اخر الروايات

رواية يناديها عائش الفصل السادس عشر 16 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل السادس عشر 16 بقلم نرمينا راضي



واية يناديها عائش الحلقة السادسة عشر
اقترب من الله تقترب السعاده منك💛
……….
جلست كُلًا من روميساء وروان بمقابل والدة روميساء لتشرح لهم بعض القواعد في اللغه الإنجليزيه، فقالت الأم بإبتسامه لطيفه
–قولتوا دعاء المزاكره الأول؟
صفعت روميساء بيدها على جبهتها قائله
—ياربي.. نسيت.. استغفر الله
بينما روان سألت متعجبه
–هي المزاكره ليها دعاء كمان !
أومأت الأم وعلى فاهها مازالت تلك الإبتسامه المشرقه والتي اعتبرت روان مثل ابنتها تمامًا.. قالت بتوضيح
–ايوه طبعًا ياروان..كل حاجه ليها دعاء ياحبيبتي
بادرت روان بالسؤال
–وايه هو الدعاء ياطنط؟
قالت الأم

–فيه أدعيه كتير اووي.. مش لازم دعاء محدد بس احفظي ده وإن شاء الله ربنا ييسرلك المزاكره..
اللهم يا حي يا قيوم، رب موسى وهارون ونوح وإبراهيم وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، أكرمني بجودة الحفظ وسرعة الفهم، وارزقني الحكمة والمعرفة والعلم وثبات الذهن والعقل والحلم.
أخذت روان قلم وكراسه من روميساء ثم كتبت الدعاء لتتلوه كلما زاكرت دروسها.

بدأت الأم في الشرح بعد أن أخبرتهم عن سبب العائق الذي يحول بينهم وبين فهم الدرس فقالت روميساء بتذمر
–بصراحه ياماما.. أنا مخي في الانجليزي عباره فرااغ.. ااه والله فااضي هواا
ضحكت روان في صمت فزجرتها روميساء في كتفها قائله
–بتضحكي على إيه مالحال من بعضه.. صدقي بالله لو ملمناش الماده دي قبل الإمتحان لناخد السنه بسنتين
أجابتها روان بضحكه خبيثه
–لا أحد يأخذ الشهادات معه للقبر
بادلتها روميساء بنفس الضحكه لتقول بصوت منخفض
–ياختي أنا لو عليا أنا عاوزه اتزف على بيت حبيبي
–إنتِ عندك حبيب؟
سألتها روان بتعجب

فهزت روميساء رأسها بالنفي هامسه
–عندي رز بلبن أجبلك؟
صاحت بهم الأم هاتفه
–ماتهدي يارغايه إنتِ وهي.. والله ياروميساء لو مزاكرتي وانتبهتي لنفسك شويه لأسبلك البيت وامشي

ضحكت روميساء لتقول
–ماانتِ بتقولي كده كل مره ومبتمشيش
جذبتها الأم من شعرها هاتفه
–بت انتِ… إنتِ في ثانويه عامه.. يعني لو مجبتيش طب إنت حره
اتسعت عين روميساء بذهول فهي تعلم أنها لن تستطيع الحصول على مجموع يعادل الحصول على كلية الطب، لأنها تكره المزاكره كثيرًا، هتفت روميساء بتلقائيه
–إنتِ قولتيلي إن خالتي سعاد جيبالي عريس صح.. هو فين؟
لم تستطيع روان تمالك نفسها من الضحك وظلت تضحك بشده بينما روميساء تحاول الهروب من نظرات والدتها الساخطه، قامت روميساء بقرس روان من فخذها مزمجره
–قولي أي حاجه بدل ماإنت فشتك عايمه كده.
حاولت روان أن تتوقف عن الضحك على شكل روميساء ولكنها لم تستطيع، فهبّت الأم واقفه بغضب قائله
–شوفوا بقاا حد يشرحلكم.. أدي دقني لو فلحتوا
تمسكت الفتاتان بعبائه الأم قائلين بصوت واحد وبتوسل
–لاااا… إحنا آسفين والله..


تنفست الأم بعمق ثم جلست لتقول بلهجه آمره ايه اللي مش فاهمينوا
نظرت الفتاتان لبعضهما ثم آجابت روميساء بخفوت
–المنهج كله
اصطنعت الأم عدم السماع فقالت

–نعم!
صححت روميساء كلامها سريعًا لتقول
–احنا دايسين معاكِ في أي حاجه بصي لو عاوزه تديني إيه بي سي من أول وجديد إحنا معاكِ
غمغمت روان
–انتِ بتقولي إيه ياأم مخ عنب انتِ.. كده هتفهم إننا مش فاهمين حاجه
تنحنحت روان لتقول بصوت واثق
–بصي ياطنط احنا بنتلغبط في المفرد والجمع
أومأت روميساء مؤكده على ماقالته روان بينما الأم تحمحمت للشرح، واستدعاها ذلك لتذكرها نفسها عندما كانت من أفضل الطلاب بمادة اللغة الإنجليزيه..

طلبت منهم أن يدونوا ماتقوله لهم حتى يتم مراجعته فيما بعد، فقالت بتوضيح وتفصيل
–بصوا يابنات.. معظم الكلمات بيتم جمعها بإضافة حرف s في آخرها… زي إيه مثلاً
هتفت روان
–زي cat وجمعها cats
أومأت الأم وأثنت على روان متابعه
–وبعضها بيختلف كلمة المفرد عن كلمة الجمع.. زي كلمة child.. جمعها إيه؟

children: أسرعت روميساء بالإجابه
أومأت الأم ثم أضافت..
أو man وجمعها men
في بقا بعض الكلمات المفردة بتستخدم غالبا على أنها جمع
زي…اممم…زي:
government
glasses
scissors
وفي كلمات منتهية بحرف y يتم تغيير حرف y إلى ies
f
amily وجمعها families….زي
أو company وجمعها companies
فكرت روان قليلاً ثم تسائلت
–طب كلمة wife تتجمع ازاي
رمقتها روميساء بطرف عينيها قائله
–بتدحي من ورايا..؟

ضحكت روان في صمت بينما الأم بادرت بالإجابه قائله
–سؤال ذكي ياروان.. الحروف اللي اخرها fe بنشيلها ونحط ves زي wife تبقى wives
دي أمثله بسيطه ياريت تكونوا فهمتوها
قالت روميساء ببلاهه

–هنفهمها ازاي وحضرتك ادتينا أمثله بسيطه
إنتِ ياروميساء يابنتي بالذات يارب تكوني فهمتي
قالتها الأم وهي تهّم بالوقوف استعدادًا لتجهيز السحور.. فتلك العائله الطيبه تحرص على صيام أيام ذو الحجه دائمًا..
نظرت روان لروميساء مستفهمه عن ترك والدتها لهم، فصرحت روميساء بأنها ذاهبه لإعداد السحور.
أطرقت روان رأسها خجلاً وبداخلها تحاول أن تجد أي شيء تتحجج به لعائلتها أنها لن تأكل معهم لعدم استطاعتها الصوم، فهي لم تتعود على صيام تلك الأيام الجميله..
شعرت روميساء بما يجول في خاطر روان من ملامحها الحزينه، فربتت روميساء على كتفها قائله
— لو مش عاوزه تصومي متصوميش.. ده مش فرض
رمقتها روان بحزن مردفه
–طب ليه بتصوموا؟

ابتسمت روميساء، فهي قصدت قول ذلك حتى تسألها روان هذا السؤال، فأجابت بصدر رحب
— أولاً.. الأيام الجميله دي ذكرت في القرآن في سوره الفجر.. “وليال عشر” ربنا سبحانه وتعالى كان يقصد الأيام دي..ذو الحجه… وطالما ربنا ذكرها في القرآن يبقا أكيد فضلها عظيم ويابخت اللي بيصومهم لو قادر على الصيام..ولا يوم عرفه بقا ياسلااام الواحد بيستنى اليوم ده كل سنه زي مابيستنى رمضان بالظبط
قالت روان مبتسمه

–علفكره أنا بصوم يوم عرفه علطول
حملقت روميساء هاتفه
–الله… طيب ماانتِ ميه ميه اهو
تحولت ملامح روان للحزن قليلاً ثم همست
–بس مكنتش بصوم اليوم صح.. يعني مكنتش بقرأ قرآن ولااصلي.. اللي هوا لقيت اهلي بيصوموا قلت اصوم معاهم.. بس
لحظات وسمعت الفتاتان صوت الشيخ بالراديو يقول بصوت مبتهج

‏ الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبــر كبيراً والحمدلله كثيراً وسبحان الله بكرةً وأصيلا
ابتسمت روميساء بسعاده فهذه التكبيرات في أي بيت تبعث السعاده في القلوب، بينما روان شعرت بالإرتياح فور سماعهها للتكبيرات ثم قالت بإصرار
–أنا هصوم ياروميساء.. يعني إيه الواحد يبقا قدام فرصه للنجاه وميمسكش فيها بإيده وسنانه!.. عارفه أنا عمري مااتوقعت إني أتوب.. بس في نيتي كان نفسي أوي ابقى قريبه من ربنا
ردت روميساء بعقلانيه
–ربنا رب قلوب ونوايا ياروان.. ربك رحيم.. الرحمه والمغفره صفه من صفاته..في حديث للنبي عليه الصلاة والسلام بيقول..
إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ ” رواه مسلم (٢٥٦٤)

…وطالما نيتك كانت سليمه فربنا بيصلح حالك وبيهديكِ
أومأت روان متفهمه، لحظات واستدعتهم الأم للسحور.. جلسوا جميعًا على مائدة الطعام وذكروا الله ثم تناولوا سحورهم، وأخذ كل واحد منهم مصحف ليقرأ بعض الآيات قبل أن ينادي المؤذن لصلاة الفجر..
وبعد عدة دقائق أُخر.. أذن الفجر وتهيأت كل واحده منهن للوقوف بين يدي الله عز وجل..

بدأت روان في الصلاه قبل روميساء، بينما الآخيره كانت ترتدي جلبابها استعدادًا للصلاه، لاحظت روميساء أن روان تصلي بطريقه خاطئه، فتركتها تنهي صلاتها بينما هي كبرت لتصلي… وبعد أن انتهت الفتاتان من الصلاه، تذكرت روان كلام روميساء، ففتحت المصحف تقرأ اية الكرسي ثم ظلت تسبح الله وفعلت مثلها روميساء..
انتهت روان ثم قامت لتستعد للنوم، فااستوقفتها روميساء قائله
–روان.. في حجات في الصلاه هقولك عليها وتاخدي بالك منها عشان بتبطل الصلاة..
عقدت روان حاجبيها متسائله
–يعني أنا صليت غلط!.. صلاتي متقبلتش؟
هزت روميساء رأسها بالنفي قائله
–ربنا بيحاسب العبد على الحاجه لما يعرفها لكن لو انتِ بتعمليها من غير قصد وجاهله بالصح فربنا غفور رحيم
جلست روان منصته، فتابعت روميساء وهي تقوم لتصلي أمامها مع الشرح

–بصي ياستي.. وإنتِ بتقومي من الركوع
ماترفعيش إيديكِ الإتنين أكنك بتدعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم مكنش بيعمل كده،الصح تخلي ضهر إيدك عند كتفك.. ومترفعيش عينيكِ للسقف وتقولي سمع الله لمن حمده.. هي اولاً ما اسمهاش سمع الله بفتح الهاء في الله.. اسمها سمع اللهُ بضم الهاء لأن معناها ربنا هو اللي بيسمعك..أما بقا لو رفعتي عينك للسقف واستمريتي على كده في كل صلاه فممكن لقدر الله تتعمي
شهقت روان هاتفه
–أتعمى؟!!

أومأت روميساء مُتابعه
— المفروض عينك تبقى في موضع السجود.. لأن الرسول نهانا عن رفع البصر فوق وفي حديث عنه بيقول..
قال ﷺ: لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء أو لا ترجع إليهم..
(المصدر/ حديث جابر بن سمرة أخرجه مسلم (428)، وأخرجه ابن ماجه في “كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها”
…….

أومأت روان متفهمه ثم قالت متسائله
–جزاك الله خيراً ياروميساء.. مش هعمل كده تاني..

ابتسمت روميساء مردفه
–واياكِ ياروني.. اه نسيت اقولك…
متقوليش سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد والشكر… الصح.. سمع الله لمن حمده حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه..
أومأت روان متناوله كل ماتقوله روميساء بصدر رحب فكانت تشعر بأن روميساء هي هديه من الله عزوجل لها.. تنهدت روان بإرتياح وهي تستمع وتنصت بقلبها قبل عقلها لِما تقوله روميساء
استعدت الفتاتان للنوم وقد بدأ عليهن النعاس، نامت روان على فراش روميساء بجانبها وقبل أن تغفو روان قالت لها روميساء وهي تضع يدها على فمها وتتثائب
— نامي على جنبك اليمين ياروان وحطي ايدك تحت خدك اليمين، سيدنا محمد كان بينام كده
اجابت روان وهي شبه نائمه
–ليه؟
ردت روميساء وهي شبه نائمه أيضًا
–ياااه فواايده كتير اوي.. الصبح إن شاء الله هقولك.. تصبحي على خير
–وإنتِ من أهل الخير
قالتها روان وهي تغطّ في النوم بالفعل.
………………………..


الأمان رب.. ثم أب♥
…….
ركضت عائشه نحو الفراش فور أن سمعت طرقات على الباب، ثم اندثرت تحت غطائها محاوله النوم، فهي تعلم جيدًا أن صاحب الطرقات هو والدها طريح الفراش، لذا اصطنعت النوم فهي لاتحب الحديث معه ومزاجها الأن في أي غنى عن نصائح لاتهمها في شيء لذا تصنعت النوم بمهاره.
دلف والدها يجرّ قدمه من الإعياء فيبدو أن المرض أنهك جسده بالكامل وقارب على الإنهيار، في الحقيقه لم تكن تلك أول مره يدخل والد عائشه غرفتها ويتسطح بجانبها لساعات يحكي معها وكأنها مستيقظه كما يفعل الأن، ولم تشعر عائشه بحنان والدها إلا عندما قبْلها على شعرها وجبهتها بحُب وهو يتأملها بنظرات حزينه وكادت دموعه أن تخونه وتسقط على وجهها لولا أنه تمالك نفسه..
تحدث والدها بصوت متهدج وهو يمسد على شعرها بحنو
— أنا آسف ياعائشه.. اسف يابنتي.. اسف على كل حاجه وحشه عملتها في حقك.. نفسي تحبيني ياعائشه.. نفسي تحسسيني إني أبوكِ بجد.. لو أطول اجبلك كنوز الدنيا كلها والله مهتأخر يابنتي.. بس اسمع منك كلمة بابا طالعه من قلبك قبل مااموت… نفسي تسامحيني يابنتي.. سامحيني وسامحي امك وادعلنا كتير.. ادعلنا ربنا يغفرلنا ويسامحنا.. أنا عارف إن قلبك ابيض وطيب ياعائشه.. عارف إنك مش كده وانك في يوم من الأيام هتفتخري بنفسك عارف ان هيجي يوم وتتمني فيه تقابلي ربنا من كُتر قربك منه… صدقيني يابنتي لامال ولا جمال بينفع.. ربنا.. ربنا ملناش غيره..

كانت عائشه تستمع لكل حرف يقوله والدها ولكن تلك المره لم تستطيع تولية أذناها له، بل استمعت لحديثه من أعماق قلبها وودت لو أنها تملك الشجاعه لعناقه، ولكنها تعودت على أن تجافيه الشعور وهو السبب في ذلك، فلطالما عاملها بجفاء ايضًا بعد موت والدتها، فولد ذلك الجفاء القسوه في قلب عائشه وعدم الإنصات لأحد، ولكن الشخص الوحيد الذي غمرها حُبًا وحنانًا هو بدر إبن عمها، لم تنسى له مافعله معها عندما كانت بحاجه للرعايه والحُب، ولكن لماذا يعتذر والدها كثيرًا ويطلب منها أن تسامحه؟ ماذا فعل!؟

وما شأن والدتها في ذلك؟
رمشت عائشه بأهدابها كثيراً وكادت أن تفقد تصنعها للنوم عندما فرت دمعه ساخنه من أعين والدها على خدها.. قال والدها بصوت مهزوز ومكسور
— عائشه يابنتي.. أنا حاسس إني خلاص.. نهايتي قربت.. خليكِ مع ربنا يابنتي.. استودعك الله.. هو اقربلك من أي حد.. وبدر… بدر ابن عمك ياعائشه..بدر بيحبك.. هو الوحيد اللي هيعرف يصونك ويحطك جوا عنيه.. بدر بيحبك اكتر من نفسه.. لو طلبك للجواز وافقي.. مش هتلاقي أحسن منه.. والله مهتلاقي أحسن منه يحبك ويخاف عليك يابنتي..
أغمضت عائشه عينيها بقوه لتقول في نفسها

— بدر.. مستحيل.. انا عارفه إنه بيحبني بس عشان غروره معايا وعلى اللي قالهولي انهارده ان زي اخته والله مهما حصل ومهما عمل ولو رجع اعتذر.. برضه مستحيل
ثم تنهدت بحزن مردفه
— بس ليه بدأت أحس إن يوم عن اللي قبله بتعلق بيه.. ليه عاوزه اشوفه قدامي علطول.. ليه عاوزاه جنبي دايمًا… يمكن عشان اتعودت يبقى جنبي علطول وأنا صغيره!
شعر والدها بنغزات في قلبه، فقبلها قُبله اخيره من جبينها ثم أتكأ على العصا خاصته ليغلق الباب بهدوء وراءه واتجه ليجلس على الكرسي تجاه القُبله ليصلي ركعتين توبه لله كما اعتاد يوميًا حتى يغفر الله له ماضيه.
صلى محمود وبكى كثيرًا وبعد أن انتهى من صلاته، ظل جالسًا شاردًا حزينًا في أول ليله تعرف فيها على والدة عائشه.

كان حينها في عمر الستة والثلاثون، ولم يكن ينوي الزواج من أساسه، فهو الوحيد في اشقاءه الذي فشل دراسيًا ولكنه

لحق فيما بعد بعمل خاص بالسكك الحديد الذي يصرف له معاشًا الأن، في يوم من الأيام التي كان يقضيها في الكباريه خلسة من وراء اهله، تعرف على تلك الراقصه صاحبة الكباريه، كانت ناهد حينها امرأه جميله وجهًا فاسده اخلاقيًا، كانت مطلقه ولديها من طليقها طفل بعمر الثامنه، ولسؤ اخلاقها وانحرافها في طريق الخطأ، طلقها زوجها واخذ طفله ثم سافر للخارج، أما هي اتجهت للعمل بالكباريهات حتى استطاعت شراء كباريه وهناك تقابلت مع محمود الخياط الذي أعجبها لوسامته وللباقته في الحديث، فساقته قدماه أن يفعل معها الفاحشه عدة مرات حتى حملت بعائشه فااضطر أن يتزوجها تحت إصرارها وتهديدها له، وعارضته عائلته بل قاطعته لسنوات حتى توفيت ناهد في حادث سياره أثناء رجوعها من الكباريه وكان محمود هو الناجي الوحيد حينها.
تنهد محمود بحزن شديد وهطلت دموع الندم ثانيةً واخذ يردد بشده
–سامحني يارب.. سامحني يارب.. سامحني يارب
حتى شعر بأن أنفاسه تُسحب منه ببطء، فاامسك المصحف الذي على قدمه وضمه لصدره بشده ثم ردد وهو يرتعد
–اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله

دقائق مرّت حتى وقعت يده اليسرى بينما اليد الأخرى ظلت متمسكه بالمصحف وسكن جسده وصعدت روحه لله.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ
…….


لم تستطيع عائشه النوم وظلت تتململ في فراشها بأرق بعد الذي سمعته من والدها وترقرق قلبها له، بل تمنت لو أنه بقي الليل كله بجانبها، فقد شعرت بالسكينه والإطمئنان وشعرت بأنها تحبه حبًا جمًا وودت لو عانقته واخبرته بأنها لم تكره أبدًا، وتتأسف له على كل مابدا منها من تصرفات سيئه جعلته يشعر بأنه أب سيء.. ولكن.. قد فات الآوان.
قررت عائشه أخيرًا أن تنزل من فراشها وتعتذر لوالدها وتعانقه حتى تخفف عنه تعبه..
ولجت لغرفته وهي مطأطأه الرأس بخجل، ثم رفعت رأسها لتجده قد استقر على الكرسي ورأسه كأنه نائمًا ومازال المصحف يحمله في يده، تأملته للحظات فشعرت بأن شيء ما ليس على مايرام
…………………..


إنّما الصبر عند الصدمة الأولى 🌺
………
تسرب الهلع إلى فؤاد بدر بعد ما رأى الفديو الذي انتشر على جروب حارتهم، أول شيء فكر فيه، هو عائشه،خاف بدر كثيرًا من أن يمسسها سوء لو علمت بالأمر.
هو أكثر شخص يعلم بسرعة تقلباتها ويعلم جيدًا أنها ستصاب بالإكتئاب والعزله للأبد إذا رأت نفسها تُفضح أمام الجميع، يعلم ايضًا أنها تصرفت بحماقه ولم تضع ببالها أي شيء، ولكن الأن لاينفع الندم شئت أم أبيت وقعت الكارثه وعليه أن يتصرف الأن..
ردد بدر بتوتر وهو يتتفس بصعوبه
–إن لله وإن إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها.
جلس زياد القرفصاء أمامه ثم نظر في عين بدر بقوه قائلاً

— أنا عمري مااصدق عليك حاجه زي دي.. انا واثق فيك.. عارف إنك بتحط ربنا قدام اي حاجه بتعملها.. وعارف إن عائشه هي اللي طايشه و…

أخرسه بدر بإشاره من يده قائلاً
–إلا هي… إلا عائش.. أنا اقبل على نفسي أي حاجه لكن حد يجيب سيرتها بحاجه وحشه.. لأ
عقد زياد حاجبيه متعجبًا من تحول بدر المفاجأ للحده ثم قال
— هو ممكن افهم ايه اللي حصل بالظبط
أجابه بدر وهو ينظر أمامه بحِده
–اللي حصل ميخصش حد..ربنا عالم بالنوايا..
أومأ زياد متفهمًا ولم يُرد أن يجادله أكثر من ذلك فالوضع صعب ولايُسمح
وضع بدر وجهه بين كفيه هامسًا بصبر
–ياارب.. إنت حسبي وكفى.. إنت عالم بالنوايا يارب.. إنت الستار الحليم.. حسبي الله ونعم الوكيل… حسبي الله ونعم الوكيل
هدأه زياد قائلاً

–اهدى يابدر.. ربنا مش هيسيب اللي عمل كده… بس نفسي اعرف مين اللي جاتله الجرأه ويعمل كده
قال بدر بتفكير

–حاسس إن اللي صورنا حد عارفني أو عارف عائشه كويس وعاوز ينتقم مننا.. مش عارف من اللي ليه الإيد إنه يشوه سمعتي قدام الناس.. استغفر الله العظيم واتوب اليه
–أنا عندي فكره
قالها زياد وهو يفكر بشرود
نظر له بدر بحزن ثم قال
–وفر افكارك يازياد.. أنا ليا رب هيجيبلي حق عائش
رد زياد بتلقائيه –وحقك؟
تنهد بدر ثم أجاب بحُب بدا على مُحياه
–حق عائش هو حقي
أدرك زياد أن بدر إبن عمه لن يتخلى عن عائشه مهما حدث وأنه لا يحبها فقط بل غريق بحبها متيم بها.. سأل زياد الله في نفسه أن يجمعها على خير وينتقم من الفاعل
قال زياد بتفهم

–أنا فاهم انت بتمرّ بإيه.. وعارل انت بتحبها قد إيه وخايف عليها.. بس سكوتك مش حل.. ربنا اه قادر على كل شيء بس هو اداك حل ليه متستغلوش؟
أجاب بدر وقد تكتلت الدموع بعينيه خوفًا من أن عائشه أو عمه محمود يعلموا بأمر الفديو فيحدث لكلاهما شيء سيء

— حل إيه يازياد؟
قال زياد بنبرة أمل
–الواد سيف اخوك حريف في الهكر والحاجات دي.. ايه رأيك نخليه يهكر الصفحه ويحذفه ونعرف مين عمل كده كمان!
ابتسم بدر بسخريه قائلاً
–بعد ايه… متشاف خلاص
هز زياد رأسه مبتسمًا ليقول
–لا ياحبيبي.. اللي يدقق في الفديو يعرف مين دول وعائشه مش باين غير ضهرها وشعرها وانت ملامحك مش باينه اوي.. الفديو متصور في الضلمه والغبي اللي صوره مفتحش الفلاش.. مش عارف لما هما مبيعرفوش يصوروا بيمسكوا تليفونات ويقرفونا معاهم ليه
رمقه بدر بغضب هاتفًا

–هو ده وقت هزار يازياد.. وبعدين سيف لأ.. مش بعيد… استغفر الله العظيم
ظنّ بدر لوهله أن ربما سيف شقيقه هو من قام بتصويرهم، ولكنه تذكر في الحال أن سوء الظن ليس من صفات المؤمنين.
فرك بدر عينيه يحاول بقدر الإمكان ألا يدمع أمام ابن عمه، ولكن زياد يفهم بدر جيدًا فلطالما كانوا أكثر من أشقاء وليسوا ابناء عم فقط منذ الصغر حتى ريعان الشباب.
رفع بدر وجهه للسماء داعيًا بتوسل

–ياارب أنت حسبي وكفى… ساعدني
بدأت الحركه في شوارع الحاره واتجه كل شخص لعمله، وكثرت الحركه وأصوات الناس، فقد سطعت شمس الصباح وقاربت الساعه الثامنة وبدر وزياد مازالو على حالتهم يتبادلون أطراف الحديث بما يخص الفديو وبدر في كل دقيقه يتوسل لله أن يساعده ويسترها على طفلته عائش وعمه.
لحظات وسمع كلاهما صوت ضجه داخل البيت فدلف بدر مهرولاً وخائفًا من أن يكون أحد علم بالأمر بينما زياد انتظر في الخارج لحرمة البيت.


دلف بدر فوجد سيف وهاجر والدته ينظرون له بصدمه ولكن سيف كان يرسل له نظرات شماته وكراهيه.. ثم هتف وهو يشير للهاتف بيده
–صدقتواا دلوقت.. مش كل واحد قال الله وقال الرسول يبقا محترم.. قلت ميت مره الكلام ده ومحدش صدقني.. اهوو.. اتفضلواا.. المحترم اللي مبيسبش ولا فرض مقضيها كل يوم مع الزبالة بنت عمه
صعق بدر مما قاله اخاه وكاد أن يفقد صوابه ويلكمه حتى يخرسه ولكن سيف استوقفه صائحًا
–ايييه هتضرربني.. بتستقوى عليااا.. بدل ماتتشطر على اخووك اتشطر على اللي لسعك على قفاك وصوركم وانتوا في اللحظات الحميمه
نظرت هاجر لبدر ثم نظرت لسيف بغضب هاتفه
–بدر مستحيل يعمل كده.. الفديو ده متفبرك
هتف سيف بتعصب وصراخ وفي ذلك الوقت دخل زياد من شدة صراخه ليقف بجانب ابن عمه
–صدقي فاتتني دي.. مايمكن الفديو فعلاً متفبرك وانتي وزياد اللي بتقضوها عند المااتور كل يوم مع بعض وراسمين علينا دور…..

لم يكمل سيف باقي جملته بسبب تلك الصفعه القويه التي تلقاها من زياد على وجهه، جذبه زياد من قميصه ثم دفعه في الحائط ليصرخ به بجنون لم يعتاد عليه
–لوو جببت سييرت هاااجر بالطرريقه الحقيره اللي زيك دي تااني هقطعلك لساانك.. وبقولهالك اهو قدامهم وهما واقفين… هاجر تخصني.. بتاعتي.. واللي هيفكر بس يزعلها وعزة جلالة الله لكون مخلص علييه.. انت فااهم يااعيل انت
تركه زياد ثم ظل يتنفس بسرعه وبغضب أعمى، بينما هاجر نظرة له خلسه ثم ادرات وجهها وجلست تبكي قائله بصوت متهدج
–ياارب الرحمه.. ليه بيحصل فينا كده
ردت عليها مفيده والدتها وهي تجلس بجانبها
–ربنا لما بيحب عبد بيختبره بالإبتلاءات يابنتي.. لازم نصبر.. أخرة الصبر نجاه
جلس بدر أمام والدته بندم ثم مال برأسه على قدميه وانفجر في البكاء كالصغار مردداً
–سامحيني ياامي.. أنا السبب في اللي انتوا فيه.. سامحيني.. أنا اسف.. انا هعيش في شقه لوحدي وامشي بعيد عنكم عشان ترتاحوا.. انا اسف والله بس انا سببتلكم متاعب كتير
أخذ يد والدته ليقبلها بجنون مرددًا

–حقك عليا ياأمي.. أنا أسف حقك عليا
لم تستطيع الأم تمالك نفسها، فجذبته لتعانقه وتمسد على شعره وهي تبكي هامسه
–بس ياحبيبي.. كفايا يابني.. انا واثقه فيك وعارفه انك متعملش كده.. الله ينتقم منه اللي شهر بيكم ياارب

رفع بدر وجهه لوالدته والدموع تملأه ثم قال
–بس أنا فعلاً عملت كده..
هنا صدم الجميع وظلوا لدقائق ينظرون لبعضهم بصدمه، قطع هذا الصمت سيف وهو يعدل من ياقة قميصه ويهم بالخروج قائلاً بسخريه
–بدر الشباب قال.. انا لولا فلوس تعليمي مكنتش عيشت معاكم لحظه.. عيله متشرفش
تدخل زياد لينقذ بدر من الموقف
–هو.. هو اكيد ياعمتي مكنش قاصده
هز بدر رأسه بالنفي قائلاً
–لا.. انا فعلاً عملت كده

في تلك اللحظه تفاجأو بمجيء نورا ومصطفي والداها ووالدتها، قال عمه مصطفى بلهجة غاضبه
–تاخد البت بنت الرقاصه اللي خربت عيلتنا هي وامها ومشوفش وشكم هنا… يلااا.. انا لاخر لحظه مكنتش مصدق انك تعمل كده بس طالما اعترفت بنفسك… يبقا ملكش مكان وسطينا يابن اخويا… غور من هنا انت والملعونه دي
هبّت مفيده واقفه لتقول بحرقة
–ابني مش ماشي في حته يامصطفى
تدخلت نورا لتقول بسخريه

–عرفت تقصر عليه وتجرجره لسكتها زي ماامها الغزيه جرجرت ابوها
رمقها زياد بنظره قاتله ثم هتف بحده
–اخرسي وامشي من هنا بدل ماازعلك يانوراا
صاح والده بغضب

–اللي لازم يمشي من الحاره هو بدر وبنت الرقاصه
نظر بدر لعمه بحزن ثم تنفس بعمق ليقول بثقه
–عائشه ملهاش ذنب أنا اللي الشيطان سيطر علي وجرجرتها لعندي غصب عنها.. انتوا كلكم عارفين ان عائشه مبطيقش حد فينا يبقا هتعمل كده معايا ازاي؟
أنا اللي بحبها مش هي.. انا اللي المفروض اتعاقب مش هي!
ماذا أيُعقل ماقاله بدر!
هل يشوه اخلاقه ويضطر للكذب حتى يغيث طفلته من عائلته ومن الناس؟!

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close