اخر الروايات

رواية وله في ظلامها حياة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دينا احمد

رواية وله في ظلامها حياة الفصل السادس والعشرون 26 بقلم دينا احمد



الفصل السادس والعشرون
≈ اعتراف! ≈

جابت زرقاوتيها في أرجاء المكان لتصيح به بأختناق:
- أنت جايبني هنا ليه؟! رجعني وأنا والله مش هعمل فيك حاجة تزعلك.

- الله يحرقك يا عاصم على الفكرة دي!
تمتم مراد بصوت منخفض لم تستمع إليه إنما ارتفعت نبرة صوتها قائلة بذعر:

- مراد أنت بتحبني ومش ممكن تأذيني صح؟!

أومأ لها برأسه عدة مرات بصدق ثم غمغم بهدوء:
- أنا جبتك هنا عشان تتخلصي من كل حاجة تخصه تولعي فيها أو ترميها دي حقك وصدقيني دي حاجة ممكن تريح نفسيتك شوية.

احتضنته متلمسة منه القوة والثبات قائلة بشئ من الارتياح:
- طب قول أنك سامحتني.. متبقاش قاسي معايا كدا أرجوك أنا بتعذب

أسند ذقنه على رأسها ثم حدثها بخواء:
- أنسي... لما تبقي واثقة فيا وتتعلمي الأدب هقولك إني مسامحك
أكمل بألم..:
- أنا بتعذب اكتر منكي...!
هطلع فوق ثانية وجاي لو عايزة تطلعي معايا تعالي أو استني في العربية مش متأخر.

أبتعد من أمامها ليختفي بين ظلام ذلك الدرج المُخيف فابتلعت ريقها وشعرت بأنها لن تتحمل التواجد أكثر وصوت حازم يتردد صداه في عقلها !
ضغطت بيدها على فمها وأنفها في محاولة بائسة لعدم إصدار صوت أنفاسها اللاهثة عندما ملئت الإنارة المنزل بأكمله... تحركت خطوتين إلي الخلف عيناها جاحظتان تكاد تخرج من مكانها وهي تنظر لذلك الثوب الشبه عاري الملتصق على جسدها.. اهتزت الاضواء بطريق مرعبة لتوصد عيناها بقوة تُخبر نفسها بأن مراد معها هنا
ولن يسمح لأي شيء أن يؤذيها، فتحتها مرة ثانية على وسعها بسبب تلك اليد التي التفت حول خصرها ثم التصق ظهرها بذلك الجسد خلفها لتسمع ذلك الصوت البغيض يهمس جانب أذنها:
- مش قولتلك إني مش هسيبك يا حبيبة قلب حازم.

تملكها البكاء الهستيري وذلك العجز بداخلها ينتصر عليها للمرة التي لا تعرف عددها وقد شعرت كأن ذلك المشهد حقيقي!
خارت قواها وترنحت جالسة على ركبتيها أرضاً عندما أدركت أن ما تخيلته من وحي خيالها المريض رفعت بصرها لتلك اليد الدافئة التي أحاطت وجهها لتجده بابتسامته الصافية التي تعشقها ينحني هو الآخر على ركبتيه أمامها ثم تحدث بصوت شجي عميق:
- مش قولتلك اركبي العربية استنيني طالما خايفة! آسف إني سبتك لوحدك... يالا تعالي معايا.

فرق بين أخوين كالفرق بين السماء والأرض! نبرة دافئة آمنة في صوته كفيلة أن تُذيب قلبها في عشقه
أنّي له هذا؟!

تسائل بنبرة لينة:
- ميعاد أول جلسة ليكي انهارده.. عايزة تروحي ولا مش قادرة؟

هزت رأسها قائلة بإقتضاب:
- لأ أنا عايزة أحضرها.

وقف منتصباً أمامها ثم سحبها نحوه لتقف هي الأخري فهتف بحزم:
- تغيري هدومك وتشيلي الهبل ده من وشك الأول.. في مول قريب من هنا هنروح واشتريلك تليفون غير اللي ضاع و تشتري حاجة محتشمة عن الفستان ده.

تفحص الفستان بعدم رضاء و أردف بقسوة:
- أول وآخر مرة تلبسي حاجة لازقة عليكي كدة.. مش شايفة أنه محدد تفاصيل جسمك زيادة ولا الحجاب اللي أنت لبساه ده ليه احترام!

صاحت متأففة وهي لا تصدق أنها سوف تدخل معه في جدال لا نهاية له:
- ما خلاص بقا الله... أسما اللي اختارته وبعدين لا يا سيدي انا شايفاه عادي أنت اللي مكبر الموضوع.

وضع أصبعه في فمه مشيراً إليها بالصمت ثم زجرها بحدة:
- أششش اخرسي وكمان ليكي عين تعارضيني يا بت.

عضت على شفتيها تسحقها بغضب من طريقته المُفتقرة للأدب، بينما هبطت عيناه على أثر طريقتها تلك.. حركاتها العفوية الغير مقصودة بالمرة تأجج بمشاعره وتآسره ليقع صريعاً مقيداً بأغلال عشقها

زفر في أنزعاج آمرها صارراً أسنانه:
- قبل ما تتحركي اعتذري الأول.

عقدت ذراعها أمامه قائلة بحنق:
- نعم! أعتذر عشان ايه هو أنا غلطت؟

عقد ذراعيه مقلداً إياها هو الآخر قائلاً ببرود:
- اعتذري عشان قليلة الأدب و لبسك مش يليق بواحدة محجبة.. لا وسايبة أسما هانم تلعب في وشك البخت
اعتذري عشان عايزك تعتذري.

- آسفة.
قالتها بعد أن دار الصمت لما يقارب الخمس دقائق ليرمقها بجفاء ثم أولاها ظهره يسير بخطواته الواثقة لتتبعه هي قائلة بغيظ:
- بارد رخم!
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈

ضيقت نورا عيناها ناظرة إليه بأعين لامعة ثم تمتمت بين نفسها:
- يخربيت جمال أمه.. مُز أوي في نفسه.

جزت على أسنانها تنظر لأحدى الفتيات بشراسة فهي متعمدة الوقوف أمامهم حتي تُجذب انتباه مراد، ما جعلها ترتاح قليلاً هو عدم اكتراث مراد سوا للإمساك بأصابعها الناعمة

انخفض بصرها ليده الممسكة بيدها فشعرت بقلبها سوف يخرج من قفصها الصدري من فرط سعادتها متذكرة هذا المشهد في طفولتها عندما كانت تتذمر دائماً إذا لم تتشابك أيدهم وهما يتمشيان سوياً، أبتسمت له قائلة بأمتنان تتفحص الهاتف الذي بيدها بسعادة:
- شكراً بجد... التليفون بتاعي اختفي خالص كأنه فص ملح وداب.

أبتسم مدعياً الود:
- عارف إني أتاخرت بس كنت عايزك تختاريه بنفسك.. المهم معرفتيش التاني فين؟

هزت رأسها بالنفي قائلة بعبوس:
- خسارة كان عليه أرقام كتير مهمة.. أنا مستغربة اختفائه ده.

ابتسم بخبث ثم توقفا أمام سيارته ليقترب مقبلاً جبينها قائلاً بتشجيع:
- عايزك تكوني على طبيعتك و اتشجعي عشان تتغلبي على مخاوفك وأنا هكون معاكي خطوة بخطوة.. قوليلي بقا مستعدة نروح بجد ولا لما نوصل هتغيري رأيك؟!

أخبرته بإقتضاب:
- مستعدة والله
صمتت لبرهة ثم أردفت بارتباك:
- يعني.. ممممـ هو أنت هتحضر معايا الجلسة؟

زفر في تهكم من اسئلتها اللامتناهية ليهز رأسه نافياً:
- أيوا هبقي متنيل قاعد برا ... اتفضلي أركبي العربية مش هنبات في الشارع انهارده.

همهمت له ليفتح باب السيارة ثم ركب في مقعد السائق و شغل المحرك منطلقاً للمكان المنشود.

عقله يكاد ينفجر من كثرة التفكير لم يكن يتوجب عليه الصعود لذلك الطابق الثاني من منزل حازم!!
لقد رآى ما أثار مقته واستفزازه.. يشعر الآن بالكراهية الشديدة بسبب صلة الدم بينه وبين أخاه!

لتوه دلف لغرفة في أواخر ممر الطابق الثاني فكانت عبارة عن غرفة كُسيت جدرانها باللون الأحمر الدموي، الآلات التعذيب والاصفاد معلقة على الحوائط، أرضها اسمنتية غير ممهدة يوجد على أثرها دماء!! شرائط فيديوهات مسجلة وهو يعذبها!

أغمض عيناه معذباً نفسه أكثر فهو لم ينقذها من هذا الأذى، ظهرت عروق يده بطريقة بارزة ينفث بعض من غضبه في طريقة سيره المتهرجلة غير عابئ بكلمات نورا أو بمعني أصح لا يستمع لأياً مما تقوله ثم توقف سريعاً أمام أحدي البنايات المشابهة للأبراج بسبب ارتفاعها فعقدت نورا ما بين حاجبيها قائلة بتعجب:
- أول مرة أشوف بناية كبيرة بالشكل ده!
وماله مراد كمان مش بيرد عليا ليه؟!

دلفا إلي المصعد لتتعجب هي من صمته الغير مألوف منذ رحيله من ذلك البيت اللعين.. نظراته مُقتضبة خاوية
تُري ما الذي حدث؟ بالتأكيد لا يزال غاضباً منها مما حدث في الأسبوع الماضي، سيجن عقلها فشخصيته المُبهمة التي لا تفهمها تربكها للغاية!
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈
تسطحت بأريحية على الشيزلونج بينما جلس أمامها عاصم على كرسي اسود جلدي ثم هتف متفحصاً ملامح وجهها المرتبكة:
- قوليلي بقا متوترة من إيه عشان نبدأ على رواقة كدا.

لم يجد إجابتها ليردف بهدوء:
- نورا.. أنا أهم حاجة عندي تكوني واثقة أن أي كلمة هتقوليها مش هتخرج بينا واضح أنك عندك مشكلة في موضوع الثقة بس على العموم مشوارنا مع بعض طويل.. ابدئي وأنا سامعك.

فركت أصابعها وبدأت تستجمع الكلمات كي تكون جملة مفيدة:
- مـ..ـش عارفـة... أبدأ منين! ممممم.

نظرت له بتشتت فوجدته يحثها على الإكمال تنهدت بآلم قائلة:
- شكلي مش هقدر أتكلم.. آسفة إني ضيعت وقتـك و...

قاطعها مغمغماً بذلك الهدوء الذي يسيطر على نبرته وملامحه:
- متتآسفيش يا نورا أنا هنا عشان اسمعك و واثق بنجاحك.. شوفي يا ستي لو مش عاجبك المكان هنا أو مش واخدة راحتك نغيره.

صاحت بابتسامة صغيرة:
- بالعكس المكان هنا جميل ومريح كفاية المنظر اللي بيطل عليه... بص اللي هقوله بيني وبينك طبعاً.

أماء لها عاصم بالايجاب لتزفر هي قائلة بمرارة:
- أنا وعيت على الدنيا وبابا مات وأنا عندي بسنة... يعني عمري ما كلمته أو شفته غير في الصور.. الحاجة الوحيدة اللي كانت بتحببني في الحياة كانت مراد..
مراد اللي اتجسد في دور الأب، الأخ، الصاحب، الحبيب..
أول اسم نطقته على لساني أول حب ليا، أبويا اللي كان بيعاملني كأني أميرة محسسني اني حتة ازازة ممكن تتكسر... كبرت يوم بعد يوم على أيده كلمة "نوري" اللي كان بيناديني بيها كانت أجمل كلمة بالنسبالي
أكتشفت إني بحبه مش بس كدا لا بعشقه بس كنت طفلة يعني لو كنت صارحته مكنش يصدقني... واللي حطم أملى اكتر هو خطوبته و جوازه من ميس، ميس البنت الوحيدة اللي حقدت عليها وقولت أنها خطفته مني... لما ماتت سافر وأنا عندي خمستاشر سنة سافر وسابني لوحدي.

آخذت زرقاوتاها تذرف الدموع بصمت فأكملت قائلة:
- حاولت أقنع نفسي أن حبي ليه ده مراهقة أو حب أبوي.. مرضتش أكلمه كنت برفض أرد عليه واخترع كدبة عشان أنا عارفة نفسي لو سمعت صوته بس ممكن أموت.. حاولت أشغل نفسي بالثانوي و أعمل أصحاب يمكن أقدر امحي حبه من قلبي وفعلاً اندمجت معهم كتير بس عمري مقدرتش امحيه من قلبي وعقلي..
حـ.. حـازم حاول يعتدي عليا من حوالي اكتر من سنتين وأبوه طبعاً طرده ولما رجع تاني عمي غصب عليه يخطبني ويكتب كتابنا... أستخدم معايا طقم الحنية شوية يجيب هدايا، وشوية يخرجني، كلام حلو، مفآجات أحلى! كانت حاجات جديده عليا.. لسه فاكرة أول مكالمة بيني وبين مراد عاتبني كتير أوي صوته كان مخنوق بيقولي اللي أبويا بيقولوا ده صحيح ولا لأ ساعتها مكنتش لسه وافقت على جوازي من حازم بس حبيت أحسس مراد أنه ميفرقش معايا وانتقم لقلبي اللي لسه بيحبه وقتها وصفت شعوري ناحيته هو كل كلمة كانت بتخرج من لساني كانت ليه... فصل المكالمة وأنا لسه بكلمه.. كدبت على نفسي واعترفت إني بحب حازم وأنه على الأقل بيحبني ولما نتجوز أكيد هنساه وأبدأ حياة جديدة... رجع قبل ليلة الفرح بيومين رجع و كل حاجة رجعت معاه بس أصريت على نفسي أنساه واتعامل معاه بطريقة عادية لأني لو شفته اكتر من ابن عمي وأخو جوزي ابقي انسانة خاينة.. اتجوزنا أنا و حازم أول شهرين معاملته كانت كويسة بالرغم أنه كان بيزعق ويشتم بس يرجع يعمل أعذار وأسامحه عشان هبلة.. بدأت معاملته ليا كأني كلبة!
عـ..ـمل أوضة لتعذيبي مخصوص.. أول مرة ضربني كانت صعبة عليا أوي! ضربه كان قاسي شوه كل جسمي.. طلبت الطلاق قولتله نطلق بهدوء ومش هقول لحد لأسباب الطلاق وهسافر رفض وجلدي بحزامه...!
حبسني في البيت ومكنش مسموحلي أشوف الليل من النهار.. اللي كسرني اكتر الستات اللي كان بيجيبهم واللي زاد اكتر واحد معرفوش دخل بيتنا وكان ضارب حازم..
نظراته، ضحكاته كانت تخوف اتعمد حازم يبقي مربوط قدامه وهو بيغتصبني...

اجهشت بالبُكاء المرير غير قادرة على التفوه بشيء آخر بينما نظر لها عاصم بآسي ثم سحب منديل ورقي وأعطاها إياه قائلاً بصوت لين:
- وبعدين؟

هزت رأسها بقلة حيلة قائلة بصوت باكي:
- شعور.. الاغتصاب وحش أوي أنا جربته كتير وكل مرة كنت بموت فيها..
انتحبت باكية بعنف، انتزعوا روحها بأبشع الطرق امتدت أيديهم إلي ما لا تريده رغماً عنها، لا تزال تكره جسدها تدلكه بعنف حتي تدميه عندما تتوالي تلك الحوادث الشنيعة إلي عقلها، قرأت العديد من الروايات والتي جميعهم شابهوا بعضهم من حيث فكرة اغتصاب البطل وبعدها يقع في عشقها!!
من أين يأتي ذلك العشق وهو قد سلب اعز ما تملك؟! يكفي ذلك الشعور بالكسرة الداخلية والمهانة التي تجعلها تكره حياتها بأكملها، جربت وليتها لم تُجرب

توالت شهقاتها المقهورة، بينما تنحنح عاصم مقرراً أن يوقفها ثم
- اهدي كدا وخليكي ريلاكس كفاية لحد انهارده ونكمل الأسبوع الجاي.

نهضت مبتسمة إليه بإقتضاب تجفف اثار دموعها التي أغرقت وجنتها ثم ودعته وخرجت من الغرفة لتجد مراد جالساً يهز ساقيه بعنف يُخفي وجهه بكلتا يداه مستنداً على قدمه فأقتربت منه واضعة يدها على يده ثم أبعدتها قائلة بخفوت:
- يالا الجلسة خلصت معلشي أتاخرت.

أبتسم لها نصف ابتسامة لم تقابل جفينه ثم همس:
- أنتي تتأخري براحتك يا حبيبتي.. المهم عندي راحتك.

أبتسمت بخجل هامسة هي الأخري:
- مراد عيب الناس.

التوي شفتيه بيأس بينما نظراته إليها مليئة بالاحتياج، الشفقة، والحزن
في تلك اللحظة أدرك كم هو أحمق لسخريته من كثرة بكائها، هذا أقل شيء تُخرج به كبتها وآلامها، يود الآن أن يخفيها بين طيات قلبه، معاملته القاسية الجافة لن تجدي نفعاً إنما سوف تزيد الأمر سوءاً، أين ذهبت وعوده بألا يسبب ما يؤلم قلبها النقي؟ يكفيه أن النظر في بحر عيناها يُعد بمثابة العلاج لجروح قلبه ولكن بالنسبة لجروحها الغائرة كيف يسكنها؟

مسكين لا يعرف بأن تأثير كلامته عليها كالسحر و الدواء الشافي !

وقف سريعاً عندما شعر بأنه على وشك معانقتها أمام أنظار الجميع المُسلطة عليهم!!

عقدت نورا ما بين حاجبيها في تعجب من تغيره هذا ولكنها لا تقدر على خوض أسئلة وأحاديث طائلة فيكفي مشقة هذا اليوم الطويل الذي مر عليها كالسنة.. فقط الغرق في النوم هو الملجأ الوحيد لها لآخذ قسطاً من الراحة محتضنة حبيبها تهرب من وحوش الواقع...

بعد مرور بعض الوقت مددت جسدها على فراشهم الوثير براحة في فيلتهم الخاصة منتظرة خروجه من المرحاض وما هي إلا ثوان حتي خرج إليها بهيمنته ثم تمدد بجانبها جاذباً إياها لصدره العاري يحتضنها بدفء
شعر بابتسامة منها داعبت محياها فهذه اللحظة كانت أمنيتها طوال الأسبوع فهتف مداعباً خصلاتها:
- وحشتيني أوي يا نوري.. وحشني كل حاجة فيكى غيابك عن عيني بيعذب روحي.

إجابتها كانت محاوطة خصره بيدها قائلة بنعومة:
- أنت واحشني اكتر.

جملتها المكونة من ثلاثة كلمات كانت كفيلة بأن تشعره بلذة عارمة متلاعبة بأوتار قلبه النابض لها هي فقط..
ابتلع ريقه يزفر أنفاسه بمهل ثم تحدث بهدوء:
- بكرة احتمال أتأخر ومجيش إلا بعد الساعة 12 عشان ورايا Meeting مهم جداً... لو عرفت أنك اهملتي في أكلك هعلقك.

- طيب.

- مالك بتقوليها من غير نفس كدا؟ مش عاجبك الكلام.

- مالها كلمة طيب مش شايفة حاجة غريبة يعني الله!

- صوتك ميعلاش.
قالها ببرود محتضنها في تملك ثم أرغم وجهها على مقابلة وجهه ليسرق قبلة قاسية من ذلك الثغر الوردي الذي يجعله يصل لذروة جنونه فأبعدته ضاربة صدره بيدها تنظر له بعبوس ليطلق هو ضحكة رجولية عالية
مظهرها الطفولي العابس أجمل ما ترصده عيناه!

بينما حاولت هي مدارة تلك الإبتسامة العاشقة على شفتيها قائلة بضيق:
- قليل الأدب.. حتي وأنت نايم قليل الأدب شاطر بس تتكلم مع الناس باحترام وأنا تقلبها بحركاتك دي!

لاعب حاجبيه قائلاً بخبث:
- يا بت قلة الأدب دي ليكي لوحدك.. اومال لو مش ليكي هتكون لمين يعني!

- أووف.. بس بقا مش عايزة أسمع كلامك ده.

- طب يالا نامي بسرعة مش ضامن نفسي.

أغمضت عيناها سريعاً تنفيذاً لآمره قبل أن يبدأ بمشاكسته تلك لتنتظم أنفاسها ذاهبة في ثبات نوم عميق.. بينما نهض هو بحذر شديد حتي لا يوقظها ثم خرج لثوان دلف الغرفة مرة ثانية حاملاً مذكرة أوراقها كثيرة قد جلبها من فيلا حازم وأدرك أنها تخصه من أسمه المدون علي غلافها... فتح أولى الصفحات فوجد تاريخها منذ عشرون عام قرأ ذلك التعريف الذي كتبه حازم بخط جميل متسلسل

"أنا حازم رآفت النجدي، بحب أسمي أوي والكل بيناديني بـ زوما عندي سبع سنين ونفسي لما أكبر أبقي ظابط.."

قلب بعض الصفحات سريعاً
"أنا بحب مراد أخويا بس بابا مُصر يقارني بيه"

أكمل التقليب بلهفة حتي توقف أمام تلك الجملة
"حقيقي تعبت من تحكمات بابا محسسني إني بنت دائماً بيستهزأ بيا هو للدرجادي بيكرهني؟.."

جحظت عيناه مُكملاً قراءة
"نورا هانم اللي بتدلع على الكل.. لا وكمان أخويا مديها اهتمامه أوي ولا كأن في كائنات بشرية عايشة معاهم بس معاه حق حتة الكريم كراميل دي تستاهل لولا أني بتخانق معاها كل شوية كنت قولت بحبها"

"دلوقتي أنا في الثانوي بابا بيهددني لو مجبتش مجموع حلو و دخلت كلية الطب ممكن يطردني من القصر طب بالنسبة لحلمي إني أبقي ظابط شرطه ولا حتي دي مليش حق فيها! حتي مراد سافر وقبل سفره وصاني على نورا"

"بالرغم إني زعلان إني في طب بس انهارده أجمل يوم في حياتي.. قابلت أحلى و أرق بنت أسمها جميلة وفعلاً إسم على مسمى ضحكتها بس اللي بتظهر غمازاتها وعينيها الجميلة آخدت قلبي"

"بحبها أيوا بحبها بس هي مش شايفاني خالص حاسس إني شفاف لأ واللي زاد اكتر هو الواد اللي أسمه شهاب ده معرفش ظهر منين بس بحس إني هموت لما بشوفها ماسكة أيده وبتضحك معاه هو أحلى مني في إيه عشان تتعامل معايا بالبرود ده وأنا بكلمها؟!.."

وضع مراد يده على فمه بعدم تصديق وهو يُكمل قراءة

"اتخطبت وحرقت قلبي اكتر مانا محروق اعترفتلها بحبي بس هي قابلتني بالأستهزاء عشان كدا قررت انتقم لقلبي، آخدت قراري إني اكسرها ومخليهاش تنفع للجواز غير مني لما تلاقي الكل رافضها، اغتصبتها وعارف إني غلطت غلطة عمري بس دي الطريقة الوحيدة عشان تقبل بيا وانا هحاول اصلح غلطتي"

"حاسس الدنيا بتدور بيا مش مصدق الخبر اللي سمعته ده! انتحرت إزاي وأنا خلاص كنت مجهز عشان اطلبها ونتجوز حتي حب حياتي ماتت!"

قلب مراد الصفحة بيد مرتعشة
"امبارح رجعت سكران ومش شايف قدامي مهو خلاص حياتي اتدمرت مفيش مشكلة لو زودتها وحاولت أخرج نفسي من اللي أنا فيه بس بغبائي كان ممكن ادمر حياة نورا بنت عمي وأنا بحاول اعتدي عليها لولا صراخها اللي صحي البيت كله وعرفوا ينقذوها مني كنت غلطت نفس الغلطة"

" نفسي أفهم أبويا مش بيمل ليه؟ حتي الجواز فيه غصب يعني يجوزني نورا يا إما يسيبني في الشارع..!
وافقت وقررت اخليها هي اللي تطلب تسيبني
اتخطبنا وحسيت هي كمان مجبورة بس بتشدني ليها واحدة واحدة يمكن عشان بشبه بينها وبين جميلة أو عشان هي حلوة أوي برضوا"

"حياتي بتدمر بالبطئ بقيت اشرب و أعمل علاقات حرفياً كل حاجة غلط بعملها بتحدي أبويا إني أقدر أعمل كل حاجة"

"اتجوزتها خلاص بس مش مبسوط انا كرهت نفسي وكرهتها، كرهت حياتي كلها
جاسر رشاد أخو جميلة ضربني جامد اوي وآخدني على الفيلا عشان ينتقم مني ويغتصبها قدامي، هو مكملش اللي كان عايز يعمله وسابها بس ساعتها حسيت بوجع وإهانة كبيرة وأنا بعيط من الموقف ده"

صفحة تليها الأخري...
"بقيت مدمن ومريض بالسادية كمان راحة نفسية كبيرة بالنسبالي وأنا سامع صراخها اللي كان أحسن من أي جرعة هيروين اتخيلتها جميلة وكنت بعاقبـ..."

أغلق مراد الدفتر سريعاً بأعين متسعة من هول الصدمة.. لا يصدق ما قرأه صدمات تليها الأخري تهبط عليه كالصاعقة !!
خلل شعره حتي كاد أن يقتلعه بين يداه من فرط ما يشعر به ثم ألقي كوب من الماء البارد فوق رأسه يحاول لملمة شتات نفسه وهو يشعر بالعجز بداخله..
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈

- آلو مين معايا؟
قالتها أسما وهي تفرك عيناها محاولة طرد النعاس ليأتيها صوت رجولي أجش:
= أنا شهاب يا أسما.

حمحمت حتي تظبط صوتها الناعس قائلة باستنكار:
- خير يا شهاب بتتصل بدري ليه؟

أبتسم بحرج قائلاً بضحكة خافتة:
= معلشي صحيتك.. بس أنا متعود اصحي بدري والحقيقة سمعت أن في كافيه إيطالي فاتح جديد وحبيت نروح أنا وانتي نفطر سوا.. واعتبريها سياحة يا ستي انا من وقت ما جيت هنا مخرجتش ولا مرة.

ابتلعت ريقها وهي تتأكد من هوية المتصل مرة ثانية بعدم تصديق فهل يطلب منها أن ترافقه؟ بينما هتف هو قائلاً باستفهام:
= أسما انتي معايا ولا نمتي تاني؟!

أجابت سريعاً
- لأ أنا معاك أهو.. نص ساعة وهكون جاهزة ابعتلي الـlocation عشان لسه معرفوش.

= طب بصي أنتي استنيني وأنا هاجي آخدك.

- تمام أنا مستنية.. سلام.

أنهت المكالمة لتضع يدها على قلبها قائلة بصدمة:
- جرا ايه مالي؟! هو كلمتين منه هيعملوا كدا.. لا اثبتي يا سيمو الله يخليكي واجمدي كدا.

أخرجت ملابسها لترتديها على عجالة ثم صففت شعرها وجلست منتظرة قدومه...
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈
أرتدت نورا ملابسها ثم خرجت لتجده جالساً وقد أرتدي بذلته الرسمية ممسكاً بملف يطالعه بعناية فتحدثت هي بنبرتها الناعمة:
- أنا جاهزة.

رفع مراد نظره ينظر لفستانها بتقييم، حسناً جيد إلي حد ما فصاح قائلاً ببرود:
- اللون ده ميتلبسش تاني ومتقوليش ماله عشان لونه ظاهر عيونك أوي.

زفرت في سأم ثم عقدت ذراعيها ليقف هو متفحص وجهها بعناية ليقترب واضعاً أصبعه على شفتيها فوجد لون لامع على أصابعه لتصدر هي همهمات منزعجة فتسائل رافعاً حاجباه:
- إيه اللي حطاه ده؟

أبتسمت ابتسامة سمجة قائلة بهدوء:
- دا ملمع شفايف وعلى فكرة مش ظاهر.

اطبق شفتيه على شفتيها يزيل اثار ذلك الملمع اللعين تماماً ثم تحدث ببرود بعد أن فرقا قبلتهم المحمومة:
- كل مرة تحطي البتاع ده هشيله بطريقتي وأنا الصراحة معنديش مشكلة.. فاهمة.

هزت رأسها بطاعة وهي تنفخ وجهها بضيق ليربت على حجابها قائلاً بغرور:
- شاطرة..

دس يده في جيب سترته ثم أخرج خاتماً ماسياً لمعته متوهجة ثم أمسك يد نورا مقبلاً إياها برقة واضعاً إياه في يدها قائلاً بحزم:
- الخاتم ده يفضل في أيدك اوعي تشيليه أبداً.

أومأت له مبتسمة بأتساع:
- روعة يا حبيبي.

اتسعت عيناه مما قالته ليردد خلفها بدهشة: حبيبي!

أسبلت له بتلك الزرقاوتان الواسعة في دلال ثم وقفت على أطراف أصابعها مطوقة عنقه وطبعت قبلة صغيرة على وجنته قائلة بمياعة:
- طبعاً حبيبي عندك شك ولا...

قاطعها بلهفة محتضناً إياها:
- شك إيه يا عبيطة أنا ما صدقت سمعتها.

تفلتت من حصاره القوي لها ثم أرسلت له قبلة في الهواء مبتسمة بمرح بينما اتبعها هو ينهيها عن الذهاب الآن متمنياً أن يحظو ببعض الوقت سوياً وما أن وجدها قد جلست السيارة حتي أرسل لها نظرات ساخطة ثم انطلقوا متوجهين إلي قصر العائلة وبعد عدة دقائق ترجلا من السيارة فتحدثت نورا سريعاً:
- أنا رايحة المول مع يارا والبنات أصحابي.

فرت هاربة قبل أن تستمع إلى صيحاته الرافضة بينما أبتسم هو بتهكم ثم دلف إلي الداخل وألقي السلام على الجميع ثم صاح بلباقة موجهاً حديثه إلي رآفت:
- بعد أذنك يا حج عايز أتكلم معاك..
أنا مستني في المكتب.
قال جملته الأخيرة متوجهاً إلي المكتب ليتبعه رآفت بعد ثوان ثم وصد الباب خلفه بهدوء وجلس أمام مراد.. ليستغفر مراد في سره عدة مرات قبل أن يتحدث معاتباً إيه:
- ليه معاملتك مع حازم كانت وحشة كدا؟ مسبتوش يحقق اللي بيتمناه ويدخل كلية الشرطة ليه؟

نكس رآفت رأسه قائلاً بحزن:
- صدقني أنت مش هتفهم حاجة.

امتدت يد مراد إلي أسفل ذقن والده ليرفع رأسه فهتف بلين:
- فهمني يا بابا أنا محتاج اسمعك أرجوك.

تنهد رآفت بحرارة ثم تحدث بخزي:
- كنت خايف عليه وحاسس إني هيطلع نسخة من هدي أمه منكرش اني قسيت عليه كتير بس عشان اخليه راجل يعتمد على نفسه.. غصبته يدخل كلية الطب عشان متبقاش أحلى منه ويبقي أولادي دكاترة قد الدنيا!
هدي لما خلفته وسابته عشان تجري وتتجوز واحد تاني دا شئ أثر فيا، قسيت عليه عشان كان مسئول مني أنا.

ثم استطرد حديثه بآلم:
- لو كنت أعرف أن قسوتي ممكن توصله أنه يدمر نفسه كدا.. كنت هتغير عشانه، دا حتة مني يا مراد.

عانق مراد أباه قائلاً بحزن تجلي في نبرته:
- مفيش في أيدينا حاجة نعملها غير الدعاء بالرحمة أكيد هو محتاج دعواتنا.

مسح رآفت تلك الدمعة الخائنة التي تساقطت من عيناه ثم غمغم بصوت ضعيف متحشرج:
- ربنا يرحمه.
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈
تسائلت أسما وهي تزيح خصلتها الثائرة خلف أذنها:
- وأنت بقا مش ناوي تستقر في البلد هنا ولا خلاص عجبتك الغربة؟

أبتسم بطرف شفتيه ابتسامته الجذابة ثم وضع يده على مؤخرة عنقه قائلاً بمكر:
- والله مصر عجبتني أوي أوي انهارده.

ابتلعت لعابها ثم اشاحت نظرها صاببة كامل تركيزها على الطبق الذي أمامها ليكمل قائلاً:
- ممكن اصفي أعمالي واستقر هنا.

همهمت له في تفهم ليرفع يده رغماً عنه واضعاً تلك الخصلة التي تأبي الثبات خلف أذنها ببطئ شديد مستمتعاً بتلك اللحظة التي لن تتكرر ليغمغم بإعجاب:
- كنت مفكر لما تسيبي شكلك بتبقي أحلى بس طلعتي في الحالتين أحسن من بعض.

- اي ده اثبتي يا أسما يخربيتك هفضح نفسي.. منك لله يا شهاب يا أبن أم شهاب.
تحدثت بداخلها في صدمة ثم تمتمت له بتوتر:
- ميرسي.

- معرفتش لسه أسماء أولادك إيه.

- آدم يبقي الكبير عنده ست سنين و هنا عندها سنتين ونص.

أبتسم لها قائلاً:
- ومش ناوية تخاويهم.

قطبت جبينها قائلة بتوجس:
- اللي هو إزاي يعني؟

تنحنح مغمغماً بنفس الإبتسامة:
- اللي هو ممكن ترتبطي.

زمت شفتيها بضيق:
- لأ خلاص تجربتي فشلت ومش عايزة أكملها.

ضيق عيناه قائلاً:
- دا آخر كلام؟

تنهدت مغمضة عيناها ثم أجابت بإمتعاض:
- آه.. مش هقدر اخاطر واتجوز حد ممكن يقسي على أولادي.

اتسعت عيناها بدهشة عندما شبك أصابعه في أصابعها قائلاً بصوته الرخيم:
- فكري وقوليلي....
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈
- أخيراً اتجمعنا بعد الشهور دي!
قالتها شيرين بابتسامة واسعة بينما هتفت ياسمين بمرح:
- بصرة يا بت يا نورا أنا وأنتي لبسنا حجاب مع بعض!

التوي جانب فم يارا بالسخرية ثم أكملت طعامها بنهم لتنظر لها الثلاث فتيات في دهشة بينما تحدثت شيرين زاجرة إياها:
- يخربيتك خلصتي الأكل قبل ما نبدأ.

نظرت إليها يارا وهي تمضغ طعامها قائلة ببراءة:
- مش أنا دا النونو.

ياسمين بحزن مصتنع:
- الله يكون في عونك يا عاصم أكيد مجنناك.

تعالت ضحكات الفتيات على مظهر يارا وبدأوا في خوض أحاديث مرحة ممتعة حتي قاطعهم رنين هاتف نورا التي نهضت ما أن علمت بأن المتصل هو مراد لتبتعد عنهم ثم أجابت ليبادر مراد بالحديث بمرح:
= بما أن محدش أتصل بيكي ولا عبرك قررت اعطف عليكي.

نفخت خديها قائلة بغيظ:
- على فكرة أنت رخم وبارد.

= الحق عليا أنا غلطان.

- لا بجد بتتصل عشان حاجة معينة مش كدا.

= الصراحة آه.. عايز أقولك إني نص ساعة بالكتير وهاجي آخدك.

- بس يا مـراد كنت عايـ...

= مبسش.. هو أنا غلطان عشان وحشتيني وعايزك.

- أعمل اللي تعمله أنا في المول اللي كنا فيه امبارح.. سلام.

أغلقت الهاتف ثم استدارت لذلك الصوت ورائها:
- لو سمحتي ممكن أطلب منك طلب؟

أبتسمت إليها نورا ببشاشة قائلة:
- أيوا طبعاً اتفضلي.

تصنعت تلك المرأة التوتر ثم أردفت:
- الشنط معايا كتير وجوزي مشي بسبب مكالمة من الشغل.. لو ممكن تشيلي بس الصغيرة لحد تحت وأنا اشيل الشنط.

آخذت منها الفتاة الصغيرة لتحملها ثم توجهت معها حتي هبطوا معاً إلي المرأب فتوقفت تلك المرأة أمام أحدي السيارات ثم أخرجت مفتاحاً وفتحت تلك السيارة لتآخذ منها الطفلة واضعة إياها في المقعد الأمامي لتعود إلي نورا مبتسمة إليها بإصفرار ثم أخرجت بخاخاً لتضغط بيدها عليه فسقطت نورا مغشي عليها....!
بينما ظهرت نورهان من خلفها تبتسم بخبث تنظر لملابسها المشابهة لملابس نورا متمتمة بفحيح الأفعي:
- مع السلامة يا نورا هانم.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close