رواية مقيد بأكاذيبها الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم هدير نور
انتفضت نعمات واقفة فور سماعها كلماته تلك هاتفة بشراسة و قد تناست الألام التى تعصف بجسدها
=بتقول ايه…..؟!!!
هجمت عليه تمسك بياقة عبائته تعتصرها بقوة و هى تصرخ بشبه هستيرية و عينيها تتقافز منها شرارات الغضب و قد تناست خوفها السابق منه
=سمعنى بتقول ايه يا ناقص….
فرت الدماء من عروق عابد و قد شحب وجهه بشدة فور ادراكه انه نطق بتلك الكلمات الكاذبة امام نعمات فقد ظل طوال حياته يسمع راجح تلك الكلمات لكنه كان حريصاً دائماً على الا تصل الي مسمع نعمات التى كانت تعرف الحقيقة بأكملها…
صاحت نعمات بشراسة و هى تضربه بيدها فوق صدره
=انطق ايه بلـ.ـعت لسانك… مين اللي ابن حـ.رام و مين اللي مغتـ.صب….
ظل عابد يتطلع اليها بصمت كما لو فقد النطق و الحركة ليجيبها راجح الذى كان يقف خلفها يحيط خصر زوجته بحماية قائلاً بصوت مختنق ممتلئ بالألم
=قصده عليا… و على ابويا ياما…
ليكمل وهو ينظر بقسوة نحو عابد
=سيبك منه ياما… انا اتعودت خلاص على كلامه السم اللى طول حياتى بيسمعهولى….
صرخت نعمات بصدمة فور سماعها كلماته تلك هزت عابد و يديها التي تحيط عنق عبائته تتشدد بقوة حتى كادت تخنقه
=انت مفهم الواد ايه… ضاحك عليه و قايله ايه…..
لتكمل و هى تدفعه للخلف عندما ظل يتطلع اليها صامتاً و وجهه قد ازداد شحوباً التفت نحو راجح هامسة بصوت مرتجف
=كداب يا ضنايا… انت ابوك ده كانت الناس كلها بتحلف وتتحاكى بسمعته و بتدينه الشيخ مأمون الراوي….و امك تبقى مراته..” خديجة” ادب الدنيا و الاخلاق كله كانوا فيها…
هز راجح رأسه و قد تشوش عقله همس باضطراب و هو لا يستوعب ما تقوله بينما شعر بيد صدفة الواقفة بجانبه تربت بحنان على ظهره مواسية اياه بصمت
=الشيخ مأمون الراوى…؟!! و أمى تبقى مراته ازاى….
ليكمل و عينيه تنتقل نحو عابد الذى اشاح بنظره بعيداً و قد تصبب وجهه بالعرق
=هو مش ابويا اسمه مأمون منير… و امى كانت شغالة عنده وهو اغتصبها…
قاطعته نعمات هاتفة و هر تزجر عابد باعين تلتمع بالقسوة و الكراهية
=قطع لسان اللي قالك.. كدة.. انت ابوك ده كان أمام جامع في قنا.. و امك اها كانت يتيمة بس كانت مراته على سنة الله و رسوله….
لتكمل بغضب و هى تبصق على عابد
=ياخى روح الله يلـ.ـعنك غلك و حقدك و صلوك انك تخوض في اعراض ناس ميته و عند ربها…..
لم يستطع راجح ان يقف صامداً بمكانه اكثر من ذلك ليندفع نحو عابد يسدد له لكمه قاسية اسقطته ارضاً على الفور لم يتح له الفرصة للنهوض حيث هجم عليه يضربه بقسوة و شراسة و جميع كلماته القاسية حول نسبه و والديه التى كان يسمعه و يعذبه بها منذ صغره تتردد بأذنه كالصواعق التى ترتد لتمزق قلبه
كان يضربه و هو اشبه بالمجذوب يقوده غضبه و ألمه التى سكن بداخله طوال حياته فقد جعله يكره والده ظناً منه انه كان رجل مستهتر… مغتصب.. بلا اخلاق…
شعر بيد كلاً من صدفة و والدته تقبضان على ذراعيه تحاولان جذبه بعيداً عن عابد الذي يقبع اسفله و الذى كان شبه غائباً عن الوعى بوجهه المتورم النازف الغارق بالدماء و الكدمات القبيحة…
حاول جذب ذراعيه منهما لأستئناف هجومه عليه راغباً بالقضاء عليه تماماً لكنه خرج من عاصفة غصبه تلك عندما سمع صوت صدفة تنتحب باكية بشهقات ممزقة و هى تحاول ايقافه عن جنونه هذا
=علشان خاطرى يا راجح كفاية متوديش نفسك في داهية علشان كلـ.ـب زى ده..
لتكمل بعجز و يأس وهى تجذب ذراعه بقوة
=علشان خاطر عيالك…..
تردد راجح قليلاً عند سماعه كلماتها تلك لكنه نفض بحدة يدها و يد والدته بعيداً عن ذراعيه قبل ان يعاود ضرب عابد مسدداً له لكمات قاسية حادة و هو يطلق زمجرة شرسة قبل ان يحاوط عنقه يعتصره بقوة مما جعل الرعب يدب بأوصال صدفة فور تأكدها بانه سيقتله لا محال لم تجد امامها سوى ان تدعى المرض ارتمت على المقعد متصنعة الاغماء بعد ان اشارت بصمت الى نعمات التى فهمت على الفور ما تنوى فعله…
لتسايرها و تصرخ باسمها و هى تتصنع الفزع و الهلع…
و بالفعل نجحت خطتهم تلك حيث انتفض راجح مبتعداً عن عابد الذى كان الأن غائب عن الوعى تماماً …
مندفعاً نحو صدفة و وجهه شاحب للغاية و عينيه تلتمع بالقلق والخوف ظناً منه انها قد اصابها مكروه..
هاتفاً اسمها بفزع وهو ينحنى عليها محاولاً افاقتها…
مرر يده المرتجفة على وجهها يضربها برفق على خدها يهمس بصوت ضعيف يلمئه الهلع
=صدفة… صدفة فوقى..فوقى يا حبيبتى….
اصدرت صدفة همهمة ضعيفة و هى تتصنع الافاقة تفتح عينيها ببطئ قبل ان تتشبث بعنقه و هى تهمس بخوف مصطنع
=طلعتى شقتى…. انا مش عايزة اقعد هنا…
لتكمل بهستيرية وهى تهز رأسها بقوة
=علشان خاطرى مشينى من هنا يا راجح….
نهض راجح على الفور حاملاً اياها بين ذراعيه لكنه ظل عدة لحظات واقفاً بمكانه ينظر باعين مظلمة تلتمع بالقسوة نحو ذلك الملقى على الارض غائباً عن الوعى مما جعلها تدفن وجهها بعنقه و جسدها يرتجف هامسة بصوت باكى متوسل وهى حقاً تشعر بالخوف من الغضب الذى بداخله و مما سيتسبب به اذا استسلم له و تركه يقوده
=راجح…..علشان خاطرى
خرج من جموده فور سماعه توسلها هذا تحرك راجح نحو الباب وهو يحملها بينما تتبعه والدته التى تحمل حقيبة ملابسها و اتجهوا نحو شقتهم بالاعلى..
༺༺༺༺༻༻༻༻
وضع راجح صدفة برفق فوق الاريكة بشقتهم الخاصة من ثم جلس بجانبها ممرراً يده بحنان فوق خدها قائلاً بقلق
=كويسة يا حبيبتى…؟!
اومأت برأسها بينما جلست نعمات بجانب راجح قائلة بمرح
=بطلى استعباط بقى ياختى و قومى…احنا طلعنا خلاص… الواد مخضوض عليكى
رفع راجح حاجبه و هو يبدأ يستوعب انها كانت تخدعه بالاسفل
=حلاوتك…. يعنى انتى كل ده كنت بتشتغلنى..
اهتز جسد صدفة برفق و هى تضحك بخجل و قد احمر وجهها بشدة مما جعله يبتسم و قد تأثر بمظهرها هذا احاط بيده مؤخرة عنقها ليدفن وجهها بعنقه مقبلاً اعلى رأسها و هو يعلم انها قد فعلت تلك الخدعة بسبب خوفها عليه ….
ابتسمت صدفة قبل ان تقبل عنقه برفق لكنها انتفضت فازعة عندما تنحنحت نعمات بحدة قائلة بمرح و هى بداخلها تشعر بالسعادة
=ما تلم نفسك يا خويا منك لها…. انا قاعدة…فى ايه
ابتسم راجح قائلاً و هو يبعد صدفة برفق من بين ذراعيه
=ايه ياما شغل الحموات ده….
ضحكت نعمات و هى تنحنى للأمام حتى تربت على ساق صدفة برفق
=لا حموات ايه… ده صدفة بنتى.. و يعلم ربنا بحبها قد ايه…
ربتت صدفة على يدها و هى تبتسم بسعادة على كلماتها تلك..
ضغطت نعمات على يدها برفق قبل ان تتنهد ملتفة نحو راجح قائلة بحزن
=و الله يا بنى انا مكنتش اعرف ان الوا.طى ده بيقولك الكلام اللى زى السـ.ـم ده… انا لو اعرف و الله لكنت كلـ.ـت قلبه حى…
اومأ راجح برأسه مغمغماً بصوت متحشرج
=عارف ياما….بس انا عايز اعرف ابويا يبقى مين.. وليه عابد عمل فيا كل ده…
ساد بينهم الصمت قليلاً قبل ان
تأخذ نعمات نفساً طويلاً مرتجفاً قائلة بهدوء
=ابوك يبقى الشيخ مأمون الراوى.. اخو عابد…
اتسعت عينين راجح بصدمة فور سماعه كلماتها تلك
=ايه… اخو عابد !! يعنى عابد يبقى عمى….!!!
اومأت نعمات برأسها و هى تكمل بصوت مرتجف
=ايوة مأمون يبقى اخوه الصغير..عابد كان اكبر منه بـ ٥ سنين……
لتكمل وهى تفرك يديها بعصبية
=هحكيلك الحكاية كلها من الاول خالص…. عابد جه بلدنا لوحده كان عنده حاولى ٢٧ سنة كان جاى البلد بطوله لا اخ ولا اب ولا ام.. جه و اشتغل مع ابويا على فرشة الخضار بتاعته وقتها انا حبيته و هو كمان رسم عليا الدور انه بيحبنى و اتقدم علشان يخطبنى ابويا في الأول رفض كان بيقول انه مش امين و انه مش مرتحاله بس انا أصريت عليه و اقنعت ابويا و فى الاخر وافق و اتجوزنا…
و كانت اول مرة اشوف فيها ابوك مأمون كان فى فرحى انا و عابد…وقتها اتعرفت عليه كان راجل محترم اوى و لسانه دايماً كان بيذكر الله… بس عابد كان باين عليه انه مبيحبوش و كان بيعامله بطريقة وحشة..
بعدها جه مأمون و زارنا في بيتنا كام مرة لكن عابد عمره ما زاره ولا خطى البلد بتاعته دى ابداً و كل ما كنت بطلب منه اننا نزور اخوه و نوده زى ما بيعمل كان بيرفض و يفضل يزعق…
بس بعدها بكام سنة روحنا البلد و حضرنا فرح ابوك مأمون على خديجة امك كانت بدر منور و الكل كان بيحلف بجمالها..
بس يومها عابد مسك فى خناق مأمون و حصلت بينهم خناقة كبيرة اوى و سيبنا الفرح و روحنا…و فضل عابد مقاطعه فترة طويلة اوي…..
تتفست بعمق تلتقط انفاسها قبل ان تكمل
=اما بقى انا و عابد فضلنا اكتر من ٧ سنين من غير ما ربنا يرزقنا بالخلفة… عابد كان عنده عيب يمنعه من الخلفة..
وقتها ابويا عمل مشاكل و أصر اننا نتطلق و انا كنت بدأت اكره حياتى مع عابد كان انسان أنانى.. و مكنش بتاع شغل و كان ابويا هو اللى بيصرف علينا.. سيبتله البيت فعلاً و كنت ناوية انى اطلق منه…. لحد ما جه فى يوم و قالى انه عايز يقابلنى و فضل يزن كتير لحد ما وافقت و روحت اقابله و اشوفه عايز ايه لقيت معاه طفل عمره ميكملش اسبوع…..
ووبف قليلاً لتمسك بيد راجح بين يدها و تنظر اليه باعين تلتمع بالدموع و كم الحب الأمومى الذى تشعر به نحوه
=الطفل ده كان زى حتة من الجنة اول ما شوفته خطف قلبي و روحى…
عابد قالى انه ابن صاحبه و صاحبه ده مات بعد ما غلط مع بنت غلبانة يتيمة حملت منه و ماتت و هى بتولد… وطلب منى انى ارجعله و ناخد الطفل ده في حضننا كأنه ابننا….
همست باكية و الدموع تغرق وجهها
=انا وافقت….. وافقت علشانك… روحى كانت اتعلقت بيك يمكن متصدقنيش بس ربنا يشهد عليا اول ما عينى وقعت عليك حسيتك حتة من قلبى..مقدرتش ارفض…
ضغط راجح علي يدها بينما يحاول التحكم بالغصة التي اجتاحت قلبه و هو يستمع اليها…
مسحت نعمات بعشوائية الدموع العالقة بوجنتيها قبل ان تكمل
=خدناك و سيبنا البلد و سافرنا على هنا “القاهرة “.. علشان محدش يشك انك مش ابننا… عدت أول سنة كنا كويسين و عابد كان حاله اتصلح لحد ما في يوم كان عابد مسافر…
لقيت ست كبيرة اوى في السن جت تزورنا و قالتلى انها تبقى عمة عابد انا و قتها استغربت لان كنت عارفة ان عابد و مأمون مقطوعين من شجرة مالهمش اى حد امهم ماتت و هما صغيرين و ابوهم مات و عابد عنده يجى عشرين سنة….
الست دى اول ما شافتك قعدت تعيط وتقول ابن مأمون… انا مكنتش وقتها فاهمة تقصد ايه… بس هى بدأت تحكيلى ان مأمون و مراته الحامل عملوا حادثة عربية و ان مأمون مات على طول لكن خديجة مراته فضلت في غيبوبة حاولى اسبوع وهى فى الغيبوبة ولدتك..
انا وقتها اتصدمت لان مكنتش اعرف ان مأمون و خديجة ماتوا… انا كنت فاكرة انه و عابد مقاطعين بعض… بسبب اللى حصل بينهم فى فرح مأمون و كمان عابد مكنش بيجيب سيرته خالص و لو كنت جبت سيرته كان بيقعد يزعق و يقلبها خناقة معايا فانا كمان سكت ومعتش بجيب سيرته…
تنفست بعمق قبل ان تكمل
=عمة عابد بقى قالتلى انها اتفقت مع عابد انه بما ان خديجة مالهاش اهل و كانت يتيمة و ان مأمون مالوش حد من قرايبه عايش غير عابد و بما انه مبيخلفش فهو الاوله بابن اخوه ياخده و يربيه..
و اتفقوا يقولوا فى البلد بتاعت مأمون.. انه مات هو و مراته و العيل اللي في بطنها كمان…
وقالتلى ان عابد وعدها انه يبعتلها قرشين تعيش منهم كل شهر..علشان مأمون الله يرحمه هو اللى كان بيصرف عليها…
بس عابد بقاله اكتر من ٣ شهور مبعتش لها حاجة و قعدت تشتم فيه و تقول انه طول عمره وحش.. و انانى….
و بدأت تحكيلى عن بلاويه قبل ما اتجوزه….
توقفت قليلاً نعمات تبتسم من بين دموعها عندما رأت صدفة تقترب من زوطها الذى كان وجهه قاتم متغضن بالحزن و الغضب في ذات الوقت تحيط خصره بذراعيها تضمه برفق نحوها فى محاولة منها لمواساته و التخفيف عنه…
حمدت نعمات الله بداخلها على انه رزق ولدها بتلك الزوجة المحبة الحنونة… تنهدت قبل ان تسترد قائلة
=قالتلى ان عابد طول عمره كان بيغير من اخوه مأمون… علشان مأمون من صغره الناس كانت بتحبه بسبب اخلاقه و طيبته و انه كان حافظ كتاب ربنا عكس عابد اللى كان زرعة شيطان كان خمورجى و كان بيأذى الناس دايماً و يجى على الغلبان منهم….
و كانت الناس دايماً بتقارنه بمأمون.. و انه ازاى مش زى اخوه الشيخ المحترم..و ده اللى خلى كرهه لأخوه يزيد اكتر…
و كان دايماً فى مشاكل مع ابوه صادق كان بيغير لما كان بيفتخر بمأمون فى مجالس الرجالة بتاعت البلد كان ابوهم فرحان ان ابنه بقى شيخ و امام جامع كل الناس بتحترمه لعلمه و أدبه كان دايماً فاكر ان ابوه بيفضل اخوه عنه…بس على العكس ابوهم صادق كان دايماً في ضهر عابد و ياما دارى على بلاويه اللى كان بيعملها… لحد ما ابوهم مات… وعابد فجر اكتر و اكتر حاول مأمون يكلمه و يخليه يرجع في طريقه ده بس مكنش بيسمعله و كان بيتخانق معاه… لحد ما في يوم عابد عمل مصيبة خلت البلد كلها هاجت عليه… حاول يغتصب بنت.. بس البنت صوتت بس ولاد الحلال قدروا ينقذوها منه..
وقتها الناس مسكته ضربته وبهدلته و كانوا هيموتوه لولا ان مأمون ادخل و انقذه
من بين ايديهم و الناس علشان بتحب ابوك الله يرحمه وافقوا يسيبوه بس على شرط انه يمشى و ميخطيش البلد تانى.. و طردوه فعلاً….. و مرجعش الا على فرح مأمون و خديجة بعد ما مأمون اتحايل على الناس انهم يسمحوله بس يحضر فرحه و علشان الناس بتحبه وافقوا بس عابد مسك فى مأمون ليلتها غله و حقده خلاه مش قادر يشوف اخوه فرحان و مسك فيها و اتخانقوا و ساب الفرح و مشى….
صمتت نعمات قليلاً قبل ان تلتف نحو راجح هامسة ببكاء
=انا لما عرفت كل ده كنت هسيبه و اطلق منه… بس هو هددنى بيك و قالى لو انا اطلقت منه هياخدك منى و يرميك فى اى دار ايتام… هددنى بيك علشان كده مقدرتش اسيبه…و بعد كام سنة لما انت كنت عندك حاولى ٩ سنين جه و قالى انه فهمك الحقيقة و عرفك مين امك و مين ابوك الحقيقين و انا صدقته….
غمغم راجح بصوت مظلم و الضغط الذي قبض علي صدره يهدد بسحق قلبه
=قالى فعلاً… بس قالى ان ابويا اسمه مأمون منير و يبقى صاحبه و اغتصب امى.. و انى ابن حرام
همست نعمات ببكاء مرير وهى تمسك بيديه
= دى غلطتى يا بنى…انا عارفة انى المفروض كنت اتكلم معاك عن امك و ابوك الحقيقين بس انا غيرتى و حبى ليك خالونى زى المجنونة مكنتش عايزاك تفكر فيهم… كنت عايزاك تفضل ابنى انا وبس… متفكرش في واحدة تانية انها امك حتى لو كانت ميته انا عارفة انى غلطانة و انى انانية…و انى لو كنت اتكلمت معاك عنهم مكنش الكلـ.ـب ده قدر يأذيك…..
احاطت وجهه بيديها تضم رأسه الي صدرها و هى تهمس بكلمات غير مترابطة من بين بين شهقات بكائها
=حقك عليا.. يا ضنايا… حقك عليا… انا عارفة انك اكيد زعلان منى… انا انانية و ست وحشة…..
ضمها راجح اليه بقوة هامساً بصوت مختنق
=لا ياما انا مش زعلان منك و متقوليش على نفسك كده…. انتى احسن ام في الدنيا دى.. طول عمرك حنينة عليا اكتر حتى ما كنت حنينه على ولادك اللى من صلبك..و انا من غيرك مسواش حاجة…
بكت نعمات بشهقات ممزقة ليزيد راجح من احتضانه لها بينما نهضت صدفة وجلست بجانبها تربت بحنان على ظهرها محاولة تهدئتها و هى تهمس باكية هى الاخرى
=اهدى يا خالتى….اهدى علشان سكرك ميعلاش..
انحنى راجح مقبلاً اعلى رأس والدته
=خلاص ياما علشان خاطرى… وغلاوتى عندك….
رفعت نعمات رأسها تمسح وجهها المحتقن بيديها
=غلاوتك عندى كبيرة يا راجح….
نهضت صدفة بتثاقل بسبب بطنها المنتفخة حتى تحضر لهم الطعام مستغلة الامر حتى تتركهم سوياً قليلاً بمفردهم..
ذهبت و عادت بعد قليل تحمل بصعوبة صينية كبيرة ممتلئة بالطعام لتجتاحها الراحة عندما وجدت نعمات قد توقفت عن البكاء و تتحدث مع راجح و ابتسامة مشرقة تملئ شفتيها ..
بينما انتفض راجح و اقفاً متجهاً نحوها فور ان رأها تأتى نحوهم و هى تحمل تلك الصنيه اخذها منها قائلاً بلوم
=كده يا صدفة… شايلة كل دى.. تقيلة عليكى….
ابتسمت قائلة وقلبها يمتلئ بحبه بسبب حنانه هذا
=متخفش يا حبيبى… خفيفة….
وضع الصنية على الطاولة من ثم بدأ يضع امام والدته الطعام يطعمها بيده و هو يحاول جعلها تضحك حتى يخفف الامر عنها..
راقبت صدفة اهتمامه بوالدته هذا و ابتسامة ناعمة على وجهها فقد كان حنون على من يحبهم..لا تعلم كيف استطاع عابد ان يكرهه كيف يمكن لأى شخص ان يكره مثل هذا الانسان الرائع…
༺༺༺༺༻༻༻༻
عندما انتهوا من الطعام حمل راجح الصحون الفارغة للمطبخ بينما ذهبت نعمات الى غرفة الاطفال حيث ستنام لكنها خرجت مرة اخرى متجهه نحو راجح واضعة بين يديه صندوق صغير قائلة
=الصندوق ده فيه صورة امك و ابوك انا كنت محتفظة بها…
تناول منها راجح الصندوق بيد مرتجفة لتكمل سريعاً باضطراب و تلعثم و بداخلها تعلم انها تأخرت كثيراً فى اعطاءه تلك الصورة
=انا… انا هروح انام… تصبح على خير يا ضنايا
ظلت واقفة تنتظر اجابته عليها لكنه كان واقفاً جامداً ينظر باعين متسعة بالرهبة الى الصندوق الذى بيده مما جعلها تستدير بصمت نحو غرفتها..
خرج راجح من حالته تلك ليلحق بها و يحتضنها بين ذراعيه برفق مقبلاً اعلى رأسها قائلاً باستسماح
=و انتى من اهل الخير ياما…
رفعت نعمات رأسها تبتسم له برضا مربته على ظهره قبل ان تدلف الي غرفتها بينما اتجه راجح نحو غرفته بخطوات بطيئة و عينيه لازالت مسلطة على ذلك الصندوق ..
جلس على الفراش بجانب صدفة و عينيه لازالت ثابتة على الصندوق الذى بين يديه تنفس بعمق و ضربات قلبه تعصف بجنون داخل صدره قبل ان يستجمع شجاعته و يفتحه اخيراً..
اخرج منه الصورة ليهتز جسده بقوة كما لو صاعقة قد ضربته فور ان رأى صورة والديه حيث كان والده نسخة منه..
الفرق الوحيد بينهم ان والده كان ذو لحية و يرتدى عابئة و عمامة بينما كانت تقف بجانبه عروس رائعة الجمال ذات جسد صغير و وجه مشرق ينظران الي بعضهم البعض و الحب يلتمع بعينهم..
ضغط راجح بيده علي قلبه للتخفيف من الالم الذي اصبح لا يطاق داخل صدره..
ممرراً يده برفق فوق وجه كلاً من والديه و كامل جسده يهتز بقوة باكياً بصمت على ما فقده…
كانت صدفة جالسة خلفه تراقبه بصمت مناحة اياه بعض المساحة لكنها لم تستطع ان تظل مكانها عندما رأت حالته تلك زحفت علي الفراش حتي اصبحت تجلس خلفه احاطت خصره بذراعيها مسندة رأسها على ظهره تضمه اليها تواسيه بصمت تطبع على ظهره قبلات متتالية حنونة..
ظلوا على حالتهم تلك عدة دقائق قبل ان يلتف راجح و يستلقى على الفراش جاذباً اياها بين ذراعيه دافناً وجهه بعنقها يحتضنها بقوة لكنها تجمدت مكانها عندما بدأ جسده يهتز بقوة بين ذراعيها بينما نشيج حاد يصدر منه.. ادركت انه يبكى فقد كان يحاول التماسك امام والدته حتى لا يزيد من شعورها بالذنب لكن الان قد انفجرت مشاعره التى كان يحبسها…
همست باسمه بصوت مرتجف لاهث… لكنه لم يستجيب لها مشدداً من احتضانه لها و يديه تتشبث بقوة بظهرها هامساً بصوت يملئه الالم
=انا مش ابن حرام يا صدفة…. زى كا كان بيذلنى…..
ليكمل وهو يدفن وجهه اكثر بعنقها الذى اصبح غارقاً بدموعه
=و ابويا شيخ و مش مغتـ.صب… يعنى انا مش دمى نجـ.س و لا فاسد زي ما كان بيقولى…..
احاطت خصره بذراعها تضمه اليها تمرر يدها برفق فوق ظهره العريض الذى كان يرتجف اسفل لمستها محاولة تهدئته بينما تبكى هى الاخرى على ألمه هذا …
=ده انسان مريض…مش فاهمة ليه عمل فيك كده ايه اللي استفاده لما يشوه سمعة اخوه الميت…
رفع راجح رأسه عن عنقها ليستلقى على الوسادة التى يستند رأسها عليه ليصبح وجههما متقاربان
=انا دلوقتى فهمت كان بيعمل فيا كده ليه…
ليكمل وهو يشير نحو صورة والديه التى لازالت بيده
=علشان انا نسخة من ابويا.. كل ما كان بيشوفنى كان بيفتكره.. و بيفتكر وساخته.. و قد ايه ابويا كان احسن منه….
حاول يشوه سمعة ابويا ويلزق فيه الكلام اللى كان الناس بتقوله عليه… علشان يرضى نفسيته المريضة…
اشتدت عينيه قسوة و هو يردف مزمجراً بوحشية
=بس قسماً بالله لأدفعه التمن غالى….
مررت يدها فوق وجهه تمسح الدموع العالقة به قبل ان تحيطه بيديها
=انساه و ارميه ورا ظهرك يا حبيبى انت ضربته و خدت حقك منه… و خدت الوكابة المحلات بتاعتك…
لتكمل سريعاً مقاطعة اياه عندما هم بالأعتراض
=علشان خاطرى و خاطر ولادنا.. خالينا نركز في حياتنا و مستقبلنا…. كفاية لحد كدة
همست متوسلة و هى ترفع يده تطبع فوق راحته قبلة
=علشان خاطرى ياحبيبى…
تنهد راجح قبل ان يستسلم و يومأ برأسه بالموافقة دافناً وجهه بصدرها يحتضنها بقوة..
بينما ضغطت هى بشفتيها برفق فوق رأسه ممرره يدها بحنان فوق ظهرها تهدئه حتى شعرت اخيراً بانفاسه تتثاقل لتعلم انه غرق بالنوم اخيراً لتلحق به على الفور
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور ثلاثة اشهر…
كان راجح مستلقى فوق الاريكة و بين ذراعيه تستلقى صدفة يشاهدان التلفاز بمنزلهم الجديد حيث قام راجح بعد ان استقرت الامور بعمله بشراء مبنى كامل مكون من ٧ شقق فاخرة قام بكتابة نصف المبنى باسم صدفة رغم اعتراضها و عدم موافقتها الا انه كتب نصفه لها فقد اخذ على نفسه عهداً بان ما حدث لها سابقاً و عدم وجود مكان تلجئ اليه لن يتكرر مرة اخرى فاذا حدث له شئ سيكون هذا أمانها…
كما خصص لوالدته احدى تلك الشقق و جعل لشقيقه مروان شقة و لهاجر ايضاً شقة…حيث ان اشقاءه تركوا والدهم و جائوا للعيش معه…
فهاجر جاءت و اعتذرت منه و من زوجته واقسمت انها لن تكرر ما فعلته مرة اخرى و انها قد تعلمت جيداً من خطائها…. و بالمقابل نجح راجح فى انقاذها ومنع زواجها من ذلك الذى يدعى اشرف حيث قام بابلاغ الشرطة عنه بعد وصلته المعلومات التى كان ينتظرها منذ مدة طويلة و بالفعل تم القبض عليه متلبساً و بحوزته كمية كبيرة من المخدرات…
اما مروان فقد جاء لمشاجرة راجح عند رؤيته للحالة التى بها والده حيث ظل عابد بالمشفى اكثر من اسبوع يتعالج من الاصابات و الكسور التى فى جسده..
لكن فور ان رأي مروان الحالة التى عليها وجه والدته المتورم الملئ بالكدمات وعلم من والدته ما حدث ذهب الى والده و تشاجر معه هو الاخر و ترك له المنزل و عاد معتذراً الى راجح… و وعده بالعمل معه ما ان ينتهى من جامعته…
رافضاً محاولات عابد لجذبه الى صفه حتى عندما وعده بان يكتب الـ ٤ محلات الباقية باسمه رفض رفضاً قاطعاً…
تنفس راجح بعمق و هو يحمد الله بداخله فقد بدأت حياته تستقر حيث اصبح عمله اكثر نجاحاً من قبل.. و عائلته من حوله.. و زوجته الجميلة تتقدم كل يوم بحملها و صحتها جيدة رغم انها اصبحت تواجه صعوبة في الحركة بسبب انتفاخ بطنها الكبير فقد كان يفصلها عن موعد ولادتها ايام قليلة…
شعر بضربات قلبه تتقافز بصدره بجنون فكلما شعر باقتراب هذا اليوم شعر بخوف شديد يسيطر عليه…
شدد ذراعيه من حولها يضمها الى صدره اكثر رفعت رأسها مبتسمة له واضعه في فمه قطعة من لوح الشيكولاتة الذى بيدها لكنه غمغم معترضاً و هو يهز رأسه برفض
=يا صدفة بطلى رخامة قولتلك ١٠٠ مرة مبحبهاش……
دستها بفمه رغم رفضه و هى تجيبه باصرار
= دى نوع تانى هتعجبك…. افتح بوقك
فتح فمه باستسلام و تناولها منها حتى لا يتسبب بمضايقتها ابتسمت قائلة و هى تتطلع اليه بأمل
=ايه رأيك…؟!
تغضن وجهه و هو يمضغ قطعة الشيكولاتة التى اتضح انها شيكولاتة دارك خالية من السكر
=تقرف….
ليكمل و هو يشعر ان حلقه و فمه امتلئ بطعم حاد مر
=ايه اللى انتى بتاكليه ده… انتى بتعذبى نفسك….
تنهدت و هى تتناول قطعة من لوح الشيكولاتة الذى بيدها
= اعمل ايه… عيالك اللى طالبين كده
مرر يده على بطنها المنتفخة قائلاً بخبث
=عيالى ايه.. انتى هتشتغلينى انتى فى الشهر الاخير… هو فى وحم في الاخر كدة
دفعت يده عن بطنها و هى تجيبه بحدة مبالغ بها مما جعله يستغرب حالتها المزاجية تلك
=اها فيه… بعدين هو انت هتفهم اكتر منى… انا اللي شايلاهم و عارفة هما عايزين ايه كويس….
هز كتفيه باستسلام غير راغب بان يدخل معها فى جدال فقد كانت عصبية اليوم لا يعلم ما بها
مد يده في الصحن الذى على ساقيها الملئ بالحلوى الصغيرة التي باللون الاحمر لكنه اختار القطعة الوحيدة التى كانت
باللون الاصفر لتسرع صدفة قائلة بغضب
=لا سيب دى… انا عايزة اجربها…
اتسعت شفتيه بابتسامة مستفزة قبل ان يضع قطعة الحلوى بفمه و هو ينظر اليها باغاظة مما جعلها تهتف بعصبية و هي تزجره باعين تشتعل بشرارات الغضب ضاربه اياه فى صدره بقبضتها
=على فاكرة انت بارد….
لتكمل و هى تنفجر باكية فجأة
=و الله يا راجح انت رخم و معندكش دم …
صدم راجح فور رؤيتها تبكى بهذا الشكل انحنى عليها ممسكاً بوجهها بين يديه قائلاً بلهفة
=فى ايه يا حبيبتى مالك النهاردة… انا بهزر معاكى
بعدين الكيس جوا مليان بكل الالوان…..
هزت رأسها هامسة بصوت مختنق باكى
=انا حاسة بوجع من الصبح فى ظهرى و فى بطنى من تحت… انا خايفة اوى
شحب وجه راجح فور سماعه كلماتها تلك
=من الصبح….!!
ليكمل وهو بحاول التحكم برجفة الخوف التى اصابته
=طيب الوجع زاد…؟!
اومأت برأسها و قد انسابت الدموعبصمت على وجنتيها بينما الألم الذى حاولت تجاهله منذ الصباح يزداد عليها فقد كان بالبداية مجرد الم بسيط تستطيع تحمله لذا لم ترغب باخباره حتى لا تفزعه دون سبب فقد اخبرها الطبيب ان الالم لن تتحمله اذا كانت على وشك الولادة مما جعلها تصمد وتتحمل الالم لكن الان الالم اصبح لا يطاق….
ا
انتفض راجح واقفاً عندما تحول بكائها الى شهقات ممزقة و قد احمر وجهها من شدة الالم المرتسم بوضوح علي وجهها مما جعل قلبه يسقط داخل صدره و هو لا يعلم ما الذى يجب عليه فعله لكنه اسرع بحملها بين ذراعيه عندما اطلقت صرخة حادة و قد اشتد الالم بها انطلق بها نحو باب الشقة يختطف مفتاح سيارته…
هبط الدرج و هو يصرخ باسم شقيقه مروان الذى فتح باب الشقة و خرج على الفور يهم ان يسأله ماذا يحدث لكنه فور ان رأى حالة صدفة ادرك الامر على الفور القى راجح مفتاح السيارة نحوه حتى يقود هو…حيث لم يكن يملك الاعصاب حتى يقود الى المشفى..
بينما خرجت نعمات هى الاخرى عندما سمعت صوت هتاف ولدها لتختطف عبائتها و ترتديها مسرعة و تلحق بهم..
قاد مروان السيارة باقصى سرعة يستطيعها بينما جلست نعمات بالمقدمة تاركة المقعد الخلفى لراجح الذى كان يحتضن زوجته بشدة بين ذراعيه يحاول تهدئتها ويبث الاطمئنان بداخلها رغم ان وجهه كان شاحب من شدة الخوف الذى يقصف بداخله…
و فور وصولهم الى المشفى تم ادخال صدفة الى غرفة الفحص حيث اكد الطبيب انها فى حالة ولادة بالفعل و امر الممرضات بتجهيزها سريعاً لعملية الولادة. ساعدتها نعمات التى لم تتركها ولو للحظة واحدة كما لو كانت والدتها بالفعل.. بينما ظل راجح معها يمسك بيدها و يهمس لها بكلمات مهدئة مطمئنة رغم انه يشعر بان قلبه سيقف من شدة الخوف و التوتر الذى يشعر بهم لكنه لم يظهر لها اى من هذا..
و عندما قادت الممرضات الفراش الذى تستلقى عليه صدفة نحو غرفة الولادة تشبثت بيد راجح و هى تنفجر بالبكاء رافضة تركه مما جعله ينحنى عليها يحتضنها بقوة و هو يقاوم بصعوبة الدموع التى تسد حلقه..
همست باكية و هى تدفن وجهها بصدره بينما يدها تتشبث بقوة بقميصه
=راجح.. انا خايفة…..متسبنيش
جعلت كلماتها تلك قلبه يتمزق الى الف قطعة من شدة الخوف لكنه رفع وجهها بلطف عن صدره ممرراً يده بحنان على رأسها و هو يغصب شفتيه على رسم ابتسامة
=خايفة من ايه.. يا هبلة كلها ربع ساعة و تخرجيلى انتى و ولادنا بالسلامة….
مرر اصبعه فوق خدها برفق و هو يقاوم بصعوبة حتى لا يستسلم و يدخل فى حالة هستيرية من الخوف الذى يسيطر عليه فهو لن يستطيع ان يحى اذا اصابها شئ
امسكت بيده هامسة بصوت مرتجف و هى تبكى
=طيب تعالى معايا….علشان خاطرى متسبنيش….
نظر راجح نحو الممرضات يسألهم بصمت هل مسموح له بالدخول لتومأ احدهما له بالموافقة فقد كانت ولادتها طبيعية و مسموح له بالحضور..
انحنى مقبلاً جبينها و هو يربت فوق رأسها بحنان
=خلاص يا حبيبتى هدخل معاكى….
ارتسم الارتياح بعينيها فور سماعها ذلك امسك بيدها و دلف معها الى غرفة الولادة..
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور نصف ساعة..
كانت صدفة تصرخ و هى تحاول الدفع بينما الطبيب يحثها على الدفع بقوه اكبر…
و راجح قابع بجانبها يقرأ قرأن بصوت منخفض بينما تمسك بيده تضغط عليها بقوة كادت ان تتسيب بتكسير عظامه لكنه رغم ذلك لم يشتكى…
من ثم ظل بجانبها يحثها برفق على الدفع برغم الالم الذى يعصف بقلبه كلما سمع صراخاتها تلك فقد كان يعلم مدى الالم الذى تتعرض له…
صاحت وهى تبكى متألمة بينما تتشبث بيده بقوة اكبر
=مش هعملها تانى… و الله ما هعملها تانى….
اومأ برأسه بالموافقة هو ينحنى يقبل جبينها و هو يربت فوق رأسها بحنان غير قادراً علي التكلم شاعراً بالذنب يتخلله فهو السبب فى معاناتها تلك لذا فقد قرر انه لن يدعها تخوض تلك التجربة المؤلمة مرة اخرى…
اطلقت فجأة صرخة مدوية جعلت الدماء تجف بعروقه وهى تضغط بيدها بقوة على قبضته ليصدح بعدها صوت صراخ طفلهم الذى تبعه على الفور صوت صراخ شقيقته ليعلنوا بصخب عن وصولهم الى الحياة…
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور عدة ساعات…
كانت صدفة مستلقية فوق الفراش المخصص بغرفتها بالمشفي تحمل بين ذراعيها طفلها الصغير ” حمزة ” ترضعه برفق ممسكة بحنان بيده الصغيرة بين يديها تنظر اليه بحنان و فخر …
بينما كان راجح جالساً على الفراش بجانبها يحمل بين ذراعيه طفلتهم الصغيرة ” حور ” ينظر اليها باعين تلتمع بكم الحب و الحنان الذى ينبضان بداخله نحوها و نحو شقيقها..
انحنى مقبلاً جبين صغيرته برفق قبل ان يقبل رأس شقيقها الذى لا يزال يتناول طعامه من والدته…
اقترب من زوجته برفق مقبلاً جبينها هى الاخر هامساً باذنها
=حمد لله على السلامة يا مهلبية…
ابتسمت برفق قائلة بصوت مرهق …
=الله يسلمك يا حبيبى….
لتكمل مبتسمة رغم التعب الذى تشعر به حتى تثبت له انها بخير فقد كانت تعلم ان اليوم كان صعب عليه هو الاخر
=مروحتش ليه يا حبيبى مع مروان و ماما انتى زمانك تعبان…..
لتكمل و هى تمرر يدها بشعره تتحسس رأسه برفق
=علشان خاطرى لو بتحبنى بجد روح ارتاح و ابقـ……..
قاطعها على الفور قائلاً باصرار و حدة
= انسى.. انامش هتحرك من هنا… و مش هسيبك لوحدك… بعدين احنا كلها كام ساعة و الصبح يطلع و نروح بيتنا…
اومأت برأسها بصمت فقد كانت تعلم انه اذا اصر على شئ لن يغير رأيه مهما حاولت اقناعه..
وضع من يده حور برفق فوق الفراش المخصص لها قبل ان يتجه نحو صدفة مرة اخرى و يتناول من بين ذراعيها حمزة الذى كان نائماً قائلاً بحنان و نبرة يتخللها الفخر
=تعالى يا حمزة باشا علشان اختك ترضع هى كمان من ماما….
حمله برفق بين ذراعيه مقبلاً جبينه قبل ان يضعه برفق بالفراش المخصص له.. من ثم حمل حور بحنان مقبلاً اياها فوق خدها قبل ان يضعها بين ذراعى والدتها التى ضمتها الى صدرها بحنان قبل ان تبدأ بأطعامها هى الاخرى..
من ثم جلس بجانب زوجته على الفراش جاذباً اياها برفق نحوه ليستند رأسها الى صدره انحنى مقبلاً اعلى رأسها قبل ان يرفع يدها الحرة و يقبل راحتها بعدة قبلات شغوفة مما جعلها تبتسم و هى تشعر بالسعادة من اهتمامه و حنانه الذى يغدقها به فمنذ ان خرجت من غرفة الولادة و هو لم يكف عن تقبيلها و الهمس باذنها بكم هو يعشقها..
رفعت يده هى هذة المرة وطبعت قبلة رقيقة عليها قبل ان تهمس و هى ترفع رأسها تنظر اليه و عينيها ممتلئة بحبها له
=ربنا يخاليك لنا يا حبيبى….
لتكمل و هى تمرر يدها فوق صدره و قلبها يكاد ينفجر من شدة حبها له
=انا بحبك اوى يا راجح….
احاط بيده يدها التى فوق صدره و وضعها فوق موضع قلبه قبل ان ينحنى هامساً باذنها بشغف
=و انا بحبك و بمـ.وت فيكى يا مهلبية…قبلك حياتى مكنش لها اى طعم…دخلتى حياتى غيرتيها و خلتينى ادوق طعم الفرح و الحب اللى كنت دايماً محروم منهم….
اشرق وجهها بابتسامة واسعة و قد امتلئت عينيها بالدموع عند سماعها كلماته تلك رفعت رأسها طابعة على شفتيه قبله قصيرة رقيقة وهى تهمس بصوت مرتجف
=انت اللى غيرت حياتى يا راجح… انا من غيرك و لا حاجة…انت مش جوزى بس لا انت جوزى و حبيبى وابويا و اخويا.. سندى فى الدنيا .. ربنا يخاليك ليا
ضمها بقوة اليه بينما اسندت هى رأسها على صدره متنعمة بدفئه و حنانه بينما ظل راجح يمرر يده برفق فوق ذراعها بينما يتأمل باعين تلتمع بالحب و الفخر طفلته التى تتناول الطعام من والدتها
ممرراً اصبعه بحنان فوق رأس طفلته متحسساً شعره الحريري الأسود الذى ورثته من والدتها…
ظل يتحسسها برفق و هو يقسم
بداخله بانه سيغرق ثلاثتهم بكامل حب و اهتمامه لن يبخل عليهم بشئ سيظهر لهم دائماً مدى حبه لهم و لن يخجل من اظهار ذلك لهم و امام الجميع… سيعمل دائماً لجعلهم سعداء في حياتهم
༺༺༺༺༻༻༻༻
في اليوم التالى….
جذبت اشجان نفساً طويلاً من الشيشة التى بيدها قبل ان تلتف نحو توفيق الجالس بجانبها يتناول الطعام
=عرفت ان البت صدفة ولدت امبارح…
رفع توفيق حاجبه قائلاً باهتمام
=لا و نبى….و جابت ايه ؟
هتفت اشجان بحدة و هى تزجره بقسوة
= انت هتستعبط يا خويا.. هو ايه اللي جابت ايه… ايه هتروح تباركلهم و تنقطهم مثلاً
القى الملعقة من يده قائلاً بحدة و نفاذ صبر
=عايزة ايه يا اشجان… فى ام ليلتك دى..؟!!
اجابته هاتفة بغضب و هى تعتدل جالسة لتصبح بمواجهته
=عايزاك تعمل اللى وعدتنى به و تجيبلى حق ابنى اشرف من ابن الراوى اللى رماه في السجن….
لتكمل وعينيها تلتمع بالقسوة و الحقد
=عايزاك تجيب مناخيره الارض و تبقى فضحيته على كل لسان….زي ما وعدتنى
اومأ توفيق برأسه قائلاً بهدوء و هو يتناول محرمة يمسح بها يده و فمه
=هيحصل… بس مش احنا قولنا نستنى لما البت صدفة تولد….
قاطعته هاتفة بحدة و هى تضرب بيدها فوق ساقها
=و اهى اتنيلت ولدت…. مستنى ايه بقى…..
اجابها و هو يخرج سيجارة من العبوة التى بيده و يقوم باشعالها
=مستنى انها تكمل الاربعين بتاعها يا حلوة… و يعدى بمدة حلوة كمان علشان اللى نعمله الناس تصدقه….
اومأت اشجان برأسها و هى تهز قدميها بقوة
=ايوة صح… ازاى فاتتنى دى… حرقتى على الواد مخالينى مش عارفة افكر فى حاجة…
ده اقل حاجة هيتحكم عليه بمؤبد الكمية اللى معاه مكنتش قليلة……
ربت توفيق على ذراعها مغمغماً بتهكم
=ربنا يعوض عليكى بقى….
ليكمل مبتسماً بسخرية و هو يجذب نفساً عميقاً من سيجارته
=طيب ما تفكرى تخلفى عيل غيره اهو تعوضيه… اتصلى بمتولى يرجع و لا…..
دفعت اشجان يده بعيداً قائلة بحدة و عينيها تتقافز منها شرارات مشتعلة
=انت هتستعبط يا روح امك…..
نهض توفيق واقفاً يلملم اشياءه
=لا انا اقوم امشى.. قبل ما تقلبيها غم و انا مش ناقص….
ليكمل و هو يتجه نحو باب الشقة
=و قبل ما عابد يطب و يقفشنا….
صرخت اشجان موقفة اياه
=توفيق…..
استدار اليها ينظر ببرود لتكمل بقسوة و هى تتجه نحوه
=قسماً بالله ان ما نفذت اللى وعدتنى به لأقتلك…. ابن الراوى لازم تنكسر شوكته و مناخيره تمرمغ فى الارض… عايزاه يخاف يمشى حتى في الشارع….
اتسعت شفتيه فى ابتسامة قاسية و هو يغمغم
=هيحصل كل ده… بعد فضيحة المدام اللى هتحصل… بس اتقلى… زى ما قولتلك…علشان تتلعب صح…
اومأت برأسها بصمت بينما ظلت بمكانها تراقبه و هو يغادر و عينيها تلتمع بكم الحقد و الكراهية التى تكمنها بداخلها نحو كلاً من راجح و صدفة….
يتبع….