اخر الروايات

رواية شيخ في محراب قلبي الفصل التاسع 9 بقلم رحمة نبيل

رواية شيخ في محراب قلبي الفصل التاسع 9 بقلم رحمة نبيل

نظر هادي للرجل المسطح ارضا ثم وضع يده في خصره متسائلا بعدم فهم :
_ ألا هو إحنا كنا بنجري وراه ليه ؟؟؟
أجاب أحد شباب الحارة الذين كانوا يركضون خلف الشاب معهم :
_ والله ما نعرف احنا لقيناكم بتجروا وراه قولنا اكيد سرق حاجة فجرينا معاكم .
ربت رشدي على كتف الشاب وهو يهز رأسه ثم انحنى وأمسك بتلابيب ذلك الرجل جاذبا إياه ليقف جواره ثم نظر الجميع حوله مبتسما :
_ متشكرين يا رجالة احنا هنتصرف معاه من هنا ...
انصرف الشباب كلا لعمله وهم يتحدثون فيما حدث منذ قليل بينما اتجهت أنظار رشدي وهادي لزكريا الذي كان ينظر للرجل باشمئزاز واضح يكاد ينقض عليه مكيلا له الضربات ...
_ خلينا نرجع البيت وهناك نفهم اللي حصل .
انتبه هادي لحديث زكريا ليفتح فمه بصدمة مرددا وهو لا يفهم ما يحدث :
_ لا wait كده ....هو إنت كمان متعرفش كنا بنجري وراه ليه ؟؟؟؟
هز زكريا كتفه بعدم معرفة مؤكدا حديث رفيقه ليبتسم هادي بعدم تصديق بينما تحدث رشدي وهو يجذب الرجل لخارج الزقاق ساخرا من صديقه :
_ تلاقيه حس إن رجله نملت شوية فقال ينزل يجري ورا اي حد
تحرك زكريا خلف صديقيه وهو يضحك ضحكة سمجة ساخرة من حديث رشدي :
_ يا لهوي على دمك الخفيف ...ده عمي ابراهيم كان لازم يسميك اسماعيل ياسين مش رشدي أباظة .
أنهى كلماته وهو يأخذ الرجل من يده ثم تحرك أمامه سريعا بعدما لاحد نظرات الشر على وجه رشدي والتي ازدادت سوادا بسبب ضحكات هادي عليه ...توقف هادي عن الضحك وهو يضم رشدي من كتفه يتبع زكريا عائدين للمنزل :
_ خلاص يارشدي متزعلش منه... اعذره برضو غيران من اسمك الفني ...ده جواه سواد كده اكمنك اسمك رشدي وهو اسمه زكريا .
توقف زكريا قليلا ثم نظر خلفه لهما وقال باستهزاء :
_ ما به زكريا يا أهدى خلق الله ؟؟؟؟ على الاقل هو اسم نبي الله زكريا ....كما أنه اسم قديم وجديد أيضا ليس كمن سُميّ بلقب هو أبعد ما يكون عنه ....وكأن والدك سماك هادي نكاية بك .
أنهى حديثه ثم سار بالرجل بخيلاء وهو يرفع رأسه التي كانت تحتوي ضمادة بسبب الأواني التي سقطت عليه .....بينما كان هادي ينظر له بتشنج ومعه رشدي الذي كان يضحك مربتا على كتفه بتشفي :
_ معلش يا هادي مش اول مرة يا اخي يخلي منظرك زبالة .
ابعد هادي يده بغضب وهو يتبع زكريا بغيظ شديد يرغو ويزبد...
__________________
_ عمتي ؟؟؟؟
تراجعت فاطمة للخلف وهي ترتعش خوفا من تلك السيدة التي كانت تجلس وهي ترميها بنظرات وكأنها على وشك الانقضاض عليها ....
ابتسمت عمتها وهي تنهض تنظر لها من أعلى لاسفل بسخرية :
_ تو أما شرفتي يا سنيورة ؟؟؟؟
ابتلعت فاطمة ريقها ولم تجب عليها بل نظرت سريعا لوالدتها تستغيثها بعينها لتنجدها من تلك المرأة التي تمثل لها أكبر كوابيسها ....
اقتربت منيرة سريعا من ابنتها كقطة تحامي عن ابنتها :
_ فيه ايه يا نحمده ؟؟؟ بتكلمي البت كده ليه ؟؟؟
نظرت لها المدعوة نحمده بسخط وتهكم شديد :
_ جرا ايه يا منيرة ؟؟؟ هو عشان اخويا جابكم هنا هتسيبي البيت تصيع ولا ايه ؟؟؟ ازاي واحدة محترمة ترجع البيت في وقت زي ده ؟؟؟
_ بنتي محترمة غصب عن عين أي حد يا نحمده .....واللي يقول غير كده اديله بالشبشب فوق دماغه ....بعدين بنتي كانت عند شيخ بتحفظ قرآن.
انهت منيرة حديثها الهادي نوعا ما والذي يحتوي تهديدا مبطنا فهي أكثر من تعرف أخت زوجها وجبروتها وما تسببت به لابنتها ...والعقد التي كونتها لدى طفلتها .
ابتسمت نحمده بسخرية ثم نظرت لفاطمة التي كانت تختبئ في والدتها كقط مبتل ينشد الدفء ...
_ وهو الشيخ ده مش عارف يخلي التحفيظ الصبح ؟؟؟؟
نظرت لها منيرة بتأفف ثم أشارت بالدخول لغرفتها لتنفذ فاطمة الأمر سريعا تهرب من أعين عمتها التي تبدو وكأنها تطلق نيران مستعرة منها ....
بمجرد دخول فاطمة لغرفتها حتى أغلقت الباب سريعا وهي تتنفس الصعداء تحاول منع دموعها من الهبوط وتلك الذكريات تتدافع في عقلها بعنف شديد ...
**لا لا يا بابا والله ما عملت حاجة ...يا بابا بالله عليك خليها تسيبني ...يا ماما الحقيني.....ابوس ايدك يا عمتي والله ما عملت حاجة اقسم بالله ما عملت حاجة ....يا بابا.
** بنتك لازم تندفن حية يا مرسي ....دلعك فيها هو اللي وصلها لكدة.....
خرجت فاطمة من ذكرياتها بفزع على صوت معها في غرفتها ...نظرت حولها بسرعة وهي تمسح دموعها لتجد ابنة عمتها تتوسط فراشها وهي تضع سماعة أذنها وترمقها بعدم فهم لما تفعله .....تمالكت فاطمة نفسها وهي تعدل من وضعية وقوفها ثم نظرت لمنار ببسمة صغيرة :
_ معلش يا منار ما اخدتش بالي إنك هنا ...
تجاهلتها منار وهي تعيد تشغيل الأغنية مجددا ثم هزت رأسها متحدثة بخفوت :
_ و لا يهمك معلش بقى لو هشاركك اوضتك بس هي فترة هقضيها معاكي ونرجع تاني البلد .
فزعت فاطمة من حديثها ...هل تقصد أن عمتها ستظل هنا فترة ؟؟؟ ليست مجرد زيارة صغيرة كعادتها ؟؟؟
_ فتــ ....فترة ؟؟؟ انتم هتقعدوا هنا كتير ؟؟؟؟
لم تجيبها منار فهي لم تستمع لها من الأساس بل كانت أعينها شبه ملتصقة بالهاتف لا تعير تلك التي أوشكت على الاحتراق أي اهتمام ........
ابتلعت فاطمة ريقها وهي تفتح باب غرفتها بهدوء وحذر ثم خطت للخارج وماكادت تتحرك حتى وصل لمسامعها صوت عمتها :
_ وانا بقى قولت بدل ما أجر شقة زي كل مرة ...بيت اخويا مفتوح ...خليني اوفر القرشين لمدرسة منار .
ابتسمت منيرة بسمة صغيرة وهي تجيبها بضيق شديد حاولت اخفاءه :
_ وماله يا حبيبتي تنوري انتِ ومنار .
دخلت فاطمة لغرفتها مجددا وهي تغلق الباب بهدوء ثم تحركت لفراشها بآلية وتسطحت عليه بتعب شديد وجسدها كله يرتحف وجعا وذكرى بعيدة تراودها وكأنها كانت البارحة ...اغمضت عينها بعنف شديد وهي تهمس :
_ امنت بيك يارب .....امنت بيك يارب ....فاللهم عوض ينسيني احزاني وكأنها لم تكن ...واللهم عوض يربت على قلبي وكأنه لم يحزن يوما ...
سقطت دمعة بعدما انتهت من دعاء جدتها الذي كانت تردده دائما في انتظار ذلك العوض الذي سينسيها جميع أحزانها ....في انتظار ذلك النور الذي سينير حياتها بعد عتمة طويلة ....
_____________
صعد زكريا يجذب الرجل من ثيابه بعنف وخلفه هادي ورشدي ...حتى وصل لتلك الشقة الذي كانت السيدة تصرخ من نافذتها وبمجرد دخوله حتى وجد السيدة تركض له ثم أخذت تكيل الضربات للرجل الذي يمسكه بكل وجع وقهر وهي تصرخ في وجهه :
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا اخي ... إنت ايه شيطان ؟؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل ....
كانت تضربه وهي تبكي بقهر و قلة حيلة تصيح في وجهه بوجع امرأة رأت من الحياة ما اثقل كاهلها وكأنها أضحت في الثمانين من عمرها رغم أنها لم تتجاوز الاربعين ...
_ كنت هتموت ابنك في ايدك ...يا شيخ منك لله ...منك لله هو الوحيد اللي قادر ينتقملي منك .
اهتز قلب زكريا لتلك الدعوات وآه لو يعلم ذلك الذي بيده أن دعوة تلك السيدة ليس بينها وبين الله حجاب لكان خر ارضا متوسلا باكيا ....لكنه كان يبدو غير مهتما لما يحدث ..
تدخل رشدي يحاول أن يفهم ما يحدث :
_ براحة بس يا ست فهميني ايه اللي حصل ؟؟؟
نظرت له السيدة وتعرفت عليه سريعا فأخذت تحدثه وهي تبكي :
_ الراجل ده يا باشا كان هيموت ابنه في أيده ...
قالت كلماتها مشيرة لطفل يسكن احضان أخته الكبيرة ورأسه تحتوي ضمادة بينما هناك طفل ثالث يجلس ارضا يلعب ببعض الأشياء أمامه وكأن لا شيء يحدث حوله ....
أشار هادي للسيدة بالجلوس وقص عليهم ما حدث فيبدو أنها على وشك الأنهيار وبالفعل تحركت السيدة لتجلس جوار رجل يضع رأسه بين يديه وقد كان على وشك خسارة أخته وعائلتها للتو ....أشارت السيدة للرجل الذي يحتجزه زكريا بين يديه :
_ الراجل ده يبقى جوزي وبيتعاطى مخدرات وكل يوم يرجع البيت متدهول زي ما انت شايف كده يابني وينزل فينا ضرب وشتيمة وقل قيمة ...حتى شغله مبقاش يروحه لما حاله وقف والورشة اتقفلت فنزلت ودورت على شغل....وكل ما كنت بجيب قرشين بطلوع الروح يجي ويخادهم بالقوة ...
صمتت تكفكف دموعها بوجع :
_ وزي ما انت عارف يابني المدارس قربت والعيال لازمها لبس وشنط وحاجات كتير فلما جبت القبض خبيته منه على كام قرشين استلفتهم من اخويا ..
قالت مشيرة للرجل الذي يجلس جوارها يشعر بالعجز ...
_ قام هو جه وقعد يزعق ويكسر في البيت عايز فلوس عشان يشرب بيه الهباب اللي بيطفحه ولما رفضت اديه ليه قعد يخبط رأسه في الحيط ويضرب في اللي يقابله ومسك ابنه وكان هيموته في أيده لو معطتش ليه الفلوس ..و اول ما عطيته الفلوس رمى ابنه وخبط راسه في الحيط وجري ..
نظر رشدي باشمئزاز للرجل الذي كان يبدو كمن لا طاقة له حتى ليفتح فمه يدافع عن نفسه بكلمة واحدة ....
هز هادي رأسه وقد استوعب الآن طاقة ذلك الرجل الذي كاد يقتل الجميع لابد أنه أخذ نوع مخدر ما وأعطاه تلك الطاقة الهائلة التي كانت تساوي جيشا كاملا ...والان بالنظر للرجل يبدو أن طاقته قد فنت في محاولة الهرب ....
تحدث زكريا بعد تفكير طويل يحاول إيجاد كلمات :
_ حضرتك تحبي نساعدك ؟؟؟
نظرت له السيدة بتعجب قليلا ...اعتدل زكريا في جلسته ثم تحدث بهدوء كبير وهو لا ينزع نظره من على زوجها :
_ أقصد يعني تحبي نتصرف معاه ؟؟؟
تدخل رشدي في الحوار سريعا وهو يشير للرجل بعدائية كبيرة :
_ ما اظنش إن الموضوع في ايدها دلوقتي ...ده سارق ومتعاطي وكان بيحاول يقتل يعني الراجل ده مصيره السجن أو مصحة ادمان
أنهى رشدي حديثه بنبرة جادة صلبة كعادته رغم نظرات زكريا المحذرة له والتي كان يخبره بها أن يتريث ولا يتحدث بجمود مع السيدة يكفيها ما تعانيه بالفعل ....
ضمت السيدة ابنها الصغير الذي كان يلعب ارضا جوار قدمها ثم قالت بهدوء وهي لا تشيح بنظرها عن ابنها :
_ اعملوا اللي انتم عايزينه المهم بعيد عني وعن عيالي .....
انهت المرأة حديثها والذي كان واضحا به وصولها لنهاية تحملها من هذا الرجل ..لكن من تلوم فهذا اختيارها، وقد اسائت الاختيار وكان عقابها لهذا الخطأ كبير كادت تفقد به أحد أطفالها ...
بعد مرور ساعة تقريبا كان الثلاث شباب يراقبون سيارة الشرطة التي أخذت الرجل بعد أن حادثهم رشدي ليأخذوه ثم يرى ما يفعله معه لاحقا ...
ألتفت هادي لزكريا ليلاحظ أخيرا تلك الضمادة التي تزين رأسه :
_ ايه ده يا زكريا ؟؟؟ مالها راسك ؟؟؟
رفع زكريا عينه لأعلى رأسه وهو يردد بسخرية :
_ لا دي مجرد بوقليلة متاخدش في بالك ..
_ بوقليلة ؟؟؟؟؟
همس هادي بعدم فهم ليضحك رشدي من خلفهم وهو يشير بيده مودعا :
_ طب يا شباب اشوفكم بكرة لاني تعبان نوم وعندي شغل كتير غير الراجل اللي هيجي بكرة عشان شيماء ...
كان يتحدث وهو يتجه صوب منزله لولا أنه شعر فجأة بيد تمسك ثيابه بعنف من الخلف وتجذبه ليعود مكانه مجددا حيث رفاقه وصوت هادي يتردد بضيق :
_ تعالى هنا إنت رايح فين ؟؟؟ راجل مين ده اللي جاي عشان شيماء ؟؟؟ هيعمل ايه ؟؟؟
نظر له رشدي ثم ليده التي تمسك ثيابه وكأنه أمسك به متلبسا وهو يسرقه ليردد بسخرية لاذعة :
_ لا ابدا اصل شيماء كانت بتسرب فكان جاي يعاين .... إنت عبيط ياض راجل جاي عشان شيماء ...هيكون جاي ليه؟؟؟ جاي ياخد صورة تذكار معاها يعني ؟؟؟
لم يهتم هادي لكل تلك السخرية التي خرجت دفعة واحدة من فم صديقه ليقترب منه يهسهس بشر من بين أسنانه :
_ ايوة ما هو ده سؤالي ؟؟؟ جاي ليه عشان شيماء ؟؟؟
شعر زكريا باحتدام الأمر بين الاثنين ليتدخل سريعا وهو يبعد رشدي عن يد هادي الذي كان على أعتاب فقدان سيطرته على نفسه :
_ ايه يا هادي يا حبيبي راجل جاي عشان الآنسة شيماء ...اكيد جاي طالب حلال يعني .
كان يتحدث وهو يقف بين الاثنين يفصل بينهم وجهه لهادي وظهره لرشدي ....كان زكريا يلقي بنظرات محذرة لذلك الغبي الذي سيكشف نفسه بسبب تسرعه وغباءه ...لكن يبدو أن هادي قد اتخذ قراره وانتهى الأمر وقد تسلم الغباء عقله حتى اشعار اخر :
_ طالب حلال ؟؟؟؟ اول مرة اسمع طالب حلال دي ؟؟؟ انا اسمع عن طالب علم ...طالب ستر ..إنما طالب حلال دي جديدة .
ضحك زكريا بصخب وهو ينظر لرشدي :
_ اضحكني ذلك المعتوه ...اضحك الله سنك يا هادي
ازاحه رشدي جانبا وهو بضيق عينه بشك :
_ انتظر قليلا أيها الضاحك .... عايز بس اعرف ماله القمور وعايز ايه ؟؟؟
نظر له هادي وقال بهدوء ليس من شيمه :
_ انا عايز اعرف حاجة واحدة بس .....
نظر له رشدي بترقب ينتظر حديثه حتى انطلقت كلمات هادي الغبية والغير مستوعبة :
_ مين ده اللي جاي ؟؟؟
تساؤل قد يبدو فضولي للبعض، لكن لــ زكريا كان واضحا تماما بأنه يحمل في طياته إعصار سيقتلع كل ما يواجهه ...
تعجب رشدي من الغباء الذي تلبس هادي فجأة فهو منذ خمس دقائق تقريبا يسأله نفس السؤال وهو يجيبه بنفس الجواب وللمرة المائة بعد المليون يكرر رشدي حديثه :
_ عريس يا حبيبي ....عريس لشيماء هو اللي جاي .
ابتسم هادي بسمة مخيفة وهو يتخيل في رأسه طريقه مؤلمه لقـــتــ.ـل رشدي فهو في النهاية رفيقه لا يود أن يعذ.بـــــه .....
_ اه وياترى بقى هنستقبل العريس ده امتى ؟؟
_ نستقبل ؟؟؟ اسمها هستقبل .
ابتسم له هادي بسمة مخيفة وهو يربت على كتف رشدي بتهديد :
_ لا ازاي هنستقبل سوا هو احنا مش صحاب ولا ايه ؟؟؟
ابتسم رشدي ببرود شديد وهو ينظر في عين هادي بنظرات غامضة :
_ لا يا حبيبي احنا صحاب وعيلة واخوات كمان ...واكيد لازم تكونوا موجودين في يوم زي ده ده انتم اخوات شيماء برضو ..
ربت زكريا بيده على صدره مغمضا عينه ببسمة خافتة :
_ حبيبي يا رشدي اعز الله قدرك يا اخي ..
رغم تلك الكلمات التي حرقت هادي إلا أنه ابتسم وهو رأسه ثم تحدث بهدوء شديد :
_ تمام عن اذنكم بقى هروح اكوي البدلة بتاعة بكرة ...
أنهى حديثه وهو يرحل وعروقه نافرة بشكل مرعب والغيظ قد تملك قلبه تاركا خلفه زكريا ورشدي الذي كان يشيعه بنظرات غامضة وبسمة ترتسم على فمه بشكل مخيف ....
انتبه زكريا لنظرة رشدي ليقول ببسمة قلقة :
_ وها هي الحرب قد اشتعلت ....
_______________________
تحرك هادي متجها لمنزله بغضب كبير وهو يتمتم بسخرية وغيظ شديد :
_ عريس جاي لشيماء ....ماشي يا رشدي ماشي ...
أثناء حديثه اصطدم فجأة في جسده ليسمع صوت تأوه وتمتمات غاضبة ...رفع هادي عيونه لذلك الشخص ليجد أنه لم يكن سوى فرج الذي عندما رأى هادي ابتسم باتساع وهو يتحدث بلهفة :
_ كويس اني لقيتك يا هادي يلا بقى روح وصل لام اشرف الجواب ...انا سيبتك تلعب مع صحابك براحتك اهو .
_ كتر خيرك والله .
ابتسم له فرج وهو يخرج الرسالة من جيب بنطاله الواسع بعض الشيء يحمد الله أنه قابل هادي أثناء عودته للمنزل فهو قد يأس من عودته بعدما انتظره في القهوة كثيرا ...
على عكس المتوقع ابتسم هادي لفرج وأخذ منه الرسالة بكل طاعة ووضعها في جيبه متحدثا ببسمة وهو يضم كتف فرج له :
_ حبيبي يا فرج ده انا هوصل الأشواق والحب والعشق وكل حاجة بص لو عايز هجبلك ام اشرف تقعد جنبك على القهوة واللمون عليا لو عايز وخلي بس اشرف يفتح بقه ...
ابتعد فرج قليلا عن هادي يرمقه بشك لهذا الرضا الغريب والمخيف فهادي لم يكن يوما يتقبل ما يريده بنفس راضية كما يرى الآن، اذا ماذا حدث ؟؟؟؟
ابتسم له هادي وقد لاحظ تعابيره المندهشة ليسارع بالقول :
_ بص هعملك كل اللي عايزة ويوم فرحك باذن الله لما ربنا يفتحها عليك ويكرمك إنت وام اشرف وابنها اشرف يوافق.... بدلتك عليا يا عم .
حسنا الأمر أصبح مخيف بحق ...فهادي لا يبدو طبيعيا البتة لذا ابتسم له بريبة متراجعا للخلف يردد بخوف :
_ هو إنت قتلت حد وعايزني اداري جثته معاك ولا ايه ؟؟؟
ابتسم هادي بسمة مخيفة :
_ لا بس هيحصل....
________________
وصل زكريا لشقته ...دخل بهدوء شديد حتى لا يزعج أحد ثم تحرك بخفة لغرفته لكن توقف فجأة على ذلك الصوت القادم من أحد الأركان وهو يردد بحنق شديد وكأنه طفل فقد لعبته المفضلة :
_ شوف دماغك ورمت ازاي مش كنت سيبتني فسيتها ....
زفر زكريا وهو يستدير لوالده ببسمة صغيرة ليجد أن والدته تجلس جواره وهي تنظر له بقلق حتى تطمأن نفسها أنه بخير :
_ اشكرك أبي...لكن كما ترى أنا بخير حال .
تحرك لؤي جهته يرسم ملامح الخوف بمهارة على وجهه وهو يضع يده على كتف ابنه :
_ بني ....ارجوك دعني افس.......
صمت قليلا وكأنه يفكر في شيء ما ثم قال يتساءل :
_ هي افس مش لغة عربية فصحى صح ؟؟؟
نظر له زكريا باستياء وهو يشعر أن والده يسخر منه :
_ ابي ارجوك اريد النوم فأنا متعب لذا ...اذا سمحت دعني اذهب للنوم ..
تركه زكريا واتجه للغرفة تاركا والده خلفه يحاول جاهدا ايجاد كلمة تساوي كلمته في الفصحى ...توقف زكريا فجأة واستدار لوالدته وقال بخفوت وخرج :
_ صحيح يا امي كلمي الآنسة فاطمة وخليها تيجي بكرة العصر لأن بعد المغرب عند مشوار مهم ..
أنهى حديثه متجها لغرفته يفكر فيما سيحدث غدا مع هادي ورشدي :
_ ربنا يستر بكرة ...معركة العصر وواحدة بليل ...شكل هتفس بقاليل كتير يا حاج لؤي ...ده انا بكره هرجع مبقلل من كل حتة ....
وفي الخارج كان لؤي مازال يفكر في الأمر بجدية كبيرة وكأنه هذه الحادثة أثارت انتباهه لهذا السر الخطير ...لذا تحرك بشرود صوب زوجته وهو يفكر في كلمة مقابله لكلمته في الفصحى ........
ألقى زكريا بجسده على الفراش وهو يتنهد بتعب شديد يغمض عينه محاولا النوم دون التفكير في أي شيء حدث اليوم ......وما كاد يسقط في النوم الا وتناهي لمسامعه صوت خافت يبدو وكأنه يأتي من النافذة التي تعلوه فتح عينه بحذر ورفعها حيث النافذة والتي يتخللها بعض الضوء القادم من الخارج وعلى هذا الضوء كان هناك جسد صغير يتحرك على قضبان النافذة ...فتح زكريا عينه يحاول التحقق مما وصل إليه ليسقط فجأة ذلك الشيء عليه جاعلا صراخه يرج المكان كله .....
_فــــــــــــــــــــــــــــــــــار .........
______________________
تحرك رشدي لداخل منزله بهدوء شديد فكما يظهر ...الجميع نائم لكن بمجرد دخوله حتى سمع صوت اغاني يصل لاذنه قادم من غرفة شيماء ....
اغمض عينه يمسح وجهه وهو يتنهد بتعب فأكيد ليست شيماء صاحبة القدم المصابة هي من ترقص الآن على تلك الموسيقي الغربية والتي يصور له عقله الان أشياء كثيرة ليس بريئة ابدا ....
رمى رشدي مفاتيحه على الطاولة ثم تحرك بهدوء لغرفة أخته وفتح الباب بحذر ليجدها ...بلاء حياته و مصدر مصائبة تقف في منتصف الغرفة ترتدي ثيابه كعادتها وهي تتمايل بشكل جعله يبتلع ريقه بصدمة فليست اول مرة يراها ترقص لكن اول مرة يراها ترقص بتلك الطريقة لذا سريعا دخل الغرفة وهو يرمقها بحنق شديد :
_ خلصتي النمرة بتاعتك ؟؟؟
وعلى عكس المتوقع لم تتوقف ماسة عن الرقص بل استمرت في الرقص أكثر..... فماسة لم تخجل يوما من رشدي وكيف ذلك وهي تقريبا قد تزوجته من سنين طويلة بعد أن قضت طفولتها هائمة به وهو يبادلها هذا العشق الطفولي بعشق يضاهيه .......دون أن يقدم على قول كلمة واحدة لها أو حتى يلمح لها بالأمر حتى أصبح الاثنان في مرحلة الثانوية لتذهب له وتخبره أن هناك شاب يزعجها ويحاول التودد لها وبعد عراك كبير بين رشدي والشاب ... ذهب مباشرة لوالده يخبره أنه يريد الزواج بها في الحال وبالطبع مراهق في الخامسة عشر من عمره حينما يطلب هكذا طلب سيتلقى العديد من السخرية والاستهزاء لكن رشدي كان لا يمزح وقتها وأصر بشدة حتى أدرك الجميع أنه جاد في طلبه ليعده والده أنه إن حصل معدل كبير في الثانوية سيطلبها له ويزوجهم ...وبالفعل انهى رشدي الثانوية بمعدلات متدنية جدا ورغم ذلك تزوجها رغم انف الجميع ليجعلها وبعد سنوات من الحب الصامت الخجول... زوجته أمام الجميع .
اتجهت ماسة صوب رشدي...وضعت يدها حول عنقه وهي مستمرة في الرقص بكل صخب وفرح وكأنها تحتفل بانتصارها الصغير على غريمتها التي تركت المنزل بوجه محمر من الغضب ...
اقترب رشدي منها هامسا بحنق رغم بسمته التي يجاهد لكبتها وهو ينظر لشيماء :
_ الله يسامحك هتبوظي عقل البنت
ضحكت ماسة بشدة وهي تقترب منه هامسة :
_ لا متخافش اختك عارفة اني قليلة الادب ..
صدم رشدي لكلمتها وابتعد عنها يهز رأسه يائسا منها ثم نظر لشيماء التي كانت تدعي انتباهها بالهاتف ليقول رشدي ببسمة قبل أن يسحب ماسة :
_ احم شيماء حبيبتي فيه بكرة عريس جاي ليكِ ..
رفعت شيماء عينها بصدمة لرشدي وهي تتساءل عن هوية ذلك الشخص الذي جاء لخطبتها ليوضح رشدي سريعا :
_ هو زميلي في الشغل وكلمني عليكِ وبكرة جاي هو وعيلته .....بصي اديني خمس دقائق وهاجي اقولك كل حاجة ...
أنهى حديثه وهو يسحب ماسة خلفه والتي انقلبت ملامحها فجأة لسماع هذا الخبر ....تفكر ماذا عن هادي ؟؟؟ ذلك الغبي الذي لا ينطق بكلمة ...
أخذ رشدي يد ماسة حتى وصل للشرفة التي تقع في الصالون ودخل إليها معها ثم ترك يدها مربعا يده بحنق وهو يرمقها بغيظ ...
_ اقدر اعرف ايه اللي عملتيه انهاردة ؟؟؟
_ كنت برقص .
وكانت هذه إجابة بسيطة من ماسة على سؤال رشدي الذي انقلبت ملامح وجهه بغيظ :
_ ماسة .....انتِ فاهمة كويس اوي أنا قصدي ايه ؟؟؟ اوعى تفكريني اهبل ومكنتش واخد بالي باللي عملتيه مع بثينة .
اعتدلت ماسة في وقفتها ثم قالت متجاهلة كل حديثه السابق :
_ هو إنت بجد هتجوز اختك لصاحبك ؟؟؟
ورغم انتباهه لتغيريها محور الحديث إلا أنه أجاب بهدوء شديد :
_ الموضوع ده يرجع لشيماء لو هي وافقت تمام ...ايه المانع ؟؟؟
_ طب وهادي ؟؟؟؟
نظر رشدي بغموض لماسة وهو يقترب منها مرددا سؤالها :
_ ماله هادي ؟؟؟
اخرجت ماسة صوتا ساخرا من حنجرتها وهي تنظر للشارع في الاسفل :
_ متقوليش انك مش عارف اللي فيها ....انا عارفة وانت عارف وزكريا عارف والعقربة بثينة عارفة وفرج عارف حتى أم اشرف عارفة ...الحارة كلها عارفة ماعدا اختك الهبلة إن هادي بيحبها....
ابتسم رشدي وهو يهز رأسه ساخرا :
_ طب اعمل ايه اروح اقوله بالله عليك يا هادي تعالى اخطب اختي ؟؟؟
صمتت ماسة ولا تعرف ماذا تقول فهي حقا حتى الآن لا تفهم سبب تردد هادي في التقدم بطلب يد شيماء :
_ اكيد لا بس .....
صمتت ولم تتحدث لتشعر برشدي يجذبها لاحضانه بحب وهو يستند بذقنه على رأسها مرددا بشرود :
_ انسي يا ماسة ومتشليش هم واللي فيه الخير ربنا يقدمه ....
______________________
صباح يوم جديد يحمل الكثير والكثير ...
انتهى زكريا من فطوره كعادته ثم تحرك للمدرسة التي يعمل بها بسبب استدعائه إليها....وفسر الأمر لقرب بداية الدراسة وأنهم لربما يحتاجونه في شيء ما .....
بينما هادي بمجرد استيقاظه تحرك سريعا صوب منزل عمه ....فهناك أمر عليه القيام به قبل أي شيء ..
توجهت مروة صوب الباب الذي يطرق منذ دقائق وتلك الكسولة ابنتها لم تكلف نفسها عناء رؤية الطارق حتى ....بمجرد فتحها للباب حتى ابتسمت باتساع وهي تحدق بهادي ..تتنحى جانبا مرحبة به :
_ هادي ؟؟؟ اتفضل يا بني ادخل ..نورت يا حبيبي .
تنحنح هادي وهو يخطو داخل منزل عمه بهدوء شديد يخفض وجهه ارضا تحسبا لوجود بثينة على راحتها في منزلها أو بدون حجاب لكن زوجة عمه والتي يبدو أنها أدركت ما يفكر به سارعت لاخباره :
_ خد راحتك يابني بثينة في أوضتها.....
ابتسم هادي وهو يتجه صوب الأريكة التي تتوسط المنزل ثم تحدث ببسمة مريبة بعض الشيء :
_ معلش ممكن تناديها يا مرات عمي ...محتاجها في حاجة ضروري .
ورغم تعجب مروة لحديثه وفضولها لمعرفة سبب رغبته في التحدث مع ابنتها إلا أنها هزت رأسها بإيجاب تتحرك سريعا لغرفة ابنتها تخبرها أن هادي في انتظارها ثم خرجت له تخبره ببسمة أنها قادمة واضافت بهدوء متجهه صوب المطبخ :
_ هروح اجهز الفطار عشان نفطر سوا
لم يعترض هادي على حديثها خاصة أنه يود الحديث مع بثينة على انفراد وبالفعل رأى بثينة تخرج من غرفتها بوجه شاحب وكأنها تُساق لموتها ....
لم يبدي هادي ردة فعل أو يتحرك حتى بل اكتفى بالجلوس ومراقبتها بهدوء شديد حتى وصلت عنده وجلست على مقعد بعيد عنه بعض الشيء وهي تتحدث بصوت خافت قليلا وبسمة متوترة :
_ اهلا يا هادي ....ماما قالتلي إنك عايز تتكلم معايا خير ؟؟؟
اعتدل هادي في جلسته وهو يرمقها بنظرات مبهمة :
_ خير يا بثينة بس يعني أنتِ مقولتليش إنك شيفاني حيوان اوي كده ؟؟؟ طب كنتِ بلغيني يا بثينة وانا اغير من نفسي لو مش عاجبك مش تروحي وتفضحيني برة .
ابتلعت بثينة ريقها وقد علت ضربات قلبها من صراحته ...وقد أتت اللحظة التي كانت تحاول الترتيب لها منذ البارحة لكن كل ما خططت له قد تبخر تماما ......
وأمام صمتها تحدث هادي بنبرة مخيفة وهو ينظر لها بشر :
_ أنتِ عارفة مين البنت اللي بحبها يا بثينة ؟؟؟؟
قد يبدو سؤالا غبيا للبعض لكن لبثينة هي تعرف جيدا ما يقصد هادي من وراءه لذا اجلت حلقها بتوتر وهي تجيبه بخفوت :
_ شيماء .....
_ ولما إنتِ عارفة اني بحب شيماء وعايز اتجوزها ...ملقتيش غيرها من بين كل الناس عشان تهزري معاها الهزار البايخ عني ده .
_ هي اللي .......
كادت تفتح فمها لولا صرخة هادي التي خرجت دون إرادته مما جعل مروة تخرج بفزع من المطبخ وهو يصرخ كالمجنون :
_ هـــــي الــــلي ايـــــه ؟؟؟؟؟هـــــا ؟؟؟ هي اللي ايه يا بثينة !؟؟؟
صمتت بثينة برعب شديد لم تتوقع هجومه هذا عليها ليكمل هو متجاهلا كل شيء يهدر بقهر شديد وحزن :
_ هان عليكِ تتهميني اتهام زي ده وقدام البنت الوحيدة اللي بحبها ؟؟؟ وأنتِ عارفة كويس اوي اني بحبها ....يا شيخة ده أنتِ اول واحدة جريت عليها وقولتها اني بحبها ومستني تكوني حلالي .
سقطت دموع بثينة بعنف وهي تنكمش على نفسها بخوف كبير من تهوره...هي تعلم أنه ابدا لن يقدم على ضربها لكن في حالته تلك هي لا تضمن شيء .....
تنفس هادي بعنف يحاول أن يهدأ نفسه لكن تلك الهيئة التي يشعر بها تكاد تدفعه للجنون لا يصدق أنها فعلت به هذا وهو من اعتبرها أكثر من اخت وذهب إليها سريعا كغبي يخبرها أنه يحب شيماء وينتظر ذلك اليوم التي تكون ملكه وماذا فعلت هي ؟؟؟ حاولت التفريق بينهم ....
اغمض عينه بوجع شديد ثم همس :
_ اتمنى بس تكوني مش قاصدة اللي قولتيه يابثينة وإنه كان مجرد هزار لاني لو اتأكدت إنه غير كده ردة فعلي مش هتعجبك ...
انهت كلماته محذرا إياها بنبرة مخيفة ثم اتجه سريعا للباب لكن قبل الخروج توقف وقال بخيبة أمل وانكسار :
_ مرة تانية متجبيش سيرتي لا بخير ولا بشر لأن وقتها أنتِ عارفة كويس أنا ممكن اعمل ايه .
أنهى حديثه وخرج من المنزل يفكر فيما فعله ....لقد تغاضى سابقا عن أفعال بثينة الكثيرة و غفر لها الكثير والكثير لكن لن يسمح لها بالتجاوز في حقه أمام أحد........وخاصة شيماء .
نظرت بثينة للباب الذي اغلقه هادي بقوة خلفه وهي لا تبدي أي ردة فعل خاصة لحديث والدتها التي تحاول فهم ما حدث لكنها تركتها ببساطة ودخلت لغرفتها دون أي كلمة ......
______________
جاء المساء وجاء المعاد المحدد لقدوم العريس المزعوم لشيماء ....تجهز هادي وهبط من البناية الخاصة به وهو يتجه لمنزل رشدي بعد أن أجرى اتصالا بفرج ليؤكد على ما اتفق معه عليه .....
خرج كلا من زكريا ووالدته من البناية الخاصة بهم واتجه زكريا صوب منزل رشدي بينما اتجهت وداد صوب منزل فاطمة للأطمئنان عليها ...فهي لم تأت اليوم في ميعادها رغم أنها أكدت على والدتها صباحا بشأن الميعاد الجديد الذي حدده زكريا ....
تقابل زكريا أثناء طريقه مع هادي الذي كان مبتسما بشكل يثير الرعب في القلوب ليتمتم زكريا في سره برعب :
_ استرها يا ستار .
اتجه الإثنان صوب المنزل الخاص برشدي ليستقبلهم رشدي ببسمة أثارت سخط هادي وبشدة....ليدفعه بغيظ شديد متجها للداخل وخلفه الباقيين وهناك بسمة خبيثة تتوسط فم رشدي ولم ير تلك البسمة التي ترتسم على فم هادي والتي كانت تضاهي خاصته خبثا
كان فرج يجلس كعادته على القهوة في مقعده المميز يحاول إيجاد كلمات مناسبة لخطاب اليوم :
_ عزيزتي ام اشرف ... إنه أنا مجددا يا حبيبة القلب ...ومن سيكون غيري ؟؟؟ فلا أحد سواي يتذكرك يا عزيزة....
صمت فرج قليلا مضيفا :
_ هو انا كده شكلي بذلها ولا ايه ؟؟؟
قطع فرج الورقة والقاها جواره حيث كومة كبيرة من الورق الذي قطعه ....
_ عزيزتي ام اشرف ...كيف حالك وحال اشرف ؟؟؟
صمت مجددا لا تعجبه تلك المقدمة زفر بضيق وهو يقطع الورق بضيق مفكرا :
_ استغفر الله مش لاقي مقدمة للخطاب ....انا ادخل في الموضوع على طول .
ولم يكد يكتب خطاب جديد للمرة المائة حتى انتبه لسيارة تدخل للمنطقة ويبدو أنها المطلوبة لمهمته التي كلفه بها هادي مقابل ارسال رسائله دون تذمر ....
انتبه فرج لتوقف السيارة قرب القهوة وهناك شاب يخرج رأسه منها وهو ينظر حوله كأنه يبحث عن شيء ليتجه له فرج سريعا محاولا التظاهر أنه يمر صدفة ....وبالفعل تحرك فرج من جانب السيارة يتصنع أنه لا ينتبه لها .....لكن الشاب لم ينادي عليه أو شيء من هذا القبيل لذا استدار وعاد يسير جوارها مجددا دون اهتمام ليتجاهله الشاب مجددا مما أثار حنق فرج الذي اتجه لنافذة الشاب وهو يطرق عليها بانزعاج :
_ انت يا جدع انت مش شايفني رايح جاي جنبك ؟؟؟
نظر له الشاب بعدم فهم :
_ نعم ؟؟؟
_ عايز ايه ؟؟؟
تفاجئ الشاب من لهجة فرج تلك وما كاد يتحدث حتى قاطعه فرج :
_ انت شكلك كده عايز بيت رشدي صح ؟؟؟
صدم الشاب من حديث ذلك الرجل وتحدث :
_ عرفت منين ؟؟؟؟
_ ياراجل باين على وشك اهو ...المهم اساسا بيت رشدي مش هنا ...
ارتاب الشاب من حديث الرجل الذي يبدو عليه الخبث ...أو الغباء لا يعلم :
_ ايوة ازاي مش هنا ؟؟
_ بص يا سيدي ... الشارع الرئيسي اللي برة جنب المقلة اللي على الناصية هتلاقي هناك شارع صغير هتدخله وتمشي لاخره وتحود يمين في شمال هتلاقي هناك قهوة هو بقى عند القهوة دي .
نظر له الشاب بشك بالفعل رشدي أخبره أن منزله جوار القهوة ....لكن هو ظن أنه في هذا الشارع ....
ابتسم رشدي وهو ينادي أحد الصبية من الشارع :
_ واد يا محمد ...
أتى المدعو محمد إلى فرج سريعا ليمد فرج يده ويفتح باب السيارة مشيرا له بالركوب :
_ روح يا محمد يا حبيبي وريه بيت رشدي ...
ابتسم الطفل وهو يصعد للسيارة قائلا بفرحة :
_ هو ده عريس أبلة شيماء ؟؟؟
هز فرج رأسه مشيرا للشاب بالتحرك ...
وبالفعل تحرك الشاب وهو يتنهد بتعب فقد نسي العنوان الذي اخبره به رشدي وهو فقط كان يحاول تذكر الشارع بالنظر للطرق وربما يكون ذلك العجوز محقا وقد علم بمجيئه لمعرفته برشدي مثلا ...فهم على ما يبدو على معرفة به وبمجيئة لأجل شيماء كما قال الطفل ....كما أنه دخل لهذا الشارع دون معرفة بالطرق ولم يكن متأكدا أنه شارع رشدي من الأساس
استدار الشاب بسيارته يسير حسب حديث الصبي الذي كلفه هادي لتضليله قليلا ...... تاركا فرج ينظر في أثره مبتسما وهو يخرج هاتفه ويرسل رسالة لهادي يخبره بنجاح تشتيته للشاب.....
انتبه هادي بهاتفه لتتسع بسمته بشكل يثير الريبة في قلوب من حوله وهو يهمس بخبث :
_ ده شكل الليلة هتبقى فل اوي .....
دمتم سالمين



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close