اخر الروايات

رواية عشق مهدور الفصل الثامن عشر 18 بقلم سعاد سلامة

رواية عشق مهدور الفصل الثامن عشر 18 بقلم سعاد سلامة


ب عيادة سهيله
نظرة عينيها له كانت مثل سهام مسممه تخترق قلبه تسرى بالسم بين كل شريان بجسده يشعر أنه يموت بالبطئ، إزدرد ريقه يحاول التماسك أمامها، يحاول كبت رغبته في الإقتراب منها، لكن هذا الرهاب الواضح على ملامحها كآنه لجم ساقيه بوثاق حديدي، حايد بنظره عنها ولفت رقابته قليلا يقول بهدوء: لو سمحت ممكن تسيبنى مع سهيله…
قاطعته بتسرع ورهاب: إسمي الدكتورة سهيله، بأى صفه بتنطق إسمى بدون لقب دكتوره، وأكيد إنت غلطان في العنوان.
نظر إليها مره أخرى قائلا: لاء مش غلطان في العنوان، وأنا مريض وجاي لعيادة دكتورة، وأعتقد إن في أسرار للمرضى ممنوع يعرفها غير المريض والدكتور المعالج له.
توترت المساعده وهي تشعر بذهول من رد فعل سهيله المبالغ فيه بنظرها، يبدوا أن هذا الوسيم لديه معرفه خاصه بها، تنحنحت قائله: همش…
لم تكمل بقية حديثها حين تسرعت سهيله: قولت لك متمشيش…
قاطعها آصف قائلا برجاء: أعتقد إنك تدي خمس دقايق من وقتك لمريض مش كتير.
شعرت المساعده بالحرج وقالت: أنا بره في الاستقبال.
كادت سهيله أن تعترض لكن غادرت المساعده دون إغلاق باب الغرفه، حاولت السيطرة على رهابها منه، تنهدت بضجر بعد لحظات صمت كانت عيني آصف تراقب ملامحها، زفرت نفسها قائله: أيه اللى فكرك بيا بعد السنين دى كلها يا…
صمتت سهيله للحظات تفكر فبماذا ستلقبه الليله، لم يبقى مثلما كان بالماضي حين كان قاضيا، لكن تنفست قائله: يا سيد آصف.

شعر بوخزات قويه في قلبه، ربما إشتاق أن يسمع أسمه يخرج من بين شفاها مثل الماضى حين كانت تسبق إسمه ب سيادة المستشار…
لكن هو ترك القضاء، رد بهدوء: أنا مريض وجاي أتعالج؟
تهكمت عليه بسخريه قائله: مريض!
مريض أيه واضح إنك مقريتش اليافطه اللى على باب العيادة أنا دكتورة أطفال، سبق وقولتلك غلطان في العنوان، ألافضل تروح لدكتور متخصص يناسب حالتك.
رد عليها ببرود: إنت أكتر دكتور متخصص يفهم حالت بالظبط، أنا قريت اليافطه اللى على جنب باب العياده، وإنك دكتورة علاج نفسي، وأنا جاي أتعالج نفسيا.


تهكمت سهيله: نفسيا، وماله بس معتقدش إنى هفيدك في الآمر ده في دكاتره كتير مشهورين في العلاج النفسى وكمان عندهم خبره أفضل منى، أنا تخصصى دكتورة أطفال في الأساس، كده يبقى الوقت إنتهى.
شعر آصف بنبرة رفض من سهيله لكن لن يستسلم، وقال: بالعكس أنا شايف إنك أفضل دكتور مناسب لحالت، لأنك عارفه تشخيص المرض من البدايه.
تهكمت بحنق سأله: وأيه هو المرض ده.
رد آصف: سادي…
مش ده اللى سبق وقولتيه ليا.
هنا رفعت سهيله عينيها ونظرت له شعرت بمقت وقالت بإستهزاء: قولت سبق
وأنا دلوقتي بقولك علاجك مش عندي، وكده كفايه، الوقت إنتهي ولازم أقفل العياده.
قالت هذا وتوجهت نحو باب الغرفه قائله: إتفضل

علاجك مش عندي
آصف باشا شعيب أكيد أشهر الدكاتره النفسيين يتمنوا منه إشارة وهيروحوا لحد عنده مش محتاج يقطع مسافات عشان يتعالج عند دكتوره بنت موظف كحيان.
نظرة آسف في عينيه لها، هي تذكره بما قاله عنها سابقا، لكن ليس تقليلا من شآنها بل إفتقارا لأي مشاعر نحوه.
كاد يتحدث لكن وصول بيجاد في هذا الوقت يدخل مباشرة الى الغرفه يقترب من مكان وقوف سهيله، جعله يشعر بنصال باردة تكز في قلبه، نظرت سهيله الى بيجاد لم يزول عنها الرهبه لكن حاولت أن تخفي ذالك، وإستقوت بتحدي لنفسها ونادت على المساعده حتى جاءت الى الغرفه قالت لها وهي تنظر الى آصف بحجود: وصلي الأستاذ لباب العيادة.
ماذا لو جذبها بالقوه وأخذها عنوة معه، يجثو على ساقيه أمامها يخبرها كم أمضى ليالي بلا نور النظر الى عينيها، يتمنى تلك النظره التي كانت تنظر له بها قبل تلك الليلة اللعينه، وأنه يكره تلك العينان اللتان يشع منهم البغض لا ليس فقط بغض بل خوف من إقترابه منها…
كاد أن يتحدث لكن أصمه نظر سهيله الى بيجاد ورسمت بسمه قائله عن عمد: إتأخرت ليه؟ أنا خلصت آخر كشف من بدرى وكنت هقفل العياده وأمشى أنا والمساعدة.
رغم إستغراب بيجاد من حديثها الغير متوقع منها، لكن تجاوب معها وهو ينظر الى آصف الواضح على ملامحه التجهم، يضبط نفسه غصب، رد ببساطه: تمام طالما خلصت خلينا نمشي والمساعده تقفل العيادة.
وافقته وقامت بخلع معطفها الابيض وعلقته على علاقه خاصه، ثم جذبت حقيبة يدها، كذالك هاتفها الذي كان فوق المكتب، لكن ألقت نظره أخيرة على آصف الواقف قائله: إتفضل عشان المساعدة هتقفل العيادة.

ما مكانة هذا الآخر لديها، ماذا لو صفعه وأخذها عنوة وما إهتم برد فعلها لاحقا.
هكذا فكر آصف ونظرات عيناه تنضخ بغضب لو أطلق صراحه الآن لن يهدأ إلا حين يقتل أحدهم الآخر، لو قتلته الآن لن يكون أكثر آلم من هذا الصمت الذي يلتزم به، مرغما إنسحب من المكان قبل أن يطلق لجام غضبه.


بينما أطلقت سهيله تنهيدة راحه قليلا ونظرت الى بيجاد الذي يشعر أن هنالك أمرا غريب، لكن إمتثل لقول سهيله التي تحاول التماسك، لكن هو لاحظ حركة يديها اللتان ترتعشان: فكرتك بتهزر لما قولتلى إنك قريب من العيادة.
تذكر قبل قليل أثناء حديثه معها على الهاتف أخبرها أنه قريب من مكان العيادة، وأنه مجرد دقائق سيكون أمامها بالعيادة، هي ظنت أنه يمزح، وأغلقت الهاتف بوجهه، بينما رد ببساطه: لاء مكنتش بهزر، أنا كنت جاي أتكلم معاك في موضوع مهم، بس واضح إنك مرهقه من الشغل.
ردت عليه بكذب: فعلا أنا حاسه بشوية إرهاق، ومحتاجه أرجع البيت أستريح.
من ملامح وجهها ويديها اللتان ترتعشان تيقن أنها تدعى هنالك آمر آخر، لكن قال بهدوء: تمام، خليني أوصلك للبيت بعربيتي.
للحظات كادت ترفض لكن فكرت بوجود آصف، أومأت رأسها بموافقه، رفع يده لها لتتقدم أمامه.
بعد لحظات كما توقعت آصف مازال يقف أمام سيارته، إزدردت ريقها وتوجهت نحو سيارة بيجاد، إنتظرت لحظات حتى فتح بيجاد آمان السياره كذالك الباب، فكرت للحظات قبل أن تتخذ القرار وتصعد الى السيارة، أغلق بيجاد باب السيارة ثم توجه للباب الآخر وقام بفتحه لكن خطف نظرة ناحية آصف قبل أن يصعد الى السيارة، لم ينتظر سوا لحظات وإنطلق بالسيارة، أثناء ذالك نظر الى سهيله التي تجلس صامته ملامحها خافته، كذالك مازالت رعشة يديها، ترك يده من فوق المقود وتجرأ ووضعها فوق يدها التي تضعها جوارها فوق المقعد، سريعا سحبت يدها ونظرت له قبل أن تتحدث برر ذالك بكذب قائلا: آسف، كنت بنقل فتيس العربيه وإيدي إتزحلقت.

بنيه طيبه صدقت كذبته وتغاضت عن ذالك، لكن هو بداخله فضول معرفة من ذلك الشخص، سأل: غريبه المفروض إنك دكتورة أطفال!
مين الشخص اللى كان في العيادة ده، مكنش معاه أى طفل؟
أتكئت سهيله برأسها على مسند المقعد، أغمضت عينيها بقسوة للحظات ثم قالت: من فضلك زود سرعة العربيه، حاسه بصداع جامد.


تيقن بيجاد أن لهذا الشخص آثر كبير بحياتها، لكن لو ضغط بالسؤال عنه مره أخرى، قد تتضايق منه، لكن سألها: وأيه سبب الصداع ده.
ردت بضجر: قولتلك قبل كده حاسه بإرهاق عادى الصداع، ومن فضلك ياريت تسوق بسرعه بدون أسئلة.
إمتثل بيجاد لرغبتها وصمت الى أن قالت: وقف هنا، البيت قريب هكمل الخطوتين دول مشي، وشكرا لك.
لم يعترض بيجاد وتوقف بالسياره سرعان ما ترجلت من السياره حتى دون أن تشكره توجهت نحو منزلها بخطوات سريعه، لكن للحظه تصنمت مكانها حين رأت سيارة آصف، نظرت خلفها لسيارة بيجاد مازال واقف، تجاهلت الإثنين وذهبت نحو باب المنزل فتحته ودخلت، تفاجئت حين فتحت الباب الآخر المنزل ب سحر التي إقتربت منها بلهفه قائله: سهيله مالك بتنهجي ليه.
هدات أنفاس سهيله وشعرت بالآمان وقالت بتبرير كاذب: مفيش يا ماما مش بنهج ولا حاجه، أنا بس سقعانه الجو بره برد أوى الشتا شكله هيبدأ بدرى السنه دى.
وضعت سحر يدها على جبهة سهيله ثم أمسكت يديها وقالت: جبينك ساقع وإيديك كمان، إدخل غيرى هدومك وأنا هعملك عشا خفيف ودافى وكمان كوباية لبن دافيه، هيدفوك.
تبسمت لها بخفوت قائله: لاء يا ماما أنا مش جعانه كفايه كوباية اللبن أشربها وأنام، حاسه بإرهاق من الشغل.
تبسمت سحر بشفقه قائله: ربنا يعينك، على ما تغيري هدومك أكون سخنت اللبن.

دخلت سهيله الى الغرفه وأغلقت باب الغرفه وإستندت بجسدها عليه سمحت لساقيها بالإنهيار وجلست خلف الباب تشعر بضياع، لكن سرعان ما إنتبهت ونهضت بتكاسل ذهبت نحو دولاب ملابسها أخرجت لها منامه ثقيله وضعتها فوق الفراش وقامت بخلع ثيابها وقامت بإرتدائها، أجبرت شفتيها على الإبتسام حين سمعت صوت مقبض الباب من ثم دخول سحر تحمل كوب من الحليب قائله ببسمه: اللبن أهو دافى مش سخن أوى عشان تشربيه علطول وبعدها نامى هتصحي كويسه، وحاولى متجهديش نفسك كتير في الشغل بعد كده، صحتك أهم، مفيهاش حاجه لو قللت وقت العيادة ساعتين في اليوم حتى على ما برد الشتا يخلص.


اومأت سهيله براسها لكن سألتها: أمال ايه اللى مصخيك لحد دلوقتي يا ماما، انا عارفه إنك بتصل العشا وبعدها تتعشي إنت وبابا وتناموا.
تنهدت سحر: حسام كان جسمه دافى شويه وإديته خافض حراره والحمد لله نزلت الحراره ونام من شويه.
تبسمت سهيله قائله: هي سهيله سابته هنا، كنت مفكره أنها هتاخده معاها.
ردت سحر: هي كانت هتاخده بس أنا قولت لها تسيبه بلاش يطلع في البرد لا يتعب، وهي وافقت.
تهكمت سهيله لنفسها قائله: طبعا دى مصدقت مش عارفه دى أم إزاى وقادره إبنها يبقى معظم الوقت بعيد عنها.
وضعت سحر يدها فوق كتف سهيله قائله: يلا إشرب اللبن وبعدها نامى وإتغطي كويس.
تبسمت سهيله وقامت بإحتساء كوب اللبن أخذت سحر منها الكوب، وتوجهت نحو باب الغرفه، أطفأت الضوء إلا من ضوء خافت قائله: إتغطي كويس
تصبح على خير.
– وإنت من أهله يا ماما.
قالتها سهيله وهي تترك لجسدها الإنهيار فوق الفراش دمعه شقت عينيها وقلب يآن لامت هذا الشعور، كيف مازال لديها هذا الرهاب من آصف لقد مرت سنوات ظنت أن تلك الحاله إنتهت، ربما عدم ظهوره سابقا جعلها تظن أنها شفيت من هذا الإحساس، لكن طن برأسها سؤالا آخر بل أسئله، لما عاد آصف الى حياتها الآن؟

ما الهدف الذي برأسه؟
هل ظن أنها نسيت ما مرت به معه من خداع كاد يقتلها؟
هل يظنها مازالت تلك الحمقاء التي صدقت معسول كلامه وألقت بنفسها بين سيلان بركانه الذي أزهق قلبها بليلة عاتمه؟
هل، وهل، وأسئله تعلم إجابتها، آصف كما قال لها سابقا
أنا لعنة حياتك.
نهضت من فوق الفراش، ذهبت نحو ضوء الغرفه وأشعلت الضوء الواضح، ذهبت نحو تلك الضلفة الخاصه بها في الدولاب، جثت على ساقيها وجذبت بعض الملابس الخاصه بها، ثم جذبت من خلفهم ذالك المجلد القديم، نهضت ذاهبه نحو الفراش مره أخرى، فتحت ذالك المجلد القديم.
بين صفحاته كانت تلك الرسائل المطويه، جذبتها بيد مرتعشه، تبسمت بسخريه من حالها، لما مازالت تختفظ بتلك الرسائل القليله التي لا تتخطي خمس رسائل، فتحت إحداها، قرأت محتواها بشعور آخر عكس قرائتها له سابقا.
قرأتها بشعور صبيه تقع في غرام فتي أحلامها، الذي يبدوا أنه يبادلها نفس الشعور، شعور خفي أخفته خوف من الخذلان، فهو الأمير وهي السندريلا، حقا لم تكن المعفره بالتراب مثلها، لكن كان هو الأمير وهي ليست سوا فتاة عاديه ليست صاحبة جمال ملفت كالاتى يراهن، تهكت من تلك المشاعر المراهقه، وقتها الآن أصبحت أخري غير تلك الصبيه التي هز قلبها مجرد كلمات مكتوبه في عصر إختفت فيه تلك الظاهره، فهى قديمه للغايه، لكن لم يكن هنالك وسيله غيرها في البدايه، دموع مع بسمات وخفقان قلب يستهزأ بمشاعر أودت بها الى الموت وخذلان أصابها كان قاتلا لها.
قرأت أول رساله أعطاها لها آصف، كل كلمه معناه إختلف، سهيله أنا عارف ممكن تتريقى عليا وتقولى إنى ملقتش طريقه أكلمك بيها غير إنى أكتبلك رساله في جواب، زى الأفلام القديمه، عارف إننا في عصر التكنولوجيا فيه كل لحظه إختراع جديد، بس أنا ملقتش فعلا طريقه غير دى، سهيله أنا بعترف إن من أول لقاء شوفتك فيه حسيت بشئ إخترق كيان، شعور أبقى كداب لو قولتلك عارف مغزاه، كل اللى عارفه إنى بحس بقلبي بيدق لما بشوفك قدامي، أنا مش عارف حقيقة مشاعري، لكن اللى عارفه إنى بتمني دايما تكوني قدامي، لو عندك تجاوب لمشاعري دى أنا هنتظرك بكره فى جزيرة البرلس لو جيت هبقى سعيد جدا.

أغلقت الرساله وتهكمت بندم ليتها كانت طوت تلك الرساله وما سارت خلف مشاعرها، ليتها كانت مزقت تلك الرساله قبل أن تقرأها
ليت، وليت، والندم فات آوانه، هي وقعت بشرك عاشق قاسي إستحل نزيف قلبها.
000000
أمام سرايا شعيب
توقف آصف ينظر إليها للحظات قبل أن يقرع زامور السياره، حتى جاء حارس السرايا، إقترب من السياره، فتح آصف زجاج شباك السياره، رحب به الحارس بحفاوة
آصف بيه أنا آسف كنت غفلان.
أومأ له آصف قائلا: إفتح البوابه.
سريعا فتح الحارس البوابه دلف آصف بالسياره الى داخل السيارة، ترجل منها إقترب منه الحارس يسأله بإحترام عن إن كان يحتاج لخدمه معينه، أومأ له آصف قائلا: لاء متشكر روح كمل نوم، تصبح على خير.
رد عليه الحارس وتوجه الى غرفة الحراسه، لكن إستغرب عدم دخول آصف الى مبني السرايا، وذهابه نحو تلك الغرفه المزويه بحديقة السرايا. فتح بابها ودلف إليها وأغلق خلفه الباب، فى البداية شعر بإختناق وهو يتذكر جيدا ما حدث بتلك الغرفه، هنا سفك ليس قلب سهيله فقط سفك قلبه قبلها، هنا بين جدران هذه الغرفه البارده أهدر ما تبقى من إنسانية قاضي حوله ل جلاد فقط ينفذ عقاب دون علم بخفايا الحقيقة.
طن برأسه صرختها الخافته تلك الليله وهو ينتهك جسدها بقسوة، صمتها بعد ذالك الذي جعله مفترس يهزي بوعيد بالحجيم لنفسه قبلها، ها هو وحده يعيش بهذا الجحيم وهي بعيد حين يقترب منها يرا أخري تبغضه، هنا كانت النهاية الدمويه.

شعر كآن جدران الغرفه تضيق صوت صرختها يختلط مع صوت الباب الذي تضربه الرياح الخريفيه من الخارج، ألقى بجسده فوق أرضية الغرفه يشعر بتهتك في قلبه، يسأل من هذا الذي إحتمت به منه، كان لابد أن يحدث العكس ويكون هو من تحتمي به بل وترتمي بحضنه بهذه الليله يستمد منها الدفئ، هل تأخر في عودة الظهور بحياتها، لا.
لن يستطيع أن يراها قريبه من غيره، أرضية بارده قاسيه ليست اقسى من ضنين قلبه الذي ينزف، وذكريات تتسرسب من قلبه
وذكرى كانت أول إعتراف له بأنه عاشق…
– سهيله.
قالها قبل أن تخرج من بوابة السرايا، توقفت ثم إستدارت تنظر له، تشعر بإرتباك، هو يشعر بغبطه في قلبه مد يده لها بتلك الرساله الورقيه التي بيده، قائلا: كنت أتمني أقولك الكلام اللى في الرساله دى مباشرة، بس مش عارف رد فعلك هيبقى أيه، عالعموم هنتظر ردك عالرساله.
تلفتت حولها بترقب قبل أن ترتجف يدها بتلقائيه أو ربما بأمنيه حين أخذت منه الرساله ثم غادرت السرايا فورا…
بينما إنشرح قلب آصف وهو مازالت عيناه تتبع سيرها، لم ينتبه الى صفوانه وشكران اللتان لاحظا ذالك الموقف ونظرن لبعضهن ببسمه، بينما غابت سهيله عن عينيه شعر بسأم وهو يسأل نفسه عن ردها على تلك الرساله، هل ستقرأها أم ستلقيها وتتجاهلها…
لكن خاب يآسه في اليوم التالى
علي بحيرة البرلس.
شعر بالضجر من طول الأنتظار، كاد يغادر فاقدا الأمل هي لن تأتى وحدث ما توقعه لكن فجأة هبت نسمه ربيعيه محمله بغبار الشاطئ الناعم أغلق عينيه إحتمائا منه لكن فتحهما بعد ثوانى، كانت تترجل من ذالك القارب الصغير قريب من الشط، لم يكن خيالا، بسمتها وهي تتقدم نحوه بخطوات خجوله…

لا يوجد وصف لما يشعر به من مشاعر، كان يود أن يجذبها ويعانقها قويا بين يديه يضمها، بل يقبلها، تخيل أنه فعل ذالك فعلا، لكن هي مشاعرها كانت مضطربه تتلفت حولها، تشعر أنها مثل المراقبه.
خطوات كان الإثنين يسيران بها يقتربان من بعضهم، مسافه كانت بكل خطوه مشاعر كل منهم تتضح أنه أصبح مغرم بالآخر، توقفا الإثنين، عين آصف تراقب كل حركه من ملامح وجهها، بينما هي حايدت بعينيها ونظرت الى مياه البحيره، قبل أن تشعر بيد آصف تمسك إحدي يديها، جذبتها سريعا، لكن هو تبسم قائلا: في كافيتريا قريبه من هنا خلينا نقعد شويه…
ردت بتسرع: كافيتريا لاء، المكان هنا واسع.
تبسم لها قائلا: زى ما تحب، خلينا نتمشى.
أومأت برأسها وهي تسير، كذالك هو، صمت حل بينهم لثواني، صوت الأمواج وحفيف الأشجار، الى أن توقف آصف قائلا: سهيله أنا خلاص الحمد لله أنهيت الدراسه كمان أخدت إعفا من التجنيد لآنى درست من البدايه في مدارس عسكريه، كمان إتعينت في القضاء، وأكيد هنتدب في أماكن بعيده عن هنا، بصراحه زى ما قولتلك في الجواب، مش عارف مغزى مشاعري، كل اللى أعرفه إنك إمتلكت مكانه كبيره في قلبي وحياتى، بحس إن ناقصني شئ مهم وإنت بعيد عني.
إنصهر وجهها بحياء وحايدت النظر له تنظر نحو الشط، لكن هو أراد أن ينظر لعينيها، ويعرف ردها على ماقاله، بتلقائيه منه رفع يده نحو ذقنها وأداره له، سرعان ما عادت خطوه للخلف، تبسم آصف قائلا: مسمعتش ردك؟
إرتبكت قائله بمراوغه: ردى على أيه؟
إبتسم يعلم أنها تراوغه قائلا: سهيله أنا مستعد يكون في بينا إرتباط رسمي.
توترت سهيله دخل لقلبها خوف ان يكون كاذب ويتسلى بها، قالت: أنا لسه بدرس في كلية الطب وقدامى خمس سنين بحالهم أكيد مش هعرف أوازن بين الدراسه وأى شئ تانى.

شعر آصف بغصه سألا: قصدك أيه أنا أتسرعت لما بوحت بمشاعري ليك، لو…
قاطعته سهيله: لاء، بس أنا بصراحه عندي دراست أولا قبل أى شئ تانى، حتى مشاعري الخاصه كنت مأجلاها بس…
توقفت سهيله تشعر بخجل تكز على شفاها بحياء.
تبسم آصف قائلا: بس أيه
بس أحب أعرفك.
أنا لعنة حياتك اللى هتلازمك طول الوقت هنتظر منك إشارة بدء.
تبسمت له دون رد.
دموع تسيل من عينيه وتلك الذكرى تسفح قلبه.
كثيرا سمع عن عاشق يبك كان يعتقد أنه ضعيف ها هو يبك على عشق أهدره بغرور إنتقام، لم يغفل طوال الليل ذكريات كل لحظه هنا ادمت قلبه بفراق جائر لقلبه، حتى سطع نور جديد، غفى لوقت لا يعلم كم ظل غافيا، لكن فتح عينيه حين سمع رنين هاتفه، أعتدل جالسا يسند ظهره على الحائط خلفه، ونظر الى الشاشه، جلى صوته وقام فتح الإتصال وسمع صوت شكران المتلهف يسأله: آصف إنت فين، ليه مرجعتش ليلة إمبارح.
رد آصف بهدوء: أنا بخير يا ماما إطمني كل الحكايه عندي قضيه وإضطريت أسافر عشانها، ونسيت أتصل عليك أقولك.
تنهدت شكران براحه قائله: طيب يا حبيبي ربنا يوفقك، بس بلاش تجهد نفسك كتير في الرياضه زى عادتك.
تبسم آصف قائلا: حاضر يا ماما، إنت إطمني وإنتبهى لصحتك ومتقلقيش عليا.
أغلق الهاتف ونظر حوله الى الغرفه هنا كانت النهايه، لكن إهتدي عقله وقلبه معا بأن بالخارج بالتأكيد توجد بداية أخرى، حتى لو كان الطريق غير ممهدا، لكن بقانونه الخاص مباح كل الطرق، حتى لو بالتحايل.

ب يلا شهيره
بغرفة السفره.
دلفت شهيره الى الغرفه عكس عادتها ألقت الصباح على كل من أسعد ويارا اللذان يتناولان الفطور، إستغرب أسعد ذالك سألا: غريبه معظم الوقت نادر جدا لما بتفطرى، عشان رشاقتك كمان صاحيه بدري على عكس عادتك بتنامي للضهر.
ردت شهيره: مش غريبه، بس انا حاسه بشوية توتر الفتره دى، يمكن بسبب الدي ليه بتاع خط الأزياء، ده عرض لمصمم له إسمه في الوطن العربى كله، كمان له باع كبير باريس.
تبسم أسعد قائلا: ولو، هي أول مره تنظمى دي ليه…
قطع حديث أسعد رنين هاتفه أخرجه من جيبه ونظر للشاشه إستغرب قائلا: ده حارس السرايا.
قام بالرد عليه وتعجب مما أخبره به الحارس عن مبيت آصف بتلك الغرفه المزويه بحديقة السرايا، سأله بتأكيد: يعني آصف مدخلش للسرايا وفصل في الأوضه دى لحد الصبح مشى، تمام أنا جاي النهارده آخر النهار.
أغلق أسعد الهاتف، بينما سألت شهيره: إنت مسافر البلد النهارده.
وضع أسعد قطعه من شطيرة الطعام بفمه قائلا: أيوه، خلاص الفتره الجايه هتبدأ الجوله الأنتخابيه ولازم أبقى متواجد هناك بصفه مستمره.
نهضت يارا قائله: أنا شبعت وعندى إجتماع ولازم ألحقه.
تبسم لها أسعد، بينما قالت شهيره بإستهزاء: هتتأخري عالجنه إياك، مش عارفه أيه الوظيفه دى اللى مشغوله بيها مرتبها ملاليم، عالعموم فكرت في اللى قولته ليك أول إمبارح.

ردت يارا بقطع: سبق وقولتلك قرارى ومتغيرش أنا كل مش بفكر في الجواز دلوقتي.
كادت شهيره أن تتهكم لكن غادرت يارا، نظر أسعد الى شهيره سألا: مش فاهم قصد يارا.
زفرت شهيره نفسها بضجر قائله: صديقه ليا شافت يارا معايا وكان معاهت إبنها وأعجب ب يارا وهي طلبتها مني، وأهو إنت شايف ردها.
تبسم أسعد قائلا: ومين صديقتك دى وإبنها وبعدين يارا حره، ولسه يادوب مخلصه دراستها ولازم تكون صاحبة القرار في حياتها.
تهكمت شهيره تشعر بضجر من مجرد الحديث مع أسعد.
مساء
ب سرايا شعيب.
دلف أسعد الى غرفة مكتبه فتح أحد الادراج أخرج منها خزنه خاصه، قام بوضعها فوق المكتب، قام بفتحها، وأخرج منها بعض الاوراق
وصوره قديمه
نظر الى تلك الصوره بتمعن شديد تلك الصوره التي قابل منها نسخه أخري
جذب صوره أخرى من فوق مكتبه، ووضع الإثنين جوار بعضهم تأملهم جيدا.
هاتان متشابهتان للغايه فروق طفيفه لمن يدقق فقط، وضع الصورتان، ثم جذب ملف خاص وقام بفتحه، نظر الى تلك الورقتان الموجودتان بالملف
إحداهما ورقة زواج عرفى، وأخرى إعتراف ب بنوة تلك الطفله إلى زهير شعيب إبن عمه الوحيد الذي توفي قبل سنوات.
مكتب آصف.
تحدث الى ذالك الجالس معه قائلا بأمر: القضيه دى لازم يتحكم فيها بأسرع وقت، مش عاوز مماطلات يا إبراهيم.

تبسم له قائلا: إطمن هناخد الحكم من أول جلسه.
تنهد آصف قائلا: ياريت.
تبسم إبراهيم قائلا: لما إتصلت عليا الفجر انا فكرت إنها قضيه خطيره، في الآخر تطلع قضية بيت طاعه عالعموم إطمن قضايا الشرعي دى لعبت.
تبسم آصف له قائلا: بلاش الثقه الزايده دى.
تحدث إبراهيم بمغرور مرح: شكلك مشوفتش مكتب القديم قبل ما نتشارك سوا، أنا كنت مشهور بقضايا الطلاق والخلع، هي دى القضايا اللى شغاله في مصر دلوقتى، كنت بقابل موزز أيه لووووز.
تبسم آصف قائلا: دى بالذات أخلع عينك لو بصيت لصورتها في الملف.
تبسم إبراهيم: عيب دى مرات أخويا ورفيق الدراسه.
قبل أن يتحدث آصف صدح الهاتف الارصى الخاص بالسكرتيره، رفع السماعه يرد عليها، سألها بأستغراب بتقولى مين…
سمع الرد لكن ليس عبر سماعة الهاتف بل بمن فتحت باب المكتب دون إستئذان وقالت بغرور: مي المنصوري.
نهض إبراهيم واقفا يظهر إعجابه الشديد بتلك الفاتنه، بينما وضع آصف سماعة الهاتف، وظل جالسا الى أن إقتربت مي من مكتبه، نهض بمجامله…
بينما رفعت مي يدها بآناقه له ظنا منها أنه سيفعل مثل غيره من الرجال يحني رأسه ويقبل يدها، لكن خذلها حين وضع يده بيدها وصافحها فقط، مما أثار ذالك غضبها وإعجابها بنفس الوقت.

يتبع…


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close