رواية وكانها عذراء لم يلمسها احد من قبل الفصل الحادي عشر 11 بقلم اسما السيد
الفصل الحادي عشر
من رواية/
وكأنها عذراء
لم يلمسها احد
اسماالسيد
ما وجدت أقسى من قساوة القلوب علي بعضها، وما رأيت اوجع من الشعور بالوحده وفقد اثر الذكريات، ونسيان ما فات جبرا
ما أقسى تلك اللحظات التي تكون علي يقين فيها أنك لو ظللت تبكي العمر بأكمله لن يكون هناك من يواسيك، ولن تجد من سيترك العالم اجمع ليخبرك اسرد ما بقلبك انا هنا ملجأك ومسكنك، يخبرك ان لا تهتم قل ما شئت فقلبي ملجأ وذراعي هنا مسكن لك و بالطبع اتفهمك، حقا ما اقسي الوحده ؟
وكأنها عذراء.. أسماالسيد..حصري لجروب وبيدج أسماالسيد
انها حتي لا تعلم ما اسمها، تحاول وتحاول ولا فائده ، لا فائده من محاولاتها التذكر مهما فعلت انها لا تعلم أي شيء عن حياتها ولا كيف اتت ولا وصلت لهنا؟
البكاء كان حالها الوحيد منذ استيقظت من تلك النومة الاضطرارية التي كانت تنامها، البكاء وضغط عقلها وجلستها بتلك الطريقه هما ملجأها الوحيد
انها تري الشفقه من كل من حولها، تري تلك النظرات المشفقه عليها، وتشعر وكانها ليست غريبه عليها، تشعر بذعر وعدم الفه بذلك المكان ولولا تقيدها بتلك المحاليل الطبيه اللعينه وعدم اتزانها ما ان استقامت لهرولت وهربت من هنا.
حاولت مره بعد مره ان تقف وترحل ولكن قدماها لم تسعفها فاستسلمت لتلك الجلسه علي الفراش تغطي وجهها بشعرها الذي يأست من الشد والتقطيع به في محاوله بائسه منها ان تتذكر اي شيء، الا ان شعرت بتلك الاقدام التي وقفت امامها، وتلك الانفاس العاليه وكأن احدهم كان في سباق ووقف عندها
رفعت راسها بهدوء الي ان وقعت عيناها علي ذلك الذي وقف امامها ينظر لها باهتمام وصدره يعلو ويهبط، لتردف بتعب
ـ انت مين..انت تعرفني صح؟
ما ان وقف امامها الا وشعر بذاك الشعور القاسي الذي لازمه طيله فتره غيبوبتها ، الندم، وانه سبب مأساتها ومهما فعل لن يستطيع ان يصلح ما فعل
لم يستطع فارس النطق بكلمه فقط غيمة من الدموع اغشت بصره وهو يري أمامه فتاه علي قدر مرتفع من الجمال ، شحوب وجهها وشعرها المبعثر بعشوائية علي وجهها لم يقلل من جمالها بل زادها براءه
فتاه تنظر له وكأنه خلاصها او منقذها الوحيد، وتنتظر كلمة منه
اقترب بهدوء منها واغتصب ابتسامه علي وجهه
وهي تتابعه بعينيها الي أن جلس امامها علي حافه الفراش
ـ انا…اه انا اعرفك
تهللت اسارير وجهها فجأة وهتفت علي الفور
ـ بجد تعرفني طيب انا مين؟، وانت مين؟ اسمي ايه؟
اغمض عينيه يتذكر كلمات جده الذي اخبره بها حينما هاتفه علي الطريق واخبره
( اوعاك والكدب ياولدي خبرها كل شيء وفهمها الحقيقه وهي تختار تسامحك او تقدم فيك شكوي وانك هتقبلها بردك خبرها انك مهما عملت هتتجبله لانه حقها، وفي الحالتين احنا مش هنسيبها واصل هي ملزومه مننا )
ـ انت سكت ليه ..ارجوك قولي انا مين؟
ابتلع ريقه وهتف بترو:
ـ هقولك كل حاجه ، بس اوعديني تهدي..
اومأت برأسها بلا استيعاب لأي من حديثه..وبدأ هو بسرد الحكايه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقف يزيد أمام باب الغرفه التي احتجزوها بها بالمشفي شاخصا ببصره في الفراغ لا يصدق للان ما يحدث معها ومعه تحديدا، ومن ذاك الشاب الذي يلاحقها، لغز كبير خلف الحكايه وعليه حله، وقبل كل ذلك عليه حمايتها أنه حقا الان بدأ يفكر بحل والده وجده
أغمض عينيه بتعب، لقد مرت ساعتين منذ تلك اللحظه التي أخرجها بها من المياه..
للان لم يستوعب ما حدث، عقله سينفجر كل شيء توقف فجأة من حوله وبقي همسها بإسمه التي همست به بعدما فقد الامل من أن تفتح عينيها وتستجيب لمحاوله انعاشها، بعد اخراجه لها من المياه يتردد بأذنيه
مال برأسه علي ذلك الباب الذي يفصله عنها، يحاول بضراوة أن يستعيد توازنه ولكن بقي كما هو في شتات..مشتت الفكر عقله يعمل هنا وهنا
الا أن فاق علي صوت جده القلق
_ اتأخروا جوي يايزيد ياولدي حد يطمنا ياولدي جلبي جايد نار ..
_ اهدي يابوي هو اللي حُصل شويه عاد دي كانت ماتت وربنا كتبلها عمر تاني ..نحمد الله
_ الحمد لله صوح ياولدي الحمدلله.
انتفض يزيد ما أن فُتح باب الغرفه وخرج الطبيب
_ طمني يادكتور..
_ الحمدلله ياجماعه اطمنوا عملنا اللازم واسعفناها بس هتفضل شويه بالعنايه علي مانطمن علي التنفس وان كل حاجه ماشيه طبيعي..اللي حصل مش شويه..هتفضل هنا معانا شويه
لم يصدق الجد الطبيب وهتف بقلق :
_ جد ياولدي بنتنا بخير ولا عم تضحك علينا طمني الله يطمن جلبك يارب..
_ صدقني ياحاج بنتكم بخير وشويه وهنطمنكم عليها خالص ..
_ الحمدلله ياولدي . الحمدلله
هتف يزيد الصامت تماما بالطبيب
_ ممكن ندخلها..
_ حاليا صعب انت عارف هي في العنايه ومحدش بيدخل شويه كده وممكن اسمح لواحد بس يدخلها..
______
صوت صراخه ملأ المكان من شده الالم..
_ اهدي خلاص خلصنا..اجمد ياجدع
_ خف ايدك شويه وخلص انا بموت
نظر له سويلم وهتف بامتعاض وهو يلوي فمه..
_ انا مش عارف عليك بايه ده ، ومش عارف هفضل الم فيك من كل حته شكل بردو لامتي، يابني حرام عليك..فوق وخلينا ننتبه لشغلنا..واللي انت عاوزه هنعمله
نظر له ميمس بغيظ، وهتف بغضب:
_ دا وقته..هو دا وقته خلصني ياغبي
انهي سويلم تضميد الجرح، ولفه باحكام، ليسقط ميمس علي الفراش بتعب..
وهمس بتساؤل
_ روح فين..مش شايفها
رفع سويلم حاجبه وهتف به بتهكم:
_ وانت عاوز منها ايه انت مش خلاص..ولا ايه؟
مسح ميمس وجهه بتعب، وهتف بتعب حقيقي:
_ روح فين عاوزها، هاتهالي
استقام سويلم زافرا بتعب من صديق عمره ومن جنانه..
_ حاضر هشوفها مع اني مش متأكد أن كانت هترضي تيجي ولا لا، انا مش عارف ايه اخرت العلاقه دي
أغمض ميمس عيناه بتعب، وهو يهمس بسؤال أخير
_ اطمنت علي ليليا..
كاد سويلم يصرخ به..لولا أن راف بحالته.
_ اه اطمن يزيد لحقها وهي في المستشفي دلوقتي..
همس بتعب..
_ الحمدلله..خلي عينك عليها متفوتهاش لحظه، عنجهيه مش هتجيبها البر
_ تاني عنجهيه الست دي مش كنا خلصنا منها..
_ اخلص من مين اصلي ياسويلم..
القي سويلم نظره اخيره عليه ومد يده ليفتح الباب، ليتفاجيء بمن يدفعه بقوه، ودلف كالملسوع
_ مجد..مجد فيك ايه؟ اللي حصله؟
اندفعت روح لتحتضن ميمس الغارق بالتعب
ايهتف سويلم بغيظ:
_ قطر داخل..ماتهدي في ايه، اهو زي القطط بسبع ارواح..اشبعي بيه يختي
نظرت روح لسويلم بغضب، وصرخت به
_ اطلع برا..
_ واطيه..طول عمرك
_ برا..
خرج سويلم واغلق الباب خلفه بغضب..
ليهمس ميمس بتعب..
_ روح..جيتي
حاولت روح كتم شهقاتها، وحاولت اخراج صوتها :
_ جيت يا مجد جيت لعذابي معاك، جيت واظاهر اني مش هعرف اخلص منك طول العمر
_ وحشتيني
_ بجد يا مجد..وحشتك
مجد..مجد..
ابتسمت بمراره ومدت يدها تجفف حبات العرق التي أغرقت وجهه
_ اه لو تعرف انا بحبك قد ايه..مكنتش عملت فيا وفي روحك كده..
_______
دلف إبراهيم لغرفته التي لم تعد خاليه كما كانت، بعدما حكمت هي الصراع بجرأه لم يكن يتوقعها منها
وهي تمسك بيده وتخبر الجميع أن مكانها معه .
ماذا يفعل الان بها..ايشكرها لذلك الشعور التي أنبتته بداخله
أن مازال هناك من يتمسك به؟
ام يؤنبها علي دخولها العاصف لحياته، بوقت مات به كل شيء..وفقد الشغف لكل شيء
بحث عنها بعينه بالغرفه حتي
وقعت عينه عليها بالشرفه تجلس ضامه قدميها لصدرها وتنظر للخارج بشرود..
وقف أمامها وحاول إخراج صوته لكنه لم يسعفه، ليتنحنح بحرج..
لتنتبه له وتنظر له بأعين اختفت منها البراءه وحل محلها الغضب الطفولي
_ بيلا انا..
استقامت علي الفور لتتسع عيناه من حجم جسدها الطفولي الذي كانت تستره بجلبابها طيله الوقت .
_ انت بتبصلي ليه كده..انا عارفه انك مش عاوزني هنا، وانك مختارتنيش..بس
قاطعها بصدمه..
_ اهدي..انا مش قصدي حاجه، انا بس
نظرت له بتلك النظره التي فتت قلبه ووقعت عينه علي شعرها التي شوهته تلك المجنونه عمته ليسبها بسره مره بعد مره..
ويتفاجيء بها تضرب الأرض بقدمها كالاطفال
_ مش عاوزه اسمع حاجه خلاص..
ليهتف بسره:
_ ايه سيرك الاطفال اللي وقعت نفسي فيه ده..
_ بتقول ايه؟
_ مبقولش والله أنا بس..بيلا انا عارف اني غلطت لما زعلتك بس انا
نظرت له وهتفت بما صدمه .
_ أنا فاهمه و عارفه انك اشفقت عليا من اللي أمي بتعمله فيا، وكنت عاوز تساعدني مش اكتر..انا عارفه وانت مش محتاج تقعد تدور علي مبررات تنقذ بيها الموقف..
من بداية الحكايه انت مخترتنيش بارادك انا كنت فرض عليك..حتي انهارده انا اللي فرضت نفسي عليك واختارت اكون معاك..لنفس السبب اللي فرضته علي نفسك في الاول
_ يعني ايه؟..انا مقصدش كل ده.
_ قولتلك مش محتاج تبرر انا بس كل اللي عاوزاه اكمل تعليمي وصدقني انا مش هسبب ليك اي مشكله في حياتك..خليني مراتك لحد ما اكمل تعليمي بس
_ نعم..
_______
اتسعت عيناها وهتفت بصدمه:
_ انت اللي عملت كده؟
ليغمض فارس عيناه بحزن، وندم
_ صدقيني كان غصب عني، وانا زي ما قلتلك تحت امرك..في اللي عاوزه تعمليه..
نظرت له مليا وهتفت بتساؤل:
_ هو انت لابس ليه كده؟
ادهشه سؤالها، وانتبه أنه بزيه العسكري، ليجيبها بهدوء..
_ دا الزي العسكري، انا الرائد فارس البدري..
_ يعني ايه رائد..
ابتسم وهو يجيب سؤالها بهدوء..لتبدأ بسيل من الاسئله الاخري..
ليجيبها هو علي كل سؤال بصدر رحب ..
لينتهي الأمر بها غارقه بالنوم من أثر العقاقير الطبية، لتهمس بنعاس قبل أن تغلق عيناها .
_ فارس..
_ نعم
_ هو انا لو اشتكيتك هيحصل ايه؟
ابتسم وهتف بحزن:
_ ابدا هتحاكم عسكري وهاخد حكم طبعاً
_ ومش هتلبس البدله تاني..
_ احتمال
_ بس انت شكلك حلو فيها..
ابتسم علي هذيانها الطفولي، وهي تكافح لتبقي أعينها مفتوحه
_ اول مره اعرف اني شكل حلو علي فكره، انتي اول حد يقولي كده
_ بجد..
_ اه والله..
غطاها بالشرشف بحنو واردف بأسف
_ حقك عليا والله ما كان قصدي
_ انت خايف صح
ابتسم واجابها
_ اوي .
_ متخفش مش هشتكيك..
رحلت بثبات بعدها ليهتف هو بحزن
_ ياريتك تشتكيني، احسن من عذاب الضمير اللي انا فيه ده..
انا خايف اه و اوي
بس من عقاب ربنا..علي اللي اتسببت فيه من غير قصد ليكي .خايف اوي..ربنا يسامحني
_______
بعد اسبوع
_ قولت ايه يايزيد ياولدي..
_ ياجدي أرجوك بلاش كده..بلاش تغصب عليا انا استحاله اعمل كده..
_ يبقي بتعصاني تاني ياولدي..وانا المره دي مهسمحكش واصل
_ ياجدي أرجوك..ليليا يادوب اطمنا عليها من يومين..ازاي عاوزني اعمل كده؟
_ أما تعمل انت أكده احسن ما غيرك يعمل ياولدي..
التار نار ياولدي، واول اللي بيتوجع فيه البنته، البدري ليه تار عندينا، وبته وولده ابوفارس مهيسيبهوش واصل ، كل اللي بيصير ده قلبي حاسس أنه من وراهم
_ ياجدي أرجوك..طيب استني بس تكمن عليها وانا هفاتحها بنفسي، دي حتي متعرفش لسه أننا أهلها
_ الليله ياولدي ليليا هتكون مرتك..وخلصنا..
_ ايه..
صرخت تلك التي كانت تقف خلفهم
_ أمي
_ انت بتقول ايه ياعمي، بت مين دي اللي هتكون مرت ولدي، استحاله ياعمي
ليأتيها صوت صراخ رفيع زوجها من الخلف
_ ام يزيد ضبي لسانك ده لهقطعهولك من ميتا الحريم بتتحدت..
_ بس..
_ مباسش ياحرمه..اقفلي خاشمك وامشي حضري لقمه للبنيه اللي راح تاجي اليوم .
وانت يايزيد حضر نفسك راح نكتب الليله
_ يابوي..اسمعني.. ليليا متمتش السن القانوني..ازاي بس
_ ومن ميتا بيحكمنا سن ياولدي ..هنكتب عرفي وبلاش البنته تعرف دلوك
_ لا انتوا كده اتجننتوا رسمي..
_ يزيد الزم حدك واقفل خاشمك
كاد يجيب والده لولا ذلك الدخان الكثيف الذي هب فجأة بالمزرعة..
_ وااه ايش في ياولدي..؟
_ الحج يايزيد بيه المحصول الشتوي بيولع..النار كلت الزرع يابيه...
(ـ وي ...وي ..وي...الخراب الدمار ...وي.. وي..وي)
كانت عنجهيه تصرخ وتدور كالفلكه بمكان الحادث الذي حدث بلمح البصر
ـ وي ...وي ..وي...الخراب الدمار ...وي.. وي..وي
ـ اخرسي اخرسي..مشوها من هنا مشوها من المزرعه حالا
ـ راح تروح ياحزين من شيلة الطين..وووي..وي