رواية مزرعة الدموع الفصل الرابع عشر 14 بقلم مني سلامة
البارت الرابع عشرة
انطلق "عمر" بسيارته عائداً الى بيت "سماح" بعدما أنهى مهمته فى مكتبه .. رن هاتفه فأخرجه من جيبه ونظر اليه فوجد "كرم" المتصل :
- أيوة يا "كرم"
- ايه يا "عمر" انت فين ؟
- خلاص أنا فى الطريق أهو
- طيب يلا بسرعة شهل شويه
- خلاص أنا أهو دقيقتين وأبقى أدام البيت سلام
- سلام
أغلق "عمر" هاتفه" وزاد من سرعة سيارته وفجأه ..............
انطلق فى الشارع صوت فرامل السيارة وهى تكبح جماحها بشدة .. بعدما صدم شخصاُ ما ظهر أمامه من العدم فلم يستطيع تفادى الإصطدام به .. سقط الشخص أمامه على الأرض بعدما دفعته السيارة عنها بضعه خطوات أوقف سيارته ونزل بسرعة ليجد فتاة وقد ارتسم على ملامحها الألم الشديد .. لم تستطع "ياسمين" تحمل الألم الذى كانت تشعر به فى ساقها فسقطت مغشياً عليها .. اقترب منها "عمر" وجثا على ركبتيه قائلاً :
- يا آنسه .. يا آنسه
لكن "ياسمين" كانت فى عالم آخر
تجمع بعض الماره من الناس مرددين :
- لا حول ولا قوة الا بالله
- مش تفتح يا أخينا
- حد يسوق العربيه بالسرعه دى
وجه اليهم "عمر" حديثه وهو ينظر الى "ياسمين" قائلاً :
- هى اللى ظهرت أدامى فجأه
فقال له أحد الماره :
- يعني ايه ظهرت فجأه طلعت من تحت الأرض يعني .. أنا شايفك بعيني وانت سايق بسرعه والبنت ملهاش ذنب انت الغلطان .. اتقى الله يا شيخ هو عشان ما انتو أغنيه هتيجوا على الفقرا اللى زينا .. اه ما احنا أرواحنا فى البلد دى رخيصه ملهاش تمن
انفعل عليه "عمر" قائلاً :
- لزمته ايه الكلام ده دلوقتى .. المهم دلوقتى أوصل البنت دى المستشفى
- اه توصلها المستشفى !! .. رجلى على رجلك يا بيه .. معلش بس ولاد الحرام كتير .. ومنضمنش نسيبك توصل البنت دى لوحدك خاصة وانت خابطها والموضوع ده لازم يتبلغ عنه ويكون في محضر عشان حق المسكينة دى ميضعش
قال "عمر" فى غضب :
- اعمل اللى تعمله أنا مش هخاف منك ..
حمل "عمر"جسد "ياسمين" بخفه ووضعها فى المقعد الخلفى لسيارته .. ووجد الرجل الذى تشاجر معه يركب فى المقعد الأمامى وهو يخرج هاتفه ليتصل بالشرطة .. أدار "عمر" السيارة وتوجه الى المستشفى .
*********************
تعالت الزغاريد فى بيت "سماح" بعدما ألبستها والدتها الشبكة .. كانت تعلو شفتيها ابتسامة سعاده ممزوجه بالخجل .. قبل والدها رأسها قائلاً :
- مبروك يا حبيبة قلبي
وسلم على "أيمن" قائلاً :
- مبروك يا ابنى عقبال الفرح ان شاء الله
وقف "أيمن" وحضنه قائلاً :
- الله يبارك فيك يا بابا .. واسمحلى انى أقولك بابا
ابتسم الأب قائلاً :
- طبعاً يا ابنى انت خلاص بقيت ابنى .. ده انت واخد حته من قلبي
وجهت "سماح" حديثها الى والدتها الجالسه بجوارها قائله:
- ماما فين "ياسمين"؟
- والله يا "سماح" ما أعرف .. هى قالت هتروح تجيب أختها من المترو بس اتاخرت أوى
- طيب معلش يا ماما اتصلى بيها
اتصلت الأم بـ "ياسمين" ثم قالت :
- ما بتردش
شعرت "سماح" بالقلق قائله :
- ربنا يستر
طمئنتها أمها قائله :
- متخفيش زمانها جايه ان شاء الله
وفى هذه الأثناء قال "أيمن" لـ "كرم" :
- فين سي "عمر" باشا ؟
- والله يا ابنى ما أعرف قالى دقيقتين وهكون أدام البيت الكلام ده من ساعة الا ربع .. مش عارف بيت مين اللي يقصده بالظبط !! .. شكله بيتكلم عن بيت "نانسي" !!
- طيب اتصل بيه
اتصل "كرم" بـ "عمر" قائلاً :
- ايه يا ابنى انت فين .. كل ده الدقيقتين مخلصوش .. ولا انت بتمشى جوه الجزمة الأول
تنهت "عمر" قائلاً :
- أنا فى المستشفى يا "كرم" عملت حادثه بالعربيه
قام ليبتعد عن "أيمن" ثم قال :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. انت كويس ؟ طمنى عليك
- اه كويس بس خبطت بنت بالعربيه وكانت مغمى عليها معرفش جرالها ايه .. الممرضة بتقولى انهم عملولها اشاعه وبيجبسولها رجلها
- لا حول ولا قوة الا بالله
- ودلوقتى فى ظابط عندها بياخد أقوالها
- ظابط ؟؟ وايه اللى وصل الموضوع لكده
قال "عمر" فى ضيق :
- واحد من اللى كانوا ماشيين اتدخل فجأة وقعد يبرطم بالكلام ومرتحش الا أما بلغ البوليس وجم وبياخدوا أقوالها دلوقتى .. استنى أهو الظابط خارج من عندها
قال "كرم" بسرعة :
- "عمر" اوعى تتكلم مع الظابط أو تقول أى حاجه اتصل بسرعة بأستاذ شوقي المحامى بتاع الشركة وما تتكلمش مع حد قبل ما يوصل
- هو ده اللي أنا عملته وآديني اعد مستنيه .. "كرم" اقفل دلوقتى المحامى جه .. سلام
- سلام بس قولى الاول انت فى مستشفى ايه ؟
- مستشفى ....
- طيب أنا جايلك سلام
أغلق "عمر" هاتفه وقال للمحامى الذى أقبل عليه :
- استاذ شوقى كويس انك جيت بسرعه
- خير يا "عمر" ان شاء الله اطمن .. البنت حالتها ايه دلوقتى ؟
- سألت الممرضة قالتلى ان رجلها اتجبست وفى كدمات فى جسمها
- مين اللي بلغ .. أهلها ؟
- لا أهلها لسه مظهروش .. اللي بلغ واحد شاف الحادثه وشهد اني كنت سايق بسرعه عاليه
- انت فعلا كنت سايق بسرعه
ارتبك "عمر" قائلاً :
- ايوة كنت سايق بسرعه
ثم أردف بسرعه :
- بس هى ظهرت أدامى فجأه
- طيب اتكملت مع حد .. حد خد أقوالك
- لأ حاولت أتجنب الظابط عشان ميشوفنيش وانتظرتك تيجي عشان نشوف هنعمل ايه .. ايه الحل دلوقتى أنا مش عايز قضية عايزها تخلص ودى
- ان شاء الله تخلص ودى .. هنديها مبلغ مقابل انها تتنازل عن القضية الموضوع بسيط متقلقش
- أخرج "عمر" دفتر شيكاته وقلمه الأنيق وقال :
- مفيش عندى أى مشكلة .. عشر تلاف كويس
- زودهم شويه يا "عمر" عشان تملى عينيها ومتديهاش فرصه للرفض
- تمام آدى شيك بعشرين ألف .. وكل مصاريف العلاج والمستشفى أنا هدفعهم .. بس عايز الموضوع يخلص دلوقتى
أعطى الشيك للمحامى الذى أخذه منه قائلاً :
- متخفش .. هى فى انهى اوضه
أشار له "عمر" على الغرفة المجاوره قائلاً :
- دخلوها هنا
طرق المحامى الباب وفتحت له الممرضه ثم دخل وأغلق الباب
جلس "عمر" قلقاً متوتراً
**********************
أتصلت "ريهام" بأبيها فرد قائلاً :
- ايوة يا "ريهام" وصلتى ؟
- لا يا "بابا" أنا لسه فى الطريق
- محدش كلمك تانى ؟
- لا يا بابا الممرضة متصلتش تانى .. أنا خلاص عشر دقايق وأكون فى المستشفى
- أنا كمان تقريبا أدامى عشر دقايق ربع ساعه .. جيب العواقب سليمه يارب
- متقلقش يا بابا الممرضة طمنتنى ان شاء الله خير
أغلقت الهاتف فى المترو وهى تبكى فى صمت و تستغفر ربها وتدعوه أن يحفظ أختها
**********************
خرج المحامى من غرفة "ياسمين" فهب "عمر" واقفاً فوقف الرجل أمامه ومد يده له بالشيك .. نظر "عمر " الى الشيك فى يد المحامي فغضب وأخرج دفتر شيكاته مرة أخرى وقال بحده :
- مفيش مشكلة هزودلها المبلغ .. هى طالبه كام؟
- مش طالبه حاجة مفيش قضية أصلاً
قال "عمر" بدهشة :
- ازاى يعني مفيش قضية
ابتسم المحامى قائلاً :
- زى ما بقولك كده .. قالت فى أقوالها للظابط انها هى اللى غلطانه وانها كانت ماشيه مش مركزه وانها مش عايزة تقدم ببلاغ ولا تشتكيك
صمت "عمر" وهو مندهش .. فقال له المحامي:
- طيب بما ان مهمتى انتهت أستأذن أنا
- معلش تعبتك معايا يا أستاذ شوقى
- مفيش مشكلة يا "عمر" أشوفك فى الشركة .. مع السلامة
- مع السلامة
ظل "عمر" واقفاً وهو يفكر فيما فعلته الفتاه .. فى تلك اللحظة خرجت الممرضة من غرفتها فقال لها "عمر" :
- هى عامله ايه دلوقتى ؟
- كويسه .. عندها كسر فى رجلها والدكتور حطهالها فى الجبس وان شاء الله الجبس هيتفك بعد اسبوعين .. وفى شوية كدمات بسيطه هتاخد وقتها
- طيب متشكر أوى
انصرفت الممرضة فتوجه "عمر" الى الغرفة التى ترقد فيها "ياسمين" وطرق الباب بضع طرقات ثم فتحه ودخل.
رفعت "ياسمين" نظرها لتجد رجلاً غريباً أمامها كان يرتدى بدلة سوداء عليها معطف أسود اللون .. رفعت يدها لتتأكد من ضبط حجابها .. قال لها بصوت رخيم :
- ازيك دلوقتى ؟
قالت وقد شعرت بالخجل من نظراته المتفحصه فأطرقت بوجهها :
- الحمد لله
- أنا اطمنت عليكِ انك ان شاء الله هتشيلي الجبس بعد اسبوعين
أومأت برأسها وهى مازالت لا تدرى من هو وماذا يفعل فى غرفتها .. فسألته قائله :
- حضرتك ظابط ولا محامى ؟
ابتسم "عمر" ابتسامه زادته وسامه وقال :
- لا أنا لا ظابط ولا محامى أنا مهندس
شعرت "ياسمين" بجاذبيه عينيه السوداويين وكأنهما مغناطيس .. فأبعدت عينيها بسرعه واحمرت وجنتاها لهذا الوضع الذى تبدو فيه أمام هذا الزائر الغريب فلم تعتد أن يراها رجلا ً غريبا وهى ممده هكذا فى فراشها فشعرت بالارتباك وحاولت جذب الغطاء عليها أكثر ودت لو طلبت منه الانصراف .. شعر "عمر" بتوترها فلم يزيده هذا الا تفحصاً فيها .. ثم استطرد بجديه قائلاُ :
- أنا آسف على اللى حصل .. بس بجد مشفتكيش انتِ ظهرتى أدامى فجأه
نظرت اليه "ياسمين" بدهشة قائله :
- حضرتك اللي خبطنى ؟
تنحنح قائلاً :
- ايوة .. بس بجد مشفتكيش
أطرقت "ياسمين" برأسها وقالت :
- أصلا أنا اللي كنت ماشيه ومش مركزة لو كنت انتبهت مكنش ده حصل
- وأنا كمان كنت سايق بسرعة لو كنت بطئت شوية كنت عرفت أتفاداكِ
- قدر الله وما شاء فعل .. نصيبي كده
- أنا متشكر أوى انك ما اشتكيتيش عليا
- زى ما قولت لحضرتك وللظابط وللمحامى دى غلطتنى أنا
أخرج الشيك من جيبه واقترب من فراشها ومد يده به قائلاً :
- طيب لو سمحتِ اقبلى المبلغ الصغير ده
رفعت "ياسمين" نظرها اليه قائله :
- قولت لحضرتك أنا اللي غلطانه وخلاص حصل خير
- بس أنا حاسس بالذنب لاني فعلا كنت سايق بسرعه فلو سمحتى اقبليه
احتدت "باسمين" قائله :
- لا طبعا مش هقبله
- ليه
- لأنه مش من حقى .. وحتى لو كنت انت اللي غلطان أنا مش بقبل عوض
- طيب أنا آسف أنا مكنش قصدى أضايقك
حاولت السيطرة على غضبها وقالت :
-حصل خير .. ولو سمحت ممكن بعد اذنك تتفضل لأن مفيش ممرضة معانا وميصحش كده
اندهش "عمر" مما قالته فقال :
- انا اسف مرة تانية أنا بس كنت عايز أطمن عليكِ وأشكرك يا انسه ....
سكتت ولم تجيبه .. فحثها قائلاً :
- لحد دلوقتى معرفتش اسمك
قالت بصوت خافت :
- أنا اسمى ياسمين
- وأنا اسمى عمر.. وبشكرك مرة تانية .. ولو احتجتى حاجه أنا .....
قاطعته قائله دون أن تنظر اليه :
- شكراً
هز "عمر" رأسه وتوجه الى الباب وفتحه وخرج .. وجد أمامه رجلا يرثى لحاله وبجواره فتاة باكيه , جرى ناحيته وقال له بلوعه :
- بنتي كويسه ؟ "ياسمين" جرالها ايه ؟
ربت "عمر" على كفته قائلاً :
- متقلقش حضرتك هى كويسه
- هى جوه فى الاوضة دى ؟
- ايوة جوه اتفضل
دخل والدها وأغلق الباب .. وقف "عمر" قليلا ثم انصرف
***********************
خرج "عمر" من المستشفى ليجد "كرم" أمامه , توجه ناحيته قائلاً :
- خير يا "عمر" طمنى ايه اللي حصل ؟
- لا خير الحمد لله تعالى نقعد فى أى مكان ونتكلم
- طيب هات عربيتك وتعالى نروح الكافيه بتاعنا
- طيب تمام
توجه كل منهما الى سيارته وغادرا المستشفى
*********************
- كده يا "سمسم" تخضينا عليكِ
- معلش يا "ريهام" مكنش قصدى .. أنا أول ما فوقت قولت للمرضه تكلمك عشان عارفه انك واقفه مستنيانى فى المترو
- ده أنا كنت هموت لما اتصلت بيا وقالتلى ان عربيه خبطتك
قال لها والدها وهو يجلس بجوارها على الفراش :
- الحمد لله يا بنتى جت سليمه قدر ولطف
- الحمد لله يا بابا
- والجبس محدش قالك هيتفك امتى
- اه الدكتور قالى هيتفك كمان اسبوعين ان شاء الله
- ان شاء الله
سكت الأب قليلا ثم قال :
- مين الجدع اللي كان خارج من اوضتك ده
ارتبكت "ياسمين" قليلا ثم قالت :
- ده الراجل اللي خبطنى بالعربيه
انفعل الأب قائلاً :
- وله عين كمان .. أنا لو أعرف كنت مسكت فى زمارة رقبته
أسرعت "ياسمين" قائله :
- هو ملوش ذنب يا بابا أنا اللي مكنتش مركزه وكنت ماشيه سرحانه
- وليه يا بنتى كده مش تركزى يعني كنت هعمل ايه أنا دلوقتى لو كان حصلك حاجة
تدخلت "ريهام" قائله :
- خلاص يا بابا حصل خير
- أنا قايم أشوف حساب المستشفى .. شكلها مستشفى غالية أوى ربنا يستر
شعرت "ياسمين" بالذنب لما كبدته لوالدها من مصاريف .. خرج الأب فجلست "ريهام" بجوارها وأخرجت قلما وبدأت فى الكتابه على ساقها المتجبره .. ضحكت "ياسمين" قائله :
- بتعملى ايه يا بت انتِ
- بكتبلك ذكرى على الجبس بتاعك
- على أساس انى هفضل متجبسه طول عمرى يعنى
- بس ايه الواد المز ده يا "ياسمين" يا خراشي ده يحل من على حبل المشنقة .. ده نضيف نضافه .. بياكل ايه ده
ضحكت "باسمين" قالئه :
- يخربيت عقلك هو انتِ كنتِ فى ايه ولا فى ايه
- اه أنا صحيح كنت قلقانه عليكِ ومفطوره من العياط بس ده ميمنعش انى أخدت بالى من لهطة القشطة اللى كان عندك
ازدادت ضحكات "ياسمين" من اسلوب أختها قائله :
- اه لو ابوكِ سمعك
- أبويا مين ده أنا مستعده أخسر أهلى كلهم .. ده ريحة البرفيوم بتاعه لسه معبأه الأوضة .. ايه الناس دى
سمعا طرقا على الباب فقالت "ياسمين" :
- طيب اخرسى بأه أبوكِ جه
دخل "عبد الحميد" وقد ارتسمت ابتسامه على محياه .. لاحظتها "ياسمين" فقالت له :
- خير يا بابا ؟
- والله جدع ابن حلال دفع مصاريف المستشفى واقامتك فيها اسبوعين
قالت "ياسمين" بدهشة :
- اسبوعين ؟! .. بس الدكتور قالى انى ممكن أروح كمان يومين
أخذت "ياسمين" تفكر فى كرم هذا الرجل الغريب
*************************
أحضر النادل الطعام ووضعه أمام الصديقان, ثم انصرف .. قال "كرم":
- هاا وبعدين ؟
- مفيش شكرتها ولما جيت أخرج قابلت باباها على الباب ومعاه بنت بتعيط وكان واضح انهم قلقانين عليها أوى
سكت قليلا ثم قال :
- الراجل كان شكله بسيط أوى .. اللى أنا مستغربله انها رفضت تماما انها تاخد الفلوس رغم ان واضح جدا انهم ناس على أد حالهم
- عشان هى قالتلك انها هى اللى غلطانه
- حتى لو هى اللي غلطانه فى حد فى الزمن ده يجيله فلوس كده لحد عنده ويرفضها .. ومش بس كده ده أنا لما أصريت عليها حسيت انها هتقوم تضربني
ضحك "كرم" قائلاً :
- ياريتها كانت عملتها
قال "عمر" بجديه :
- بصراحه لما المحامى قالى انها مشتكتش ضدى استغربت لأن أى حد مكانها كان اشتكى عشان يساومنى على تعويض .. وكمان هى غريبه أوى تصور لقيتها بتطلب منى أخرج من الأوضة عشان الممرضة مش موجوده ومفيش حد فى الاوضة الا أنا وهى
نظر اليه "كرم" وهو يبتسم
أكمل "عمر" قائلاً :
- ولا لما ببصلها كل ما عيني تيجي فى عينها ألاقى وشها يحمر وتبعد عينيها
- شكلها خجوله أوى
ابتسم "عمر" قائلاً :
- هو لسه في بنات كده
****************************
- ألف سلامة عليكِ
قال "مصطفى" هذه العبارة عبر الهاتف , فقالت "ياسمين" :
- الله يسلمك
- أنا زعلت عشانك أوى وزعلت أكتر ان فرحنا هيتأجل اسبوع كمان يعني بدل ما كان أدامنا اسبوع بؤوا اسبوعين
أطرقت "ياسمين" فى خجل ولم تجب
- أنا نفسي الوقت يمر بسرعة عشان أخدك فى حضنــ ...
قاطعته "ياسمين" بسرعة قائله :
- لو سمحت .. مينفعش حضرتك تكلمنى كده
احمرت وجنتاها بشده من الخجل ومن الغضب
أتاها صوته وهو يتحدث ببرود قائلاً :
- ليه مينفعش خلاص كلها اسبوعين وتكونى مراتى
- أما ابقى مراتك
- طيب براحتك سلام
- مع السلامه
أغلقت "ياسمين" وهى تشعر بغضب شديد من جرأته فى الكلام معها .. ومن قلة ذوقه عندما أسرع بإنهاء المكالمة ..
************************
أثناء جلوس "عبد الحميد" على المقهى وهو شارد يفكر فى حاله وحاله بناته أقبل عليه شاب وقف أمامه ويبدو عليه علامات التردد .. نظر اليه "عبد الحميد" مستفهما فلم يتحدث الشاب .. فقال له "عبد الحميد ":
- خير يا ابنى فى حاجه ؟
عدل الشاب من وضع عويناته التى يرتديها وقال فى ارتباك :
- حضرتك أستاذ " عبد الحميد منصور"
- أيوة يا ابني أنا
- أنا .. يعني .. حضرتك .. أنا "وائل"
انتظره "عبد الحميد" ليكمل كلامه لكن الشاب صمت .. فقال له :
- أهلا بيك يا ابنى .. اتفضل اقعد
فجلس الشاب وقد ازداد ارتباكه قائلاً :
- أنا .. كنت عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع .. يعني .. أنا .. يعني .. بنتك .. "ريهام"
قال "عبد الحميد" بسرعة :
- مالها "ريهام" بنتى جرلها حاجة فى الكليه ؟
أسرع الشاب قائلاً :
- لأ لأ هى كويسه أنا لسه شايفها من شويه
تصاعد غضب "عبد الحميد " قائلاً :
- يا ابنى اتكلم مش فاهم منك حاجه
- احم احم .. يعني .. أنا كنت عايز .. أقول لحضرتك .. انى عايز "ريهام"
قال الأب فى غضب :
- اللهم طولك يا روح يعني ايه عايز "ريهام" ؟
- قصدى يعني أنا عايز .. يعني أنا وهى نتجوز
هدأ "عبد الحميد" قليلاً وهو يرمق الشباب بنظرات غيظ .. فقال الشاب :
- بصراحة يا أستاذ "عبد الحميد" ماما قالتلى انى أجى لحضرتك عشان أقول لحضرتك اننا عايزين نزوركوا فى البيت
- طيب يا ابنى .. يشرفنى ده طبعا .. بس فرح بنتى الكبيره كمان أربع أيام فلما يخلص الفرح الأول وأطمن عليها نبقى نشوف موضوع "ريهام"
- طيب يا أستاذ "عبد الحميد" ياريت تحدد معاد عشان أقول لماما عليه
نظر اليه "عبد الحميد" شزراً وقال له :
- قولها اسبوع كده وان شاء الله تشرفونا فى البيت
قام الشاب ومد يده وسلم عليه وقال بفرح :
- متشكر جدا لحضرتك .. ومبروك لبنتك الكبيرة .. السلام عليكم
- وعليكم السلام
انطلق "عمر" بسيارته عائداً الى بيت "سماح" بعدما أنهى مهمته فى مكتبه .. رن هاتفه فأخرجه من جيبه ونظر اليه فوجد "كرم" المتصل :
- أيوة يا "كرم"
- ايه يا "عمر" انت فين ؟
- خلاص أنا فى الطريق أهو
- طيب يلا بسرعة شهل شويه
- خلاص أنا أهو دقيقتين وأبقى أدام البيت سلام
- سلام
أغلق "عمر" هاتفه" وزاد من سرعة سيارته وفجأه ..............
انطلق فى الشارع صوت فرامل السيارة وهى تكبح جماحها بشدة .. بعدما صدم شخصاُ ما ظهر أمامه من العدم فلم يستطيع تفادى الإصطدام به .. سقط الشخص أمامه على الأرض بعدما دفعته السيارة عنها بضعه خطوات أوقف سيارته ونزل بسرعة ليجد فتاة وقد ارتسم على ملامحها الألم الشديد .. لم تستطع "ياسمين" تحمل الألم الذى كانت تشعر به فى ساقها فسقطت مغشياً عليها .. اقترب منها "عمر" وجثا على ركبتيه قائلاً :
- يا آنسه .. يا آنسه
لكن "ياسمين" كانت فى عالم آخر
تجمع بعض الماره من الناس مرددين :
- لا حول ولا قوة الا بالله
- مش تفتح يا أخينا
- حد يسوق العربيه بالسرعه دى
وجه اليهم "عمر" حديثه وهو ينظر الى "ياسمين" قائلاً :
- هى اللى ظهرت أدامى فجأه
فقال له أحد الماره :
- يعني ايه ظهرت فجأه طلعت من تحت الأرض يعني .. أنا شايفك بعيني وانت سايق بسرعه والبنت ملهاش ذنب انت الغلطان .. اتقى الله يا شيخ هو عشان ما انتو أغنيه هتيجوا على الفقرا اللى زينا .. اه ما احنا أرواحنا فى البلد دى رخيصه ملهاش تمن
انفعل عليه "عمر" قائلاً :
- لزمته ايه الكلام ده دلوقتى .. المهم دلوقتى أوصل البنت دى المستشفى
- اه توصلها المستشفى !! .. رجلى على رجلك يا بيه .. معلش بس ولاد الحرام كتير .. ومنضمنش نسيبك توصل البنت دى لوحدك خاصة وانت خابطها والموضوع ده لازم يتبلغ عنه ويكون في محضر عشان حق المسكينة دى ميضعش
قال "عمر" فى غضب :
- اعمل اللى تعمله أنا مش هخاف منك ..
حمل "عمر"جسد "ياسمين" بخفه ووضعها فى المقعد الخلفى لسيارته .. ووجد الرجل الذى تشاجر معه يركب فى المقعد الأمامى وهو يخرج هاتفه ليتصل بالشرطة .. أدار "عمر" السيارة وتوجه الى المستشفى .
*********************
تعالت الزغاريد فى بيت "سماح" بعدما ألبستها والدتها الشبكة .. كانت تعلو شفتيها ابتسامة سعاده ممزوجه بالخجل .. قبل والدها رأسها قائلاً :
- مبروك يا حبيبة قلبي
وسلم على "أيمن" قائلاً :
- مبروك يا ابنى عقبال الفرح ان شاء الله
وقف "أيمن" وحضنه قائلاً :
- الله يبارك فيك يا بابا .. واسمحلى انى أقولك بابا
ابتسم الأب قائلاً :
- طبعاً يا ابنى انت خلاص بقيت ابنى .. ده انت واخد حته من قلبي
وجهت "سماح" حديثها الى والدتها الجالسه بجوارها قائله:
- ماما فين "ياسمين"؟
- والله يا "سماح" ما أعرف .. هى قالت هتروح تجيب أختها من المترو بس اتاخرت أوى
- طيب معلش يا ماما اتصلى بيها
اتصلت الأم بـ "ياسمين" ثم قالت :
- ما بتردش
شعرت "سماح" بالقلق قائله :
- ربنا يستر
طمئنتها أمها قائله :
- متخفيش زمانها جايه ان شاء الله
وفى هذه الأثناء قال "أيمن" لـ "كرم" :
- فين سي "عمر" باشا ؟
- والله يا ابنى ما أعرف قالى دقيقتين وهكون أدام البيت الكلام ده من ساعة الا ربع .. مش عارف بيت مين اللي يقصده بالظبط !! .. شكله بيتكلم عن بيت "نانسي" !!
- طيب اتصل بيه
اتصل "كرم" بـ "عمر" قائلاً :
- ايه يا ابنى انت فين .. كل ده الدقيقتين مخلصوش .. ولا انت بتمشى جوه الجزمة الأول
تنهت "عمر" قائلاً :
- أنا فى المستشفى يا "كرم" عملت حادثه بالعربيه
قام ليبتعد عن "أيمن" ثم قال :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. انت كويس ؟ طمنى عليك
- اه كويس بس خبطت بنت بالعربيه وكانت مغمى عليها معرفش جرالها ايه .. الممرضة بتقولى انهم عملولها اشاعه وبيجبسولها رجلها
- لا حول ولا قوة الا بالله
- ودلوقتى فى ظابط عندها بياخد أقوالها
- ظابط ؟؟ وايه اللى وصل الموضوع لكده
قال "عمر" فى ضيق :
- واحد من اللى كانوا ماشيين اتدخل فجأة وقعد يبرطم بالكلام ومرتحش الا أما بلغ البوليس وجم وبياخدوا أقوالها دلوقتى .. استنى أهو الظابط خارج من عندها
قال "كرم" بسرعة :
- "عمر" اوعى تتكلم مع الظابط أو تقول أى حاجه اتصل بسرعة بأستاذ شوقي المحامى بتاع الشركة وما تتكلمش مع حد قبل ما يوصل
- هو ده اللي أنا عملته وآديني اعد مستنيه .. "كرم" اقفل دلوقتى المحامى جه .. سلام
- سلام بس قولى الاول انت فى مستشفى ايه ؟
- مستشفى ....
- طيب أنا جايلك سلام
أغلق "عمر" هاتفه وقال للمحامى الذى أقبل عليه :
- استاذ شوقى كويس انك جيت بسرعه
- خير يا "عمر" ان شاء الله اطمن .. البنت حالتها ايه دلوقتى ؟
- سألت الممرضة قالتلى ان رجلها اتجبست وفى كدمات فى جسمها
- مين اللي بلغ .. أهلها ؟
- لا أهلها لسه مظهروش .. اللي بلغ واحد شاف الحادثه وشهد اني كنت سايق بسرعه عاليه
- انت فعلا كنت سايق بسرعه
ارتبك "عمر" قائلاً :
- ايوة كنت سايق بسرعه
ثم أردف بسرعه :
- بس هى ظهرت أدامى فجأه
- طيب اتكملت مع حد .. حد خد أقوالك
- لأ حاولت أتجنب الظابط عشان ميشوفنيش وانتظرتك تيجي عشان نشوف هنعمل ايه .. ايه الحل دلوقتى أنا مش عايز قضية عايزها تخلص ودى
- ان شاء الله تخلص ودى .. هنديها مبلغ مقابل انها تتنازل عن القضية الموضوع بسيط متقلقش
- أخرج "عمر" دفتر شيكاته وقلمه الأنيق وقال :
- مفيش عندى أى مشكلة .. عشر تلاف كويس
- زودهم شويه يا "عمر" عشان تملى عينيها ومتديهاش فرصه للرفض
- تمام آدى شيك بعشرين ألف .. وكل مصاريف العلاج والمستشفى أنا هدفعهم .. بس عايز الموضوع يخلص دلوقتى
أعطى الشيك للمحامى الذى أخذه منه قائلاً :
- متخفش .. هى فى انهى اوضه
أشار له "عمر" على الغرفة المجاوره قائلاً :
- دخلوها هنا
طرق المحامى الباب وفتحت له الممرضه ثم دخل وأغلق الباب
جلس "عمر" قلقاً متوتراً
**********************
أتصلت "ريهام" بأبيها فرد قائلاً :
- ايوة يا "ريهام" وصلتى ؟
- لا يا "بابا" أنا لسه فى الطريق
- محدش كلمك تانى ؟
- لا يا بابا الممرضة متصلتش تانى .. أنا خلاص عشر دقايق وأكون فى المستشفى
- أنا كمان تقريبا أدامى عشر دقايق ربع ساعه .. جيب العواقب سليمه يارب
- متقلقش يا بابا الممرضة طمنتنى ان شاء الله خير
أغلقت الهاتف فى المترو وهى تبكى فى صمت و تستغفر ربها وتدعوه أن يحفظ أختها
**********************
خرج المحامى من غرفة "ياسمين" فهب "عمر" واقفاً فوقف الرجل أمامه ومد يده له بالشيك .. نظر "عمر " الى الشيك فى يد المحامي فغضب وأخرج دفتر شيكاته مرة أخرى وقال بحده :
- مفيش مشكلة هزودلها المبلغ .. هى طالبه كام؟
- مش طالبه حاجة مفيش قضية أصلاً
قال "عمر" بدهشة :
- ازاى يعني مفيش قضية
ابتسم المحامى قائلاً :
- زى ما بقولك كده .. قالت فى أقوالها للظابط انها هى اللى غلطانه وانها كانت ماشيه مش مركزه وانها مش عايزة تقدم ببلاغ ولا تشتكيك
صمت "عمر" وهو مندهش .. فقال له المحامي:
- طيب بما ان مهمتى انتهت أستأذن أنا
- معلش تعبتك معايا يا أستاذ شوقى
- مفيش مشكلة يا "عمر" أشوفك فى الشركة .. مع السلامة
- مع السلامة
ظل "عمر" واقفاً وهو يفكر فيما فعلته الفتاه .. فى تلك اللحظة خرجت الممرضة من غرفتها فقال لها "عمر" :
- هى عامله ايه دلوقتى ؟
- كويسه .. عندها كسر فى رجلها والدكتور حطهالها فى الجبس وان شاء الله الجبس هيتفك بعد اسبوعين .. وفى شوية كدمات بسيطه هتاخد وقتها
- طيب متشكر أوى
انصرفت الممرضة فتوجه "عمر" الى الغرفة التى ترقد فيها "ياسمين" وطرق الباب بضع طرقات ثم فتحه ودخل.
رفعت "ياسمين" نظرها لتجد رجلاً غريباً أمامها كان يرتدى بدلة سوداء عليها معطف أسود اللون .. رفعت يدها لتتأكد من ضبط حجابها .. قال لها بصوت رخيم :
- ازيك دلوقتى ؟
قالت وقد شعرت بالخجل من نظراته المتفحصه فأطرقت بوجهها :
- الحمد لله
- أنا اطمنت عليكِ انك ان شاء الله هتشيلي الجبس بعد اسبوعين
أومأت برأسها وهى مازالت لا تدرى من هو وماذا يفعل فى غرفتها .. فسألته قائله :
- حضرتك ظابط ولا محامى ؟
ابتسم "عمر" ابتسامه زادته وسامه وقال :
- لا أنا لا ظابط ولا محامى أنا مهندس
شعرت "ياسمين" بجاذبيه عينيه السوداويين وكأنهما مغناطيس .. فأبعدت عينيها بسرعه واحمرت وجنتاها لهذا الوضع الذى تبدو فيه أمام هذا الزائر الغريب فلم تعتد أن يراها رجلا ً غريبا وهى ممده هكذا فى فراشها فشعرت بالارتباك وحاولت جذب الغطاء عليها أكثر ودت لو طلبت منه الانصراف .. شعر "عمر" بتوترها فلم يزيده هذا الا تفحصاً فيها .. ثم استطرد بجديه قائلاُ :
- أنا آسف على اللى حصل .. بس بجد مشفتكيش انتِ ظهرتى أدامى فجأه
نظرت اليه "ياسمين" بدهشة قائله :
- حضرتك اللي خبطنى ؟
تنحنح قائلاً :
- ايوة .. بس بجد مشفتكيش
أطرقت "ياسمين" برأسها وقالت :
- أصلا أنا اللي كنت ماشيه ومش مركزة لو كنت انتبهت مكنش ده حصل
- وأنا كمان كنت سايق بسرعة لو كنت بطئت شوية كنت عرفت أتفاداكِ
- قدر الله وما شاء فعل .. نصيبي كده
- أنا متشكر أوى انك ما اشتكيتيش عليا
- زى ما قولت لحضرتك وللظابط وللمحامى دى غلطتنى أنا
أخرج الشيك من جيبه واقترب من فراشها ومد يده به قائلاً :
- طيب لو سمحتِ اقبلى المبلغ الصغير ده
رفعت "ياسمين" نظرها اليه قائله :
- قولت لحضرتك أنا اللي غلطانه وخلاص حصل خير
- بس أنا حاسس بالذنب لاني فعلا كنت سايق بسرعه فلو سمحتى اقبليه
احتدت "باسمين" قائله :
- لا طبعا مش هقبله
- ليه
- لأنه مش من حقى .. وحتى لو كنت انت اللي غلطان أنا مش بقبل عوض
- طيب أنا آسف أنا مكنش قصدى أضايقك
حاولت السيطرة على غضبها وقالت :
-حصل خير .. ولو سمحت ممكن بعد اذنك تتفضل لأن مفيش ممرضة معانا وميصحش كده
اندهش "عمر" مما قالته فقال :
- انا اسف مرة تانية أنا بس كنت عايز أطمن عليكِ وأشكرك يا انسه ....
سكتت ولم تجيبه .. فحثها قائلاً :
- لحد دلوقتى معرفتش اسمك
قالت بصوت خافت :
- أنا اسمى ياسمين
- وأنا اسمى عمر.. وبشكرك مرة تانية .. ولو احتجتى حاجه أنا .....
قاطعته قائله دون أن تنظر اليه :
- شكراً
هز "عمر" رأسه وتوجه الى الباب وفتحه وخرج .. وجد أمامه رجلا يرثى لحاله وبجواره فتاة باكيه , جرى ناحيته وقال له بلوعه :
- بنتي كويسه ؟ "ياسمين" جرالها ايه ؟
ربت "عمر" على كفته قائلاً :
- متقلقش حضرتك هى كويسه
- هى جوه فى الاوضة دى ؟
- ايوة جوه اتفضل
دخل والدها وأغلق الباب .. وقف "عمر" قليلا ثم انصرف
***********************
خرج "عمر" من المستشفى ليجد "كرم" أمامه , توجه ناحيته قائلاً :
- خير يا "عمر" طمنى ايه اللي حصل ؟
- لا خير الحمد لله تعالى نقعد فى أى مكان ونتكلم
- طيب هات عربيتك وتعالى نروح الكافيه بتاعنا
- طيب تمام
توجه كل منهما الى سيارته وغادرا المستشفى
*********************
- كده يا "سمسم" تخضينا عليكِ
- معلش يا "ريهام" مكنش قصدى .. أنا أول ما فوقت قولت للمرضه تكلمك عشان عارفه انك واقفه مستنيانى فى المترو
- ده أنا كنت هموت لما اتصلت بيا وقالتلى ان عربيه خبطتك
قال لها والدها وهو يجلس بجوارها على الفراش :
- الحمد لله يا بنتى جت سليمه قدر ولطف
- الحمد لله يا بابا
- والجبس محدش قالك هيتفك امتى
- اه الدكتور قالى هيتفك كمان اسبوعين ان شاء الله
- ان شاء الله
سكت الأب قليلا ثم قال :
- مين الجدع اللي كان خارج من اوضتك ده
ارتبكت "ياسمين" قليلا ثم قالت :
- ده الراجل اللي خبطنى بالعربيه
انفعل الأب قائلاً :
- وله عين كمان .. أنا لو أعرف كنت مسكت فى زمارة رقبته
أسرعت "ياسمين" قائله :
- هو ملوش ذنب يا بابا أنا اللي مكنتش مركزه وكنت ماشيه سرحانه
- وليه يا بنتى كده مش تركزى يعني كنت هعمل ايه أنا دلوقتى لو كان حصلك حاجة
تدخلت "ريهام" قائله :
- خلاص يا بابا حصل خير
- أنا قايم أشوف حساب المستشفى .. شكلها مستشفى غالية أوى ربنا يستر
شعرت "ياسمين" بالذنب لما كبدته لوالدها من مصاريف .. خرج الأب فجلست "ريهام" بجوارها وأخرجت قلما وبدأت فى الكتابه على ساقها المتجبره .. ضحكت "ياسمين" قائله :
- بتعملى ايه يا بت انتِ
- بكتبلك ذكرى على الجبس بتاعك
- على أساس انى هفضل متجبسه طول عمرى يعنى
- بس ايه الواد المز ده يا "ياسمين" يا خراشي ده يحل من على حبل المشنقة .. ده نضيف نضافه .. بياكل ايه ده
ضحكت "باسمين" قالئه :
- يخربيت عقلك هو انتِ كنتِ فى ايه ولا فى ايه
- اه أنا صحيح كنت قلقانه عليكِ ومفطوره من العياط بس ده ميمنعش انى أخدت بالى من لهطة القشطة اللى كان عندك
ازدادت ضحكات "ياسمين" من اسلوب أختها قائله :
- اه لو ابوكِ سمعك
- أبويا مين ده أنا مستعده أخسر أهلى كلهم .. ده ريحة البرفيوم بتاعه لسه معبأه الأوضة .. ايه الناس دى
سمعا طرقا على الباب فقالت "ياسمين" :
- طيب اخرسى بأه أبوكِ جه
دخل "عبد الحميد" وقد ارتسمت ابتسامه على محياه .. لاحظتها "ياسمين" فقالت له :
- خير يا بابا ؟
- والله جدع ابن حلال دفع مصاريف المستشفى واقامتك فيها اسبوعين
قالت "ياسمين" بدهشة :
- اسبوعين ؟! .. بس الدكتور قالى انى ممكن أروح كمان يومين
أخذت "ياسمين" تفكر فى كرم هذا الرجل الغريب
*************************
أحضر النادل الطعام ووضعه أمام الصديقان, ثم انصرف .. قال "كرم":
- هاا وبعدين ؟
- مفيش شكرتها ولما جيت أخرج قابلت باباها على الباب ومعاه بنت بتعيط وكان واضح انهم قلقانين عليها أوى
سكت قليلا ثم قال :
- الراجل كان شكله بسيط أوى .. اللى أنا مستغربله انها رفضت تماما انها تاخد الفلوس رغم ان واضح جدا انهم ناس على أد حالهم
- عشان هى قالتلك انها هى اللى غلطانه
- حتى لو هى اللي غلطانه فى حد فى الزمن ده يجيله فلوس كده لحد عنده ويرفضها .. ومش بس كده ده أنا لما أصريت عليها حسيت انها هتقوم تضربني
ضحك "كرم" قائلاً :
- ياريتها كانت عملتها
قال "عمر" بجديه :
- بصراحه لما المحامى قالى انها مشتكتش ضدى استغربت لأن أى حد مكانها كان اشتكى عشان يساومنى على تعويض .. وكمان هى غريبه أوى تصور لقيتها بتطلب منى أخرج من الأوضة عشان الممرضة مش موجوده ومفيش حد فى الاوضة الا أنا وهى
نظر اليه "كرم" وهو يبتسم
أكمل "عمر" قائلاً :
- ولا لما ببصلها كل ما عيني تيجي فى عينها ألاقى وشها يحمر وتبعد عينيها
- شكلها خجوله أوى
ابتسم "عمر" قائلاً :
- هو لسه في بنات كده
****************************
- ألف سلامة عليكِ
قال "مصطفى" هذه العبارة عبر الهاتف , فقالت "ياسمين" :
- الله يسلمك
- أنا زعلت عشانك أوى وزعلت أكتر ان فرحنا هيتأجل اسبوع كمان يعني بدل ما كان أدامنا اسبوع بؤوا اسبوعين
أطرقت "ياسمين" فى خجل ولم تجب
- أنا نفسي الوقت يمر بسرعة عشان أخدك فى حضنــ ...
قاطعته "ياسمين" بسرعة قائله :
- لو سمحت .. مينفعش حضرتك تكلمنى كده
احمرت وجنتاها بشده من الخجل ومن الغضب
أتاها صوته وهو يتحدث ببرود قائلاً :
- ليه مينفعش خلاص كلها اسبوعين وتكونى مراتى
- أما ابقى مراتك
- طيب براحتك سلام
- مع السلامه
أغلقت "ياسمين" وهى تشعر بغضب شديد من جرأته فى الكلام معها .. ومن قلة ذوقه عندما أسرع بإنهاء المكالمة ..
************************
أثناء جلوس "عبد الحميد" على المقهى وهو شارد يفكر فى حاله وحاله بناته أقبل عليه شاب وقف أمامه ويبدو عليه علامات التردد .. نظر اليه "عبد الحميد" مستفهما فلم يتحدث الشاب .. فقال له "عبد الحميد ":
- خير يا ابنى فى حاجه ؟
عدل الشاب من وضع عويناته التى يرتديها وقال فى ارتباك :
- حضرتك أستاذ " عبد الحميد منصور"
- أيوة يا ابني أنا
- أنا .. يعني .. حضرتك .. أنا "وائل"
انتظره "عبد الحميد" ليكمل كلامه لكن الشاب صمت .. فقال له :
- أهلا بيك يا ابنى .. اتفضل اقعد
فجلس الشاب وقد ازداد ارتباكه قائلاً :
- أنا .. كنت عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع .. يعني .. أنا .. يعني .. بنتك .. "ريهام"
قال "عبد الحميد" بسرعة :
- مالها "ريهام" بنتى جرلها حاجة فى الكليه ؟
أسرع الشاب قائلاً :
- لأ لأ هى كويسه أنا لسه شايفها من شويه
تصاعد غضب "عبد الحميد " قائلاً :
- يا ابنى اتكلم مش فاهم منك حاجه
- احم احم .. يعني .. أنا كنت عايز .. أقول لحضرتك .. انى عايز "ريهام"
قال الأب فى غضب :
- اللهم طولك يا روح يعني ايه عايز "ريهام" ؟
- قصدى يعني أنا عايز .. يعني أنا وهى نتجوز
هدأ "عبد الحميد" قليلاً وهو يرمق الشباب بنظرات غيظ .. فقال الشاب :
- بصراحة يا أستاذ "عبد الحميد" ماما قالتلى انى أجى لحضرتك عشان أقول لحضرتك اننا عايزين نزوركوا فى البيت
- طيب يا ابنى .. يشرفنى ده طبعا .. بس فرح بنتى الكبيره كمان أربع أيام فلما يخلص الفرح الأول وأطمن عليها نبقى نشوف موضوع "ريهام"
- طيب يا أستاذ "عبد الحميد" ياريت تحدد معاد عشان أقول لماما عليه
نظر اليه "عبد الحميد" شزراً وقال له :
- قولها اسبوع كده وان شاء الله تشرفونا فى البيت
قام الشاب ومد يده وسلم عليه وقال بفرح :
- متشكر جدا لحضرتك .. ومبروك لبنتك الكبيرة .. السلام عليكم
- وعليكم السلام