اخر الروايات

رواية قطة في عرين الاسد الفصل السابع عشر17 بقلم مني سلامة

رواية قطة في عرين الاسد الفصل السابع عشر17 بقلم مني سلامة 


الحلقة ( 17)
صمتت والحيرة والتردد فى عينيها فقال لها هامساً :
- انا بحبك اوى ومقدرش أعيش من غيرك .. احنا خلاص بقينا روح واحدة يا "سهى" ومش ممكن نبعد عن بعض أبداً .. يا ترى انتى بتحبينى زى ما بحبك ؟
أومات برأسها قائله :
- طبعاً بحبك يا "سامر"
قبل يدها وأخرج هاتفه واتصل بصديقين له ثم التفت اليها قائلاً :
- حالا وهيكونوا هنا
وبالفعل كما لو كان قد اتفق معهما مسبقاً .. لم يمضى الكثير من الوقت حتى أتى صديقاه .. ليشهدان على ما أسموه زواجاً .. وتركا الإثنين لينعمان بليلتهما الأولى فى هذا الزواج الباطل والذى افتقد شرطين مهمين من شروط الزواج الصحيح .. الشرط الاول هو الاشهار بين الناس والذى لم يتحقق فى هذا الزواج السري الذى اخفياه عن أعين الجميع .. وأما الشرط الثاني هو اذن الولى .. فلا يجوز للمرأة ان تزوج نفسها بنفسها فلابد لها من ولى كأب أو أخ أو عم أو خال حتى ولو كانت المرأة بالغة .. فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) كررها ثلاث مرات .. وقال الله عز وجل فى سورة النساء (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) .. لم يكن الشيطان ثالثهما فحسب .. بل كان الشيطان
متوغلاً فى أعماق كل منهما يزين لهما المعصية فتتحول النار الى جنة .. والخطأ الى صواب .. والحرام الى حلال .. والقذرارة الى لذة

*****************************************
أوقف "مراد" السيارة أمام قسم الشرطة تحت انظار "مريم" التى أخذت تنظر الى ملابسه الممزقة الدامية وهى لا تدرى اهذه دمائه أم دماء "حامد" .. كانت تشعر بالفزع لكنها خشيت الحديث معه وهو فى هذه الحاله .. خرج من السيارة دون أن يلتفت اليها وأحكم اغلاق السيارة .. ظلت قابعه فى السيارة لأكثر من ساعة الى أن رأته يعود أدراجه بعدما قدم البلاغ .. سار بالسيارة فى صمت .. التفتت تنظر اليه بدا أهدأ وان كانت مازالت علامات الغضب على وجهه .. توقف بالسيارة فى مكان خالى تجهله .. ساد الصمت .. لم تحاول قطع هذا الصمت .. نزل من السيارة ووقف يستند على مقدمتها وقد أولاها ظهره .. تركته لفترة طويلة واقفاً هكذا .. ثم نزلت من السيارة وتقدمت منه ببطء وحذر .. وقفت بجواره .. ثم قالت بصوت هادئ :
- انت كويس
لم يجيبها ولم يلتفت اليها .. فقالت :
- ممكن لو سمحت موبايلك أطمنهم علينا زمانهم قلقانين
بدا وكأنه لم يسمعها .. ثم بعد لحظات .. أخرج هاتفه من جيبه وأعطاه لها دون أن ينظر اليها .. أخذت الهاتف وبحثت فى سجل المكلمات الصادرة فقد تذكرت انه اتصل بـ "سارة" وهو على الطريق .. ثم ابتعدت قليلاً واتصلت بها :
- أيوة يا "سارة"
- ................
- أنا معاه
- ................
- ايوة كويس
-.................
- راح للراجل ده وبعدين راح القسم قدم بلاغ
- ................
- طيب ماشى لو فى جديد هبلغكوا .. بس طمنى طنط "ناهد" زمانها قلقانه
- ................
- ماشى .. مع السلامة
أنهت "مريم" المكالمة وعادت لـ "مراد" مدت يدها بالهاتف .. فلم يلتفت اليها .. أعادت يدها الممدودة وهى تتطلع اليه .. كانت تعلم بأنه يشعر بشعور قاسى للغاية .. صدمته فى تصرفات أخته و فى تصرفات هذا الرجل الذى يقول أنه صديق "مراد" .. بالتاكيد لم يكن ليتخيل ان يصدر منه شئ كهذا .. ثم خوفه وفزعه على اخته وما كان سيحدث لها لولا ان نجاها الله وحفظها .. ظلت واقفه بجواره ساكنه للحظات .. ثم تركته وعادت الى السيارة وهى تشعر بالوهن والإرهاق من تلك الاحداث المتلاحقة .. امضى عدة دقائق واقفاً ساكناً .. ثم رأته يلتف ويركب بجوارها .. ظنت بأنه سينطلق بالسيارة .. لكنه نظر اليها وتطلع الى ملابسها قائلاً بصوت هادئ :
- انت ازاى خرجتى كدة ؟
نظرت "مريم" بإضطراب الى ملابسها .. فقد كانت ترتدى عباءة استقبال داكنة اللون .. تصلح لأن ترتديها أمام الناس لولا أنها مخصرة قليلاً فأبرزت القليل من تفاصيل جسدها الأنثوى .. قالت بتوتر :
- دى عباية .. يعني فى ناس بتلبسها عادى
قاطعها "مراد" قائلاً :
- ضيقة متخرجيش بيها تانى
تلاقت نظراتهما .. لمحت نظرة غريبة فى عيناه لم تألفها من قبل .. أشاحت بوجهها بسرعة وهى تشعر بقلبها تتعالى دقاته .. فعل المثل وأشاح بوجهه ونظر أمامه وانطلق فى طريقه الى البيت.

- ضيقة متخرجيش بيها تانى
تلاقت نظراتهما .. لمحت نظرة غريبة فى عيناه لم تألفها من قبل .. أشاحت بوجهها بسرعة وهى تشعر بقلبها تتعالى دقاته .. فعل المثل وأشاح بوجهه ونظر أمامه وانطلق فى طريقه الى البيت.
سبقته الى الداخل .. استقبلتها "ناهد" قائله بلهفه :
- ايه اللى حصل يا "مريم"
قالت "مريم" وقد بدا عليها الإرهاق :
- تعالى نطلع فوق يا طنط وهحكيلك انتى والبنات
دخل "مراد" البيت ودون أن يتفوه بكلمة دخل مكتبه وأغلق الباب خلفه .. صعدتا الى غرفة "نرمين" حيث كانت "سارة" جالسة بجوارها على الفراش .. قالت "نرمين" بلهفه :
- ايه اللى حصل يا "مريم"
جلست "مريم" على أحد المقاعد وقالت :
- خرج من هنا وهو تعصب جداً كنت خايفة يتهور أو يعمل حاجة غلط .. معرفش لقيت نفسي بجرى وراه وبركب معاه العربية .. راح للراجل ورجع بعد فترة وهدومة مبهدلة وعليها دم بس أعتقد ده دم الراجل مش دمه هو
حثتها "ناهد" قائله :
- هااا وبعدين
قالت "مريم" :
- راح بعدها القسم يعني أكيد قدم بلاغ فيه
قالت "ناهد" بحرقه :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه .. أنا مش عارفه "مراد" عرف الأشكال دى منين
قالت "سارة" :
- ما هو يا ماما الراجل ده يبان محترم وابن ناس .."مراد" هيعرف منين يعني ان أخلاقه كده .. أنا واثقه لو "مراد" كان عرف مكنش اتعامل معاه أبداً
التفتت "ناهد" الى "نرمين" قائله بأسى :
- آخر حاجه كنت أتوقعها يا "نرمين" هى انك تعملى كده وتخونى ثقتنا فيكي بالشكل ده
انفجرت "نرمين" باكية وهى تقول :
- والله معرفش عملت كده ازاى .. أنا فعلا غلطت جامد .. عشان خاطرى متزعليش منى يا ماما مش هيبقى انتى كمان كفايه "مراد"
اقتربت منها "ناهد" وأخذتها فى حضنها قائله :
- المهم انك تكونى عرفتى غلطتك يا "نرمين" ومهما حصل متكرريهاش تانى أبداً .. أنا عارفه ان "مراد" شديد عليكوا بس ده لمصلحتكوا يا بنتى .. الدنيا معدتش أمان .. ودلوقتى متقدريش تميزى بسهولة بين الكويس والوحش .. ربنا يحفظكوا يا بنتى انتوا وبنات السلمين
رفعت "نرمين" رأسها وقالت بأعين دامعه :
- "مراد" عمره ما هيسامحنى أبداً
ربتت "ناهد" على رأسها وهى تقول :
- اصبري عليه اكيد اللى حصل مكنش سهل عليه
قامت "مريم" لتتوجه الى غرفة "مراد" .. ما كادت تدخل الغرفة حتى انتبهت أنها مازالت تحمل هاتف "مراد" فى يدها .. فتركته فوق الكودينو .. ودخلت لتأخذ دشاً علها تريح أعصابها قليلاً .. خرجت وهى تفكر فى الأحداث التلاحقة التى حدثت فى اليومين الماضيين .. توقفت أمام هاتف "مراد" الذى يضئ ويطفئ فى صمت .. ترددت للحظة ثم أمسكته وتوجهت الى الأسفل .. طرقت الباب بهدوء .. لم تسمع صوتاً .. همت بالمغادرة عندما فتح الباب .. نظرت اليه كانت تبدو علامات التعب واضحة جلية على وجهه .. وكأن هماً كبيراً يؤرقه .. قالت بصوت خافت وهى تمد يدها بالهاتف :
- موبايلك
أخذه "مراد" منها وقال وهو يفسح لها الطريق :
- ادخلى عايزك
توجست خيفه ودخلت وهى تشعر بالتوتر .. سبقها وجلس الى أحد الأرائك آمراً اياها أن تغلق الباب .. فعلت فأشار لها بالجلوس على مقعد أمامه ففعلت وهى تشعر بالتوتر .. نظر اليها قائله :
- عايز أسمع منك اللى حصل بالتفصيل
قالت "مريم" :
- "نرمين" قالت كل حاجه
قال بحزم :
- عايز أسمع منك انتى
تحدثت "مريم" وروت له كل ما حدث وكل ما أخبرتها به "نرمين" .. ساد الصمت بينهما الى أن قال :
- انتى واثقه انه معملهاش حاجه
قالت "مريم" بسرعة :
- أيوة واثقه أنا كنت شيفاهم من فوق .. وأول ما لقيتها خرجت من الفيلا وبتفتح باب العربية نزلت جري .. وأول ما خرجت من البوابة شوفته وهو بيخدرها وساعتها جريت وقفت أدام العربية وصرخت لحد ما فى اتنين كانوا ماشيين ساعدونى
كان "مراد" يستمع اليها وهو يمعن النظر اليها .. ثم قال وكأنه يلوم نفسه :
- دى غلطتى انى مش حاطط سيكيوريتي على البوابة
قالت "مريم" :
- قدر الله وما شاء فعل .. الحمد لله ان الموضوع جه على أد كده
أومأ "مراد" برأسه فقالت "مريم" بشئ من التردد :
- تسمحلى أقول حاجة
نظر اليها وأومأ برأسه .. فقالت :
- أنا معاك ان "نرمين" غلطت وغلطت جامد كمان .. بس ده ميمنعش انك مشترك معاها فى الغلط ده حتى لو كان بنسبه بسيطة
عقد "مراد" ما بين حاجبيه قائلاً :
- ازاى يعني ؟
قالت "مريم" بثبات :
- أنا عارفه انك بتخاف على اخواتك البنات ومعاك حق فى كدة .. بس مبتصاحبهمش ليه بدل ما تخليهم يخافوا منك بالشكل ده .. "نرمين" كانت مرعوبة منك وخايفه انك تموتها .. أيوة لازم تخاف منك وتحترمك بس مش لدرجة الرعب اللى هى عايشة فيه ده .. انت لو كنت صاحبتها كانت حكتلك ومخافتش أوى من رد فعلك .. كانت هتحس انك هتتفهمها وتعرفها غلطها .. انت بتتعامل مع اخواتك بطريقة ناشفة أوى .. هما بنات وتقدر تكسبهم بسهولة لو بقيت لين شوية معاهم
انهت كلامها وهى تشعر بالتوتر غير قادرة على تنبؤ ردة فعله .. بدا وكأنه يفكر فيما تقول .. فأضافت :
- أنا اسفه لو كنت اتدخلت فى حاجه متخصنيش .. بس أنا بحب "سارة" و "نرمين" جداً ويهمنى مصلحتهم
قال فجأة وهو ينظر اليها ويضيق عيناه :
- ليه ؟
قالت بدهشة :
- ليه ايه ؟
قال "مراد" :
- ليه بتحبيهم أوى كدة لدرجة انك تعملى كل ده عشان "نرمين" ؟
قالت "مريم" بصدق :
- لانى بحس انهم اخواتى فعلا .. وبعدين أنا معملتش حاجه .. أى حد مكانى كان اتصرف كده
أسند "مراد" ذراعيه الى قدميه وأمال بجسده مقتربا منها ناظراً اليها بتمعن قائلاً :
- أيوة كان أى حد هيتصرف زيك لو شاف "نرمين" واحد بيخطفها .. لكن أنا مش بتكلم عن كده .. أنا بتكلم عن انك دريتي عليها أدام "أحمد" وفهمتيه انها أغمى عليها .. واهتميتي بإنها تحكيلى بنفسها اللى حصل عشان عقابها يكون أقل وعشان وقع الأمر عليا يكون أخف لما أسمعه منها هى
صمتت ولم تدرى ما تقول فأكمل :
- معقول حبتيهم الحب ده كله وخوفتى عليهم كده وانتى مبقالكيش اسبوع فى البيت ده .. ده غير ان المعاملة اللى عاملتهالك كانت ممكن تخليكي تتصرفى العكس عشان تبينيلى ان أختى مش محترمة زى ما كنت فاكر
قالت "مريم" بحماس :
- "نرمين" محترمة فعلاً .. هى غلطت أيوة بس عرفت غلطها واتراجعت عنه . بلاش تقسى عليها
لمحت فى عيناه نفس النظرة التى رأتها فى السيارة فأشاحت بوجهها بسرعة .. لحظات وقال بصوت هادئ :
- اطلعى نامى انتى تعبتى النهاردة
خرجت "مريم" من الغرفة وعينا "مراد" تتابعانها الى أن أغلقت الباب .. قضى "مراد" ليلته ساهراً فى غرفة المكتب الى أن حان موعد صلاة الفجر فصلى وصعد الى غرفته .. كانت "مريم" قد أنهت صلاتها وجلست فى الشرفة تقرأ وردها .. سمعت صوت خلفها فإلتفتت لتجد "مراد" حاملاُ ملف فى يده وهو يقول :
- لقيت الملف ده على السرير
قالت "مريم" :
- أيوة دة الملف اللى "نرمين" خدته من مكتبك
قال بإستغراب :
- مش "حامد" خده منها ؟
نهضت ووقفت قبالته قائله :
- لأ لما زقها من العربية الملف كان معاها ووقع منها .. ولما فاقت وحكتلى على اللى حصل قولت أكيد الملف ده مهم فنزلت جبته والحمد لله كان لسه على الأرض محدش أخده
لمحت "مريم" شيئاً لم تعتاد رؤيته من "مراد" .. رأت شبح ابتسامه على شفتيه .. ترى هل يبتسم لها حقاً أم خُيل لها .. لم ينطق بشئ .. توجه الى الداخل وأخذ دشاً وغير ملابسه وخرج متوجهاً الى سيارته تابعته "مريم" بعيناها وهو ينطلق بسيارته وهى تشعر بشئ غريب يراودها .. شئ جعلها تعقد ما بين حاجبيها فى ضيق.

***********************************

داعبت نسمات الهواء شعر "سهى" الواقفة على ظهر اللانش .. فاقترب منها "سامر" وأحاطها بذراعيه .. ابتسمت مجاملة له .. لكن كان فى قلبها حيرة وخوف وقلق ليس له مثيل .. كانت تظن أنها ستنعم بالراحة والسعادة عندما تتزوج من تحب .. لكن الله نزع البركة من هذا الزواج الذى يغضبه .. فكانت السعادة والراحة أبعد ما يكون عنها .. نظرت الى "سامر" الذى تشى تعبيرات وجهه بسعادة تفتقدها .. التفتت اليه قائله :
- "سامر" امتى هتيجي تتقدملى ؟
تغيرت ملامح وجهه فى لحظة .. من السعادة الى الضيق والحنق وأجاب بحده :
- "سهى" فى ايه .. ده موضوع تفتحيه على الصبح كده فى أول يوم جوازنا
نظرت اليه بقلق قائلاً :
- أنا خايفة أوى يا "سامر"
اقترب اليها قائلاً :
- حبيبتى ازاى تخافى وأنا معاكى .. مش عايزك تخافى من أى حاجة طول ما أنا جمبك
قالت له بلهفه :
- بجد يا "سامر" .. يعني مش هتبعد عنى أبداً
قبلها قائلاً :
- حد يقدر يبعد عن روحه .. انتى روحى يا "سهى"
ابتسمت له وهى تكذب شعور القلق الذى يخفق به قلبها وهى تحاول أن تفرض على قلبها السعادة فرضاَ.

**********************************

- السلاح اللى تم استخدامه فى الجريمة مرخص بإسمك يا حاج "عبد الرحمن"
قال وكيل النيابة هذه العبارة فى مكتبه .. فقال "عبد الرحمن" بفزع :
- كيف يعني .. كيف حوصل اكده
قال وكيل النيابة :
- ده اللى أثبته المعمل الجنائي .. الرصاصة اللى انطخ بيها "جمال" كانت من مسدسك اللى لجيناه مرمي فى صفيحة زبالة جمب البيت
قال "عبد الرحمن" بغضب :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. كيف يعني .. آنى مستخدتش السلاح ده واصل .. ولا أعرف كيف وصل لصفيحة الزبالة زى ما بتجول يا حضرة الظابط
قال وكيل النيابة :
- ياريت تقول كل اللى تعرفه يا حاج عبد الرحمن .. انت بتعرف امنيح ان حاجه زى اكده ممكن توجع العيلتين فى بعض ويبجى الدم للركب
هتفت "عبد الرحمن" :
- يمين بالله مخبرش كيف ده حوصل .. السلاح ده كان فى بيتي .. ومفيش راجل غريب هوب حدانا .. كيف يعني ده حوصل
قال وكيل النيابة :
- يبجى ابنك "عثمان" هو اللى طخ "جمال"
صاح "عبد الرحمن" قائلاً :
- كيف يعني .. وجت ما "جمال" انطخ كان "عثمان" جمبه .. كيف يعني هيطخه وسط الخلج دى كلياتها ومحدش هيشوفه
قال وكيل النيابة :
- الشهود بيجولوا انك أول ما اجه المأذون وجبل ما ينطخ جمال سبتهم ومشيت ..روحت فين يا حاج "عبد الرحمن"
قال "عبد الرحمن بسرعة :
- روحت آخد موافجة العروسة .. بنت ولدى
قال وكيل النيابة :
- فى شهود على اكده
قال "عبد الرحمن" بحيره :
- مخبرش .. مخبرش حدا شافنى وآنى داخل البيت ولا لا .. بس ملحجتش أطلع حدا الحريم .. وسمعت ضرب النار فرجعت تانى ولجيت "جمال" غارج بدمه
قال وكيل النيابة :
- للأسف هنضطر نحجزك عندنا يا حاج "عبد الرحمن" لحد ما نخلص تحجيج
هتف " عبد الرحمن" :
- لا حول ولا قوة الا بالله
أمر وكيل النيابة بحبس "عبد الرحمن" على زمة التحقيق .. وقع هذا الخبر كالصاعقة على رؤوس العائلتين .. وتأكدت شكوك الكثير من رجال عائلة الهواري بأن الفاعل من بيت السمري ..

- يا مصيبتى
تفوهت "صباح" بتلك العبارة بعدما علمت بخبر القبض على والدها .. أخذت والدتها تصرخ وتنوح .. كانت "صباح" تشعر بالرعب والفزع .. لم تتخيل أن يحدث هذا لوالدها .. ظلت تبكى وتنوح وتضرب رأسها بكفيها .. أسرعت بالتوجه الى غرفتها وأغلقت عليها الباب وجلست على فراشها تبكى وتقول :
- أعمل اييه بس يا ربي أعمل اييه

**********************************

صاح "جمال" بغضب بعدما علم الخبر من والدته :
- ولد التيييييييييييت وعامل فيها شيخ ومصلح
قالت والدته بغل :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه هو وابنه وعيلته كلياتها .. كانوا عايزين يئهرونى على ولدى .. بس ربنا نجاه ووجعهم فى شر أعمالهم
قال "سباعى" بثقه :
- آنى متأكد ان "عبد الرحمن" ملوش يد فى الموضوع هاد
صاحت زوجته بحنق :
- أمال مين اللى له يد .. اذا كان الحكومة بذات نفسيها هى اللى جالت اكده .. هتعرف أكتر من الحكومة ولا اييه
قال "سباعى" بحزم :
- "عبد الرحمن" عاجل ميعملش اكده واصل .. وبعدين ايه اللى يخليه يطخ "جمال" .. طالما "جمال" كان وافج يتجوز حفيدته .. اييه مصلحته يعني انه يجتله جبل ما يكتب عليها
قالت زوجته بحقد :
- لانهم بيكرهوا ولدى .. وبدهم يجتلوه ..جبر يلمهم كلياتهم
صمت "سباعى" وهو يفكر فى كيفية الخروج من هذا المأذق والذى سيتسبب فى نشوب حرب ضروس بين العائلتين

**********************************
عاد "مراد" وقت الغداء على غير العادة .. فسعدت "ناهد" لرؤيته وقالت :
- ايه ده مش متعودين نشوفك فى الوقت ده يعني
قال "مراد" :
- سهرت طول الليل فقولت آجى أريح شوية
ربتت "ناهد" على كتفه قائله :
- طيب كويس عشان نتغدى سوا
دخل "مراد" مكتبه .. أمرت "ناهد" بتجهيز الطعام . ثم نادت لـ "مراد" .. توجه "مراد" الى غرفة الطعام ليجد "سارة" فقط الجالسه .. جلس قبالة "ناهد" .. ثم ألقى نظرة على المقعدين الفارغين بجواره .. ونظر الى أمه قائلاً :
- طبعاً "نرمين" مش قادرة توريني وشها
قالت "ناهد" :
- أيوة .. بتقولى مش عارفه ازاى هحطى عيني فى عينه بعد كده
قال "مراد" بحزم وهو يبدأ فى تناول طعامه :
- أحسن خليها تتربي
صمت قليلاً ثم قال وهو يتحدث بلا مبالاة وكأن الأمر لا يعنيه :
- فين "مريم" ؟
قالت "سارة" :
- بتتغدى مع "نرمين" فى أوضتها عشان متاكلش لوحدها
عاد "مراد" الى اكمال طعامه ويبدو عليه التفكير والشرود

فى غرفة "نرمين" .. قالت بأسف :
- "مريم" لو تحبي تنزلى تتغدى معاهم انزلى
ابتسمت "مريم" قائله :
- لا بالعكس أنا مبسوطة كدة .. عشان أعرف آكل براحتى
قالت "نرمين" بإستغراب :
- بس مفيش حد غريب تحت
ثم قالت :
- ولا انتى لسه معتبرانى أنا وماما و "سارة" أغراب
شعرت "مريم" بالتوتر ودت لو قالت لها .. أخوكى هو الغريب بالنسبة لى وليس أنتن .. لكنها قالت :
- لا طبعاً أنا بحس معاكوا انى بين عيلتى .. ومش حساكوا غرب أبداً
ابتسمت "نرمين" قائله :
- "مريم" لو كنت عملت أى حاجه تزعلك منى قبل كدة ياريت تسامحيني عليها
ابتسمت لها "مريم" وقالت :
- لا أبداً يا حبيبتى معملتيش أى حاجة ضايقتنى
قالت "نرمين" وهى تنظر اليها بإعجاب :
- بجد يا "مريم" أنا بحبك أوى .. وقفتى جمبي ولا كأنك أختى بجد .. دى لو كانت "سارة" مكنتش هتعرف تتصرف زيك كدة وتخرجنى من المشكلة دى
قالت "مريم" مبتسمه :
- معملتش حاجة .. انتى أختى يا "نرمين" انتى و "سارة" وبجد بحبكوا أوى
نظرت اليها "مريم" بحنان ودت لو قالت لها يكفيني أنكِ أخت "ماجد" لأعتبرك أنتى وأختكِ أختاى من دمى ولحمى .. وأخاف عليكما مثلما أخاف على نفسي .. تحولت نظرات "مريم" الى الآسى وهى تتذكر أنها لن تلبث أن تضطر الى مغادرة هذا البيت .. والإبتعاد عن تلك الأسرة التى تشعر بأنهم أهلها وبأنها واحدة منهم .

************************************
بعد الغداء .. جلس "مراد" مع "ناهد" و "سارة" فى الشرفة يحتسون الشاى الساخن .. بدا على "مراد" شئ من القلق .. ثم قال وهو يرشف من فنجانه :
- هى "نرمين" ناوية تزنب "مريم" جمبها ولا ايه
قالت "ناهد" لـ "سارة" :
- اطلعى شوفيها يا "سارة" وخليها تنزل تشرب الشاى معانا
نهض "مراد" وهو يترك فنجانه قائلاً :
- لا خليكي أنا أصلاً طالع
صعد "مراد" للطابق العلوى .. هم بأن يطرق باب غرفة "نرمين" لكنه عزف عن ذلك وتوجه الى غرفته ليجد الشرفة مفتوحة .. اقترب منها ليجد "مريم" جالسة مستغرقة فى قراءة أحد الكتب حتى أنها لم تنتبه لوجوده خلفها .. كانت تضع بجوارها على المقعد الكبير كتاباً آخر .. انتفضت عندما رأت يد "مراد" تمتد لتمسك بالكتاب الموضوع بجوارها وأخذ يتفحص الغلاف .. لحظات .. ثم رفع نظره اليها قائلاً :
- أجاثا كريستى !
أشاحت "مريم" بوجهها وقد شعرت بالإرتباك .. فأكمل قائلاً :
- اختيار موفق .. أصلاً تشبهيها كتير
التفتت ورفعت رأسها تنظر اليه بتحدى قائله :
- تقصد انى عقلية اجرامية ؟
ضحك "مراد" حتى بدت نواجزه .. كانت تلك المرة الأولى التى تراه فيها ضاحكاً وتسمع فيها صوت ضحكاته فبدا لها مشهداً غريباً فظلت تتطلع اليه .. انتهت ضحكته بإبتسامه صغيره وهو ينظر اليها قائلاً :
- لا أقصد غامضة ومليانه أسرار
خفضت بصرها وأعادت النظر الى الكتاب بيدها .. ظل واقفاَ خلفها .. شعرت بتوتر بالغ .. حاولت التظاهر بأنه غير موجود .. لكن عيناها كانتا تمر على السطور دون أن تقرأها .. قال فجأة :
- خطيبك كان اسمه "ماجد" مش كده ؟
التفتت تنظر اليه وقد شعرت بخفقات قلبها المتسارعه .. أومأت برأسها بصمت .. فسألها قائلاً :
- انتى قولتيلى اتوفى من سنة مش كدة ؟
أومأت برأسها مرة أخرى وهى لا تدرى سر اهتمامه بمعرفة ذلك .. فسألها :
- و أهلك اتوفوا امتى ؟
نظرت "مريم" أمامها وقد ظهر فى عينيها سحابة حزن .. قالت بصوت خافت :
- من 3 سنين
ظهر شئ من الحنان فى صوته وهو ينظر اليها قائلاً :
- ليه عيشتى لوحدك ؟ .. ليه ماعيشتيش مع أهلك فى الصعيد ؟
قالت "مريم" وهى تنظر اليه :
- مكنتش أعرفهم ومكانوش يعرفونى .. لا عمرنا زورناهم ولا عمرهم زارونا
قال "مراد" بإستغراب :
- ليه ؟
ردت بحيرة :
- معرفش
أومأ برأسه وترك الكتاب بجوارها كما كان وخرج من الشرفة ليتركها غارقة فى بحور ذكرياتها .

**********************************

عادت "سهى" الى منزلها ودخلت غرفتها وألقت بنفسها على الفراش وانفجرت باكية .. كانت تشعر بمشاعر كثيرة متضاربة .. لكن شعورها الأكبر والطاغى كان الخوف .. كانت تشعر بأنها أجرمت فى حق نفسها .. حاولت كثيراً اخماد صوت الضمير بداخلها والذى تنجح دائماً فى اسكاته .. لكن هذه المرة فشلت فى اسكاته .. بل تعالى صوته أكثر فأكثر يشعرها بمدى جرمها فى حق ربها وحق نفسها وحق أهلها .. تعالى صوت هاتفها معلناً عن اتصال من "سامر" .. كانت تشعر بأنها لا تطيق مجرد سماع صوته .. لا تعلم كيف تولد هذا الكره والحقد اتجاهه بداخلها .. كيف وهى بالأمس كانت بين ذراعيه .. أغلقت هاتفها وجلست على فراشها تبكى كما لم تبكى من قبل .

**********************************

عاد " عثمان" من النيابة فإستقبلته والدته و "صباح" بلهفه .. قالت "صباح" :
- طمنى يا خوى .. بوى كيفه .. هيخرج امتى
قال "عثمان" وهو يجلس بتعب ويضع يده على مكان جرحه :
- معرفش هيخرج امتى .. ومانعيين زيارته .. أنا سيبتله اللبس والوكل مع عسكري وجالى هيوصلهمله
هتفت أمه بحسرة :
- كان مستخبيلنا ده كله فين .. اييه العمل دلوجيت يا ربي
قال "عثمان" بغيظ :
- أموت وأعرف كيف يعني "جمال" ينطخ بطبنجة أبوى .. كيف اللى طخ "جمال" جدر يدخل بيتنا وياخد الطبنجة منييه
ثم قال :
- كلمت المحامى .. بيجول انهم دلوجيت خدوا بصمات بوى وهيشوفوا هيا اللى كانت على الطبنجة ولا لا .. وخدوا بصماتى آنى كمان .. وخدوا بصمات ناس كتير من عيلتنا وعيلة الهواري
قالت أمه بحرقه :
- أشوف فيه يوم اللى عيمل اكده ولبسها للراجل الغلبان ده .. ده راجل حجانى ويعرف ربنا يترمى فى التخشيبة اكده .. حسبي الله ونعم الوكيل
قامت "صباح" مسرعة وتوجهت الى غرفتها وهى تشعر بالخوف والحيرة

**********************************

دخلت "ناهد" مكتب "مراد" وجلست أمامه قائله بجدية :
- "مراد" عايزين نتكلم شوية
أمال على المكتب ونظر اليها بإمعان قائلاً :
- خير يا ماما
صمتت "ناهد" قليلاً وأخذت تنقر على المكتب بأصابعها بعصبيه ثم نظرت اليه قائله :
- أنا عرفت انت اتجوزت "مريم" ليه يا "مراد"
رجع "مراد" بظهره الى الخلف وقال ببرود :
- ليه ؟
هتفت "ناهد" بتوتر :
- عشان موضوعها هى و "جمال" .. والمشكلة اللى كانت هتحصل بين العيلتين
بدا عليه التفكير ثم نظر اليها قائلاً بثقه :
- كل اللى سمعتيه ده مش مظبوط
قالت "ناهد" بإستغراب :
- ازاى يعني
قال "مراد" بحزم :
- يعني الكلام اللى اتقال على "مريم" مش مظبوط .. دى لعبة من "جمال"
هتفت "ناهد" بدهشة :
- لعبة ازاى يعني .. وهيستفاد ايه من كدة
قال "مراد" بضيق :
- معرفش .. بس عمتو قالتلى كدة .. وللأسف الله يرحمها ماتت قبل ما أعرف منها كل حاجه
فكرت "ناهد" قليلاً ثم قالت :
- بس انت وهى مش متجوزين برضاكم .. مش كدة يا "مراد" ؟
قال "مراد" بهدوء :
- أيوة احنا الاتنين اضطرينا نتجوز عشان المشاكل اللى كانت هتحصل
تفرست أمه فيه قائله :
- دلوقتى بدأت أفهم
قال "مراد" بدهشة :
- تفهمى ايه ؟
قالت أمه بضيق :
- أفهم ليه انت ومراتك بعيد عن بعض .. وبتتعامل معاك بحذر أكنك واحد غريب عنها .. وانت بتتعامل معاها أكنها واحدة متخصكش
ثم أضافت بعصبية :
- وناويين بأه التمثيلية دى تستمر لحد امتى ؟
زفر "مراد" بضيق وقال بنفاذ صبر :
- ماما مش وقت الكلام ده دلوقتى .. لو سمحتى نأجل الكلام ده بعدين .. أنا اللى فيا مكفيني
قالت "ناهد" وهى تنهض :
- ماشى يا "مراد" براحتك .. مش عارفه هلاقيها منك ولا من اخواتك
قال "مراد" يوفقها :
- ماما
التفتت "ناهد" فقال "مراد" بتعبيرات جامدة :
- "مريم" متعرفش بموضوع رجلى
تجمدت "ناهد" فى مكانها وهى تنظر اليه .. فأكمل قائلاً بحزم شديد :
- ومش عايزها تعرف .. أبداً
أومأت برأسها بحزن والدموع تتلألأ فى عينيها .. خرجت وتركت "مراد" غارقاً فى التفكير .

******************************************

قامت "مريم" من على الفراش فى حجرة "نرمين" قائله بصوت ناعس :
- أنا هدخل أنام بأه
قالت "نرمين" برجاء :
- خليكي شوية يا "مريم"
قالت "مريم" وهى تفتح عينيها بصعوبة :
- بجد خلاص جبت أخرى أول مرة أسهر كدة
ثم أضافت ضاحكة :
- يلا تصبحى على خير أشوفك بكرة أحسن شكلى هنام زى الحصان وأنا واقفة
ابتسمت "نرمين" قائلا :
- وانتى من أهل الخير
توجهت "مريم" الى غرفة "مراد" .. رأت الضوء يتسرب من تحت الباب فطرقت الباب الى أن أذن لها بالدخول .. دخلت "مريم" وأغلقت الباب خلفها لتجده جالساً مكانها على الأريكة يقرأ أحد الكتب فى يده .. وقفت مكانها وهى فى حيرة من أمرها .. رفع رأسه ونظر اليها قائلاً :
- ازى "نرمين" دلوقتى ؟
قالت "مريم" :
- كويسة الحمد لله .. أحسن كتير
أومأ برأسها ثم عاد ينظر الى كتابه متجاهلاً اياها تماماً .. قالت "مريم" :
- على فكرة فى حاجه جت فى بالى النهاردة
رفع عينه اليها يحثها على الكلام فأكملت :
- اللى اسمه "حامد" ده .. ايه اللى خلاه يعرف انك مسافر الصعيد فى اليوم ده الذات .. وكمان الملف اللى طلبه من "نرمين" عرف منين ان الملف ده فى البيت مش فى الشركة
بدا على "مراد" التفكير ثم نظر اليها قائلاً :
- تقصدى ايه ؟
قالت "مريم" :
- أظن والله أعلم فى حد بيساعده وبينقله أخبارك
قال "مراد" شارداً :
- والأغرب من كده ان الملف ده بالذات جبته معايا البيت فى آخر يوم كنت فيه فى الشركة قبل ما أسافر
قالت "مريم" بحماس :
- كده يبقى أكيد فى حد بيساعده
أومأ "مراد" برأسه وقد بدا عليه أنه اقتنع بكلامها وقال :
- بكرة هشوف الموضوع ده
عاد ينظر الى كتابه وكأن شيئاً لم يكن .. قالت بتوتر :
- فى حاجه تانية كنت عايزة أتكلم فيها
رفع نظره اليها مرة أخرى .. فقالت "مريم" بثبات :
- دلوقتى عمتو "بهيرة" الله يرحمها .. هى اللى كانت هتحل مشكلتنا دى .. وأنا كنت منتظرة انها ترجع القاهرة عشان الموضوع ده يتحل .. أقصد يعني الوضع اللى احنا فيه ده
بدا وجهه خالياً من أى تعبير فأكملت قائله بتوتر :
- أنا شايفه ان خلاص كده .. نخلص من الموضوع ده .. من غير ما حد من أهالينا فى الصعيد يعرف حاجه .. وأرجع بكرة على بيتي
ظلت نظرات "مراد" اليها جامدة .. احتارت فى تفسير معناها .. وأخيراً تحدث قائلاً :
- لا لسه شوية
قالت بحزم :
- لا مفيش داعى نستنى أكتر من كدة .. وطالما أهالينا مش هيعرفوا حاجة يبقى خلاص مفيش مشاكل
قال "مراد" وهى يعاود النظر الى كتابه :
- لا مش دلوقتى لما أتأكد ان مفيش مشاكل هتحصل
قالت بحماس :
- مفيش مشاكل هتحصل .. طالما محدش منهم هيعرف حاجه
قال "مراد" بحزم وهو ينظر اليها :
- قولتلك مش دلوقتى أنا مش هخاطر ان مشكلة تحصل .. الأفضل نأجل الموضوع ده شوية
تنهدت "مريم" بضيق .. تابعها "مراد" بنظراته المتفحصه .. قالت "مريم" بحده :
- طيب لو سمحت عايزة أنام
ظهر المرح فى عيني "مراد" وقال بخبث :
- عايزانى أنيمك يعني ؟
نظرت اليه بدهشة وقد احمرت وجنتاها خجلاً وهتفت قائله :
- أقصد الكنبة .. انت آعد على الكنبة
اختفى المرح من عينيه وقال ببرود وهو ينظر الى كتابه :
- نامى على السرير
نظرت الى السرير بدهشه ثم عادت تنظر اليه هاتفه بحده :
- لأ
قال "مراد" بإصرار :
- قولتلك نامى على السرير
شعرت "مريم" بالإضطراب والتوتر كيف بإمكانها النوم في فراشه .. شعرت بالضيق فحملت أحد كتبها ودخلت الى الشرفة تحت أنظار "مراد" التى تتبعها .. جلست على المقعد الكبير بالشرفة ورفعت قدميها بجوارها وأسندت رأسها الى ذراع المقعد وهى تقرأ كتابها .. لا تدرى كم مر عليها من الوقت قبل أن يغلبها النعاس وتغط فى نوم عميق .. نهض "مراد" من مكانه وتوجه الى الشرفة ليجد "مريم" نائمة وهى تحتضن الكتاب المفتوح .. اقترب منها بحذر وأخذ الكتاب من بين يديها برفق شديد .. كانت "ناهد" تهم بغلق نافذة غرفتها عندما رأت "مراد" داخلاً الشرفة وهو يحمل غطائه وغطاء "مريم" وأخذ يدثرها بهما جيداً وبرفق خشية ايقاظها .. أحكم وضع الغطاء عليها وهو يرمقها بنظرات حانيه .. أزاح بأصابعه خصلة من شعرها سقطت على وجهها بنعومة .. ثم أرجع ظهره للخلف يستند به على سور الشرفة وظل ينظر اليها ويتأملها نائمه .. اغرورقت عينا "ناهد" بالعبرات .. وهى ترى ابنها يعامل "مريم" بتلك الرقه التى تنافى طباعه الجامدة الصارمة .. كانت تشعر بالصراع الكبير الذى يشعر به ابنها بداخله .. كانت تعلم أن بداخله خوف كبير .. خوف من الحب .. خوف من الرفض .. خوف من أظهار اعاقته .. خوف من أن تتخلى عنه حبيبته مرة أخرى .. خوف من أن يُجرح فؤاده مرة أخرى .. خوف من أن يسمح للحب بدخول قلبه .. حتى لا يتألم عندما يحين وقت الخسارة .
يتبع



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close