اخر الروايات

رواية قطة في عرين الاسد الفصل الرابع عشر14 بقلم مني سلامة

رواية قطة في عرين الاسد الفصل الرابع عشر14 بقلم مني سلامة 



الحلقة (14 )
فإرتطمت نظراتها بنظرات "طارق" .. وقفت تحدق فيه بدهشة .. وبادلها هو الآخر نظراتها المندهشة التى كانت أضعاف دهشتها .. كان يبحث عنها فى كل مكان ولم يتخيل أن يجدها فى بيت صديقه .. وقف كلاهما ينظر الى الآخر فى دهشة و "مراد" يراقب نظرات الإثنان لبعضهما البعض .. لم ينطق "طارق" إلا بكملة واحدة :
- "مريم" !
تمتمت بصوت خافت :
- أهلا بحضرتك يا أستاذ "طارق"
اقترب "مراد" من "طارق" وقال وهو ينقل نظره من "مريم" اليه :
- انتوا تعرفوا بعض ؟
قال "طارق" مبتسماً وهو يشعر بالسعادة لعثوره عليها أخيراً :
- أيوة طبعاً .. دى الآنسة "مريم" الديزاينر بتاعة حملتنا
صُدم "مراد" لما سمع والتفت بحدة ينظر الى "مريم" بدهشة .. اقترب "طارق" من "مريم" قائلاً :
- كنتى فين قلقتيني عليكي وموبايلك مقفول على طول .. حتى "مى" مش عارفه توصلك
قالت بصوت مضطرب :
- كان عندى ظروف
ابتسم "طارق" قائلاً :
- المهم انك كويسه
بدا وكأنه انتبه لوجودها فى آخر مكان كان يتوقع أن يجدها فيه .. فقال بإستغراب شديد :
- بس انتى بتعملى ايه هنا ؟
جاءت الإجابة من "مراد" الواقف خلفه :
- مراتى
التفت "طارق" الى "مراد" بحده وقال له :
- ايه ؟
ردد "مراد" ما قاله ببرود :
- مراتى
نظر "طارق" الى "مريم" وهو لا يصدق ما يسمع .. نظر اليها وكأنه يرجوها أن تكذب ما قاله "مراد" .. كانا الرجلين ينظران الى "مريم" بدهشة .. "طارق" مصدوم من كونها أصبحت زوجة لأعز أصدقائه .. و "مراد" مصدوم من كونها ديزاينر حملته الإعلانية .. شعرت بالخجل من نظرات الرجلين اليها فأخفضت بصرها وقالت بصوت خافت :
- عن اذنكوا
صعدت الدرج وهى لا تدرى أن الرجلين فى الأسفل كانت أعينهما متعلقتان بها تتابعانها فى صمت .

- مراتى
نظر "طارق" الى "مريم" وهو لا يصدق ما يسمع .. نظر اليها وكأنه يرجوها أن تكذب ما قاله "مراد" .. كانا الرجلين ينظران الى "مريم" بدهشة .. "طارق" مصدوم من كونها أصبحت زوجة لأعز أصدقائه .. و "مراد" مصدوم من كونها ديزاينر حملته الإعلانية .. شعرت بالخجل من نظرات الرجلين اليها فأخفضت بصرها وقالت بصوت خافت :
- عن اذنكوا
صعدت الدرج وهى لا تدرى أن الرجلين فى الأسفل كانت أعينهما متعلقتان بها تتابعانها فى صمت .
ران الصمت عليهما وكل منهما يحاول استيعاب صدمته .. أول من فاق من صدمته هو "طارق" الذى التفت الى "مراد" ينظر اليه بحده وهو يقول :
- انت مكنتش تعرف ان "مريم" ديزاينر حملتنا وانى بدور عليها ؟
التفت اليه "مراد" الذى بدا شارداً وقال له :
- وهعرف منين انها الديزاينر اللى بندور عليها .. أنا معرفش هى بتشتغل ايه أصلاً .. ولا أعرف أى حاجه عنها
نظر اليه "طارق" بحده وزفر وهو يحاول أن يكظم غيظه وقال :
- انت قولتلى امبارح ان جوازك منها كان انقاذ للموقف وانك مستنى عمتك عشان تطلقها .. مش كدة ؟
أومأ "مراد" برأسه بصمت .. فانفعل "طارق" قائلاً :
- حرام عليك يا "مراد" حرام عليك
نظر اليه "مراد" بدهشة .. فأكمل "طارق" بغضب :
- يعنى حضرتك متجوزها عشان تقضيلك معاها يومين وبعدين ترميها وتطلقها اتقى الله يا "مراد" ترضى يحصل لواحده من اخواتك كده .. أى ان كان سبب جوازك منها حرام تطلقها وتتحسب عليها جوازه
نظر اليه "مراد" بغضب وقال :
- ايه اللى انت بتقوله ده .. انت فاهم الموضوع غلط يا "طارق" .. أنا قولتلك امبارح انى اضطريت أتجوزها عشان الدم اللى كان هيسيل .. وأنا مش معتبرها مراتى اصلاً دى مجرد واحدة أعده فترة مؤقته وهتمشى تروح لحالها وأنا معرفها كدة ومتفق معاها على كدة يعني مخدعتش حد
صمت "طارق" وهو يفكر فى كلام "مراد" ثم قال :
- يعنى هى عارفه انك هتطلقها ؟
قال "مراد" بحده :
- ايوة طبعا عارفه وده كان اتفاقى مع عمتو من الأول أكتب عليها عشان المشاكل مش أكتر من كده
- تقصد انكوا عايشين منفصلين ؟
قال "مراد" بحده :
- أيوة أنا مش طايق أشوفها أصلاً .. كل اللى حصل انى كتبت عليها وجبتها هنا لحد ما عمتو تتأكد ان الأمور هديت ساعتها هطلقها
هدأ "طارق" قليلاً .. فتفرس فيه "مراد" قائلاً :
- وانت ايه يهمك أصلاً فى الموضوع ده .. مالك انت أظلمها لا مظلمهاش
حاول "طارق" التحكم فى أعصابه وقال ببرود :
- لانى اتعاملت معاها كتير فى الشغل والبنت كويسة جداً فصعب عليا انها تتظلم كده بس بعد ما انت شرحت الوضع .. فكده الموضوع أهون شوية
نظر اليه "مراد" وقال بإهتمام :
- انت تعرف ايه عنها بالظبط ؟
نظر "طارق" الى ساعته ثم قال ببرود :
- أنا مضطر أمشى دلوقتى عشان الحق الجمارك
لم ينتظر رداً من "مراد" وتوجه الى سيارته وانطلق بها تحت نظرات "مراد" المتمعنه.
انطلق "طارق" بسيارته بعصبيه وهو يشعر بغضب كبير بداخله لتلك العادات المتخلفة التى أجبرت "مريم" على الزواج من "مراد" .. "مراد" الذى يعلم جيداً بالظروف النفسية العصيبة التى مر بها والتى ستجعله بالتأكيد أن يكون قاسياً مع "مريم" ضرب المقود بيده بعصبيه وهو يتخيل المعاناة التى تشعر بها "مريم" فى بيت "مراد" الذى من الواضح من كلامه عنها أمس واليوم أنه لا يطيق وجودها فى حياته

توجهت "مريم" الى غرفتها وهى تشعر بالدوار .. لحظات وسمعت طرقات على الباب فتحت لتجد "سارة" مبتسمه وهى تقول :
- صباح الخير يا "مريم" يلا عشان نفطر سوا
ابتسمت "مريم" بتعب وقالت :
- ماشى هغير هدومى وأنزل
نظرت "سارة" بإستغراب الى ملابس "مريم" والتى كانت نفس ما ارتدته ليلة أمس .. فقالت بدهشة :
- انتى نمتى كده
قالت "مريم" بإضطراب وهى تحاول تجنب الكذب :
- كنت الصبح فى الجنينة
أومأت "سارة" برأسها قائله وهى تنصرف :
- خلاص منتظرينك ان شاء الله
بدلت "مريم" ملابسها بصعوبة وهى تشعر بالوهن فى كل عضلة فى جسدها .. توضأت وصلت الفجر الذى فاتها وهى تشعر بالضيق الشديد لأنها لم تصليه فى ميعاده .. لم ترتدى حجابها لئلا تسمع تعنيفاً آخر من "مراد" .. عقصت شعرها للخلف وارتدت عباءة استقبال محتشمة .. فتحت الباب لتخرج لكنها فزعت عندما وجدت "مراد" أمامها كان يهم بطرق الباب .. ابتعدت لتفسح له الطريق للدخول .. همت بالخروج من الغرفة لكن "مراد" قال لها بحزم :
- استنى عايزك
أغلقت الباب ووقفت خلفه .. وقف "مراد" فى مواجهتا وهو يتفحص وجهها شعرت بالخجل فأشاحت بوجهها الى أن قال :
- انتى تعرفى "طارق" من زمان ؟
قالت "مريم" بهدوء :
- أستاذ "طارق" عميل فى شركتنا
- شركة ايه ؟
- اسمها رؤية للدعاية والإعلان
صمت "مراد" وهو مازال ينظر اليها بإمعان .. ثم قال :
- كنتى عارفه ان الحملة اللى انتى مسكاها هى حملة شركتى ؟
نظرت اليه "مريم" بدهشة وقالت :
- حملة شركتك ؟.. لا معرفش أنا افتكرتها شركة أستاذ "طارق"
أخجلها تفحصه فيها فأشاحت بوجهها مرة أخرى وقالت بإرتباك :
- أنا هنزل عشان مستنيينى تحت
قال ببرود :
- اتفضلى
خرجت من الغرفة وتبعها "مراد" .. توجها الى حجرة الطعام وجلس كل منهما فى مكانه .. ابتسمت "مريم" قائله :
- صباح الخير
قالت "ناهد" بمرح :
- صباح النور .. النهاردة صحيتى بدرى
قالت "مريم" وهى تشعر بوخز كالإبر فى حلقها :
- أنا متعودة أصحى بدرى .. بس امبارح اتأخرت لانى كنت تعبانه من السفر
قالت "سارة" التى كانت تجلس فى مواجهتها بمرح :
- قوليلي صحيح يا "مريم" انتى بتشتغلى
ابتسمت "مريم" قائله :
- أيوة بشتغل ديزاينر فى شركة دعاية
قالت "ناهد :
- بتعرفى ترسمى كويس ؟
- أيوة يا طنط
قالت "ناهد" بمرح :
- كويس أوى عشان ترسميني
قالت "مريم" بتوتر :
- معلش يا طنط أنا أسفه مش برسم أشخاص أو أى حاجه فيها روح
قالت "ناهد" بهدوء :
- ليه ؟
أجابت "مريم" :
- عشان حرام .. رسم حاجه فيها روح حرام
ألقى "مراد" نظرة عليها ثم عاد يكمل طعامه بصمت .. ابتسمت "ناهد" قائله :
- مكنتش أعرف انه حرام
قالت "مريم" بأسى :
- اوعى تكونى زعلتى منى يا طنط
طمأنتها "ناهد" قائله :
- لا يا حبيبتى أبداً .. انتى صح .. طالما حرام يبأه ربنا يباركلك انك مبتعمليهوش
عادت "مريم" لتكمل طعامها عندنا قالت "نرمين" :
- انسى بأه موضوع الشغل ده خالص لان "مراد" مستحيل يسمحلك انك تشتغلى
قالت "ناهد" :
- دى حاجة متخصكيش يا "نرمين"
بدا "مراد" لا مبالياً وكأن الحوار الدائر لا يعنيه فقالت "مريم" بهدوء :
- أنا اتفقت مع مديري انى أشتغل عن طريق النت ويحولى مرتبي على البنك يعنى مش محتاجة أروح الشركة
نهض "مراد" وقال :
- أستأذن أنا عشان اتأخرت
رحل دون أن يلتفت ل "مريم" التى كانت "ناهد" ترمقها بأسى وهى تشعر بالحنق من معاملة ابنها لزوجته .

**********************************

لم يستطع "مراد" التركيز على عمله .. كانت هناك أسئلة كثيرة تشغل باله لخصوص "مريم" .. اتصل بـ "طارق" وأخبره بضرورة الحضور الى مكتبه .. بعد عدة ساعات حضر "طارق" الذى بدا عليه الوجوم جلس قباله "مراد" دون أن يوجه له كلمة .. سأله "مراد" :
- ايه الأخبار
- كله تمام الحاجة فى الطريق
أومأ "مريم" برأسه وقام ودار حول المكتب ليجلس فى المقعد المواجه لـ "طارق" .. نظر اليه قائلاً :
- انت اتعاملت مع "مريم" كتير ؟
قال له "طارق" بحده :
- مش فاهم السؤال
قال "مراد"ببرود :
- أقصد كنت بتشوفها كتير لما بتروح الشركة
قال "طارق" بهدوء :
- تعاملى كان معاها هى بس يا "مراد" يعني مكنتش بتعامل فى الشركة مع حد غيرها لانها المسؤلة عن شغلنا
أومأ "مراد" برأسه ثم نظر اليه قائلاً :
- متعرفش عنها حاجه .. يعني أمور شخصية
قال له "طارق" بنفاذ صبر :
- لأ معرفش
ثم نهض قائلاً أنا مضطر أمشى دلوقتى عشان عندى معاد مهم
خرج "طارق" وترك "مراد" غارقاً فى شروده

**********************************

كانت "مريم" تشعر خلال النهار بتعب شديد لكنها كعادتها كانت تتظاهر بالتماسك .. ظنت أنه برد من نومها ليلة أمس فى الحديقة طلبت من دادة "أمينة" دواء للبرد أخذته وأمضت نهارها بصحبة "سارة" و "نرمين" .. أما "ناهد" فقد خرجت فى ذلك اليوم لزيارة أختها .. فى المساء كان التعب قد أخذ منها مبلغه توجهت الى دادة "أمينة" مرة أخرى وأخذت منها دواء للبرد مرة أخرى .. ثم توجهت الى الفتاتان فى غرفة المعيشة قائله :
- أنا هطلع أنام يا بنات .. تصبحوا على خير
هتفت "سارة" :
- هتنامى بدرى كدة
قالت "مريم" بوهن :
- أيوة معلش .. هشوفكوا بكرة ان شاء الله
قالت "سارة" بإهتمام :
- طيب مش هتتعشى ؟ .. لو مش عايزة تستنى "مراد" خلاص نتعشى سوا أنا وانتى و "نرمين"
قالت "مريم" وهى بالكاد تستطيع الوقوف على قدميها :
- لا مليش نفس .. تصبحوا على خير
- وانتى من أهل الخير
توجهت "مريم" الى غرفة "مراد" .. حاولت أن تستبدل ملابسها بملابس أكثر راحة لكن أقل حركة كانت تشعرها بالألم الشديد فنامت كما هى على الأريكة ودثرت نفسها جيداً واستسلمت للنوم العميق

قالت "سارة" ل "نرمين" بعتاب :
- ليه حساكى بارده مع "مريم" ؟
التفتت اليها "نرمين" التى كانت تعبث بهاتفها قائله :
- مش بارده ولا حاجه
أصرت "سارة" :
- لأ بارده
قالت "نرمين" بنفاذ صبر :
- بصراحة حساها خنيقة أوى .. مشفتيش لبسها عامل ازاى .. فى عروسة جديدة تلبس اللى هى لابساه ده
قالت "سارة" بحده :
- وانتى مالك هو انتى جوزها .. هى حرة .. وبعدين يمكن عشان لسه مخدتش علينا وهى أصلاً شكلها بتتكسف
هزت "نرمين" كتفيها بلا مبالاة قائله :
- هى حرة على رأيك أنا مش جوزها
قالت "سارة" :
- ابقى اتعاملى معاها كويس يا "نرمين" .. حرام دى يتيمة وكمان طيبة أوى
قالت "نرمين" :
- طيب مع انى حساها جد أوى وكئيبة أوى زيادة عن اللزوم وأنا بتخنق من كده أوى
قالت "سارة" بعتاب :
- والله حرام عليكي دى عسولة أوى
قالت "نرمين" بتهكم :
- يختى مالك طالعه بيها السما كده .. أنا شايفاها عادية جدا مش عارفه "مراد" أعجب بيها ليه .. ده ان كان أعجب بيها اصلا .. بصراحة هى وأخوكى لايقين على بعض الاتنين عينة واحدة
قالت ذلك ثم نهضت وتوجهت الى غرفتها وأغلقت الباب جيداً وجلست على فراشها وهى تنظر الى صورة "حامد" على هاتفها وتبتسم لها .

*********************************

عاد "مراد" فى المساء وجلس على طاولة الطعام مع "ناهد" و " سارة" و "نرمين" .. بدأ الجميع فى تناول الطعام .. قالت "ناهد" :
- خالتك زعلانه منك أوى يا "مراد" عشان مبتسألش عليها انت والبنات
نظر اليها "مراد" قائلاً :
- خلاص تعالوا نروحلها آخر الإسبوع ونقضى اليوم معاها
قالت "ناهد" :
- أنا فعلاً اتفقت معاها على كده و كمان عشان تتعرف على "مريم"
حانت من "مراد" التفاته الى المقعد الفارغ بجواره .. ثم عاد ليكمل طعامه مرة أخرى .. قالت "نرمين" :
- أبيه نفسنا نخرج .. ما تاخودنا بكرة أى حته
قالت "ناهد" بسرعة :
- أيوة يا "مراد" ياريت تفضى نفسك يوم ونطلع كلنا أى مكان بصراحة أنا كمان عايزة أغير جو
أومأ "مراد" برأسه قائلاً :
- ان شاء الله أحاول أفضى نفسي يوم الإسبوع ده أو الاسبوع الجاى
قالت "سارة" بمرح :
- كويس أوى .. بحب أوى الخروجة اللى بنكون فيها كلنا مع بعض
نظرت اليها "نرمين" بغيظ قائله :
- على أساس اننا بنخرج لوحدنا يعني .. فالتغيير اننا نخرج مع بعض
حانت من "مراد" التفاته أخرى الى المقعد الفارغ بجواره .. ثم سأل وهو يتناول طعامه وكأن الأمر لا يعنيه :
- هى "مريم" فين ؟
قالت "ناهد" :
- رجعت لقيت البنات بيقولولى انها نامت بدرى النهاردة
أومأ برأسه ونهض قائلاً :
- انا داخل المكتب شوية
قالت "ناهد" :
- ماشى يا حبيبى
رحل "مراد" فالتفتت اليهم "نرمين" قائله بسخريه :
- ده حالهم ولسه مكملوش اسبوع جواز أمال بعد سنة هيحصل ايه
قالت "ناهد" بنبرة محذرة :
- "نرمين" لو سمحتى متدخليش فى خصوصيات "مراد"

دخل "مراد" مكتبه وحمل أحد الكتب من المكتبة ثم توجه الى أحد المقاعد الوثيرة وأخذ يقرأ الى أن سرقه الوقت .. بعد عدة ساعات توجه الى غرفته .. طرق على الباب بخفة ثم فتحه ببطء .. استطاع أن يرى "مريم" فى ظلام الغرفة نائمة على الأريكة متدثرة بغطائها .. دخل وأغلق الباب بدل ملابسه وهم بأن يتوجه الى فراشه عندما سمع صوت أنين .. التفت الى "مريم" فوجدها تأن بصوت خافت وبدت ملامحها كما لو كانت تعانى من خطب ما .. اقترب منها فرآى حبات العرق تنبت على جبينها سمعها تهمس بشئ ما .. فاقترب منها قائلاً :
- بتقولى حاجه
فتحت عينيها بصعوبة شديدة بدت وكأنها فى عالم آخر تمتمت بصوت متحشرج :
- عايزة "ماجد"
اقترب "مراد" منها أكثر وأرهف سمعه قائلاً :
- بتقولى ايه ؟
أغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما ببطء ونظرت اليه تتطلع الى وجهه قائله بصوت مبحوح :
- انت "ماجد" ؟
سألها بإهتمام :
- "ماجد" مين ؟
أبعدت وجهها واستسلمت للنوم مرة أخرى .. وضع "مراد" يده على جبينها ووجههاً ليجد حرارتها مرتفعه للغاية .. حاول ايقاظها :
- "مريم" .. "مريم"
التفتت اليه ببطء وبدا وكأنها لا تستطيع فتح عينيها .. نزل مسرعاً الى الأسفل ونادى دادة "أمينة" وأخبرها بأن حرارة "مريم" مرتفعة توجهت معه الى غرفتها وتحسستها ثم قالت :
- يا حبيبتى دى قايده نار .. شكلها خدت دور جامد .. انا افتكرته برد عادى لما طلبت منى الدوا
قال لها "مراد" بإهتمام وهو يلقى نظرة على "مريم" :
- هى طلبت منك دوا
قالت "أمينة" بأسى :
- أيوة قالتلى جسمها واجعها وخدت برد فادتلها دوا أنفلونزا .. لو كانت قالتى حرارتها عاليه كنت ادتلها خافض حرارة كمان
توجه "مراد" الى هاتفه واتصل بأحد الأرقام .. لم يجب فعاود الاتصال مرات ومرات الى أن أجاب الطرف الأخر :
- ألو
قال "مراد" بإهتمام :
- أيوة يا "أحمد" أنا "مراد"
قال "أحمد" بصوت ناعس :
-أيوة يا "مراد" خير فى حاجة خالتى والبنات كويسين
- أيوة بس مراتى تعبانة شوية حرارتها مرتفعة جداَ ومش عارف أعمل ايه
قال "أحمد" وقد أفاق :
- طيب متقلقش أنا هلبس وأجيلك حالاً
جلست "أمينة" بجوار "مريم" تقوم بعمل كمادات لها علها تخفض حرارتها .. كانت "مريم" مازالت فى عالم آخر لا تعى ما يدور حولها .. قالت "أمينة " :
- هروح أعملها كوباية لمون دافيه وآجى
توجهت للأسفل .. كانت "مريم" تتمتم بكلمات غير مفهومة .. اقترب منها متفحصاً اياها .. سمعها تقول :
- "ماجد" .. "ماجد"
ظلت تردد الإسم كل فترة وأخرى .. الى أن حضر "أحمد" ابن أخت "ناهد" .. فإستيقظت "ناهد" على صوت سيارته .. نظرت "ناهد" الى "مريم" بعطف واقتربت منها لتتحسس وجهها وقالت :
- دى سخنة أوى
أخرج "أحمد" سماعته واقترب منها متفحصاً اياها .. وجد "مراد" نفسه وقد شعر بالضيق عندما تكشف جزء من جسدها ليستطيع "أحمد" وضع سماعتها ليتفحص رئتيها .. تعجب من هذا الشعور الذى راوده وهو الذى لا يهمه أمرها على الإطلاق ويعتبرها مجرد ضيفة فى بيته .. قال "أحمد" :
- شكلها خدت برد جامد .. عايزكوا تحطوها زى ما هى كده تحت الدش عشان الحرارة تنزل شوية
وأخذ يكتب الأدوية المطلوبه وأعطى الروشته الى "مراد" وأخرج حقنة من حقيبته قائلاً :
- الدوا ده تاخده هو والحقنة دى وان شاء الله الصبح هتكون أحسن
شكره "مراد" وتوجه معه الى سيارته مودعاً .. ثم اتصل "مراد" بالصيدلية وطلب منهم احضار الدواء .. عاد الى الغرفة ليجد "أمينة" و "ناهد" قد أخذا "مريم" ووضعاها تحت الدش كما أمرهم الطبيب عادا بها الى الداخل وشرعت "ناهد" فى تغيير ملابسها فإلتفتت "ناهد" له قائله :
- ساعدنى يا "مراد"
فتنحنح "مراد" وقال وهو يغادر الغرفة مسرعاً :
- هروح أشوف الدوا
بعد نصف ساعة تسلم "مراد" الدواء وصعد به الى غرفته ليجد "ناهد" جالسه بجوار "مريم" النائمة فى فراشه وتحتسى شيئاً ساخناً .. أخرج الدواء وقرأ الروشته ثم التفت الى أمه وأعطاها التعليمات .. قالت "مريم" وهى تشعر بالحرج لوجودها فى فراش "مراد" :
- أنا أسفه يا طنط تعبتك معايا
ابتست لها "ناهد" قائله :
- لأ أبداً يا حبيبتى لا تعب ولا حاجه بس قلقتينا عليكي أوى ليه مقولتيش انك تعبانه
تمتمت "مريم" بصوت خافت :
- أنا قولت شوية برد وخلاص
أعطتها "ناهد" الدواء .. ثم نهضت قائله :
- الحمد لله شكل الحقنة ريحتك كتير .. نامى واتدفى وان شاء الله تكونى بكرة أحسن .. لو احتجتى حاجه خلى "مراد" يناديلى
قالت "مريم" بتأثر :
- شكراً يا طنط
خرجت "ناهد" من الغرفة وتابعتها "مريم" بنظرها الى أن أغلقت الباب خلفها فأسرعت "مريم" بإزاحة الغطاء ونهضت من الفراش تحت أنظار "مراد" التى تراقبها وأخذت أحد الأغطية ووسادة فقال لها "مراد" :
- مفيش مشكلة خليكي نايمة هنا النهاردة
لم ترد "مريم" ولم تلتفت اليه وتوجهت الى الأريكة ونامت عليها ودثرت نفسها وأشاحت بوجهها عنه .. جلس "مراد" على فراشه يتطلع اليها بين الحين والآخر .. الى أن شعر بأنها استسلمت للنوم .. فتمدد على فراشه وظل يفكر فى صاحب الإسم الذى كانت تتفوه به أثناء مرضها الى أن شعر بالإرهاق فألقى نظرة عليها قبل أن يستسلم للنوم هو الآخر .

**********************************

استيقظ "مراد" من نومه فجراً كعادته أطفأ المنبه وما كادت قدماه تطأن الأرض حتى وقع نظره على "مريم" الساجدة فى أحد أركان الغرفة .. ظل ينظر اليها للحظات ثم توجه الى الحمام توضأ وخرج ليجدها وقد أنهت صلاتها وتوجهت الى الأريكة لتعاود النوم .. ألقى عليها نظرة قبل أن يخرج .. صلى فى أحد المساجد القريبه وعاد ليجدها تغط فى النوم .. جلس على فراشه وظل يتأملها بإستغراب .. شعر بأن هذه الفتاة كاللغز الذى يكبر كل يوم شيئاً فشيئاً .. نفض تلك الأفكار من رأسه واستسلم للنوم .
فى الصباح استيقظ "مراد" على صوت الباب وهو يُغلق .. نهض وهو يلقى نظرة على الأريكة الفارغة .. نزلت "مريم" لتجد "ناهد" و "سارة" جالستان معا أمام التلفاز .. قامت "سارة" وتوجهت نحوها قائله بلهفة :
- "مريم" عاملة
قالت "ناهد" بإهتمام :
- قمتى ليه يا حبيبتى خليكى مرتاحه النهاردة
ابتسمت "مريم" وقد سعدت لهذا الإهتمام منهما :
- الحمد لله أنا كويسة جداً
ثم التفتت الى "ناهد" وقالت بتأثر :
- متشكره جدا يا طنط على تعبك معايا امبارح
أشارت لها "ناهد" لتجلس بجوارها .. ربتت على ظهرها قائله :
- انتى دلوقتى عندى زى "نرمين" و "سارة" بالظبط فمتقوليش كده تانى
قالت "سارة" وهى تنصرف :
- هقول لدادة تحضرلك الفطار
التقت بـ "مراد" الذى كان متوجهاً اليهم فقالت له مبتسمه :
- صباح الخير يا أبيه كويس انك صحيت عشان "مريم" متفطرش لوحدها
قال "مراد" :
- صباح النور يا "سارة" .. هى فين ؟
أشارت "سارة" الى غرفة المعيشة وقالت :
- مع ماما بتتفرج على التى فى
دخل "مراد" الغرفة قائلاً :
- صباح الخير
ابتسمت له "ناهد" قائله :
- صباح النور يا "مراد"
ألقى "مراد" نظرة على "مريم" التى بدت أفضل حالاً قبل أن يجلس على أحد المقاعد .. لم تلتفت اليه "مريم" وظلت تتظاهر بمتابعتها للتلفاز .. قالت "ناهد" فجأة وهى تضحك :
- ايه ده "مراد" ملبسك الدبلة فى اليمين
اضطربت "مريم" وهى تنظر الى دبلتها .. تطلع "مراد" الى يدها فى صمت .. قامت "ناهد" بنزع الدبلة من يدها اليمنى ووضعتها فى اليسرى قائله بمرح :
- أيوة كدة بدل ما الناس تضحك علينا
شعرت "مريم" بالتوتر وهى ترمق دبلتها التى أصبحت فى يدها اليسرى .. دقائق وحضرت "سارة" لتخبرهما بأن فطورهما معداً .. قالت "مريم" وهى تشعر بالضيق :
- أنا شبعانه على فكرة .. شوية ولو جعت هاكل
قالت "ناهد" بإصرار :
- لا يا حبيبتى انتى تعبانه وبتاخدى دوا تعالى على نفسك معلش .. وبعدين "مراد" هيفطر معاكى عشان يفتح نفسك للأكل
سخرت "مريم" فى نفسها .. واضطرت مرغمة للتوجه خلفه الى غرفة الطعام .. ران عليهما الصمت .. الى أن قطعه "مراد" فجأة :
- انتى مش المفروض كنتى متجوزة ؟
صمتت "مريم" قليلاً ثم قالت دون أن تنظر اليه :
- كان مكتوب كتابى
طال صمته وبدا عليه التفكير .. ثم قال فجأة :
- مين "ماجد" ؟
خفق قلب "مريم" بشدة وهى تنظر اليه بدهشة .. فنظر اليها قائلاً ببرود :
- كنتى امبارح عماله تقولى اسمه طول الليل
توترت "مريم" وعادت الى اكمال طعامها دون ان تجيب .. فأعاد سؤاله بتهكم :
- مين "ماجد" ؟ .. ويا ترى ده قبل "جمال" ولا بعده ؟ .. مظنش انه بعده ملحقتيش يا دوبك عرفتى "جمال" من هنا واتدبستى فيا من هنا
نظرت اليه "مريم" وقالت بتحدى :
- وهتفرق معاك ايه عرفته قبل "جمال" ولا بعد "جمال" .. ولا حتى عرفته وأنا عارفه "جمال" .. ما هو اللى معندهاش أخلاق لدرجة انها تسمح لنفسها انها تعمل علاقة مع راجل غريب مش هيفرق معاها لو عملت علاقة مع راجلين فى نفس الوقت
ثم نهضت بعصبية وفتحت باب الشرفة ووقفت فيها .. كانت تغلى من الغضب .. ظل جالساً فى مكانه للحظات ثم توجه الى الخارج .. نظرت اليه "مريم" و هو يفتح باب سيارته ويهم بالركوب .. حانت منه التفاته فتلاقت نظراتهما للحظات قبل أن تتوجه "مريم" الى الداخل .

************************************

- وحشتيني ونفسى أشوفك
تسللت تلك العبارة عبر الهاتف الى أذن "نرمين" فردت بضيق :
- أنا مش فاهمة انت عايز ايه بالظبط
قال "حامد" بهيام :
- نفسي أشوفك تانى يا "نرمين" بجد وحشتيني
قالت "نرمين" بحده :
- انت مش شايف ان الحكاية سخفت أوى .. قولتلى عايز أقابلك مرة عشان محرجش نفسي مع أخوكى .. وقابلتك رغم ان دى أول مرة أعمل حاجه زى كده وبجد انت مش متصور أنا حسه بايه دلوقتى .. حسه انى مضايقة أوى من نفسي
قال "حامد" ببرود :
- انت معملتيش حاجه غلط احنا أعدنا فى مكان عام حتى مطولناش
قالت "نرمين" بضيق :
- بس أنا مش كده .. أنا مش بقابل حد ومش يتكلم مع حد .. ولو "مراد" عرف انت مش متصور ممكن يعمل فيا ايه .. انت متعرفش "مراد"
قال "حامد" بسخرية :
- لا عارفه كويس .. عقليه متخلفة
قالت "نرمين" بغضب :
- لو سمحت مسمحلكش تقول على أخويا كده .. "مراد" مش متخلف "مراد" راجل وبيخاف علينا
قال "حامد" بسرعة :
- حبيبتى أنا مش قصدى أنا بس من ضيقي قولت كده
قالت "نرمين" بحزم :
- بص يا "حامد" .. أنا مش هقدر أتكلم معاك فى التليفون تانى .. لو انت فعلاً زى ما بتقول عايز تتقدملى خلاص عندك أخويا اتكلم معاه
قال "حامد" :
- طيب عايز أطلب منك طلب واحد بس
- ايه هو
- انتى عندك ايميل ؟
قالت وهى تشعر بريبه :
- أيوة
قال "حامد" :
- طيب تعالى نتكلم على الميل وافتحى الكام
قالت "نرمين" بعصبية :
- لأ مش هفتح الكام ومش هكلمك على الميل
قال "حامد" بإصرار :
- عشان خاطرى مرة واحدة بس
قالت "نرمين" فى حنق :
- قولت لأ .. ومعلش لو سمحت مضطرة أقفل
أنهى "حامد" المكالمة و قد اغتاظ مما فعلت فتمتم لنفسه :
- مش "حامد" اللى يتقاله لأ

*****************************************

جلس "طارق" واجماً فى مكتبه .. يشعر بالحزن والأسى .. يحاول أن يبحث عن مخرج لـ "مريم" من تلك الورطة .. امتدت يده الى هاتفه واتصل بـ "مى" .. اضطربت "مى" عندما رأت رقمه وخرجت من غرفتها وتوجهت الى أمها فى المطبخ وقالت :
- ماما أستاذ "طارق" بيتصل
التفتت الها أمها وقالت :
- طيب ردى عليه
وقبل أن تتحدث "مى" أخذت منها أمها الهاتف وردت بدلاً منها أمام نظرات "مى" المندهشة :
- السلام عليكم
رد "طارق" بإستغراب :
- وعليكم السلام .. ممكن أكلم الآنسه "مى"
قالت أمها :
- حضرتك الأستاذ "طارق" مش كده ؟ .. أنا مامتها
قال "طارق" بحرج :
- أهلا بحضرتك
قالت والدة "مى" :
- لحظة واحدة
أعطت الهاتف لـ "مى" المندهشة فقالت :
- ألو
قال "طارق" :
- أيوة يا آنسه "مى" .. آسف لو كنت أزعجتك
- لا اتفضل
قال بحزن :
- انا عرفت مكان "مريم" وحبيت أطمنك عليها
قالت "مى" بلهفة :
- هى فين ؟
- هى فى مشكلة وبما انك صحبتها فأكيد محتجاكى جمبها أنا مش هقولك على تفاصيل هسيبها هى تحكيلك .. بس أرجوكى خليكي جمبها .. ده رقم البيت اللى هيا فيه ..........
دونت "مى" الرقم وشكرته قائله :
- متشكره أوى
تمتم بخفوت :
- العفو .. خلى بالك منها .. مع السلامه
أنهت "مى" المكالمة ونظرت الى أمها قائله بإستغراب :
- انتى ليه رديتي قبلى ؟
قالت أمها وهى تحضر الطعام :
- عشان يعرف انك مبتخبيش حاجه عن أهلك وبتقوليلهم كل حاجه مهما كانت صغيره
ابتسمت "مى" فقالت أمها :
- كلمى "مريم" بأه وطمنينى عليها عشان البنت دى قلقانى أوى

اتصلت "مى" الرقم الذى أعطاها اياه "طارق" جاءها صوت أنثوى يقول :
- ألو
قالت "مى" :
- السلام عليكم .. لو سمحتى ممكن أكلم "مريم"
- طيب ثوانى
لحظات وردت "مريم" على الهاتف وهى تشعر بالريبة فهتفت "مى" :
- انتى فين يا بنتى كنت هموت من القلق عليكي
قالت "مريم" بإستغراب :
- عرفتى رقم البيت ده منين
قالت "مى" :
- من الاستاذ "طارق"
قالت "مريم" بدهشة :
- واداهولك ليه
قالت "مى" :
- قالى انك فى مشكلة ومحتجانى جميك .. خير يا "مريم" طمنينيى عليكي
قالت "مريم" بأسى :
- مش هعرف أكلمك دلوقتى يا "مى" ولا حتى هعرف أشوفك مع انك وحشانى أوى .. بالليل ان شاء الله هنتكلم سوا براحتنا هفتح موبايلي وأتصل بيكي على موبايلك ماشى ؟
تمتمت "مى" :
- ماشى يا حبيبتى منتظرة اتصالك

************************************************

- "بهيرة" يا "مراد"
تفوه "سباعى" بهذه العبارة عبر الهاتف فقال "مراد" :
- ملها عمتو
صاح "سباعى" بغضب :
- مصره تسافرلك بكرة على مصر .. والدكاتره منعينها من أجل حركه خد كلمها اهى يمكن تسمع كلامك
قالت "بهيرة" بصوت متعب :
- اييوه يا "مراد" يا ولدى
قال "مراد"بقلق :
- انتى عاملة ايه دلوقتى يا عمتو
قالت بضعف :
- امنيحه يا ولدى امنيحه جوى وان شاء الله بكره هكون عندك فى مصر
قال "مراد" بإصرار :
- عمتو متجيش الا لما الدكاتره يسمحولك بالسفر ولما يسماحولك أنا بنفسى هاجى آخدك
- لازمن آجى يا ولدى فى حاجات كتير لازمن أعملها
قال "مراد" :
- كل حاجه تتأجل عشان صحتك يا عمتو .. وأى حاجه محتجاها تتعمل هنا قوليلى وأنا اعملها
قالت "بهيرة" بصوت ضعيف :
- كيفها "مريم" امنيحه يا ولدى؟
تمتم "مراد" :
- أيوة كويسة
قالت "بهيرة" :
- خلى بالك منيها .. البنية مظلوكة .. ولد عمك هو اللى افترى عليهايا ولدى متصدجش كلام "جمال" .. دى حكاية جديمة هبجى أحكيلك عليها لما آجى وأتكلم مع "مريم" .. أهم حاجة عندى دلوجيت متظلمش البنيه الظلم وحش يا ولدى وآخرته سوده اسألنى آنى
قال "مراد" بضيق :
- مش فاهم ليه انتى الوحيدة اللى مقتنعه انها مظلومة على الرغم من ان فى شهود وعلى الرغم من كلام "جمال" نفسه
قالت "بهيرة" بحزم :
- آنى حلفتها تجولى الحج وجالتلى انها مظلومة
قال "مراد" ساخراً :
- قالوا للحرامى احلف
قالت "بهيرة" بحدة :
- آنى مش بنت امبارح يا "مراد" آنى أعرف امنيح اذا كان اللى جدامى بيكذب عليا ولا بيجول الحج
ثم تمتمت بضعف :
- آنى هجفل دلوجيت يا ولدى وهبجى أكلمك بعدين
قال "مراد" بقلق :
- انتى كويسه يا عمتو
قالت وهى تجاهد ليخرج صوتها متوازناً :
- ايوة امنيحه .. لو مش عايزنى آجى الا لما صحتى تتحسن يبجى تخلى بالك من "مريم" امنيح وتحطها جوه عنيك .. سامعنى يا ولدى
قال "مراد" ببرود :
- متقلقيش يا عمتو هى كويسة ومش بتأخر عنها فى حاجه
- ربنا يبارك فيك يا ولدى .. فى حفظ الله .. أشوفك بخير

***************************************
فتح "سامر" باب بيته وأشار الى "سهى" قائلاً ك
- منورة البيت اتفضلى
دخلت "سهى" البيت وهى تبتسم بتوتر .. أشار "سامر" الى أحد الأرائك قائلاً :
- ادخلى يا بنتى مالك متخشبة كده
دخلت "سهى" وجلست .. ذهب "سامر" الى المطبخ وأحضر كوبين عصير .. وجلس بجوارها قائلاً :
- ياه أخيراً مخك لان ورضيتي تيجي
قالت "سهى" بتوتر :
- بصراحة أنا كنت مرعوبة كنت خايفة ان حد يشوفنى وأنا طالعة العمارة
ضحك "سامر" قائلاً :
- يا بنتى جمدى قلبك متبقيش خفيفة كدة
مسك الريموت وأخذ يقلب فى الفنوات قائلاً :
- ها تحبي نتفرج على ايه
توقف عند احدى المحطات قائلاً :
- الفيلم ده كويس هيعجبك أوى
ابتسمت "سهى" وقد بدأ يقل توترها .. قال "سامر" :
- نطلب بأه الأكل عشان منضطرش ننزل
بعد قرابة الساعتين من الكلام والضحك والمزاح نظرت "سهى" الى ساعتها وهبت واقفه وقالت :
- ياااه اتاخرت أوى يا حبيبى .. همشى بأه
وقف "سامر" قائلاً وعلامات الحزن على وجه :
- حبيبتى خليكي شوية كمان
قالت بأسف :
- معلش يا حبيبى بجد اتأخرت أوى
ابتسم لها قائلاً :
- طيب بس دى متعتبرش زيارة مستنيكي تانى بكرة
قالت بحيرة :
- بكرة
قال "سامر" بمتسماً :
- اديكي شوفتى أهو .. اعادنا هنا أحلى كتير من بره .. أعدين براحتنا ومحدش بيضايقنا .. ولا أنا عملت حاجه تضايقك ؟
قالت بسرعة :
- لا يا حبيبى أبداً
- طيب يبقى تيجى بكرة به ان شاء الله وهكون محضر كام فيلم حلوين نشوفهم سوا
ابتسمت قائله :
- خلاص اتفقنا .. يلا سلام
قبلها على الباب مودعاً .. خرجت "سهى" وركبت الأسانسير .. خرجت منه لتجد امرأة فى وجهها ظلت تتفحصها وتنظر اليها بإحتقار .. نظرت اليها "سهى" ببرود ثم غادرت المبنى .. صعدت المرأة الى شقة "سامر" وضربت الجرس .. فتح "سامر" قائلاً:
- ماما
قالت المرأة بحده :
- ميت مرة قولتلك متجبش الأشكال دى بيتك بطل الأرف ده يا "سامر" متنجسش بيتك يا ابنى
قال "سامر" بنفاذ صبر :
- ماما بقولك ايه مش عايز عكننه .. روحى شقتك يلا
قالت أمه بغضب :
- يا ابنى اتقى ربنا بدل ما ربنا يبتليك بمرض
قال "سامر" وهى يخرج ويغلق الباب بعنف :
- سايبهالك مخضرة
نزل وعين أمه تتابعانه بأسى وهى تدعو له بالهداية .

********************************************

عاد "مراد" الى بيته فى وقت متأخر .. لم يسمع صوتاً قى البيت فصعد الى غرفته .. طرق الباب طرقات خفيفه ثم دخل .. لم يجد "مريم" فى الغرفة .. هم بأخذ ملابسه من الدولاب عندما سمع صوتاً قادماً من الشرفة .. اتجه الى الشرفة وأزاح الستارة قليلاً ليرى "مريم" واقفه تستند الى السور وتتحدث فى الهاتف .. فتح باب الشرفة قليلاً .. فسمعها تقول بعصبيه :
- بقولك كل حاجه حصلت بسرعة طبعا ملحقتش أصرخ .. لما حضنى أصلا اتخضيت لانى كنت فاكرة انى واقفه فى المكان ده لوحدى ولما حاولت أزقه لقيت فجأة رجاله حوليا وهو طلع يجري وأعدوا يسألونى انتى بنت مين
ثم أكملت بحده :
- يعني لو أنا واحدة وحشة أكيد مكنتش هقولهم أنا مين وكنت سيبتهم وجريت .. لكن أنا كنت مصدومة ولما عرفوا اسمى لقيتهم فجأة بيزعقوا جريت وروحت البيت وجم ورايا وحصل اللى حصل
- ---------------------
- تفتكرى .. لا طبعاً مكانوش هيسيبونى أهرب واحتمال كانوا موتونى ..
ثم قالت "مريم" بأسى :
- صعب أوى ما "مى" لما تحسي انك مظلومة والناس عماله تقطع فيكي بلسانها ومحدش مصدق انك بريئة .. أكتر حاجة وجعتنى لما قالى فى العربية متتكلميش كتير مع اخواتى دول بنات محترمة ومتربيين حسسنى كأنى واحدة من الشارع حسيت انى عايزة أعيط بس مسكت نفسي بالعافية عشان ميشمتش فيا
- ---------------------
- أعمل ايه مضطرة أتحمل لحد ما عمتو تيجي وتخلصنى منه هى وعدتنى انها هتخليه يطلقنى
ثم قالت بصوت كمن يوشك على البكاء :
- أول امبارح سمعنى كلام زى السم عشان كنت بتكلم وأضحك مع مامته واخواته فكرنى بعمل كده عشان ميطلقنيش .. قالى كلام صعب أوى خلانى نزلت أنام فى الجنينة مكنتش طايقة أنام معاه فى نفس الأوضة لحد ما تعبت وسخنت أوى
ثم أكملت بصوت مرتجف وأعين دامعه :
- تعرفى أكتر حاجه بتوجع هى انك تبقى عايشة مع حد يحسسك كل شوية انك واحده مش محترمة ورخيصة ودايرة على حل شعرك
أجهشت فى البكاء قائله :
- بيقولى كلام وحش أوى يا "مى" عمر ما حد أهانى كده
وضعت "مريم" كفها على فمها تكتمه حتى لا يصل صوت بكائها لأحد فى المنزل .. كان "مراد" يراقبها من خلف الزجاج ويستمع الى بكائها وقد عقد ما بين حاجبيه .. وقف الى أن سكنت وهدأ بكائها ثم التفت وغادر الغرفة وتوجه الى مكتبه بالأسفل جلس شارداً يسترجع كلماتها التى بثتها منذ قليل وهو يشعر بمزيج من الحيرة والأسى.
يتبع 



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close