اخر الروايات

رواية مزرعة الدموع الفصل السابع عشر 17 بقلم مني سلامة

رواية مزرعة الدموع الفصل السابع عشر 17 بقلم مني سلامة


البارت السابع عشرة

كانت قد انهت الكثير من الأعمال عندما رن جرس هاتفها فى منتصف النهار وجدت رقماً غريباً فردت قائله :
- السلام عليكم
أتاها صوت أنثوى قائلا :
- وعليكم السلام
- أيوة .. مين حضرتك
- انا واحدة متعرفيهاش
شعرت "ياسمين" بالدهشة و قالت :
- طيب اسمك ايه ياللى معرفكيش
اتاها الصوت الأنثوى بعد لحظة صمت :
- اسمي "نهلة"
ثم ساد الصمت مرة أخرى .. فقطعته "ياسمين" قائله :
- حضرتك تعرفينى ؟ وجبتى رقمى منين ؟
- لأ معرفكيش معرفة شخصية .. أما جبت رقمك منين فأنا جبته من موبايل جوزك
قالت "ياسمين" بدهشة :
- "مصطفى" ؟
- ايوة "مصطفى"
قالت "ياسمين" بنفاذ صبر :
- لو حضرتك ما قولتيش عايزة ايه أنا هقفل
- اللى عايزاه هو انك تعرفى جوزك على حقيقته .. لو قولتلك ان جوزك خانك وبيخونك تصدقيني ؟
قالت "ياسمين" ببرود وقد شعرت بالخوف يدب فى أوصالها :
- لا طبعاً مش هصدقك .. مع السلام ومتتصليش بيا تانى
انهت "ياسمين" المكالمة وهى تفكر من هذه الفتاه . وما مصلحتها فى الإيقاع بينها وبين زوجها .. وما هى إلا لحظات حتى رن الهاتف مرة أخرى لكن هذه المرة صوت نغمة الرسائل .. وجدت رسالة من نفس الرقم فتحتها وهى تشعر بالتوتر وقرأتها :
( كنت متوقعة انك مش هتصدقيني ده ايميل وباسوورد بتاع أكاونت جوزك على الفيس بوك ادخلى واقرأى رسايل بينه وبين nona star )
ازدادت خفقات قلبها وحاولت تجاهل الرسالة وطرد هذه المحادثة من رأسها .. أكملت عملها بنصف عقل ..ماذا لو كانت الفتاة صادقة ؟ .. لماذا لا تلقى نظرة لتتأكد مما قالت ؟ بالتأكيد هذه دعابة سخيفة أو شخص حقود أراد الوقيعه بينها وبين زوجها ... لا يمكن أن يكون "مصطفى" بهذه الصورة البشعة ؟ لا يمكن أن تكون هذه هى أخلاق زوجها .. لن تسمح للشك بأن يدخل قلبها .. حاولت اقناع نفسها بكل ذلك لكن الفضول كان قد تملك منها فتركت المطبخ مسرعة وتوجهت الى الحاسوب القابع فى أحد أركان غرفة المعيشة .. فتحت المتصفح وأدخلت الايميل والباسوورد وأغمضت عينيها وهى تقول لنفسها (دى أكيد واحدة كدابة .. أكيد كدابة) ..فتحت عينيها لتصطدم بصورة زوجها مصغرة .. ضغطت على اسمه لتجدها فعلا صورته .. ارتجف قليها بشدة تطلعت الى بياناته .. نعم هى بيانات زوجها .. أسرعت بالدخول الى الرسائل والبحث عن الإسم الموجود فى الرسالة بأصابع مرتجفة .. جحظت عيناها من هول ما رأت .. وضعت كفها على فمها وكأنها تكتم صرخة كادت أن تخرج من أعماق قلبها المطعون .. جالت بعينيها فى الحوار الذى أقل ما يوصف به هو البذاءه .. كانت تنظر الى الحوار ثم تلقى بنظرها الى التاريخ .. أدركت أن هذه الفتاة ليست مجرد ماضى فى حياة زوجها بل موجودة فى حاضره أيضاً فتاريخ آخر محادثة بينهما قبل يومين فقط .. يتواعدان باللقاء فى مكانهما المعتاد
!! .. لم تشعر إلا بالدموع وهى تنساب ساخنة على وجنتيها فى صمت .. شعرت بالغثيان فأغلقت الشاشة بسرعة فلم تعتاد مثل هذه البذاءات .. دخلت الحمام مسرعة لتريح معدتها التى تقلبت عليها بشدة .. نظرت الى وجهها فى مرآة الحمام فترة طويلة مصدومة مطعونة مجروحة .. غسلت وجهها وأسرعت الى غرفة النوم ارتدت ملابسها وأخذت حقيبتها وهاتفها وأسرعت بمغادرة البيت .

**************************
((فلاش باك قبل ساعتين من الآن))

- "نانسي" انتِ مدركة للى بتقوليه
- ايوة يا "كرم" أنا مقدرتش أخبي مشاعرى أكتر من كده .. أنا مبحبش "عمر" .. وبحبك انت .. وحسه ان انت كمان معجب بيا نظراتك بتقول كده
صمتت قليلا ثم قال :
- منكرش اللى قولتيه بس "عمر" هنعمل معاه ايه
قالت بسرعه :
- مش لازم يعرف بعلاقتنا دلوقتى .. أنا هخترع اى حجه وافسخ خطوبتى .. وبكره "عمر" ينساني .. وساعتها نرتبط احنا الاتنين
نظرت له قاله بنعومه :
- قولت ايه يا "كرم".. عايزنى ولا لأ .... ؟

صمت "كرم" وصمتت "نانسي" منتظره جوابه ... عندها جحظت عيناها بشدة وهى تنظر الى نقطة ما خلف "كرم" التفت "كرم" ليلقى نظره على صديقه ثم ينظر الى "نانسي" مرة أخرى قائلا بصرامة :
- متخلقتش البنت اللى تخليني أخون أخويا وصاحبي عشانها .. ده ردى يا "نانسي"

قال ذلك ثم حمل معطفه وفتح باب البيت وخرج ...ران الصمت طويلا .. كانت "نانسي" فى موقف لا تحسد عليه حاولت تشغيل عقلها لتبحث عن مخرج لهذا المأذق .. تقدم "عمر" منها ووقف أمامها وترك مسافة بينهما ونظر اليها قائلاً :
- على فكرة أنا ايدي ان شاء الله هترجع طبيعيه تانى .. مش هتتشل زى ما قولتلك
نظرت اليه بدهشة فأكمل قائلاً :
- والمزرعة الحمد لله بفضل الله ثم "أيمن" قدرنا ننقذ جزء كبير جدا من المحصول والطلبيه هتتسلم فى معادها وبالجودة اللى اتفقنا عليها كمان
ازدادت دهشتها فعقد لسانها ولم تستطيع التفوه ببنت شفه .. فأكمل "عمر" بشراسه هو يرمقها بنظرات نارية :
- ده كله كان اختبار ليكِ .. ومش بس فشلتى فى الاختبار .. انتِ فشلتى وبجداره انك تكونى انسانه محترمة .. أقصى حاجه توقعتها هو انك تسبيني و تفسخى الخطوبة أو تماطلى فى الجواز أو تقبلى وانتِ غاصبه على نفسك ومضطره .. لكن مكنتش متخيل أبداً انك بالقذاره دى .. بس دى مش غلطتك دى غلطتى أنا لأنى كنت أعمى البصر والبصيرة لما اخترت واحدة زيك .. انتِ كبيرك أوى يا "نانسي" تتصاحبي أو يتخرج معاكِ أو تتحبيلك يومين لكن جواز لأ ملكيش فيه .. لو أطول أرجع الفترة اللى فاتت وأشيل صورتك واسمك من حياتى كنت عملت كدة .. بس للأسف مش هقدر ومضطر انى أتحمل انك تكونى ذكريات سيئة فى حياتى .. انا عرفت بديون والدك وعرفت واتأكدت ان كل اللي جذبك ليا هو انى غني وهنقذك انتِ وعيلتك المحترمة من اللى انتو فيه .. يعني كنتي مستعدة تتجوزى واحد لا بتحبيه ولا عايزاه .. بس عشان فلوسه .. عارفه بنات الليل اللى بيبعوا نفسهم عشان الفلوس انتِ فى نظرى زيهم بالظبط متفرقيش حاجه عنهم .. اوعى تكونى فاكرة انى حبيتك .. لأ .. أنا حبيت صورة نضيفه فى خيالى فضلت معايا طول عمرى للبنت اللى أحب أرتبط بيها وحاولت انى أخليكِ زيها بس كان لازم أفهم من الأول انى هفشل .. لأن مستحيل الوردة اللي مرميه على الأرض واللى بيدوس عليها الناس برجليهم أقدر أنضفها وأخليها ترجع تانى وردة جميلة الناس تحب تشتريها ..
خلع دبلته وألقى بها على الأرض أمام قدميه ثم قال :
- ده مقامك .. يلا اتفضلى ومش عايز أشوف وشك تانى فى أى مكان .. ولو حاولتى تتصلى بيا أو تتكلمى معايا هخليكِ بجد تندمى على اليوم اللى عرفتيني فيه.

كانت "نانسي" تشعر بذل ومهانه لم تعتدهما من قبل .. أطرقت برأسها وتوجهت الى الباب فتحه ثم خرجت ..مرت على "كرم" الذى كان ينتظر فى الردهة أمام باب الشقة فنظر اليها نظرة احتقار ثم تركها ودخل الى بيته .. أقبل على صديقه وربت على كتفه قائلا :
- انت كويس يا "عمر"
نظر اليه "عمر" وقال بهدوء :
- ايوة كويس ما تقلقش
- دى واحدة بنت تيييييييييييت اوعى تزعل عليها
- لأ أنا مش زعلان عليها أنا زعلان انى كنت غبي للدرجة دى
- هون على نفسك محدش بيتعلم ببلاش .. المهم انك خلصت منها قبل ما تتجوزوا والفاس تقع فى الراس
- حتى لو كنت اتجوزتها واكتشفت حقيقتها كنت هطلقها فورا .. أنا مستحيل أعيش مع واحدة زى دى
- خلاص انسى ومش عايزين نتكلم عنها تانى .. متستهلش أصلا اننا نجيب فى سيرتها .. ويلا عشان عازمك على أحلى أكلة سمك وجمبرى ولو قولتلى ملكش نفس هاخدك معايا غصب عنك
ابتسم له "عمر" قائلا :
- بتهرج .. سمك وجمبرى وأقولك مليش نفس .. ليه هوأنا عبيط
ابتسم "كرم" وجذب صديقه من ذراعه وتوجه الى الباب قائلا :
- قولتلك من الأول بلا جواز بلا قرف مصدقتنيش .. أهو هما الستات كدة مبيجيش من وراهم غير وجع الدماغ

*********************

فتحت "ياسمين" باب بيت والدها بمفتاحها ودلفت الى الداخل هب والدها و"ريهام" واقفان وينظران اليها فى لوعه .. قال والدها :
- خير يا بنتى مالك فى ايه
جلست "ياسمين" على أول مقعد وجدته وانخرطت فى بكاء هستيري .. أسرعت "ريهام" بإحضار كوب من الماء لها وقالت لها :
- حبيبتى اهدى اشربي ده واهدى
أمسكت "ياسمين" الكوب بأصابع مرتجفة ورشفت منه رشفه واحدة وأبعدته عنها ..وقف والدها أمامها ووضع يده على رأسها يقرأ آيات من كتاب الله ..بعدما هدأت حدة بكائها قال بقلق :
- خير يا بنتى ايه اللى حصل احكيلي
قصت عليه "ياسمين" كل ما حدث .. ران صمت طويل ثم قال :
- لا حول ولا قوة الا بالله
رفعت "ياسمين" نظرها الى والدها وقالت بصوت مرتجف :
- بابا أنا عايزة أطلق
نظر اليها "عبد الحميد" ثم هتف قائلا :
- معندناش حاجة اسمها طلاق انتِ عايزه تفضحينا
وقفت "ياسمين" فى مواجهته وهتفت باكية :
- أنا مستحيل أقدر أعيش مع واحد زانى زى ده .. دى مش بس علاقة قديمة لأ ده خنى يا بابا وأنا لسه عروسة
- مينفعش اللي بتقوليه ده الناس تقول ايه لما يلاقوكى اطلقتى وانتِ مكملتيش شهر جواز
هتفت فى غضب :
- يقولوا اللى يقولوه أنا مش هسامح حد يتكلم عنى ربع كلمة وهقتص منهم يوم القيامة .. لكن أنا مستحيل أعيش مع راجل حقير زى ده بس عشان خايفة من الناس
هتف "عبد الحميد" فى غضب :
- قولتلك مفيش حاجة اسمها طلاق .. الموضوع هيتحل ان شاء الله
- هيتحل ازاى يا بابا بقولك جوز بنتك زانى وخاين ومبيراعيش حرمات ربنا ازاى أأمن على نفسي معاه
- هتصل بيه واجيبه هنا وأخليه يوعدنى ان اللى حصل ميتكررش تانى
استجدته قائله وهى تبكى :
- بابا ارجوك أنا مش عايزة أرجعله تانى .. أرجوك يا بابا متعملش فيا كدة .. مش هقدر أعيش معاه أبدا
صاح فى غضب :
- قولتلك انسى موضوع الطلاق
ذهب الى غرفته وأحضر هاتفه واتصل على "مصطفى" :
- ألو ازيك يا عمى
- أيوة يا مصطفى منتظرك فى البيت تعالالى
- خير يا عمى فى حاجه .. "ياسمين" كويسة
- أما تيجي هتعرف ..أدامك أد ايه
- نص ساعة وأوصل القاهرة
- خلاص مستنيك
- سلام
جلست "ريهام" بجوار أختها وأخذتها فى حضنها .. دخل والدها الى غرفته وتركها .. هبت واقفة فجأة وأحضرت هاتفها واتصلت .. سألتها أختها :
- هتكلمى مين .. "مصطفى " ؟
دخلت "ياسمين" الى حجرتها القديمة وأغلقت الباب ..رد الطرف الآخر :
- ألو
- السلام عليكم ازيك يا ماما
- وعليكم السلام
قصت "ياسمين" على والدة "مصطفى" ما حدث بالتفصيل ثم قالت :
- يرضيكِ يا ماما اللي حصل من "مصطفى" ده
قالت أمه فى غضب :
- ايه اللي انتِ بتقوليه ده .. أنا ابنى "مصطفى" متربى أحسن تربيه
- بقول لحضرتك شوفت كلامهم مع بعض بعيني كل حاجة كانت واضحة انهم اتقابلوا من يومين وكلامهم مع بعض كان بطريقة بشعه جدا مش طريقة واحد محترم أبدا
صاحت أمه قائله :
- لا بقولك ايه .. احترمى نفسك والزمى حدودك ابنى متربي ومحترم غصب عنك وعن أهلك .. وحتى لو كان عمل كدة فيها ايه راجل وغلط ومحدش معصوم من الغلط .. وبعدين ما انتِ السبب .. لو كنتِ بنت عدله زى بقيت البنات مكنتيش خليتى جوزك يبص لبره .. انتِ اللى معرفتيش تملى عين ابنى ..امشي ارجعى بيتك قبل ما جوزك يوصل .. وحسك عينك تخرجى من البيت بعد كدة الا بإذنه انتِ فاهمة ولا لأ
كظمت "ياسمين" غيظها لأنها مهما كانت فهى سيدة كبيرة فى السن وقالت :
- مع السلامة يا ماما مضطرة أقفل دلوقتى
أنهت المكالمة وبكت فى أسى

*********************
جلس الصديقان فى انتظار احضار الطعام عندما رن هاتف "عمر" فرد قائلاً :
- ألو .. حماتك بتحبك
ضحك "أيمن" قائلا :
- عارف .. بس ليه
- عشان احنا دلوقتى أعدين منتظرين أكلة سمك وجمبرى انما ايه فى الجووون
- من غيري يا أندال
- أما تيجي القاهرة نبقى نطلع تانى سوا
- أنا فى القاهرة .. قولى انتو فين .. ولو حد مد ايده على الأكل قبل ما أجى هحط السيخ المحمى فى صرصور ودنه
ضحك"عمر" قائلا :
- طيب هنستناك

**********************

بعد ساعة ونصف حضر "مصطفى" الى بيت والدها تركتهم "ياسمين" يتحدثون معا ودخلت هى و "ريهام" غرفتهما .. وقفت "ياسمين" خلف الباب تستمع الى الحوار .. دار الحوار فى اتجاه لم ترضاه أبداً .. عاهد "مصطفى" والدها بأنها غلطة ولن تتكرر أبداً وطلب منه أن يسامحه على ما بدر من فى حق ابنته .. أغلظ عليه والدها فى القول ثم لان بعد ذلك لكى يتم حل الموضوع واحتواء المشكلة .. قام "عبد الحميد" ودخل الحجرة وطلب من "ياسمين" أن تعود مع زوجها الى بيته .. قبلت "ياسمين" يده وقالت له باكيه :
- أرجوك يا بابا مش عايزاه مش عايزه أرجع معاه البيت
- انتِ تسمعى اللى أقولك عليه .. خلاص هو اعتذر ومش هيحصل منه حاجة تضايقك تانى هو وعدنى
- بس أنا مش ممكن أسامحه ..أنا بحتقره أوى .. أوى
- هى كلمة واحدة اخرجى يلا عشان تروحى مع جوزك
امتثلت "ياسمين" مرغمة لكلام والدها .. وقال لها أمام "مصطفى" :
- بعد كدة أى مشكلة تتحل بهدوء بينك وبين جوزك ومينفعش تخرجى من بيته من غير اذنه .. سمعانى يا "ياسمين"
أطرقت "ياسمين" برأسها وقالت بصوت خافت :
-حاضر
ثم التفت الى "مصطفى" قائلا:
- وانت يا "مصطفى" انت وعدتنى انها غلطة ومش هتتكرر تانى متخربش على نفسك وعلى بيتك
- ان شاء الله يا عمى
عانقت "ياسمين" أختها وسارت خلف زوجها .. تمنت شئ واحد فى هذه اللحظة .. تمنت أن يقبض الله روحها قبل أن تصل الى بيت زوجها .. قكرت فى ذلك ثم استغفرت ربها وظلت تستغفر طول الطريق .. صعدا الى البيت فدخلت الى الحمام وأغلقت الباب وجلست على طرف البانيو تحيط جسدها بذراعيها علها توقف ارتجافة جسدها
سمعت جرس تليفون "مصطفى" .. دخل "مصطفى" الى غرفة النوم وأغلق الباب ورد قائلا :
- أيوة يا ماما
- أيوة يا "مصطفى" طمنى عملت ايه
- خلاص لميت الموضوع وجبتها وجيت البيت
- دى عايزة كسر رقابتها على صدرها .. بص يا "مصطفى" اوعى تسكتلها .. لو سكلها هتركبك بعد كده .. هو فى بنت متربية تعمل اللى هى عملته ده وتفضح جوزها كده .. لو خليت الموضوع يعدى بالساهل كده لا انت ابنى ولا أعرفك .. الراجل اللى ميعرفش يسيطر على مراته يبقى تييييييييييييييت
قال "مصطفى" بانفعال :
- ايه لازمة أم الكلام ده دلوقتى
- أنا بقولك عشان مصلحتك .. لازم تعرفها حدودها من أولها وانها زى الجزمة اللى فى رجلك .. هى هتتنطط على ايه تحمد ربنا وتبوس ايديها وش وضهر انك عبرتها واتجوزتها غيرها مش لاقيه ضفر عريس
- طيب اقفلى دلوقتى
أنهى "مصطفى" محادثته مع أمه .. وعندها خرجت "باسمين" وتوجهت الى غرفة النوم لتجد "مصطفى" أمامها .. أخجرت عباءة للبيت و همت بالخروج مرة أخرج لتغير ملابسها فى الحمام .. مرت بجواره فأمسك ذراعها قائلا :
- استنى هنا
حاولت أن تفلت ذراعها قائله :
- لو سمحت أنا مش عايزة أتكلم دلوقتى
اشتدت قبضته على ذراعها ولطمها على وجهها بقوة وصرخ فيها قائلا :
- ما هو مش بمزاج أهلك .. أما أقولك استنى تستنى
شهقت "ياسمين" من هول الصدمة وبكت بشده .. فأكمل قائلا :
- أنا مش نبهت عليكِ متخرجيش من البيت وتروحى لأهلك .. حصل ولا محصلش
كانت "ياسمين" ترتجف من شدة البكاء ومن شدة الخوف فلم تنطق بكلمة
وعندها خلع "كصطفى" حزامه ولف طرفه على يده وأخذ يضربها وبصرخ فيها قائلا :
- راحة تفضحيني عند أهلك .. فاكرانى هسكتلك .. أهم رجعوكى ليا تانى زى الكلبة
ارتمت "ياسمين" على السرير تصرخ وتبكى من شدة الألم .. زاد من قوة ضرباته ولكماته قائلا :
- اخرسى خالص مش عايز أسمع صريخك .. يا اما هموتك فى ايدى النهاردة .. أنا هربيكِ وأعلمك يعني ايه تكسري كلمتى
قالت "ياسمين" وسط بكائها :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيك .. ربنا ينتقم منك .. انت فاهم الرجولة غلط .. ربنا ينتقم منك
توقف عن ضربها وجذبها اليه قائلا :
- طيب تعالى بأه أفهمك الرجولة صح
نظرت اليه "ياسمين" برعب وكادت أن تسقط مغشياً عليها .. اغمضت عينيها بشدة وناجت ربها بدعاء سيدنا يونس عليه السلام وهو فى بطن الحوت والذى ما دعا به مكروب قط إلا فرج اللّه كربته .. (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
أخذت ترددها بلسانها وقلبها وعقلها وبكل جوارها ... وفجأة رن جرس الباب وسمعا طرقات عالية علي الباب حتى كاد أن يتهشم .. سب "مصطفى" ثم توجه الى الباب ففتحه ليجد رجل فى وجهه فقال ليه بحده :
- ايوة أفندم
- أنا جارك اللى ساكن أدامك سمعنا صوت صريخ جاى من عندكوا
انفعل "مصطفى" قائلا :
- وانت مالك انت .. مفيش حاجه اتفضل
عندها هبت "ياسمين" واقفة متحملة الألم الذى ينغز فى كل أنحاء جسدها الرقيق ارتدت عباءه تستر بها نفسها وارتدت حجابها بسرعة وخرجت الى الصالة وبمجرد أن وقعت عينا الرجل على وجهها الدامى وعيونها الباكية حتى هتف قائلا :
- لا حول ولا قوة الا بالله انت عملت فيها ايه
هتف "مصطفى" فى غضب :
- وانت مال أهلك انت .. مراتى وأنا حر فيها .. يلا امشي من هنا
قالت "ياسمين" للرجل باكيه :
- أرجوك مشيني من هنا .. أنا عايزة أورح لأهلى .. لو فضلت هنا هيموتنى
صرخ "مصطفى" فيها قائلا :
- امشي ادخلى جوه
نظرت الى الرجل مستجديه اياه ودموعها تختلط بالدماء على وجهها :
- أرجوك امسكه لحد ما أمشي .. أنا عايزه أروح لأهلى
اشتعل غضب الرجل وأمسك "مصطفى" وطوقه بذراعيه قائلا لــ "ياسمين" :
- امشي بسرعة .. وروحى على أى مستشفى اعملي تقرير طبي باللى حصلك
التفت اليه "مصطفى" ليتعارك معه لكن الرجل كان قوى البنية فلم يستطع تخليص نفسه من قبضة ذراعيه .. أسرعت "ياسمين" بهبوط الدرج متحملة ما بها من آلام .. سمعت الرجلين يتعاركان معا فأسرعت الخطى ووجدت سيارة أجرة أمام البيت .. يهم بالانصراف فنادته وركبت بسرعة وهى ترتجف .. نظر الرجل اليها فى لوعه قائلا :
- لا حول ولا قوة الا بالله ايه اللى عمل فيكِ كدة يا بنتى
قالت بصوت مبحوح من شدة الصراخ و البكاء :
- لو سمحت وديني علي أى مستشفى
انطلق الرجل فى طريقه وهو يرمقها فى المرأة بنظرات التعاطف والأسى ..وصلت "ياسمين" الى المستشفى ونزلت من السيارة بصعوبة شديدة .. بعد الفحص أخذت تقريرا مفصلاً بالإصابات التى لحقت بها .. وأسرعت بإيقاف سيارة أجرة وتوجهت من فورها الى قسم الشرطة لكى تثبت واقعة الأعتداء بالضرب .. نظر الضابط الى وجهها والإصابات التى لحقت به وطلب منها الجلوس .. جلست وعلامات الالم مرسومة على وجهها وقالت بصوت مبحوح :
:
- لو سمحت عايزة أقدم شكوى
- فى مين ؟
- زوجى
- هو اللى ضربك كده
بكت فى صمت وأطرقت برأسها قائله :
- أيوة
وأخرجت التقرير الطبي وأعطته له .. استمع الضابط لشكواها وكتب محضراً بالواقعة وأعطاها رقم المحضر ونصحها بالبحث عن محامى جيد فى حال ما اذا أرادت رفع قضية بالخلع .. وكان هذا هو ما تنويه "ياسمين" بالفعل .. لن تعود الى هذا الكائن المنعدم الرجوله مرة أخرى .. خرجت من قسم الشرطة لا تدرى أين تذهب .. أتذهب الى والدها ؟ .. فكرت كثيرا وخافت أن يجبرها والدها على العودة الى زوجها مرة أخرى .. فاتجهت الى أقرب صديقه اليها .. "سماح"

*************************

شعرت "سماح" بالصدمة عندما فتحت الباب ورأت صديقتها بهذا الشكل وهتفت قائله :
- "ياسمين" مالك فى ايه .. مين عمل فيكِ كده ؟
كانت "ياسمين" لا تجد فى نفسها القدرة على الحديث ولا على الوقوف .. ساعدتها "سماح" وأخذتها الى غرفتها .. أقبلت والدة سماح وتفحصت جروحها وندوبها وكدماتها وجلستا تستمعان لما ترويه عليهما وملامح الأسى والألم تعلو وجهيهما .. ذهت والدة "سماح" لتعد شئ ساخن ليهدئ أعصابها وأعطته لها بعدما دخلت فى الفراش ودثرتها "سماح" بالغطاء وجلست بجوارها ترمقها بنظرات التعاطف والشفقة وعينيها تمتلآن بالدموع ..تركت "ياسمين" الكوب من يدها على الكودينوا وقالت ل "سماح" :
- أنا عايزة أتوضا يا "سماح" عايزة أصلى
- العشا ؟
- لأ صليت العشا .. بس حسه انى عايزة أصلى
- طيب يا حبيبتى ارتاحى دلوقتى
قالت وهى على وشك البكاء :
- لأ عايزة أصلى .. حسه انى مخنوقة ومش قادرة آخد نفسي .. الصلاة هتريحنى
ساعدتها لتنهض وتتوضأ ثم عادت وجلست على الفراش فلن تتمكن أبداً من الصلاة واقفة تركتها "سماح" وخرجت وأغلقت الباب .. كانت تأتى بوضع السجود الصحيح فتضع جبهتها على الأرض وتتضرع الى الله باكية أن يفرج كربها ويخرجها مما هى فيه .. دخلت عليها "سماح" بعد فترة لتجدها جالسه فى وسط الفراش ومتدثره بالغطاء اقتربت منها وجلست بجوارها وقالت :
- مش هتطمنى باباكِ عليكِ يا "ياسمين" .. زمانه قلقان دلوقتى .. و "ريهام" كمان
- كلميهم انتِ يا "سماح" أنا مش قادرة أتكلم مع حد
مسحت "سماح" بكفها على كف "ياسمين" وقالت :
- ماشي يا حبيبتى هكلمهم أنا وأطمنهم عليكِ
قالت "ياسمين" فى أسف :
- أنا اسفه يا "سماح" بس ملقتش مكان تانى أروحه .. وخفت أرجع البيت بابا يصر انه يرجعنى له تانى
- انتِ بتقولى ايه .. بطلى كلام عبيط .. انتِ عارفه اننا اكتر من الاخوات
- ربنا يخليكِ يا "سماح" .. وعشان كدة هطلب منك طلب .. أنا عايزاكِ تشوفيلى رقم محامى كويس
- انتِ ناويه ترفعى قضيه ؟
- أيوة مش ممكن أعيش معاه لحظة واحدة بعد كدة .. وأنا واثقه انه مش هيرضى يطلقنى
- طيب يا حبيبتى حاضر .. لو كان بابا هنا كنت سألته بس هو مسافر بره وزمانه نايم دلوقتى عشان فرق التوقيت هكلمه بكرة ان شاء الله وكمان هخلى ماما تكلم "أيمن" وتسأله على محامى كويس
نظرت اليها "ياسمين" برجاء :
- "سماح" أرجوكِ خليها تكلمه دلوقتى أنا عايزة رقم المحامى دلوقتى .. أنا خايفه أوى .. أنا عايزة أبتدى القضية فى اقرب وقت
امتثلت "سماح" لطلب صديقتها التي كانت فى حاله يرثى لها .. قالت لها :
- طيب يا حبيبتى متقلقيش هخلى ماما تكلمه دلوقتى
- تسلمي يا "سماح"

***********************
رن جرس هاتف "أيمن" فنهض واستأذن من صديقيه قائلاً :
- ثوانى وراجع
وقف خارج المطعم يتحدث مع والدة "سماح" .. وبعد فترة رجع الى صديقيه وسألهما قائلا :
- متعرفوش محامى كويس ؟ .. كان فى محامى كويس فى الشركة عندكوا اسمه ايه ؟
رد "عمر" قائلا :
- أستاذ شوقى ؟
- آه أستاذ شوقى .. ياريت تديني رقمه يا "عمر"
- خير يا أيمن لو فى مشكله قولى وأنا أحاول أحلها
- لأ دى مش مشكلتى أنا دى مشكلة ياسمين
قال "عمر" باستغراب :
- "ياسمين" مين ؟
تنهد "أيمن" قائلا :
- دى أقرب صديقه لـ "سماح" .. تصور جوزها الحيوان خانها بعد شهر واحد جواز ومش بس كده ضربها وبهدلها
قال "كرم" :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ده ايه البنى آدم الزبالة ده
قطب "عمر" جبينه قائلاً :
- وهى عايزه المحامى ليه ؟
- هترفع قضيه خلع
- هو مش عايز يطلقها ؟
- معرفش بس أكيد مش راضى وعشان كده هترفع القضية
أسرع "عمر" بإخراج هاتفه وأعطى صديقه رقم المحامى قائلا :
- خليها تطمن أستاذ شوقى محامى ممتاز لو مكنتش كدة مكناش عيناه فى الشركة عندنا هو اللى ماسك كل المسائل القانونية فى الشركة
أطرق قليلا ثم استطرد قائلا :
- ان شاء الله تخلص منه بسرعة
قال "أيمن" وهو يرسل رسالة بالرقم :
- يارب
*********************
اتصلت "سماح" ب "ريهام" وقصت عليها ما حدث لأختها فأسرعت بالذهاب الى بيت "سماح" مع أبيها ويمجرد أن خرجت لوالدها بهذا الشكل انفجر باكيها وضمها الى صدره قائلا :
- سامحيني يا بنتى .. سامحيني أنا اللي جنيت عليكِ
قالت "ياسمين" والدموع تغرق وجهها :
- مش عايزه ارجعله تانى يا بابا .. ارجوك .. مترجعنيش ليه تانى
نظر اليها والدها قائلا بحزم شديد :
- متخافيش مش هيطول ضفرك بعد كده
ثم عانقها مرة أخرى وأخذ يقبل رأسها وهو يشعر بمزيج من الألم والندم


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close