رواية ذئاب لا تعرف الحب الفصل الاربعون 40 بقلم منال سالم
ذئاب لا تعرف الحب :
الفصل الأربعون :
في دار الرعاية الخاصة بالمسنين ،،،،
تلقت تهاني رعاية مكثفة خلال الفترة الماضية من أجل تحسين حالتها الصحية والنفسية ..
في البداية رفضت التجاوب مع العلاج ، أو حتى الإندمـــاج مع نزلاء الدار ، ولكن بالمثابرة وإصرار طبيبتها النفسية بدأت تستجيب تدريجياً ..
طرقت المشرفة على باب غرفة الطبيبة النفسية ( رجاء ) ، فسمحت لها بالدخول ، وإبتسمت لتهاني إبتسامة عذبة ، ثم أشارت لها بيدها لكي تجلس ، وقالت بصوت رقيق :
-اتفضلي ارتاحي هنا يا تهاني
بادلتها تهاني إبتسامة عادية ، وجلست على المقعد الجلدي الطويل – ذي اللون الأسود ، وضمت يديها معاً ، وأسندتهما على صدرها ، وأمالت رأسها نحو الطبيبة لتنظر لها ..
لم يخلوْ وجه الطبيبة من تلك الإبتسامة الرقيقة ، ولا من نظراتها الدافئة ، ثم تسائلت بصوت مألوف :
-ها ، جاهزة يا تهاني عشان نبدأ ؟
-أهـــا
-تمام .. عاوزاكي تسترخي خالص ، وتحكي زي ما إتعودنا عن اللي مضايقك وتاعبك ، وأنا هبدأ كالعادة بمين اللي خد منك عيالك ؟ وليه عمل كده
ابتلعت تهاني غصة مريرة في حلقها ، وأغمضت عينيها ، وحاولت أن تستسلم لذكرياتها الآليمة ..
أخـــذت هي نفساً مطولاً ، وزفرته بتثاقل ، ثم بصوت حزين أجابتها بـ :
-مهاب
...................................................
◘◘◘◘ وقفت تهاني مذهولة في مكانها غير مصدقة ما سمعته أذنها للتو .. جحظت بعينيها في صدمة ، وقالت بصوت مشدوه :
-مهـــــاب ...!
ترنح هو أمامه ، وألقى بثقل جسده على الأريكة ، ونظر لها من طرف عينه ، ثم تابع ببرود بـ :
-سبيني بقى أنـــام
ظلت تعابير وجهها مشدودة ، وقالت بتهور :
-إنت واعي للي عملته الوقتي ؟ إنت طلقتني للمرة التالتة !!!
أولها ظهره وهو ممدد على الأريكة ، وأغمض عينيه ، وقال بنبرة غير مهتمة :
-عادي
دارت تهاني حــــول الأريكة ، ووضعت يدها على ذراعه ، وهزته بعنف ، وهي تصرخ فيه بـ :
-لأ مش عادي ، انت ... انت ضيعتني !!
زفــــر هو بصوت عالي ، ثم إعتدل في جلسته ، ونظر لها شزراً ، وأردف بنبرة منزعجة بـ :
-يوووه ، كل يوم الأسطوانة المشروخة بتاعتك دي
أجابته هي بصوت مختنق بعد أن خانتها عبراتها وإنهمرت على وجنتها بـ :
-أيوه عشانها الحقيقة ، أنا استحملت معاك كل حاجة زبالة عشان خاطر إبني ، ودوقت معاك المرار كله وإنت ولا همك لا كرامتي ولا نفسي ولا أي حاجة .. دايماً بتخوني ، وأنا بأسكت ، بتعمل حاجات قذرة ، وأنا بأستحمل عشان الحياة تمشي ، وفي الأخر تكون دي جزاتي !!
تنهد هو في إنهاك ، وتابع بضيق بـ :
-انتي عارفة إني لما بأتعصب بأقول كلام مش قاصده
إختنقت الكلمات في صدرها أكثر ، وتابعت بيأس بـ :
-ده مش هزار ، ده طلاق يا مهاب
زفر مجدداً في عدم إكتراث ، ثم قـــال بنفاذ صبر :
-قولتلك مكونتش أقصد
لم تجد تهاني أي مفر من الكارثة التي حلت عليها فجــأة ، فنهرته هي بحدة بـ :
-دي كانت الطلقة التالتة
ضيق عينيه قليلاً ، وتسائل بهدوء مستفز :
-بجد ؟
-ايوه ، إنت مش حاسس باللي عملته
نهض عن الأريكة ، وســـار في اتجاه المرحاض ، وتابع بجدية بـ :
-خلاص أنا هاتصرف
تسائلت هي في فضول أشد بـ :
-إزاي ؟
أجابه مهاب بإيجاز وهو يلج للمرحاض بـ :
-ملكيش فيه
لحقت هي به ، ووقفت على مدخل المرحاض ، وقال بإصرار :
-لأ لازم أعرف
أمسك هو بباب المرحاض ، ونظر لها بقسوة ، ثم قال بسخط :
-تهاني حلي عن نافوخي وأنا هاتصرف وهأردك
حدجته بنظرات مهينة ، ثم قالت بإحباط :
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مهاب
صفق هو الباب في وجهها بقوة ، فبصقت عليه ، وحدثت نفسها بـنبرة ذليلة بـ :
-أنا اللي جبت ده كله لنفسي ...!!
..............................
نهض مهاب فجــــأة من على المقعد المقابل لمكتب مهاب ، وصاح بذهول تام :
-أتجوزها ؟ دي مراتك يا مهاب !!
مط هو فمه قليلاً ، وقال بهدوء :
-ماهو أنا طلقتها للمرة التالتة
انزعج ممدوح كثيراً ، ورد عليه بإندفاع بـ :
-وعاوزني أنا بقى أعمل ايه ، أكون لامؤاخذة آآآ..
قاطعه مهاب بصوت جاد بـ :
-لأ مش كده
-أومــال هاتسميها ايه ؟
-يا سيدي ده لمدة كام يوم بس عشان أعرف أردها لعصمتي
نظر ممدوح له بإزدراء ، قبل أن يجيبه بحدة بـ :
-لأ معلش ، أنا مش كده
-هادفعلك اللي انت عاوزه
انفرج فمه للأسفل في إستغراب ، وتسائل بـ :
-هاه ، نعم !
-أيوه ، شوف إنت عاوز كام وأنا هادفعه ، وبعدين إنت أولى من الغريب
ثم أخـــــرج مهاب دفتراً لتحرير الشيكات من درج مكتبه ، ودون به رقماً ما ، ثم نزعه منه ، ومد يده به نحو ممدوح الذي أخذه على الفور ، ونظر له بأعين زائغة ، وسأله ساخراً :
-أنا عاوز أعرف دمك ده معمول من ايه ؟!!
-متخدش في بالك
اعتلى ثغره ابتسامة متهكمة وعلق بعدم إكتراث بـ :
-على رأيك ، هو بيفرق معاك أصلاً
أرجع مهاب ظهره للخلف ، وأضاف ببرود :
-بالظبط .. بص إن كان عليا أنا مش عاوزها ، بس عشان تاخد بالها من أوس وتربيه عدل
-وماله .. وإنت عاوزني أتجوزها أد ايه ؟
-كام يوم كده ، وبعد ما تطلقها هاديك مبلغ تاني
-ماشي ، اتفقنا ..!!!!
............................
وبالفعل أقنع مهاب طليقته تهاني بالزواج من ممدوح كي يحل تلك المعضلة ، ولكن ما لم يضعه ممدوح في الحسبان هو أن يخل مهاب بإتفاقه معه حيث رفض إعطائه أي مبالغ مالية أخــرى نظير خدماته ، بالإضافة لتخطيطه للزواج من ناريمان ...
-يعني إيه ؟ مش كان في بينا اتفاق
قالها ممدوح والشرر يتطاير من عينيه ..
لم يهتم به مهاب ، بل قال له ببرود مستفز :
-أه .. وأنا رجعت في كلامي
إزداد إنفعال ممدوح ، وصاح فيه بـ :
-يعني انت ترجع في كلامك ، وأنا ألبس في تهاني
-ما هو أنا مش هاينفع أردها تاني ، على الأقل الفترة دي لحد ما أضمن إني أتجوز ناريمان
تفاجيء ممدوح بمخطط مهاب ، فإزداد حنقه ، وسأله بسخط :
-وإشمعنا انت تاخد كل حاجة ؟!
أمسك مهاب بسيجارته ، وأشعلها ، ثم زفر دخانها في الهواء ، ونظر له بأعين فارغة ، وقال بنبرة جادة :
-ممدوح .. بقولك إيه ، إنت مش بتعملي حاجة ببلاش ، كله بتمنه يا صاحبي
-بس الاتفاق إتفاق ..!
-والأمور جدت معايا ، فكبر بقى
أدرك ممدوح أن الحوار لن يجدي نفعه مع مهاب ، فرمقه بنظرات متوعدة ، وقال له بقسوة :
-براحتك ، بس افتكر اللي حصل الوقتي كويس ...!!
........................
ارتسمت إبتسامة الرضا الممزوجة بالسعادة على محيا تهاني حينما أخبرها ممدوح بما دار ، فإحتضنت زوجها بذراعيها ، وتعلقت بعنقه ، وقالت بصوت ناعم :
-أنا مش مصدقة إننا هانفضل مع بعض
كانت ردود فعل ممدوح غير مقروءة بالمرة بالنسبة لها ، وتابع بدبلوماسية بـ :
-أيوه .. عشان تعرفي أنا حاربت عشانك أد ايه
نظرت هي في عينيه بنظرات عاشقة ، ثم أردفت برقة بـ :
-ربنا يخليك ليا ، إنت الحاجة الحلوة اللي ربنا عوضني بيها عن عذاب السنين اللي فاتت
ابتسم هو لها إبتسامة زائفة ، وقال بإيجاز :
-كويس
-أنا كمان عندي ليك خبر حلو
ضيق عينيه قليلاً ، وسألها بفضول بـ :
-خبر ايه ده ؟
أمسكت هي بيده ، ووضعتها على بطنها ، وقالت بتلهف :
-أنا حامل
اتسعت مقلتيه في عدم تصديق ، وقال بنزق :
-إييييه .. حامل ؟!!!!!
هزت هي رأسها في سعادة ، وأضافت بحماس واضح :
-أيوه .. البريود إتأخرت عليا بقالها فترة ، وأنا كنت شاكة ، وحللت وإتأكدت لما طلعت النتيجة positive ( إيجابية )
-طب مبروك
قالها ممدوح بفتور ظاهر ، فشعرت تهاني بشيء غريب في ردة فعله ، فسألته بتوجس بـ :
-إنت مش مبسوط ؟
وضع هو راحتي يده على وجنتيها ، ومسح عليهما بنعومة ، ثم قال بهدوء :
-لأ يا حبيبتي مبسوط
لم تقتنع هي بما قاله ، فسألته بحذر بـ :
-أومــال مش باين عليك ليه ؟
تنحنح هو بصوت خشن ، وأضاف بحماس زائف :
-لأ عادي .. أنا بس متاخد ، إنتي عارفة أنا أول مرة اكون فيها أب
أسندت وجنتها على كف يده الأيسر ، وحركت رأسها قليلاً لتحتك به ، وقالت بنعومة :
-هاتكون أحسن أب في الدنيا إن شاء الله
-إن شاء الله ، أنا بس محتاج أدبر أوموري عشان أمور الولادة ومصاريف آآآ...
قاطعته هي بجدية وهي تنظر له بـ :
-متحملش هم أي حاجة ، أنا هاديك تحويشة عمري كله تعمل بيهم اللي إنت عاوزه
-يا حبيبتي الموضوع مش كده
-يا قلبي أنا وإنت واحد ، وفلوسي تحت أمرك
مط ممدوح فمه للجانب ، وبضيق زائف أردف بـ :
-ممممم.. نبقى نتكلم في الموضوع ده بعدين
-أوكي
قالتها تهاني بصوتها الناعم ، ثم إرتمت في إحضـــان زوجها ، وأغمضت عينيها لتنعم بوجودها معه ...
راقبهما الصغير أوس –ذو الوجه العابس - من على بعد ونظر إلى كلاهما بنظرات محتقنة ، وصـــر على أسنانه في غضب ، وركض مسرعاً في اتجاه غرفته ...
................................
علمت تهاني بنشوب حريق هائل في غرفة مكتبها ، فركضت كالمجنونة نحوها ، وصرخت بأعلى صوتها بـ :
-ولادي جوا المكتب ، إلحقوهم ، ولادي .. آآآآآه
كان يقف أمـــام غرفتها حشداً من الأطباء والممرضين والعاملين بالمشفى ، فحالوا دون وصولها للداخـــل ..
حاولت هي أن تدفعهم وتمر عبرهم لتصل إلى الباب ، ولكن أبعدوها للخلف ، فنظرت لهم بأعين مغرورقة بالعبرات ، وتوسلت ببكاء مرير بـ :
-بناتي جوا الأوضة وأوس معاهم ، سيبوني بس أجيبهم
اقترب منها أحد الأطباء ، وأحنى رأسه للأسفل ، وقال بصوت حزين :
-للأسف كل حاجة جوا ولعت
صرخت وهي تجهش بالبكاء بطريقة هيسترية عالياً بـ :
-لألألألأ .. ولادي
اندفع ممدوح هو الأخـــر بين جموع المتواجدين ليصل إلى الغرفة ، وصاح بصوت مرتفع للغاية بـ :
-بناتي .. ليان ، بيسان !!!
لمحت تهاني مهاب وهو يقترب منها ، فإستغاثت به بصوت راجي بـ :
-إلحق يا مهاب ، أوس ابننا جوا الأوضة ، خليهم يسبوني أجيبه
حدجها هو بنظرات قاسية ، ثم قال بشراسة :
-إنتي مالكيش إبن ، اعتبريه مات
-إنت بتقول إيه !!!
تابع هو بنبرة أشد قسوة بـ :
-الأم اللي تهمل في تربية ابنها ماتستحقش تكون أم
صرخت هي عالياً بصوت مبحوح ومختنق بـ :
-لألألألألأ ..
اقترب مهاب منها ، ورمقها بنظراته المتوعدة ، وقال بقسوة أشــد وهو يشير بيده :
-ابني هاربيه بمعرفتي ، وإنتي هتتحاسبي عن إهمالك وخيانتك
ثم تركها وإنصـــرف دون أن يلتف إلى صراخها المتواصل بـ :
-ولادي ، لأ .. يا مهاب ... مهـــــــــــاب ....!! ◘◘◘◘
......................................
أفاقت تهاني من ذكرياتها وهي تتنهد بمرارة ، وتبكي بحرقة وهي تتابع بيأس بـ :
-خدوا كل حاجة مني في لحظة ، ولادي وفلوسي ، ورموني في الشــارع ، أنا مأهملتش فيهم ، أنا كنت بأحبهم كلهم ، وهما غصب عني راحوا مني .. راحوا مني ومعرفتش أرجعهم تاني ..آآآه .. يا حرقة قلبي على ولادي التلاتة ، يا فرحة عمري اللي ضاعت
أمسكت الطبيبة رجـــاء بكف يدها ، وضغطت عليه بحنو ، وقالت بصوت هاديء :
-اهدي يا تهاني .. كل حاجة هتتغير للأحسن
هزت هي رأسها بالنفي ، ونظرت لها بحزن دفين ، وقالت بنبرة مليئة بالإحباط :
-ماظنش ، مافيش حاجة بعد الضنا تسوى
ابتسمت لها رجـــاء ابتسامة رقيقة ، وأكملت بهدوء بـ :
-شششش ..كفاية كده النهاردة ، ونكمل وقت تاني
ثم ســـاعدت تهاني على النهوض من على الأريكة المريحة ، وأوصلتها إلى خــــارج غرفتها ..
.................................
في مشفى عائلة الجندي ،،،،
تماثلت تقى للشفاء تماماً ، وتمكنت من السير بمفردها والدخول للمرحاض دون أي مساعدة من غيرها ...
قررت هي أن تستغل الفرصة وتهرب من المشفى ، فأوس لم يعد يزورها لفترات طويلة مثل الماضي ، واليوم لم يأتْ لزيارتها ، فعقدت العزم على ترك المشفى ، والإختفاء للأبد في مكان لا يستطيع أن يصل إليها ..
حــــاولت هي أن تجد أي ملابس تناسبها لتستبدل ثياب المشفى ، ولكن كانت الخزانة خاوية ...
لطمت تقى على وجهها في صدمة ، ثم حدثت نفسها بـ :
-طب أعمل ايه أنا ؟ ده مافيش أي هدوم ليا !
أغلقت باب الخزانة ، وحدقت أمامها بنظرات حادة ، وقالت بجدية :
-مش مشكلة الهدوم دلوقتي ، أهم حاجة إني أهرب من هنا قبل ما يجي الحيوان ده
ســارت تقى بخطوات متمهلة نحو باب غرفتها ، ومدت يدها لتمسك بالمقبض ، وأدارته ، ولكنها تفاجئت بالباب موصداً ، فتملكها الفزع ، وإنقبض قلبها ، وإزدادت ضرباته ..
حركته مجدداً بطريقة أعنف لعلها تتمكن من فتحه ، ولكنها عجزت عن فتحه ..
فإضطرت أن تطرق عليه بشدة وهي تصيح عالياً بـ :
-ياللي برا ( طق – طق – طق ) ، أنا محبوسة هنا ولا إيه ( طق – طق –طق ) ، افتحولي الباب
وضعت أذنها على الباب لتستمع إلى صوت من بالخـــارج ، وأنصتت بتركيز شديد للهمهمات الخارجية ، ولكنها لم تستطع أن تتبين ما يُقال ، ثم زفرت في ضيق ، وطرقت بقبضتها على الباب وهي تصرخ بـ :
-افتحوا الباب ده ، هو أنا في السجن ، عاوزة أخرج من هنا ..!!
استمعت هي إلى صوت وقع أقدام شخص ما يقترب من غرفتها ، ثم صوت مفتاح يدار في المكان المخصص له ، فتراجعت خطوة للخلف ، وأمعنت النظر في الباب ...
فتحت ممرضة ما باب الغرفة ، فإندفعت تقى نحوها ووجهها ذو تعابير حـــادة ، وعنفتها بـ :
-بتقفلي عليا الباب ليه ؟ ها ؟؟
أمسكتها الممرضة ، وحاولت إرجاعها للداخل وهي تجيبها بهدوء بـ :
-لو سمحتي يا آنسة تقى ، ارجعي لسريرك تاني ، أنا معنديش أوامر إنك تغادري الأوضة
لوحت تقى بيدها لأكثر من مرة ، ودفعتها مجدداً بكل ما أوتيت من قوة ، وبنبرة مليئة بالإصرار تابعت بـ :
-بس ، سبيني ، أنا هامشي من هنا ، وحالاً
إستخدمت الممرضة قوتها الجسمانية ، وتمكنت من الإمساك بذراع تقى ، وجذبتها للداخل وهي تعقب بهدوء بـ :
-مش هاينفع صدقيني
-يوووه ، إبعدي بقى ، أنا هامشي يعني هامشي
ثم إستمعت كلتاهما إلى ذاك الصوت الرجولي الصــــارم المألوف لهما وهو ينطق بـ :
-وماله يا تقى ، إنت هاتمشي فعلاً ، بس معايا .............................!!
الفصل الأربعون :
في دار الرعاية الخاصة بالمسنين ،،،،
تلقت تهاني رعاية مكثفة خلال الفترة الماضية من أجل تحسين حالتها الصحية والنفسية ..
في البداية رفضت التجاوب مع العلاج ، أو حتى الإندمـــاج مع نزلاء الدار ، ولكن بالمثابرة وإصرار طبيبتها النفسية بدأت تستجيب تدريجياً ..
طرقت المشرفة على باب غرفة الطبيبة النفسية ( رجاء ) ، فسمحت لها بالدخول ، وإبتسمت لتهاني إبتسامة عذبة ، ثم أشارت لها بيدها لكي تجلس ، وقالت بصوت رقيق :
-اتفضلي ارتاحي هنا يا تهاني
بادلتها تهاني إبتسامة عادية ، وجلست على المقعد الجلدي الطويل – ذي اللون الأسود ، وضمت يديها معاً ، وأسندتهما على صدرها ، وأمالت رأسها نحو الطبيبة لتنظر لها ..
لم يخلوْ وجه الطبيبة من تلك الإبتسامة الرقيقة ، ولا من نظراتها الدافئة ، ثم تسائلت بصوت مألوف :
-ها ، جاهزة يا تهاني عشان نبدأ ؟
-أهـــا
-تمام .. عاوزاكي تسترخي خالص ، وتحكي زي ما إتعودنا عن اللي مضايقك وتاعبك ، وأنا هبدأ كالعادة بمين اللي خد منك عيالك ؟ وليه عمل كده
ابتلعت تهاني غصة مريرة في حلقها ، وأغمضت عينيها ، وحاولت أن تستسلم لذكرياتها الآليمة ..
أخـــذت هي نفساً مطولاً ، وزفرته بتثاقل ، ثم بصوت حزين أجابتها بـ :
-مهاب
...................................................
◘◘◘◘ وقفت تهاني مذهولة في مكانها غير مصدقة ما سمعته أذنها للتو .. جحظت بعينيها في صدمة ، وقالت بصوت مشدوه :
-مهـــــاب ...!
ترنح هو أمامه ، وألقى بثقل جسده على الأريكة ، ونظر لها من طرف عينه ، ثم تابع ببرود بـ :
-سبيني بقى أنـــام
ظلت تعابير وجهها مشدودة ، وقالت بتهور :
-إنت واعي للي عملته الوقتي ؟ إنت طلقتني للمرة التالتة !!!
أولها ظهره وهو ممدد على الأريكة ، وأغمض عينيه ، وقال بنبرة غير مهتمة :
-عادي
دارت تهاني حــــول الأريكة ، ووضعت يدها على ذراعه ، وهزته بعنف ، وهي تصرخ فيه بـ :
-لأ مش عادي ، انت ... انت ضيعتني !!
زفــــر هو بصوت عالي ، ثم إعتدل في جلسته ، ونظر لها شزراً ، وأردف بنبرة منزعجة بـ :
-يوووه ، كل يوم الأسطوانة المشروخة بتاعتك دي
أجابته هي بصوت مختنق بعد أن خانتها عبراتها وإنهمرت على وجنتها بـ :
-أيوه عشانها الحقيقة ، أنا استحملت معاك كل حاجة زبالة عشان خاطر إبني ، ودوقت معاك المرار كله وإنت ولا همك لا كرامتي ولا نفسي ولا أي حاجة .. دايماً بتخوني ، وأنا بأسكت ، بتعمل حاجات قذرة ، وأنا بأستحمل عشان الحياة تمشي ، وفي الأخر تكون دي جزاتي !!
تنهد هو في إنهاك ، وتابع بضيق بـ :
-انتي عارفة إني لما بأتعصب بأقول كلام مش قاصده
إختنقت الكلمات في صدرها أكثر ، وتابعت بيأس بـ :
-ده مش هزار ، ده طلاق يا مهاب
زفر مجدداً في عدم إكتراث ، ثم قـــال بنفاذ صبر :
-قولتلك مكونتش أقصد
لم تجد تهاني أي مفر من الكارثة التي حلت عليها فجــأة ، فنهرته هي بحدة بـ :
-دي كانت الطلقة التالتة
ضيق عينيه قليلاً ، وتسائل بهدوء مستفز :
-بجد ؟
-ايوه ، إنت مش حاسس باللي عملته
نهض عن الأريكة ، وســـار في اتجاه المرحاض ، وتابع بجدية بـ :
-خلاص أنا هاتصرف
تسائلت هي في فضول أشد بـ :
-إزاي ؟
أجابه مهاب بإيجاز وهو يلج للمرحاض بـ :
-ملكيش فيه
لحقت هي به ، ووقفت على مدخل المرحاض ، وقال بإصرار :
-لأ لازم أعرف
أمسك هو بباب المرحاض ، ونظر لها بقسوة ، ثم قال بسخط :
-تهاني حلي عن نافوخي وأنا هاتصرف وهأردك
حدجته بنظرات مهينة ، ثم قالت بإحباط :
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مهاب
صفق هو الباب في وجهها بقوة ، فبصقت عليه ، وحدثت نفسها بـنبرة ذليلة بـ :
-أنا اللي جبت ده كله لنفسي ...!!
..............................
نهض مهاب فجــــأة من على المقعد المقابل لمكتب مهاب ، وصاح بذهول تام :
-أتجوزها ؟ دي مراتك يا مهاب !!
مط هو فمه قليلاً ، وقال بهدوء :
-ماهو أنا طلقتها للمرة التالتة
انزعج ممدوح كثيراً ، ورد عليه بإندفاع بـ :
-وعاوزني أنا بقى أعمل ايه ، أكون لامؤاخذة آآآ..
قاطعه مهاب بصوت جاد بـ :
-لأ مش كده
-أومــال هاتسميها ايه ؟
-يا سيدي ده لمدة كام يوم بس عشان أعرف أردها لعصمتي
نظر ممدوح له بإزدراء ، قبل أن يجيبه بحدة بـ :
-لأ معلش ، أنا مش كده
-هادفعلك اللي انت عاوزه
انفرج فمه للأسفل في إستغراب ، وتسائل بـ :
-هاه ، نعم !
-أيوه ، شوف إنت عاوز كام وأنا هادفعه ، وبعدين إنت أولى من الغريب
ثم أخـــــرج مهاب دفتراً لتحرير الشيكات من درج مكتبه ، ودون به رقماً ما ، ثم نزعه منه ، ومد يده به نحو ممدوح الذي أخذه على الفور ، ونظر له بأعين زائغة ، وسأله ساخراً :
-أنا عاوز أعرف دمك ده معمول من ايه ؟!!
-متخدش في بالك
اعتلى ثغره ابتسامة متهكمة وعلق بعدم إكتراث بـ :
-على رأيك ، هو بيفرق معاك أصلاً
أرجع مهاب ظهره للخلف ، وأضاف ببرود :
-بالظبط .. بص إن كان عليا أنا مش عاوزها ، بس عشان تاخد بالها من أوس وتربيه عدل
-وماله .. وإنت عاوزني أتجوزها أد ايه ؟
-كام يوم كده ، وبعد ما تطلقها هاديك مبلغ تاني
-ماشي ، اتفقنا ..!!!!
............................
وبالفعل أقنع مهاب طليقته تهاني بالزواج من ممدوح كي يحل تلك المعضلة ، ولكن ما لم يضعه ممدوح في الحسبان هو أن يخل مهاب بإتفاقه معه حيث رفض إعطائه أي مبالغ مالية أخــرى نظير خدماته ، بالإضافة لتخطيطه للزواج من ناريمان ...
-يعني إيه ؟ مش كان في بينا اتفاق
قالها ممدوح والشرر يتطاير من عينيه ..
لم يهتم به مهاب ، بل قال له ببرود مستفز :
-أه .. وأنا رجعت في كلامي
إزداد إنفعال ممدوح ، وصاح فيه بـ :
-يعني انت ترجع في كلامك ، وأنا ألبس في تهاني
-ما هو أنا مش هاينفع أردها تاني ، على الأقل الفترة دي لحد ما أضمن إني أتجوز ناريمان
تفاجيء ممدوح بمخطط مهاب ، فإزداد حنقه ، وسأله بسخط :
-وإشمعنا انت تاخد كل حاجة ؟!
أمسك مهاب بسيجارته ، وأشعلها ، ثم زفر دخانها في الهواء ، ونظر له بأعين فارغة ، وقال بنبرة جادة :
-ممدوح .. بقولك إيه ، إنت مش بتعملي حاجة ببلاش ، كله بتمنه يا صاحبي
-بس الاتفاق إتفاق ..!
-والأمور جدت معايا ، فكبر بقى
أدرك ممدوح أن الحوار لن يجدي نفعه مع مهاب ، فرمقه بنظرات متوعدة ، وقال له بقسوة :
-براحتك ، بس افتكر اللي حصل الوقتي كويس ...!!
........................
ارتسمت إبتسامة الرضا الممزوجة بالسعادة على محيا تهاني حينما أخبرها ممدوح بما دار ، فإحتضنت زوجها بذراعيها ، وتعلقت بعنقه ، وقالت بصوت ناعم :
-أنا مش مصدقة إننا هانفضل مع بعض
كانت ردود فعل ممدوح غير مقروءة بالمرة بالنسبة لها ، وتابع بدبلوماسية بـ :
-أيوه .. عشان تعرفي أنا حاربت عشانك أد ايه
نظرت هي في عينيه بنظرات عاشقة ، ثم أردفت برقة بـ :
-ربنا يخليك ليا ، إنت الحاجة الحلوة اللي ربنا عوضني بيها عن عذاب السنين اللي فاتت
ابتسم هو لها إبتسامة زائفة ، وقال بإيجاز :
-كويس
-أنا كمان عندي ليك خبر حلو
ضيق عينيه قليلاً ، وسألها بفضول بـ :
-خبر ايه ده ؟
أمسكت هي بيده ، ووضعتها على بطنها ، وقالت بتلهف :
-أنا حامل
اتسعت مقلتيه في عدم تصديق ، وقال بنزق :
-إييييه .. حامل ؟!!!!!
هزت هي رأسها في سعادة ، وأضافت بحماس واضح :
-أيوه .. البريود إتأخرت عليا بقالها فترة ، وأنا كنت شاكة ، وحللت وإتأكدت لما طلعت النتيجة positive ( إيجابية )
-طب مبروك
قالها ممدوح بفتور ظاهر ، فشعرت تهاني بشيء غريب في ردة فعله ، فسألته بتوجس بـ :
-إنت مش مبسوط ؟
وضع هو راحتي يده على وجنتيها ، ومسح عليهما بنعومة ، ثم قال بهدوء :
-لأ يا حبيبتي مبسوط
لم تقتنع هي بما قاله ، فسألته بحذر بـ :
-أومــال مش باين عليك ليه ؟
تنحنح هو بصوت خشن ، وأضاف بحماس زائف :
-لأ عادي .. أنا بس متاخد ، إنتي عارفة أنا أول مرة اكون فيها أب
أسندت وجنتها على كف يده الأيسر ، وحركت رأسها قليلاً لتحتك به ، وقالت بنعومة :
-هاتكون أحسن أب في الدنيا إن شاء الله
-إن شاء الله ، أنا بس محتاج أدبر أوموري عشان أمور الولادة ومصاريف آآآ...
قاطعته هي بجدية وهي تنظر له بـ :
-متحملش هم أي حاجة ، أنا هاديك تحويشة عمري كله تعمل بيهم اللي إنت عاوزه
-يا حبيبتي الموضوع مش كده
-يا قلبي أنا وإنت واحد ، وفلوسي تحت أمرك
مط ممدوح فمه للجانب ، وبضيق زائف أردف بـ :
-ممممم.. نبقى نتكلم في الموضوع ده بعدين
-أوكي
قالتها تهاني بصوتها الناعم ، ثم إرتمت في إحضـــان زوجها ، وأغمضت عينيها لتنعم بوجودها معه ...
راقبهما الصغير أوس –ذو الوجه العابس - من على بعد ونظر إلى كلاهما بنظرات محتقنة ، وصـــر على أسنانه في غضب ، وركض مسرعاً في اتجاه غرفته ...
................................
علمت تهاني بنشوب حريق هائل في غرفة مكتبها ، فركضت كالمجنونة نحوها ، وصرخت بأعلى صوتها بـ :
-ولادي جوا المكتب ، إلحقوهم ، ولادي .. آآآآآه
كان يقف أمـــام غرفتها حشداً من الأطباء والممرضين والعاملين بالمشفى ، فحالوا دون وصولها للداخـــل ..
حاولت هي أن تدفعهم وتمر عبرهم لتصل إلى الباب ، ولكن أبعدوها للخلف ، فنظرت لهم بأعين مغرورقة بالعبرات ، وتوسلت ببكاء مرير بـ :
-بناتي جوا الأوضة وأوس معاهم ، سيبوني بس أجيبهم
اقترب منها أحد الأطباء ، وأحنى رأسه للأسفل ، وقال بصوت حزين :
-للأسف كل حاجة جوا ولعت
صرخت وهي تجهش بالبكاء بطريقة هيسترية عالياً بـ :
-لألألألأ .. ولادي
اندفع ممدوح هو الأخـــر بين جموع المتواجدين ليصل إلى الغرفة ، وصاح بصوت مرتفع للغاية بـ :
-بناتي .. ليان ، بيسان !!!
لمحت تهاني مهاب وهو يقترب منها ، فإستغاثت به بصوت راجي بـ :
-إلحق يا مهاب ، أوس ابننا جوا الأوضة ، خليهم يسبوني أجيبه
حدجها هو بنظرات قاسية ، ثم قال بشراسة :
-إنتي مالكيش إبن ، اعتبريه مات
-إنت بتقول إيه !!!
تابع هو بنبرة أشد قسوة بـ :
-الأم اللي تهمل في تربية ابنها ماتستحقش تكون أم
صرخت هي عالياً بصوت مبحوح ومختنق بـ :
-لألألألألأ ..
اقترب مهاب منها ، ورمقها بنظراته المتوعدة ، وقال بقسوة أشــد وهو يشير بيده :
-ابني هاربيه بمعرفتي ، وإنتي هتتحاسبي عن إهمالك وخيانتك
ثم تركها وإنصـــرف دون أن يلتف إلى صراخها المتواصل بـ :
-ولادي ، لأ .. يا مهاب ... مهـــــــــــاب ....!! ◘◘◘◘
......................................
أفاقت تهاني من ذكرياتها وهي تتنهد بمرارة ، وتبكي بحرقة وهي تتابع بيأس بـ :
-خدوا كل حاجة مني في لحظة ، ولادي وفلوسي ، ورموني في الشــارع ، أنا مأهملتش فيهم ، أنا كنت بأحبهم كلهم ، وهما غصب عني راحوا مني .. راحوا مني ومعرفتش أرجعهم تاني ..آآآه .. يا حرقة قلبي على ولادي التلاتة ، يا فرحة عمري اللي ضاعت
أمسكت الطبيبة رجـــاء بكف يدها ، وضغطت عليه بحنو ، وقالت بصوت هاديء :
-اهدي يا تهاني .. كل حاجة هتتغير للأحسن
هزت هي رأسها بالنفي ، ونظرت لها بحزن دفين ، وقالت بنبرة مليئة بالإحباط :
-ماظنش ، مافيش حاجة بعد الضنا تسوى
ابتسمت لها رجـــاء ابتسامة رقيقة ، وأكملت بهدوء بـ :
-شششش ..كفاية كده النهاردة ، ونكمل وقت تاني
ثم ســـاعدت تهاني على النهوض من على الأريكة المريحة ، وأوصلتها إلى خــــارج غرفتها ..
.................................
في مشفى عائلة الجندي ،،،،
تماثلت تقى للشفاء تماماً ، وتمكنت من السير بمفردها والدخول للمرحاض دون أي مساعدة من غيرها ...
قررت هي أن تستغل الفرصة وتهرب من المشفى ، فأوس لم يعد يزورها لفترات طويلة مثل الماضي ، واليوم لم يأتْ لزيارتها ، فعقدت العزم على ترك المشفى ، والإختفاء للأبد في مكان لا يستطيع أن يصل إليها ..
حــــاولت هي أن تجد أي ملابس تناسبها لتستبدل ثياب المشفى ، ولكن كانت الخزانة خاوية ...
لطمت تقى على وجهها في صدمة ، ثم حدثت نفسها بـ :
-طب أعمل ايه أنا ؟ ده مافيش أي هدوم ليا !
أغلقت باب الخزانة ، وحدقت أمامها بنظرات حادة ، وقالت بجدية :
-مش مشكلة الهدوم دلوقتي ، أهم حاجة إني أهرب من هنا قبل ما يجي الحيوان ده
ســارت تقى بخطوات متمهلة نحو باب غرفتها ، ومدت يدها لتمسك بالمقبض ، وأدارته ، ولكنها تفاجئت بالباب موصداً ، فتملكها الفزع ، وإنقبض قلبها ، وإزدادت ضرباته ..
حركته مجدداً بطريقة أعنف لعلها تتمكن من فتحه ، ولكنها عجزت عن فتحه ..
فإضطرت أن تطرق عليه بشدة وهي تصيح عالياً بـ :
-ياللي برا ( طق – طق – طق ) ، أنا محبوسة هنا ولا إيه ( طق – طق –طق ) ، افتحولي الباب
وضعت أذنها على الباب لتستمع إلى صوت من بالخـــارج ، وأنصتت بتركيز شديد للهمهمات الخارجية ، ولكنها لم تستطع أن تتبين ما يُقال ، ثم زفرت في ضيق ، وطرقت بقبضتها على الباب وهي تصرخ بـ :
-افتحوا الباب ده ، هو أنا في السجن ، عاوزة أخرج من هنا ..!!
استمعت هي إلى صوت وقع أقدام شخص ما يقترب من غرفتها ، ثم صوت مفتاح يدار في المكان المخصص له ، فتراجعت خطوة للخلف ، وأمعنت النظر في الباب ...
فتحت ممرضة ما باب الغرفة ، فإندفعت تقى نحوها ووجهها ذو تعابير حـــادة ، وعنفتها بـ :
-بتقفلي عليا الباب ليه ؟ ها ؟؟
أمسكتها الممرضة ، وحاولت إرجاعها للداخل وهي تجيبها بهدوء بـ :
-لو سمحتي يا آنسة تقى ، ارجعي لسريرك تاني ، أنا معنديش أوامر إنك تغادري الأوضة
لوحت تقى بيدها لأكثر من مرة ، ودفعتها مجدداً بكل ما أوتيت من قوة ، وبنبرة مليئة بالإصرار تابعت بـ :
-بس ، سبيني ، أنا هامشي من هنا ، وحالاً
إستخدمت الممرضة قوتها الجسمانية ، وتمكنت من الإمساك بذراع تقى ، وجذبتها للداخل وهي تعقب بهدوء بـ :
-مش هاينفع صدقيني
-يوووه ، إبعدي بقى ، أنا هامشي يعني هامشي
ثم إستمعت كلتاهما إلى ذاك الصوت الرجولي الصــــارم المألوف لهما وهو ينطق بـ :
-وماله يا تقى ، إنت هاتمشي فعلاً ، بس معايا .............................!!