اخر الروايات

رواية ذئاب لا تعرف الحب الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم منال سالم


ذئاب لا تعرف الحب

الفصل الخامس والثلاثون :

في مشفى الجندي الخـــاص ،،،،

إستدار أوس بظهره للخلف ، وحدج والده بنظرات نارية ، في حين تحرك مهاب في إتجاهه إلى أن وقف قبالة إبنه ، ثم بصوته الآجش تابع بصرامة بـ :
-جايبلي واحدة من الشـــارع تتعالج عندي في المستشفى يا أوس ؟!

لــوى أوس فمه في إستهجان ، ثم رفع حاجبه وهو يجيبه ببرود بـ :
-ومين قالك إنها من الشارع !

نظر له مهاب بنظرات حــادة وهو يسأله بحنق بـ :
-أومــال هاتكون جايبها منين ؟
ثم لوح بيده بعصبية ، وبنبرة اكثر حدة تابع بـ :
-أنا عارف كويس المناظر القذرة دي جاية من فين ..!!!

ابتسم له أوس إبتسامة قاسية ، وعقد ساعديه أمـــام صدره ، ولم يعقب .. فإغتاظ مهاب أكثر ، وتسائل بنزق بـ :
-إنت سامعني ؟ بقولك البت دي بتعمل إيه هنا يا أوس ؟!!!

بنبرة مقتضبة ولكن ذات مغزى أجابه بـ :
-تخصني

جحظ مهاب بعينيه أكثر وهو يسأله بشراسة بـ :
-يعني ايه ؟

ببرود ونظرات واثقة أردف أوس بـ :
-يعني هي تبعي ..!

ضيق مهاب عينيه وهو يتسائل بـ :
-تبعك ؟
-أها .. عندك مانع
قالها أوس ببجاحة وهو ينظر في عيني والده دون أن يرمش للحظة

صـــر مهاب على أسنانه وهو ينطق بحنق يحمل التهكم بـ :
- أيوه عندي ، هو ده اللي ناقص يا أوس إنك تجيبلي بنت **** ، لأ وهنا في المستشفى ...!!!!

زم أوس شفتيه في عدم إكتراث ، وتسائل ببرود مستفز بـ :
-وإيه الغريب في كده ؟

وضــع هو قبضة يده على ذراعه ، وضغط عليه ، ثم تكلم بصوت حانق بـ :
-إنت مش في وعيك ، إنت مش عــارف بتعمل ايه .!

أبعد أوس يد والده عن ذراعه ، ثم نظر لها دون أن يطرف بعينيه ، وبثقة زائدة أردف بـ :
-لأ عارف كويس

ضيق مهاب عينيه الغاضبتين ، وحدج ابنه بقوة ثم أشــار بيده ، وبنبرة مميتة هدر بـ :
-الأشكال الوسخة اللي زيها مكانها برا ، مش مستشفى محترم زي ده

لوى أوس فمه في سخرية ، ثم أردف متهكماً بـ :
-ده على أساس إن المكان هنا طاهر اوي ، ما انا وإنت عارفين اللي فيها

اتسعت عيناه في ذهـــول ، ثم سأله بتوجس بـ :
-قصدك ايه ؟

حدج هو والده بنظرات أكثر قسوة ثم بكل فظاظة نطق بـ :
-انت فاهم كويس يا مهاب بيه أنا قصدي ايه

ابتلع مهاب ريقه بصعوبة ، ولكن إرتخى ثغره للأسفل ، ووجد صعوبة في الرد عليه بوضوح :
-هـــاه ..آآ ..

تابع أوس بثبات باقي حديثه بـ :
-ولا تكونش مفكرني نسيت الممرضات والخدامات بتوع زمان ، لأ كله محفور في دماغي ، ولا حاجة راحت في يوم عن بالي ، الماضي الوسخ ...!

نهره هو بصوت مرتفع بـ :
-أوس ..!!

-كنت مفكرني عيل عبيط مش فاهم بتعمل ايه في البيت مع المربيات ولا حتى الممرضات
قالها أوس بصوت قاتم وعينيه تنطقان بالشرر ..

هربت الدمـــاء من وجهه ، وبدى كما لو كان شبحاً أمامه ، وخرج صوته متقطعاً بـ :
-آآ.. إنت ..آآ

نظر أوس في عيني والده مباشرة وبحدة ، ولم يحيد عنهما وهو يسرد بصوت قاتم :
-أنا في الأول مكنتش فاهم حاجة بس عرفت بعد كده إنت بتعمل ايه ، فمتستغربش لما أكون بأعمل زيك ..

ثم صمت للحظة قبل أن يتابع بسخرية مريرة بـ :
-ده حتى المثل بيقول هذا الشبل من ذاك الأسد .. ولا إيه رأيك يا أســـد ..!

لم يجد مهاب الكلمات التي يستطيع بها الرد عليه ، وإشتعلت الدمـــاء في عروقه فصاح منفعلاً بـ :
-أنا فعلا معرفتش أربيك

ابتسم أوس بطريقة مستفزة قبل أن يرد عليه بوقاحة بـ :
-بالظبط ، إنت مربتنيش أصلا ، لأن أنا تربية ممدوح صاحبك وناريمان هانم مراتك

أخفض مهاب نبرة صوته في حزن زائف وهو يقول :
-مكونتش أتخيل إن في يوم إبني يطلع بالشكل ده آآ......

قاطعه أوس بتهكم صريح بـ :
-لأ بلاش تتعب نفسك وتتخيل ، لأن أنا نسخة منك ..

ثم صمت لثانية قبل أن ينطق وهو يضغط على كل كلمة بـ :
-بس على أسوأ ...!

وارتسم على وجهه ابتسامة ساخرة وهو يتعمد النطق بتهكم بـ :
-فمستغربش من تصرفاتي يا .. يا بابا

لم يجد مهاب أي جدوى من الحديث مع إبنه ، لذا استدار في مواجهته ، وحدجه بنظرات محتقنة ، ثم أشار له بإصبعه محذراً بـ :
-قسماً بالله يا أوس لو فكرت تجيب الزبالة دي على القصر لـ آآ...

ابتعد أوس عن والده وهو يتحدث ، ووقف إلى جوار فراش تقى ، ومــد إصبعيه ليتلمس جبينها ، ثم إلتفت برأسه نصف إلتفاتة ، وبصوت واثق قاطعه بـ :
-متخافش ، أنا مش للدرجادي وسخ .. اللي يخصني بأخده على مكان تبعي

زم مهاب شفتيه ، ونظر إلى ابنه بإحتقار ، ثم ســـار مبتعداً عنه في اتجاه باب الغرفة ، وأمسك بالمقبض ، وقبل أن يخرج منها ، التفت له ورمقه بنظرات نارية وهو يهينه بـ :
-إنت بقيت تقرف

لـوى أوس فمه في إمتعاض ، وبكل إستفزاز تشدق بـ :
-مجبتوش من برا يعني ، ماهو البركة فيك ..!!

غمغم أبيه بضيق قبل أن يرحل تماماً من الغرفة ووجهه محتقن من الحنق وبدى صوته منفعلاً وهو يتحدث بالخـــارج ...

جذب أوس المقعد وألصقه بالقرب من فراش تقى ، ثم جلس عليه ، ومـــال بجسده للأمـــام ، ومــد كف يده ومسح على جبين تقى بعد أن أزاح خصلات شعرها المتمردة ، ونظر لها مطولاً ، ثم أردف بنبرة متشنجة بـ :
-مش بالساهل إني أسيبك ..!

حركت تقى رأسها ببطء ، ومــالت بها ناحيته ، فوضع راحة يده على وجنتها ، وتلمس بشرتها الشاحبة ، وأخفض رأسه للأسفل ليقترب من أذنها ، ثم همس لها بصوت عميق بـ :
-إنتي ليا وبس يا تقى

شعر هو بتأثير أنفاسه الساخنة على تعابير وجهها الشاحب الذي تشنج قليلاً ، فأرجع رأسه للوراء ، وظل يراقبها في صمت تـــام ...

.............................................

في إحدى دور الرعاية الخاصة بالمسنين ،،،،

أودعت هياتم تهاني بتلك الدار الراقية ، وأوصت المشرفات بها برعايتها ، ثم أشارت لإحداهن بيدها محذرة بـ :
-ناريمان هانم بنفسها هي اللي موصية الحالة دي ، فمش عاوزة أي تأخير عنها

هزت المشرفة رأسها بهدوء ، ثم قالت بثقة :
-اطمني يا مدام هياتم ، دي مش أول مرة نتعامل مع حالة بالشكل ده
-تمام .. ولو في أي جديد بلغوني ، وانا يوم بعد يوم هاجي هنا وهتابعكم
-حاضر يا مدام

تنحنحت هياتم قليلاً ، ثم بنبرة صوت ثابتة تابعت بـ :
-وأنا حطيت في الحساب بتاعها فلوس عشان لو حبت تشتري أي حاجة
-أوكي .. متقلقيش عليها

أشــارت هي بيدها قبل أن تستدير للخلف وبصوت شبه جاد أردفت بـ :
-مش هوصيكم بقى ، دي مهمة جدا بالنسبالي
-متقلقيش

وبالفعل انصرفت هياتم من دار الرعاية بعد أن تأكدت من توافر كل شيء من أجــل تهاني ...

.......................................

في شاليه ما بالساحل الشمالي ،،،

أغلق ممدوح حقيبة سفره بعد أن تأكد من وجود جميع متعلقاته الشخصية بالداخل ، ثم أمسك بجواز سفره ، ونظر إلى التأشيرة الموضعة بداخله ، ومن ثم أغلقه ، وأسنده على طرف الفراش قبل أن يجلس عليه ليعقد رباط حذائه ، ثم إعتدل في جلسته ، وحدق مباشرة أمامه وهو يردف بحنق بـ :
-معدتش ليها لازمة الأعدة في السعودية ، أنا هاسافر أنهي كل حاجة هناك وراجع تاني أشوف الوضع هايكون إزاي هنا .. !

ثم نهض عن الفراش ، وأمسك بالمقبض المعدني للحقيبة بعد أن وضع الجواز في جيب قميصه ذي اللون السمــاوي ، ثم أنزل نظارته الشمسية على عينيه ، و إنصرف من الشاليه حيث السيارة التي تنتظره لتقله إلى المطــــار ...

.......................................

في قصر عائلة الجندي ،،،،

قرع جرس الباب ، فســارت المدبرة عفاف بخطوات ثابتة نحوه لتفتحه ، فوجدت سامي الجندي يندفع بعنف للداخل وهو يهدر عالياً بـ :
-فين مهاب ؟
ثم وقف في منتصف الردهة وظل يجوب المكان ببصره وهو في حالة هياج واضحة ..

أسرعت عفاف خلفه ، وبصوت هاديء أردفت بـ :
-سامي باشا ، إتفضل حضرتك في الصالون ، مهاب باشا مش موجود

انفجـــر فيها بصوت جهوري بـ:
-أه طبعاً ، وهايكون موجود إزاي وابنه طايح فينا ومش هامه أي حاجة

ارتعدت عفاف قليلاً من طريقته ، وحاولت أن تحافظ على هدوئها ، وتابعت بـ :
-من فضلك ، إهدى بس وآآ...

قاطعها هو بنبرة صوت غاضبة وهو يشيح بكلتا يديه بـ :
-أنا مش هامشي من هنا إلا لما مهاب يجي ويشوفلي حل

هزت هي رأسها موافقة ، ثم بنبرة متريثة نطقت بـ :
-طيب .. اتفضل ، وأنا لحظة وهابلغه على الموبايل بتاعه

في نفس التوقيت نزلت ناريمان على الدرج ، وتسائلت بصوت عالي وبنبرة منزعجة بـ :
-عفاف ، عفاف .. مين جه وبيزعق كده ؟!

ســـارت المدبرة عفاف بخطوات أقرب للركض في اتجاه الدرج ، ثم نظرت في اتجاه ناريمان ، ومن ثم نطقت بـ :
-ده سامي باشا أخو مهاب باشا

لوت هي شفتيها في تأفف حينما سمعت إسمه ، ثم أشــارت بعينيها لها وهي تقول بتزمت :
-أها ، طب روحي إنتي كملي اللي وراكي
-حاضر يا هانم

تحركت ناريمان بهدوء في إتجاه الصالون ، فنهض سامي لمصافحتها ، ثم أشــارت له ليجلس ، وإبتسمت له إبتسامة مصطنعة قبل أن تنطق بنبرة ناعمة بـ :
-أهلا سامي ، نورت القصر
-لا أهلا ولا سهلاً يا ناريمان ، ينفع اللي ابنك عمله ده

تنهدت هي في إنزعـــاج ، ثم مطت شفتيها للأمام وهي تتسائل بعدم إكتراث بـ :
-ماله ؟
-يرضيكي إنه يلغي التعاقد معايا ، ويروح للشركة الأصلية ويسحب التوكيل لنفسه ويخسرني ملايين
-ممممم..
-أومــال لو مكونتش أنا عمه ومن لحمه ودمه كان عمل فيا إيه

وضعت ناريمان ساقاً فوق الأخـــرى بعد أن أرجعت ظهرها للخلف ، ثم نظرت إليه بنظرات غير مبالية وهي تردف بـ :
-شوف يا سامي أي حاجة تخص أوس وشغله إتكلم معاه فيها ، إنت عارف كويس إن أنا ماليش كلمة عليه ، ومش بأتدخل في اللي بيخصه

هـــدر هو بها بإنفعال بـ :
-بس إنتي أمه
-يوووه بلاش الكلمة دي بقى ، أنا مش أمه ، مش أمه ، خلاص
قالتها ناريمان بعصبية زائدة بعد أن نهضتمن على الأريكة .. ثم انصرفت غاضبة وهي تغمغم بكلمات بذيئة

تعجب سامي من ردة فعلها المبالغ فيها تجاه أوس ، ثم كور قبضته في حنق ، وقال :
-ماشي ، أنا برضوه مش هاسكت وهاتصرف ...!!

ثم إنصرف بخطوات سريعة نحو باب القصر ، وصفعه بعنف بعد أن خرج منه .....
راقبت المدبرة عفاف ما يحدث بإستغراب ، ثم مطت فمها للجانبين ، حدثت نفسها بـ :
-لا حول ولا قوة إلا بالله .. محدش مرتاح في حياته ، ربنا يسترها في الأيام الجاية ..............................................!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close