رواية نيران نجع الهوي الفصل الثاني 2 بقلم هدير دودو
هُناك فؤاد قاسٍ احترق وتوارت المشاعر بداخله لكن باغته القدر ودلف الهوى إليه ليحيي رماده من جديد فأصبح أسيرًا لمشاعره المغرمة، فكيف له أن يقسى على مَن هوى؟!
شعر بتزلزل قلبه العاشق وهو يرى معشوقته بتلك الهيئة، شاهد جميع ما حدث لها لكن الصدمة سيطرت عليه، خوفه عليها جعله يقف كالتائه يخشى أن يصيبها شيء ويفقدها وهي تراه بتلك الصورة التي رُسمت داخل عقلها قاسٍ ظالم لابُد الفرار من براثنه القاتلة لكن في الحقيقة هو عاشق ولهان لم يهوَ يومًا سوى عندما رأى عينيها التي أسرت فؤاده المتيم بهواها، أقسم ألا يصمت عما حدث لها سيجعلهم يتمنون الموت على يده ثأرًا لحقها..
أسرع قاطعًا تفكيره مسيطرًا على مشاعره وسار بخطوات واسعة نحوها بغضب حاد متوعدًا لهم ولمَن أرسلهم إليها صائحًا بنبرة حادة يملأها الغضب متوعدًا بقسوة:
-ده انتوا ليلة اللي چابوكوا سوده على دماغكم الله في سماه لاكون واخد روحكم بيدّي.
أسرعوا مبتعدين عنها بخوف عندما صدح صوته الغاضب يرج أرجاء المنزل وقد دب الرعب أوصالهم عندما رأوا نظراته المصوبة نحوهم بحدة أسرع مقتربًا منها بلهفة محاولًا الاطمئنان عليها مردفًا بقلق كاد يفتك بقلبه:
-عهد... عهد جومي.
باءت محاولاته بالفشل لكنهم حاولوا استغلال الفرصة والهروب أثناء قلقه عليها ومحاولاته معها أسرعوا نحو الخارج هاربين منه برعب، هم ليس قادرين على تحمل ما سيفعله عمران الجبالي بهم..
ازداد غضبه عندما علم ما فعلوه لكنه لم يستطع البحث عنهم هو كل ما يشتت ذهنه ويقلقه الآن عهد الذي يتمنى أن تكون بخير لا يريد أن يصيبها أذى من أي شخص يود رؤيتها بخير دومًا، أسرع يحملها بخوف وعينيه تتطلع نحوها بلهفة ووميض عاشق متمني أن يضمها داخل حضنه ويغلق عليها بداخله بأقفال موصدة مانعًا الجميع من رؤيتها يريدها ملكه هو فقط، إذا سُئل يومًا عن الجمال كما يراه سيجتمع بداخله صورتها عينيه لم ترَ شئ أجمل منها، زواجه منها عهد عليه واجب التنفيذ، يتطلع نحو ملامحها بلوعة وهُناك رغبة تدفعه للاقتراب منها لكنه يصارع ذاته ورغبته العاشقة حتى لا يؤذيها يومًا، سينتظر حتى تصبح زوجته ويمتلكها كما ملكت قلبه وعقله.
اسرع متوجه بها نحو المركز الطبي الخاص بالنجع ووقف في الخارج ينتظر خروج الطبيب بقلق ليطمئنه عليها.
وها قد آتى الطبيب يطمئنه على صحتها بعملية عندما رأى قلقه عليها:
-متجلجش يا عمران بيه، هي زينة دلوك وتجدر تتحدت وياها كُمان.
عادت أنفاسه المسلوبة تنتظم، ونبضاته تهدأ رويدًا، لينتهي حالة القلق التي كانت مسيطرة عليه وتعود هيبته بشموخ كما كان، صدر صوته بجدية:
- متشكرين يا دَكتور.
ولج الغرفة المتواجدة بها بخطوات واسعة متلهفًا لرؤيتها والإطمئنان عنها، كانت تبكي بضعف شاعرة بألم كبير بعصف بأنحاء جسدها المتألم آثر الضربات المبرحة التي توجهت إليها دون رحمة، تشعر بضعفها وقلة حيلتها وكأنها سقطت فريسة لبراثن الحياة الحادة تمزقها بأنيابها القاسية، امتعضت ملامحها بضيق ما أن رآته وصاحت به بغضب معترضة على وجوده:
-بـعّـد عني واطلع بره مش عاوزاك ويايا بعد إكده، چاي تفرح بعد ما عملت اللي رايده، وأني اللي بجولك بجا عمري ما ههمل حسن غير بموتي تعالي اجتلني لو رايد بس بنفسك مش چاببلي ستات خايبة معتعرفش تعمل حاچة رمش أني اللي هخاف ولا الناجصين دول اللي هيربونيّ.
شعر بنيران حادة تشتعل داخل عقله الذي اهتاج لاستماعه إلى حديثها المعلن بتمسكها لشقيقه وتحديها له لكنه أيضًا شعر بالدهشة مما تردفه أجابها مستنكرًا معقد لحاجبيه بتعجب:
-أني مجولتش لحد ياچي ولا أني اللي اعمل إكده، لو عايز اعمل إكده هعملها أني مش حد غيري، عمران الچبالي بيعمل اللي عايزه بنفسه يا بِت الحوامدية.
قابلت حديثه بسخرية ولازالت لم تصدقه عالمة أنه يخدعها بالطبع، فتمتمت بتحدي محاولة السيطرة على آلمها حتى تستكمل حديثها معه بقوة:
-ولما هو إكده كنت واجف تتفرج عليهم ودخلتهم وياي ليه يا عمران يا چبالي لساتك عتكدب عليّ وتبين حالك بريء عاد.
برزت عروقه معلنة غضبه الحاد الذي وصل إليه مقتربًا منها بخطوات واسعة غاضبة قابضًا فوق ذراعها بحده، وصاح بها بعنف بعدما فقد السيطرة على ذاته أمام حديثها الساخر منه:
-وأني جولتلك أن يوم ما هربيكي هعملها بيدّي وهچعلك متجدريش تجومي منيها واصل عشان تعرفي عمران الچبالي أني اللي انقذتك منيهم وچبتك إهنيه ياللي معتفهميش حاچة يأم مخ تَخين.
تألمت بضراوة بين قبضته القوية حاولت دفعه ليبتعد عنها لكنه كان مشدد فوق قبضته، فبكت بضعف ووجع قوي متمتمة بخفوت من دموعها:
-بجولك بـعّـد عني أنت بتوچعني مش جادرة.
أسرع يبتعد عنها عندما علم بوجعها مغمغمًا بهدوء آسفًا شاعرًا بوجع كبير في قلبه لرؤيتها لدموعها المتسبب بها الآن:
-أني مجصدش حاچة مخدتش في بالي.
لم تهتم لحديثه بل اعتدلت في جلستها أمامه محاولة السيطرة على وجعها وأجابته بغضب:
-وأني هصدج حديتك الماسخ ده دلوك كيف، لو مش أنت اللي خليتهم يعملوا إكده فيا هيُبجى مين محدش بيعمل حاچة من غير رضاك في النچع إهنيه.
يعلم مُحقة في حديثها لكنه سيعاقب من فعلها متوعدًا لهم بقسوة، حاول أن يقنعها بحديثه ليجعلها تصدقه وتعلم أنه لم يفعل بها ذلك متمتمًا بتعقل هادئ:
-معاكي حج في اللي عتجوليه لكن والله لساتني ما خابر مين اللي عمل إكده، وكيف جدر يعملها، مش ههمله وهرچعلك حجك منيه.
لازالت لم تقتنع بحديثه ولم تصدقه تراه الفاعل فيما حدث لها لأنها وقفت أمامه معلنة رفضها لحديثه عندما كان في منزلها فسألته بتهكم ساخرة:
-طب وهما فين مش شوفتهم وهما عيضربونيّ ممسكتهمش ليه، ليه هملتهم يمشوا كنهم معملوش حاچة.
كيف يخبرها أنه فقد عقله وتفكيره عندما رآها ساقطة أرضًا فاقدة وعيها، لم يستطع السيطرة على ذاته، كان فقط يريد أن يطمئن عليها ويقضي على لهفته ولوعته الشديدة إليها، كان يريد أن تكون بخير ولن يهمه شئ آخر، كيف ستصدق ذلك الحديث وهي لا تعلم بحقيقة مشاعره العاشقة نحوها، ولا أحد يعلم رمقها وطال نظره المثبت نحوها فارتبكت منكمشة على ذاتها شاعرة بالرهبة من نظراته القوية، لا يجد ما يرد به عليها فغمغم بقسوة حادة لينهي حديثها:
-بجولك مش أني اللي عِملتها واللي عمل إكده هچيبه وهچبلك حجك منيه كيف ما جولتلك بدك تصدجي صدجي مرايداش على كيفك يا عهد بس مش عمران الچبالي اللي عيكدب لأنه مبيخافش من حاچة وانتي خابرة إكده زين.
أنهى حديثه وخرج من الغرفة تاركًا إياها خلفه تفكر في حديثه لكنها لا تعلم هل هو صادق أم لا؟! لكن مَن الذي يريد أذيتها سواه!.. التقطت أنفاسها بصعداء ومسحت دموعها بتوتر محاولة اطمئنان ذاتها كما اعتادت دومًا، لم تتذكر يومًا أنها وجدت مَن يقف بجانبها عندما تحتاج تبقى وحيدة بمفردها منذُ وفاة والديها كانت والدتها الوحيدة هي التي تهتم بها وبأمرها لكن بعد أن رحلت أصبحت تواجه حياتها بمفردها، تنتظر زواجها من حسن متمنية من ربها أن يأتي ذلك اليوم مسرعًا حتى تجده بجانبها دومًا وتستطيع أن تخبره باحتياجها الشديد إليه ليطمئن قلبها الذي يريده خاصة أنها ليس لها أحد في تلك الحياة القاسية ويطغى ظلامها الدامس، أخوها لم يهتم لأمرها هو فقط يريد أن يحصل على ما يريده بجميع الوسائل المتاحة حتى لو كانت وسيلته اذيتها تعلم أنه سيفعلها ولم يهتم؛ لذلك هي تريد الزواج من حسن سريعًا، عالمة أنها لن تحصل على الحب سوى منه..
تفاجأ عمران عندما خرج بوجود حسن الذي آتى للتو بصحبة حمدي زوج عمته لا يعلم كيف علم ومَن لذي أخبره؟! لكنه تجاهل الأمر وسار ببرود، اقترب منه حسن يستوقفه بغضب ممسكًا به أمام الجميع صائحًا بحدة:
-أنتَ اللي عِملت إكده فيها والله ما هسكت ياخوي من بعد اللي حصل منيك، جولتلك أني رايدها وهتچوزها مش هسمع كلمتك واصل بعد إكده.
دفعه عمران بقوة إلى الخلف ورد عليه بغضب وصوت جهوري حاد:
-من ميتى الحديت ده فوج يا حسن وارچع لعجلك، أني اخوك الكَبير الكلمة معاي بحساب واعر جوى.
لم يهتم لحديثه بل وقف قبالته بتحدي غاضب يعميه معلنًا عدم خضوعه له كما يريد، والشرر يتطاير من عينيه هو الآخر مغمغمًا بحدة:
-من دلوك يا عمران وهتهمل عهد وملكش صالح بيها واصل.
ابتسم ببرود ليجعله يعلم أنه قابل حديثه بلا مبالاه وبرود ليجعله يعلم أنه لم يبالِ لثرثرته التي دون فائدة فالأمر سيصبح في النهاية كما يريد، أجابه ببرود جعله يستشاط غضبًا:
-ومن دلوك بجولك أني، أن حديتك ده معيهمنيش واللي جولته هيتنفذ غصب عن الكل عشان أني الكبير إهنيه.
أنهى حديثه ودفعه بقوة إلى الخلف ثم سار يتخطاه ببرود دون أن يهتم لأمره، يشعر بالغضب الشديد بداخله لتركها مع شقيقه بمفردها، نيران الغيرة تنبش بقلبه المغرم وتدفعه للعودة مرة أخرى، لكنه يحاول السيطرة عليها بصعوبة بالغة ليعود إلى المنزل من جديد.
كان حسن يرمقه بتوعد غاضبًا مقسمًا أنه لن يترك عهد مهما حدث وقد ازداد تمسكه بها، هو يحبها ويريدها فلمَ يتركها؟ أسرع حمدي يمسكه مردفًا بتعقل:
-اهدا يا حسن أومال ميصحش إكده، أنت خابر زين عمران يجدر يعمل ايه وياك ووياها ومعيهموش حد واصل.
صمت لوهلة مبتسمًا واستكمل حديثه بمكر وهو يهمس داخل أذنيه بهمس فحيح كالأفعى يدس بعض الأفكار السامة بداخله كما أخبرته زوجته الماكرة:
-بس اللي المفروض نعرفه دلوك عمران كان عيعمل ايه عنديها وفي الوجت ده، كِيف تدخله عليها وهي لوحديها؟!
تطلع أمامه غاضبًا وبدأ يفكر قليلًا فيما يتحدث به حمدي وقد آتى داخل عقله العديد من الاسئلة، كيف حقًا سمحت له أن يدلف وهي بمفردها؟ والأهم من ذلك ماذا فعل معها؟! حاول القضاء على أفكاره السامة لكنه لم يستطع منع ذاته من التفكير بها بعدما سيطرت على عقله المظلم.
❈-❈-❈
دلف حسن الغرفة ليطمئن عليها كان يقف بذهن شارد مشتت يفكر في حديث حمدي، ابتسمت بسعادة شاعرة بعودة روحها من جديد وتعالت نبضاتها بارتياح عندما رآته متمتمة بتعب وضعف:
-شوفت يا حسن اللي حصلي تعبانة جوي.
وقف أمامها بهدوء مردفًا ببرود محاولًا السيطرة على ظلام أفكاره:
-أني مهسكتش واللي عِمل إكده هچيبه وأچيب حجك منيه.
ابتسمت بهدوء وقبل أن تتحدث تفاجأت بسؤاله الحاد المباغت لها:
-عمران اخوي كان عيعمل ايه عنديكي في البيت يا عهد؟
بدا الارتباك فوق ملامح وجهها فطالعها بدهشة لكنها أسرعت تجيبه بتوتر دون أن تعلم سبب سؤاله:
:- مكانش يا حسن كان چاي عاديّ كيف ما الناس بتاچي.
يعلم أن حديثها كاذب فأسرع معقبًا عليه بسخرية لاذعة ولازال لم يشعر بالارتياح بعدما دخل الشك قلبه:
-والناس اللي بتاچي بتبجى دلوك في أنصاص اللياليّ إكده، ايه اللي عتخبيه عليّ ومش رايداني اعرفه جولي الحجيجة.
صمتت لوهلة بتوتر هاربة من عينيه ونظراته المعاتبة المصوبة نحوها لكنها لا تعلم ماذا تفعل؟! ظل كما هو واقفًا أمامها مثبتًا نظراته عليها ويرمقها بنظرات غاضبة لم تعتاد عليها منه فتمتمت محاولة أن تشرح له الأمر شاعرة بعدم الإرتياح:
-أني جولتها يا حسن هو چه عادي صدفة وأني بجولك معملتش حاچة.
أغمضت عينيها بتوتر لا تعلم كيف ستخبره ما يريده، لا تريد أن تجعل علاقته بشقيقه تزداد سوء وتخبره أنه آتى إليها ليلًا وولج المنزل دون أن يخبر أحد ولم يهتم لأبواب المنزل المغلقة متخطي جميع الحواجز حتى يصل إليها، لا تعلم كيف فعلها ودلف المنزل وفي النهاية هو قد فعل كل ذلك ليهددها بالابتعاد عن شقيقه ويفعل بها ذلك لينتقم من عنادها وتحديها له الذي لن يستطيع أحد أن يفعلها معه من قبل..!
لم يقتنع بحديثها فعقب عليه بتهكم وهو يرمقها بعدم رضا غاضبًا:
-كيف عادي في الوجت ده معتشوفيش احنا ميتي دلوك ايه اللي عتجوليه دِه يا عهد.
صمتت أمامه بتوتر ولا تعلم بماذا تجيبه شاعرة بتوتر يعصف بداخلها ملتقطة أنفاسها بصعداء بعد أن شعرت بانقباضها، وتمتمت تجيبه بخوف متلعثمة:
-هو اللي چه يا حسن أني مليش صالح بعدين مليح انه چه دلوك هو اللي چابني إهنيه كان زماني روحت فيها.
صاح أمامها غاضبًا بحدة أخرستها وقد أشعل حديثها النيران الحاده بداخله عندما رآها مستحسنة مجيئه:
-إيه اللي مليح عاد،،انتي خابرة عتجولي إيه من ميتي وينفع حد ياچيكي في الوجت دِه.
أغمضت عينيها بضيق وتجمعت الدموع بداخلها بضعف شاعرة بالحزن لطريقته الحادة معها دون أن تفعل شئ، تمتمت متلعثمة بتوتر لتنهي حديثه الغاضب:
-حـ... حسن أني مش جادرة دلوك نتحدت لما ابجى زينة.
رمقها بعدم رضا مثبتًا عينيه الحادة عليها معلنًا رفضه لطريقتها وهروبها منه فأشاحت ببصرها نحو الجهة الأخرى مبتعدة عنه بحزن مبتلعة تلك الغصة القوية التي تشكلت بداخلها واعتصرت قلبها حزنًا، لا تعلم لماذا حزنت بسببه لم تر قلقه ولهفته عليها؟ هو فقط كان يتحدث بغضب يعميه يمنعه عن الإطمئنان عنها، يزجرها على أفعالها التي لم تفعلها ولم تتسبب بها، يراها مخطئة الآن لكنها في الحقيقة لم تسمح لعمران بالدلوف إليها هو لم ينتظر موافقتها يفعل ما يريده ويتخطى جميع الحواجز والقوانين بهيمنته الجبارة، تنهدت بضيق لاعنة إياه سرًا وهي ترى أنه المتسبب لما حدث ولازالت لم تصدق حديثه وتراه ظالم كاد ينهي حياتها بفعلته القاسية..
وقف حسن هو الآخر متنهدًا بغضب يعلم حزنها منه لكنه لم يستطع أن يخفي غيرته وخوفه عليها، يعلم أن شقيقه سيحاول اذيتها حتى تبتعد عنه لكنه لا يريد أن يترك له الفرصة لفعل ذلك هو لن يترك مَن أحبها واختارها قلبه لأجل عناد وهيمنة شقيقه العاشق للسلطة وفرض سيطرته على الآخرين ليرى خضوعهم إليه، هو لن يسمح بذلك يحدث لن يفني حياته في تحقيق ما يريده شقيقه ويلبي رغباته فقط دون تفكير، سيتمسك بحبيبته ويقف أمامه وأمام الجميع لأجلها ولأجل إثبات شخصيته وقوته أمام الجميع..!
❈-❈-❈
في منتصف الليل الحالك حيثُ يسود الظلام وينسدل ستاره الأسود ليخفي أفعال الجميع أسفل ظلماته صفعة قوية هوت بها نعمة الجبالي أمام السيدة التي كانت تقف أمامها تتطلع أرضًا بتوتر وقلق وصاحت بها بغضب حاد:
-انتي اتجنيتي كيف يُحصُل إكده هو دِه اللي أني جولته وطلبته منيكي.
وقفت السيدة بخجل عالمة أنها أخطأت في تنفيذ ما طُلب منها وحاولت أن تشرح لها بخوف:
-لاه يا ست هانم أني جولتلهم اللي طلبتيه بس احنا معنعرفش أن سي عمران هياچي عنديها في الوجت دِه واحنا وجفنا بعيد لحد ما راح، هو اللي رچع تاني وعمل إكده.
لم تهتم لسماع ثرثرتها هي الآن تخشى رد فعل عمران التي تعلم جيدًا انه لن يصمت ولن يهدأ سوى عندما يعلم مَن الفاعل، غمغمت بنبرة غاضبة والشرر يتطاير من عينيها:
-أني مليش صالح في اللي عتجوليه دِه ومعيهمنيش واصل، أني طلبت منيكم تنفذوا حاچة وأنتي معملتيهاش يُبجى ملكيش حاچة عندي ولازمن تخفي دلوك عمران مهيسكتش عاللي حُصُل في النچع.
طالعتها بقلق عالمة صِحة حديثها وخوفها لما سيفعله عمران إذا علم شئ، لكنها تمتمت بضيق مزمجرة باعتراض على جزء من حديثها:
-حاضر يا ست هانم اللي رايداه كله هيحصُل طمني جلبك سي عمران مجدرش يشوف واحدة منينا المخفية عهد بس اللي جدرت تشوفنا، فين بجى باجي اللفلوس احنا معملناش حاچة غير اللي اتطلب منينا.
ازداد غضبها وتمتمت بحدة بعدما قبضت فوق ذراعها بقوة ضارية آلمتها ترمقها بضيق:
- زين وإلا كان زمانكم مدفونين چنب دارها، فلوس بعد اللي حُصُل مفيش حاچة انتو بوظتوا كل حاچة يا أم مخ تَخين.
دفعتها بقوة إلى خلف فسقطت أرضًا لكنها لم تهتم لأمرها بل أردفت متمتمة بقسوة حادة:
-اللي جولته يحصُل وتخفي خالص محدش يشوفك تظهري وجت ما أجولك أني لما عمران ينسى ويحصل حاچة تانية تشغله عنيكم.
ظلت صامتة لم ترد عليها ترمقها بغضب فقط وهي لازالت غير راضية، فعقبت على حديثها بلهجة صارمة مشددة بتوعد:
-سمعتي اللي جولته والله إن ما حُصُل لأجبض روحك في يدّي واتوايكي مكانك.
اومأت برأسها أمامًا وأجابتها بخفوت وتوتر عنوة معلنة خضوعها لما تريده وهي تتطلع نحوها بضيق:
-حاضر يا ست هانم محدش هيشوفنا واصل.
سارت نعمة متوجهة نحو الداخل دون أن تهتم لأمرها بعدما حصلت على موافقتها لتنفيذ ما تريده متمنية أن تتخلص من تلك الفتاة ذات اللسان السليط التي لم تخجل في الرد عليها والتي تشبه والدتها كثيرًا متذكرة ما حدث من قبل وتسبب في كرهها.
عادت بذاكرتها إلى ذلك اليوم التي آتت فيه عهد مع والدتها التي كانت تأتي للعمل في المنزل في المناسبات الكبيرة التي تحدث في العائلة.
لاحظت نعمة زوجها الذي كان يتودد إلى والدة عهد لكنها حاولت التجاهل في البداية إلى أن آتى ذلك اليوم المشؤوم ووجدت زوجها يقف بجانب المطبخ يتطلع إليها برغبة كبيرة كانت فاتنة شديدة الجمال اكتسبته منها ابنتها التي تدفع الآن ثمن خطأ والدتها.
اشتعلت نيران الغيرة بداخلها بعدما استمعت إلى مدحه إليها التي قابلته تلك الماكرة بابتسامة جذبته إليها أكثر، كيف لزوجها أن يرى امرأة سواها، شعرت باهتزاز ثقتها مما جعلها تتوعد إليها.
ولجت المطبخ حيثُ تقف عهد ووالدتها وصاحت بغضب في والدة عهد التي تدعى بـ هنية توبخها بحدة ووقاحة:
-مش دِه الوكل اللي طلبته منيكي، انتي عتتصرفي من دماغك ليه هو دوار ابوكي عاد.
ابتلعت هنية تلك الغصة القوية التي تشكلت في حلقها محاولة الدفاع عن ذاتها بتوتر وهي شاعرة بالحزن من إهانتها أمام ابنتها:
-أ... أني يا ست هانم معملتش حاچة بس الست فهيمة هي اللي طلبت منينا نعمل الوكل ده بأمر من الكَبير.
دفعتها بغضب وقد اهتاج عقلها متمتمة بحدة متعمدة إهانتها بعدما ازدادت براثنها:
:- انتي واعية للي عتجوليه ولا اتچنيتي ما ترچعي لعجلك امال يا هنية، أني إهنيه حديتي بيُبجى سيف على رجاب الكل ومحدش بيجدر يكسرلي كلمة جولتها.
تطلعت نحوها بغل ودفعتها بقوة وهي ترمقها بازدراء ونظرات مهينة مقللة من شأنها مبتسمة بغرور على الرغم من أنها تستشاط غضبًا بداخلها، أسرعت عهد تتدخل بقوة معترضة طريقها حيث وقفت قبالتها ترمقها بحدة وتمتمت بضيق:
-أما مغلطتش في حاچة يا ست نعمة لچل ما تعملي معاها إكده انتي اللي بتجللي من جيمة نفسّك بعمايلك وطريجتك اللي معتنفعش واحنا مش عايزين منيكم حاچة.
دفعتها بقوة هي الأخرى لترد لها ما فعلته مع والدتها متطلعة نحوها بجراءة دون خوف تتحداها، اهتاج عقلها باحتدام شاعرة بنيران قوية متأهبة تشتعل بداخلها فرفعت يدها بقوة تنوى صفعها لتكسر كبرياءها الذي تقف به أمامه لكنها تفاجأت بتدخل عمران الذي منعها قابضًا فوق يدها بقوة مردفًا بجدية قاسية حادة كما يتحدث مع الجميع:
-إيه اللي عيصير إهنيه في إيه يا عمة؟!..
أجابته بغضب متطلعة نحوها بتوعد غاضب وعينيها مثبتة نحوها تتفحصها من أعلاها إلى أدناها بضيق:
-البت بت هنية ديه عتجف جصادي هي وأمها خطافة الرچالة اللي كيف الحية بترد بجلة رباية ولازمن اربيها بيدّي يا عمران عشان تعرف مين هي نعمة الچبالي وتجدر تعمل ايه.
طالعتها بغضب وردت عليها بحدة:
-إنى أمي معِملتش حاچه.
أسرعت والدتها تزجرها بعنف وتتحدث بخوف مرتجفة متمسكة بيد ابنتها بقوة:
- عهد معتجصدش حاچة يا سي عمران وأني اسفة يا ست هانم حجك على راسي.
لم تُعجب عهد لما فعلته والدتها لكنها فعلت ذلك عنوة خوفًا أن يصيبها شيء سيء تطلع عمران نحوها بقوة يتفحصها بدقة عالية ممررًا عينيه عليها من أعلاها إلى أدناها تمسكت هي بذراع والدتها بخوف مغمضة عينيها لتهرب من نظراته المفترسة، لا تعلم لماذا تشعر بالرعب الشديد والذعر في حضرته، تشعر وكأن الهواء يختفي من المكان المتواجد به ترى القسوة في عينيه الحالكة تعلم أنه قاسٍ بدرجة كبيرة.
رمقتها نعمة بغيظ متطلعة نحو عمران الذي وقف يتطلع نحوها فقط مختلس براءة وجهها الهادئة فصاحت بضيق غاضبة والدماء تغلي بداخلها:
-خليها تعتذر هي كمان يا عمران ملهاش صالح بأمها.
أسرعت ترد عليها بشراسة وقوة متناسية رهبتها الكبيرة من ذلك الواقف يتطلع نحوها:
-أني معملتش حاچة عِفشة، بدافع عن أمي يُبجى كيف غلطت إكده.
ابتسامة جانبية نمت فوق ثغره لشراستها وعدم خوفها منه دون أن يهتم لحديث عمته المثرثر وأجابها ببرود:
-خلاص يا عمة محصُلش حاچة.
ابتسمت ورمقتها منتصرة فاعتلت همهمة بعض العاملات الواقفين بدهشة سارت عهد بصحبة والدتها متوجهة نحو الخارج مقررة عدم ذهاب والدتها إليهم مرة أخرى..
شعرت نعمة بالغيظ وقد اشتعلت النيران بداخلها، ولازال كلمات زوجها المتغزلة ونظراته الممتلئة بالرغبة تسيطر عليها تجعلها تود الاقتصاص.
ازدادت غضبًا شاعرة باهتياج عقلها وتوعدت لهنية وابنتها بضيق مقررة أن تجعلها تندم وتكسر غرورها وكبرياءها الزائد وتثأر لحقها من والدتها التي نالت إعجاب زوجها وإثارة مشاعره نحوها.
عادت من تفكيرها نن تلك الذكرى السيئة التي كانت بداية الشرارة الاي انبثقت بداخل قلبها الماكر وجعلت الحقد يسيطر عليها، لكنها ازدادت غضبـا عندما علمت أنها ستدلف العائلة كيف لتلك الفتاة أن تكون جزءًا من عائلة الجبالي كبيرة النجع ذات المكانة المرموقة في المحافظة بأكملها، ولم تكتفِ بذلك القدر بل تلك الفتاة تريد أن تدمر العائلة بفتنتها المماثلة لفتنة والدتها، شاعرة بمكرها وتخطيطها للحصول على مكانة كبيرة بتدمير علاقة حسن بعائلته هي ستلقنها ما تتذكره بعمرها القادم متوعدة إليها لتجعلها تندم لكن على طريقتها الماكرة..
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام..
كانت عهد عادت إلى منزلها وقف حازم يعترض طريق أخته مستوقفها بحدة:
- هملي اللي بدك تعمليه ده يا خيتي مهينوبناش منيه غير وچع الجلب.
لم تقتنع بحديثه بل سارت مستكملة طريقها مردفة بتصميم غاضب شاعرة بالإهانة لما حدث لها خاصة بعدما تطلعت في المرآه التي عكست صورتها بهيئة أخرى وجهها يمتلئ بالكدمات القوية ذات اللون الأزرق وهُناك بعض العلامات القوية المنتهكة لعنقها اثر ضرباتهم القوية التي سُددت إليها دون رحمة، لم تصدق ما حدث لها لكنها دفعته لاستكمال ما تريده فقابلت حديثه بالرفض وإصرار كبير بداخلها:
-لاه يا حازم أني هروح كيف ما جولت مش هسكت عاللي حُصُل ده حجي، هتاچي وياي؟
سألته متأملة أن تجده معها في ذلك الوقت معلنة احتياجها إليه كما تحتاج كل فتاة لمَن يسندها ووجوده في حياتها متمنية أن يكون هكذا هو الآخر ويتغير في طريقته السيئة معها لكن هيهات على حديثها الساخر بالنسبة له هو يذهب معها كـيـف تفكر بتلك الطريقة الساخرة؟! هو لم يهتم لأمرها هو فقط يريد المال ليحقق ما يريد، فأسرع يسير إلى الخلف مبتعدًا عن طريقها مغمغمًا بتوتر:
-لاه مش هاچي عشان أني مش موافج عاللي عتعمليه.
ابتسمت بضعف ساخرة منه شاعرة أنها بمفردها في تلك الحياة تواجه قسوتها وظلمها بمفردها بعد رحيل والديها لم يكتمل على رحيلهما عام...لكنها تشعر أنهم أعوام متعددة، تواجه كل ذلك دون أن تجد مَن تستند عليه متمنية سرعة زواجها من حسن لشعورها بحنانه عليها ووجوده الدائم معها حين تحتاج إليه.
مسحت تلك الدمعة المعلقة داخل عينيها بحزن وسارت بمفردها تسير بخطوات واسعة محاولة أن تظهر كبرياءها كما اعتادت بين الجميع واتجهت نحو منزل عائلة الجبالي.
ولجت المنزل بهدوء تفاجأت بحسن يقف أمامها مُرحبًا بها بسعادة:
-تعالي يا عهد نورتي السرايا اجعدي يا حبيبتي سبجتيني كنت لسة چايلك.
ابتسمت بهدوء هي الأخرى لكنها ظلت واقفة مكانها كما هي متمتمة بجدية:
-بس أني مش چاية زيارة أني چاية لسي عمران رايداه اشتكي اللي حُصُلي في النچع اللي هو مسؤول عنيه.
قطب جبينه بضيق وطالعها بعدم رضا مردفًا بخشونة جادة هو الآخر بعدما فهم ما تريده:
-عهد أني هچيب اللي عمل إكده مش هسكت عاللي حُصُل عايزك تصدجيني ولا انتي عتشكي في اللي بجوله إياك.
تعلم أنه قادر على فعلها لكنها تريد أن تجعله هو مَن يفعل ذلك لأنه الفاعل والمتسبب فيما حدث فأصرت على حديثها بجدية:
- أني مصدجاك بس أني رايدة اتحدت مع سي عمران عشان هو اللي مسؤول عن اللي حصلي ومسؤول انه يچيبلي حجي.
تفاجأت بصوته الوخيم بحدة يصدح من الخلف وعينيه تتطلع نحوها برهبة كبيرة ولهفة:
-وسي عمران چايلك بنفسيه عشان يشوف شكوتك كيف ما بيعمل مع بجية الكل في النچع.
أسرعت تلتفت إليه متطلعة نحوه بتوتر مغمغمة بجدية زائفة محاولة إظهار شراستها:
-أني فـ..
قبل أن تستكمل حديثها قاطعها بجدية حادة بعدما جلس واضعًا ساق فوق ساقه الأخر بغرور:
-اجعدي اللول عشان نعرف نتحدت.
تأفأفت بضيق وتمتمت بمكر:
- يُبحى نجعد في المظلمة كيف البجية.
ابتسامة جانبية نمت فوق ثغره لكنه أخفاها بمهارة ليطغى الجدية والقسوة فوق ملامحه ونهض سار معها بخطوات واسعة.
وجلست أمامه بغضب وعادت تتحدث مرة أخرى مستردة حديثها بجدية وقوة:
-دلوك في اغراب دخلوا عليّ بيتي وضربوني كُمان، فبدي أعرف مين اللي عمل إكده ورايدة حجي منيهم.
ظل صامتًا بعدما استمع إلى حديثها مبتسمًا بمكر بعدما فهم ما تريد الوصول إليه لكنه أجابها بخشونة وجدية:
-وحجك هتاخديه واللي عمل إكده هيچوا لحد عنديكي ونعرف منيه اللي عمل إكده جدامك جبل ما أني اعرف حاچة.
اومأت برأسها أمامًا بمكر تطالعه بنظرات حادة عالمة أنها لن تكشف فعلته بسهولة فسألته بجدية هي الأخري:
-ميتي!؟ هتچيبهم ميتي؟
ابتسم بهدوء وعينيه مثبتة عليها برغبة نظراته جعلتها تود الفرار من أمامه لاعنة إياه على جراءته وأفعاله التي يفعلها دون خجل فرمقته بضيق وامتعضت ملامحها لكنه لم يهتم أجابها ببرود مشددًا فوق حديثه:
-أول ما اوصلهم هجولك يا عهد.
سارت من أمامه بغضب لكنها رأت نظرات حسن المعلقة نحوها بعدم رضا معلنًا رفضه وغضبه عما فعلته وذلك ما كان يحذرها منه أخوها ولا يريده، أسرعت تقترب منه محاولة أن تخبره سبب ما فعلته بتوتر:
-حـ...حسن أني عملت إكده عشان ديه الأصول إهنيه مش عاوزة حد يجول حاچة علينا.
رد عليها بضيق يرمقها بنظرات حادة ولازال غير مقتنع بحديثها:
-خلاص يا عهد انتي عملتي اللي عايزاه ومعتسمعيش حديتي همليني دلوك.
سارت من أمامها بخطوات واسعة غاضبة متنهدًا بضيق فشعرت بالحزن هي الأخرى متمنية أن يفهم مشاعرها ويستمع إليها قبل أن يفعل ذلك معها، خرجت من المنزل بوجه مقتضب حزين، تسير بخطوات شاردة وهُناك بحر من الأفكار تنغمس بداخله ولا تجد مَن يهديها إلى الصواب.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع...
أرسل عمران إليها لتحضر إلى المنزل فدلفت المنزل بمشاعر مضطربة كانت تريد رؤية حسن والتحدث معه بعدما تجاهلها طيلة الأسبوع الذي مضى لكنها لم تجده، كان القلق يسيطر عليها مما جعلها تسير بخطوات متعثرة ملتقطة أنفاسها بصعداء لتحث ذاتها على الدلوف لرؤية ذلك الشخص التي لا تطيق رؤيته، سارت بتوتر حيث يتواجد ويجلس في انتظارها تمتمت بهدوء:
-أني چيت يا سي عمران كيف ما جولتلي.
رمقها ببرود دون أن يتحدث فقط أشار لها أن تجلس بلا مبالاه دون أن يعطيها اهتمام واستكمل عمله وكأنها لم تجلس أمامه ظلت صامتة لبعض الوقت حتى شعرت بالملل فأردفت بضيق وعصبية:
- احنا هنفضل إكده كتير أنت اللي جولتلي آچي دلوك.
طالعها بحدة أخرستها وأشار للحارس (الغفير) الذي يقف بجانبه فأسرع يحضر إليها السيدات تطلعت نحوهم بصمت محاولة أن تتذكر هيئتهم لتتأكد أنهم مَن فعلوا بها ذلك، اعطاها فرصتها لتفعل ما تريد وسألها بخشونة وجدية:
-هما دول اللي جدروا يعملوا فيكي إكده؟
أومأت برأسها أمامًا تؤكد حديثه وأجابته بصوت متحشرج حزين بعدما شعرت بالغضب من رؤيتهم:
-ايوه هما ولاد المركوب ربنا ينتجم منيهم.
سألهم بقسوة جعلتهم يشعرون بالرعب ونظراته مثبتة نحوهم بنيران غاضبة مشتعلة يود أن يقتلهم متذكرًا قسوتهم عليها كيف كانوا يضربونها بقوة دون رحمة مستمعًا إلى صرخاتها المتألمة التي حطمت فؤاده المغرم:
-مين اللي جالكم تعملوا إكده الله في سماه لو كدبتوا لاكون مموتكم إهنيه ودافنكم مكانكم.
أجابته واحدة منهم بخوف ونبرة ضعيفة مرتعشة:
-هجول... هجول يا سي عمران.
أشار لها بجدية حادة لتخبره فاستكملت حديثها بتوتر مبتلعة ريقها الجاف بخوف:
-اللي جالت نعمل إكده الست فهيمة هي اللي رايده انها تربيها واحنا عِملنا اللي اتجالنا بس.
شعرت بالصدمة ما أن استمعت إلى حديثها لم تتخيل أن والدته تفعل بها ذلك، هي لم تؤذها يومًا ولم تفعل لها شئ حتى تقابله بتلك القسوة الطاغية.
هب هو واقفًا بجسد متشنج بجدية وصدمة كبيرة يطالعهم بنظرات قاسية والشرر يتطاير من عينيه بغضب اهتاج عقله لم يتخيل يومًا أن والدته تفعل هكذا لكنه يعلم أنها قادرة على فعلها بسبب تدمير علاقته بشقيقه؛ لذلك لن يصمت على ما حدث تنهد بغضب مشتعل سيطر عليه متوعدًا لوالدته بقسوة.