اخر الروايات

رواية صرخات انثي الفصل الرابع والاربعون 44 بقلم اية رفعت

رواية صرخات انثي الفصل الرابع والاربعون 44 بقلم اية رفعت


أنا ذاك المغرور الذي عاش حياته بطولها وعرضها، أنا نفسه الشاب الوسيم المرغوب دائمًا من الفتيات، مظهري اهتمامي بجسدي الرياضي هما من أولوياتي، لا غالي وثمين لدي مثل خزانتي التي تمتلك أثمن الثياب ذات الماركات العالمية، أنا نفسه الذي برع بالهندسة وامتلكت رئاسة مقر الشركات الإنشائية التابعة لعائلتي وكنت على قدرٍ من الثقة لأكون من أصغر رجال الأعمال المعروفين، أنا نفسه ذاك العاصي الذي ارتكب من الذنوب ما أثقلها، أنا ابن الطبقة الأرستقراطية حيث تجد الخمور مشروبًا رئيسي للحفلات المُقامة وبالرغم من وجود الطاهر والعفيف عن المحرمات بيننا كنت أنا الفاجر والفاسق الذي ارتكب كل شيءٍ مُحرم، أنا هو الشاب الوقح الذي انتزعت منه طفولته، كنت وحيدًا ، يتيمًا، ولم أجد من يمسك يدي لبداية طريقي سوى أخي، ولكنني كنت بحاجة لوجود أب لجواري، أنا ابن فريدة هانم الغرباوي أهم نساء الوسط المخملي، وبالرغم من حبي الكبير إليها الا أن قلبي مازال يحمل لها عتابًا لها، أتعلمون لم أجدها يومًا تسحب يدي وتخبرني عن ديني!
قواعدها الخاصة والدقيقة تشمل اتيكت المظاهر الخارجية، نجحت بأن تجعلني رجلًا جذابًا، ملفتًا بملابسي الأنيقة وجسدي المفتول، وفشلت بأن تعصبني عن محرماتٍ طمست حياتي وأحالتها لجحيمٍ، وها أنا الآن أحاط برحمة الله عز وجل، ليجعلني أرتد عن ذلك الطريق!

لحظة! كانت لحظة فقط من جعلتني أعود من غفلتي، لحظة فارقة سلخت حياتي المظلمة، على طريقٍ جعلني قريبًا من الموت لأجد منارتي التي كنت غافلًا عنها، أقسمت بأنني لن أعود لتلك المعاصي مرة أخرى وسلكت طريق طاعته وأنا على ثقة بأنه سيغفر لي ذنوبي، وها هو يشملني برحمته ويختصني لأكون سببًا لاعتناق تلك العبرنية للدين الإسلامي، على الرغم من أن الحق الكامل يعود لزوجها.. أيوب بن الشيخ مهران!!.

لحظات من الصمت كانت ثقيلة عليهم وبالأخص آديرا التي تنتظر متلهفة سماع ما سيخبرها عُمران به، متجاهلة صدمة أيوب واتساع حدقتيه المندهشة مما يحدث.

تخلى عُمران عن صمته أخيرًا متنحنحًا بخفوت:
_إعتناق الإسلام لا يشترط بالذهاب لمكانٍ أو لشخصٍ معين.. جملة واحدة تعد بوابة العبور ولكن عليكي أولًا أن تكوني على ثقة تامة بقرارك وعن قناعة.

سبقتها لهفتها لسماع تلك الجملة المحفزة، وقلبها يحفزها بأنها ولأول مرة تفعل الصواب:
_أخبرني أيها المتوحش!

منحها نظرة عبرت بها ضيقه الشديد كالسهم النافذ، تارة تلقب أخيه بالإرهابي ونصيبه الآن بذلك اللقب الذي كان سابقًا يروق له، حسنًا عليه التخلي عن غروره المعتوه قليلًا وردد بخشوعٍ تام:
_أشهد أن لا إله الا الله.

ابتلعت ريقها الجاف مستحضرة كل حروفها المهتزة في محاولةٍ لنطق العربية:
_أأشهد أن لاا إله آلااا الله.

تابع يحفزها على استكمال نطقها للشهادة حتى وآن كانت لغتها العربية ضعيفة:
_وأشهد إن محمدًا رسول الله.

تابعت بسعادةٍ غريبة تنبعث داخلها، وكأنها تتحرر من ظلام ليلًا قاتل لنهارٍ سطعت فيه الشمس كالبلور:
_وآآشهد أن مُحمد رسول الله.

أغلق أيوب عينيه بسعادة حررت دمعة من عينيه، شعر وكأنه على وشك البكاء من رحمة الله عز وجل، كان هو الأصلح لطريق اسلامها فكان الاختيار لعُمران، الطاووس الوقح، بات مشوشًا لا يعلم ماذا بين ذاك الفتى وبين الله عز وجل ليختصه بأخر شيء لا يصدقه العقل، فمن كان سيصدق أنها ستأسلم على يد أكثر شخص بغضته وكادت تقتل رعبًا منه.

أفاق من غفلته على يدها التي تحيط كفيه، تسأله بحماسٍ وفرحة:
_أيها الارهابي هل أصبحت مسلمة الآن؟

اكتفى بهز رأسه وحينما شعر بأنه على وشك البكاء بينهما انسحب للجانب الاخر من الحديقة، جلس على المقعد باهمال يبكي فرحة كالصغير.

كاد عُمران بأن يتبعه ليرى ماذا أصابه؟ فأوقفته آديرا تسأله باهتمامٍ:
_ماذا علي فعله الآن؟

سحب نفسًا مطولًا وكأنه يستمد طاقة غادرته منذ زمن بعيدًا:
_لست أنا جدير لتلك الخطوة آديرا.. ولكنك الآن على وشك اللقاء بمن هو الأحق بذلك.

قوست حاجبيها بدهشةٍ:
_من تقصد؟

وتابعت بتخمينٍ:
_أيوب؟

هز رأسه نافيًا وببسمةٍ صغيرة قال ومازالت عينيه موضوعة أرضًا:
_الشيخ مهران والد أيوب.. الآن أنتِ مسلمة ينقصكِ سماع كل شيء متعلق بالدين الإسلامي،أركان الإسلام، طريقة الصلاة، الزي الشرعي، كل ذلك سيكون من أصول تعليمه لكِ.

ابتسمت بسعادةٍ، قد راق لها اختياره لمرشدها، فإن أعجبها خصال أيوب الطيب فمن المؤكد بأن والده سيكون المعلم الأمثل، لذا رددت بامتنانٍ:
_شكرًا لك.

واتجهت للمغادرة فما أن انخفضت عن الدرج القصير بين منطقة المسبح والحديقة حتى قالت بمرحٍ:
_أيها المتوحش.. لست سيئًا كما أعتقدت!

وتركته وغادرت فهز عمران رأسه هاتفًا بحنقٍ:
_مصرة تخرجني عن شعوري بروح أآآ.... استغفر الله العظيم ده أنا لسه كنت قدوة من شوية!!!

*********
وقفت سيارة الأجرة قبالة باب القصر الخارجي، فهبط آدهم يحمل حقيبته من الصندوق الخلفي للسيارة، ورفع حاملتها ليجذبها خلفه للداخل، كان بطريقه لباب المنزل الداخلي فلمح أيوب يجلس على احدى الطاولات الخارجية.

رنا إليه وهو ينزع نظاراته الشمسية قائلًا بابتسامة جذابة:
_صباح الخير يا بشمهندس.

رفع أيوب رأسه صوب الصوت المسموع، فما أن رأى آدهم قبالته حتى أسرع بمسح دمعاته بخزيٍ، وخز قلب آدهم بضرواةٍ، فصعد الدرجات القليلة إليه هاتفًا بقلقٍ:
_آيــوب!!

وما أن أصبح قبالته حتى ألقى لهفته بسؤاله:
_إنت كنت بتعيط؟!

هز رأسه نافيًا وهو يلتفت يتفحص المكان وكأنه ينطق بجريمة ارتكبها للتو، فرفض الأخر الانطواء خلف كذبه السخيف وردد باصرار:
_أنا مش أعمى.. مالك يا آيوب؟

تعمق بالتطلع إليه وهتف بسعادة التمسها الأخير:
_آديرا أسلمت يا آدهم.

اتسعت ابتسامته قائلًا:
_ما شاء الله.. وأيه المتوقع يعني بعد معاشرتها لابن الشيخ مهران؟!

نفى ظنونه رافعًا كتفيه بحيرةٍ وكأنه مازال غير مصدقًا:
_مش بسببي... خليني أصدمك معايا وأقولك إن اللي ورا ده الطاووس الوقح..

رفع احدى حاجبيه بصدمة فعاد يؤكد بهزات رأسه متابعًا بدقة:
_عُمران سالم الغرباوي!!

رمش آدهم بعدم استيعاب، لا يشكك بأخلاق عمران وانتمائه للدين، ولكنه الوحيد من بين الشباب الذي كان ينفر منها بشكلٍ مخيف، كيف ومتى فعلها؟

اتسعت ابتسامة آيوب الشامتة وردد:
_خدت الصدمة؟ اقعد جنبي يا حضرة الظابط نحاول نصدق الجملة اللي مش مصدقها من ساعه ما شوفتها على أرض الواقع!

انصاع إليه وجلس جواره، يتطلع كلاهما للامام بشكلٍ مضحك، الصمت يتراقص بينهما الى أن قطعه آدهم قائلًا باستغراب أتاه من حيث لا يحتسب:
_أيوه يعني ده يخليك تعيط زي العيل الصغير بالشكل ده!!

تنهد بصوتٍ مسموع واستدار يقابله بجلسته قائلًا بتردد:
_آدهم أنا اتربيت في حارة شعبية، والدي رباني أنا ويونس ابن عمي تريبة ميري زي ما بيقولوا، لدرجة إنه كان بيختار معايا أصدقائي.

وبارتباكٍ أضاف:
_اعتقد شخصية زي عُمران كان ممكن والدي يعترض إنه يكون له وجود في حياتي، لإن عُمران مختلف عننا.. بس أعتقد إنه لو شافه زي ما أنا شوفته هيتبناه!

يشعر وكأنه فقد مهاراته كظابط مخابرات محترف، يقف أمامه عاجزًا عن فهم ما يود قوله، فسأله بدهشة:
_تقصد أيه يا آيوب؟

رد عليه بابتسامة صغيرة:
_قصدي إن عُمران يبان من بره أنه شخص آرستقراطي مغرور.. وممكن من وقاحته تفكره إنه مدورها وبيرتكب كل شيء حرام، بس لما تقربله هتلاقيه شخص عظيم محصلش يا آدهم.

وتابع وهو يتطلع للأمام بشرود:
_أيه المبهر إن ابن الشيخ مهران بيصلي وعارف ربنا .. في حين إن واحد زي عمران اتولد في مستنقع كله مليان بالمحرمات وبالرغم من إنه انغمس فيها الا إنه خرج واقف على رجليه وصالب طوله.. هو اللي اختار طريقه وغيره بكل ارادة وده صعب جدًا مش سهل إنك تعيش حياة سهلة فيها المعاصي سهلة وتبعد..

واستدار يقابل نظرات آدهم مؤكدًا له:
_هو المبهر يا آدهم... أنا بحمد ربنا إنه رزقني بصديق زي عُمران.

انهمرت دمعة خائنة على وجهه، فأزاحها ورسم بسمة تصاحب قوله المرح:
_هو بس يعدل من كلامه ويعتزل أسلوب البلطجة اللي جواه ده وهيبقى برفكت!

مازحه آدهم وصوت ضحكاته الرجولية تعلو دون توقف:
_لو عمل كده ميبقاش الطاووس الوقح!

_لا يا خفيف هيبقى ليا كتالوج وأنا(قطعة واحدة one piece)

قالها عمران الذي يتكئ على الطاولة من خلفهما، انتفض آيوب بجلسته فسقط أرضًا وتراجع للخلف وهو يحدجه بذعرٍ، بينما مازال آدهم ساكنًا محله حتى أنه لم يكلف ذاته عناء الاستدارة لمقابلته، فهتف آيوب باستتكارٍ:
_آدهم.. انت كنت عارف إن الوقح ده واقف!

انتصب بوقفته يضع يديه بجيوب جاكيته الاسود، متمتمًا بحنقٍ:
_مش كل شوية هقولك اني ظابط وأشرحلك اللي اتدربت عليه.. بس ممكن نقول سبته يسمعك وانت بتعبر عن مشاعرك.

وتابع بغمزة مشاكسة:
_لحظة صفا قبل ما سيڤو يلمحك!

وتركهما واتجه للداخل، فتحرك عُمران واحتل مقعد آدهم، واضعًا قدمًا فوق الاخرى، ومال بنصفه العلوي ليستند على ذراعه هادرًا بسخطٍ:
_والسيد الوالد يمانع صحوبيتنا في أيه يا ابن الشيخ مهران!

ابتلع ريقه بتوترٍ، وكأنه تلميذًا سيعاقبه مدرسه، فتابع عمران بعنجهيةٍ:
_طب أيه رأيك إنك هتلاقيني في وشك، وهنشوف وقتها الشيخ مهران هيعمل أيه لما أقطع تذكرة العودة لانجلترا أما خليته يعمل مظاهرة في حارتكم مبقاش عمران سالم الغرباوي!!

ترك الحديث وكأنه لا يعنيه ونهض إليه، يجلس جواره ويده تتعلق بذراعه كالطفل الصغير:
_بجد يا عمران هتجيلي مصر؟

ابتسم وهو يرى سعادته الكبيرة، فهز رأسه يؤكد له:
_لما علي يسافر ويرجع علشان مينفعش أسيب والدتي والبنات لوحدهم.

عانقه بقوةٍ:
_هستناك تيجي عشان أعرفك على والدي وعيلتي.. أنا أساسًا مش مستوعب اني هسيبك وهمشي.

ربت على ظهره بحنانٍ، وردد بسخرية:
_بالعكس انت هترتاح من وقاحتي وأسلوبي السليط معاك.

ابتعد عنه يواجهه قائلًا بصوتٍ جاهد ليخفي به بكائه:
_أنا مش بتضايق منك ولا بخاف من غضبك.. أنا خوفي كله بيكون على زعلك يا عُمران.. مبحبش أشوفك زعلان مني.

منحه ابتسامة هادئة، ومازحه وهو ينغزه برفقٍ:
_يالا خليك صريح وقول إنك بتخاف من عضلاتي وغشومية ايدي!

ضحك بصوته كله، وأجابه:
_على فكرة أنا بعرف أدافع عن نفسي كويس، لإن اللي متعرفهوش إن بعد العلقة المحترمة اللي أكلها سيف على إيد جاره المصري اللي إنت اتنشلته منها دكتور يوسف شده من قفاه على مدرب ملاكمة وسيف حلف ما يروح لوحده شدني معاه فاتعلمت كام حاجه تنفعني مع أمثالك!

هز رأسه ساخطًا:
_أمثالي أمممم..

وربت على ظهره بقوة اسقطت آيوب أرضًا عدة مرات:
_متخرجش المتوحش اللي جوايا بدل ما ترجع لأبوك متشلفط يا ابن الشيخ مهران!

_أيهــــا الإرهـــــــــــــاربـي!!!

رفعوا رؤؤسهما عاليًا تجاه شرفة الملحق الخارجي للقصر، فوجدوا آديرا تصيح وهي تشير بيدها لآيوب قائلة بصراخها الصاخب:
_أصعد قليلًا... أواجه مشكلة هنا!!

مال عمران برقبته يمينًا ويسارًا بعصبية جعلت صوت طقطقة رقبته تجلد آيوب المرتعب، فمال عليه يهمس من بين اصطكاك أسنانه:
_أنا بحاول أسيطر على نفسي فوق المحتمل، فتطلع بمنتهى الهدوء اللي معنديش منه ذرة تقولها متنادلكش بالاسم ده تاني، والا هنسى معاهدة السلام اللي ما بينا وهرجع المتوحش اللي بتذم فيه تاني..

هز رأسه وهو يزحف للخلف، فتابع بغلظةٍ:
_متنساش تخليها تكتم بوقها وانتوا في المطار لإن لو نادتك بيه هناك هتشوف مصر في الأحلام يا سيدنا الشيخ.

وتركه وغادر وهو يتمتم بضيق:
_دي مش محتاجة الشيخ مهران دي محتاجة تروح الكُتاب!
********
تمسكت بحقيبته للمرة الرابعة كالطفلة الصغيرة التي ترفض ترك أبيها يذهب لعمله، فاستدار لها مبتسمًا:
_وبعدين يا فطيمة؟

ابعدت الحقيبة للخلف وكأنها تضمن عدم فراره، وقالت بعينين دامعتين:
_هو لازم تسافر؟ ما تبعت التذاكر للدكاترة مش لازم تسافر بنفسك يعني عشان تجبهم!

كبت ضحكاته داخله، وتنحنح ليبدو أكثر اتزانًا:
_مينفعش يا حبيبتي، لازم أنا اللي اختارهم بنفسي، وبعين الحكاية كلها يومين تلاته مش هتأخر يعني.

انفلتت شفتيها بصدمةٍ:
_يومين!! هقعد من غيرك يومين يا علي!

اتسعت ابتسامته حينما وجدها تقلب شفتيها كالطفلة الصغيرة، وانفجرت بالبكاء وهو تهز رأسها نافية:
_لا مش هتسافر لأ...
وضمت الحقيبة الصغيرة لصدرها مسترسلة:
_أنا لسه تعبانه وعندي كلام كتير عايزة أحكهولك يا علي.

وأسرعت تضع الحقيبة بالخزانة وأغلقتها، ثم عادت إليه وهو يضحك بقوةٍ ادمعت عينيه وجعلته ينحني بوقفته، فقالت غير مبالية به:
_تعالى أقعد على الكرسي وأنا على الشاذلونج وأحكيلك عن حاجات كتيرة أوي.. مش إنت دكتوري النفسي أنا تعبانه جدًا جدًا.

وسحبت كفه تضعه على جبينه قائلة باصرار:
_حتى شوف حرارتي!

انفجر ضاحكًا ورأسه يتحرك بعدم تصديق، يكتشف الآن جانب غامض من شخصية فاطمة، وللحق يستمتع كثيرًا بما يراه.

استند بذراعيه على كتفيها وقربها إليه يخبرها ببسمة جذابة:
_لولا السفرية دي مهمة وخصوصًا إن شمس مينفعش تسافر لوحدها كنت كنسلت أي سفارية تجيني مدى الحياة.

ظنته سيخبرها بأنه سيبقى لاجلها، فأبعدت ذراعيه عنها واتجهت للفراش تبكي بصوتٍ جعله لا يحتمل افتراقه عنها، فأسرع إليها ينحني أمامها، يديه تمسد على كفيها برقةٍ وحنان:
_حبيبتي والله غصب عني لازم أسافر المركز خلاص بقى جاهز فاضل بس الفريق اللي هيشتغل..أنا مش سهل عليا اني أبعد عنك ولو ينفع كنت أخدتك معايا..أوعدك اني هحاول أرجع بأقرب وقت.

رفعت عينيها إليه وقالت ويدها تضم كفه مثلما يفعل:
_خايفة من غيرك يا علي.

حاوط وجهها بحنان وعشقها يتربع سيدًا بمقلتيها:
_خايفة من أيه يا روح قلب علي.. أنا كنت ومازلت جنبك ومعاكِ... هكلمك على طول ولو انشغلت عنك كلميني في أي وقت.. فريدة هانم وإنكل أحمد معاكِ.... وعُمران ومايا مش هيسبوكي في الشغل طول اليوم.. وفوق كل ده زينب موجودة!

تعمقت برماديته وعلى استحياءٍ قالت:
_إنت عندي بالدنيا كلها يا علي!

خفق قلبه بجنون، فجذبها إليه يضمها بحبٍ يتغمده دون رحمة، بقي بجلسته الغير مريحة يتركها تتنعم بأحضانه، وما أن شعر بهدوئها ناداها، فوجدها تهمهم بنعاسٍ غلبها، فالوقت باكرًا للغاية، ضحك وهو يهمس لها:
_اديني شنطتي ونامي براحتك.

ما أن ذكر الحقيبة وأمر الرحيل حتى انتفضت من جلستها تسرع إليها تخفيها خلفها، فزفر باحباط:
_بعد المحاضرة دي ولسه بتخبي الشنطة يا فاطيما!!

وجلس على الفراش يدعي الحزن:
_اخص عليكي يا فاطمة... كنت فاكرك خايفة على المركز ومهتمه باسم جوزك حبيبك.. يرضيكِ الوسط المعفن ده يشمت فيا ويقولوا إنه فشل من قبل ما يبدأ.. مش كفايا فتحته كام شهر وقفلته هجي دلوقتي أقفله قبل ما أفتحه!

قضمت أظافرها بضيقٍ، وتأنيب ضميرها يصفعها دون رحمة، فاتجهت إليه تقدم له الحقيبة قائلة بحزن:
_متزعلش خلاص سافر بس متتأخرش عليا يا علي

ابتسم وهو يحمل عنها الحقيبة:
_ولا عمري أقدر أعملها يا روح قلب علي!

ارتدى ذراع الحقيبة واحتواها بين ذراعيه، ضمها إليه بحبٍ، طابعًا قبلة خاطفة على جبينها، فاشتد بكائها وهي تترجاه بتوسلٍ:
_خد بالك من نفسك.

هز رأسه بابتسامة واسعة، واتجه للاسفل فبقت بالاعلى حتى لا تنفجر باكية أمام الجميع.

******
بالملحق الخارجي للقصر.

صعد للأعلى قاصدًا غرفتها، فما أن استمع لاذنها بالدخول ولج للداخل، صعق آيوب وتوقف محله فارغ الفاه حينما رآها ترتدي فستانًا قصيرًا باللون الأزرق، ومن أعلاه تضع وشاحًا تحاول تغطية به شعرها.

استدارت إليه ببسمة متباهية:
_أعلم بأنك لا تصدق عينيك.

وتابعت وهي تعقد الوشاح جيدًا، فأمسكت بأطرافه الطويلة متسائلة بحيرةٍ:
_ماذا أفعل بها؟

اهتدت بفكرة وجدتها عبقرية، فأثنت الاطراف على شكل فراشة واستدارت تتمايل بدلال قبالته:
_والآن ما رأيك؟

ضم شفتيه معًا بعينين منغلقة تجاهد للاسترخاء، وكأنه يمارس اليوجا، ثم ردد بخفوت:
_ما الذي تحاولين صنعه يا امرأة!! هل جُننتِ؟ طوال فترة لقائي بكِ كنتِ محتشمة بارتداء البنطال الطويل بغض النظر عن الكَنْزَات العارية التي ترتديها والآن تختارين هذا الفستان العاري للسفر لمصر!!

وتابع وهو يمرر يده على لحيته النابتة:
_ثم أنكِ اعتنقتي الاسلام منذ قليل ألم يلفت ذلك نظرك لشيء!!

هزت رأسها مؤكدة فتهللت أساريره لتحطمها على رأسه حينما قالت وهي تشيل على وشاحها الشفاف فوق رأسها:
_ألهذا ارتديت هذا أليس هو ما يسمى حجابًا.

شعر وكأنه سيفقد وعيه بأي لحظة، ربما على بوادر الاصابة بذبحة صدرية، فأشار لها باختناقٍ:
_دعكِ من الأمر... اذهبي وارتدي شيئًا محتمشًا وحينما نصل إلى مصر سأعلمك ما استطاعت.

هزت رأسها بطاعة وتركته وغادرت، فارتشف من زجاجة المياه قبالته مرددًا برجاء:
_أغيثني يا الله!!
*******
حمل عمران الحقائب واتجه لسيارته يضعها بالصندوق، وحينما استدار وجدها تمنحه حقيبة أخرى فصاح مندهشًا:
_كل الشنط ده ليه هتهاجري يا بت!!

تفحصت شمس آدهم بخجل، فأجابه بسخط :
_هو أنت هتدفعلها وزن الطيارة ولا أيه يا عمران!

القى الحقيبة إليه ومفتاح سيارته:
_اخدم مراتك بنفسك بقى!

وارتدى نظارته السوداء مغلقًا سترته الزرقاء، واتجه يجلس بالسيارة بغرورٍ قاتل، فتح آدهم باب السيارة مشيرًا لها:
_شمس هانم.

ضحكت من قلبها، مالت تحمل طرف فستانها وانحنت مرددة:
_كابتن آدهم.

مال عليها يهمس:
_قدام بابا عمر مش آدهم.

وخطف يدها يطبع قبلة على باطنها مسترسلًا بمكرٍ:
_أبوس إيدك بلاش تخليه يطردني بره البيت بعد الغياب الطويل ده.

سحبت كفها بخجلٍ جعلها تخفض عينيها بارتباكٍ، انخفض زجاج نافذة عمران ليلقي له نظرة مشتعلة اتبعها قوله المتعصب:
_من هنا وقدامنا بتتواقح أمال لما تبقى في بيتك هتعمل أيه؟! حذر من جناني يا حضرة الظابط واتفضل سوق بسرعه خلينا نلحق أم الطيارة دي!

استقرت شمس جوار عمران وصعد آدهم بمقعد السائق وهو يسيطر على ضحكاته بصعوبة، فراقب عمران من المرآة الامامية وجده يحتضن شمس بتملكٍ ومال عليها هامسًا:
_عجبك عمايل سي روميو؟ ماشي يا شمس هتلفي لفتك وهترجعي للبيت تاني.

وضعت يدها على صدره حينما شدد من ضمها فقالت بألم:
_مش هكررها تاني أقسم بالله.

ربت على ظهرها ببسمة واسعة:
_كده تعجبيني يا بت... عايزك عسكري غفر طول ما انتي هناك... أوعي تسمحيله يقعد جنبك أو يتخطى حدوده.. صدقيني في نوعية من الرجالة وقحة تديله قطفة هيتجرأ ويطلب سلة المانجا كلها اساليني أنا.

ضحكت وسألته:
_واشمعنا أسالك انت!!

شاركها الضحك وهو يجيبها:
_عشان أنا من النوع ده.

تشاركا الضحك وكلاهما يضرب كفه بالاخر، بينما بالامام يبتسم آدهم وهو يرى ابتسامتها وفرحتها الظاهرة على وجهها المشرق.

صعد علي بالسيارة جوار السائق وبالخلف جلس أيوب وآديرا وتحركت السيارتين للمطار، وحينما وصلوا كان يوسف وسيف بانتظارهم.

*********
أطال بسجوده وهو يدعو بما يؤلمه، بعد تلك السنوات لم يهتز إيمانه أو يضعف مثقال ذرة، كان صامدًا كصمود الجبال، ممثلًا المعنى الحرفي لإسمه، وبالرغم من جموده وتحمله للبلاء الا أنه لم يشعر بالألم مثلما فعلت هي به، تعرض للعنف وخاض ألمًا جسديًا عنيفًا، ولكن ضربتها هي القاضية.

حبيبته، رفيقة طفولته، مسكن روحه، دوائه الشافي كانت الخنجر الذي طال صدره ليصيب قلبه فابادته... قلبه الشيء الوحيد الذي احتفظ به نقيًا، عفيفًا، عن تشويهات جسده الذي طاله السوط والعصا!

زحف يونس بجلسته حتى وصل لطاقة ضوء صغيرة تتسلل من فوق شرفة مظلمة حديدية، ضي النور البسيط التي تمنحه لغدافية الغرفة القاتلة.

استند على الحائط وأغلق فيروزته بتعبٍ، ليتجلى له رؤيتها، فستانها الاسلامي الفضفاض، خمارها المتلألأ من خلفها كوشاح الأميرات المتدلي، حياء مشيتها التي يميزها من بين نساء العالم بأكمله، ها هي تدخل لمحله الجديد، تردد على استحياء:
_السلام عليكم.

أجابها بعض العمال السلام، فتابعت مشيتها للداخل حتى وصلت قبالة مكتبه الصغير الذي يتوسط المحل، فانتصب بوقفته يستقبلها ببسمة هادئة:
_أيه الزيارة الجميلة دي يا زينة البنات... مش تعرفيني إنك جايلي وأنا بنفسي كنت جيت أخدتك لحد هنا.

فركت أصابعها وهي تجيبه بخجل:
_حبيت أعملهالك مفاجآة.

اتسعت ابتسامته حتى ظهرت غمازة خده الأيسر، فاستشاطت غضبًا واستدارت تتمعن بأعين الزبائن مشيرة له بالكيس البلاستيكي الذي تحمله:
_متضحكش... أنا مش محذرك!!

ضحك رغمًا عنه وهو يهمس لها:
_المفروض إن أنا اللي أغير عليكي يا خديجة مش العكس.

تمردت غيرتها بشكل شرس:
_ازاي يعني!! وبعدين متتفزلكش عليا.

نطقت كلمة تجعله يضحك دون مجهود منها فماذا يفعل الآن، حاول الصمود وهو يسألها بقلة حيلة:
_طيب أعمل أيه عشان أنول رضا زينة البنات؟

ابتسمت وهي تخبره بدلال:
_انت كده كده نولت الرضا من زمان.. بدليل إني جاية وجايبلك هدية من صنع ايديا.

وزع نظراته المتحمسة بينها وبين الكيس البلاستيكي:
_هدية أيه؟

فتحت الكيس وأخرجت منها تيشرت صنعته من الصوف، وقد طرزت عليه أول حرف من إسمه وإسمها بشكلٍ متقن، حمل يونس التيشرت بين يديه يتطلع إليه بانبهارٍ:
_ما شاء الله عليكِ يا خديجة.

سألته بتحفزٍ وعينيها تراقب كل تفاصيله:
_عجبك؟

منحها نظرة عاشقة وأشار لها:
_خليكي هنا راجعالك.

غاب دقائق بالداخل وعاد بعدما ارتداه، فادمعت عينيها بفرحةٍ، جلس على مقعد مكتبه الصغير وغمز لها بمشاغبة:
_حلو عليا؟

أشارت له عدة مرات وأردفت بضيق وهي تمسح دمعتها:
_أووف بقى يعني أنا بحاول أخبي غمازاتك تطلع بالتيشرت اللي يجنن عليك ده قولي أعمل فيك أيه يا معلم يونس؟

ضحك وهو يقلد نبرتها:
_معلم يونس!! أيه يا ديجا واقف في وكالة البلح أنا!!

نهضت عن المقعد تخبره:
_أنا هطلع بقى أحضر الغدا عشان ماما مش فوق.

سألها باستغراب:_أمال فين؟

أجابته وهي تعلق حقيبتها على كتفها:
_عند خالتي وهتيجي بليل.

لحق بها لخارج المحل قائلًا بحبٍ:
_مترهقيش نفسك في شغل البيت، ولو هتنضفي البسي كمامة عشان التراب بيقلب الحساسية عندك.

استدارت له ببسمة حملت كل حبٍ دفن داخلها لهذا الزوج الحنون وقالت:
_حاضر... أنا حفظت تعليماتك وبنفذها عشان أنا بخاف الأزمة تجيني مش بتحمل أشوف خوفك وحزنك عليا.. لكن أنا والله اتعودت.

مد يده على خمارها وهو يمررها بحنان:
_لا يا خديجة عشان نفسك ولإن صحتك لازم تهمك إنتِ أولًا...

وتابع ومازالت ابتسامته مرسومة بعشقٍ:
_يلا اطلعي ولو احتاجتي أي حاجة كلميني أبعتلك حد من الصيبان يجبلك اللي تعوزيه.

هزت رأسها بطاعه وقالت قبل مغادرتها:
_لما أخلص الغدا هنزلك طبق.

ضحك وهو يشاكسها:
_أطباقكم كلها عندي في المطبخ تحت كل يوم بغسل طبقين وبكمل تاني يوم... لو خالتي عرفت هتقولي تعالى خد مراتك من غير فرح أنا متنازلة.

اقتربت منه مجددًا تتمعن بعينيه وهي تخبره بصدق:
_راضية والله... من غير فرح ومن غير أي حاجة... كفايا وجودك جنبي يا يونس.

ابتلع ريقه بارتباك يهزم حصونه واحدًا تلو الأخر، فأشار لها:
_اطلعي يلا ميصحش تقفي في الشارع كده.. وخدي بالك أنا مازلت مصر على موضوع النقاب ها؟

هزت رأسها تخبره:
_أساسًا وأنا بجهز عاملة حسابي وجايبة لبسي كله للنقاب.

استدار من حوله يتفحص المارة، وانحنى يقبل يدها سريعًا هاتفًا بصوته الرخيم:
_روح قلبي اللي بيراضي حبيبه! ربنا يقدرني وأكونلك الزوج الصالح اللي يأخد يدك للجنه.

ورفع رأسه للأعلى يردد بطريقة درامية:
_يا ررب مش عايز غيرها يا رب... عايزها في دنيتي وفي الأخرة تكونلي زوجة، بحبها ومش شايف غيرها يا رب..

تابعت الاعين من حولها بحرجٍ، فصاحت وهي تلكزه بغضب:
_بس بس فضحتنا في الحارة يا يونس!!

تعالت ضحكاته وهمس لها:
_يونس محبش ولا هيحب زيك يا خديجة... بحبك وبالرغم من انك مراتي الا إني بطلبك من ربنا في كل صلاة ليا، بدعيله يقرب بينا وميفرقناش أبدًا!

أفاق من شروده ببسمة ساخرة ختم بها الوجع وبصم بكل ما امتلكه من ميثاق، فردد بصوتٍ محتقن بدموعه:
_لو مكتوبلي أخرج للدنيا هتكون أخرتك يا خديجة... وربي لأرميكِ بنار حبي اللي كانت في يوم جنتك!
*******

النداء الاخير للطائرة ومازال سيف يحتضن آيوب، ويشتد بالبكاء حتى أدمعت أعين من حوله، فربت آيوب على ظهره بحنان وهو يخبره:
_سيف كفايا إنت واقف على رجلك بقالك فترة هتتعب عشان خاطري ارجع مع دكتور يوسف، إنت لسه تعبان.

ابتعد يمنحه نظرة معاتبه وحديث اصابه في مقتلٍ:
_مش عايزني أجي أودعك يا آيوب ولا كنت عايز تسافر من غير ما تشوفني.

واستكمل بوجعٍ:
_أنا مش عارف هفضل الشهرين دول ازاي من غيرك.

ضمه آيوب وقد انهارت دمعاته، فهمس له:
_العشرة مبتهونش واحنا عشرة سنين.. هكلمك على طول يا سيف والله ما هتحس اني بعيد عنك وفي يوم هتنام وتصحى تلاقيني قدامك.. أنا أساسًا مش هقدر أقعد الشهرين في مصر أخري ٢٠يوم يالا.

اعترض بضيق:
_كتار بردو... خليهم اسبوعين وتعالى..

هز رأسه له وكاد بالحديث فاستوقفه حديث عمران الساخر وهو يرمقهما بسخط من خلف نظارته:
_لو خلصتم وصلة وداع الزوج ومراته النكدية فالطيارة قربت تفوتك.

التفتوا للخلف فتفاجئوا بالجميع يرمقونهم بدهشة وبالاخص شمس وآديرا، سحب آيوب حقيبته واتجه للداخل فلحق به سيف وردد:
_خلي بالك من نفسك يا أيوب... لا إله الا الله.

انهمرت دموعه فكلمته زرعت النيران داخله، وجد ذاته يعود ليضمه مجددًا وهو يخبره:
_وانت كمان خلي بالك من اللي اسمه يمان ده... حذر منه وعشان خاطري اتفادى اذاه على قد ما تقدر.

هز رأسه له، فردد آدهم:
_هنتأخر كده يا آيوب يلا.

فرقهما يوسف وهو يصيح بمرحٍ:
_ما خلاص يا عم منك ليه... ده أنا لو مسافر مش هتعمل عليا كده!!

ضحك آدهم وردد بمزح:
_على رأي عمران وصلة عشق ممنوع..

ردد علي وهو يتابعهما بابتسامة هادئة:
_ما تسيبوهم في حالهم.. والله بحسهم كتاكيت جنبكم!!

تحررت ضحكات عمران بانتصار لاختيار اخيه لفظًا جديرًا فصاح لهما:
_يلا يا كتكوت منك له...انت على طيارتك وانت استرجل واقف في جنب بدل ما أحرمك من زوزو ما احنا بناتنا ما تتجوزش الا الرجالة ولا أيه يا دكتور علي؟

هز رأسه بابتسامة صغيرة، فاتجه إليه يلف يده من حوله هامسًا وعينيه تتفحص الوجوه:
_بقولك يا علوة.

_علوة!!... قول وخلصني.

كبت عمران ضحكاته وقال:
_الواد سيف قافش في آيوب ومتقصر أوي انه مسافر مع انه صاحبه وبما إنك أخويا تعالى نعمل أي منكش كده يدل على عذاب الفراق بينا! أقولك أنا همدد هنا وكأني فاقد الوعي!!

اردف باستهزاءٍ:
_فراق أيه يا عمران ده هما تلات أيام وراجع!! ثم اني عايش حياتي على الطيارة كل يومين في حتة شكل... مهدتش غير بعد الجواز.

_مهو ده اللي حببني في جوازتك وخلاني احترم فاطيما احترام مبحترمهوش لشمس اختك نفسها!

وتابع حينما نطق اسمها:
_على سيرة أختك خد بالك منها...حطها في عنيك يا علي.. أنا مش عارف فريدة هانم وفقت ازاي انها تسافرها.. حاسس اني مش هقدر أقعد من غيرها!

فشل بكبت ضحكاته، فضحك بصوت لفت انتباه الشباب اليه، كمم عمران فمه وهو يصيح بانفعال:
_هتفضحنا عايزهم يقولوا أيه؟ منشكح انه هيسيب أخوه ويسافر لا يا علي لأ!!!

سحب كفه عن فمه واحتضنه بجدية تامة:
_خد بالك من فاطمة يا عُمران، انت عارف ان ليها ظروف خاصة أرجوك خلي عينك عليها.

ربت على ظهره بحنان:
_متقلقش يا علي فاطمة أختي وملزومة مني... سافر وانت مطمن... كل اللي في البيت في رقبتي ومسؤولين مني في غيابك.

ابتعد عنه بابتسامة هادئة وفجأه حينما قبل جبينه هاتفًا بحنان:
_عارف انك أد المسؤولية يا حبيب قلب أخوك... يلا سلام مؤقت يا وقح!

ضحك وهو يغمز له بمشاكسة:
_سيبه ملموم جوه بدل ما يطلعلك بواحدة بروح أمك في وسط المطار يقل قيمتك في وسط المجتمع المخملي!

شاركه الضحك وابتعد وهو يلوح له ومن جواره شمس الباكية التي تفترق عنه لاول مرة، وانتقل بيده لايوب يلوح له بحزن احتل معالم وجه الطاووس الوقح الذي فشل بالنهاية بالتحلي بالجمود، فاتجه مع يوسف وسيف للشقة بينما غادرت الطائرة لمصيرٍ محتوم سيجدد أحداث تشبه القنبلة المؤقتة... ومن هنا لنا لقاء قريب...
.... يتبع..



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close