس خميس مفيش كلام
وبلحظة كان يتجرد من ملابسه ليجذب ذاك المايوه الخاص به حيث وضعته له بالسابق فوق أحد المقاعد المجاورة لحوض السباحة،ثم حملها ليقفز بها داخل المياه المتحركة لتطلاطم بجسديهما،لفت ساعديها حول عنقه بينما تجولت أناملها تعبث بخصلات شعره كما تعبث الأنامل فوق البيانو لتصدر أعذب الألحانِ،أغمض عينيه لينطق وهو يدور بها داخل المياه:
-شكلك ناوية على جناني النهاردة
الباشا عنده مانع ولا حاجة؟...نطقتها مستفسرة بنبرة لئيمة ليغمز لها مكررًا ما تفوه به منذ القليل:
-الباشا سايب لك نفسه ومسلم
غمزت بعينيها ليميل هو على شفتيها يلتقطهما بين خاصته ويذوب بقبلة رائعة المذاق أنهت على ما تبقى من صبره،بات يسبح معها داخل المياه لمدة كبيرة حيث انساقا وراء مشاعرهما ووصلا لأبعد حد من المتعة الروحية قبل الجسدية،فقد أصبح كلًا منهما ترياق الحياة للأخر وما عادا يشعران بمتعة الحياة سوى من داخل أحضان بعضيهما،فقد انصهرت روحيهما وأصبحت واحدة في جسدين،إستند على جدار الحوض ملقيًا برأسه للخلف،نظرت على ملامحه المنتشية لتبتسم بفخرٍ من حالها، فقد استطاعت أن تصل برجلها للمنتهى من السعادة،أمسكت بثمرة من التفاح الأحمر وقامت بقطع جزءًا منها بسكينًا حاد لتقربها من فم ذاك المغلق لعينيه مستمتعًا بتلك الحالة التي وصل إليها بفضل تلك الحبيبة،فتح فمه حين شعر بشئٍ يقترب من شفتيه ليقتطم قطعة من التفاح وتكملها هي باستمتاع،فتح عينيه يتطلع عليها لينطق بصوتٍ متحشرج متأثرًا بحالته:
-بحبك يا أحلا حاجة حصلت لي في حياتي
+
ابتسمت ليمسك من يدها ذاك السكين ويلقيه بعيدًا ليجذبها فوقه تعتليه ليصبح وجهها مقابلاً لخاصته،شدد من مسكته لخصرها لتميل على وجنته تلثمها بقبلةٍ حنون أثارت جنونه ليقول بصوتٍ متحشرجًا:
-مهما كان حجم تعبي الجثماني أو النفسي كله بيزول بمجرد ما بتاخديني جوه حُضنك،نظرة عيونك كفيلة تنقلني لعالم تاني،عالم مفيهوش غير حبك،حبك وبس
+
بنبرات صوتٍ تشعُ حنانًا نطقت:
-بسيطة،متخرجش من حُضني طالما بتلاقي فيه راحتك
أجابها باسترخاء تجلى بنبرات صوته:
-ياريت كان ينفع
تنفس عاليًا لتريح رأسها على صدره تستمتع لدقات قلبه وكأنها تستمع لأعذب الألحان الموسيقية،تنفست بانتشاء وأغمضت عينيها تستمتع بذاك الهدوء والجو الرومانسي،موسيقى هادئة وإضاءة خافتة وماءٌ ووجهٍ حسن،ماذا يحتاج المرء أكثر من هذا كي يسبحُ بعالمٍ من الخيال أكثر حالمية،نزلت من فوقهِ لتحسه على الإلتفاف فاسترخى منقلبًا على بطنه لتبدأ بتدليك ظهره بكفيها،أفرغت بعضًا من الزيوت الخاصة بالتدليك وباتت تمرر بكفيها على ظهرهِ وذراعيه حتى استسلم لها وأرخى جسده باستمتاع كاد أن يدخلهُ في نعاس لولا صوتها الذي جعله ينتبه،إنتهت ليلتهما بسعادة حيث ارتديا ثيابهما وصعدا لغرفتهما ليغفى كلًا منهما داخل أحضان الأخر.
+
*********
عصر اليوم التالي
اجتمعت عائلة علام وعائلة غانم وأيضًا عائلة أيمن بجانب زملاء الفتى داخل المدرسة والنادي الرياضي لحضور حفل يوم ميلاده السعيد،إهتم فؤاد بالحفل كثيرًا حيث سلمه لأحد الشركات الخاصة بتجهيز هذا النوع من الحفلات ليظهر في أبهى صورة له،وقفت بيسان تتطلع من بعيد على ذاك الواقف بين أصدقاءه يضحك ويتسامر معهم بالحديث ولا يكترث لأمر تلك الحانقة،لاحظت إيثار هذا الأمر ولاحظت أيضًا التصاق فتاة بنجلها فتوقفت عن المرور بين الضيوف والترحيب بهم لتقترب على الصغير وهي تقول بابتسامة ساحرة:
-ممكن أخد چو منكم شوية يا شباب
تحدث أحدهم بممازحة:
-إتفضليه طبعاً يا طنط
ابتعدت قليلاً بنجلها لتسألهُ وهي تتطلع على تلك الحزينة:
-إنتَ متخانق مع بيسان يا چو؟
+
هتف بنبرة حادة أظهرت غضبه:
-أنا ما أتخانقتش مع حد يا مامي،هي اللي مقموصة لوحدها
سألته مستفسرة:
-وهي هتتمص منها لنفسها كده،أكيد عملت لها حاجة زعلتها
+
هتف على عجالة وهو يرمق تلك التي تطالعه بعينين حزينتين:
-والله حضرتك ممكن تروحي تسأليها هي وتشوفي ردها
+
أنا بسألك إنتَ يا يوسف...قالتها بصرامة ليزفر ثم قرر المصارحة:
-الأستاذة فاكرة إني من ضمن ممتلكاتها وعاوزة تتحكم فيا ،وكل شوية تحط لي ليستة ممنوعات،متكلمش دي ولا تقرب من دي
واسترسل بنبرة أظهرت كم شعوره بالاختناق من اسلوب تحكمها به:
-دي وصلت إنها بتدخل في فريق السباحة اللي بتدرب معاهم، تخيلي مش عوزاني أتكلم مع البنات المشتركة معايا في فريق السباحة
شافتني إمبارح وأنا واقف مع أيلا زميلتي في الفريق والبنت كانت بتسألني عن حاجة خاصة في الدراسة،جت عليا وسمعتني كلام سخيف جداً ومش مقبول،وبتهددني يا اقطع علاقتي بالبنت دي يا أقطع علاقتي بيها هي
واسترسل تحت اهتمام والدته واستماعها لشكواه:
-قولت لها انا مش هقطع علاقتي بحد ومش هسمح لأي مخلوق إنه يتحكم فيا،قالت لي يبقى أنتَ اللي اخترت، ومن وقتها وهي بعيد وبتتجنب أي مكان أكون أنا فيه
ليتابع الفتى باعتزاز بنفسهِ:
-مهما كنت بعزها او مهما كانت قريبة من قلبي ده ما يديهاش الحق هي أو غيرها إنه يتحكم فيا ويمشيني على كيفه،أنا عندي كرامة وليا كياني ومش هسمح لأي مخلوق إنه يتحكم في قراراتي
+
كادت أن تتحدث قاطعها اقبال فؤاد عليهم وحديثه إلى يوسف وهو يمسد على كتفهِ بحنان:
-كل سنة وإنتَ طيب يا حبيبي
ابتسامة سعيدة ارتسمت فوق محياه لينطق بصوتٍ حماسي:
-وحضرتك طيب يا بابا
+
-مش عاوز تشوف هديتك...قالها بابتسامة سعيدة لينطق الفتى بلباقة:
-من قبل ما أشوفها أكيد هتبقى بيرفيكت،وكفاية إنها ذوق حضرتك وإختيارك يا باشا
نظر إلى زوجته لينطق بتفاخر:
-إنتِ سامعة اللي أنا سامعه يا إيثار،إبني كبر وبيتكلم ولا رجال السلك الدبلوماسي
-تربيتك يا باشا...قالتها إيثار بحبورٍ ظهر بعينيها ليبتسم لها كلاهما باستحسان لكلماتها،مد فؤاد يده بعلبة وناولها للفتى وقال:
-افتحها وشوف بنفسك
+
نزع الفتى الغطاء عن العُلبة لينبهر ويحدق بعينيه وهو يرى امامه تلك الساعة الشبابية ذو الماركة العالمية التي اصبحت حديث الشباب مؤخرًا ولم تنزل الأسواق المصرية بعد،أيعقل أنهُ إهتم به لتلك الدرجة،يا لك من رائع أيها الـ فؤاد،فقد علم من بيسان قبل عشرة أيام حين سألها عن أكثر شئ سيسعد قلب يوسف وأبلغته عن تلك الساعة التي شغلت باله مؤخرًا وكان يريد التحدث إلى أمه بأمرها،فبعث إلى الخارج وقام بشراءها ليفاجئ الفتى بها وقد حدث بالفعل،فقد سعد الشاب لدرجة جعلت قلبه كاد أن يقفز من مكانه وهو يحتضن فؤاد ويقول:
-معقولة يا بابا، حضرتك جبت لي الساعة اللي كان نفسي فيها
-كل سنة وإنتَ طيب يا حبيبي... قالها فؤاد بسعادة وهو يتطلع على حبور الفتى،استدعاهم علام فذهبوا إلى الطاولة حيث علام وزوجته والصغيران،لفت الصغيرة ذراعيها حول عنق شقيقها وهي تقول:
-هابي بيرث داي يا چو
هابي بيرث داي يا قلب چو...قالها وهو يقبلها لينطق علام وهو يحتضن الفتى ويربط على كتفه:
-كل سنة وإنتَ طيب يا حبيبي
وأخرج من بين جيبه ورقة وأعطاها له قائلاً:
-جدو علام دقة قديمة، ومعرفش في هدايا شباب اليومين دول، فأنا عملت معاك اللي كان أبويا الله يرحمه بيعمله معايا،عملت لك شهادة إدخارية
تبسمت إيثار لتنطق بعينين ممتنة:
-تعبت نفسك ليه بس يا حبيبي،ده وجود سعادتك في حياتنا في حد ذاته أعظم هدية
ابتسم ليحاوط وجنة من يعتبرها ابنته الثانية تحت سعادة الجميع،وقدمت عصمت هديتها وكانت عبارة عن حذاء رياضي ذو ماركة عالمية سعد بها الفتى وتحدث وهو يقبلها:
-ميرسي يا نانا
أجابته بسعادة بما للصغير نصيبًا كبيرًا في قلبها:
-كل سنة وإنتَ طيب يا چو،وعقبال مية سنة يا حبيبي
أقبل أحد الحراس على فؤاد ليميل ويقول له:
-سعادة المستشار،فيه طرد جاي باسم يوسف من خارج مصر ومندوب الشركة مصمم إن يوسف بنفسه هو اللي يستلمه
ابتعد قليلاً ليسأله:
-مقالش مين اللي باعت الطرد؟!
لاحظت توتر فؤاد فاقتربت منه لتسأله بتوترٍ ظهر بصوتها:
-فيه إيه يا فؤاد
أمسك كتفها ليقول بحنو:
-مفيش يا حبيبي،إرجعي عند الولاد وأنا هطلع لحد البوابة أشوف حاجة وأرجع على طول
تحرك بجوار رجل الامن فانتابها شعورًا بعدم الراحة لا تعلم مصدره لتتبعه إلى الخارج،وجدته يسأل الرجل بحدة:
-مين اللي باعت الطرد ده
+
أجابه الرجل بجدية:
-صدقني يا باشا ما أعرف، كل اللي اعرفه إنه مبعوت عن طريق حد مهم ومتوصي عليه من الشركة
سأل فؤاد ضابط الأمن المكلف بحراسة القصر:
-كشفتوا على الطرد يا اسماعيل
رد الرجل باستفاضة:
-كشفنا عليه بالجهاز ولقيناه أمن يا باشا
أشار للرجل قائلاً:
-إفتح الصندوق
كانت تقف بجوار الباب تستمع وتشاهد لما يجري دون أن يلاحظ وجودها،تحدث الرجل باعتراض:
-ده مش شغلي يا باشا،أنا مهمتي أسلم الطرد ليوسف عمرو شخصيًا وأتكل على الله
1
تحولت عينيه من هادئة إلى براكين خامدة ستنفجر بأي وقت ليهتف بحدة صارمة أرعبت الرجل:
-إسمع الكلام وبطل رغي يا روح أمك علشان ليلتك السودة دي تعدي على خير
ارتجف جسدها من تحول فؤاد فهي أدرى الناس بطباع زوجها،فطالما وصل إلى هذا الحد وانفلت زمام صبره فهذا يعني أنه يستشعر الخطر،فتح الرجل الطرد ليجدوا بداخله علبه لأحدث هاتفًا محمول نزل بالأسواق وثمنهُ باهظًا للغاية،يصاحبه كارت فأشار له فؤاد بأن يجلبه له وما أمسكه وبدأ بقرائته حتى باغتتهُ تلك التي التصقت به وعينيها على تلك الكلمات «كل سنة وإنتَ طيب يا حبيبي،وعقبال مليون سنة،أكيد هييجي اليوم اللي نجتمع فيه تاني مع بعض،أنا بابا يا يوسف،بابا اللي عمره ما حب حد في الدنيا قد ما حبك،سلم لي على ماما لحد ما أشوفكم» اهتز جسدها بجواره ليتطلع عليها وجد وجهها شاحبٕا كالأموات وبسرعة البرق كان يحملها بين ذراعيه قبل أن يسقط جسدها أرضًا بعدما فقدت وعيها.
+
إنتهى الجزء الأول من رواية «أنا لها شمس»،بقلمي روز أمين
+
أرجو من الله أن تكونوا استمتعتم وأكون قد استطعت رسم الإبتسامة على وجوهكم وإلى لقاءٍ قريب إن شاءالله
ملحوظة الفصل نزلته بدون تعديل نظرًا لتأخر الوقت، هعدله وانتم بتقراوه وبكره راجعوه تاني ممكن أضيف مشاهد
تمت