اخر الروايات

رواية عشقت امرأة خطرة الفصل الثاني عشر 12 بقلم ياسمينا احمد

رواية عشقت امرأة خطرة الفصل الثاني عشر 12 بقلم ياسمينا احمد


"الثانيه عشر"
قضى "زيد" ليله فى شرفة غرفته مخلفا من ورائه كومه من أعقاب السجائر ومع بذوخ الشمس
إتجه للداخل رأها كما هى نائمه بعمق وتتشبث بإبنته المشهد لم يعتاده، وجود إمرأه بعد وفاة زوجته
الاولى فى فراش بعد كل هذه السنوات لم يألفه ابدا، لكنها كسرت حاجز كبير كان يضعه لنفسه
منذو سنوات طويله ،أحيانا ينتابه الشك من تصرفاتها ويجزم أنها متعمده وأحيانا ينتابه شعور أنها طفله
لم تتربى جيدا ونشأتها مع زوجة أبيها دون توجيه جعلها منفلت الاخلاق متسيبه لابعد حد وتحتاج بشده
إعادة تأهيل وتربيه وهذا الارجح بالنسبه له .
إبتسم بخبث وإستدار نحو باب الغرفه ليغلقه تماما بالمفتاح ثم سحبه من مكانه ووضعه بجيبه وإتسعت إبتسامته
الخبيثه هو متجه نحو الفراش وجلس بالجهه المقابله لها إلى جوار مريم وإنزلق بهدوء ليلتف تجاهم فى البدايه
كان يفكر فى معاقبتها بهذا الشكل لكن بدأت رهبه كبيره تجتاحه بلا رحمه فور رؤيته امام عائله صغيره
كادت أن يملكها لولا معانده القدر أغمض عيناه ليسيطر على سيل مشاعره الذى إنتابه وحاول تهدئه نفسه
ليخمد نيران إشتعلت فى جسده بالكامل عض طرف شفاه بقوة ليهدء ويتظاهر بالنوم ليتركها هى تستيقظ
أولا .
لم يمر الكثير من الوقت حتى فتحت "صبا" عيناها ثم أغلقتها من جديد لتفتحها من جديد بقوة اكبر عندما
رأت "زيد" بمقابلها أنتفضت كالملسوعه من مكانها وحركت رأسها بسرعه كبيره فى المكان لتدرك انها
قضت ليلتها بالكامل فى غرفة "زيد" تنحت عن الفراش بسرعه وهى تتمتم داخلها :
ـ يادى اليله السوده انا إزاى نمت هنا ؟
على أطراف أصابعها خطت نحو الباب وكتمت أنفاسها لتدير المقبض خشية من إصدرأى صوت يجعلها
تتواجه مع "زيد" الذى بلا شك سيحرجها على فعلتها لكنها عادت للصدمه عندما أدركت أنه لا أمل من فتح
الباب حاولت عدة مرات حتى تأكدت أنها وقعت داخل المصيده إلتفت لتتحرك نحو الطاولة القصيره التى
بجوار "زيد" لتبحث عن المفتاح بهدوء حتى لا يستقظ لكنها لم تكن تعلم أنه يتابعها
خلسه ويضحك بداخله على حرجها وتوترها ،مالت بجذعها لتبحث عنه لكن يد"زيد" كانت الاسرع فى
الامساك بمعصمها شهقت بفزع من مباغته وسارعت ترجوه :
ـ زيد بالله عليك خرجنى من هنا
ظل متمدا دون أن يترف له جفن من قلقها ويدها التى ترتعش أسفل يده تعلق بها ونهض من مكانه ليجلس
فوق الفراش ويسألها بمكر :
ـ ودى تيجى بذمتك هو دخول الحمام زى خروجه
تراجعت للخلف وجاهدت تخليص يدها من يده لكن قبضته كانت فولاذيه حول معصمها نهض من مكانه
لتتراجع هى تلقائيا ضمت حاجبيها بقلق من نظراته الغامضه وسألت بفزع :
ـ إيــــه .. هتعمل إيــه ؟
كاد أن ينفجر فى الضحك ويخرب كل شئ لكنه تماسك حتى يرهبها لأقصى درجه حتى تنتهى
من إستهانتها بتصرفاتها فليس الكل هنا "زيد" توقف عندما إلتصق ظهرها بالباب وكأن العالم
إنتهى وإختفت الارض من أسفلها ،من جانبه هو كان ينجذب إليها بشكل أكبر ويقترب دون إراده
عينه كانت تتجول بدهشه ونهم فى تفاصيلها بات كل شئ خطير حولها وقفز الشيطان بينهم كاد
أن يدفعه لأمر جنونى بالفعل كاد أن ينجرف ويقلب اللعبه إلى حقيقه فإعتصرت عينها لتستيقظ من هذا
الكابوس وتمتمت بنبره متوسله :
ـ يارب اكون بحلم يارب يارب
ـ زيـــــــــــد ..... زيـــــــــــد
سحب أنفاسه بسرعه وأجفل فور سماع "والدته" تناديه من خلف الباب وتسأله :
ـ إنت ما روحتش الشغل إنهارده ؟
أدرك أنه سيقع فى مصيبه إن كشف أمرهم ، تعالت طرقات والدته مع إلحاح تام للاجابه :
ـ زيد إنت ما بتردش ليه ؟
رفع طرف بنانه نحو فمه ليشير لها بالسكوت وحركت رأسها بالقبول ووضعت يدها أعلى فمها
لتضمن أنها لن تخرج أنفاسها "ونيسه" إن علمت بما حدث لن ترحمها
تحمحم "زيد" ليرد بنبره طبيعيه :
ـ ايوا يا أمى
قالت "ونيسه" بإقتضاب :
ـ افتح الباب يا زيد عايزاك
زاغ بصره من طلبها وإذدات "صبا" توتر ولوحت له بالنفي مع التاكيد لكنه كان مجبر والدته
معتاده أن غرفته بإستمرار مفتوحه حرك رأسه أن لا فائده فأمسكت بيده حتى تمنعه لكنه
حرك رأسه ليطمئنها مستمر بإشارته نحو فمه لها بالسكوت ،اخرج "المفتاح من جيبه
ووضعه بمكانه وارارده ليفتح الباب قليلا مخفيا نصف جسده ويده ممسكه ب"صبا"
بجواره خلف الباب تواجه مع والدته بثبات وهو يسألها بنبره مستفسرا :
ـ فى حاجه مهمه ؟
أجابت "ونيسه" وقد إتضح عليها الضيق :
ـ إنت روحت جبت مقصوفة الرقبه صبا إمبارح ليه ؟
إتسعت عين "صبا" فورا ذكر إسمها بينما "زيد" يحاول أن يرد بثباته المعتاد حتى لا يثير شكوكها :
ـ انا روحت لعمتى عشان مريم وهى أصرت تيجى معايا
تأففت "ونيسه" بزنق وأظهرت هذا عبر إطلاقها سباب لاعن :
ـ جاتلها مصيبه من تحت الأرض ربنا يخلصنا منها زى ما خلصنا من أمها
كادت "صبا " أن تدق الارض من أسفلها لكن "زيد " ضغط على معصمها لتهدء أضافت "ونيسه"
بحنق :
ـ المهم أخوك بلال حط عينك عليه وحذره ممنوع يجى جنب البت دى ويقعد عاقل زيك
ظهرت إبتسامه واسعه على وجه "صبا" لمحها "زيد " بطرف عينه وفهم أنها سخريه تامه
فقاطع "زيد" والدته وهتف :
ـ حاضر ممكن تسبينى ارتاح شويه قبل ما مريم تصحى
حركت "ونيسه" رأسها بالقبول وقبل أن تستدير سألته :
ـ إنت مش رايح الشغل إنهارده ولا إيه؟
اجاب قائلا :
ـ هروح بس متاخر شويه عن إذنك
تركته "ونيسه" واغلق الباب فورا ليلتف ل"صبا" التى سرعان ما زجرته :
ـ شــــوفـــت أمــــك
رد عليها مغتاظا :
ـ إي شوفت أمك دى ما تحسنى ملافظك ونيسه لو عرفت إنك كنتى بايته فى أوضتى هتقيم عليكى الحد
هتفت بتعصب من إلقاء اللوم عليها ناسينا نفسه :
ـ ولو عرفت إن إبنها قفل الباب عليا ومش عايز يخرجنى من الاوضه هتعمل فيه إيه ؟
أجفل من تعصبها وشعورها دوما بالاحقيه فى الرد حتى وإن كانت مخطئه :
ـ الصبر من عندك يارب
فتح الباب لينظر بالخارج حتى يتأكد أن الممر خالى وآمن لخروجها ثم عاد ليدفعها للخارج قائلا :
ـ إتكلى على الله قبل ما ارتكب جريمه فيكى
هرولت سريعا نحو غرفتها كالمجنونه لكن لسوء حظهما أن رأى "بلال" خروجها من غرفة "زيد"
وهذا أثار بداخله شكوك غير بريئه فأخرج هاتفه ليسجل هذا .
"فى مكتب فايز الواصل "
تهلل وجهه فور رؤية"حكيم وعامر " يدخلون إليه فقد علم من تعابير وجوهم انه وصل على غايته
ولج "حكيم" بوجه بشوش يصافحه بحراره قائلا :
ـ اخبارك يا جاج
ابتسم "فايز" وهو يرد عليه :
ـ الحمد لله,اخباركم إنتوا
صافحه "عامر " ومال إلى يده ليقبلها هاتفا :
ـ سيدى وحبييى يارب تكون بخير
مسح على رأسه بلطف وابتسامه الرضا تتسع على ثغره
ـ بخير يا عامر
جلسوا فى مقابله وإنتظر "فايز" سماع ما يريده بفارغ الصبر لكن بثبات وجلد لم يجعله
"حكيم" ينتظر وتحدث متمهلا :
ـ دلوقتى يا حاج عشان ما نحرجكش جينالك هنا فى المكتب بعيد على الدار عشان لو رفضت
ما نحسش بحرج يعنى لا لينا ولا ليك مع إنى والله أشهدلك إنك عمرك ما ردتنى فى طلب ولا أحرجتنى
إكتفى "فايز" بإبتسامه وحرك رأسه بهدوء وتريس رغم تحفزه للموضوع
إسترسل "حكيم " وهو يوزع نظراته بين عامر وفايز بابتسامه لطيفه :
ـ كنا جايين نطلب إيد "صبا" بنت إبنك "حسين" ل "عامر " إبنى
لجم "فايز" ضحكته الفرحه وسكت قليلا ليستمع باقى حديثه بصمت :
ـ طبعا حقها هتاخده وزياده واللى تؤمر بيه حضرتك والباش مهندس حسين ورأى حضرتك الأول والاخير
وزع نظراته بينهم دون أن يعلق حتى أثار فى نفوسهم القلق وبدأ الشك يغزيهم من إحتمال رفضه ،اخيرا
نبث فم "فايز " بعد مده لا بأس بها من الصمت قائلا بَرؤيَهْ :
ـ عامر دا زين الشباب وأنا متوقع منه إنه هيصون بنت خاله بالنسبه ليا انا ما ارفضوش أبدا لكن ابوها
لازم ناخد رأيه
سعد "عامر" بإثنائه عليه فهب من مقعده ليقبل يده شاكرا :
ـ الله يخليك لينا يا جدى
حصل "فايز " على ما يريد وجائه العريس المنتظر دون أن يعرض عليه ،مسح على رأسه بحنو
وبرضاء وهو يقول :
ـ كبرت يا عامر وتانى أحفادى هشوفه عريس وهشوف عياله ربنا يبارك فيك يا ولدى
كلامه كان يسقط على قلب "عامر " بالسعاده فثناء جده عليه غير أى ثناء ممكن يلقى عليه
مع حبه وفخره بجده القليل منه كثير،نفس الشعور كان من جانب "حكيم " بدأ يستبشر بالقبول
فإن رضي "فايز" لن يجرأ أحد على الرفض .
إنتهت مقابلتهم وغادروا مكتبه ليعبث هو بأزار هاتفه بحثا عن رقم ولده "حسين " ليزف إليه
الخبر بالنسبه له "عامر " مناسب جدا قريب بما يكفى له ليأتمنه على" صبا" إضافة أن حفيدته
البعيده ستصبح إلى جواره للابد وايضا سيطمئن عليها بعيد عن زوجه والدها
ـ أيوا يا حسين
أجابه "حسين" بسعاده للاتصاله :
ـ ايوا ياحاج دا إيه النور اللى هل عليا دا
هتف "فايز" بسخريه :
ـ والنور دا كان مستنى أتصل عليه من يوم ما رميت بنتك عندى وإنت ما بتصلش
أسرع "حسين" بالتبريرمرتبكا :
ـ الشغل ما بيرحمش والله يا حاج
قطع عليه "فايز" الحرج هادرا بجديه :
ـ خلاص قصروا ,,إيه رايك فى عامر إبن أختك بثينه عريس لصبا
صمت قليلا وهو يحاول إستيعاب الامر فسأل بدهشه :
ـ هو عامر كبر إمته ؟
هدر "فايز" ساخرا :
ـ من وقت ما بطلت تيجى عندنا
قال "حسين " مبرار :
ـ هو بإيدى ياحاج الشغل و.....
قاطعه "فايز" من جديد هادرا بصارمه :
ـ موافق على عامر ولا لاء
لم يسمح "حسين " لنفسه بالتفكير اخيرا ستنهي أزمة إبنته وسيرتاح باله من ضغط زوجته
وضغط إبنته المستمر بالعوده ورفض زوجته رعايتها فتهلل قائلا برضاء تام :
ـ هو إنت هتختار حد وحش برضوا ياحاج بس خلى بالك بنتى وانا عارفها
مش هتوافق بسهوله
هتف "فايز" دون إكتراث :
ـ طالما موافق سيبها عليا إحنا فى الحاجات اللى زى دى ما بناخدش رأي حد بنعمل الصالح
سلم "حسين" زمام الامر كله لوالده :
ـ اللى تشوفه ياحاج
أخبره "فايز" قبل إنهاء المكالمه :
ـ الاجازه الجايه بتاعتك هتكون قراية الفاتحه
"لدى صبا"
كانت تجلس مع "مريم" وتلاعبها كعادتها وبدأت "نجلاء" تتركهم معا لعدم حاجتهم اليها وإندماجهم
التام معا مشطت شعرها ورفعته لأعلى وبدأت تغرقها بالقبل لجمالها الذى يبرز بالاهتمام سألتها :
ـ نعمل إيه بقى إنهارده ؟
تصنعت التفكير لتشاركها معها فأشارت "مريم " بطرف بنانها للاعلى وهى تقول :
ـ فووو فووو
حاولت "صبا" فهمها ومع تكرار إشارتها وكلماتها التى تفهم بصعوبه نابت عنها "صبا" قائلا:
ـ نطلع فوق ...أما فكره انا ما طلعتش ولا مره فوق يلا بينا
قفزت وهى تلتقطها إلى أحضانها وتركض بها مستخدمها إشارتها فى الاتجاه المؤدئ نحو الأعلى
وطأت قدمها ذاك المكان المفتوح وإتسعت عينها من روعة ما رأت الارض تفترش بالنجيله الخضراء
بإمتداد واسع والالعاب الكبيره التى تصتف على كلا الجانبين من شبكه للقفز وأرجوحه وأيضا مسطحات
مائله لتزلج وركن هادئ بكرسى فوقه ورود وإلى جانب اخر مسبح مضغوط بالهواء انطلقت بجنون وحماس
ترفع ذيل عبايتها وتطلق ساقها للرياح وهى تقهقه عاليا بفرح وسعاده قائله :
ـ إيه الحلاوة دى ؟ عالم ديزنى دا كان مستخبى عنى فين ؟
بدأت بأدة القفز وتبعتها "مريم" لتقلد جنونها ومرحها وكأنها وجدت نصفها الاخر تعالت ضحكاتهم معا
حتى أحدث ضجتهم وصوت ضحكاتهم العالى إنتباه "زيد" الذى كان يجلس فى الطرف يعمل بصمت
وإلى جواره كومه من أعقاب التبغ ومخطاطات كثيره لعمله كان متمددا بأريحيه فإعتدل بارتباك ،مسح على
وجهه مندهشا من حضورها المباغت وعفويتها الطاغيه فى التعامل بحريه وكأنها فى العالم لوحدها تابعها مده
قصيره ثم إلتف وكأنها غير موجوده الشئ الوحيد الذى جعله يقلع عن غضبه عليها هو سعاده "مريم " معها
وضحكاتها التى كادت تنعدم فى الفتره الاخيره حاول التركيز فيما يفعل لكن نداء "مريم" ما جعله يلتف رغما
عنه عندما نادته :
ـ بابا
رمى نظره تجاها فرأئها تقبل نحوه بخطوات سريعا وسعيده لاحظ أيضا تصنم "صبا" وثبوتها فى مكانها
بخجل ضم إبنته إلى أحضانه واشار لها برأسه لتقترب لكنها كانت متردده تماما فى ألاقبال إليه بعد ما حدث
بينهما صباحا فأشار بطرف بنانه ليحسها على القبول وبالفعل إستجابت متجاوزه قلقها ورهبتها منه وحرجها
اشار لها بالجلوس فور جلوسها فحدث "صبا " بلطف وهو ينظر بإتجاه ابنته ويداعبها اطراف أصابعها :
ـ إي طلعك هنا يا مريومه ؟
تقطعت إجابة "مريم" لكنها كانت واضحه :
ـ صاصا نلعب هنا مع بعض مع بعض
ظهرت السعاده فى عينه وهو يستمع إلى كلماتها الجديده على مسامعه والتى كاد يفقد الامل فى سماعها
اعتدل فى جلسته وسألها غير مصدقا :
ـ إي بتقولى إيه ؟
كررت "مريم" دون خوف :
ـ صاصا نلعب صاصا حلوه
ضحكت "صبا" على كلماتها وكأنها رأت لتو بناء شاهق من صنع يدها لترد عليها بفرح :
ـ أنتى اللى حلوه "مريم" حلوه
قلدت اسلوبها لتضحك "مريم" بصوت عال وتكرر كلماتها :
ـ انا حوه بابا انا حوه
ضمها إلى صدره وهو يقول فرحا :
ـ إنتى أحلى مريم فى الدنيا
الجوه المفعم بالحب والضحكات كان يريح "مريم" ويمنحها الامان الذى كانت تفتقده بعد وفاة والدتها
والذى جعلها تدخل فى صمت طويل وحالة نفسيه معقده بدأت بالانتهاءبعد حضور" صبا" وإهتمامها بالتلاشي
إلتف ل"صبا" ليسألها بإمتنان :
ـ إطلبى اللى إنتى عايزاها وانا هعملهولك
نظرت له "صبا" دون فهم ولاحظ هو ذلك فوضح قائلا :
ـ عشان اللى عملتيه مع مريم أنا ملاحظ التحسن اللى وصلتلوا من وقت ما قربتى منها
كان عرضه سخى للغايه ومغرى نظرت له بتمعن لتسأل بتوكيد :
ـ أى حاجه أى جاحه ؟
نظر لها بثقه وهو يرد عليها بعزة :
ـ عندك شك إنى ما أقدرش أنفذ
بحثت فى ذاتها ما أكثر ما تحتاجه ما الذى من الممكن أن يقدمه لها شخص مثل "زيد" وبدقيقه واحده
من التفكير تأكدت أن "زيد" خصيصا من الممكن أن يمنحها أكبر شئ تحتاجه خاصتا فى هذه الفتره
تعجب من صمتها فهتف هو :
ـ أيه صعب للدرجادى ولا مش محتاجه حاجه ؟
لم تتردد فى طلب ما تحتاجه لعل ذلك يعينها على العيش فى هذا المنزل للمده القادمه :
ـ عــــايــــــزه حــــمــــايــــه ؟
طلبها بالفعل جعله يرمش رغما عنه نفض رأسه بدهشه من طلبها ، فنظرت له بعمق وتحدى
واستفزته قائله :
ـ إيه ما بتقدرش ؟
إشتم أنفاسه وهتف واثقا :
ـ إنتى بتطلبى الحمايه من "زيد الواصل " وإنتى اصلا فى حمايته فلو عايزه حمايه مشدده يبقى ليكى اللى إنتى
عايزاه
تلاعبت بحاجبيها وهى تتحدث إليه بدهاء:
ـ انا عايزه حمايه من أهلك يا إبن الواصل
إنزلقت "مريم " من أعلى قدمه لتعبث بأوراقه من على الطاولة الصغيره التى امامه مباشرا
لكنه اسرع بأن مال بجسده ووضع اوراقه على اعقاب السجائر الموضوعه فى الحاويه وإتضح
عليه الانزعاج وهو ينمتعها مشيرا اليها :
ـ روحى إلعبى بعيد يا مريم سيبى الورق
تحركت "مريم" فى اتجاه إشارته وبدأت بالعب لاحظت "صبا" إنزعاجه ومحاولته فى التخلص من اعقاب
التبغ الخاصه به فى أقرب حاويه فسألته بفضول :
ـ إنت بتشرب من زمان
اجاب وهو يخفى اثار كل ما فعله وكأنه خائف من أن يكتشف امره امام ابنته :
ـ ايوا بس من وقت ما خلفت مريم وانا مش بشرب قدمها بخاف أذيها ،أنا أب فاشل فى العموم
ومريم هى اللى ربتنى
أردف مازحا دون إبتسام عميق:
ـ يمكن لو كنت جبت ولد كان زمانه شرب معايا
ـ إنت بتحب مريم لدرجادى ولا عشان كنت بتحب مامتها
سؤالها المباغت جعلته يرفع رأسه بإتجاه بسرعه ورمقها بحده حتى هذا السؤال لم يكن مسموح لها كيف
تجرأت على طرحه لكنه اجاب بأنفعال :
ـ بحبها عشان بنتى بحبها عشان حته منى
شعرت بالخجل من نفسها عندما سألته هذا السؤال العفوي وإنفعاله جرحها صمتت قليلا لكن قفز ألى ذهنها
الدميه التى وجدتها فى أغراضها فوثبت راكضه من مكانها لتغادر المكان بأكمله
تابع خروجها السريع من المكان وتأنب ضميره لمحادثتها بهذه الفظاظه حاول تخفيف ألمه وعاد ليدخن لكنه
تراجع لوجود "مريم" قى نفس المكان عمد إلى اوراقه من جديد يحملق فيها دون إنتباه فقط شئ يشعر به أنه
مشغول ويوهم عقله الشارد أنه منتبها إلي عمله ، مريم الى جواره كانت تلعب وتثرثر بعشوائيه وكأنها تعوض
سنوات الصمت التى قضتها دون ثرثره لم يعرف كم مر من الوقت حتى سقط امام عينه دميه تشبه وجه "صبا"
وخصلاتها وفمها الصغير كاد يشرد لكنه إنتبه إلى صوتها الرقيق وهى تقول :
ـ العروسه دى لاقتها فى الاكياس اللى اشترتها مش عارفه هى بتاعة مريم ولا جات غلط
امسكها "زيد" من يدها وتفحصها بأطراف أصابعه كان يود إقتنئها الشبه الذى بينهم لن يتكرر
حتى خصلات شعرها البنيه المموجه كأنها صنعت من خصلاتها لم يترك بها أنمله لم يمرر لمساته
عليها شرد بها قليلا حتى اخرجته "صبا " من هذا الشرود هاتفه :
ـ سرحت فى إيه تانى ؟
أنتبها إليها ووضعها على الطاوله القريبه بلطف كان يود الاحتفاظ بها لنفسه لكنه كان يريد إهدائها إليها
تجمجم ليجيب بإقتضاب:
ـ انا كنت شاريهالك
تفاجأت من إجابته وأشارت إلى صدرها قائله :
ـ ليا انا
وزع نظراته بين الدميه وبينها وكأنه يتأكد من الشبه الخطير بينهما ثم ثبت نظراته على الدميه ليقول
بهدوء:
ـ ايوا مش إنتى اديتى السلسله بتاعتك لمريم
اختطفتها من امامه لتمسح على رأسها وهى تقول بإعجاب وعيون لامعه وكأنه أنزل على صحرائها ماء منهمر :
ـ اول مره حد يدينى هديه والهديه اللى كان نفسي فيها
سألها وهو يضم حاجبيه مستفسرا :
ـ كان نفسك فى عروسه
ضمتها إلى احضانها وأجابت بطفوله وزينت ضحكتها وجهها وشكرته بفرح :
ـ أوى ..... شكرا أوى
كان من السهل على "زيد" إلتقاط بساطتها وسهولة رضائها التقط هاتفه من أعلى الطاوله
ليعبث به قليلا ومن ثم وضعه على أذنه قائلا :
ـ اتنين بيتزا كبار من فضلك ابعتهم على قصر فايز الواصل
إنتبهت إلى حديثه فإتسعت عيناها فأزاح الهاتف عن أذنه ليسألها بجديه :
ـ عايزه حاجه تانيه ؟
عادت إبتسامتها الطفوليه تفقز على وجهها ونفضت رأسها اخفي إبتسامته واضاف :
ـ هات كمان أربعه شاورما فراخ ولحمه
وضع هاتفه على الطاوله وأضاف محذرا :
ـ خلى بالك الحاجات دى ممنوعه منعا باتا تدخل القصر لو "ونيسه" لمحتها هترميها برا
هتفت بامتعاض :
ـ ليه يعنى ؟هى كل حاجه لازم تتحكم فيها
مط شفاه وأخبرها الاجابه :
ـ هى ما بتحبش حد يكسر قوانينها ومش بتحب الوجبات السريعه
عادت إلى تذكرته أنها فى حمايته وهدرت وهى تعتدل فى جلستها :
ـ بس طبعا الكلام دا ما يمشيش عليك
إبتسم ساخرا من شعورها بالقوة التى تستند عليها دون وضع حساب لقوة "ونيسه" سيدة المنزل
هدم احلامها وقال :
ـ لاء ازاى كلام "ونيسه" فى اللى يخص بيمشي على الكل حتى على جدى فايز نفسه
صعقت من اجابته وانتابها القلق من أنه قد لا يستطيع حمايتها منهم فهتفت بقلق :
ـ يعنى إي ؟ إنت طلعت فوتوشوب ولا ايه ؟ اومال كبير والكل بيعملك حساب
تذكر ان يعاتبها عن ما فعلته به امس فمال بجذعه واشار لها ان تميل هى الآخرى فأطاعته
همس مدعيا الحنق:
ـ بذمتك الكبير كان هيسمحلك تلعبى فى وشه بالفلاتر زى عملتى إمبارح ؟
عضت طرف شفاها فورا لتحبس ضحكاتها ما إن مرت امام عيناها صوره التى التقطتها فى غفلة منه
تراجعت عنه وقررت الهرب من امامه ،إنطلقت نحو "مريم" لتزف إليها الخبر هاتفه بسعاده :
ـ مريومه هنتغدى إنهارده بيتزا وشاورما
لم تفهم مريم قصدها لكن قفزت تهلل معها وتركض ورائها ع الارجوحه لم يكن شئ قليل لدي
"صبا" أن تتناول طعامها المفضل امام كل ما تصنعه "ونيسه" ولم تستسيغه ابدا وفى منفاها هذا
شئ كهذا بالتاكيد سيفرحها .
لدى "مها "
جلست إلى جوار "رشدى" اخيها وقدمت إليه بعض من قطع الكيك لكنه لم يكن يريد أيا مما تقدمه
فصاح غاضبا :
ـ ما تقوليلى جايبانى على ملاء وشى ليه يا مها ؟
هتفت بابتسامه بارده :
ـ الجو بتاعك جالها عريس وابوها موافق
قفز من جلسته كمن صعق :
ـ اوعى يكون قصدك على "صبا"
مطت شفاها ببرود وحركت رأسها بالايجاب ليزداد إنفعالا ويمسك بجانبى رأسه :
ـ لااااا دا أنا أروح فيكوا فى داهيه
وقفت إلى جواره وهتفت بانفعال مشابه لانفعاله كي تردعه :
ـ جرى إيه يا "رشدى" هو اللى خلقها ما خلقش غيرها
لم يكن فى وعيه لإدراك أنها ليست النهايه لكن جن جنونه لشعوره أنها ستفلت من بين يده
بعد مده طويله قضاها فى محاولة رمي شباكه عليها دون فائده لذا هدد بيمين معظم حاد :
ـ يمين بالله يا "مها" لو ما اقنعتى ابوها بالجوازه دى لأكون مسيح دمها مش بعد كل دا
تضيع كدا من إيدى دا انا قاعدلها بقالى سنين زى البيت الوقف
طوت "مها " يدها إلى صدرها وأبدت عدم الاهتمام وهى تهدر :
ـ سيح يا رشدى دمها هى كدا كدا ما تلزمنيش
اطبق كفيه على ذراعيها وجحظت عينه مهددا اياها :
ـ طيب إباكى ما تسعدنيش وأنا اخسرك كل فلوسك اللى معايا
دفعت يدها عنه وصرخت به :
ـ إنت بتهددنى يا رشدى
أجابها بتحدى سافر :
ـ ايوا بهددك كدا كدا الفلوس اللى عندى ما عندكيش إثبات عليها ويا كدا يا تساعدينى
فى إن الجوازه دى ما تتمش
مسحت وجهها بضيق ولعنت غباؤئها فى إعطائه مالها دون إيصال أو حتى إثبات للمتاجره به ومضاعفته
فكرت قليلا انه لن ينفذ تهديده لكن غضبه ما دفعه لهذا لكن عليها الاحتياط وأخذ الحذر حتى لا تخسر اخيها
وتفقد مالها :
ـ رشدى انا مش هاخد على كلامك دا وبرضوا ماعنديش حيله تمنع الجوازه دى البنت كبرت وسبق ورفضتك
وانا ضغط عليها وطرتها للبلد عند جدها وبرضوا ما اترجعتش الموضوع كله خرج من إيدي
لم يستوعب كل ما قالته يريد تنفيذ غايته ولو بالقوة لكنه لآنا معها ليقول بنبره خبيثه :
ـ برضوا إنتى مش هتغلبى دا انا اخوكى حبيبك
زفرت انفاسها بضيق فلم يكن فى رأسها أى حيله لتستخدمها فى السيطره على "صبا "
سألها بمكر :
ـ حسين اتبقى له قد ايه ويرجع
أجابت باقتضاب :
ـ شهرين
حرك رأسه وهتف متاملا :
ـ يبقى لسه قدمنا وقت
"فى غرفة زيد"
اتجه نحو خزانته يقطر الماء من خصلات شعره المجعده الطويله المترميه بعشوائية فوق جبهته يرتدى شرشف
ذو أكمام ناصع البياض عقلة يفكر بشرود كعادته ،دوماً يبدوا منفصلا عن الحياه كأن جسده يخطو على الارض
ورأسه شارد فى السماء فتح خزانته وإذ به يتفاجى بجسد آخر متكور بأرضيه الخزانه،إختفت دهشته عندما تحقق من ماهيتها وصر على أسنانه فى محاولة لكبح غضبه الذى ظهر جلياً من صوته الساحق بين أسنانه متسائلا :
ـ إنتى بتعملى ايه هنا؟
حدقيتها البنيه التى تراقصت داخل مقلتيها كشفت عن عدم تعمدها ذلك وأنها واقعه بمأزق يجعلها تختبى فى خزانته
رغما عنها هذا ما جعله يهدأ نوعا ما، مد رأسه ليسألها بلطف أقرب للطفوله جسدتها نبرته الهامسه:
ـ هاا بتعملى ايه هنا؟!
إذرئت ريقها أثر ما تعرضت له من إحراج ابدا لم تتعمده وما يخجلها أكثر هو السبب ومع استمرار
سوداوية عيناه بالنظر تجاها بفضول وتكهن، إجابته "صبا" بإرتباك :
‏ـ ااانا كنت بلعب مع مريم استغمايه واستخبيت هنا
لا يعرف كيف أضحتكته من داخله على طفولتها المتأخره رغم ذلك لم يبدوا أى تأثر على ملامحه المتهجمه
طول الوقت وكأنه خُلق عبوسا لكن حقا كان يقهقه بداخله ابتعد من امامها ليسمح لها بالخروج قائلا
وهو يشير لها ببرود:
ـ بعد كدا ابقى إستخبى فى حته تانيه مش ضروري فى الاوض وبالذات فى الدولايب
نهضت متعجله ومع تعجلها اصتدمت رأسها بحامل الملابس المعدنى تأوهت بصوت منخفض خشية من شماته
المتوقعه وعوضا عن الحرج الذى انتابها من الموقف برمته صاحت بعصبيه عليه :
ـ لى يعنى مانعلبش فى الاوض ما البيت كبير ولا هى تحكمات وخلاص
رفع حاجبيه متعجباً من عنادها الذى يُستفز من أتفه الاسباب وطالعها ببرود متسائلا :
ـ معقول مش فاهمه ولا بتستغبى ؟!
تهجم وجهها وهى ترد عليه بطريقه هجوميه تكاد تصل للتشابك بالايدى :
ـ ايه بستغبى دى؟ وايه يعنى لما العب واخد رحتى مع مريم هو انتم هتحجروا علينا؟!
سبق وقولنا إن دا بيتى زى ماهو بيتك وماحدش ليه يقولى انتى هنا بتعملى ايه ولا ماتجيش هنا و......
فاض به من حديثها المستفز وثرثارتها الكثيره والتى من فرط سرعتها تكاد لا تفهم وكأنها لغه مختلفه
عن كل لغات العالم قاطعها بجديه وعينه تقدح شرارا:
ـ وسبق وقولنا برضوا إن البيت فى شباب ولازم تراعى تصرفاتك ما ينفعش تدخلى أوضهم وتستخبى
فى دولايب ولا هتحطى نفسك فى موقف بايخ زى اللى انتى فيه دلوقت وبتكابرى .
انتهى وكعادته يفحمها.
تفهمه متأخر ودوما يكون محقا لم تجرأ حتى على الاستمرار بالنظر الى عينه فرت هاربه من أمامه
بل من الغرفه بالكامل .
لم تتابعها عيناه واكتفى بإرشاد صوت خطواتها بالمغادرة
زفر انفاسه على مهل ليرتب ما بعثرته هى بحضورها واستفزازها وطفولتها كل وقت يمر وهى معهم تحت سقف
واحد تثبت أنها لن تمر مرور الكرام ستفعل ما لم يفعله أحد وإن لم تفعل فقد تركت ذكريات وبصمات لا تمحى
فى أركان هذا البيت المظلم، كل يوم يتأكد أنها إمرأة لا تُنسي ،إمرأة خَطره.




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close