رواية عشقت امرأة خطرة الفصل الاربعون 40 بقلم ياسمينا احمد
الأربعين
فى السياره
تحرك زيد وصبا نحو وجهة مجهولة قررها زيد بمفرده.
لم تتفوه بحرف طوال الطريق على غير عادتها وزع نظره بين الطريق وبينها كانت رائعه الحسن دائما تختار من ملابسها ما يناسب كل ظرف ومكان لكن الأسود يليق جدا بها الآن كلما وقعت عينه عليها إذداد فتنه بها.
هتف ممازحا ليخرجها من صمتها:
- إيه ساكته يعنى على غير عادتك خايفه اخطفك ولا زهقتى من طوال السكه ؟
كان رأسها يحاول إستيعاب ما حدث لكليهما كيف لنذير مشؤم يتقاسماه معا أدركت أن أحيانا يكون الجهل نعمه
كانت مجبره على التعامل بحكمه حتى لايشك بحالتها المدهوشه وتحاول استدرجاه بحنكه حتى يتحد معها وتخرج من القصر بأقل خسائر.
ردت مشاكسه:
- ايوا خايفه بصراحه ،مفأجأه وبقالنا كتير سايبين القصر ولابس بدلة وحاطط برفان يجنن ومن امبارح كلام حلو يارب ما يكون اللى فى بالي
ابتسم لتفاعلها وتسائل:
-واى اللى فى بالك بقي ؟
اجابت وهي تمنحه نظره جانبيه محذره واطراف اصابعها على عنقها مشيره بتحذير بالنحر:
-تكون بنتيمنى وبتخون دا لو مستغنى عن رقبتك
اتسعت ابتسامته وهو يرد عليها :
-بقيتى خطر يا صبا
التفت بنصف جسدها لتتوليه كامل انتباهها وهى تستند على ذراعها بأريحيه قائله:
- انت شايف إني فعلا خطر يا زيد ولا هما اللى محسسنى كدا
تعجب من تحولها للجديه رغم بساطه المداعبه لكنه تفهم انها دائما فى وضع المُلامه فكان لازما عليه التفاهم معها ومحاولة اقصاء تشكيكها فى ذاتها قائلا بحرفيه:
- هما لازم يحسوا كدا انتى عملتى حاجات كتير مستحيلة ،قبل ما تيجى القصر انا كنت رافض الجواز نهائي ولما حضرتك شرفتي غيرتى نظرتى للعالم وقلبى اللى كان مقفول ورأسي الناشفه بقت فى ايدك عجينه دا طبعا قدمهم ،اما بالنسبة لسؤالك انا شايفك خطر ولا لاء
- فبصراحه اه انتى أخطر حد قابلتوا لدرجه انك لو طلبتى عمري مش هتردد أديهولك ودا ما حصلش لحد قبلك .
حديثه جعل فمها يبتسم رغما عنها ومن يقاوم عذب حديثه واعينه التى تلمع بالصدق ونبرته التى تمتلئ حب وعشق خالص ،هتفت برضاء:
- ربنا يخليك ليا يا عمري ،انت هتخلينى افرح من اللى بيقلوه
قفز الى ذهنها قول مما يضايقها فرمته بعصبية:
-إلا ساحرالك دى بتضايقنى بشكل
مد طرف يده ليمسك طرف ذقنها وابتسامته تضاد استيئها
وهو يقول:
-ما انتى فعلا سحرتني انا اصلا بحبك بروحي وقلبى وعقلي وجوارحي اصلا مين يشوف الجمال دا كلوا وما يتسحرشي .
امسكت بيده التى تتحسس وجنتها ومالت برأسها لضمها بحب وإطمئنان قبلت باطن يده بهدوء وسحبت انفاسها
براحه والإبتسامة لا تفارق ثغرها هتفت بحب:
-أنا معذوره لو إتجننت من كلامك دا
اجاب وهو أيضا يبادلها السعاده والحب:
-انا اللى معذور لو اتجننت من جمالك دا
نظر الى طريقه ثم عاد ببصره لها وهو يزيد من سرعة السيارة وهو يقول:
-عايز اطير وما اضيعش لحظه فى اليلة دي
ارتعبت من زيادة السرعة وهتفت ناهيه:
-لا براحه احنا كدا هنطير من الدنيا على مهلك وبعدين انت لى بتكلم عن اليلة دى كأنها آخر ليله
اجابها وهو يتنهد بتعب:
-انا هسافر كام يوم الايام الجايه دى
انتفضت من مكانها وسألته بفزع:
-إيه مسافر فين؟!
اجاب بأليه :
-جدوا عايزني اروح اقضى كام حاجه فى المزرعة واطمن على الاحصنه واشوف انتاج العجول الجديده وليلة كبيرة اوى سعادتك.
تشبثت بيده وهتفت بإصرار:
-أروح معاك ما تسبنيش معاهم
قضب حاجبيه وحرك رأسه مستنكراً فالمزرعه أكثر مكان لن يكون لائقا بها وآخر مكان تتمنى أن تذهب له لذالك رد :
- تروحى فين هو إنتى فاكرة إنها المزرعه السعيده
ظلت مصره وهى تهتز بقدمها متمسكه برأيها :
- ماليش دعوه ان شاء الله تكون جهنم انا رايحه معاك
ضحك من غباء رغبتها وتحدث بسخرية تامه:
- يا بنتى دا جدوا لما يحب يعاقب حد بيبعته المزرعه
لم تهتم بأي شيء سوى ان تكون معه تجاهلت سخريته وما يخيفها منه وقالت:
- هروح معاك مش هسيبك
نظر باتجاهها وهتف مدققا النظر فى تعبيرها ليري أيهما سيؤثر عليها أكثر ويفزعها :
- مافيش هناك نور غير نور ربنا
أؤمأت بثبات وردت:
- طالما هبقي معاك مش هخاف من الضلمه
أعجب بثقتها لكنه قرر الاسترسال حتى لا تتذمر ويخدعها مضيفا :
- ناموس كتير هيمص دمك و هيشوه جمالك
ابتسمت نصف ابتسامه وهى تقول دون اكتراث:
-الناموس مقدور عليه أحسن من الناس اللى عايشين وسطيهم دول بياكلوا البشر
ابتسم هو الآخر واضاف:
- مافيش هناك نومه كويسه البيت م الحصير
كانت مستعدة لأكثر من ذلك المهم أن لا تفارقه ابدا ولا تعيش لحظه بدونه فى قصر الواصل ،اجابت برمانسيه
كى تقنعه أنها إكتفت به عن كل شئ:
- هبقي مبسوطه وانا نايمه على صدرك وسامعه دقات قلبك احسن ما ابات على ريش نعام من غيرك.
أثبتت انها لن تتنازل عن مصاحبته فى هذه الرحله مهما فعل بل وجرته لعشقها أكثر حتى بات من المستحيل النجاه فهتف يتعمق وشرود:
- قلبى هيبقى بيتك ورموشي هتبقى غطاكى طول حياتي يا نور حياتي.
توقفت السيارة امام احد الاماكن قبل ان تسعها الفرحه مما يقول فهذه الليلة وهذا الطريق الطويل أخرج الكثير من المشاعر وجعل القمر يغير من عشقهم
سألته وهى تنظر لتلك البوابه الكبيرة المضيئه والتى توحى بالفخامه والأناقة:
-اي دا يا زيد؟
اجاب وهو يطفئ سيارته مستعدا للنزول :
- دى المفاجأة أنا عازمك الليله فى أحلى مكان ممكن يخطر على بالك وهعيشك يوم عمرك ابدا ما هتنسيه
دخلت الى المكان بأقدام متعجله متلهفه لرؤية ما يخبئه لها زيد والحقيقة أنها إنبهرت بروعة المكان وكل التجهيزات التى إجتهد فى إبرازها تلك البالونات الملونه التى تلتصق بالسقف منقوش عليها كل حروف إسمها وقلوب صغيره منتشره بلونها الأحمر عينها اتسعت لتقرء الجُمل التى نقشت مع كل حرف
ص: صاحبتي وحبيبتى وبنتي
ب:بعشقك كلمه قليله علي اللى ما بينا
ا: ابعد عنك مش ممكن
ز: زهرة قلبي
ي: يا عمري إفضلي اضحكي بعشق ضحكتك
د: دانتي الغالية على قلبي وانتى وحدك اللى ملكتيه
ال: اللي باقي من عمري كلوا ملكك
و: وانتي هتبقي فى قلبي لآخر دقه فيه
ا: انا بحبك وهفضل احبك
ص: صابنى رمشك ودوايا النظره فى عيونك
ل: لآخر عمري مش هبعد عنك
كانت تدور مع كل كلمه برأسها وتشعر أنها تحلق بين السحاب نسيت كل شئ والتفت حول نفسها ولكن أجمل ختمه لكل ما قراته أحضانه اصتدمت به حتى دون قصد وكأنها وصلت لبر الأمان ضمته بقوة و هتفت بسعاده:
-بحبك يا زيزوا
مسح على رأسها بفرح لفرحتها ما كتبه ،وما نفذه لتلك الليلة هذا لا شئ يذكر فالقادم سيزيدها فرح وسرور
ولذالك شعر أنه على المسار الصحيح وستعجب بالتالي
قال ممزاحا:
- اتقلي كدا احنا لسه فى الاول
ابتعد عنه ونظرت فى وجهه وردت بدهشه:
-فى اي تاني ؟
اشار لها بيده وقال:
-اتقلي انا بشوية بلالين سمعت أحلى كلمه بحبك وأخدت حضن عنب لما تفجأي تانى يمكن تتهوري أكتر من كدا
أحرجها فدفعته فى كتفه قائلة بحرج:
- احترم نفسك
لم يرد لكن نظرات عينه المشاكسه قالت كل شئ مد ذراعه
امامه ليسمح لها بالمرور نحو صدر القاعه تحركت ولاحظت كم من الورود على كلا الجانبين بأشكال والوان مختلفه ومبهجه الاضواء كانت هادئة لكن هناك اضواء طويلة تتحرك بعشؤائيه لكن حراكتها كانت تنبأ بأنها تسير نحو هدف صوت موسيقى هادئه زاد الأجواء رومانسيه
يده الممسكه بيدها واحرف كلماتها الرقيقه تعزف الحانا توقفت الإضاءة على احد الطاولات المكان بالكامل كان فارغ لهم لكن اضافات كثيره غير واضحة المعالم أو بالاحري هو يريها ما يريد أن يريها إياه
الطاولة كانت محمله بأشهى انواع الطعام وكل ما لذ وطاب وبعض الاطباق مغطاه سحب لها الكرسي فجلست والتف ليجلس بمقابلها .
نظرت حولها وسألته :
- لي المكان ماليان ورد ؟
رمي نظرة جانبيه للزهور وأجاب :
-ليها ذكري عندى
سألته وهى تعقد يدها أمامها بفضول:
-إي الذكري ؟
مد يده ليخطف يدها ويحاطها برفق بين كفيه الدافئتان قائلا وعينه تفيض بالحب:
- انتي سبب كل ذكري ،انا شوفتك من قبل فى وسط الورد وكنتى انتى أجمل من كل الورد اليوم دا تحديدا كان سبب اول إني أوافق على جوزنا
ابتسمت بسعاده لحلو حديثه شرددت وهى تنظر لجنون اختيارها وعندما نطقت وطلبته من جدها ضاربه بعرض الحائط كل القواعد وكأن القدر ما أجراه على لسانها وقتها كان زيد أكثر شخص تطمئن إليه الآن زيد هو كل عالمها وأجمل أقدارها .
سحب يده ليضعها فى جيبه وقدم إليها علبه صغيره ذات لون أحمر مميز نظرت تجاها ثم نظرت له مستفهمه لكنه لم يجيب وأشار بعنقه إشارة خفيفه كي تكتشف بنفسها ما بداخلها التقطتها وفتحتها لتري قلاده ذهبيه ذات حبل قصير مجدول ومعلق به جوهره عادت تبتسم بفرح من رقتها وهتفت :
- زيد دا كتير أوى عليا
نهض من جلسته ليمسك بالقلاده من يدها ويلتف خلفها مال بجذعه وهو يضعها نصب عينها مجيبا :
-انا لو أجبلك الدنيا كلها مش هيكفى غرامى بيكى
وقبل ان تستوعب حجم كلماته اردف وهو يحاوط بالسلسال عنقها هاتفا وهو يميل على كتفها :
- اختارتها جوهره عشان ربنا اداني جوهره
لا تعرف بما ترد على جميل كلماته ولا بما ستوزاي هذا العشق هتفت متعلثمه كالطفلة التى لا تعرف الكلام:
- ا..انت ..احلي حاجه ربنا إدهالى
التفت لتنظر اليه وياليتها مافعلت عيناه السوداء كاليل كانت اليوم فى أجمل حالتها صافيه كالسماء لامعه وكأنها مزينه بالنجوم تحدثت وقلبها ينبض بسرعه جنونيه:
- انا مش عارفه اعمل ايه او اقول إيه بجد انت حيرتنى
انت بتعمل كل دا لي ؟
هو ايضا كان هايم فى تفاصيلها الدقيقة وعينها العسليه
الساحره يريد أن يخطفها فى قلبه ويغلق عليها للابد اجاب وهو يمسك يدها من جديد واضعا قبلة على ظهر يدها بحنان:
- عشان الحب اللى انتى ادتهولى وقوفك جانبى وانا بطولي وعشان فعلا حاسس انى ظلمتك وقبل كل دا انا بــحــبـك
ابتعد عنها ليعود الى مجلسه لكنه بعثر كل مشاعرها وتسألت أهو زيد الذي قسي عليها مده طويله اهو الذي اقسم أن لا يريها يوما هانئ والآن يغرق قلبها عشقا نفضت رأسها بخفه كى تتأكد أن ما تعيشه واقع وليس بحلم .
بدأ يناولها الطعام وابتسامته تفتح لها باب الحياة وكل ما قالوا جعلها تتحمس لتقول كل ما عرفته وتفتح الباب على بقاع الظلام التى تعرفها ويعرفها هو لكن يجهل معرفتها.
تناولت الطعام بهدوء وهو أيضا الحديث لم ينقطع لكن نظرات عينه كانت تشملها بفيض من الحب وابتسامة ثغره
تحكي رضاء تام عن وجودهم معا فى هذا الجو الشاعري
حتى بدأت صبا تحول كافة الموازين وتهتف برقه :
-زيد ممكن أكلمك فى موضوع مهم
توقف عن الطعام وأبدي إهتمام كبير وهو يحفزها بابتسامته:
-طبعا
عضت طرف شفاها وحاولت أن تحكي دون أن تقلب مزاجه او تخرب شيئا من ليلتها الجميله لكنها فرصة لا تعوض خاصتا انهم مبتعدين عن القصر الأمر كان أشبه بالمشي فى حقل ألغام فلا تدري أي لغم سينفجر،مع صمتها المطول قضب حاجبيه فسألها متعجبا :
- إيه الموضوع كبير اوي كدا
ابتسمت بلطف وأسرعت بالقول حتى لا تتراجع وأقصر طريق لكل شئ هي الصراحه ودون لف أو دوران حول الحقيقة هتفت وعينها فى عينه :
- أنا عرفت إن بثينه اللى عملت العمل اللى موت مريم
تحولت ملامحه للغضب ولكنه جاهد السيطره على الأمر
أسند رأسه سريعا الى يده حتى يهدأ ولا يريها وجهه الغاضب سألها بنبرة تمتلئ ضيق:
-عرفتى منين؟
هدئت من نفسها حتى لا تتأثر بردة فعله ثم شغلت نفسها بالطعام قائلة وهى تقطم قطعه اللحم بتلذذ:
-امم الاكل هنا لذيذ
ازح يده ليطالعها لقد كانت بارعه بجعله يشك أنها قالت مثل هذا الشئ لكن ابتسامتها اللاعوب ونظراتها عينيها الامعه بذكاء تأكد من أنها لن تخبره بمصادرها الخاصه
تركت ما بيدها وهتفت بجديه:
-زيد انا مش عايزه اقلب فى اللى فات انا عايزه اعيش الجاي معاك فى سلام وبس
سحب انفاسه ووقال متنهدا:
-ودا اللى بحاول أعملوا
شددت نبرتها وهى تخبره:
-حياتنا مش هتعدل غير لو استقلينا طول ما احنا جوا القصر الملعون دا هنموت بالبطئ انا عايزه بيت لعيلتى أنا وانت
امتعض وجهه وسألها بجديه:
-عرفتى منين يا صبا
ابتسمت له وأجابت :
-لا مش هقولك إلا لما تدينى وعد إني هخرج من البيت دا
نقر على سطح الطاولة ليهدأ من نفسه بالنهاية هى علمت
فلا داعي لإفساد اليلة بالشده سيأتي وقت وسيعرف كل شئ دون أدني جهد ،عاد لرواقه وهتف :
-لو تطلبى نجمه هجبهالك،بس الموضوع مش بإيدي لوحدي جدو كمان ليه رأيه وانا ما أقدرش أزعلوا أو أعمل أى حاجة ضد رغبته لكن وعد منى هحاول
وضعت الشوكه فى قطعه لحم اخري ثم ردت بثقه:
-خلاص سيبوا عليا
اتسعت ابتسامته وهو يطالع شقاوتها وخفة روحها ،ما ان نظرت له حتي رفع احد حاجبيه وقال:
- هسيبهولك يا خطيره.
"فى القصر "
جلس "حكيم" امام "فايز " فى مقابلة امام المكتب طال صمته وهو ينظر الى ملفات امامه وظن أنه يتعمد تجاهله
حاول "حكيم " ان يشجع نفسه للحديث معه فتحدث بتردد:
-حاج . ...انا جاى اكلمك فى موضوع
ظل فايز يحدق فى أوراقه يلوذ بالصمت يدقق فى ما بيده
وكأنه لم يسمعه إسترسل محاولا إقناعه:
- يا حاج..بثينه من يوم ما كانت عندك تعبانه وما بتقومش من السرير
اخيرا أبدي ردة فعل تثبت أنه يسمعه، توقف عن ما يكتب بالقلم ثوان ثم عاد ليخط ويستكمل مما يفعل .
استمر "حكيم" فى الحديث ليحسه على الصفح عنها ويرقق قلبه لها:
- بثينه بتحبك وماهي قد العقاب دا ، طيب انا عارف انها غلطانه وغلطانه غلط كبير بس دى بنتك يا حاج معقول تهون عليك و......
انتبه له ورفع وجهه ليرمي له نظره حاده منعته من إستكمال حديثه.
عاد لينظر إلى ما بيده وكأن شيئاً لم يكن ،امتعض وجه حكيم من عدم حصوله على نتيجه .
هتف بعد مده قصيره بيأس:
- طيب كنا عايزين نخطب لعامر
ترك القلم اخيرا وبدى مهتما بما يقول،سأل باهتمام:
- مبارك ،مين العروسه؟
اعتدل وحدق فى عينه لكي يعرف إن كان سيعجب باقتراحه أم لا،اجاب بقلق:
- نهي بنت شاكر
ضم حاجبيه مستنكرا مما دعي "حكيم" ليوضح أكثر:
- البنت اتظلمت وما حدش بقى بيدق بابهم وبثينه بتحبها والله يرحمها غاليه كانت بنت حلال فقولنا دى مننا وعلينا
اطاح بيده بهدوء كعلامه للقبول وقال:
- على بركة الله
ابتسم براحه لقبولة فتحدث برويه:
-طيب امتي يناسبك نروح نطلبها ؟
زفر بتعب ثم رد :
- اى يوم يا جميل نبقى نشوف بعدين.
نهض من مكانه مستعدا للمغادرة فنهض ايضا "حكيم"الذى خاب رجاه فى العفوعن زوجته صافحه وقال :
- تصبح على خير يا حاج
اسرع فايز بمصافحته وكان متعجل لمغادرته :
-وانت من اهل الخير
رحل "حكيم"يداه خاليتين لم يناقشه حتى بالامر ولم يسمح له بالتدخل .
خرج فايز بعده ثم وقف على الدرج وناد بصوت عال:
-يا ونيسه
لم تغب وهرولت سريعا للاسفل لتلبى النداء هاتفه :
- ايوا يا حاج
كان وجهه مكفر وتعابيره غامضه ،انتظر حتى وقفت امامه
وهتف أمرا دون أن ينظر بإتجاهها:
- ابقى خدى سلفتك وروحى زورى بثينه وشفيها مالها جوزها بيقول تعبانه.
أجابت بقلق:
-الف سلامه عليها مالها يا حاج؟!
رد محتدا :
- اسمعى الكلام من سكات
ارادت معرفة سبب غضبه عليها فتشجعت لتسأله بفضول :
- هو انت زعلان منها لي يا حاج ؟!
نظر لها بحده ليمنعها من التطفل والتمادى بأسئله لا تفيدها إجابتها ،لم تكن صغيره لتفهم أنه يرفض إجابتها ففالت بإنصياع :
- طيب يا حاج مش هسأل
تجاوزها وخطى للاعلي فاوقفته بسؤال آخر يلح عليها:
- هو زيد فين؟ انت بعتوا فى مشوار ولا ايه ؟
اجاب بإقتضاب:
-الصبح رايح المزرعه.
انتابها رعب من ان يكون سيعاقبه فتحدثت بهلع وهى تضع يدها على صدرها :
-خير يارب هو فى حاجه جديده حصلت وانا ما اعرفش.
اكتفي فايز من جم أسئلتها وصاح بها بنفاذ صبر :
- عنده شغل ..بطلى أسئلة كتير
صعد وتركها تقف تحدق فى ظهره بذعر ما بال حالة تغير
وماذا عن إبنها المختفي وزوجته التى اصتحبها معه أين اختفي معها اليلة.
'زيد وصبا "
انتهي العشاء وهب واقفا ليقول وهو يمد يده لها تعلقت بيده وهى تسأل بتعجب:
-إيه هنمشي على طول كدا
اجابها مبتسما :
- قولتلك لسه فى مفاجآت كتيره
نهضت معه والفرحه تغمرها فما قد يكون هناك ايضا بعدما كتب لها بعدد احرف إسمها كلمات من الحب.
وقفت بوجهه فالتقط يدها الاخري هتفت :
- كدا كتير اوي عليا
رفع يده الممسكه بيدها ووضعها بالقرب من فمه ليقبلهما معا بالتبادل بحنو ولطف ثم تحدث بحنان:
- لو جبتلك نجمه من السماء مش هوفيكى حقك يا صبا
انهارده انتى كل طلباتك مجابه وكل اللى تمنيه هيتحقق
تعمقت بالنظر فى عينه وهى تسمتع بعذب حديثه مجيبه برضاء:
-انا مش عايزه حاجه من الدنيا غير اننا نبقي سواء
أومئ بالقبول وهذا هو ما سيحققه وسيعي لتحقيقه
قال :
- عايزك ترتاحى وما تشاليش هم حاجه ، انتى اهم حاجه فى حياتى وانا هحميكى بكل ما املك .
تحرك بها فسألته :
-هنروح فين؟!
اجاب بإقتضاب وهو يكمل السير باتجاه احد الأبواب :
- هنطلع اوضتنا
ضمت حاجبيها بتعجب ونظرت له والدهشة تملئها:
- اي احنا هنبات هنا
اجاب وابتسامته تتسع لتملاء صدرها بالورود:
- ايوا انا حجزت لنا جناح مخصوص عشان مافيش حاجه تعكر مزجنا
لا تعرف مقياس السعاده التى انتباتها بعد علمها بأنها غابت عن القصر لليله واحده والفرحه التى تغمرها بهذه الليلة التى سرقتها من الزمن لتعيش فى ذاكرتها للابد .
وصلت للغرفه وصوت ضحكاتها الخافته لا تستطيع السيطرة عليه فتح الباب ليسمح لها بالدخول
وما إن وطأت قدمها الغرفه حتي لاحظت كم الورود والشموع فى طرف الغرفه وذلك القلب الكبير من الورود الموضوع على الفراش وبداية حروف إسمه واسمها تقدمت بخطوات بسيطة فسقط على رأسها وابل من البالونات الملونه على شكل قلب علت ضحكاتها بسعاده فنادت بإسمه بفرح وهى تحرك بيدها جم القلوب :
-زيد
كان فى انتظار ندائها حاوط خصرها بين يده واقترب منها ليقول :
-عيون زيد أؤمري
رفعت يدها لتحاوط بدورها عنقه :
- عايزه أقولك كلمه بحبك مش كفايه على الحب اللى فى قلبى
اقترب بوجه ليمسح بطرف انفه انفها مداعبا اياها بفرح:
-مش قدي يا شمسي
ابتعدت قليلا لتسأله بفضول:
-إشمعنا شمسي؟!
أجابها وهو يحدق لها بهيام:
- عشان انتي اللى نورتي أيامي وسنيني بعد ما كانت عتمه وعشان إنتى الحب اللى مكانوا هيبقى ثابت لحد ما الشمس تطلع من المغرب .
ابتعدت عنه قليلا واشارت له فى مزاح:
-بقولك إي انا حامل وكتر الكلام الحلو دا غلط عليا
اعمل اي بعد الكلام الحلو دا يعنى
انفرج فاه بابتسامه واسعه يعشق تحولاتها هذه ويعرف مما تخشي اشار بعينه الى الفراش
فاستدارت بقلق لتقول له بحده:
-زيد احترم نفسك
ضحك حتى ارتفع صوت ضحكاته ثم هتف :
- تفكيرك قذر على فكره شوفتى السرير بس ما شوفتيش العلبه اللى عليه
التفت لتري بالفعل تلك العلبة الصغيره فسألته وهى تمسك بها بإستهانه:
-طيب لي مش كل حاجه مرة واحده
اقترب منها وحاوطها من جديد ليضع ذقنه على كتفها وقال بأنفاس قريبه من وجنتها:
-عشان كل حاجه ليها وقتها
هربت من التشويش الذي يفعله بها قربه منها وفتحت العلبه لعلها تنسي أنه علقت فى عشقه ولن تخرج أبدا .
هذه المره الهدية كانت مختلفه فقد كانت مزدوجه إسوره
احدهما تبدوا رجالى والاخري من الذهب الخالص على شكل كواكب المجموعة الشمسية و طرفها سلسال ذات قطعه مستديره والاخري من خامة الجلد فى نهايتها شمس رغم غرابتها إلا أنها كانت رائعه الجمال لم يسبق أن رأت شئ بهذه الروعه ولم تحصل بحياتها على دلال كهذا
وضعتها نصب عينيها وتأملتها بصمت وكأنها تحاول فهمها او فك الشفره التى تحملها هذه القطعه الفنية.
فهم هو ذلك وسألها وهو ينظر معها :
-إيه ما عجبتكيش ؟
اجابته بسرعه دون أن تخفض عينها عنها:
-لاء...هى جميلة بس مش مفهومه
تخلت يده عن خصرها ورفع يده ليلتقطها وبدأ فى إلبسها إياها وهو يقول:
- دى إسوره فيها كل المجموعة الشمسية
وضعها حول معصمها وقد تدلى منها سالسل قصير فى نهايته كره صغيره
ثم إرتدي الاخري الخاص به والتى نهايتها مجسم معلق على شكل الشمس وأردف:
- ودى الشمس
قربها من يدها لتلتقط الشمس الكرة الذهبية الصغيرة التى بنهاية سوارها ،شهقت بدهشه غير متوقعه هذا الفن ليقول ويده ملتصقه بيدها عن طريق السوار:
- كل الكواكب حولين إيدك بس إنتى الشمس والشمس معايا عشان تفضلى حاطه فى بالك إنك شمسي والطرف اللى بيلقط بينهم دا عشان كل ما تحطى ايدك فى ايدى تتربطى بيا اكتر والبعد عني يبقى مستحيل حتى فى احلامك.
اجفلت بهدوء فماعاد لديها قول لكل هذه المشاعر امسكت بيده وكان هو الاسرع فى ضمها إليه هتفت وكل ذره بها تعشقه :
-بحبك يا زيد قولى أعمل ايه عشان اقولك إني بحبك
ضمها إليه بقوة وسحب انفاسه التى باتت ممتلئه برائحتها
ففد وصل به الحال أنه يرفض إبعادها أصبحت هى هوسه وإدمانه ولا يخشي شئ سوى إفتقادها
هتف بكلمات مغزوله برقه وعشق من اعماق قلبه:
-خدى عينى خد ى قلبى وروحى خدى عمري و كفايه اشوفك قدامى.
،،،،،،،،،،،،،،،،يتبع