رواية قصر الجان كامله وحصريه بقلم هنا عادل
نبذة
اللى جاي ويمكن تتابعوه وتهتموا ان انتم تستنوا نهايته جايز مر عليكم قبل كده كلام زيه كتير، لو من اسكندرية اكيد هتكونوا عارفين ان فيه اماكن بتحصل فيها حاجات غريبة، متعودين على قصص عمارة رشدي، عارفين حكايات مدافن ابوقير وعامود كرموز، شارع النبي دانيال وقصصه القديمة، حتى بيوت المنشية القديمة الاثرية والقصص بتاعتها، واكيد كل مكان فى الدنيا له قصص من النوع ده واماكن مشهورة جدا بيها كمان، لكن اتكلمت على اسكندرية اكتر لأني منها فى الاساس، واللى هحكيه ده محصلش فيها فعلا، ده حصل فى بلد تانية خاااااااااالص ومجتمع تاااااااااني خالص غير مجتمعنا العربي، قصص الرعب كتير وفيها احداث اكتر واكتر يمكن تكونوا صادفتوا فى حكاية شبه حكايتي، لكن المختلف المرة دي....هو ان حكايتي حصلت فعلا، حصلت بتفاصيل تفاصيلها اللى هحكيهالكم، هحكيها بعد ما فات عليها زمن طويل يمكن اكتر من عشر سنين، وقت ما كنت انا بدرس لسه، ولأن دراستي الجامعية كانت فى بلد اجنبي، فطبعا الاحداث كلها كانت بعيد عن اهلي وبعيد عن الدنيا اللى اتعودت عليها، فى البداية الجامعة اللى كنت فيها فى منطقة راقية جدااااااااااااا لأبعد الحدود منطقة راقية لدرجة ان كل اللى فيها قصور وبس، حتى الفيلل والكومباوندات مش موجودة، كلها قصور ابوابها بس تدل على فخامتها ورقيها ورقي الناس اللى فيها اللى انا تقريبا مشوفتش حد منهم، طبعا مكنتش لواحدي يعني اللى طالع ادرس فى الجامعة دي اكيد كان فيه زمايل تانيين معايا لكن مكانوش اصحابي قبل السفر يعني، المهم مع تنسيق ورقنا فى الكلية ومحاولاتنا الكتير جدا فى اننا نلاقي سكن مناسب لينا قريب من الجامعة...للأسف فشلنا، فشلنا جدا لأسباب كتير، كانت اولها المسافة بين الكلية وبين السكن المتاح للأيجار لطلبة عرب، ثانيا المبالغ الأوفر جدا المطلوبة علشان يقبل مالِك يأجر مكان لينا اللى كانت فوق طاقتنا حتى برغم اننا هنجمع مع بعض، ثالثا بقى والاهم الوقت اللى هيضيع علينا فى الطريق رايح جاي للجامعة واللى هياكل يومنا كله، حتى لو حد مننا عنده هدف انه يساعد نفسه او يدور على شغل خفيف كده جنب الدراسة علشان نقدر على مصاريفنا فى البلد الغالية دي مش هيعرف، وعلشان كده اقترح علينا واحد من السماسرة اللى تواصلنا معاهم هناك وقال...طبعا مش هتكلم بلغته يعني:
- ليه محدش منكم فكر ان انتم تدوروا فى المنطقة اللى فيها الجامعة؟
رد ثائر:
- منطقة ايه؟ دي مستحيلة، كل اللى هناك قصور وبس، مفيش عمارة، مفيش بيت اهالي..هههه، ايه الناس اللى عايشة هناك دي؟ مين هيأجر قصر لشباب زينا ويكون سعره على قد ايدينا؟
مفهمش السمسار هزار ثائر وقال:
- بيت اهالي؟! يعني ايه؟
رد نادر:
- بيت الاهالي دي بيكون مش عمارة كبيرة يعني، هما كام دور كده يا بيكونوا اصحابه بس هما اللى ساكنين فيه كله...او مجرد سكان محدش منهم له علاقة بالتاني...
السمسار:
- اه..فهمت، على فكرة المنطقة اللى فيها الجامعة فعلا راقية جدا، لكن معظم القصور اللى هناك فاضية، بعيدة جدا عن المدينة والطلبة هنا مش بيحبوا يروحوا جامعات زي اللى انتم مبهورين بيها دي، احنا عندنا هنا جامعات كتير ومميزة.
رديت انا:
- هي دي مناسبة لدرجاتنا، ومناسبة للمجال اللى عايزين ندرس فيه، والاهم مصاريفها مناسبة لينا، بس برضو ما علينا، ازاي نقدر نسكن هناك؟
اتكلم السمسار:
- هتلاقوا قصور كتير هناك متأجرة لطلبة زيكم، مش بقولك قليل جدا لو تلاقي حد من سُكّان البلد عايش هناك.
رد ثائر:
- طيب وليه ميعمروش المنطقة دي ويهدوا القصور ويعملوا تجمعات سكنية كبيرة؟ المكان روعة اصلا.
رد السمسار:
- مع الوقت اكيد ده هيحصل، ها ايه رأيكم؟ اشوفلكم مكان هناك للأيجار؟
رد وسام:
- ما احنا قولنالك نقدر ندفع ايجار كام، تفتكر ممكن نلاقي مكان هناك يناسب المبلغ ده؟
رد السمسار:
- متقلقوش، هقدر الاقي حاجة مناسبة، حتى لو المبلغ زاد نسبة..هحاول تكون بسيطة وتقدروا تدفعوها.
رديت عليه:
- طيب هتقدر ترد علينا امتى، لأن بصراحة ياريت تكون وفرت علينا مصاريف ووقت كبير، حتى لو حد فكر يعمل اي مصلحة ولا يدور على اي شغلانة يشوف فى نطاق المكان هناك، لكن المدينة هنا بعيدة جدااااااا عن الجامعه، وبعدين مش عايزين فلوسنا تخلص على الفنادق والدراسة هتبدأ.
السمسار:
- النهاردة بليل هرد عليكم، في اوقات معينة اكلمكم فيها؟ ولا اي وقت متاح؟ّ
رد ثائر:
- كلمنا حتى لو الفجر، هتلاقينا معاك اي وقت، خلينا نخلص بقى من موضوع السكن ده عايزين نرتاح شوية قبل ما الدراسة تبدأ.
رد السمسار:
- خلاص اتفقنا، بليل هتصل ابلغكم بالنتيجة.
سيبناه ومشينا طبعا ومستنيين مكالمة منه بفارغ الصبر، حاولنا نشغل وقتنا بالفُرجة على البلد، بصراحة جمالها ميتوصفش، لكن عالم متفتح جدا جدا جدا جدا لمراحل مينفعش حد من اللى اتربوا على عادتنا وتقاليدنا يفكر مجرد تفكير انه ممكن يتطبع بطباعهم وعاداتهم دي، طبعا كنا شبه تايه فى امريكا واحنا بنتفرج ببلاهة على كل حاجة حوالينا، اتغدينا فى مطعم وحاولنا نختار على قد امكانياتنا، والحقيقة كل حاجة مظبوطة جدااااااا حتى فى الاماكن اللى المفروض انها رخيصة، كل ده عادي طبعا، هزرنا واتكلمنا وكل واحد بقى بيتكلم عن نفسه اهو بنعرف بعض بما اننا مش اصحاب ولا بينا معرفة قديمة يعني، الميزة كانت فى اننا كلنا مصريين، اه مش كلنا من اسكندرية لكن فكرة اننا من جمهورية مصر العربية...دى كانت مريحة بالنسبالي، لحد ما اتصل السمسار على نادر وقاله:
- مساء الخير استاذ نادر، فى انتظاركم الساعة 8 مساء امام الجامعة، ارجوكم متتأخروش.
احنا كنا مش سامعين هو بيقول ايه لنادر اللى لقيناه بيقول:
- لالا..مش هنتأخر خالص، الساعة 8 هتلاقينا قدام الجامعة.
قفل معاه وقالنا الجملة اللى قالها السمسار اللى فهمناها اصلا من الرد بتاعه عليه، اتحمسنا جدا ورديت قولت:
- ياسلام يا ولاد، معقول احنا يا عشوائيين نسكن فى قصر؟
ضحكنا كلنا وكل واحد فينا بقى يتريق بشكل:
- ييجى عم ابراهيم البواب اللى كان بيبص ليا بقرف فى الطالعة والنازلة وهو بيقول والله ما انت فالح...تفتكروا كان بيقول ليا ولا لحد تاني غيري؟
ضحكنا كلنا، ورد حد تاني وقال:
- ييجي عميد الكلية يشوفني لما وصلت، ييجي يشوفني وانا بسكن فى قصر اللى كان بيقولي اخرج تشتغل سايس والاقيك نايم تحت الكباري يا فاشل.
طبعا كلنا كنا بنهرج، معنى اننا بنكمل دراستنا برة يبقى احنا مستوانا كويس الحمد لله، اه الحياة فى بلاد الاجانب غالية جدا عن عندنا طبعا، لكن الحمد لله احنا نقدر نعيش فيها بأمكانياتنا حتى لو مش مبالغ فيها، وكل حد مننا له حياته واسرته وظروفه فى بلده و مكانه، فعلا روحنا فى الميعاد عند الجامعة ودي كانت اول مرة من وقت وصولنا نروح هناك فى وقت زي ده، السكوت هناك مُريييييييييب، لكن القصور كلها انوار، مفيش قصر ضلمة، حتى الجامعة برغم انها مقفولة طبعا الا ان سورها كله متحاوط بإضاءات، المنظر على قد ما هو مريب على قد ما هو يريح الاعصاب وجداااااااااااااااااااا، قابلنا السمسار اللى قال بحماس:
- انا لقيت القصر المناسب ليكم، وبالمبلغ المتاح معاكم كمان مش ازيد.
طبعا الكلام ده كان كفيل يخلينا نتنطط من الفرحة، على كده المبلغ اللى هو فاكر انه قليل ده...كبير والله، يعني عندنا فى اسكندرية مثلا يقعدني فى ارقى مكان فيها، المهم قالنا:
- هو مش مجرد قصر عادي، ده صرح ضخم لكن لأكتر من مالك، انا تواصلت مع المالك اللى هيأجرلكم الجزء الخاص بيه.
رد نادر:
- يعني ايه؟ يعني ممكن نلاقي سُكّان تانية عايشة معانا فى البيت؟
رد السمسار وقال:
- معتقدش ده ابدا، بصراحة الجزء التاني من الصرح ده احنا مش قادرين نوصل لحقيقة محددة تخصه، المبنى قديم جدااااااااااااا، وفيه اقاويل كتير جدا على ان صاحب المبنى ده سافر ومات وهو مسافر فى حادثة هو واسرته...ومكانش له ورثة، وناس تانية قالت انهم عُمرهُم ما شافوا صاحب للمبنى ده، وناس تانية قالوا ان المبنى ده كان بتاع راجل ومراته اتجوزوا فيه وبعد جوازهم بشهر اختفوا فجأة ومحدش يعرف عنهم اي تفاصيل، وعلشان محدش عارف الحقيقة فين...فمحدش بقى يهتم يعرف ايه الحكاية، مجرد مبنى مقفول بابه ومحدش بيقرب منه وخلاص.
بصينا لبعض وضحكنا، رديت وقولت انا:
- اه زي عمارة رشدي كده المسكونة.
ضحكوا وقال نادر:
- مسكون مش مسكون المهم احنا نسكن وخلاص، فين المالك ده يا استاذ؟
السمسار:
- هو مستنينا جو فى القصر، يلا بينا علشان منتأخرش عليه.
فعلا روحنا القصر...بوابة نقوشها لواحدها روووووووووووووووعة حاجة كده متتوصفش وكأنها جدارية مصممها فنان، اتفتحت البوابة ودخلنا، الجنينة جميلة وكأن فيه حد مهتم بيها يوميا وكأن القصر مش متساب فاضي، بص لينا السمسار وقال:
- مش معنى ان صاحب المكان مسافر يبقى ميهتمش بمكانه، اهم حاجة عندنا هنا النظافة.
رديت بأعجاب وانبهار:
- واضح جدا، لما الجنينة بالجمال ده! يبقى القصر من جوة عامل ازاي؟
سؤالي مستناش اجابة من حد لأننا وصلنا لبوابة القصر نفسه اللى كانت متختلفش فى جمالها عن البوابة الحديد الخارجية للقصر، دخلنا ونظرات الانبهار والاعجاب فى عنين كل واحد فينا، مش متخيلين ان الاماكن اللى بنشوفها فى الافلام الخيالية ممكن تكون موجودة فعلا بالشكل ده، استقبلنا صاحب القصر وعرفنا على نفسه:
- اهلا بيكم، اهلا بيكم فى بلدنا الجميلة، واهلا بيكم فى بيتي المتواضع.
رد ثائر:
- ده متواضع؟ ده روعة، ده تحفة فنية.
ابتسم الراجل وقال:
- دكتور ادم،استاذ دكتور مخ واعصاب فى ولاية كاليفورنيا.
هو من غير ما يعرفنا بنفسه واضح عليه انه حاجة مهمة، طبعا بعد ما كلنا عرفنا نفسنا، اتكلم معانا واتفقنا على كل التفاصيل بمنتهى الود والذوق والرقي، فى نهاية الكلام قال:
- القصر مش مجرد دور واحد، المبنى عبارة عن 3 ادوار، الدور الخاص بيكم هيكون الارضي والاول، ارجو ان انتم متحاولوا تطلعوا للتاني او التالت لأنه هيكون مش من حقكم، وعموما فيه اسانسير داخلي للقصر، لكن لو سمحتم الدور الاول بس...ده رجاء.
يتبع
الفصل الاول
طبعا محدش فينا شغل باله تماما انه يتعدى الشرط ده، الجزء الخاص بينا حرفيا فيه 7 اوض نوم بس، انتم متخيلين المساحة اللى بكلمكم عنها؟ غير طبعا السفرة، غير الصالون، غير الليفينج، كل حاجة واخدة مساحتها براحة راحتها، يعني مفيش اي داعي خالص لأننا نفكر نطلع الدور التاني ولا التالت حتى، القصر مريييييييح جدا، اتفقنا مع المالك على كل حاجة واستلمنا القصر ودفعنا فلوسنا والسمسرة كمان، اتكلم معانا الدكتور وقال:
- خليكم عارفين المكان هنا هادي جدا، مفيش اختلاط بين الناس وبعضها، لو اتعرفتوا على بعض بس يبقى كويس...ولازم تراعوا خصوصية غيركم.
وسام:
- احنا مش بنفكر حتى نتعرف، مش عايز حضرتك تقلق مش هنعمل قلق من اي نوع، احنا جايين ندرس مش نتعرف ونعمل علاقات.
رد ثائر:
- الفكرة ان المكان بليل ساكت تماما، يمكن بالنهار فيه حياة شوية، لكن بليل لو حد مننا احتاج حاجة هيجيبها ازاي؟
الدكتور:
- التليفون هيقربلك اي حاجة تحتاجها، غير ان انت تحاول تخلص كل متطلباتك فى الفترة النهارية لأن هنا المحلات مش بتفتح لوقت متأخر، الوضع مختلف عن قلب المدينة ولازم تكونوا عاملين حسابكم على ده، لكن للضرورة هتلاقي فىف دليل التليفون كل الارقام اللى ممكن تحتاجولها، وقت الضرورة هتتصل بأي رقم يوصلك حاجتك لحد عندك.
استلمنا القصر، خرج السمسار وخرج الدكتور واخيرااااااااااااااااااااااااا بقينا نلف على القصر كله، تحفة فنية، المكان فعلا شبه المتاحف، كل اوضة احلى من التانية، مساحة الاوضة تنفع تبقى مساحة شقة صغيرة عريس يبدأ حياته فيها، كل واحد فينا اختار اوضته وقال نادر:
- طيب ايه يا شباب مش نروح نجيب حاجتنا بقى؟ كفايا كده مصاريف فى الاوتيل، خلونا نروح نجيب هدومنا وحاجتنا ونيجي نبات هنا.
رد وسام:
- بس الساعة 10، هنروح ونرجع تكون الساعه كام؟! خلينا ياعم ننام هنا والصبح نروح نجيب حاجتنا ونقفل حساباتنا.
ثائر:
- هننام بهدومنا يعني؟
رديت انا بهزار:
- ياعم ان شالله ننام من غيرها، هو حد هيكون نايم مع اي واحد فينا فى اوضته؟ ما تقفل عليك بابك واقلع براحتك ونام، وخد دش الصبح قبل ما تنزل ونروح نجيب حاجتنا بالنهار احسن.
فعلا اتجمعنا كلنا على الرأى ده واتفقنا عليه، قعدنا شوية نجرب كل الاجهزة فى القصر وكلها شغالة فعلا، قعدنا شوية قدام التليفزيون كلنا نتكلم ونهزر وسهرنا شوية حلوين لحد ما قررنا اننا ننام علشان نلحق نصحى بدرى وننزل نجيب حاجتنا ونشوف هنحتاج ايه للبيت من المدينة نجيبه كمان علشان نرتاح بقى...من اول ما وصلنا من السفر واحنا محسيناش بالراحة غير لما بقى لينا مكان ثابت خلاص، كل واحد راح على اوضته، قفلت عليا الباب ونمت بعد ما قلعت هدومي...محسيتش بالدنيا، السرير وااااسع الاوضة ريحتها حلوة، حتى المخدات والملايا ريحتها جميلة وكأن البيت ده مكانش مقفول فترة طويلة، صحيح ما هو قال:
- اهم حاجة النظافة.
وبصراحة واضحة جدا فعلا، من حلاوة وروقات الاوضة روحت فى النوم محسيتش غير والنهار طالع ووسام بيخبط عليا الباب:
- ايه يابيه؟! هننام للعصر؟ يلا خلينا نلحق ننزل، ولا نجيبلك حاجتك معانا؟
فتحت عيني بالعافية وانا حاسس ان النوام واحشني جدا، قومت بكسل لكن الريحة الحلوة ونسمة الهوا الهادية اللى فى الاوضة فوقوني بصراحة، قومت لبست هدومي وفتحت الباب لقيت وسام مش على الباب، نزلت على تحت لقيت الشباب كلهم صاحيين وفايقين وباين عليا انا اخر واحد صاحي، اتكلم ثائر:
- يلا يا شباب علشان نلحق نخلص حواراتنا دي، صحيح نضال هيوصل النهاردة.
رديت انا:
- نضال مين؟ وبعدين هو انتم صاحيين من بدري ولا ايه؟
رد وسام:
- نضال طالب هيدرس معانا فى نفس الجامعة، من فلسطين هو واتعرفنا عليه من مراسلات طلبة الكلية، هيبقى معانا هنا وهيدفع زيه زينا متقلقش، وبعدين ثائر هو اللى صحانا كلنا احنا كنا مقتولين مش نايمين.
ضحكت وانا بقول:
- يشرف ويأنس، حلوة اللمة حتى نحس اننا مش بعيد عن اصحابنا وناسنا، طيب يلا انا جاهز.
فعلا خرجنا كلنا وروحنا على الاوتيل، دفعنا باقي حسابنا ولمينا الشنط بتاعتنا وكل الحاجة بتاعتنا ونزلنا، هنا اتكلم نادر:
- طيب يا شباب، احنا اتنين مننا يرجعوا القصر بالحاجة، والاتنين التانيين يروحوا يجيبوا الطلبات، مش هينفع نلف بحاجتنا فى الماركت.
فعلا روحت انا وثائر على القصر بحاجتنا، حطينا شنط وسام ونادر فى اوضهم، ودخلت انا اوضتي رصيت حاجتي واخدت دش وغيرت هدومي، وده نفس اللى حصل مع ثائر، خلصنا كل حاجة ونزلنا قعدنا قدام التليفزيون وكل واحد فينا ابتدا يتكلم عن حياته واصحابه ودنيته، الكلام عن نفسك وحياتك مش بيخلص اكيد، خاصة ان تفاصيلك بتبقى كتير جدااااااااا، وعلشان كده الواحد مش بيزهق من الكلام عن حياته، وده اللى سلينا نفسنا بيه انا وثائر لحد ما الشباب وصلوا وكان معاهم نضال...شاب وسيم وهادي وابتسامته جميلة، مؤدب واخلاقه عاليا وده انطباع تاخده عنه اول ما تشوفه، اتعرفنا وكل واحد منهم طلع على اوضته ولما نزلوا ابتدينا بقى نوزع المهام علينا كلنا بالتساوي، الاكل والغسيل والمواعين ونضافة القصر..كل حاجة اتقسمت علينا ومحدش اعترض، اتغدينا وقررنا اننا نرتاح فى البيت بقى شوية عن البهدلة اللى اتبهدلناها من وقت ما وصلنا، كل ده طبيعي وعادي جدا، بنسمع اصوات عربيات احيانا فى الشارع لكن احنا مش بنطلع من الباب غير لو محتاجين نخرج، حتى الجنينة مطلعناش قعدنا فيها، قضينا اليوم كله لعب دومينو وكوتشينة واونو، اتفرجنا على التليفزيون واتكلمنا عن نفسنا، سهرنا سهرة حلوة لحد ما خدنا قرار النوم، وابتدينا نقل بالتدريج، مش كلنا طلعنا ننام فى نفس الوقت، كل اللى يحس انه فصل خلاص يسحب نفسه ويطلع ينام، جه الدور عليا لما لقيت نفسي قاعد لواحدي، دخلت المطبخ اخد ازازة مياه معايا وانا طالع الاوضة، ولما طلعت طفيت التليفزيون وروحت ناحية الاسانسير، بصراحة الكسل برضو لا دين له، انتخة اليوم كلها حسستنى اني مستتقل اطلع على السلم، اصل السلم بالرغم من انه لدور واحد الا انه عالي جدا، قصر قصر يعني.... طفيت الانوار وروحت ناحية الاسانسير ومديت ايدي على زرار الكهربا اشغل الكشاف الصغير اللى محطوط قصاد الاسانسير، لكن اتفاجئت، مش هينفع اقول اتصدمت لأن اللى شوفته من جماله يفاجئ، بنت فى غاية الجمال والشياكة والذوق، واقفة فى هدوء وسكون تام وريحتها تقريبا هي اللى عاملة حس وصوت للمكان من جمالها، برقت عيني ولقيت نفسي بقولها وفي بالي انها جاية لحد من الشباب مع ان محدش منهم من اللى عرفته عنه ممكن يكون ده طبعه:
- انتي مين؟ وجاية هنا لمين؟ وجيتي امتى؟ دخلتي ازاي يعني.
كم اسئلة فى عقلي مش عارف اعدها بسبب الارتباك اللى هي عملتهولي، اكيد شاب قاعد فى بلد اجنبي وفى قصر ومفيش معاه حد يقوله عيب ولا ميصحش ويشوف بنت بالجمال ده...الانسان ضعيييف، مع كل ده لقيتها مديت ايديها بثقة وطلبت الاسانسير وهي بتبتسم، المشكلة انها اصلا مجاوبتش على اي سؤال انا سألته، اول ما اتفتح الاسانسير، اتكلمت انا بثقة وكأني مش مهتم بأجابتها:
- اتفضلي.
دخلت وهي مبتسمة ودخلت وراها، وقفت على بُعد خطوات مني وسألتها وانا بضغط على زرار الدور:
- جاية لمين بقى؟
ابتسمت وقالتلي:
- مش جاية لحد.
استغربت:
- اومال طالعة فوق لمين؟
ضحكت وهي بتقولي:
- طالعة الدور الثالث.
استغربت اكتر، احنا عارفين او اللى وصلنا ان مفيش حد بييجي فى الجزء اللى فوق من القصر، ضغطت انا على الزرار من غير ما الاقي تفسير لكل الاسئلة في دماغي ووصلت الاول، طلعت من باب الاسانسير وانا واخد قراري بأني لازم اطلع اشوف ايه حكايتها، وفعلا مجرد ما اتقفل باب الاسانسير كنت انا على السلم طالع للدور التالت، بسبب قلة استخدام الاسانسير كنت انا اسرع منه، وصلت قبل هو ما يوصل، وقف الاسانسير وانا حاسس بتوتر، مستني اشوفها داخلة اي اوضة؟ فيه حد غيرها ولا لاء؟ ايه اللى جايبها برغم انهم قالوا مفيش حد بييجي؟ يا خبر...ولا تكون حرامية؟! جت لما عرفت ان القصر اتسكن وبقى فيه فرصة انها تدخل وتخرج منه وتقلب اللى هي عايزاه؟
بسأل نفسي وانا مستني الباب يتفتح، متفتحش، برغم ان الاسانسير وصل الدور الا انه محدش خرج، استنيت لحظات فاتت كأنها ساعة، من جوايا بقول:
- يمكن بتظبط مكياجها؟! او بتعدل هدومها؟ اصبر هتعرف هتعرف.
مخرجتش، باب الاسانسير اتفتح، استخبيت وانا ببص من ورا جدار السلم مستنيها...لكن مخرجتش برضو، ابتديت اتوتر اكتر واقلق، لقيت نفسي من غير تفكير بتحرك ناحية الاسانسير وروحت ناحية الباب بتوتر...وقفت قصاد الاسانسير لكن لقيته....لقيته فاضي، مفيش اثر لوجودها، اختفيت وكأنها مكانتش موجودة، الحاجة الوحيدة اللى مأكدالي ان اللى حصل ده حقيقي هو الريحة بتاعت برفانها اللى كانت مالية الاسانسير، انا مش مكدب نفسي، مش قادر اقول:
- انا كنت بتخيل.
لكن هي كانت موجودة، بس راحت فين؟ اختفيت ازاي؟ ايه حكايتها؟ مش عارف ولا لاقي تفسير.