رواية وله في ظلامها حياة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم دينا احمد
فصل الثالث والعشرون
(اضطراب)
ضم قبضته بقوة حتي بُرزت مفاصل يده وقد تحولت عيناه لظلام قاتم وآخذ صدره يعلو و يهبط بعنف فأزدردت نورا في توتر ثم همست بارتباك:
- مين اللي مات يا مراد مش فاهمه حاجه؟!
اعتصر عيناه بقوة ثم وضع هاتفه مرة ثانية على أذنه و خرج من الغرفة وما أن تأكد بخلو المكان حتي صاح بحدة وقد نفذ صبره:
- شكلك اتجننت ومتنفعش معايا من دلوقتي... ازاي يعني علي مات؟! ومين الحيوان اللي قالك الخبر ده... اسمع يا فتحي آخر إنذار ليك المرادي.. تجيب علي من تحت طئاطيق الأرض، لعب العيال ده مش عايزه أنا عندي بدل الواحد مليون يقدروا يجيبوا علي من ورا الشمس.. فوق يا فتحي...فوق وإياك تتصل تقول الكلمتين اللي مفيش عيل في الحضانة يصدقهم دول.
أنهي مراد المكالمة قبل أن يبادر فتحي بأحاديث و اعتذرات تافهة، زفر مطولاً لعله يستطع تمالك أعصابه التي على الحافة سواء كان بسبب رأس الأفعي علي أو جاسر.. ها هو قد تخلص من ديما فهو لن يكتفي بهذه التهمة سوف يخترع لها تهمة أخرى كي تحصل على حياة آبدية في السجن...
جميعهم أخطأوا ولكن يشفع لهم مهما حدث!
نظر مراد بطرف عيناه ليجد أدهم يقترب منه، أشعل سيجارته نافثاً دخانه ببرود فغمغم أدهم بخبث:
- شكلك طلعت واعر جوي و وراك تار.. صارحني انا كيف اخوك.
رفع مراد حاجبه بسخرية ولم يعقب على كلامه وأكمل التهام سيجارته بشراهة ثم هتف ببرود بعد صمت طال:
- نصيحة مني خليك في حالك.. أنت لسه متعرفنيش كويس.
أبتسم أدهم بتهكم ثم مد يده ساحباً تلك السجائر من فمه قائلاً:
- تعرفني دلوقيتي اني مش معترض.
اغتاظ أدهم بسبب ذلك المغرور المتغطرس بل لم يستفزه أحد مثلما استفزه ذلك الدب القطبي القابع أمامه الآن..
زفر بأنزعاج ثم تركه مغادراً المكان بخطوات سريعة غاضبة يتمتم ببعض الكلمات
خرج مراد هو الآخر وظل يسير شارداً بكل ما يحدث حوله ثم جلس أسفل شجرة ضخمة تاركاً العنان لأفكاره و تذكرياته بأن تمرمغه يميناً و يساراً...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
جلست نورا بجانب الفتيات بابتسامة واسعة بلهاء تتابعهم بحماس وهم يصنعون الفطائر فتسائلت بابتسامة:
- انا لحد دلوقتي لسه معرفتش اسم العروسة... هي أسمها إيه وفين؟.
أجابت كوثر:
- أسمها سمرا ... لو شفتيها عتحبيها قوي زمانها جايه...
- مين اللي جايب سيرتي يا ترا؟.
صاحت بها سمرا وهي تدلف إليهم بابتسامتها المتسعة سرعان ما اندثرت ابتسامتها و احتل محلها الضيق عندما هتفت فرحة بعفوية:
- دي يا ستي نورا ست البنات كانت بتسأل عنك.
وجهت نظرها نحو نورا ترمقها بحقد خفي ثم أبتسمت لها بإصفرار متوجهة نحوها تمد لها يدها كي تصافحها وما أن وضعت نورا يدها حتي ضغطت عليها سمرا بكل ما أوتيت من قوة فتحولت ملامح نورا للألم، بينما أبتسمت سمرا بخبث و نفضت يدها بعنف ثم تحدثت سمرا مصتنعة الود:
- معلش يا حبيبتي أصل لما بسلم على حد عزيز عليا مباخدش بالي..
ثم أكملت مغادرة من المكان المتواجد به نورا قائلة بغضب مكتوم:
- هطلع أنا عشان القياسات... بعدين الجو هنا كاتم أوي يا ساتر!
تعجبت نورا لطريقتها تلك بينما شعرت بالألم فآخذت تمسد على يدها برفق لتُخبرها فرحة بإحراج وهي تربت على كتفها:
- هي طريقة سمرا جامدة كدا معليش..
رسمت نورا ابتسامة مصتنعة على ثغرها و أكملت فرحة بأحديثها المرحة التي جعلت نورا تتجاوب معها سريعاً و تضحك كما لم تضحك من قبل
ثم تعالت أصوات جميع الموجودين وهن يرددون أحدي الأغنيات باندماج و استمتاع تام
"قدام مرايتها عادي.. بتدلع براحتها.. بستناها وبستعجلها.. تضحكلي وأبصلها.. تختار ألوانها.. تسأل عن رأيي في فستاها.. طب هختار إزاي وجمالها.. بيحلي الدنيا بحالها...."
ثم أكملوا بوصلة من الغناء بمرح وسعادة وقد اندمجت معهم نورا ولأول مرة تشعر بالسعادة ومدي افتقادها للجو الأسري...
نهضت تستأذن من الجميع ثم صعدت إلى الأعلى باحثة عنه، يشغل كيانها، ملامحه التي رأتها منذ قليل جعلتها تشعر بالخوف و القلق معاً، لما أصبح هو أكثر ما تفكر به؟ مشاعر مختلفة دافئة تختبرها معه هو فقط.
عقدت ما بين حاجبيها عندما لم تجده ثم خرجت لتجد أدهم فتسائلت بخفوت:
- متعرفش مراد راح فين؟
- لع.. تلاقيه في الأراضي
- وفين الأراضي دي؟
- ورا السرايا
شكرته نورا ثم انصرفت تبحث عن مراد هنا وهناك إلي أن وجدته جالساً على الأرض مستند برأسه على الشجرة يغمض عيناه
اقتربت حتي وقفت أمامه قائلة بنعومة:
- ممكن اقعد معاك؟.
فتح عيناه مبتسماً بهدوء ثم مد يده جاذباً إياها لتجلس على ساقيه فهمس بعبث:
- أنتي اللي تقعدي وأنا اللي امشي.
ابتسمت بخجل ثم اراحت ظهرها على صدره قائلة:
- أنت كدا بتدلعني.
همس مرة ثانية بصوت أجش:
- فقط تدللي صغيرتي.
أغمضت عيناها مبتسمة باتساع ليكمل هو عابثاً بأوتار قلبها
"عيناكِ أربكتا قلبي وما تابا وكادَ يغرقُ في نهريهما كادَ ! من ينقذِ القلبَ من أصفادِ نظرتها كأنما السحرُ من عينيكِ قد جادَ يا نار شوقيَ كوني والهوى قدرٌ بردًا على القلبِ إن قلبي لهم عادَ"
اصطبغ وجهها بإحمرار الخجل ثم هتفت بغيظ طفولي عندما لم تجد ما تقوله:
- لو سمحت متقولش كلام حلو عشان مبعرفش أرد.
تسائل محيطاً إياها بذراعيه:
- بتحبيني يا نوري؟.
ابتلعت لعابها بارتباك وهي لا تدري بما تجيبه!
حنانه، كلماته المدوية لجروحها، مفاجآته، أعترافه لها بمنتهي البساطة أنه يعشقها، رجولته الطاغية، كل شيء وكل تفصيلة به يُحدث زوبعة جديدة لم تختبرها!
لن تخدع نفسها أكثر هي تحبه ولكن ليست قادرة على البوح، لديها شعور بعدم الاطمئنان وهو أن يغير معاملته معها و يقسو عليها
تحرك وجهه يميناً و يساراً بيأس و خيبة أمل و زفر بحنق عندما لم تجيبه لتلتفت هي إليه سريعاً وأصبح وجهها مقابل وجهه
ارتجف صوتها وهي تحاول استجماع كلماتها لتكون جملة مُفيدة:
- أأنت.. بص.. أنا بحبك والله بس.. بس مش عارفه أقول! صدقني صعبة عليا.. أنا خايفة و...
قاطع تعثلمها:
- هششش خلاص.. انا فاهمك.
لثم جبينها ثم آخذ يلثم على إنش بوجهها برقة..
بينما كان أدهم يتابع ما يحدث من شرفته بأعين مشتعلة بنيران الغضب والحقد
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وفي اليوم الثاني...
- وحشتيني اوي يا سوزي.
صاحت أسما وهي تعانق صديقتها في المطار لتبادلها سوزان العناق قائلة باشتياق:
- أنتي اكتر يا سيمو.
تفرقا عن عناقهم لتهتف سوزان وهي تقدم إليها أحد الرجال:
- احب أعرفك بالاستاذ شهاب... اتعرفت عليه في الطيارة.
نظرت نحوه أسما مضيقة عيناها لتجد شاب مقبل عليهم تبدو ملامحه مألوفة لديها ثم مد يده مصافحاً إياها بلباقة:
- شهاب نور الدين.
ابتسمت إليه أسما بعذوبة:
- أسما رأفت.
صاحت سوزان بمرح وهي تضرب جبهتها:
- إيه شغل الرسميات ده يا جماعة! مش معقول تكوني نسيتي شهاب زميلنا أيام الدراسة.
شهقت أسما وقد أنفرج فاهها بدهشة:
- بتهزرري ! شوهاب بنفسه.
صر شهاب أسنانه بغيظ لتنفجر هي و سوزان بالضحك فغمغم هو بحنق:
- يعني بعد الفترة دي كلها لسه بتقولوا شوهاب؟!
تحدثت سوزان بخبث وهي تتطلع إليهم:
- فاكرين أيام لما كنتوا عشاق.
تلاقت أعينهم ليبتسم شهاب بعبث:
- قصدك عليا أنا ... اصلي كنت عاشق ولهان للهانم وكل ما اصارحها تقولي خلينا اصحاب يا شوهاب
ثم أضاف باقتضاب يتصنع عدم معرفته بما حدث بينها وبين زوجها:
- أخبار علي جوزك إيه؟.
أزاحت خصلاتها خلف أذنها قائلة بهدوء:
- أنا وعلي انفصلنا وهو مسافر حالياً.
همهم شهاب بتفهم وأدرك عدم راحتها في الحديث عن زوجها
تنحنحت سوزان مغيرة مجري الحديث:
- تعالوا نقعد في كافيه بدل الوقفة دي.
سلط شهاب نظره على أسما ثم صاح بصوته العميق:
- معلشي استأذن انا بقي عشان صاحبي مستنيني.
أومأت له أسما بينما قالت سوزان:
- بقولك إيه أنت بتقول أنك مسافر بعد اسبوعين يعني أنت معزوم عندنا من غير كلام كتير ومفيش اعتراض.
أنحني أمامها بحركة مسرحيه:
- تؤمري مولاتي.
ودعهم مرة ثانية ثم ركب السيارة المنتظره إياه بينما ذهبت أسما و سوزان إلي الكافيه...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ارتشف مراد من قهوته جالساً بين الرجال يتحدثون في شتي الأمور بينما كان يشارك ببعض الكلمات
فتحدث عبد الحميد موجهاً حديثه إليه:
- وأنت بقي يا مراد يابني ناوي على إيه؟.
لم يتبين مراد ما قاله وانشغل في متابعة تلك التي سلبت عقله وهي تتعلم صنع الفطائر والمعجنات و وجهها أصبح ملطخ بالدقيق يتابعها وهي تعدل حجابها بكف يدها
نظر الجميع إليه بدهشة من طريقته تلك ليناديه عبد الحميد وتعجب قائلاً بتهكم:
- يابني ركز معانا شوية.. احنا مش خاطفينها والله.. أبعد عينك عنها.
نظر له مراد مضيقاً حاجباه ولم يستمع إلى ما قاله:
- أبعد عن مين؟.
ضرب عبد الحميد كفاً على كف ثم تحدث بإقتضاب:
- كنت بسألك ناوي على ايه بخصوص موضوع الشراكة مع عيلة عتمان.
حك مراد شعره مغمغم بعدم فهم:
- هه.. مش عارف هشوف كدا.
شعر بغليان الدماء في عروقه عندما صدح صوت ضحكتها و وصل إلي مسامع الجميع ليزفر في الهواء بهدوء يحاول السيطرة على ذاته حتي لا يذهب إليها ويقتلها بين يداه ولكن كتلة الغضب التي بداخله يبدو أنها لن تخمد أبداً
آخذ يعد الدقائق و الثواني حتي تُنهي ما بيدها وتصعد إلي غرفتهم..
زمجر بنفاذ صبر ثم نهض ببرود وخرج حتي نادي بإحدي الخادمات قائلاً:
- قولي لـ نورا هانم تطلع تكلمني انا مستنيها.
أومأت له الخادمة باحترام وبعد حوالي ثلاث دقائق خرجت إليه تنظر إليه بتلك الزرقاوتان المتسعة ببراءة اغمض عيناه يتحدث مع نفسه:
- أهدي يا مراد... متنساش اللي هي عملته من شوية وإياك تنخدع بعينها.
استعاد رباطة جأشه ليجدها تلمس يده قائلة برقة جعلت أنفاسه تزداد:
- مراد.. كنت عايزني ليه؟
نظر لها بقسوة وصوت ضحكتها يتردد في أذنه ليقبض على رسغ يدها يجرها خلفه صاعداً إلي الأعلى ثم دفعها بعد أن دلف إلي الغرفة لتسقط على الأريكة فأنحني فوقها قائلاً بحدة و غضب:
- بقولك إيه... لما تتنيلي تقعدي في حتة تقعدي بأدبك.. صوت ضحكتك زلزل المكان واظن إني حذرتك قبل ما نوصل هنا.
همست محاولة الدفاع عن نفسها وهي ترتجف بداخلها من شدة الرعب:
- بـس أنا مكنش قصـ..
قاطعها زاجراً إياها:
- مش عايز أسمع نفس.. واضح اني سايبلك الحبل على الاخر يا إما تتعدلي من نفسك وإلا قسماً بالله هتشوفي وش عمرك ما شوفيته.. مش أنا اللي اسيب مراتي تتمايص و تضحك وفي رجالة موجودة، قلي آدبك مرة كمان وتبقي جبتي آخرك.
تحولت قسمات وجهها إلى الذُعر لتتهاوي دموعها بالرغم من أنها حاولت التحكم بها ولكن خذلتها كالعادة، ليزداد غضبه منها ومن نفسه ليصرخ عقله:
- نفسي أعرف بتجيبي الدموع دي كلها منين؟! بطلة العالم في العياط! المفروض يتغير أسمها من نورا لـعيوطة.
آخذت يده تزيل تلك البقع البيضاء من وجهها برقه لتنظر له بعدم فهم.. كان غاضباً من ثوانٍ والآن يعاملها بلطافة، حتماً ستجن!!
ليس لديه كلمات ليواسيها سوا هذه الجملة المُكررة التي لا ينفك عن قولها:
- متعيطيش.
نظرت له في لوم ثم همست بطريقة منفعلة ولكن بدت طفولية:
- أبعد عني ومتقولش متعيطيش تاني عشان أنت بتزعق فيا وتخوفني وبعدين انا مضايقة منك.
رفع حاجبه قائلاً باستغراب:
- ومضايقة مني ليه بقي يا ست نورا؟.
اشاحت بوجهها قائلة بحنق:
- اسأل نفسك.. ياريت لما تبقي تزعق ليا ابقي احترم نفسك انت كمان.. البنات كلهم كانوا بيعاكسوا فيك وانا سمعتهم.
تلاعب بحاجبيه قائلاً بمكر:
- غيرانة يا سوسو.
ظهر عليها الارتباك وهو يفك حجابها لتصيح بتعثلم:
- أبعد عني يا قليل الأدب.
أكمل ما يفعله قائلاً بمرح:
- هتموتي يا سوسو...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في فيلا جاسر رشاد..
تعانق شهاب و جاسر بحرارة فصاح جاسر من بين ضحكاته:
- نفسي افهم دماغك دي.. امبارح مكلمني وقولت أنك مش جاي وبعدين تتصل الصبح وتقول أنك هتركب الطيارة!
هندم شهاب ملابسه بغرور:
- نحن نختلف عن الآخرين.
ضربه جاسر على كتفه دافعاً إياه:
- طب يالا يا خفيف قدامي.
صاح شهاب ممسكاً بكتفه:
- الله يا عم متزوقش.. 100 مرة أقولك ايدك تقيلة بحس انك مركب حديد فيها.
- اخلص يابو قلب رهيف الأكل هيبرد.
دلفا إلي حجرة الطعام ليبتسم شهاب ملئ فمه وهو يشمر ساعديه قائلاً بنهم:
- محاشي و طواجن! انا قاعدلك هنا قتيل.
هبطت رحمة إلي الأسفل مرتدية فستان من اللون الفيروزي وبه بعض فصوص اللؤلؤ الأبيض و فوقه حجاب أبيض وارتدت حذاء أرضي لونه ابيض هو الآخر ثم دلفت إليهم لينهض شهاب يمد لها يده قائلاً:
- تسمحيلي أقولك المفروض يتعملك تمثال للجمال ويتحط في متحف!
أخفضت وجهها بخجل قائلة بخفوت:
- شكراً لحضرتك.
صاح جاسر وقد انفجر غضبه:
- تسمحولي اجيب شجرة واتنين لمون لحضراتكم!
جرا ايه يا شهاب ما تتهد بدل ما اقطعلك لسانك و سيب أيدها.
تنحنح شهاب وهو يكبح جماح رغبته في الضحك فهو كان يتعمد إغاظته دائماً بسرد الكلمات المعسولة لشقيقته أمامه وها هو نجح مرة ثانية ولكن غيرته تضاعفت!
جلسوا ثلاثتهم على الطاولة وكلما نظر شهاب إلي جاسر وجده يحدق به بنظرات متشعلة فيعود صابباً كامل تركيزه على الطبق الذي أمامه..
وبعد مرور بعض الوقت..
جلس جاسر وشهاب في غرفة المكتب ليُخرج شهاب شريحة من هاتفه قائلاً بجدية:
- الشريحة دي فيها كل أعمال علي السودا.. مكالمات، واعترافات، رسايل.
أخذها منه جاسر قائلاً بهدوء:
- حاسس أنه ممكن يفلت منا ويعرف يهرب.. متأكد يا شهاب أنك موصي عليه جامد؟
هز شهاب رأسه ثم قطب جبينه قائلاً بتعجب:
- إزاي في إنسان زيه عنده كمية الحقد و الغل دي لإبن عمه؟!
ابتلع جاسر غصة في حلقه فهو كان مثله وأكثر.. بالرغم أن مراد لم يتعرض له أو يأذيه ولكن وجد نفسه يكرهه ويريد إلحاق الأذية به وإبعاد زوجته عنه..
هتف شهاب بلهجة مرهقة:
- نكمل كلامنا في وقت تاني بقا.. انا يادوب أمشي عشان أريح جسمي شوية.
أوقفه جاسر قائلاً:
- لو مش قادر خليك هنا.. وبعدين هتقعد فين؟.
تمتم شهاب بحزن:
- في الشقة اللي كنت هتجوز فيها أنا وجميلة الله يرحمها.. سلام انا ماشي.
تنهد جاسر بحزن وهو يتابع شهاب حتي غادر...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في مكان آخر...
اقتحم العديد من الرجال ذلك المخزن وقاموا بقتل جميع الحراس الموجودين بأسلحتهم النارية حتي فتحوا أحدي الغرف المتواجد بها "علي" فأزالوا الأصفاد من يده ثم حملوه خارجين من المكان بينما كان علي فاقداً للوعي من شدة التعذيب..
أخرج أحد الحراس هاتفه ثم تحدث قائلاً:
- تمام يا باشا قدرنا نخرجه بس شكله بيموت وحالته صعبة احنا هنوديه على المستشفي..
.....: مفيش حاجة أسمها حالته صعبة انا عايزه حي.. دا طرف مهم جداً أقدر اتحكم فيه واخليه ينفذ المطلوب.
الحارس: احم.. طب هو ممكن يموت يعنـ...
.....: اعمل أي حاجة بس يعيش.. ليلتك سودا لو مجبتش خبر عدل يا بوز الأخص أنت.
الحارس: مفهوم يا باشا.
تمتم ذلك الرجل قائلاً بحقد:
- دا السلاح و خزينة المعلومات اللي أقدر ادمر بيها مراد النجدي..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد مرور عشرة أيام..
حل مراد هذا الوثاق من على عيناها ببطئ لترمش نورا بأهدابها عدة مرات محاولة الرؤية بوضوح فأتسعت عيناها بذهول وعدم تصديق عندما وجدت نفسها تقف أمام يخت واسمها مدون عليه من الأعلى...
تدلي فاهها بدهشة مما ترآه و أغمضت عيناها سامحة لنسمات البحر بأن تتغلغل إليها
التفتت إليه قائلة ببلاهة:
- إزاي دا حصل.. انا بحلم صح؟.
هز رأسه بالنفي ثم تحدث بحنان:
- ممكن متخافيش وأنتي معايا... عارف أنك بتحبي البحر بس عمرك ما نزلتيه عشان بتخافي.. دلوقتي أنتي معايا وانا عمري ما أ أذيكي.
غمغمت بقلق و خوف:
- ليه أنت عايز تنزلي؟! لو سمحت يا مراد أنا قولتلك كتير إني مش هنزل.
أومأ لها بابتسامة صغيرة ثم تحدث:
- مش هتنزلي بس هنركب هنا..
أشار بيده إلي اليخت لتهمس إليه بارتباك:
- بس أنت عارف إني بخاف من اليخت برضوا.
زفر بحيرة ثم أنحني حاملاً إياها قائلاً برقة:
- مفيش خوف وانا معاكي.. عايزك تسترخي و تستمتعي بشكل البحر و أوعدك منتأخرش..
أخفت وجهها في عنقه ثم فتحت عيناها عندما انزلها واجلسها على أحدي الكراسي ثم جلس بجانبها ممسكاً بيدها لينطلق اليخت...
وبعد أن اصبحوا في وسط البحر شعر بارتجافة يدها بين يداه ليقبلها ثم نهض و خلع قميصه فبقي عاري الصدر مرتدي بنطال قصير فقط..
فتنهد قائلاً بفتور:
- يعني برضوا مش عايزة تنزلي معايا؟.
أومأت له بالايجاب ليسحبها صاعداً إلي الطابق الثاني من اليخت فوجدت به بركة سباحة ويبدو هذا الطابق اجمل وأفخم كثيراً عن الأسفل
أمّا هو فبدأ يسبح بمهارة... بينما هي جلست وهي تحاول التماسك وعدم إظهار خوفها قدر المستطاع حتي لا ينفر منها مراد هو الآخر.. أغمضت عيناها وبدأت يدها وقدمها بالتعرق فهي عندما تشعر بالخوف يحدث معها هكذا وبدأت الذكريات والمشاهد تزدحم في عقلها عندما كانت في الخامسة من عمرها و كانت تكبرها نسرين بسنتين و بينما كانت تتشاجر معها بسبب اللعبة وبالأخير حصلت عليها نورا عندما جذبتها من يد نسرين لتشتعل نسرين غضباً ثم دفعت نورا بقوة لتسقط نورا وسط المياه فبدأت تحاول مقاومة المياه ولكن كانت المياه أعلى منها
كان جميع أفراد العائلة مجتمعة في غرفة الطعام حتي انضمت إليهم نسرين وقد بدأ عليها الخوف و الإرتباط فتسائل مراد:
- فين نورا يا نسرين؟.
أجابت نسرين بارتباك:
- معرفش...
لم تكتمل جملتها عندما أستمعت إلي صوت صياح رجل في الخارج فخرج الجميع على صوته لتتسع أعينهم جميعاً بدهشة عندما وجدوا رجلاً يحمل نورا الفاقدة للوعي..
ومن ذلك اليوم وهي لديها فوبيا من مياه البحر..
انتعشت ذاكرتها وبدأت ترتجف رعباً وهي تتذكر ما فعله حازم معها منذ عدة أشهر عندما ألقاها في بركة السباحة تاركاً إياها تعاني من هذه النوبة وبدأت في الصراخ بهستيريا وظلت على حالها هذا لأكثر من ساعة حتي أخرجها حازم ثم تركها مُلقية أرضاً وغادر المكان...!
ابتلعت غصة مريرة في حلقها ثم أزاحت دموعها سريعاً عندما وجدت مراد توقف عن السباحة ثم وضع منشفة على ظهره والتقط هاتفه الذي يرن منذ فترة طويلة قائلاً بهدوء:
- هنزل تحت أرد على الإتصال وألبس حاجة.. ثواني وجاي.
تشبثت بيده قائلة بتوسل:
- خليك معايا لو سمحت.. أو حتي نزلني معاك.
أزاح يدها قائلاً بحنان:
- خلاص أهدي بس يا حبيبتي... قولتلك ثواني وجاي.. وبعدين بتعيطي ليه؟.
ثم أكمل وهو يمسد على شعرها:
- استرخي ومتسلميش لخوفك.
هبط إلي الأسفل ثم أجاب على الهاتف سريعاً:
- أهلاً ست أسما معايا.. لحقت وحشتك.
قهقهت أسما بمرح:
= يا بكاش لو مكنتش اتصلت أنا ولا كنت هتعبرني.. اخدت نورا منا... هي فين عايزة اكلمها..
- اخلصي يا أسما عايزه إيه انا سايبها لوحدها.
= انا عرفت اللي حصل مع ديما يا مراد.. حرام اللي بتعمله فيها ده.. بالرغم اللي عملته بس انا روحت زيارة وشوفتها شكلها كان صعب أوي..
صاح مراد بحدة بينما وقفت نورا خلفه بعد انا هبطت إلي الأسفل بأعجوبة:
- اسكتي انتي... قلبك الطيب ده هيوديكي في داهية.. انا لسه معملتش حاجة انا هوريها من العذاب ألوان، انا لسه لين معاها لحد دلوقتي اللي زيها ميستحقش الرحمة دي انسانه مريضة.. اقفلي انتي يا حبيبتي دلوقتي وهيبقي أكلمك تاني..
أنهي المكالمة يهز رأسه بيأس من سذاجة شقيقته اللامتناهية.. بينما أستمع إلي شهقة قوية خرجت من فوه نورا تنظر إليه بصدمة وخوف عيناها جاحظتان ليبتلع مراد لعابه قائلاً بهدوء وهو يقترب منها:
- متفهميش غلط واسمعيني.
صرخت من أعماق قلبها الذي تهشم لأشلاء:
- أنت تخرس خالص.. مش عايزة أسمع صوتك.. منك لله أنت كمان.. انا معملتش حاجة لدا كله.. بتخوني وعايز تعذبني! مش هتنولها يا مراد بيه عشان هكون متت..
اندفعت مبتعدة عنه، تشعر بالانهيار، ظنت بأن آلامها اندثرت عندما ظهر في حياتها من جديد.. انطفئت تلك الإنارة في قلبها مرة ثانية ليحل محلها ظلام دامس! لديه حبيبة!! يُخبرها ببساطة بأنه سوف ينتقم منها..
لا وألف لا، كلماته الجارحة التي غرزت قلبها أسوء من العذاب الذي تعرضت له في حياتها
محاولاته في أخبارها بالحقيقة باءت بالفشل وبدأت في تسديد اللكمات في صدره و تصرخ بجنون ليهزها من ذراعها بقوة صارخاً بها:
- أهدي بقولك.. والله العظيم أنتي فاهمة غلط انا كنـ....
وبدون سابق إنذار وقبل أن يكمل كلامه اتسعت عيناه بذعر عندما ألقت نفسها في المياه!!!
(اضطراب)
ضم قبضته بقوة حتي بُرزت مفاصل يده وقد تحولت عيناه لظلام قاتم وآخذ صدره يعلو و يهبط بعنف فأزدردت نورا في توتر ثم همست بارتباك:
- مين اللي مات يا مراد مش فاهمه حاجه؟!
اعتصر عيناه بقوة ثم وضع هاتفه مرة ثانية على أذنه و خرج من الغرفة وما أن تأكد بخلو المكان حتي صاح بحدة وقد نفذ صبره:
- شكلك اتجننت ومتنفعش معايا من دلوقتي... ازاي يعني علي مات؟! ومين الحيوان اللي قالك الخبر ده... اسمع يا فتحي آخر إنذار ليك المرادي.. تجيب علي من تحت طئاطيق الأرض، لعب العيال ده مش عايزه أنا عندي بدل الواحد مليون يقدروا يجيبوا علي من ورا الشمس.. فوق يا فتحي...فوق وإياك تتصل تقول الكلمتين اللي مفيش عيل في الحضانة يصدقهم دول.
أنهي مراد المكالمة قبل أن يبادر فتحي بأحاديث و اعتذرات تافهة، زفر مطولاً لعله يستطع تمالك أعصابه التي على الحافة سواء كان بسبب رأس الأفعي علي أو جاسر.. ها هو قد تخلص من ديما فهو لن يكتفي بهذه التهمة سوف يخترع لها تهمة أخرى كي تحصل على حياة آبدية في السجن...
جميعهم أخطأوا ولكن يشفع لهم مهما حدث!
نظر مراد بطرف عيناه ليجد أدهم يقترب منه، أشعل سيجارته نافثاً دخانه ببرود فغمغم أدهم بخبث:
- شكلك طلعت واعر جوي و وراك تار.. صارحني انا كيف اخوك.
رفع مراد حاجبه بسخرية ولم يعقب على كلامه وأكمل التهام سيجارته بشراهة ثم هتف ببرود بعد صمت طال:
- نصيحة مني خليك في حالك.. أنت لسه متعرفنيش كويس.
أبتسم أدهم بتهكم ثم مد يده ساحباً تلك السجائر من فمه قائلاً:
- تعرفني دلوقيتي اني مش معترض.
اغتاظ أدهم بسبب ذلك المغرور المتغطرس بل لم يستفزه أحد مثلما استفزه ذلك الدب القطبي القابع أمامه الآن..
زفر بأنزعاج ثم تركه مغادراً المكان بخطوات سريعة غاضبة يتمتم ببعض الكلمات
خرج مراد هو الآخر وظل يسير شارداً بكل ما يحدث حوله ثم جلس أسفل شجرة ضخمة تاركاً العنان لأفكاره و تذكرياته بأن تمرمغه يميناً و يساراً...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
جلست نورا بجانب الفتيات بابتسامة واسعة بلهاء تتابعهم بحماس وهم يصنعون الفطائر فتسائلت بابتسامة:
- انا لحد دلوقتي لسه معرفتش اسم العروسة... هي أسمها إيه وفين؟.
أجابت كوثر:
- أسمها سمرا ... لو شفتيها عتحبيها قوي زمانها جايه...
- مين اللي جايب سيرتي يا ترا؟.
صاحت بها سمرا وهي تدلف إليهم بابتسامتها المتسعة سرعان ما اندثرت ابتسامتها و احتل محلها الضيق عندما هتفت فرحة بعفوية:
- دي يا ستي نورا ست البنات كانت بتسأل عنك.
وجهت نظرها نحو نورا ترمقها بحقد خفي ثم أبتسمت لها بإصفرار متوجهة نحوها تمد لها يدها كي تصافحها وما أن وضعت نورا يدها حتي ضغطت عليها سمرا بكل ما أوتيت من قوة فتحولت ملامح نورا للألم، بينما أبتسمت سمرا بخبث و نفضت يدها بعنف ثم تحدثت سمرا مصتنعة الود:
- معلش يا حبيبتي أصل لما بسلم على حد عزيز عليا مباخدش بالي..
ثم أكملت مغادرة من المكان المتواجد به نورا قائلة بغضب مكتوم:
- هطلع أنا عشان القياسات... بعدين الجو هنا كاتم أوي يا ساتر!
تعجبت نورا لطريقتها تلك بينما شعرت بالألم فآخذت تمسد على يدها برفق لتُخبرها فرحة بإحراج وهي تربت على كتفها:
- هي طريقة سمرا جامدة كدا معليش..
رسمت نورا ابتسامة مصتنعة على ثغرها و أكملت فرحة بأحديثها المرحة التي جعلت نورا تتجاوب معها سريعاً و تضحك كما لم تضحك من قبل
ثم تعالت أصوات جميع الموجودين وهن يرددون أحدي الأغنيات باندماج و استمتاع تام
"قدام مرايتها عادي.. بتدلع براحتها.. بستناها وبستعجلها.. تضحكلي وأبصلها.. تختار ألوانها.. تسأل عن رأيي في فستاها.. طب هختار إزاي وجمالها.. بيحلي الدنيا بحالها...."
ثم أكملوا بوصلة من الغناء بمرح وسعادة وقد اندمجت معهم نورا ولأول مرة تشعر بالسعادة ومدي افتقادها للجو الأسري...
نهضت تستأذن من الجميع ثم صعدت إلى الأعلى باحثة عنه، يشغل كيانها، ملامحه التي رأتها منذ قليل جعلتها تشعر بالخوف و القلق معاً، لما أصبح هو أكثر ما تفكر به؟ مشاعر مختلفة دافئة تختبرها معه هو فقط.
عقدت ما بين حاجبيها عندما لم تجده ثم خرجت لتجد أدهم فتسائلت بخفوت:
- متعرفش مراد راح فين؟
- لع.. تلاقيه في الأراضي
- وفين الأراضي دي؟
- ورا السرايا
شكرته نورا ثم انصرفت تبحث عن مراد هنا وهناك إلي أن وجدته جالساً على الأرض مستند برأسه على الشجرة يغمض عيناه
اقتربت حتي وقفت أمامه قائلة بنعومة:
- ممكن اقعد معاك؟.
فتح عيناه مبتسماً بهدوء ثم مد يده جاذباً إياها لتجلس على ساقيه فهمس بعبث:
- أنتي اللي تقعدي وأنا اللي امشي.
ابتسمت بخجل ثم اراحت ظهرها على صدره قائلة:
- أنت كدا بتدلعني.
همس مرة ثانية بصوت أجش:
- فقط تدللي صغيرتي.
أغمضت عيناها مبتسمة باتساع ليكمل هو عابثاً بأوتار قلبها
"عيناكِ أربكتا قلبي وما تابا وكادَ يغرقُ في نهريهما كادَ ! من ينقذِ القلبَ من أصفادِ نظرتها كأنما السحرُ من عينيكِ قد جادَ يا نار شوقيَ كوني والهوى قدرٌ بردًا على القلبِ إن قلبي لهم عادَ"
اصطبغ وجهها بإحمرار الخجل ثم هتفت بغيظ طفولي عندما لم تجد ما تقوله:
- لو سمحت متقولش كلام حلو عشان مبعرفش أرد.
تسائل محيطاً إياها بذراعيه:
- بتحبيني يا نوري؟.
ابتلعت لعابها بارتباك وهي لا تدري بما تجيبه!
حنانه، كلماته المدوية لجروحها، مفاجآته، أعترافه لها بمنتهي البساطة أنه يعشقها، رجولته الطاغية، كل شيء وكل تفصيلة به يُحدث زوبعة جديدة لم تختبرها!
لن تخدع نفسها أكثر هي تحبه ولكن ليست قادرة على البوح، لديها شعور بعدم الاطمئنان وهو أن يغير معاملته معها و يقسو عليها
تحرك وجهه يميناً و يساراً بيأس و خيبة أمل و زفر بحنق عندما لم تجيبه لتلتفت هي إليه سريعاً وأصبح وجهها مقابل وجهه
ارتجف صوتها وهي تحاول استجماع كلماتها لتكون جملة مُفيدة:
- أأنت.. بص.. أنا بحبك والله بس.. بس مش عارفه أقول! صدقني صعبة عليا.. أنا خايفة و...
قاطع تعثلمها:
- هششش خلاص.. انا فاهمك.
لثم جبينها ثم آخذ يلثم على إنش بوجهها برقة..
بينما كان أدهم يتابع ما يحدث من شرفته بأعين مشتعلة بنيران الغضب والحقد
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وفي اليوم الثاني...
- وحشتيني اوي يا سوزي.
صاحت أسما وهي تعانق صديقتها في المطار لتبادلها سوزان العناق قائلة باشتياق:
- أنتي اكتر يا سيمو.
تفرقا عن عناقهم لتهتف سوزان وهي تقدم إليها أحد الرجال:
- احب أعرفك بالاستاذ شهاب... اتعرفت عليه في الطيارة.
نظرت نحوه أسما مضيقة عيناها لتجد شاب مقبل عليهم تبدو ملامحه مألوفة لديها ثم مد يده مصافحاً إياها بلباقة:
- شهاب نور الدين.
ابتسمت إليه أسما بعذوبة:
- أسما رأفت.
صاحت سوزان بمرح وهي تضرب جبهتها:
- إيه شغل الرسميات ده يا جماعة! مش معقول تكوني نسيتي شهاب زميلنا أيام الدراسة.
شهقت أسما وقد أنفرج فاهها بدهشة:
- بتهزرري ! شوهاب بنفسه.
صر شهاب أسنانه بغيظ لتنفجر هي و سوزان بالضحك فغمغم هو بحنق:
- يعني بعد الفترة دي كلها لسه بتقولوا شوهاب؟!
تحدثت سوزان بخبث وهي تتطلع إليهم:
- فاكرين أيام لما كنتوا عشاق.
تلاقت أعينهم ليبتسم شهاب بعبث:
- قصدك عليا أنا ... اصلي كنت عاشق ولهان للهانم وكل ما اصارحها تقولي خلينا اصحاب يا شوهاب
ثم أضاف باقتضاب يتصنع عدم معرفته بما حدث بينها وبين زوجها:
- أخبار علي جوزك إيه؟.
أزاحت خصلاتها خلف أذنها قائلة بهدوء:
- أنا وعلي انفصلنا وهو مسافر حالياً.
همهم شهاب بتفهم وأدرك عدم راحتها في الحديث عن زوجها
تنحنحت سوزان مغيرة مجري الحديث:
- تعالوا نقعد في كافيه بدل الوقفة دي.
سلط شهاب نظره على أسما ثم صاح بصوته العميق:
- معلشي استأذن انا بقي عشان صاحبي مستنيني.
أومأت له أسما بينما قالت سوزان:
- بقولك إيه أنت بتقول أنك مسافر بعد اسبوعين يعني أنت معزوم عندنا من غير كلام كتير ومفيش اعتراض.
أنحني أمامها بحركة مسرحيه:
- تؤمري مولاتي.
ودعهم مرة ثانية ثم ركب السيارة المنتظره إياه بينما ذهبت أسما و سوزان إلي الكافيه...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ارتشف مراد من قهوته جالساً بين الرجال يتحدثون في شتي الأمور بينما كان يشارك ببعض الكلمات
فتحدث عبد الحميد موجهاً حديثه إليه:
- وأنت بقي يا مراد يابني ناوي على إيه؟.
لم يتبين مراد ما قاله وانشغل في متابعة تلك التي سلبت عقله وهي تتعلم صنع الفطائر والمعجنات و وجهها أصبح ملطخ بالدقيق يتابعها وهي تعدل حجابها بكف يدها
نظر الجميع إليه بدهشة من طريقته تلك ليناديه عبد الحميد وتعجب قائلاً بتهكم:
- يابني ركز معانا شوية.. احنا مش خاطفينها والله.. أبعد عينك عنها.
نظر له مراد مضيقاً حاجباه ولم يستمع إلى ما قاله:
- أبعد عن مين؟.
ضرب عبد الحميد كفاً على كف ثم تحدث بإقتضاب:
- كنت بسألك ناوي على ايه بخصوص موضوع الشراكة مع عيلة عتمان.
حك مراد شعره مغمغم بعدم فهم:
- هه.. مش عارف هشوف كدا.
شعر بغليان الدماء في عروقه عندما صدح صوت ضحكتها و وصل إلي مسامع الجميع ليزفر في الهواء بهدوء يحاول السيطرة على ذاته حتي لا يذهب إليها ويقتلها بين يداه ولكن كتلة الغضب التي بداخله يبدو أنها لن تخمد أبداً
آخذ يعد الدقائق و الثواني حتي تُنهي ما بيدها وتصعد إلي غرفتهم..
زمجر بنفاذ صبر ثم نهض ببرود وخرج حتي نادي بإحدي الخادمات قائلاً:
- قولي لـ نورا هانم تطلع تكلمني انا مستنيها.
أومأت له الخادمة باحترام وبعد حوالي ثلاث دقائق خرجت إليه تنظر إليه بتلك الزرقاوتان المتسعة ببراءة اغمض عيناه يتحدث مع نفسه:
- أهدي يا مراد... متنساش اللي هي عملته من شوية وإياك تنخدع بعينها.
استعاد رباطة جأشه ليجدها تلمس يده قائلة برقة جعلت أنفاسه تزداد:
- مراد.. كنت عايزني ليه؟
نظر لها بقسوة وصوت ضحكتها يتردد في أذنه ليقبض على رسغ يدها يجرها خلفه صاعداً إلي الأعلى ثم دفعها بعد أن دلف إلي الغرفة لتسقط على الأريكة فأنحني فوقها قائلاً بحدة و غضب:
- بقولك إيه... لما تتنيلي تقعدي في حتة تقعدي بأدبك.. صوت ضحكتك زلزل المكان واظن إني حذرتك قبل ما نوصل هنا.
همست محاولة الدفاع عن نفسها وهي ترتجف بداخلها من شدة الرعب:
- بـس أنا مكنش قصـ..
قاطعها زاجراً إياها:
- مش عايز أسمع نفس.. واضح اني سايبلك الحبل على الاخر يا إما تتعدلي من نفسك وإلا قسماً بالله هتشوفي وش عمرك ما شوفيته.. مش أنا اللي اسيب مراتي تتمايص و تضحك وفي رجالة موجودة، قلي آدبك مرة كمان وتبقي جبتي آخرك.
تحولت قسمات وجهها إلى الذُعر لتتهاوي دموعها بالرغم من أنها حاولت التحكم بها ولكن خذلتها كالعادة، ليزداد غضبه منها ومن نفسه ليصرخ عقله:
- نفسي أعرف بتجيبي الدموع دي كلها منين؟! بطلة العالم في العياط! المفروض يتغير أسمها من نورا لـعيوطة.
آخذت يده تزيل تلك البقع البيضاء من وجهها برقه لتنظر له بعدم فهم.. كان غاضباً من ثوانٍ والآن يعاملها بلطافة، حتماً ستجن!!
ليس لديه كلمات ليواسيها سوا هذه الجملة المُكررة التي لا ينفك عن قولها:
- متعيطيش.
نظرت له في لوم ثم همست بطريقة منفعلة ولكن بدت طفولية:
- أبعد عني ومتقولش متعيطيش تاني عشان أنت بتزعق فيا وتخوفني وبعدين انا مضايقة منك.
رفع حاجبه قائلاً باستغراب:
- ومضايقة مني ليه بقي يا ست نورا؟.
اشاحت بوجهها قائلة بحنق:
- اسأل نفسك.. ياريت لما تبقي تزعق ليا ابقي احترم نفسك انت كمان.. البنات كلهم كانوا بيعاكسوا فيك وانا سمعتهم.
تلاعب بحاجبيه قائلاً بمكر:
- غيرانة يا سوسو.
ظهر عليها الارتباك وهو يفك حجابها لتصيح بتعثلم:
- أبعد عني يا قليل الأدب.
أكمل ما يفعله قائلاً بمرح:
- هتموتي يا سوسو...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في فيلا جاسر رشاد..
تعانق شهاب و جاسر بحرارة فصاح جاسر من بين ضحكاته:
- نفسي افهم دماغك دي.. امبارح مكلمني وقولت أنك مش جاي وبعدين تتصل الصبح وتقول أنك هتركب الطيارة!
هندم شهاب ملابسه بغرور:
- نحن نختلف عن الآخرين.
ضربه جاسر على كتفه دافعاً إياه:
- طب يالا يا خفيف قدامي.
صاح شهاب ممسكاً بكتفه:
- الله يا عم متزوقش.. 100 مرة أقولك ايدك تقيلة بحس انك مركب حديد فيها.
- اخلص يابو قلب رهيف الأكل هيبرد.
دلفا إلي حجرة الطعام ليبتسم شهاب ملئ فمه وهو يشمر ساعديه قائلاً بنهم:
- محاشي و طواجن! انا قاعدلك هنا قتيل.
هبطت رحمة إلي الأسفل مرتدية فستان من اللون الفيروزي وبه بعض فصوص اللؤلؤ الأبيض و فوقه حجاب أبيض وارتدت حذاء أرضي لونه ابيض هو الآخر ثم دلفت إليهم لينهض شهاب يمد لها يده قائلاً:
- تسمحيلي أقولك المفروض يتعملك تمثال للجمال ويتحط في متحف!
أخفضت وجهها بخجل قائلة بخفوت:
- شكراً لحضرتك.
صاح جاسر وقد انفجر غضبه:
- تسمحولي اجيب شجرة واتنين لمون لحضراتكم!
جرا ايه يا شهاب ما تتهد بدل ما اقطعلك لسانك و سيب أيدها.
تنحنح شهاب وهو يكبح جماح رغبته في الضحك فهو كان يتعمد إغاظته دائماً بسرد الكلمات المعسولة لشقيقته أمامه وها هو نجح مرة ثانية ولكن غيرته تضاعفت!
جلسوا ثلاثتهم على الطاولة وكلما نظر شهاب إلي جاسر وجده يحدق به بنظرات متشعلة فيعود صابباً كامل تركيزه على الطبق الذي أمامه..
وبعد مرور بعض الوقت..
جلس جاسر وشهاب في غرفة المكتب ليُخرج شهاب شريحة من هاتفه قائلاً بجدية:
- الشريحة دي فيها كل أعمال علي السودا.. مكالمات، واعترافات، رسايل.
أخذها منه جاسر قائلاً بهدوء:
- حاسس أنه ممكن يفلت منا ويعرف يهرب.. متأكد يا شهاب أنك موصي عليه جامد؟
هز شهاب رأسه ثم قطب جبينه قائلاً بتعجب:
- إزاي في إنسان زيه عنده كمية الحقد و الغل دي لإبن عمه؟!
ابتلع جاسر غصة في حلقه فهو كان مثله وأكثر.. بالرغم أن مراد لم يتعرض له أو يأذيه ولكن وجد نفسه يكرهه ويريد إلحاق الأذية به وإبعاد زوجته عنه..
هتف شهاب بلهجة مرهقة:
- نكمل كلامنا في وقت تاني بقا.. انا يادوب أمشي عشان أريح جسمي شوية.
أوقفه جاسر قائلاً:
- لو مش قادر خليك هنا.. وبعدين هتقعد فين؟.
تمتم شهاب بحزن:
- في الشقة اللي كنت هتجوز فيها أنا وجميلة الله يرحمها.. سلام انا ماشي.
تنهد جاسر بحزن وهو يتابع شهاب حتي غادر...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في مكان آخر...
اقتحم العديد من الرجال ذلك المخزن وقاموا بقتل جميع الحراس الموجودين بأسلحتهم النارية حتي فتحوا أحدي الغرف المتواجد بها "علي" فأزالوا الأصفاد من يده ثم حملوه خارجين من المكان بينما كان علي فاقداً للوعي من شدة التعذيب..
أخرج أحد الحراس هاتفه ثم تحدث قائلاً:
- تمام يا باشا قدرنا نخرجه بس شكله بيموت وحالته صعبة احنا هنوديه على المستشفي..
.....: مفيش حاجة أسمها حالته صعبة انا عايزه حي.. دا طرف مهم جداً أقدر اتحكم فيه واخليه ينفذ المطلوب.
الحارس: احم.. طب هو ممكن يموت يعنـ...
.....: اعمل أي حاجة بس يعيش.. ليلتك سودا لو مجبتش خبر عدل يا بوز الأخص أنت.
الحارس: مفهوم يا باشا.
تمتم ذلك الرجل قائلاً بحقد:
- دا السلاح و خزينة المعلومات اللي أقدر ادمر بيها مراد النجدي..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد مرور عشرة أيام..
حل مراد هذا الوثاق من على عيناها ببطئ لترمش نورا بأهدابها عدة مرات محاولة الرؤية بوضوح فأتسعت عيناها بذهول وعدم تصديق عندما وجدت نفسها تقف أمام يخت واسمها مدون عليه من الأعلى...
تدلي فاهها بدهشة مما ترآه و أغمضت عيناها سامحة لنسمات البحر بأن تتغلغل إليها
التفتت إليه قائلة ببلاهة:
- إزاي دا حصل.. انا بحلم صح؟.
هز رأسه بالنفي ثم تحدث بحنان:
- ممكن متخافيش وأنتي معايا... عارف أنك بتحبي البحر بس عمرك ما نزلتيه عشان بتخافي.. دلوقتي أنتي معايا وانا عمري ما أ أذيكي.
غمغمت بقلق و خوف:
- ليه أنت عايز تنزلي؟! لو سمحت يا مراد أنا قولتلك كتير إني مش هنزل.
أومأ لها بابتسامة صغيرة ثم تحدث:
- مش هتنزلي بس هنركب هنا..
أشار بيده إلي اليخت لتهمس إليه بارتباك:
- بس أنت عارف إني بخاف من اليخت برضوا.
زفر بحيرة ثم أنحني حاملاً إياها قائلاً برقة:
- مفيش خوف وانا معاكي.. عايزك تسترخي و تستمتعي بشكل البحر و أوعدك منتأخرش..
أخفت وجهها في عنقه ثم فتحت عيناها عندما انزلها واجلسها على أحدي الكراسي ثم جلس بجانبها ممسكاً بيدها لينطلق اليخت...
وبعد أن اصبحوا في وسط البحر شعر بارتجافة يدها بين يداه ليقبلها ثم نهض و خلع قميصه فبقي عاري الصدر مرتدي بنطال قصير فقط..
فتنهد قائلاً بفتور:
- يعني برضوا مش عايزة تنزلي معايا؟.
أومأت له بالايجاب ليسحبها صاعداً إلي الطابق الثاني من اليخت فوجدت به بركة سباحة ويبدو هذا الطابق اجمل وأفخم كثيراً عن الأسفل
أمّا هو فبدأ يسبح بمهارة... بينما هي جلست وهي تحاول التماسك وعدم إظهار خوفها قدر المستطاع حتي لا ينفر منها مراد هو الآخر.. أغمضت عيناها وبدأت يدها وقدمها بالتعرق فهي عندما تشعر بالخوف يحدث معها هكذا وبدأت الذكريات والمشاهد تزدحم في عقلها عندما كانت في الخامسة من عمرها و كانت تكبرها نسرين بسنتين و بينما كانت تتشاجر معها بسبب اللعبة وبالأخير حصلت عليها نورا عندما جذبتها من يد نسرين لتشتعل نسرين غضباً ثم دفعت نورا بقوة لتسقط نورا وسط المياه فبدأت تحاول مقاومة المياه ولكن كانت المياه أعلى منها
كان جميع أفراد العائلة مجتمعة في غرفة الطعام حتي انضمت إليهم نسرين وقد بدأ عليها الخوف و الإرتباط فتسائل مراد:
- فين نورا يا نسرين؟.
أجابت نسرين بارتباك:
- معرفش...
لم تكتمل جملتها عندما أستمعت إلي صوت صياح رجل في الخارج فخرج الجميع على صوته لتتسع أعينهم جميعاً بدهشة عندما وجدوا رجلاً يحمل نورا الفاقدة للوعي..
ومن ذلك اليوم وهي لديها فوبيا من مياه البحر..
انتعشت ذاكرتها وبدأت ترتجف رعباً وهي تتذكر ما فعله حازم معها منذ عدة أشهر عندما ألقاها في بركة السباحة تاركاً إياها تعاني من هذه النوبة وبدأت في الصراخ بهستيريا وظلت على حالها هذا لأكثر من ساعة حتي أخرجها حازم ثم تركها مُلقية أرضاً وغادر المكان...!
ابتلعت غصة مريرة في حلقها ثم أزاحت دموعها سريعاً عندما وجدت مراد توقف عن السباحة ثم وضع منشفة على ظهره والتقط هاتفه الذي يرن منذ فترة طويلة قائلاً بهدوء:
- هنزل تحت أرد على الإتصال وألبس حاجة.. ثواني وجاي.
تشبثت بيده قائلة بتوسل:
- خليك معايا لو سمحت.. أو حتي نزلني معاك.
أزاح يدها قائلاً بحنان:
- خلاص أهدي بس يا حبيبتي... قولتلك ثواني وجاي.. وبعدين بتعيطي ليه؟.
ثم أكمل وهو يمسد على شعرها:
- استرخي ومتسلميش لخوفك.
هبط إلي الأسفل ثم أجاب على الهاتف سريعاً:
- أهلاً ست أسما معايا.. لحقت وحشتك.
قهقهت أسما بمرح:
= يا بكاش لو مكنتش اتصلت أنا ولا كنت هتعبرني.. اخدت نورا منا... هي فين عايزة اكلمها..
- اخلصي يا أسما عايزه إيه انا سايبها لوحدها.
= انا عرفت اللي حصل مع ديما يا مراد.. حرام اللي بتعمله فيها ده.. بالرغم اللي عملته بس انا روحت زيارة وشوفتها شكلها كان صعب أوي..
صاح مراد بحدة بينما وقفت نورا خلفه بعد انا هبطت إلي الأسفل بأعجوبة:
- اسكتي انتي... قلبك الطيب ده هيوديكي في داهية.. انا لسه معملتش حاجة انا هوريها من العذاب ألوان، انا لسه لين معاها لحد دلوقتي اللي زيها ميستحقش الرحمة دي انسانه مريضة.. اقفلي انتي يا حبيبتي دلوقتي وهيبقي أكلمك تاني..
أنهي المكالمة يهز رأسه بيأس من سذاجة شقيقته اللامتناهية.. بينما أستمع إلي شهقة قوية خرجت من فوه نورا تنظر إليه بصدمة وخوف عيناها جاحظتان ليبتلع مراد لعابه قائلاً بهدوء وهو يقترب منها:
- متفهميش غلط واسمعيني.
صرخت من أعماق قلبها الذي تهشم لأشلاء:
- أنت تخرس خالص.. مش عايزة أسمع صوتك.. منك لله أنت كمان.. انا معملتش حاجة لدا كله.. بتخوني وعايز تعذبني! مش هتنولها يا مراد بيه عشان هكون متت..
اندفعت مبتعدة عنه، تشعر بالانهيار، ظنت بأن آلامها اندثرت عندما ظهر في حياتها من جديد.. انطفئت تلك الإنارة في قلبها مرة ثانية ليحل محلها ظلام دامس! لديه حبيبة!! يُخبرها ببساطة بأنه سوف ينتقم منها..
لا وألف لا، كلماته الجارحة التي غرزت قلبها أسوء من العذاب الذي تعرضت له في حياتها
محاولاته في أخبارها بالحقيقة باءت بالفشل وبدأت في تسديد اللكمات في صدره و تصرخ بجنون ليهزها من ذراعها بقوة صارخاً بها:
- أهدي بقولك.. والله العظيم أنتي فاهمة غلط انا كنـ....
وبدون سابق إنذار وقبل أن يكمل كلامه اتسعت عيناه بذعر عندما ألقت نفسها في المياه!!!