رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نورهان محسن
_تداهمني ثمة مشاعر غامضة إتجاهكِ
_إذن ، لا عليك أن تبحث لها عن تفسير ، ولا تقحمني بها
_كيف على ذلك؟ ونظرة خاطفة إلى فيروزيتكِ المستهجنة أضحيتا ملاذى و الإرتشاف من رحيق شفتيكِ المغرية هي مطمعى وهنائي
_لن أصدق ملاعيبك ايها الذئب الماكر كحال رماديتيك المجنونتين كالبرق عليك التراجع من حيث أتيت
_فات آوان التراجع أيتها الهرة الشاردة فقد عزمت على أنى لن أدق جدارن قلبك بمنتهى الرقة لأحصل علي حبك بل سأشعل نيراني فى حصونك العاصية بضرارة مغرم لم تلتقى بمثل عشقه أحدا
_لن أخضع لك بتاتا حتى إن أحرقتنى فأنت تخوض مسارا نحو المستحيل
_ستنصهرى بين ذراعى كالشمعة التى وقعت فى غرام اللهب
_سأظل أبحث بين الدروب مهرباً من حبك أجلاً أو عاجلاً
_هذا التحدى يدفعنى اكثر لأتبعكِ حتى النهاية أيتها العنيدة
_سوف اتصدى لك ولهذا الشعور الغريب الذي يرتعد في قلبي حيالك
_أخشى أن أفزعك بندقتى ، لكن فراركِ المستمر منى سينتهى به المطاف إلى هاوية الغرام معى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند ابريل
_ايه علي فين؟!
سأل باسم مستغربا ، وهو يتحرك خلفها فور رؤيته لها تتجه نحو باب الغرفة ، لتجيبه بخفوت : علي المطبخ
أستطردت ابريل موضحة ، وهى تلتفت صوبه : هو بعيد عن الريسيبشن يعني مش هيشوفوني بس ضروري نحط تلج علي الخبطة عشان بدأت تزرق وكدا هتكبر وتبقي قد الكورة الكفر
ضحك باسم بخفة على مزاحها ، وضيق عينيه الرماديتين بمكر يتناسب مع نبرة تساؤله : اشمعنا بليل بس بتبقي دكتورة في نفسك وقلبك رقيق اوي كدا؟!
عبست ملامح وجهها من سخريته ، وردت بسخط : تصدق انا غلطانة .. خلاص خد بعضك وارجع مطرح ماكنت
همت أبريل بالتقهقر عنه ، لكنه أحكم قبضته على ذراعها ، ومتلفظا من بين ضحكاته الرجولية الخافتة : خلاص ماتبقيش قموصة كدا .. اجي معاكي؟
أنهى باسم جملته بذلك الاقتراح ، لكنها قابلته بالرفض القاطع : ماينفعش انت مجنون افرض حد شافك
مرر إصبعه على جسر أنفه الشامخ ، وهو يقول بهدوء : طيب ماتتأخريش
أماءت ابريل له بالإيجاب محذرة اياه : ماشي اوعي انت تخرج من هنا
نظر باسم حوله بعد خروجها ، وهو يمرر بصره حول المكان بملل من الانتظار ، وهذا من أكثر الأشياء التي يكره تجربتها.
تنهد بعمق قبل أن يحدق في باب الغرفة بنظرة غامضة ، وظهرت على شفتيه ابتسامة خطيرة لا تبشر بالخير.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
عند مصطفي
_بالمناسبة سمعت انكو اتفقتو مع صلاح علي معاد الخطوبة بعد اسبوعين .. معلش عشان اكون فاهم ناويين تثبتوني لحد بعد فرحها يعني مش كدا!!! ..
سلمي مبررة الموقف بصوت لا يخلو من الاضطراب : يا مصطفي احنا كنا مضطرين نوافق والا الجرايد مكنتش هتسكت وتسيبنا في حالنا
ابتسم مصطفي ببرود موازياً ، لنبرته حالما تحدث : معرفش ليه عندي احساس ان الحكاية دي مطبخة من وقت طويل وانا كنت اخر من يعلم يا سلمي
تدخل فهمى محتجاً بصوت لا يخفى ارتباكه : مايصحش الكلام اللي بتقوله دا!!
هز مصطفي منكبيه العريض بلا مبالاة ، مغمغماً بجمود : والله دا مش كلامي دا كلام الاعلام؟!
تلقفت ريهام الحديث من فم بمحايده : دي فبركة صحافة وانت سيد العارفين مش معقول هتاخد بكلامهم ولا ايه؟!
تحفز جسد يوسف ، وهو يقول بدفاع عن أخته : وابريل مكنتش تعرف باسم ولا كان ليها اي علاقة بيه وهي مخطوبالك
مصطفي بفتور : الكلام دا مابقاش له اي قيمة عندي
إنقبضت ملامح الجميع باستثناء يوسف الذي تابع بصمت الحديث الدائر بينهما ، فيما بدى الارتباك في سؤال سلمى المهتز : يعني ايه الكلام دا يا مصطفي؟
_يعني هعرف كويس اخد حقي منها ومن اللي فضلته عليا .. وانت لازم تعرف اذا مارجعتليش فلوسي اللي عندك يا فهمي هنسي اننا قرايب يا سلمي وهخلي المحامي بتاعي يمشي في الاجراءات القانونية ضدكم
جفلت سلمى من إنذار مصطفى المباشر لهم ، ثم إستفهمت بإرتياع : انت بتقول ايه يا مصطفي .. انت عايز تسجن جوزي؟!
احتدت لهجته قائلا : جوزك اللي حط ايده في ايد ابن الشندويلي ووافق علي خطوبته لبنته و رجع في كلمته معايا .. مستغربين ليه لما ارجع في كلامي انا كمان .. انا هعرف ارد كرامتي اللي اتبعزقت تحت رجل عيلة صغيرة ماعرفتوش تسيطرو عليها
سأله يوسف مستهزئاً : كنت عايزنا نعملها ايه!! هنجوزهالك غصب عنها..!!!
زجزته سلمى موبخة إياه : يوسف اسكت انت ماتدخلش
تجاهل يوسف تحذير والدته ، متأهباً للنهوض من مقعده ، وهو يهتف بصوت ناقم : مش ساكت واي حاجة هتمس بيها اختي من قريب او من بعيد .. محدش ساعتها هيحاسبك غيري
شعر فهمي بالتوتر السائد في الأجواء ، فقال بصوت هادئ بعض الشيء : اتفضل معايا يا مصطفي نكمل كلامنا علي انفراد
استقام من مقعده بنظرة متعالية ، وهو ينظر إلى ساعة معصمه ببرود : انتهي خلاص وقت الكلام ومن هنا ورايح هتشوفو مني الفعل وبس
أنذهل الجميع من صرخات سلمى الحاقدة بوعيد بمجرد خروج مصطفى محاولة السيطرة على خوفها : اقوم دلوقتي اجيبلك بنتك دي من شعرها و افرجها مقامها
_انا اللي هقوم الحقه
هذا ما قالته ريهام بإيجاز ، وهي تنهض من مقعدها تريد الهرب قبل أن تصب والدتها غضبها عليهم ، لتستكمل سلمى بلوم غاضب : عجبك كدا بقي انا اتهزق التهزيق دا من تحت راسها قليلة الرباية
_والله انتو اللي تعبين دماغكو معاه علي الفاضي .. دا اخره يهدد وبس .. الحكاية مادام وصلت للاعلام مايقدرش يقدم اي شكوي ضدنا هيربطو في ثواني بين الموضوعين و هيتأكد الكلام اللي اتنشر عليه
تحدث يوسف بهذه الكلمات بنبرة جدية ، ليؤكد فهمي بسرعة : يوسف معاه حق في اللي بيقوله
اقترب يوسف من والدته ، مردفاً بذات النبرة : يا ماما .. ابريل مش صغيرة مش هينفع تضحكو عليها تاني .. فهو دلوقتي بيضغط علينا عشان نضغط عليها .. كل اللي يهمو انه يكسرها بعد اللي عملته فيه .. وانتو بتساعدو علي كدا بالخوف الزيادة منه
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى ردهة المنزل
_استني بس يا مصطفي هو دا اللي اتفقنا عليه؟!
توقف مصطفى عن المشي ، حالما سمع صوت ريهام التي تهرول خلفه بسرعة ، التفت إليها وقد أستوحشت قسماته ، وهو يرد عليها بلهجة قوية : انا ماتفقتش علي حاجة يا ريهام .. كرامتي خط احمر وانتي عارفة كدا كويس .. ممكن احرق اي حد اذا فكر يمسها و اختك ماتوصيتش وعملت كل حاجة تخليني مش بس اكرهها واحقد عليها وبس لا .. انا مش هتهاون لحظة واحدة في اني ارد اعتباري وكرامتي
جاء جوابها فوريا : هي غلطانه في حقك واحنا كلنا متفقين على كده .. بس انت كمان راعي ان الموضوع مابقاش في ايدينا زي ما ماما قالت .. الكل بقى عارف انها هتتخطب لباسم .. انت ممكن تديها فتره كده يعني لغايه ما...
احتقن وجهه غضباً ، فور أن ذكرت اسم ذلك الباسم أمامه ، لكنه تمالك نفسه ولم يعلق على كلماتها السامة ، فقاطعها بإقتضاب بارد : من الاخر انتو كل اللي يهمكو في الموضوع .. ان ابوكي ما يتسجنش .. وانا ممكن ااجل الاجراءات واديكم فرصة تجمعو المبلغ اللي عليكم بس مش هصبر مش كتير
أومأت ريهام له بالموافقة ، وهي تحرك شعرها خلف ظهرها بنعومة ، وهى تتحدث بوداعة خبيثة قاصدة استفزازه : ميرسي يا مصطفي .. وياريت تستني علي الاقل لحد موضوعها مع باسم ما يعدي والحكايه تتقفل .. يمكن وقتها تغير رايها وهي اللي بتبقى عايزة ترجع لك
رفع مصطفي حاجبيه بنظرة استنكار ، قبل أن يرد بقسوة نابعة من عينيه مع نبرة صوته الممزوجة بالغطرسة : على اساس اني تحت امرها .. وقت ما تكون هي عايزه .. وقت ما هي تقرر ماتعقلي كلامك يا ريهام
ابتسمت ريهام بنعومة تشبه خبث الثعابين ، وقالت برجاء كاذب : معلش عشان خاطري يا مصطفي اعتبرها اخر فرصة ليها
منح مصطفي ذاته ثلاث ثوان فى التفكير ، قبل أن يومئ لها على مضض ، بينما غافلا عن وجود طرف ثالث كان يقف على بعد مسافة بسيطة منهم ، يستمع إلى هذا الحديث الذي دار بينهما.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد عدة دقائق
عند ابريل
غادرت ابريل المطبخ ، وفي يديها قطعة من الثلج ملفوفة في كيس بلاستيكي.
تطلعت حولها بحذر ، لا تريد أن يراها أحد ، ثم اتجهت بهدوء نحو الممر المؤدي إلى غرفتها.
في لحظة غفلة ، وقبل أن تصل إلى الغرفة ، وجدت من يسحبها إلى حضنه بزاوية خفية ، فيما لم تتمكن شهقة ذعر من الهروب من حلقها بسبب اليد التي كممت فمها ، ومنعتها من الصراخ ، لكن ما هدأ روعها هو معرفتها بهويته بمجرد أن اخترقت رائحة عطره القوية أنفها ، مع وصل صوته الهامس إلى أذنها : دا انا .. انا باسم ماتتخضيش
إبتلعت لعابها بتوتر يجتاح جسدها ، وهي تشعر بضغط ظهرها على عضلات بطنه القوية من الخلف ، ليخبرها بتحذير خافت : هشيل ايدي ماتطلعيش صوت
أومأت ابريل برأسها بالموافقة عدة مرات متتالية ، فأزاح كفه من فوق شفتيها المتباعدتين قليلاً من الدهشة.
مرت عدة لحظات ، عبرت خلالها تقى الممر المؤدي إلى المطبخ دون أن تلاحظ أي شيء غريب ، بينما تنفست أبريل الصعداء ، وقبل أن توشك على التحدث ، شعرت بقبضة يده على معصمها ، يجذبها بلطف خلفه ، ليدلف بها غرفتها سريعاُ ، ثم تفاجأت بجسدها محصوراً بين جسده الصلب الذي أمامها والباب خلفها.
اندفعت حرارة الخجل إلى وجنتيها وهى محدقة فيه بحرج وعدم فهم ، ولم تستفيق من أفكارها إلا على صوت إغلاقه للباب بالمفتاح.
استجمعت ابريل رباطة جأشها بصعوبة ، لتتمكن من دفعه بخفة فى صدره بقبضتيها ، فيما تارك باسم جسده يتراجع بمجرد أن أدرك خطورة قربه منها ، لتهمس بصوت يشوبه الخوف والتعجب : انت رعبتني .. ايه اللي خرجك؟
أجابها بأنفاس لاهثه ، وهو لايزال علي نفس وضعه : قلقت لما اتأخرتي..
تجاهلت بإستصعاب خفقات قلبها العنيف داخل صدرها ، الذي كان لا يزال يرتفع وينخفض من أثر المفاجأة ، فاستنكرت بخفوت : هو انا لحقت .. كنت هتودينا في مصيبة...
هذا ما قالته بنبرة قلقة ، وهي تلوذ بالفرار من براثن ذراعيه بخوف استشعره باسم وهو يرآها تقف في منتصف الغرفة تعدل حافة بيجامتها ، حتى جاء إليها صوته المتسائل بعدم رضا : ليه نظرة الخوف اللي كانت في عينك دي مني وانا ماسكك برا .. انا مش هاكلك؟!
إرتفع حاجبيها بإستعجاب قبل أن تغمغم بغضب مستنكر ، وهي لازالت توليه ظهرها : بجد بتسأل!!
عقدت ابريل يديها على صدرها ، وهي تتجه نحوه ، لتستأنف حديثها بسخرية لاذعة : لحقت تنسي بالسرعة دي تحرشك بيا واللي عملته فيا ولا انت متعود علي كدا فمابقتش مركز؟!
تركزت عيناه على خاصتها ، وخرجت منه تنهيدة حارقة ، مع اعترافه الهامس بصوته الرجولى الحاد : عارف اني زفت وصايع .. بس عمري ما كنت حيوان عشان افرض نفسي علي بنت فهمتي .. اللي حصل مني في حقك غلطة وندمان عليها وبحاول اكفر عن ذنبي معاكي .. بس مش هسمحلك تفضلي تهنيني بالشكل الجارح دا تاني
أنهى باسم جملته مولياً ظهره لها ، بينما إعتراها الندم على تسرعها ، بعد أن لاحظت نبرة الألم في صوته.
فغرت فمها عازمة على الكلام ، لكن شعرت بالحروف منحصرة داخل جوفها ، فأغلقته وقد أصابها الإحباط بعض الشيء ، قبل أن تسير بهدوء نحو الأريكة ، لتلتقط شيئا منها ، ثم عادت إليه ومدت يدها نحوه ، لينظر بعينين ضيقتين إلى قطعة الشوكولاتة ، بين أصابعها وابتسم رغما عنه متسائلا بذهول : بترشيني؟!
أطرقت أبريل رأسها ، وهي تبتسم في حرج ، لا تقوپ على رفع عينيها إليه ، ثم غمغمت له بمرح خجول : لا بضيفك عشان اول مرة تشرفني هنا
ارتفعت زاوية شفتيه بإبتسامة جانبية علي طريقة مراوغتها اللطيفة فى الإعتذار : مقبولة منك مع انك بتعزمي عليا من شوكولاتي
رفرفت رموشها بارتياح ، وهي ترى الابتسامة الخفيفة التي زينت ملامحه الحادة بالوسامة المهلكة ، وهو يلتهم قطعة الشوكولاتة في فمه بتلذذ ، لتجلى حلقها بخفة رافعة يدها أمام عينيه بكيس الثلج ، لتذكره بما يجب عليهم فعله.
بعد قليل
باسم يجلس على الأريكة قاطباً حاجبيه بألم ، وهي فى مواجهته على الطاولة الخشبية ، ممسكة بيدها مكعب ثلج على جبهته.
_عارف أن دا جه متأخر بس انا متشكر علي انقاذك ليا مرتين .. مرة لما كنت بطلع في الروح و المرة التانية لما انقذتيني من الموقف البايخ كنت هتحط فيه
خرجت تنهيده حارقه من أعماقه ، واستكمل بصدق : وأي كلمة اسف هتخرج مني مش هتكون كفاية علي اللي عملته معاكي .. بس معرفش اذا هتصدقي ولالا .. لكن والله العظيم معرفش ازاي عملت كدا معاكي دي .. اول مرة اقرب من بنت بدون رغبة منها .. ومستحقر نفسي ومش طايقها عشان مكنش من حقي اعمل كدا معاكي .. كنت زي اعمي لالا كنت اعمي حقيقي .. ومتخيلتش ان دا كله هيجرالك بسببي .. شيطاني صورلي أن دي كانت لعبة بتلعبيها عليا ..
_يمكن لانه صادف في ايام قليلة اننا اتجمعنا اكتر من مرة .. عارف دا مش عذر ليا .. وبجد دلوقتي ندمان وحقك لو شوفتيني واحد منحط .. انا اسف علي اي كلمة خرجت مني جرحتك ساعتها
انتفض قلبها بين ضلوعها بلين ، فور أن أحست أن هذا الاعتذار نابع من صميم قلبه ، بالإضافة إلى ظهور ندمه جلياً على محياه ، على الخطأ الذي ارتكبه في حقها والألم الذي سببه لها ، ووجدت نفسها تقول بلهجة مترددة : كانت في حاجة حصلت عاوزة احكيلك عليها!!!
_إذن ، لا عليك أن تبحث لها عن تفسير ، ولا تقحمني بها
_كيف على ذلك؟ ونظرة خاطفة إلى فيروزيتكِ المستهجنة أضحيتا ملاذى و الإرتشاف من رحيق شفتيكِ المغرية هي مطمعى وهنائي
_لن أصدق ملاعيبك ايها الذئب الماكر كحال رماديتيك المجنونتين كالبرق عليك التراجع من حيث أتيت
_فات آوان التراجع أيتها الهرة الشاردة فقد عزمت على أنى لن أدق جدارن قلبك بمنتهى الرقة لأحصل علي حبك بل سأشعل نيراني فى حصونك العاصية بضرارة مغرم لم تلتقى بمثل عشقه أحدا
_لن أخضع لك بتاتا حتى إن أحرقتنى فأنت تخوض مسارا نحو المستحيل
_ستنصهرى بين ذراعى كالشمعة التى وقعت فى غرام اللهب
_سأظل أبحث بين الدروب مهرباً من حبك أجلاً أو عاجلاً
_هذا التحدى يدفعنى اكثر لأتبعكِ حتى النهاية أيتها العنيدة
_سوف اتصدى لك ولهذا الشعور الغريب الذي يرتعد في قلبي حيالك
_أخشى أن أفزعك بندقتى ، لكن فراركِ المستمر منى سينتهى به المطاف إلى هاوية الغرام معى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند ابريل
_ايه علي فين؟!
سأل باسم مستغربا ، وهو يتحرك خلفها فور رؤيته لها تتجه نحو باب الغرفة ، لتجيبه بخفوت : علي المطبخ
أستطردت ابريل موضحة ، وهى تلتفت صوبه : هو بعيد عن الريسيبشن يعني مش هيشوفوني بس ضروري نحط تلج علي الخبطة عشان بدأت تزرق وكدا هتكبر وتبقي قد الكورة الكفر
ضحك باسم بخفة على مزاحها ، وضيق عينيه الرماديتين بمكر يتناسب مع نبرة تساؤله : اشمعنا بليل بس بتبقي دكتورة في نفسك وقلبك رقيق اوي كدا؟!
عبست ملامح وجهها من سخريته ، وردت بسخط : تصدق انا غلطانة .. خلاص خد بعضك وارجع مطرح ماكنت
همت أبريل بالتقهقر عنه ، لكنه أحكم قبضته على ذراعها ، ومتلفظا من بين ضحكاته الرجولية الخافتة : خلاص ماتبقيش قموصة كدا .. اجي معاكي؟
أنهى باسم جملته بذلك الاقتراح ، لكنها قابلته بالرفض القاطع : ماينفعش انت مجنون افرض حد شافك
مرر إصبعه على جسر أنفه الشامخ ، وهو يقول بهدوء : طيب ماتتأخريش
أماءت ابريل له بالإيجاب محذرة اياه : ماشي اوعي انت تخرج من هنا
نظر باسم حوله بعد خروجها ، وهو يمرر بصره حول المكان بملل من الانتظار ، وهذا من أكثر الأشياء التي يكره تجربتها.
تنهد بعمق قبل أن يحدق في باب الغرفة بنظرة غامضة ، وظهرت على شفتيه ابتسامة خطيرة لا تبشر بالخير.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
عند مصطفي
_بالمناسبة سمعت انكو اتفقتو مع صلاح علي معاد الخطوبة بعد اسبوعين .. معلش عشان اكون فاهم ناويين تثبتوني لحد بعد فرحها يعني مش كدا!!! ..
سلمي مبررة الموقف بصوت لا يخلو من الاضطراب : يا مصطفي احنا كنا مضطرين نوافق والا الجرايد مكنتش هتسكت وتسيبنا في حالنا
ابتسم مصطفي ببرود موازياً ، لنبرته حالما تحدث : معرفش ليه عندي احساس ان الحكاية دي مطبخة من وقت طويل وانا كنت اخر من يعلم يا سلمي
تدخل فهمى محتجاً بصوت لا يخفى ارتباكه : مايصحش الكلام اللي بتقوله دا!!
هز مصطفي منكبيه العريض بلا مبالاة ، مغمغماً بجمود : والله دا مش كلامي دا كلام الاعلام؟!
تلقفت ريهام الحديث من فم بمحايده : دي فبركة صحافة وانت سيد العارفين مش معقول هتاخد بكلامهم ولا ايه؟!
تحفز جسد يوسف ، وهو يقول بدفاع عن أخته : وابريل مكنتش تعرف باسم ولا كان ليها اي علاقة بيه وهي مخطوبالك
مصطفي بفتور : الكلام دا مابقاش له اي قيمة عندي
إنقبضت ملامح الجميع باستثناء يوسف الذي تابع بصمت الحديث الدائر بينهما ، فيما بدى الارتباك في سؤال سلمى المهتز : يعني ايه الكلام دا يا مصطفي؟
_يعني هعرف كويس اخد حقي منها ومن اللي فضلته عليا .. وانت لازم تعرف اذا مارجعتليش فلوسي اللي عندك يا فهمي هنسي اننا قرايب يا سلمي وهخلي المحامي بتاعي يمشي في الاجراءات القانونية ضدكم
جفلت سلمى من إنذار مصطفى المباشر لهم ، ثم إستفهمت بإرتياع : انت بتقول ايه يا مصطفي .. انت عايز تسجن جوزي؟!
احتدت لهجته قائلا : جوزك اللي حط ايده في ايد ابن الشندويلي ووافق علي خطوبته لبنته و رجع في كلمته معايا .. مستغربين ليه لما ارجع في كلامي انا كمان .. انا هعرف ارد كرامتي اللي اتبعزقت تحت رجل عيلة صغيرة ماعرفتوش تسيطرو عليها
سأله يوسف مستهزئاً : كنت عايزنا نعملها ايه!! هنجوزهالك غصب عنها..!!!
زجزته سلمى موبخة إياه : يوسف اسكت انت ماتدخلش
تجاهل يوسف تحذير والدته ، متأهباً للنهوض من مقعده ، وهو يهتف بصوت ناقم : مش ساكت واي حاجة هتمس بيها اختي من قريب او من بعيد .. محدش ساعتها هيحاسبك غيري
شعر فهمي بالتوتر السائد في الأجواء ، فقال بصوت هادئ بعض الشيء : اتفضل معايا يا مصطفي نكمل كلامنا علي انفراد
استقام من مقعده بنظرة متعالية ، وهو ينظر إلى ساعة معصمه ببرود : انتهي خلاص وقت الكلام ومن هنا ورايح هتشوفو مني الفعل وبس
أنذهل الجميع من صرخات سلمى الحاقدة بوعيد بمجرد خروج مصطفى محاولة السيطرة على خوفها : اقوم دلوقتي اجيبلك بنتك دي من شعرها و افرجها مقامها
_انا اللي هقوم الحقه
هذا ما قالته ريهام بإيجاز ، وهي تنهض من مقعدها تريد الهرب قبل أن تصب والدتها غضبها عليهم ، لتستكمل سلمى بلوم غاضب : عجبك كدا بقي انا اتهزق التهزيق دا من تحت راسها قليلة الرباية
_والله انتو اللي تعبين دماغكو معاه علي الفاضي .. دا اخره يهدد وبس .. الحكاية مادام وصلت للاعلام مايقدرش يقدم اي شكوي ضدنا هيربطو في ثواني بين الموضوعين و هيتأكد الكلام اللي اتنشر عليه
تحدث يوسف بهذه الكلمات بنبرة جدية ، ليؤكد فهمي بسرعة : يوسف معاه حق في اللي بيقوله
اقترب يوسف من والدته ، مردفاً بذات النبرة : يا ماما .. ابريل مش صغيرة مش هينفع تضحكو عليها تاني .. فهو دلوقتي بيضغط علينا عشان نضغط عليها .. كل اللي يهمو انه يكسرها بعد اللي عملته فيه .. وانتو بتساعدو علي كدا بالخوف الزيادة منه
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى ردهة المنزل
_استني بس يا مصطفي هو دا اللي اتفقنا عليه؟!
توقف مصطفى عن المشي ، حالما سمع صوت ريهام التي تهرول خلفه بسرعة ، التفت إليها وقد أستوحشت قسماته ، وهو يرد عليها بلهجة قوية : انا ماتفقتش علي حاجة يا ريهام .. كرامتي خط احمر وانتي عارفة كدا كويس .. ممكن احرق اي حد اذا فكر يمسها و اختك ماتوصيتش وعملت كل حاجة تخليني مش بس اكرهها واحقد عليها وبس لا .. انا مش هتهاون لحظة واحدة في اني ارد اعتباري وكرامتي
جاء جوابها فوريا : هي غلطانه في حقك واحنا كلنا متفقين على كده .. بس انت كمان راعي ان الموضوع مابقاش في ايدينا زي ما ماما قالت .. الكل بقى عارف انها هتتخطب لباسم .. انت ممكن تديها فتره كده يعني لغايه ما...
احتقن وجهه غضباً ، فور أن ذكرت اسم ذلك الباسم أمامه ، لكنه تمالك نفسه ولم يعلق على كلماتها السامة ، فقاطعها بإقتضاب بارد : من الاخر انتو كل اللي يهمكو في الموضوع .. ان ابوكي ما يتسجنش .. وانا ممكن ااجل الاجراءات واديكم فرصة تجمعو المبلغ اللي عليكم بس مش هصبر مش كتير
أومأت ريهام له بالموافقة ، وهي تحرك شعرها خلف ظهرها بنعومة ، وهى تتحدث بوداعة خبيثة قاصدة استفزازه : ميرسي يا مصطفي .. وياريت تستني علي الاقل لحد موضوعها مع باسم ما يعدي والحكايه تتقفل .. يمكن وقتها تغير رايها وهي اللي بتبقى عايزة ترجع لك
رفع مصطفي حاجبيه بنظرة استنكار ، قبل أن يرد بقسوة نابعة من عينيه مع نبرة صوته الممزوجة بالغطرسة : على اساس اني تحت امرها .. وقت ما تكون هي عايزه .. وقت ما هي تقرر ماتعقلي كلامك يا ريهام
ابتسمت ريهام بنعومة تشبه خبث الثعابين ، وقالت برجاء كاذب : معلش عشان خاطري يا مصطفي اعتبرها اخر فرصة ليها
منح مصطفي ذاته ثلاث ثوان فى التفكير ، قبل أن يومئ لها على مضض ، بينما غافلا عن وجود طرف ثالث كان يقف على بعد مسافة بسيطة منهم ، يستمع إلى هذا الحديث الذي دار بينهما.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد عدة دقائق
عند ابريل
غادرت ابريل المطبخ ، وفي يديها قطعة من الثلج ملفوفة في كيس بلاستيكي.
تطلعت حولها بحذر ، لا تريد أن يراها أحد ، ثم اتجهت بهدوء نحو الممر المؤدي إلى غرفتها.
في لحظة غفلة ، وقبل أن تصل إلى الغرفة ، وجدت من يسحبها إلى حضنه بزاوية خفية ، فيما لم تتمكن شهقة ذعر من الهروب من حلقها بسبب اليد التي كممت فمها ، ومنعتها من الصراخ ، لكن ما هدأ روعها هو معرفتها بهويته بمجرد أن اخترقت رائحة عطره القوية أنفها ، مع وصل صوته الهامس إلى أذنها : دا انا .. انا باسم ماتتخضيش
إبتلعت لعابها بتوتر يجتاح جسدها ، وهي تشعر بضغط ظهرها على عضلات بطنه القوية من الخلف ، ليخبرها بتحذير خافت : هشيل ايدي ماتطلعيش صوت
أومأت ابريل برأسها بالموافقة عدة مرات متتالية ، فأزاح كفه من فوق شفتيها المتباعدتين قليلاً من الدهشة.
مرت عدة لحظات ، عبرت خلالها تقى الممر المؤدي إلى المطبخ دون أن تلاحظ أي شيء غريب ، بينما تنفست أبريل الصعداء ، وقبل أن توشك على التحدث ، شعرت بقبضة يده على معصمها ، يجذبها بلطف خلفه ، ليدلف بها غرفتها سريعاُ ، ثم تفاجأت بجسدها محصوراً بين جسده الصلب الذي أمامها والباب خلفها.
اندفعت حرارة الخجل إلى وجنتيها وهى محدقة فيه بحرج وعدم فهم ، ولم تستفيق من أفكارها إلا على صوت إغلاقه للباب بالمفتاح.
استجمعت ابريل رباطة جأشها بصعوبة ، لتتمكن من دفعه بخفة فى صدره بقبضتيها ، فيما تارك باسم جسده يتراجع بمجرد أن أدرك خطورة قربه منها ، لتهمس بصوت يشوبه الخوف والتعجب : انت رعبتني .. ايه اللي خرجك؟
أجابها بأنفاس لاهثه ، وهو لايزال علي نفس وضعه : قلقت لما اتأخرتي..
تجاهلت بإستصعاب خفقات قلبها العنيف داخل صدرها ، الذي كان لا يزال يرتفع وينخفض من أثر المفاجأة ، فاستنكرت بخفوت : هو انا لحقت .. كنت هتودينا في مصيبة...
هذا ما قالته بنبرة قلقة ، وهي تلوذ بالفرار من براثن ذراعيه بخوف استشعره باسم وهو يرآها تقف في منتصف الغرفة تعدل حافة بيجامتها ، حتى جاء إليها صوته المتسائل بعدم رضا : ليه نظرة الخوف اللي كانت في عينك دي مني وانا ماسكك برا .. انا مش هاكلك؟!
إرتفع حاجبيها بإستعجاب قبل أن تغمغم بغضب مستنكر ، وهي لازالت توليه ظهرها : بجد بتسأل!!
عقدت ابريل يديها على صدرها ، وهي تتجه نحوه ، لتستأنف حديثها بسخرية لاذعة : لحقت تنسي بالسرعة دي تحرشك بيا واللي عملته فيا ولا انت متعود علي كدا فمابقتش مركز؟!
تركزت عيناه على خاصتها ، وخرجت منه تنهيدة حارقة ، مع اعترافه الهامس بصوته الرجولى الحاد : عارف اني زفت وصايع .. بس عمري ما كنت حيوان عشان افرض نفسي علي بنت فهمتي .. اللي حصل مني في حقك غلطة وندمان عليها وبحاول اكفر عن ذنبي معاكي .. بس مش هسمحلك تفضلي تهنيني بالشكل الجارح دا تاني
أنهى باسم جملته مولياً ظهره لها ، بينما إعتراها الندم على تسرعها ، بعد أن لاحظت نبرة الألم في صوته.
فغرت فمها عازمة على الكلام ، لكن شعرت بالحروف منحصرة داخل جوفها ، فأغلقته وقد أصابها الإحباط بعض الشيء ، قبل أن تسير بهدوء نحو الأريكة ، لتلتقط شيئا منها ، ثم عادت إليه ومدت يدها نحوه ، لينظر بعينين ضيقتين إلى قطعة الشوكولاتة ، بين أصابعها وابتسم رغما عنه متسائلا بذهول : بترشيني؟!
أطرقت أبريل رأسها ، وهي تبتسم في حرج ، لا تقوپ على رفع عينيها إليه ، ثم غمغمت له بمرح خجول : لا بضيفك عشان اول مرة تشرفني هنا
ارتفعت زاوية شفتيه بإبتسامة جانبية علي طريقة مراوغتها اللطيفة فى الإعتذار : مقبولة منك مع انك بتعزمي عليا من شوكولاتي
رفرفت رموشها بارتياح ، وهي ترى الابتسامة الخفيفة التي زينت ملامحه الحادة بالوسامة المهلكة ، وهو يلتهم قطعة الشوكولاتة في فمه بتلذذ ، لتجلى حلقها بخفة رافعة يدها أمام عينيه بكيس الثلج ، لتذكره بما يجب عليهم فعله.
بعد قليل
باسم يجلس على الأريكة قاطباً حاجبيه بألم ، وهي فى مواجهته على الطاولة الخشبية ، ممسكة بيدها مكعب ثلج على جبهته.
_عارف أن دا جه متأخر بس انا متشكر علي انقاذك ليا مرتين .. مرة لما كنت بطلع في الروح و المرة التانية لما انقذتيني من الموقف البايخ كنت هتحط فيه
خرجت تنهيده حارقه من أعماقه ، واستكمل بصدق : وأي كلمة اسف هتخرج مني مش هتكون كفاية علي اللي عملته معاكي .. بس معرفش اذا هتصدقي ولالا .. لكن والله العظيم معرفش ازاي عملت كدا معاكي دي .. اول مرة اقرب من بنت بدون رغبة منها .. ومستحقر نفسي ومش طايقها عشان مكنش من حقي اعمل كدا معاكي .. كنت زي اعمي لالا كنت اعمي حقيقي .. ومتخيلتش ان دا كله هيجرالك بسببي .. شيطاني صورلي أن دي كانت لعبة بتلعبيها عليا ..
_يمكن لانه صادف في ايام قليلة اننا اتجمعنا اكتر من مرة .. عارف دا مش عذر ليا .. وبجد دلوقتي ندمان وحقك لو شوفتيني واحد منحط .. انا اسف علي اي كلمة خرجت مني جرحتك ساعتها
انتفض قلبها بين ضلوعها بلين ، فور أن أحست أن هذا الاعتذار نابع من صميم قلبه ، بالإضافة إلى ظهور ندمه جلياً على محياه ، على الخطأ الذي ارتكبه في حقها والألم الذي سببه لها ، ووجدت نفسها تقول بلهجة مترددة : كانت في حاجة حصلت عاوزة احكيلك عليها!!!