اخر الروايات

رواية قد شغفها حبا كاملة وحصرية بقلم سمر خالد

رواية قد شغفها حبا كاملة وحصرية بقلم سمر خالد




                   
هي وردة غرست في أرض ملوثة بالخطيئة يحيطها الأشواك ، تنتظر الأيدي الناعمة التى تنتشلها من وحل حياتها و تسقيها من شهد الإهتمام و الحب..فبدون الحب تذبل و تنحني!
و برحيق الحب تتفتح و ينتشر عطرها..لكن و من الحب ما قتل.
تجلس فتاة ذات ملامح شرقية جميلة فعيونها سوداء واسعة برموش طويلة، و بشرتها قمحية صافية..بوجه مستدير كقرص الشمس، يلتف حوله وشاح باللون الأبيض خفيف يتطاير حولها مع نسمات هواء الربيع الهادئة.
تنظر حولها تتفحص المكان تحاول أن تلهي حالها بأي شئ غير التفكير في حياتها الكارثية.
تنظر جوارها لتجد شاب وفتاة يجلسان معاً و الحب رفيقهم..نعم فعيناهم تشي بكل شئ فالأحباب تصبح أعينهم مرآة تنعكس فيها المشاعر و تتمثل أمامها الأن بوضوح!
فهي بعد ما تخطت التاسع و العشرون من عمرها أصبحت تستطيع أن تحكم على الأشخاص من وجوههم.
لتقفز أمامها ذكرى حب قديم بدأ و لم ينتهي علي الأقل في قلبها مازال حي ينتظر بأمل أن يلتقي بنصفه الأخر ليكتمل.
لتتذكر حديث دار يوماً بينهم و لم تنساه أبداً.

+



                    
- هتفضلي تحبيني دايماً كدة يا رقية؟..أقصد بنفس الطريقة و نفس الشغف..عيونك حبايبي هيفضلوا ميلمعوش إلا ليا أنا وبس؟
تبتسم بحب ثم تنظر لأعلى ثم تشير على السما
- شايف السما يا عمر؟ لو تقدر السماء تلمس الأرض وقتها بس أنا ممكن حبي ليك يقل..عمر أنت بقيت كل حاجة ليا أنا مش شايفة بكرة من غيرك..أوعدك عمري ما أنساك أبداً.
- أنا كمان أوعدك عمري ما حبي ليكي ما في يوم هيقل. 
تعود للواقع وهي تشعر بقلبها يتفتت فهي تشتاقه حقاً و هذا يؤلمها..ليس بإرادتها لكن غيابه يحرق قلبها..تضع احدى يداها على قلبها و تضغط عليه بقوة عله يستكين قليلاً لكن بدون فائدة! 
تنظر في ساعة معصمها لتجد أن الوقت تأخر وحان لها أن تعود للمنزل فموعدها انتهى! 
نعم فهي تأتي كل أسبوع في نفس اليوم..في نفس المكان الذي اعتادا اللقاء به ذلك المطعم الصغير الهادئ..يحتوي على العديد من ذكرياتهم الجميلة التي تعمل كمسكن لقلبها المكلوم. 
تقف و عيناها تدور في المكان مرة أخيرة قبل أن تذهب..فمؤكد أن والدتها تنتظرها . 
تخرج من المطعم بخطوات بطيئة..و عيناها تدور في الوجوه تبحث عنه في كل منهم. 
تستقل سيارة أجرة و بعد قليل كانت أمام منزلها..في حي متواضع تقع تلك البناية البسيطة التي تحتل شقتهم إحدى طوابقها. 
تصعد الدرج ثم تصل أمام باب الشقة..تخرج مفتاح من حقيبتها و تفتح الباب ثم تدلف للداخل بهدوء تخشى مواجهة والدتها و زوجها. 
نعم فوالدها توفى و تركها ووالدتها وحدهما و بعد انقضاء شهور العدة كانت والدتها متزوجة من رجل أخر غير والدها الحبيب! 
و بعدها بعدة أعوام تركت هذا الرجل أيضاً و بعد مرور شهور العدة كانت متزوجة من أخر أكثر شباباً من السابقين...و أخر و أخر..و هكذا! 
تسير سريعاً نحو غرفتها ملاذها الأمن و قبل أن تغلق الباب تسمع أصوات تصدر من غرفة والدتها المجاورة لغرفتها! 
ليتجعد وجهها بمشاعر الإشمئزاز ثم تغلق الباب جيداً بالمفتاح..فهي بعد كل تلك السنوات مع زيجات والدتها المختلفة تعلمت أن تغلق باب غرفتها جيداً دائماً، و لا تخرج منها أبداً. 
تسير نحو فراشها ثم تجلس فوقه و يدها تحل الوشاح الذي يخفي شعرها أسفله..لتظهر من أسفل الوشاح خصلات سوداء ناعمة و طويلة للغاية تصل لما بعد ظهرها بقليل. 
تدلك رأسها بأصابعها و هي مغمضة العينان و بعد قليل تسمع طرقات علي باب غرفتها! 
لتنتفض و تفتح عيناها، ثم تقف و تذهب نحو الباب و هي تسأل : مين علي الباب؟ 
- أنا يا رقية أفتحي ياحبيبتي. 
تسمع رقية صوت والدتها، لتفتح الباب سريعاً لها.. لتستطرد والدتها حديثها : كنتِ فين كل ده يا بنتي؟ قلقتينا عليكي و الله.. دانا و عمك مدحت كنا بنفكر نتصل بيكي على الشغل نسأل عنك هناك. 
رقية بسخرية : عمي!! ده من سني يا ماما إلي بتقولي عنه عمي ده. 
أمها بحدة : بنت أنتِ بقولك ايه..مش كل شوية تقطميني في الكلام كدة..هو عمك علشان جوزي.
رقية بحزن : ياريته جوزك بجد.. لكن أنتي أستسهلتي الغلط و حبتيه خلاص.. و بقيتي تحللي لنفسك جوزاتك العرفي. 
أمها بغضب : لا ياحبيبتي أنا روحت سألت شيخ و قالي أنه مش حرام مادام في إشهار.. يعني ده جواز عادي بس أنتي عارفة انه لولا معاش أبويا إلي بيصرف علينا كنا جوعنا و لو اتجوزت رسمي المعاش هيتوقف.. أنا بتجوز أه عرفي بس بشهود و عند محامي و كل الناس إلي حوالينا عرفين اننا متجوزين... 
رقية : عرفي.. أيوة كله عارف انك كل كام شهر تبدلي راجل و بتتجوزي عرفي. 
تلوي شفتاها بملل و هي تقول بضيق : أنا ميهمنيش حد.. كل إلي يهمني انِ مش بعمل حاجة حرام.. و كلام الناس ولا يأثر فيا. 
رقية بقهر : لكن قصر فيا.. أنا تعبت من نظرات الناس ليا بجد.. أنا زهقت من العيشة معاكي و عمري ما هتقبل أسلوب حياتك الغلط ده. 
والدتها بغضب: ياختي مش عجباكي حياتي روحي اتجوزي.. لكن أقول ايه مانتي قعدالي و مفيش حد بيطلبك سوقك واقف بسبب لبسك المكعبل ده و وشك الي مش بتقربله فرشاة. 
تنظر لها رقية بإشفاق مختلط بالمرارة ثم تذهب جهة المرحاض بغرفتها و تغلق الباب خلفها تاركة والدتها تنظر لها بغيظ.. ثم تلتفت و تخرج من الغرفة بعد ما قررت رقية انتهاء المناقشة مثل كل مرة.. تحاول و تحاول لكن والدتها لا ترى إلا نفسها فقط!

            
( فاتن والدة رقية في الخامسة و الأربعين من عمرها.. إمرأة متصابية بعد موت زوجها الأول و معيل الأسرة لم يترك لها شئ غير فتاة صغيرة.. لتتزوج من أول رجل يطلب الزواج منها.. لكنه كان متقدم في السن فلم يلبي احتياجاتها.. فطلبت الطلاق ثم حصلت على معاش والدها الراحل ليصبح لها دخل ثابت.. و تبدء تبحث عن شباب أصغر منها و تتزوجهم زواج عرفي.. و حين تمل منه تمزق الورقتين و تبحث عن أخر بعد شهور العدة.. ذات جسد رشيق نوعاً ما.. ترتدي دائماً ملابس لا تناسب سنها، و تضع مستحضرات التجميل بكثرة.. )

+



في مكان آخر بنفس الحي... 
يجلس ذلك الشاب أمام الورشة الخاصة به ينظر للعمال و هم يشكلون الحديد و هو عقله في مكان أخر تماماً.. عند حبيبته و مالكة قلبه.. تلك النسمة الرقيقة التي يحلم بإمتلاك صك ملكيتها الحصرية له وحده.. فهي أول من أقتحمت قلبه و جعلته يخفق فقط لنظرة من عيناها.. ليتنهد و هو ينطق اسمها بشفتاه دون صوت كأنه يتذوقه ليشكل فمه اسم( رقية! )
نعم رقية هي تلك الفتاة التي يعشقها، طلب أن يتزوجها كثيراً و هي رفضت ذلك تماماً متعللة بتعليمه المتوسط فهو حصل على دبلوم فني صناعي و هي تخرجت من كلية الطب! 
يأتي شاب من خلفه و يربت علي كتفه و هو يقول : ايه يا عم قاسم سرحان في ايه كدة؟
قاسم و قد نحا أفكاره جانباً : و لا حاجة يا عماد.. أنا بس كنت بحسب حسبة في دماغي كدة .
المهم أنت عامل ايه؟..مفيش جديد عندك؟
عماد بضحك : هيجي منين الجديد يا حسرة.. اديني قاعد مستني الكام ملطوش إلي بتحصل عليهم من شغل الحكومة كل شهر و مبيكفوش حتى حق الدخان.
قاسم بلوم : يابني قولتلك شغل الحكومة ده ميأكلش عيش خليك فيه بس اسنده بشغلة تانية بعد الظهر بدل مانتا بتقعد علي القهوة باقي اليوم كدة.
عماد بضيق : يا عم قاسم الواحد بيتهد في الشغل الصبح عاوز اريح و أعيش حياتي باقي اليوم.. ده غير أن فين هلاقي شغل بكل سهولة؟
قاسم بجدية : تعالى اشتغل هنا معايا أو دور علي حاجة برا و اسعى هتلاقي.. أنا أهو برجع من شغل الحكومة زيك و سعيت لحد ما أجرت الورشة دي و اهي بترزق أنت بس قول يا رب.
عماد : يا رب يرزقني زي ما رزقك من وسع كدة.
ينظر له قاسم بطرف عينه و لم يضيف كلمة أخري فهو يعرف صديقه.. يريد أن يتوفر له كل شيء دون تعب وجهد و هو تعب و شقي كثيراً حتى أجر تلك الورشة و بدأ من الصفر حرفياً حتى أصبح له صيت في مجال اللحام و الحدادة...
يستطرد عماد حديثه الموجه لقاسم : طيب مادام الحالة معاك حلوة و الحمد لله ليه مفكرتش تتجوز يا صاحبي؟.. حتى تساعد الحاجة والدتك و تشيل همك عنها.
يتنهد قاسم و هو يفكر في رقية و كل جزء منه يصرخ بأنه لها و لا يريد أخرى غيرها!
لينظر لعماد : نصيب يا عماد لسة ملقتش بنت الحلال إلي تشيل همي.
عماد بخبث : بص يا قاسم يا صحبي أنا خايف عليك و انت راجل دوغري لا لفيت و لا عرفت ولا صحبت.. متثقش في اي واحدة و ترتبط بيها كدة عمياني إلا إن كنت عارف أهلها وتربيتها كويس..
يرتبك قاسم للحظة ثم يستعيد نفسه : عندك حق يا عماد.. شكراً يا صحبي على خوفك عليا بس متقلقش أنا عشت في الدنيا كتير وأقدر احكم علي معدن الشخص إلي قدامي و اقرأ إلي جواه كمان.. أنا رعيت ربنا في بنات الناس و عمري ما صحبت ومشيت و متأكد ان ربنا هيعوضني خير.

+



ينظر له عماد و هو لا يعرف كيف يعرض عليه ان يتزوج أخته!.. فصديقه هذا لا يصح ان يذهب خيره لأخرى غير اخته( عبير) فمهما كان سيطاله من الخير نفحات هو اخر!
لكنه لا يعرف من اين يبدأ معه الموضوع حتي لا يقل من شئن أخته أمامه.

+



في منزل عماد...
كانت تجلس أخته عبير في شرفة منزلهم تشرئب برأسها تحاول أن تلقي نظرة علي جارها في البناية المقابلة لهم.. تراه أخيراً وهو يمر من أمام شرفته، لتبعد نظرها سريعاً و هي تتحجج بالإهتمام بالعصفورين بالقفص في شرفتها.. وهي تنظر من أسفل رموشها نحوه ثم ترجع بنظرها للعصفورين مرة أخري.
في الشرفة المقابلة لها يخرج ذلك الشاب( عصام) عندما يلمح عبير بالشرفة تبحث بعيناها عنه!
نعم فهو يلاحظ نظراتها التي تفضح اعجابها به، ليبتسم بخبث و هو يهمس لنفسه : مش هتخصر.. مع أن أخوها صحبي بس هي البنت تستاهل اخاطر عشانها الصراحة.
و عند عبير كانت شاردا في مشاعرها تجاه ذلك الشاب عصام صديق اخيها... هي تعرف أن ما تفعله خطأ لكنها تحبه حقاً، لتحاول اقناع نفسها بما تفعله.. أنا بس بحاول الفت نظره علشان يشوفني يمكن أعجبه و يحبني زي ما بحبه و يجي يطلبني من عماد... يااااااه لو يحصل.
تنقطع أفكارها علي صوت عماد و هو يصيح بإسمها.. تضطرب و تغلق الشرفة و تذهب له سريعاً بتوتر.

+



تمر الأيام روتينية علي الجميع...
رقية مازالت تجلس كما هي في غرفتها تتذكر لحظات جمعتها بحبيبها الذي تركها معلقة في حبال حبه كل ما يسندها هو وعد قديم و عدة ذكريات فقط هذا كل شيء.
ذكريات تعيق تقدم حياتها و استكمل طريقها ووعد يكبلها بقيوده الوردية!

+



أما فاتن والدة رقية فقررت الإنفصال عن زوجها الحالي فقد ملته و زادت مشاكله و أصبح لا يجلب لها سوى الهم..فذهبت لذلك المحامي و مزقا الورقتين و انتهى كل شئ بهذه البساطة!

+



و عبير أخت عماد كانت ماتزال تنتظر أن يشعر بها عصام جارها و يبدأ هو بالخطوة الأولى.
التي كان يعد لها عصام جيداً لكنه تركها قليلاً حتى ينضج افتتانها به و يغدو حباً..ليرتشف هو رحيق ذلك الحب كما يحلو له، و لماذا يلام و الزهرة هي من ستسمح له بإمتصاص مشاعرها!

+



و قاسم كان يفكر في رقية دائماً و يدعو الله ان يجمعه بها في الحلال قريباً..كان يعرف والدتها و ما يقال عنها و لكنه هو يعرف أن ابنتها تختلف عنها تماماً..فالفتاة ملتزمة و الكل يتحدث عن اخلاقها و كرمها و مروءتها مع كل جيرانها!
لكن ما يقلقه هو والدتها و زيجتها لرجال بسن ابنتها و سماحها لرجل غريب أن يبقى مع ابنتها بنفس المنزل..لكنه يريد أن ينتزعها من تلك الحياة الخاطئة التى تحياها مع والدتها و زرعها بين ضلوعه و الإهتمام بها.

+



يتبع ...








تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close