اخر الروايات

رواية وله في ظلامها حياة الفصل الرابع عشر 14 بقلم دينا احمد

رواية وله في ظلامها حياة الفصل الرابع عشر 14 بقلم دينا احمد



لفصل الرابع عشر
(براءة)

وقفت على الدرج تتابع ما يحدث بعينان مندهشة، وجدت سيدة جالسة أرضاً تبكي و تصرخ بحرقه بينما يقف أمامها رأفت يرمقها بجمود، كانت تشبه مراد بحد كبير نفس الملامح ونفس العين!

قاطع تأملها صوت رأفت الصارم:
- كفاية تمثيل بقا أنا زهقت ... لو كان موت حازم فارق معاكي كدا مكنتيش سيبتي أولادك وهربتي مع حبيب القلب.

صرخت هدي وهي تنتحب:
- هو أنا هربت من فراغ مهو من عمايلك فيا و تملكك كأني لعبة في أيدك ... وبعدين متلومنيش على الأقل حبيب القلب اللي بتعايرني بيه كان بيقدرني و بيحبني بجد.

- هدي! ألزمى حدودك وأنتي بتتكلمي مع أبويا!.
صرخ بها مراد بصوته الجهوري بعد أن آتي، يرسل إليها نظرات نارية مشتعلة بينما قابلتها هدي بنظرة تحمل معني الاشتياق والندم فيبدو أنه أصبح يكرهها كثيراً بالرغم من أنه كان متعلق بها بشكل كبير.

كان الصمت سيد الموقف ... الجميع ينظرون إلي بعضهم بحيرة، و غضب، و اشتياق، و خوف، ولامبالاة .... قاطع هذا الصمت الذي طال لدقائق...

مراد بحدة:
- لو سمحتي يا مدام هدي وجودك مش مرغوب فيه هنا و معرفش حتي إيه سبب وجودك ياريت تتفضلي بهدوء ... وحازم اللي انتي بتتكلمي عنه و زعلانة عليه دلوقتي أنسيه و أنسي أنك خلفتي أصلاً.

اجهشت هدي بالبكاء المرير من معاملة أبنها القاسية بينما كان يتابعها بملامح باردة بالرغم من شعوره بالحزن بسبب حالتها تلك ولكنها أخطأت ويجب أن تتحمل نتيجة أخطائها هي من تركت أبنائها و زوجها، حتي تهرب إلى الخارج مع رجلاً آخر! كانت أسما في موقف لا تُحسد عليه اشتاقت إلي والدتها كثيراً رغم سوء ما فعلته ولكنها كانت تحتاج إليها و تحتاج حنانها تقدمت نحوها و أكتسي الحزن وجهها ليرمقها رأفت بتحذير فتوقفت من تلقاء نفسها.

أخذت هدي عدة خطوات متجهة للخارج مُنكسة رأسها و تذرف الدموع بغزارة، وكالعادة ظلت نورا تبكي بشفقة على تلك السيدة، صعد مراد للأعلى سريعاً وهو ينظر لها نظرات مبهمة.

حدثت نورا نفسها بضيق:
- اكيد زعلان من اللي حصل ومخنوق، هطلع أشوفه أحسن ... ايه اللي انا بقوله ده؟! انا هطلع أنام وخلاص ... نوم ايه تاني لا انا هشوفه و أمري لله.

وقبل أن تصعد إلى الأعلى صاحت فاتن قائلة:
- خليكي يا بنتي قاعدة معايا شوية هتفضلي حابسة نفسك كدا كتير.

أطلقت زفيراً طويلاً تجيبها قائلة:
- معلشي يا ماما مش دلوقتي ... لو عمر تعبك ناديني.

أومأت لها فاتن وهى تهز رأسها بيأس فصعدت نورا الأعلى الأعلى متوجهة إلى غرفة مراد...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خرج مراد من الحمام عاري الصدر يرتدي بنطال قطني أسود و يجفف شعره بالمنشفة الصغيرة ... أستمع إلى صوت طرق الباب ليزفر في ملل ثم توجه نحو الباب يفتحه بسرعة ظنناً بأنها أسما ليتفاجأ بـنورا تقف أمامه بعينان متسعة بينما عقد هو حاجبيه بأستفهام عن سبب مجيئها الآن ... حاولت إخراج الكلمات من جوفها ولكنها عجزت ليقول هو بنبرة قلق بعد مدة من الصمت:
- نوري، في إيه؟!

أخفضت رأسها أرضاً وهي تقول بتعثلم و خفوت:
- أبداً أنا جيت اطمن عليك بس ... أنت كويس؟!

لاحت ابتسامة واسعة على ثغره لم تراها هي ليجيبها بمسكنة مصتنعة:
- لا انا مش كويس أنا تعبان.

تحولت قسمات وجهها إلى القلق، ثم أردف مراد قائلاً:
- هتفضلي واقفة كدا على الباب اتفضلي على جوا.

ابتلعت لعابها ليبتعد مراد عن الباب وهو ينظر إلى خديها الذي تحول إلي الأحمر القاني من الخجل فأثرت قلبه أكثر و أكثر قائلاً ببحة صوته الرجولية المميزة وهو يشير إليها بالجلوس على الأريكة:
- اقعدي هنا ! استنيني ثواني.

أومأت له باضطراب ليذهب هو نحو الدولاب ثم أخرج قميصاً قطنياً أسود يرتديه و صفف شعره المبتل لتبتسم هي ابتسامة بلهاء لا تفهم سببها! أقترب منها بعد أن أنتهي ليسحبها من يدها متوجهاً بها إلى خارج الغرفة لتهتف بتوتر:
- أنت واخدني و رايح على فين؟!

وقف فجأة ليقترب منها ثم وضع سبابته على شفتها يهمس برفق:
- هشش مش عايز اسمع اعتراض.

سحبها من يدها مرة ثانية إلى أن صعدوا إلى سطح القصر الكبير فنظر لها قائلاً بابتسامة صغيرة:
- دا المكان الوحيد اللي بحب اكون فيه و اراجع حسابتي من جديد.

أزداد لمعان بريق عيناها فنظر إليها بهيام لم يستطيع أخفاءه ثم أشار لها بعيناه إلي أرجوحة تشبه تلك الأرجوحة التى اشتراها لها وهي طفلة بينما رفرفت بأهدابها الطويلة وهى تنظر له بعينان متسعة من الدهشة حتي بدت كالطفلة الصغيرة أمامه.

دفعها بخفة متجهاً بها نحو تلك الأرجوحة لتجلس عليها و أبتسمت له بعذوبة، يكاد يجزم بأنها تستمع إلى دقات قلبه التي تكاد تخرج من قفصه الصدري! احقاً ذلك الشئ البسيط يزعجها! احقاً كان أحمق لهذه الدرجة حتي يُصدق أنها قد تكون خائنة؟! يري أمامه الآن ملاك على هيئة بشر بالرغم من الألم الذي عاشته ولكنها لا تزال تحتفظ بالبرائة بداخلها!

أقسم بداخله أن يُنير قلبها و حياتها من تلك العتمة التي خيمت حياتها ... أخذ يحرك تلك الأرجوحة وتعالى صوت ضحكاتها المرحة وكأن ضحكاتها تدغدغ حواسه ليضحك معها بسعادة لم يعهدها من قبل!.

بعد مرور بعض الوقت...
توجهوا سوياً نحو أحدي الأسوار المزينة بالورود و تطل على حديقة القصر الجميلة فحملها مراد وسط تذمر تلك الصغيرة و أجلسها على أحدي الكراسي العالية ليجلس هو الآخر ثم صاحت وهي تنظر إلى المكان بدهشة:
- بس السطح مكنش كدا معقول أنت عملت فيه كل ده؟!

همهم باستمتاع وهو يتابع تلك الخصلات التي تمردت لتسقط على صفحة وجهها الناعم فأزاح خصلاتها الحريرية خلف أذنها ببطئ، أبتسمت له بتوتر فنظراته لها بتلك الطريقة لا ترحمها ولأول مرة في حياتها تختبر شعوراً كهذا !

صاح مراد بابتسامة:
- فاكرة لما كنا صغيرين، كنتي دايماً تحبي نطلع انا وانتي هنا لوحدنا و تحكيلي تفصيل يومك.

تنهدت براحة وهي تتذكر مدى قربهم سويا فهو كان يمثل لها الحياة بأكملها كانت تعتبره مصدر حمايتها و أمانها.

غمز لها مراد بمشاكسة:
- طب فاكرة لما طلبتي تتجوزيني!.

أخفت وجهها بيدها من شدة الخجل وهي تتذكر أفعالها المجنونة.
~Flashback~

كانت تلك الجنية الصغيرة مستندة برأسها على كتف مراد يضحكوا بمرح وهي تقص عليه المقالب التي تفعلها بأصدقائها وحازم و نسرين ليقول مراد بحزم وهو يمسد على شعر صغيرته:
- وبعدين معاكي يا ست نورا مش أنا قولتلك بلاش لعب و مقالب مع الأولاد ولا أنا كلامي مش مسموع؟.

اعتدلت نورا في جلستها وهي تهز رأسها قائلة بطفولة:
- مراد مث تزعل أنا آسفة و وعد من نورا مث هكلم ولاد أبداً.

ابتسم برضاء فهو يعرف أنها لا تستطيع رفض أي آمر يلقيه ليرفع رأسه قائلاً بغرور لا يليق إلا به:
- وبالنسبة للفساتين القصيرة اللي بتلبسيها لو شفتك ماشية بيهم تاني هكسرك.

أومأت له برأسها ثم ابتسمت بدلال:
- مراد ... انا عايزة اتجوز.

اتسعت عيناه بصدمة و قبض على كف يدها قائلاً بغضب:
- نعم يختي!!! تتجوزي مين أن شاء الله ليلته مش فايتة، انطقي و قولى مين اللي لعب في عقلك أحسن اخنقك.

زمت شفتاها بعبوس و ترقرقت زرقاوتاها الواسعة لتصرخ به في لوم:
- أنا عايزة اتجوزك أنت والبث (البس) فستان ابيض.

اتسعت حدقيته بدهشة من طلبها هذا ليقول سريعاً:
- نوري انتي بتحبيني؟!

نهضت تلك الصغيرة ترمقه بغيظ ثم صرخت مرة ثانية بغضب طفولى:
- نورا زعلانة منك ومث هتكلمك تاني أبداً.

أمسك يدها ليجذبها نحوه مرة ثانية فسقطت على قدمه ليبدأ في دغدغتها حتي يصالحها.

~End~

أطلقت نفساً عميقاً يتأمل تلك الحورية صغيرته التي تتطلع إلى السماء و زرقتيها تجوب هنا وهناك ... ظلوا يتحدثون في أمور شتى و يمرحون معاً حتي تأخر الوقت.

أخبرها مراد متفحصاً وجهها الذي ظهر عليه الإرهاق:
- يالا عشان تاكلى و تنامي.

أومأت له ثم أمسك يدها متوجهين إلى الاسفل ... أدخلها إلى جناحه لتهتف قائلة بإعتراض:
- أنت واخدني على فين كدا ... دي مش أوضتي.

صاح وهو يجلسها على الأريكة:
- ممكن تبطلي رغي شوية واياكي تتحركي من هنا.

تركها مغادراً الغرفة وبعد عدة دقائق دلف إلي الغرفة مرة ثانية حاملاً صنية طعام ثم وضعها على طاولة صغيرة نوعاً ما، أشار إلى نورا بالقدوم فنظرت له قائلة:
- أنا مش جعانة، أنا عايزة أنام.

نظر لها نظرة تحذيرية لتجلس على مضض ثم أكلت بعض اللقيمات وأردفت:
- الحمد لله شبعت.

نهضت ليمسكها من رسغ يدها قائلاً:
- على فين العزم يا عروسة ... مفيش خروج انتي هتنامي هنا.

رفعت حاجبيها بسخرية:
- أنام فين؟! مراد لو سمحت مش هسمحلك.

رفع كتفيه بلامبالاة:
- هو دا اللي عندي مينفعش نبقا لسه متجوزين وكل واحد ينام في مكان مختلف ودا آخر كلام عندي.

دبت الأرض بقدمها بحنق لتذهب نحو الفراش واضعة الغطاء على جسدها و وجهها بالكامل ليناديها هو بخفوت فأجابت بحنق:
- عايز ايه تاني؟.

أزاح الغطاء من على وجهها ليقول بنبرة آمرة وهو يشير إلى كوب اللبن:
- اشربي وبعد كدا نامي.

هزت رأسها بإعتراض:
- لا مش هشرب و ملكش دعوة.

أمسك فكها وباليد الأخري الكوب ليرغمها على شرابه كاملاً ثم أبتسم بإنتصار مستفزاً إياها لتمتم بغيظ:
- رخم و تنك صحيح.

كبت ضحكته بصعوبة ليرسم الجدية على ملامحه قائلاً:
- بتقولي حاجة؟.

زفرت في ضيق لتتجاهله ثم أعادت الكرة مرة ثانية و وضعت الغطاء تخفي وجهها، ثواني و شعرت به يتمدد بجانبها لتتسع عيناها بصدمة وقامت بإزاحة الغطاء قائلة بخوف وهي تتطلع إلى صدره العاري:
- أنت بتعمل ايه هنا؟!

أجابها ببرود: هنام هكون بعمل ايه.

ضربته في كتفه بحدة:
- أنت اتجننت مستحيل تنام جمبي اوعي كدا انا هقوم.

صاح بتحذير وهو يمدد ظهره:
- يومك أسود لو اتحركتي من مكانك يالا نامي.

هزت رأسها بيأس لتقول بخجل وهي تشيح بنظرها بعيداً عنه:
- طب ألبس حاجة وبطل قلة أدب.

ظهرت شبح ابتسامة خبيثة على شفتاه ليهتف بهدوءه:
- ملكيش دعوة بيا وانا كمان مليش دعوة بلبسك هنا حتي لو مش عايزة تلبسي خالص.

قال الأخيرة بنبرة عابثة لتشهق عالياً ثم أبتعدت إلى طرف الفراش ثواني و وجدت نفسها داخل أحضانه يشدد من احتضانه لها بينما تتململ هي في أنزعاج دقائق و فقدت الأمل في ذلك المجنون واستكانت مستسلمة لسلطان النوم...

(إيه رأيكم انا في الرومانسيه معنديش ياما ارحميني 😂😂❤)وفي صباح يوم جديد...

استيقظت نورا تفتح عيناها ببطيء سرعان ما رفرفت بأهدابها عندما وجدت وجهها ملتصق بوجهه مراد و واضعة قدمها فوق ساقيه محتضنة إياه، لطمت خدها تتمتم بصدمة:
- يا فضيحتك يا نورا ... لو كان صحي قبلي كان زمانه عمل حوار، ادي آخرة عناده.

كان يستمع إليها ولكنه تظاهر بالنوم ببراعة، نهضت من الفراش بخطوات هادئة ليهتف هو:
- على فين أن شاء الله؟.

زفرت بملل من اسألته التي لا تنتهي لتقول بتهكم:
- هو انا هفضل هنا طول النهار ولا ايه ... هروح أغير هدومي وأشوف عمر.

أماء لها بالموافقة ببرود سرعان ما انفجر ضاحكاً عندما خرجت من الغرفة صافعة الباب خلفها بقوة.

أمّا هي فما أن خرجت حتي رأت فاتن ممسكة بعمر و مرتدية ملابس للخروج لتناديها فالتفتت إليها فاتن وهي تنظر إليها قائلة بقلق:
- كنتي فين يا حبيبتي؟ انا دخلت أوضتك مش لقيتك.

تنهدت نورا ثم حملت عمر تقبله قائلة:
- كنت نايمة عند مراد و متفهميش غلط عشان أنا عارفة أفكارك.

غمزت لها فاتن بمشاكسة:
- على ماما برضوا ... ربنا يسعدكم و يحميكم.

ثم أكملت قائلة بجدية:
- جدك عايز يشوف عمر ... أتصل عليا من امبارح بليل و كان مُصر عليا اخده واروح ... غريبة جدك بيحبه حب غريب بالرغم أنه مكنش بيطيق حازم.

زمت نورا شفتيها بضيق:
- يعني انا مش هشوفك انتي ولا موري و هفضل محبوسة هنا طول اليوم طب والله عيب.

ضربتها فاتن بخفة:
- مش هختأخر برا وبعدين اقعدي مع عمك رأفت اللي قالبها كآبة ولا روحي مع مراد الشركة.

لمعت عيناها تفكر في كلام والدتها ثم ودعتها هي و صغيرها و توجهت نحو جناح مراد مرة ثانية طرقت الباب مرتين فسمح لها بالدخول وجدته أرتدي بدلة من اللون الكحلى، وقميص من نفس اللون فاتحاً أول أزرارين، و يرتدي ساعة يد ذو ماركة عالمية، و صفف شعره إلى الوراء بطريقه جذابة!.

ابتسمت بوله وهي تنظر إلى تفاصيله الرجولية فآتاها صوته الرخيم قائلاً بابتسامة ثقة:
- هتفضلي واقفة تبصيلي كدا كتير؟ عايزة ايه؟.

أقتربت منه ثم حاوطت عنقه بذراعيها تنطق بأسمه بدلال أفقده عقله فهمهم لها لتبتسم في داخلها ثم أكملت بدلال:
- ممكن أطلب منك طلب وعشان خاطري بلاش ترفض.

ابتلع ريقه ثم احاط خصرها مقربها أكثر لتقول بابتسامة:
- ممكن اجي معاك الشركة و ارجوك مش ترفض، ماما مشيت هي عمر وكدا هفضل في البيت طول اليوم.

فكر لبرهة ثم قال ببرود:
- كلمي أصحابك يقعدوا معاكي ولا اقعدي مع الحج رأفت.

زفرت بحنق و ودت لو صفعت ذلك البارد لتكمل بدلال وهي تقرب وجهها من وجهه:
- عشان خاطري، عشان خاطري وانا والله هفضل ساكتة مش هقول ولا حرف.

نظر لها مبتسماً بخبث:
- بس في شرط.

أومأت له برأسها سريعاً ليمسد على شعرها مقبلاً جبينها ثم صاح بنبرة آمرة بعد أن أولاها ظهره:
- البسي بسرعة عشان مش أتأخر.

صفقت بمرح تُثني على تمثيلها ... مسكينة لا تعلم بشرط ذلك الثعلب المكار ( البسي يا حبيبتي 😂😂)
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أرتدت فستان لونه أسود و يوجد به ورود باللون الاحمر يصل إلى ركبتها ذو أكمام طويلة، و أرتدت حزام عريض من اللون الأسود في منتصف خصرها، و تركت شعرها الطويل منسدلاً خلف ظهرها ثم أرتدت حذاء أحمر ذو كعب عالي، و ضعت القليل من المكياج الهادئ.

خرجت من الغرفة لتجده يخرج من غرفته أيضاً ... نظر لها متفحصاً إياها من رأسها إلى قدماها ليقول بحدة:
- شيلي اللي انتي حطاه في وشك ده يا هانم.

تنفست بعمق ثم أردفت قائلة بهدوء:
- ماله وشي يعني ... ما خلاص يا مراد بلاش تكبر الموضوع و يالا.

أشار لها بسبابته محذراً إياها وهى تحدث بين أسنانه الملتحمة:
- شيلي الزفت ده واخلصي واياكي اشوفك حاطة كدا تاني وبعدين رجلك ظاهرة ليه أن شاء الله؟.

تآففت في ضيق لتدلف إلي الغرفة صافعة الباب في وجهه ليقول هو بحدة:
- لو مكنتيش هتيجي قولى عشان أمشي.

مرت دقيقتين ليجدها تفتح الباب تنظر إليه بإقتضاب و أزالت آثار المكياج من وجهها و أرتدت جورب أسود خفيف ... نظر لها ببرود:
- يالا بسرعة.

توجه إلي الأسفل بسرعة لتتبعه هي بخطوات حاولت أن تجعلها سريعة ولكنها فشلت بسبب ذلك الكعب العالي.

في الأسفل...
كانت ديما جالسة واضعة قدماً فوق الأخري بغرور تتبادل النظرات هي و علي بينما تجلس أسما تهز رأسها بضيق فقد لاحظت نظرات ديما الجريئة لزوجها مُقررة بداخلها أن تخبر والدها بما يحدث حتي يتصرف معهم فنظراتهم تلك تقلقها للغاية!.

نزل مراد على الدرج واضعاً يده في جيبه و تتبعه نورا لتصيح أسما قائلة:
- أقعد يا مراد أفطر الأول قبل ما تمشي وانتي يا نورا هتروحي معاه ولا إيه.

أومأت لها نورا بابتسامة ليقول مراد:
- احنا هنفطر في الشركة ... صحيح تيتا أتصلت بيا و قالت أنها عايزة تشوفك انهارده.

هزت أسما رأسها إيجاباً:
- اتصلت عليا وقالتلي .... بقولك يا مراد اوعى تضايق نورا أنت شايفها اهى عاملة زي البسكوتة.

صاحت ديما بغضب:
- وأنت واخدها معاك ليه يعني ... مش فاهمة ايه لازمة الدلع بتاعها ده.

لم يعيرها مراد اهتمام أو ينظر لها حتي إنما أكمل طريقه متجهاً إلى الخارج ماسكاً بيد نورا.....
~~~~~~~~~~~~~~~~~
وصلوا إلى مقر الشركة ليفتح لهم السائق السيارة باحترام ثم دلفا إلى الشركة بينما كانت تتطلع نورا إلى الشركة بإعجاب من تصميمها الراقي و الفخم ولأول مرة تدخل هذه الشركة فهي لا تحب أجواء العمل لذا لم تأتي من قبل، كان يسير هو بهدوء و ثقة كالعادة أعين الجميع عليهم منهم الفتيات من ينظرون إليه بإعجاب ومنهم من ينظرون إليهم بابتسامة.

دلفوا إلى داخل المصعد الخاص بمراد ليدخل هو اولاً ثم وقفت هي أمامه ... لم يستطيع إخفاء ابتسامته عندما وجدها تنظر حولها ببراءة ليقترب منها وهو يستنشق رائحة شعرها التي تشبه رائحة عبير الورود ! التفتت تنظر إليه لتجده موصد عيناه باستمتاع وكزته في كتفه قائلة بخفوت:
- احنا وصلنا هتفضل واقف ولا ايه؟.

حمحم باضطراب وساروا حيث مكتبه لتجد سكرتيرته ترتدي ملابس ملاصقة لجسدها و قصيرة للغاية ثم أبتسمت لمراد باغراء وتبعته للداخل متجاهلة وجود نورا التي كانت تستشيط غضباً من تلك الفتاة الوقحة دلفت إلى غرفة مكتبه سريعاً ثم جلست على الأريكة تتابع تلك السكرتيرة الشمطاء التي تخبره بمواعيد اليوم و تتحدث برقة مصتنعة ولكن ما جعلها تشعر بالراحة هو أن مراد لم يرفع نظره عليها إنما كان ينظر إليها بمكر، وأخيراً خرجت تلك العقربة لتتنهد براحة ثم نهضت تتفحص ذلك المكتب الواسع و الفخم الذي يلائم تلك الشركة الضخمة و يليق بمديرها.

صاح مراد بخبث وهو ينظر لها:
- قربي يا نورا ثواني.

ضيقت عيناها باستنكار واقتربت منه إلى أن أصبحت أمامه جذبها بقوة لتسقط جالسة على ساقيه فنظرت له بصدمة ليقول هو بخبث:
- لازم تنفذي الشرط يا نوري.

لم تعي ما يقوله ليهمس في أذنها بالشرط (ملناش دعوه يا محي 😂😂)

اتسعت عيناها بصدمة لتصرخ و هي تلكمه في صدره بإنفعال:
- يا سافل يا قليل الأدب يا منحـ....

ابتلع باقي جملتها داخل جوفه بشغف مختطف قبلتهم الأولى!.
~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان جاسر يسير في الشركة ينظر هنا وهناك بتقييم فيبدو أن خصمه قوي و لا يستهان به و ليس مثل حازم ذلك الشاب الفاشل الذي يركض وراء غزائره فقط ... إذن فليتمهل حتي يدمر تلك العائلة بأكملها!

توقف أمام مكتب سكرتيرة مراد لتنظر له شاهي متأملة ذلك الرجل الذي أمامها ببلاهة ليقول هو برسمية:
- قولي لاستاذ مراد ... جاسر رشاد برة وعايز أقابله.

أومأت له شاهي مبتسمة بعملية ثم طرقت باب المكتب عدة مرات ولم يأتيها رداً.

بينما في الداخل زمجر بإمتعاض بسبب تلك اللعينة التي تطرق باستمرار دون ملل بينما نظر إلى تلك التي أغمضت عيناها بقوة وجهها قد تحول للأحمر القاني من شدة خجلها، متشبثة بقميصه بقوة ليناديها قائلاً بمكر:
- فتحي عيونك يا نوري وبعدين انا كنت بنفذ شرطي.

نفخت خديها بغيظ لتنهض سريعاً و جلست على الأريكة تخفي وجهها وتنظر أرضاً تشعر بأنها على وشك الإغماء من شدة خجلها حقاً وقح!

سمح لشاهي بالدخول بعد مدة من الطرق لتنظر شاهي إلى نورا بغيظ و كرهه ثم تحدثت بإقتضاب:
- أستاذ جاسر رشاد برا وعايز يقابل حضرتك.

جحظت عيناها بصدمة و ابتلعت غصة مريرة في حلقها ليعقد مراد حاجباه وقد تأكد أن هناك ما تخفيه عنه بسبب ذلك الجاسر.

سمح له بالدخول ليدلف جاسر إليهم وتوسعت ابتسامته الخبيثة عندما وجد نورا لينظر له مراد مصافحاً إياه بإقتضاب لا يزال يستكشف ذلك المجهول ... توجه جاسر حتي يصافح نورا ولكن كان مراد الأسرع وأمسك يده قائلاً ببرود وهو يضغط على يد جاسر:
- معلشي المدام مش بتسلم على حد غريب.

ضغط جاسر على أسنانه يقزم غيظه من مراد ثم ابتسم ابتسامة مصتنعة وجلس على الكرسي الجلدي أمام مكتب مراد ليجلس مراد واضعاً قدماً فوق الأخري قائلاً بهدوء:
- خير يا أستاذ جاسر؟

أجابه جاسر بدبلوماسية:
- الصراحة أنا عندي مشروع مهم و مكسب ليا وليك.

أماء له مراد ليتابع جاسر حديثه و شرح له فكرة المشروع بعملية وقد أعجبت مراد كثيراً بهذه الفكرة ليقول مراد بجدية:
- هفكر في المشروع وأشوف الميزانية وبعدين نتواصل.

هتف جاسر بود مصطنع:
- ياريت والله يا أستاذ مراد يكون ما بينا شغل وبعدين احنا مش هنختلف أنا وأنت هنكون شركاء في كل حاجة.

أومأ له مراد بإقتضاب ليكمل جاسر قائلاً:
- على فكرة انا عازمك أنت و المدام نورا عندي على الغدا ولازم تيجوا.

هل تعتقدون أن نورا لا تزال جالسة معهم؟ بالتأكيد لم يسمح لها مراد بالمكوث في غرفة المكتب ثانية واحدة بعد أن دلف ذلك المسمي بجاسر فهو لا يعجبه نظرات ذلك الوغد لذا أمر شاهي بأن تأخذها إلى الخارج و تحضر لها الطعام ...

خرج جاسر مبتسماً بإنتصار فهذا العرض الذي قدمه إلى مراد لن يستطيع أن يرفضه ليجد نورا تنظر له بخوف منكمشة على نفسها ! صاح جاسر بابتسامة مجنونة:
- تك توك بدأ العد التنازلي.

أخرج هاتفه من سترته ليبعث برسالة قائلة:
- نفذ المطلوب.

ارتعدت نورا من كلامه وبدون سابق إنذار توجهت نحو غرفة المكتب تنظر إلي مراد قائلة سريعاً وقد ظهر القلق على وجهها:
- اوعي تكون قبلت أي حاجة عرضها عليك الـ بني آدم ده أنت ومش عارفه دا مجنون.

نظر لها مراد قائلاً بغموض:
- هسألك سؤال و تجاوبي عليه .... ايه اللي بينك وبين جاسر رشاد عايز أسمع الحقيقة.

كونت دموعها غمامة على عيناها لتبدأ بسرد كل ما فعله معها .... هل تشتمون رائحة حريق ؟! تلك هي دماء مراد التي تغلى من شدة غضبه يريد أن يُحرق العالم فوق رأس ذلك الحقير ....

أخرج صرخة مدوية من أعماق قلبه على حال تلك الصغيرة التي لا ذنب لها سوا أنها تزوجت من أخاه! ليحدث لها ما لا تتحمله امرأة أخري .... حقاً لا يعرف ماذا يفعل الآن هل يسرع بتهدئة صغيرته التي تبكي كالطفلة ظنناً بأنه قد يعاقبها على ذنب أخاه أم يذهب إلي جاسر و يقتله بأبشع الطرق وقد علم بأنه سبب دمار حياة حبيبته و يتلف حولهم كالحية حتي يأذي عائلته جميعاً .... لا وألف لا هو من سيذيقه وابل من العذاب ينتقم لحبيبته الذي دنس روحها ذلك الوغد.

ترك تلك التي تعالت شهقاتها ليخرج من الغرفة يطوي الأرض بقدميه حتى وصل إلى خارج الشركة لتنطلق رصاصة في جنبه جعلته يسقط أرضاً....

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close