اخر الروايات

رواية وريث آل نصران الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم فاطمة عبدالمنعم 

بسم الله الرحمن الرحيم
دلني على الطريق لقد فقدتك...
حتى صداك عني غاب، وحرمت عيني من نعمة لقياك...لم تعد تحبني المدينة وطرقاتها
فقط أحبني أنت... وأنت لم تعد هنا.

شق صراخها الأجواء، مما جعل الرجال يبتعدون عن "عيسى" وأحدهم يقول:
يلا يا "شاكر" كفاية لحد كده.

_هناخدها معانا
قالها "شاكر" بإصرار، ولم يفلتها فرد عليه شخص من الواقفين قائلا باعتراض:
تاخد مين انت اتجننت، لو ما مشتش دلوقتي هنسيبك ونمشي... احنا مبنخطفش حد.

أبعدها الرجل عن "شاكر" ورمقه بنظرات محذرة، فهرولت ناحية قطعة خشبية سقطت منهم وأتت لتضربه بها، لكن ركب السيارة جوار من أتى معهم، وقال بتشفي قبل أن تصل له:
المرة الجاية لما أشوفك اوعدك هاخدك معايا، مش هيبقى سلام من برا برا كده يا لوكا.... ثم نظر ل "عيسى" وتابع ساخرا:
وابقي سلميلي عليه.

كانت قد وصلت فضربت السيارة صارخة، ولكن السيارة تحركت به ومن معه، فتراجعت هي للوراء، وهرولت ناحية "عيسى"... انحنت لتجلس جواره
ومسكت كفه بذعر وهي تقول منبهة بانهيار:
" عيسى" أنت سامعني.
كررت النداء مرات متتالية، لم تأت إجابة ولكنه ضغط على كفها الماسك بيده فعلمت أنه يسمعها، شعرت بالأمان، وغزا الأمل قلبها فما فعله يدل أنه يسمعها...فقالت مجددا:
طب ساعدني أوديك العربية.

نطق بصوت التقطته أذنها سريعا:
"بشير".

بكت وهي ترى حالته هكذا، وهي لا تستطيع فعل شيء، بمجرد أن نطق اسم صديقه سألته بلهفة:
اتصل بيه؟

هز رأسه بالإيجاب، فتحركت مسرعة نحو السيارة تأخذ الهاتف منها ثم عادت للجلوس جواره، حاولت فتحه ولكنه مغلق فسألته:
الباسورد ايه؟

كانت شبه منتهية، تفعل كل شيء بارتعاد، وتنظر حولها كل دقيقة كقط يخشى الهجوم عليه فسمعته يقول:
2..4..6..8

فتحت الهاتف وأخطأت مره من فرط التوتر، ذهبت إلى قائمة الاتصال .... وأجرت الاتصال ، أقل من دقيقة وأتتها الإجابة، فتحدثت بعد أن سأل " بشير":
ايه يا بني نزلت القاهرة ولا لسه؟

أتته الإجابة سريعة:
احنا في القاهرة، هبعتلك location تعالى عليه بسرعة أرجوك .

نطق بذعر وقد سمع نبرتها التي تدل على انهيارها:
هو "عيسى" فين؟

_"عيسى" معايا، بسرعة علشان نلحقه.
قالتها وأغلقت، أرسلت له رسالة بموقعهما...ثم اتجهت ناحيته وخرجت كلماتها برجاء:
حاول تساعدني أوديك العربية.

باءت محاولتها بالفشل فلقد فقد وعيه كليا، وجدت "بشير" يهاتفها فأجابت مسرعة لتسمعه يقول:
عشر دقايق وهبقى عندك... انا هنا في المعرض جنبكم، متتحركيش من مكانك.

هزت رأسها موافقة، والتقطت كف "عيسى" مجددا تهمس بكلمات امتزجت بدموعها:
أنا اسفة والله... انا اسفة.

دقائق اخرى مرت وهي تحاول فعل كل شيء في وسعها ، حتى أتى "بشير" الذي بمجرد أن رأى صديقه على حالته هذه اندفع نحوه، ثبتته الصدمة ثم فاق على صوتها المستغيث، رفعه من على الأرضية بمساعدتها، ثم اتجها ناحية سيارته يدخله إلى المقعد الخلفي، دخلت هي الاخرى مسرعة بينما ركب "بشير" سيارته وشق الطريق كمن يصارع وحوشا ضارية.

★***★***★***★***★***★***★***★

بكاء بحسرة لا تنقطع عنه جعل صديقتها تهتف معترضة:
كفاية بقى يا "مروة"... صدقيني " حسن" هو الخسران.

مسحت دموعها بعنف وهي تقول:
وأنا كان ذنبي ايه يلعب بيا كده؟

جاورتها صديقتها في الفراش وهي تقول:
ذنبك انك مسمعتيش من كل اللي قالولك انه مبيكملش للآخر... انسيه بقى يا مروة

_لا أنا عايزة اعرف هو مع مين دلوقتي.
قالتها "مروة" بإصرار فهتفت صديقتها بتخمين:
اعتقد انه مش مع حد، كمان مبقاش يجي القاهرة كتير، ولا بيسهر في صالة البلياردو.

سألتها "مروة" وهي تدقق النظر في هاتفها وخاصة صفحته الشخصية:
كلمي "وليد"

انكمش حاجبي صديقتها وهي تسألها باستغراب:
ليه؟

قالت بتحدي نبع من داخلها:
هخليه يعملي hack على الأكونت بتاع "حسن"، أنا هعرف هو مع مين.

رمقتها صديقتها بقلق، أرادت الرفض ولكن مع إصرار " مروة" قررت أن تنفذ لها ما أرادت.

★***★***★***★***★***★***★***★

الساعات تمر بطيئة هنا، هو الآن في المشفى ينتظر خروج الطبيب من الداخل، جلست على أحد المقاعد المتواجدة في الردهة وهي تشعر أن جسدها كتلة من الثلج ولم يلن صلابته إلا فتح الباب وخروج الطبيب، هرولا ناحيته وبادر "بشير" بالسؤال:
لو سمحت تقولي حالته.

أخبرهما الطبيب بهدوء حيث قال:
في ضربة على دماغه هي اللي عملتله الاغماء، ده غير الكدمات اللي في جسمه، وجرح في بطنه .... هو فاق دلوقتي بس هيفضل معانا يومين لحد ما نتأكد إن كل حاجة تمام.

سألته "ملك" برجاء:
ينفع ندخله؟

سمح لهما بالدخول قبل انصرافه، اتجه "بشير" إلى الغرفة أولا، وجد صديقه يجلس على فراش المشفى،
كان غاضب، ثائر، بركان أوشك على الانفجار هذا أول ما وجده منه... اقترب منه وجلس أمامه مردفا:
الحمد لله انك بخير.

_ملك فين؟
سأله وكأنه لم يسمع ما قاله، فالتفت "بشير" للخلف وقد ظن أنها دخلت ورائه ولكنه لم يجدها... قبل أن يقوم للبحث عنها وجدها تدخل بتردد، وعينين ظهرا فيهما أثر البكاء جليا... التقت نظراتها بنظرات "عيسى" فتحركت نحوه تسأله بحذر:
أنت كويس؟
رفع رأسه لها فالتمعت الدموع في عينيها وهي تكرر أسفها:
انا السبب في اللي حصل... انا اسفة.

لم تقل أي شيء ل "بشير" فقط قالت مشاجرة، لم تكن في حالة تسمح بقول شيء لذا سأل "بشير":
مين اللي عملوا كده يا " عيسى" ؟

أجاب على السؤال بطلب ظهر فيه إصراره:
انا عايز أخرج من هنا دلوقتي.

اعترض صديقه باستنكار: تخرج ايه!... الدكتور قال تقعد يومين نتطمن عليك،
مش هتستحمل الخروج دلوقتي.

كررها بحدة منفعلا:
بقولك عايز اخرج يا "بشير"، محدش ليه زفت دعوة أنا هستحمل ولا لا.

ترك الفراش واستقام واقفا وسط اعتراض صديقه، أصابه الدوار فكاد أن يسقط لولا أن أحالت هي بينه وبين السقوط، أتى " بشير" وأسنده بدلا عنها هاتفا بانزعاج:
أنت مش قادر تقف على رجلك، والدكتور قال إن الخبطة اللي في دماغك جامدة، ده غير اللي في بطنك.

ابتعد "عيسى" بعد أن استعاد توازنه وهتف باختصار:
هتروحني، ولا اطلب Uber.

تأفف "بشير" بانزعاج وصاح:
يعني بحالتك دي يا بني ادم انت هتستحمل الطريق من هنا لحد اسكندرية!

ذهب "عيسى" ناحية الطاولة يبحث عن هاتفه وتحدث غاضبا:
الزفت فين ؟

أدرك "بشير" أنه سيثور الآن مما سيؤثر على إصاباته فأشار له مهدئا:
خلاص أنا هروحك.

في التوقيت ذاته، كان "جابر" يجلس في حجرته، نامت زوجته ولم يبق أحد مستيقظ سواه، فتح هاتفه ليجد رسالة من هذه التي يتحدث معها منذ أيام... قرأها حيث قالت:
أنا روحت النهاردة الكافيه اللي قولتلي انك بتقعد فيه .

ضحك بمكر، وهو يتذكر حين هاتفته بالخطأ، ثم وجد منها رسالة على تطبيق الرسائل (واتساب) تعتذر عن خطأها، فجذبها للحديث منذ ذلك اليوم
أجاب على رسالتها:
ما هو أنا للأسف مكنتش هناك النهاردة... بس أنزلك القاهرة بكرا مخصوص لو عايزة.

_هو أنا كلمتك كام يوم بس... لكن عندي فضول أشوفك بصراحة.
أرسلتها له وقبل أن يجيب عليها سمع رنين هاتف زوجته فنده منبها:
"ندى"
لم يجد إجابة فاستدار لها يربت على ذراعها بهدوء، وهو يفتح الهاتف، لم تستيقظ فأغلق المكالمة ولكن الهاتف كان مفتوح على صورة أحدهم...نعم هو يعرفه جيدا إنه "عيسى نصران"
جحظت عيناه، وهزها بعنف هذه المرة وقد ظهر الغضب في ندائه:
" ندى"
استيقظت إثر نبرته التي كستها الحدة، وقالت باستغراب:
ايه... في ايه؟

رفع الهاتف أمام عينيها سائلا بنظرات قاتلة:
تعرفيه ده؟

انتبهت جيدا، وغادرها النوم فحاولت الهرب:
شوفت بوست ليه وكنت داخلة اعمله شير من على الأكونت بتاعه قبل ما انام، بس كلمت "بيريهان" واتشغلت... وبعدين نمت فعادي أكيد اتفتحت بالغلط.

هي لم تحك له عن خطيبها الذي سبقه قبل ذلك، نظرت لوجهها لتدرس تعابيره هل يصدقها أم لا، شبه انقطاع في الأنفاس حتى نطق:
طب متبقيش تعملي share من على الأكونت بتاعه تاني.
كانت نبرة تحذيرية شعرت بشكه المدفون في طياتها فتصنعت الاستغراب وهي تسأل:
اشمعنا يعني؟.... هو التحكم كمان وصل لمين الشخص اللي اعمل من عنده share ومين لا؟

لم يعطها إجابة بل اتجه إلى المرحاض وأغلق الباب بعنف، عادت الأنفاس إليها مجددا، تشعر الآن أنها مذنبة، ولم يكتشف الذنب سوى الوحيد الذي أرادت ألا يكتشفه... سوى "جابر" زوجها.

★***★***★***★***★***★***★***★
خرج "نصران" واتجه إلى المرسم الخاص بابنه، اندهش "حسن" ونطق بضحكة واسعة:
الحاج "نصران" بنفسه نازلي هنا... ده ايه التواضع ده كله يا راجل.

بثه "نصران" قلقه قائلا:
أخوك يا "حسن" قول بالكتير كان هيوصل القاهرة 8 ولا 8 ونص هيقعدوا في الفرح ساعتين وهيرجع في تلاتة يعني كان بكبيره اوي يرجع الساعة 2 ، الساعة داخلة على خمسة وهو لسه مجاش... واتصلت بيه بيرن وميردش.

شعر "حسن" بقلق والده فاقترح:
طب استنى يا بابا أنا هرن عليه من عندي.
تابع مطمئنا:
متقلقش يا بابا جايز الطريق وحش بس ولا حاجة... خير إن شاء الله.

هو لا يصدق حرف، يشعر أن خطب ما أصاب ابنه، جفاه النوم، وهجرته الراحة في هذه الليلة.... أجرى "حسن" الاتصال، مرة ثم الثانية حتى أتته الإجابة في الثالثة بمجرد أن نطق:
ألو
جذب "نصران" الهاتف منه وقال بلهفة:
أيوا يا "عيسى"

_عمو أنا "بشير" مش "عيسى".
صدق ظنه، وزاد اضطرابه وشعر " حسن" بذلك فسأله:
مالك يا بابا؟

تابع "بشير" مطمأن "نصران":
متقلقش يا عمو " عيسى" كويس... احنا راجعين اهو كمان ساعة او ساعتين هنكون عندك.

تحدث "نصران" وقد خذلته قدماه فجلس على أحد المقاعد المتواجدة في الغرفة:
طب اديني ابني اكلمه.

لم يدر "بشير" ماذا يقول، فصديقه بمجرد أن دخل السيارة جذبه النوم عنوة، كما أخبرهم الطبيب الذي أخرجهم من المشفى بمشاجرة أن أثر ما تلقاه على رأسه هو مرافقة النوم له و احتياجه إلى الراحة حتى التأكد من عدم وجود أي مخاطر .

قال بنبرة حاول أن يجعلها مازحة:
ابنك نايم ولبسني أنا في سواقة العربية... لقاني بقوله عايز اجي عندكم يومين اشم هوا راح خالع علطول.

قال "نصران" بانفعال وقد كشف كذب محدثه:
"عيسى" مبينامش في الطريق يا "بشير" ولا بيحب حد يسوق مكانه، "عيسى" ماله اتكلم؟

ضرب "بشير" على رأسه وحاول إخماد هذه الثورة بقوله:
"عيسى" كويس والله... بس بلاش علشان خاطري اصحيه دلوقتي، و "ملك" جنبي كمان لو عايز تتأكد منها.... اهدى بس واحنا أول ما نوصل هتعرف كل حاجة.

أغلق "بشير" الهاتف فهو ليس في حالة تسمح له بأي استجواب اخر.... أما "حسن" فلاحظ القلق الذي زاد الضعفين على وجه والده فسأله بذعر....ذعر من خاف أن يذهب شقيق اخر:
بابا "عيسى" كويس صح؟

لم تأته إجابة إلا بعد دقائق حين قال والده بإنكار:
"بشير" بيقول انه كويس لكن أنا مش مصدقه.

_طب مردش هو ليه على تليفونه؟
سأل "حسن" باستغراب فكان رد والده المستنكر:
نايم .

ضغط "حسن" على هاتفه ناطقا بتوتر:
استنى يا بابا انا هكلم "بشير" تاني.
حاول الاتصال ولكنه وجد الهاتف مغلق، فتأكد من أن شكوك والده صحيحة، سمع صوت "هادية" من الخارج، لقد أتت هذه المرة بنفسها من أجل ابنتها ....خوف من ما سيحدث بعد ساعات...لن يتحمل فقد اخر، هو ما زال يعاني من فقده الأول..
هذه المرة إن كانت حقيقة ستقضي عليه.

★***★***★***★***★***★***★***★

يجلس جوار أحد الرقع الزراعية، يدخن بتوتر، وقلق حتى أتاه أخيرا اتصال فأجاب متلهفا ليسمع "شاكر" يقول:
ألف شكر يا "محسن".

تذكر " محسن" كل شيء من البداية، حين أخبر "شاكر" قبل أمس أنه سيحضر زفاف "تقى" ثم يحاول أن يمر عليه بعد انتهاء الزفاف، ودون أن يتبعه أحد... يستطيع الآن سماع صوت "شاكر" الذي قال باهتمام:
هي "تقى" عاملة فرحها في القاهرة؟

_ايوه يا بني عريسها من هناك.
كانت هذه إجابة "محسن" التي سمع بعدها طلب "شاكر":
طب بقولك إيه يا " محسن" أنا قاصدك في خدمة.

سأله عن ماهية طلبه فأتته الإجابة:
روح ل "تقى" واديها فلوس قولها دي نقطتك من الحاج "مهدي"... وبينك وبينها كده قولها تعزم " ملك" على الفرح، علشان الحاج "مهدي" جاي الفرح وعايز يقابلها هناك ويصالحها بعد المشاكل الكتير اللي حصلت، ومش هيلاقي احسن من الفرح علشان الصلح.

سأله "محسن" باستغراب:
يا بني "تقى" دي أصلا صاحبة "ملك" يعني أكيد هتعزمها، أروح انا بقى أقول الكلمتين دول ليه؟

_اعمل اللي قولتلك عليه، علشان حتى لو نسياها تفتكر تعزمها، وقولها تصر عليها انها تيجي الفرح بس متجبش سيرة الصلح دي.
أخبره "شاكر" بما أراد فنطق "محسن" بقلق:
شاكر انت ناوي على ايه تاني... احنا لسه بنلم وراك في العملة الأولى.

طمأنه "شاكر" بقوله:
متخافش... مش هوسخ ايدي تاني... هي بس وحشتني وعايز اشوفها.

عاد "محسن" إلى الواقع فسأل متلهفا:
معملتش حاجة يا "شاكر" صح؟

ضحك "شاكر" عاليا وهو يخبره بانتصار:
لا معملتش، بعد ما انت قولتلي ان "تقى" اتصلت بيك وقالتلك انها هتيجي، ولما قالتلها تعالي اركبي في العربيات اللي هتودي الناس من هنا قالت لا في حد هيوصلني...شكيت ان واحد من ولاد "نصران" معاها وكان منايا يطلع "عيسى" وطلع هو...قولت لكام واحد من الرجالة اللي انت مقعدني معاهم هنا في الصحرا دول إني عايز أروح مشوار، بعتوا معايا كام واحد علشان يأمنوني وأنا اتصرفت بعد كده بقى.

نطق "محسن" بضجر:
الله يخرب بيتك انت عملت ايه؟

_هما ضربوه وانا شوفتها
أخبره "شاكر" ببرود فعنفه "محسن" بقوله:
هو انت عقلك فوت، الناس دي مخبياك علشاني، ومبيشتغلوش بلطجية... ده انا مفهمهم انك قتلت علشان الشرف والكلام اللي انا وانت عارفين انه كدب، اكيد طبعا فهمتهم ان بنت عمك ماشية معاه علشان كده ضربوه.... هتف "محسن" بتحذير:
اسمع يا "شاكر" أي حاجة تانية هتعملها انا مليش دعوة بيها ولا هما ليهم دعوة....ارحم يا أخي بقى احنا مش ملاحقين على المصايب هنا.

لم يجد رد فلقد أغلق "شاكر" الهاتف فألقى "محسن" جواله بعنف ناطقا بانزعاج:
لما اشوف اخرتها معاك يا "شاكر".

★***★***★***★***★***★***★***★

الطريق طويل حقا، يبدو عليها الانتهاء، رمقها " بشير" بإشفاق، هو لا يعلم ما حدث ولكن المعاناة تظهر جلية على وجهها... أوقف سيارته في أحد الأركان ثم نزل بعد أن استأذن متجها إلى أحد المحال التجارية ليشتري لها شيء تأكله حتى وصولهم... بمجرد نزوله استطاعت أن تستدير إلى الخلف بحرية لتطالعه،
لم يتحدث معها بكلمة منذ أن رأته في المشفى، ولا تعلم هي ماذا تقول فالكلمات هربت جميعها.... لكن كونه نائم جعل الأمر أكثر يسر فقالت:
وكأن روحي اتاخدت مني لما شوفت "شاكر"، أول مرة بعد وفاة " فريد" شوفته فيها جيت معاك القاهرة علشان كنت خايفة، ولما اتصل بيا جتلك علشان اتطمن... لكن لما شوفته النهارده مكنتش خايفة منه هو، كنت خايفة عليك... أذى "فريد" بسببي لحد دلوقتي بيقتلني كل يوم، لو كان حصلك حاجة أنا كنت هموت... نزلت دموعها وهي تتابع:
شعور الحماية وانك دايما موجود في فترة أنا متدمرة فيها خوفت اخسره النهارده... أنا مش عارفة أنا هرجع لنفسي امتى ولا عارفة حتى ايه اللي هيحصلي بعد ساعة من دلوقتي... كل اللي اعرفه ان اشكرك على انك فضلت موجود، ومش هعرف اعتذر تاني عن اللي اتسببتلك فيه... علشان اعتذاري ده ميساويش حاجة قدام اللي ادتهولي.

استدارت وعادت إلى النظر أمامها مجددا وهي تمسح دموعها، فسمعت من الخلف ما جعل عينيها تتسع للضعف:
اللهفة اللي شوفتها في عينك، وايدك اللي طبطبت وانتِ بتدوري على أي حاجة تلحقيني بيها... تغنيكي عن أي كلمة قولتيها أو هتقوليها يا "ملاك".

تيبس جسدها، إنه صوته نعم صوته هي لا تتوهم، ولكن الأكيد أنها تتوهم في أخر ما نطقه، هو لم يقل
" ملك".... هل قال "ملاك" حقا!

ربما حديث طويل لا تألفه قلوبنا، وربما جملة واحدة تخترق كل الحصون حتى يصير الفؤاد جزءا منها... فقط لأنها صادقة... والأهم أنها قيلت لنا... لم يكن لغيرنا حظ منها... ربما الجميع ينساها لكن نحن لا ننساها أبدا.

يُتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close