رواية عشقتها فغلبت قسوتي جاسر وروجيدا الفصل الثامن وثلاثون38 بقلم اسراء علي
سَأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..
عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي في تغيير حجارة هذا العالمْ وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ شجرةً بعد شَجَرَة وكوكباً بعد كوكبْ وقصيدةً بعد قصيدَة
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً، على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري، ومراكبي الورقيَّهْ..
واستعادةِ الزّمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ.. حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..
فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ، بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصّيفْ...
نزار قباني...
أعلنت قرص الجوناء رحيلها السريع...فحل الليل بغيومه البسيطه لتغطي جزء صغير من القمر الذي أكتمل بدراً..كان مشهد في غاية الرومانسية
وقفت ذات العينان الفيروزيتان تتأمل هذا المشهد الأسر للأنظار..الخاطف للأنفاس..
والرياح الخفيفة تداعب ثوبها الفيروزي الطويل...ذا القماش الحريري مطعم باللون الذهبي..وأكمامه مطرزة بفصوص ذهبية تداخل معها اللون الفيروزي...كان بسيط ولكنه غاية في الأناقة...أما عن شعرها في دائما ما تتركه حر ثائر ليتطاير بخفة حول وجهها الوردي..الخالي من مستحضرات التجميل الصناعية والمملوء بالمستحضرات التجميل الطبيعية
دلف جاسر إلى الغرفة ليجد حوريته بهذا المشهد الذي جعل قلبه ينتفض من بين أضلعه..إلى متى ستظل هكذا..سلبت لبه وعقله..سلبت أنفاسه..حواسه دائماً ماتتوقف عن العمل في حضرة وجودها..تحرك بخفه وعلى وجهه إبتسامة حالمة..متيمة..عاشقة..إحضتنها من الخلف ودفن رأسه في خصلات شعرها...وظل يشتم رائحتها المسكرة كالمنتشي...
أما هى فقد أراحت رأسها على صدره..لم تتفاجئ كعادتها..فقد شعرت به حولها..أشتمت عبقه قبل أنفاسه..له جاذبية تجبر حتى الجماد على الإنحناء له..تلك الجاذبية التي دائماً ما تشعر بها في ظل حضرته..ليست جاذبية نيوتن..
أقترب جاسر من أذنها وقال بهمس أسر
جاسر:هتفضلي تحلوي كدا لحد أمتى
أبتسمت ذات العيون الفيروزية وقالت:أنت اللي عينك حلوة
أدارها لتكون في مواجهته وظلت يده محاطه لخصرها وقال بعبوس أطفال
جاسر:أنا فكرت الحمل هيخليكي وحشه..بس أتاريكي بتحلوي..يعني أعمل فيكي إيه
ضحكت بغنج وقالت:وهو عيب إني أبقى حلوة
جاسر:أه..عيب وغلط..ومن المحظور كمان..الحلاوة دي تبقى بتاعي لوحدي..ليا لوحدي محدش يشاركني ولو بنظرة
أحاطت عنقه وقالت:وأنا مقدرش أكون لحد غيرك..أنت نفسي..
أقترب جاسر بوجهه منها كثيراً..لتتسرب تلك الحمرة المغرية لوجنتها..أقترب بشدة حتى صار شهيقه يستمده من زفيرها..ليقول بنبرة عاشقة
جاسر:ومحدش بيكره نفسه خاصاً لما تكوني أنتي يا روجيدا..مش عارف أقولك بحبك..أنا أصلاً تخطيت مرحلة الحب والعشق من زمان..مش عارف أوصف مشاعري ناحيتك..أنتي بتجري فـ دمي..مش حُبك بس
منتشية هى من مشاعره التي أفصح عنها بطريقة أذابت جليدها..الجليد الذي تراكم بفعل ماضي لطالما كرهته..ولكنه أقتحم حياتها دون سابق إنذار..ليذوب ذلك الجليد بالتدريج..ليذوب كاملاً اليوم أمام مشاعره...
أقتربت هى برأسها أكثر وكأنها تقطع المسافات الذي يحاول بشتى الطرق عدم تخطيها لتقول بهمس أنثى عاشقة
روجيدا:يارتني عرفتك من زمان ومكنش مر الماضي القاسي دا عليا وآآآ...
وضع إصبعيه على شفتيها وقال
جاسر:هشششش..كل دا بـ إيد ربنا..الماضي مش هنقدر نمحيه بس نقدر نتخطاه..
روجيدا:بحبك..
وكأن صوتها جعله بعالم أخر..أقترب بشفتيه لينهل من عسلها..قُبلة رقيقة..قُبلة عاشق..قُبلة عبرت عن مشاعر حبيسة..قُبلة لم ترتجف هى على إثرها..قُبلة كسرت حواجز ظلا كثيراً..ينتظراها..
ظل يقُبلها..لمدة ليست بقليلة..ظل يقُبلها حتى إرتوى..أحقاً إرتوى؟!..لم يرتوي وإنما أحيته..جعلته كمن يطير هائماً..
إبتعد جاسر بـ أنفاس متهدجة..ولاهثة إثر القُبلة..سلط أنظاره عليها..يا الله لما تلك الحمرة المغرية ألا تعلم أنه يفقد عقله إثرها..أرفقي بي عزيزتي..وأخيراً فُكت عقدة لسانه وقال بصوت أجش
جاسر:روجيدا
روجيدا بشرود:امممم
نظر جاسر لوجهها ثم قال بمرح:ما تسيبك من السهرة دي ونريح هنا
فتحت روجيدا عيناها بسرعة وقالت بذعر:إيه؟..لأ..لأ..خـ.. خلينا ننزل
ضحك جاسر بشده بل تحول لقهقه وقال
جاسر:خلاص..خلاص ننزل..
أبتسمت روجيدا وقالت:طيب...ثم تابعت بصوت خفيض:قليل الأدب..
وصل لمسامعه سبتها الخفيفة..فظهرت إبتسامة مشاكسة..أمسك يدها وقال بنبرة سعيدة تحمل الفخر
جاسر:يلا يا مدام الصياد
روجيدا بـ إبتسامة:من عنيا
تحركا كلاهما ناحية باب الغرفة..ثم تحركا ناحية غرفة الطعام..ليجدو الجميع قد حضر..تحرك جاسر ناحيه طاولة الطعام وأجلس زوجته بجانبه..ثم تسائل
جاسر:أومال فين سامح ونادين
فاطمة:قاعدين مع بعض بره
جاسر بصوت عالي نسبياً:يا كريمة
أتت المدعوة كريمة ثم قالت وهى تخفض رأسها إحتراماً لرب عملها
كريمة:أوامرك يا جاسر بيه
جاسر بصوت أمر:روحي نادي لسامح من الجنينة
كريمه:حاضر
تحركت كريمة لتنفيذ أوامر جاسر
خارج القصر بالحديقة الملحقة به
كان سامح يجلس وبجانبه زوجته..كان ممسك بيدها بشدة..ثم تحدث
سامح:حبيبتي
نادين وهى ترفع أنظارها ناحيته:نعم
قربها سامح ناحيته وأحتضنها بشده كأنه يريد أن يُدخلها بين أضلعه..بينما هى أراحت رأسها علىاصدره قُرب قلبه..حرك يده ليضعها أسفل ذقنها ليرفعه ثم تشدق قائلاً
سامح:مالك يا نادين
نادين:مفيش
سامح بنظرات ذات مغزى:نادين
هطلت الدموع من عينيها وقالت:خايفة
ضمها سامح بقوة أكبر وقال بثقة
سامح:متخافيش طول منا جمبك
نادين بصوت خافض:بلاش تبعد عني..كنت هموت لو جرالك حاجة
سامح بسرعة:بعد الشر عليكي..وأديني يا ستي كويس وزى القرد قدامك
ضحكت بخفوت وقالت:أحلى قرد
سامح بنبرة مرحة:الله..ما أحنا بنعرف ندلع أهو..ما تجيبي بوسة بقى
شهقت نادين وأنتفضت من مجلسها وقالت
نادين:أنت أتجننت..أهلك جوة يقولوا علينا إيه
نهض سامح وتوجه ناحيتها وقال بمزاح
سامح:يقولوا إيه؟؟ إنتي مراتي هو أنا شاقطك
نادين بحدة خفيفة:حسن ألفاظك..ويلا ندخل زمانهم مستنينا
تحركت خطوتين لتجده يجذبها من رسغها..لتصطدم بصدره الصلب..أحاط هو خصرها وقال بمشاكسة
سامح:طب ما تعلميني الأدب
تضرجت وجنتيها بحمرة خفيفة وقالت بتوتر:سـ..سامح..آآآ..مينفعش كدا ممكن حد يجي
سامح وهو يتطلع لعينيها بقوة:ما يجي..
نادين بشرود:ممكن حد يشوفنا
سامح:ما يشوفنا
نادين:سامح..
وكانت تلك أخر عباراتها حيث ألتقط شفتيها في قُبلة رقيقة..عميقة..ذابا معها وأبتعدا عن العالم للحظات ساحرة قطعتها المدعوة كريمة وهى تتنحنح بحرج عقب ذلك المشهد
كريمة:أحم..سامح بيه
أنتفض كلاهما على صوتها..حاولت نادين الإبتعاد ولكن يد سامح كانت مطبقة على خصرها فلم يدعها تهرب..بل قربها أكثر وكأنه يوصل لها أنها زوجته ويحق له فعل ما يشاء..وفي أي مكان...نظر لكريمة وقال بصوت عادي
سامح:نعم
كريمة:جاسر بيه منتظرك أنت والهانم جوة
سامح بجدية:روحي وأنا جي وراكي
أماءت برأسها ثم أنصرفت...بينما تحدثت نادين بعصبية خجولة
نادين:عجبك كدا
سامح ببرود:أه..ويلا جاسر مستنينا
وقبل أن تتحدث أمسك يدها وشابك أصابعهما ثم سحبها خلفه لداخل القصر حتى وصلا لغرفة الطعام
ما أن دخلا ولمحت روجيدا تضرج وجنتي نادين حتى علمت ما حدث بالخارج فـ إبتسمت بخفة وهى تتذكر جاسر..يبدو أن الأخوين يشتركان في تلك المداعبات الجريئة..
جلس كلاهما..فقال سامح
سامح:أدى الكل موجود خير بقى
أبتسم جاسر إبتسامه واسعة..نهض عن مقعده وتحرك ناحية زوجته..أمسك كفها الصغير بين كفيه الكبيران..أنهضها ثم رفع يده ولثمها بنعومة..جعلت القشعريرة تدب في أوصالها وقال بنبرة سعيدة
جاسر:من غير مقدمات...هيبقى عندنا نونو
تفاجأ الجميع من الخبر الذي لم يكن له سابق إنذار..ولكن سارع الجميع في تقديم التهنئات والمباركات..التي لم تخلو من دموع فاطمة..وبعد مدة جلس الجميع لتناول العشاء في سعادة بالغة..حتى أتى صوت جرس الباب يُعلن عن زيارة ضيف..ذهبت كريمة لتفتح الباب..لتجد رجل غريب..قفالت بلهجة مستفسرة
كريمة:مين حضرتك
الرجل:قولي لجاسر بيه الضيف اللي كنت منتظره وصل
أماءت براسها وقالت:ثواني بعد إذنك
تحركت لتبلغ جاسر عن الضيف المنتظر..لنظر جاسر لعمته نظرات غربية لم تفهمها ثم قال بغموض
جاسر:طب دخليه
ذهبت كريمة لتنفيذ طلب جاسر..لتعود بعد دقائق بذلك الرجل الذي ما إن رأته عنيات وفاطمه حتى شهقا فزعاً..بينما لم يتعرف عليه الباقي..نهض جاسر عن موضعه وتحرك ناحية الرجل وقال لهجه ترحبية
جاسر:إتفضل يا أستاذ أمجد
أمجد:ياترى قطعت عليكم حاجة
جاسر:لا أبداً..بس عاوزك تباركلي..مراتي حامل
أمجد بـ إبتسامة مجاملة:ألف مبروك يا جاسر بيه
جاسر:الله يبارك فيك..أتفضل
جلس أمجد وهو ينظر لعنيات نظرات مطولة..بينما جاسر يوزع نظراته بينهما..مالت روجيدا على أذنه وقالت بهمس
روجيدا:مين دا
جاسر:هقولك لما نطلع
روجيدا وهى تمط شفتيها:ماشي
أنتهت جلسة الطعام..فطلب جاسر من عمته وأمجد موافته لغرفة مكتبه..دلف ثلاثتهم..كان الصمت سيد الموقف إلى أن قطعه جاسر وقال بجدية
جاسر:أكيد يا عمتي بتسألي أستاذ امجد بيعمل هنا إيه
لم ترد عنيات ولكن أكتفت بـ إيماءة صغيرة..بينما أكمل جاسر بجدية
جاسر:أنا عارف كل حاجة حصلت يا عمتي..أستاذ أمجد حكالي..و أنا عمري م حملتك ذنب موت بابا..الظروف كانت ضدنا كلنا..أنا إستنيت لما أخلص حسابي مع عيله الهواري عشان أعرف أتصرف في الموضوع دا
عنيات بجمود:مفيش حاجة نتكلم فيها يا جاسر
أمجد بدهشه:مفيش إزاى
عنيات:زي ما سمعت
جاسر:عمتي إسمعيني بس..أنا عمري ما كنت ظالم.زي ما قلت الظروف كانت ضدنا كلنا..أنا هسيبك تتكلمي مع أستاذ أمجد دلوقتي وبعدين ليا كلام معاكي
نهض جاسر ثم ترك كلاهما بمفردهم عسى أن يحلا مشاكلهم...تحرك ناحية زوجته التي تجلس بجانب والدته والذي بدا عليهما أنها يتحدثان عن الجنين..إبتسم جاسر ثم تحرك ناحيتهم..قبل رأس زوجته وقال لها بحب
جاسر:حبيبتي قاعدة لحد دلوقتي ليه
روجيدا بـ إبتسامة محبة:بتكلم مع ماما
فاطمة بسعادة:ياااه يا جاسر أخيراً هبقى جدة
جاسر بمزاح:يلا ياستي كبرتك أهو
فاطمة وهى تبتسم:هو في أعز من الحفيد
جاسر وهو يضم زوجته:لا يا أمي
نهضت فاطمة ثم قالت:يلا أنا هدخل أنام..أنا مش عارفة أمجد بيعمل إيه هنا..بس أكيد هتقولي كل حاجة
جاسر وهو يُقبل يدها:أكيد يا أمي..بس يلا خشي نامي عشان الوقت إتأخر
تحركت والدته بينما نهضت روجيدا وقالت
روجيدا:جاسر مين امجد دا
جاسر وهو يمسك يدها:ياااه دي حكاية طويلة
روجيدا بحماس:وأنا فاضية
نظر لها بنصف عين وقال:حاضر يا ستي
قص لها جاسر كل ماحدث بالماضي..بداية من زواج عمته إلى موت أبيه..كانت ملامحه تنقبض كلما ذكر ماحدث لأبيه..بينما روجيدا كانت تربت على يده وتهدأه..وبالفعل كانت لها لمسات سحرية..وكلمات مُهدئة..إرتخت عضلات وجهه وإرتاح هو لوجودها بحياته..ثم قال
جاسر:بس يا ستي خى دي كل القصة
مطت روجيدا شفتيها بـ إعجاب وقالت:ربنا يجمعهم ببعض..أنا هطلع أنام بقى
جاسر وهو يُقبل جبينها:يلا تحبي أطلعك
وضعت يدها على وجنته وقالت:لا..أنا هطلع لوحدي..
تركته ثم صعدت لغرفتها وأبدلت ملابسها..بينما في الأسفل إنتظر جاسر خروج أمجد الذي خرج بعد ساعة كاملة..توجه ناحية جاسر وعلامات الإحباط جالية على وجهه..فـ إستشف جاسر ماحدث ثم تشدق قائلاً
جاسر:متقلقش يا أستاذ أمجد كله هيتحل
أمجد وهو يربت على كتف جاسر:إن شاء الله..متشكر أوي يا جاسر بيه
جاسر:العفو ع إيه..دي غلطة جدي وأنا هصلحها
أمجد:إن شاء الله..أستأذن أنا بقى
جاسر:ماشي يا أمجد بيه
تحرك أمجد وجاسر ناحية الباب..ثم ودعه وصعد لغرفته..لم يمر لعمته لأنه يعلم أنها تحتاج وقت لتفكر..وألا تتشوش..فتح باب غرفته..ليجدها واقفة أمام الشرفة..مردتية ثوب من اللون الوردي..أكمامه منسدلة عن كتيفها ليُظرها بشرتها البيضاء..عند طرفه العلوى حبل رفيع معقود على هيئة أنشوطة يبدو أنه ما يجعل الثوب مستقر على جسدها قصير يصل لما قبل الركبة بقليل..خلع جاسر سترة حلته..ثم رابطة عنقه وأزرار القميص الأولى..فقد شعر بالحر فجأة إثر تلك الطلة..توجه ناحيتها وضمها بقوة وقال بهيام
جاسر:وحشتيني
روجيدا وهى تلتفت له:بسرعة كدا
جاسر وهو يشدد من إحتضانها:مش عاوز أقولك إنك بتوحشيني وإنتي معايا
ضحكت روجيدا وهمست أمام شفتيه:ممم..بجد
أماء بقوة وقال:بجد
إبتعد عنها فقد شعر أنه لولهه عاجزكل العجز عن التحكم بغرائزه وشيطانه الذي يحثه على التقرب أكثر وعبور الخطوط الحمراء..أخرجه من شروده أنفاسها الساخنة التي تلفح صفحة وجهه اليمنى ثم طبعت قُبلة صغيرة..ثم همست بغنج ودلال
روجيدا:بـ..حـ..بـ..كـ..
تعمدت روجيدا همسها بتلك الطريقة الغير بريئة..فقد حان وقت تخطي الماضي كما قال جاسر..هو قدم مشاعره لها بصراحة..فلم لا يأخذ حقه كزوج منها..تناست الليلة المشؤومة..وقررت البدء من جديد..صفحة جديدة ناصعة البياض خالية من ألآلآم الماضي..بداية عنوانها جاسر وروجيدا ونطفتهما
كانت حركة شفتيها وهى تنطق تلك الحروف مثيرة بدرجة مرعبة..كيف يقاوم..إنهارت حصونه..نزل بمستوى شفتيه لشفتيها يقبلهما بشغف رقيق..وهى ذائبة بين أحضانه..لا تعترض..لا ترتجف..فقط سعيدة..لم تعرف أنها ستكون بتلك النشوة بـ إقترابه منها
إنخفض بجزعه ليحملها إلى الفراش
وضعها برقة ويده تُملس على وجنتها برقة شديدة ثم قال بنبرة متهدجة
جاسر:وأنا بموت فيكِ
كانت أخر الحروف التى نطقها جاسر ليسرقا لحظات أو ربما ساعات..لتُرفرف أجنحتهم في سماء حبهما الصافية..نهل هو من نهر عسلها..وهى عاشت لحظات لم تحسب أنها ستعيشها..ذابت ب أحضان..قاسي..مُتجبر..ولكنه عاشق..وصدق مشاعره أجبرتها على الإستسلام..
حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..
عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي في تغيير حجارة هذا العالمْ وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ شجرةً بعد شَجَرَة وكوكباً بعد كوكبْ وقصيدةً بعد قصيدَة
سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..
وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة هي يدي أنا..
سأقولها، عندما أصبح قادراً، على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري، ومراكبي الورقيَّهْ..
واستعادةِ الزّمَن الأزرق معكِ على شواطئ بيروتْ.. حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..
فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ، بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصّيفْ...
نزار قباني...
أعلنت قرص الجوناء رحيلها السريع...فحل الليل بغيومه البسيطه لتغطي جزء صغير من القمر الذي أكتمل بدراً..كان مشهد في غاية الرومانسية
وقفت ذات العينان الفيروزيتان تتأمل هذا المشهد الأسر للأنظار..الخاطف للأنفاس..
والرياح الخفيفة تداعب ثوبها الفيروزي الطويل...ذا القماش الحريري مطعم باللون الذهبي..وأكمامه مطرزة بفصوص ذهبية تداخل معها اللون الفيروزي...كان بسيط ولكنه غاية في الأناقة...أما عن شعرها في دائما ما تتركه حر ثائر ليتطاير بخفة حول وجهها الوردي..الخالي من مستحضرات التجميل الصناعية والمملوء بالمستحضرات التجميل الطبيعية
دلف جاسر إلى الغرفة ليجد حوريته بهذا المشهد الذي جعل قلبه ينتفض من بين أضلعه..إلى متى ستظل هكذا..سلبت لبه وعقله..سلبت أنفاسه..حواسه دائماً ماتتوقف عن العمل في حضرة وجودها..تحرك بخفه وعلى وجهه إبتسامة حالمة..متيمة..عاشقة..إحضتنها من الخلف ودفن رأسه في خصلات شعرها...وظل يشتم رائحتها المسكرة كالمنتشي...
أما هى فقد أراحت رأسها على صدره..لم تتفاجئ كعادتها..فقد شعرت به حولها..أشتمت عبقه قبل أنفاسه..له جاذبية تجبر حتى الجماد على الإنحناء له..تلك الجاذبية التي دائماً ما تشعر بها في ظل حضرته..ليست جاذبية نيوتن..
أقترب جاسر من أذنها وقال بهمس أسر
جاسر:هتفضلي تحلوي كدا لحد أمتى
أبتسمت ذات العيون الفيروزية وقالت:أنت اللي عينك حلوة
أدارها لتكون في مواجهته وظلت يده محاطه لخصرها وقال بعبوس أطفال
جاسر:أنا فكرت الحمل هيخليكي وحشه..بس أتاريكي بتحلوي..يعني أعمل فيكي إيه
ضحكت بغنج وقالت:وهو عيب إني أبقى حلوة
جاسر:أه..عيب وغلط..ومن المحظور كمان..الحلاوة دي تبقى بتاعي لوحدي..ليا لوحدي محدش يشاركني ولو بنظرة
أحاطت عنقه وقالت:وأنا مقدرش أكون لحد غيرك..أنت نفسي..
أقترب جاسر بوجهه منها كثيراً..لتتسرب تلك الحمرة المغرية لوجنتها..أقترب بشدة حتى صار شهيقه يستمده من زفيرها..ليقول بنبرة عاشقة
جاسر:ومحدش بيكره نفسه خاصاً لما تكوني أنتي يا روجيدا..مش عارف أقولك بحبك..أنا أصلاً تخطيت مرحلة الحب والعشق من زمان..مش عارف أوصف مشاعري ناحيتك..أنتي بتجري فـ دمي..مش حُبك بس
منتشية هى من مشاعره التي أفصح عنها بطريقة أذابت جليدها..الجليد الذي تراكم بفعل ماضي لطالما كرهته..ولكنه أقتحم حياتها دون سابق إنذار..ليذوب ذلك الجليد بالتدريج..ليذوب كاملاً اليوم أمام مشاعره...
أقتربت هى برأسها أكثر وكأنها تقطع المسافات الذي يحاول بشتى الطرق عدم تخطيها لتقول بهمس أنثى عاشقة
روجيدا:يارتني عرفتك من زمان ومكنش مر الماضي القاسي دا عليا وآآآ...
وضع إصبعيه على شفتيها وقال
جاسر:هشششش..كل دا بـ إيد ربنا..الماضي مش هنقدر نمحيه بس نقدر نتخطاه..
روجيدا:بحبك..
وكأن صوتها جعله بعالم أخر..أقترب بشفتيه لينهل من عسلها..قُبلة رقيقة..قُبلة عاشق..قُبلة عبرت عن مشاعر حبيسة..قُبلة لم ترتجف هى على إثرها..قُبلة كسرت حواجز ظلا كثيراً..ينتظراها..
ظل يقُبلها..لمدة ليست بقليلة..ظل يقُبلها حتى إرتوى..أحقاً إرتوى؟!..لم يرتوي وإنما أحيته..جعلته كمن يطير هائماً..
إبتعد جاسر بـ أنفاس متهدجة..ولاهثة إثر القُبلة..سلط أنظاره عليها..يا الله لما تلك الحمرة المغرية ألا تعلم أنه يفقد عقله إثرها..أرفقي بي عزيزتي..وأخيراً فُكت عقدة لسانه وقال بصوت أجش
جاسر:روجيدا
روجيدا بشرود:امممم
نظر جاسر لوجهها ثم قال بمرح:ما تسيبك من السهرة دي ونريح هنا
فتحت روجيدا عيناها بسرعة وقالت بذعر:إيه؟..لأ..لأ..خـ.. خلينا ننزل
ضحك جاسر بشده بل تحول لقهقه وقال
جاسر:خلاص..خلاص ننزل..
أبتسمت روجيدا وقالت:طيب...ثم تابعت بصوت خفيض:قليل الأدب..
وصل لمسامعه سبتها الخفيفة..فظهرت إبتسامة مشاكسة..أمسك يدها وقال بنبرة سعيدة تحمل الفخر
جاسر:يلا يا مدام الصياد
روجيدا بـ إبتسامة:من عنيا
تحركا كلاهما ناحية باب الغرفة..ثم تحركا ناحية غرفة الطعام..ليجدو الجميع قد حضر..تحرك جاسر ناحيه طاولة الطعام وأجلس زوجته بجانبه..ثم تسائل
جاسر:أومال فين سامح ونادين
فاطمة:قاعدين مع بعض بره
جاسر بصوت عالي نسبياً:يا كريمة
أتت المدعوة كريمة ثم قالت وهى تخفض رأسها إحتراماً لرب عملها
كريمة:أوامرك يا جاسر بيه
جاسر بصوت أمر:روحي نادي لسامح من الجنينة
كريمه:حاضر
تحركت كريمة لتنفيذ أوامر جاسر
خارج القصر بالحديقة الملحقة به
كان سامح يجلس وبجانبه زوجته..كان ممسك بيدها بشدة..ثم تحدث
سامح:حبيبتي
نادين وهى ترفع أنظارها ناحيته:نعم
قربها سامح ناحيته وأحتضنها بشده كأنه يريد أن يُدخلها بين أضلعه..بينما هى أراحت رأسها علىاصدره قُرب قلبه..حرك يده ليضعها أسفل ذقنها ليرفعه ثم تشدق قائلاً
سامح:مالك يا نادين
نادين:مفيش
سامح بنظرات ذات مغزى:نادين
هطلت الدموع من عينيها وقالت:خايفة
ضمها سامح بقوة أكبر وقال بثقة
سامح:متخافيش طول منا جمبك
نادين بصوت خافض:بلاش تبعد عني..كنت هموت لو جرالك حاجة
سامح بسرعة:بعد الشر عليكي..وأديني يا ستي كويس وزى القرد قدامك
ضحكت بخفوت وقالت:أحلى قرد
سامح بنبرة مرحة:الله..ما أحنا بنعرف ندلع أهو..ما تجيبي بوسة بقى
شهقت نادين وأنتفضت من مجلسها وقالت
نادين:أنت أتجننت..أهلك جوة يقولوا علينا إيه
نهض سامح وتوجه ناحيتها وقال بمزاح
سامح:يقولوا إيه؟؟ إنتي مراتي هو أنا شاقطك
نادين بحدة خفيفة:حسن ألفاظك..ويلا ندخل زمانهم مستنينا
تحركت خطوتين لتجده يجذبها من رسغها..لتصطدم بصدره الصلب..أحاط هو خصرها وقال بمشاكسة
سامح:طب ما تعلميني الأدب
تضرجت وجنتيها بحمرة خفيفة وقالت بتوتر:سـ..سامح..آآآ..مينفعش كدا ممكن حد يجي
سامح وهو يتطلع لعينيها بقوة:ما يجي..
نادين بشرود:ممكن حد يشوفنا
سامح:ما يشوفنا
نادين:سامح..
وكانت تلك أخر عباراتها حيث ألتقط شفتيها في قُبلة رقيقة..عميقة..ذابا معها وأبتعدا عن العالم للحظات ساحرة قطعتها المدعوة كريمة وهى تتنحنح بحرج عقب ذلك المشهد
كريمة:أحم..سامح بيه
أنتفض كلاهما على صوتها..حاولت نادين الإبتعاد ولكن يد سامح كانت مطبقة على خصرها فلم يدعها تهرب..بل قربها أكثر وكأنه يوصل لها أنها زوجته ويحق له فعل ما يشاء..وفي أي مكان...نظر لكريمة وقال بصوت عادي
سامح:نعم
كريمة:جاسر بيه منتظرك أنت والهانم جوة
سامح بجدية:روحي وأنا جي وراكي
أماءت برأسها ثم أنصرفت...بينما تحدثت نادين بعصبية خجولة
نادين:عجبك كدا
سامح ببرود:أه..ويلا جاسر مستنينا
وقبل أن تتحدث أمسك يدها وشابك أصابعهما ثم سحبها خلفه لداخل القصر حتى وصلا لغرفة الطعام
ما أن دخلا ولمحت روجيدا تضرج وجنتي نادين حتى علمت ما حدث بالخارج فـ إبتسمت بخفة وهى تتذكر جاسر..يبدو أن الأخوين يشتركان في تلك المداعبات الجريئة..
جلس كلاهما..فقال سامح
سامح:أدى الكل موجود خير بقى
أبتسم جاسر إبتسامه واسعة..نهض عن مقعده وتحرك ناحية زوجته..أمسك كفها الصغير بين كفيه الكبيران..أنهضها ثم رفع يده ولثمها بنعومة..جعلت القشعريرة تدب في أوصالها وقال بنبرة سعيدة
جاسر:من غير مقدمات...هيبقى عندنا نونو
تفاجأ الجميع من الخبر الذي لم يكن له سابق إنذار..ولكن سارع الجميع في تقديم التهنئات والمباركات..التي لم تخلو من دموع فاطمة..وبعد مدة جلس الجميع لتناول العشاء في سعادة بالغة..حتى أتى صوت جرس الباب يُعلن عن زيارة ضيف..ذهبت كريمة لتفتح الباب..لتجد رجل غريب..قفالت بلهجة مستفسرة
كريمة:مين حضرتك
الرجل:قولي لجاسر بيه الضيف اللي كنت منتظره وصل
أماءت براسها وقالت:ثواني بعد إذنك
تحركت لتبلغ جاسر عن الضيف المنتظر..لنظر جاسر لعمته نظرات غربية لم تفهمها ثم قال بغموض
جاسر:طب دخليه
ذهبت كريمة لتنفيذ طلب جاسر..لتعود بعد دقائق بذلك الرجل الذي ما إن رأته عنيات وفاطمه حتى شهقا فزعاً..بينما لم يتعرف عليه الباقي..نهض جاسر عن موضعه وتحرك ناحية الرجل وقال لهجه ترحبية
جاسر:إتفضل يا أستاذ أمجد
أمجد:ياترى قطعت عليكم حاجة
جاسر:لا أبداً..بس عاوزك تباركلي..مراتي حامل
أمجد بـ إبتسامة مجاملة:ألف مبروك يا جاسر بيه
جاسر:الله يبارك فيك..أتفضل
جلس أمجد وهو ينظر لعنيات نظرات مطولة..بينما جاسر يوزع نظراته بينهما..مالت روجيدا على أذنه وقالت بهمس
روجيدا:مين دا
جاسر:هقولك لما نطلع
روجيدا وهى تمط شفتيها:ماشي
أنتهت جلسة الطعام..فطلب جاسر من عمته وأمجد موافته لغرفة مكتبه..دلف ثلاثتهم..كان الصمت سيد الموقف إلى أن قطعه جاسر وقال بجدية
جاسر:أكيد يا عمتي بتسألي أستاذ امجد بيعمل هنا إيه
لم ترد عنيات ولكن أكتفت بـ إيماءة صغيرة..بينما أكمل جاسر بجدية
جاسر:أنا عارف كل حاجة حصلت يا عمتي..أستاذ أمجد حكالي..و أنا عمري م حملتك ذنب موت بابا..الظروف كانت ضدنا كلنا..أنا إستنيت لما أخلص حسابي مع عيله الهواري عشان أعرف أتصرف في الموضوع دا
عنيات بجمود:مفيش حاجة نتكلم فيها يا جاسر
أمجد بدهشه:مفيش إزاى
عنيات:زي ما سمعت
جاسر:عمتي إسمعيني بس..أنا عمري ما كنت ظالم.زي ما قلت الظروف كانت ضدنا كلنا..أنا هسيبك تتكلمي مع أستاذ أمجد دلوقتي وبعدين ليا كلام معاكي
نهض جاسر ثم ترك كلاهما بمفردهم عسى أن يحلا مشاكلهم...تحرك ناحية زوجته التي تجلس بجانب والدته والذي بدا عليهما أنها يتحدثان عن الجنين..إبتسم جاسر ثم تحرك ناحيتهم..قبل رأس زوجته وقال لها بحب
جاسر:حبيبتي قاعدة لحد دلوقتي ليه
روجيدا بـ إبتسامة محبة:بتكلم مع ماما
فاطمة بسعادة:ياااه يا جاسر أخيراً هبقى جدة
جاسر بمزاح:يلا ياستي كبرتك أهو
فاطمة وهى تبتسم:هو في أعز من الحفيد
جاسر وهو يضم زوجته:لا يا أمي
نهضت فاطمة ثم قالت:يلا أنا هدخل أنام..أنا مش عارفة أمجد بيعمل إيه هنا..بس أكيد هتقولي كل حاجة
جاسر وهو يُقبل يدها:أكيد يا أمي..بس يلا خشي نامي عشان الوقت إتأخر
تحركت والدته بينما نهضت روجيدا وقالت
روجيدا:جاسر مين امجد دا
جاسر وهو يمسك يدها:ياااه دي حكاية طويلة
روجيدا بحماس:وأنا فاضية
نظر لها بنصف عين وقال:حاضر يا ستي
قص لها جاسر كل ماحدث بالماضي..بداية من زواج عمته إلى موت أبيه..كانت ملامحه تنقبض كلما ذكر ماحدث لأبيه..بينما روجيدا كانت تربت على يده وتهدأه..وبالفعل كانت لها لمسات سحرية..وكلمات مُهدئة..إرتخت عضلات وجهه وإرتاح هو لوجودها بحياته..ثم قال
جاسر:بس يا ستي خى دي كل القصة
مطت روجيدا شفتيها بـ إعجاب وقالت:ربنا يجمعهم ببعض..أنا هطلع أنام بقى
جاسر وهو يُقبل جبينها:يلا تحبي أطلعك
وضعت يدها على وجنته وقالت:لا..أنا هطلع لوحدي..
تركته ثم صعدت لغرفتها وأبدلت ملابسها..بينما في الأسفل إنتظر جاسر خروج أمجد الذي خرج بعد ساعة كاملة..توجه ناحية جاسر وعلامات الإحباط جالية على وجهه..فـ إستشف جاسر ماحدث ثم تشدق قائلاً
جاسر:متقلقش يا أستاذ أمجد كله هيتحل
أمجد وهو يربت على كتف جاسر:إن شاء الله..متشكر أوي يا جاسر بيه
جاسر:العفو ع إيه..دي غلطة جدي وأنا هصلحها
أمجد:إن شاء الله..أستأذن أنا بقى
جاسر:ماشي يا أمجد بيه
تحرك أمجد وجاسر ناحية الباب..ثم ودعه وصعد لغرفته..لم يمر لعمته لأنه يعلم أنها تحتاج وقت لتفكر..وألا تتشوش..فتح باب غرفته..ليجدها واقفة أمام الشرفة..مردتية ثوب من اللون الوردي..أكمامه منسدلة عن كتيفها ليُظرها بشرتها البيضاء..عند طرفه العلوى حبل رفيع معقود على هيئة أنشوطة يبدو أنه ما يجعل الثوب مستقر على جسدها قصير يصل لما قبل الركبة بقليل..خلع جاسر سترة حلته..ثم رابطة عنقه وأزرار القميص الأولى..فقد شعر بالحر فجأة إثر تلك الطلة..توجه ناحيتها وضمها بقوة وقال بهيام
جاسر:وحشتيني
روجيدا وهى تلتفت له:بسرعة كدا
جاسر وهو يشدد من إحتضانها:مش عاوز أقولك إنك بتوحشيني وإنتي معايا
ضحكت روجيدا وهمست أمام شفتيه:ممم..بجد
أماء بقوة وقال:بجد
إبتعد عنها فقد شعر أنه لولهه عاجزكل العجز عن التحكم بغرائزه وشيطانه الذي يحثه على التقرب أكثر وعبور الخطوط الحمراء..أخرجه من شروده أنفاسها الساخنة التي تلفح صفحة وجهه اليمنى ثم طبعت قُبلة صغيرة..ثم همست بغنج ودلال
روجيدا:بـ..حـ..بـ..كـ..
تعمدت روجيدا همسها بتلك الطريقة الغير بريئة..فقد حان وقت تخطي الماضي كما قال جاسر..هو قدم مشاعره لها بصراحة..فلم لا يأخذ حقه كزوج منها..تناست الليلة المشؤومة..وقررت البدء من جديد..صفحة جديدة ناصعة البياض خالية من ألآلآم الماضي..بداية عنوانها جاسر وروجيدا ونطفتهما
كانت حركة شفتيها وهى تنطق تلك الحروف مثيرة بدرجة مرعبة..كيف يقاوم..إنهارت حصونه..نزل بمستوى شفتيه لشفتيها يقبلهما بشغف رقيق..وهى ذائبة بين أحضانه..لا تعترض..لا ترتجف..فقط سعيدة..لم تعرف أنها ستكون بتلك النشوة بـ إقترابه منها
إنخفض بجزعه ليحملها إلى الفراش
وضعها برقة ويده تُملس على وجنتها برقة شديدة ثم قال بنبرة متهدجة
جاسر:وأنا بموت فيكِ
كانت أخر الحروف التى نطقها جاسر ليسرقا لحظات أو ربما ساعات..لتُرفرف أجنحتهم في سماء حبهما الصافية..نهل هو من نهر عسلها..وهى عاشت لحظات لم تحسب أنها ستعيشها..ذابت ب أحضان..قاسي..مُتجبر..ولكنه عاشق..وصدق مشاعره أجبرتها على الإستسلام..