رواية عذاب وانتقام الفصل التاسع 9 بقلم هنا عادل
الفصل التاسع
عذاب وانتقام
سيدة عنيها لمعت بمجرد ما سمعت ايه اللى هيحصل لكمال بمجرد ما تدفن الحجاب ده، لكن فى نفس الوقت فكرة انها تدخل المدافن بليل وتكشف جثة وتدخل جوة قبرها كانت حاجة صعبة وبالنسبة لناس غير سيدة هي حاجة مستحيلة، لكن لأنها مش بتمشي غير ورا شيطانها عجبتها الفكرة وعلشان كده اخدت قرارها:
- أنا موافقة ياشيخ مبروك، مع اني مش عارفة مين اللى ممكن ادخل القبر بتاعه في الليل كده، الا اني مش هرتاح غير لما اعمل اللى انت طلبته.
مبروك بخبث:
- أنتي وشطارتك بقى يا سيدة...وياسلام لو تبقى الجثة دي لسة طازة، هتاخدي احلى شغل لو دفنتي الحجاب تحت راس جثة لسه مدفونة.
سيدة بتفكير:
- بتلعب في دماغي يا شيخنا، وده هيعطلني انا كان لازم ارجع البيت الليلة، كده هستنى لحد ما اشوف جنازة مين ممكن تطلع بكرة من بلدنا، ماهو كل يوم جنازة واتنين وتلاتة، مفيش يوم بيعدي من غير مايموت فيه حد ويتولد عشرين غيره.
مبروك:
- أنا قولتلك اللي فيها بقى، شوفي انتي اللى تقدري عليه، هو اللى هتلاقى على قده بيحصل، كل ما قلبك استقوى وسلمتي دماغك لأسيادنا كا ما هتوصلي لطلباتك بسهولة، وعلى قد اجتهادك معاهم وطاعتك ليهم على قد ما هتتبسطي اوي.
سيدة الكلام كان داخل دماغها اوي وبيكبر فكرة شيطانية جديدة فى رأسها، فكرة مينفعش تخطر على عقل بني ادم، لكن هي كانت مش بني ادمة...هي حرفيا غلبت الشيطان اللى يتعلم منها الخسة والخبث والمكر.
سيدة:
- ماشي ياسيد المشايخ...من هنا لبكرة هكون دبرت الحكاية، ومش هتفوت ليلة تانية من غير ما اكون دافنة المعلوم تحت راس جتة لسه دمها مبردش.
مبروك:
- أيوة يابت الابالسة، احب اشتغل مع الشياطين اللى دماغهم سم زيك، بيسهلوا الشغل عليا.
سيدة:
- هات الحجاب ده انا هتصرف، يلا افوتك بعافية بقى.
مبروك:
- ياسعدك الجاي يا سعدية.
اخدت منه الحجاب وخرجت من البيت بتاعه وهي بتكلم نفسها:
- أعمل لمين تاني غيرك يا كمال، لمراتك علشان تبقى اتلبست انت وهي؟ ولا أعمل لعيالك علشان تموتوا بقهرتهم، ده انا هسلط عليكم خدام الاسحار كلكم، وزى ما خليت حنان تولع في نفسها، هخليكم تغوروا فى داهية واحد ورا التاني، وابني هو اللى يبقى صاحب بيوتكم واللي حيلتكم، ااااه ماهو انت محيلتكش غير بنات وابني راجل له الحق فى كل قرش وكل طوبة.
بعد ما كانت مقررة انها ترجع اسكندرية الليلة دي، الشيطان لعب فى دماغها ورجعت على بيت أمها مرة تانية، كانت الام لسه بنفس الحال اللى كانت عليه قبل ما تخرج سيدة من البيت، لكن سيدة مهتمتش ان امها تصحى او تقلق او تطمن عليها اكتفيت بس انها تبص على صدرها وتتأكد ان نفسها لسه شغال وعايشة، قعدت سيدة على الارض وحطيت يديها على راسها وهي بتتكلم مع نفسها من تاني:
- طيب ودي اعملها ازاي؟ ماهو انا مش هينفع اعمل مصيبة زي دي واخلي حد يشك فيا!
فى الوقت ده ابتديت أم سيدة تحرك رأسها يمين وشمال دليل على انها ابتديت تفوق من نومها.
سيدة:
- صحيتي؟ قوليلي ياما...أنتي ايه لازمة انك تفضلي على وش الدنيا وانتي عامية وخرسا؟ يعني لا شايفة الدنيا من حواليكي ولا عارفة تنطقي بكلمة...يبقى الموت للي زيك رحمة.
ام سيدة انتبهت للكلام ووجهت وشها ناحية سيدة لكن هي مش شايفاها طبعا ولا قادرة ترد على كلامها، لكن دموع الام نزلت وعلى ملامحها حزن الدنيا كله.
سيدة:
- أنتي بتعيطي من كلامي ولا على حالك؟ أنا بتكلم على حالك ياما صعبانة عليا، عايشة بطولك بتستني اللى ييجي يخدمك، وحتى لو البيت قاد نار مش هتعرفي تستنجدي بحد ولا حتى تحسي باللي بيجرى حواليكي، ده انتي مش هتعرفي ترقعي بالصوت حتى، يبقى ليه تعيشي فى العذاب ده؟ بصي انا بقى قاصداكي فى خدمة العمر...أنتي الجتة اللى انا محتاجاها الليلة، ولو مش الليلة يبقى بكرة بالكتير، ماهو انا مش هعرف ادخل تربة حد بسهولة كده لو الحد ده غريب عني، وبعدين هلاقى مين يخدمني الخدمة دي غيرك؟ خلاص انتي شبعتي من الدنيا...عيالك جوزتيهم وبقيتي جدة كمان، عيشتي عمر طويل اوي يعني شبعتي من الدنيا، أنا بقى حواليا ناس عايزين يخربوا عليا ويحرموني اني اوصل للي انا عايزاه وجتتك الحلوة دي فى قبرها وقبل ما ياكلها الدود هتكون هي النجدة اللى جاتلي من السما.
كانت الام بتعيط بقهرة وهي مش قادرة تتكلم مش مستوعبة ولا مصدقة ودنها ولا مقتنعة ان اللي بتتكلم كده دى ممكن تكون بنتها، الست خايفة من بنتها وخايفة عليها، وخايفة على نفسها كمان من بنتها، مش قادرة تنطق ولا تقول كلمة لكن حاولت تحرك ايديها يمين وشمال عايزة تسند على اي حاجة علشان تقدر تقوم يمكن تحاول تخرج من البيت ده، لكن سيدة قررت انها متسمحش بده:
- رايحة فين ياما؟ عايزة تقومي ليه، خليكي مرتاحة انا معملتش حاجة ده انا لسه بس بفضفض معاكي، ولا انتي حتى صوتي مش عايزة تسمعيه؟
الست بتعيط وبتحاول تقوم بس من ضعف اعصابها كل ما تحاول تقوم من على الكنبة ترجع تنام على ضهرها مرة تانية.
سيدة قامت من على الارض وراحت ناحية مخزن صغير معمول فى اوضة من اوض بيتهم، المخزن ده اخواتها بيخزنوا فيه الغلة، وقررت تخلص من امها بكل هدوء لما اخدت حبة من حبوب الغلة وطلعت من غير ما تحس بأي تأنيب ضمير او اي حاجة تخليها ترجع عن اللى بتفكر فيه وقربت من امها:
- ارتاحي ياما، متخافيش انا كنت بقول كده علشان اضايقك يمكن تردي عليا، بقولك ايه قومي انا روحت لبتاع الاجزخانة وقاللي تاخدي البرشامة دي علشان لو الخرس اللى عندك ده وقت ساعتها وهيروح يبقى البرشامة دي هتجيب نتيجة معاكي، لو مجابش نتيجة للصبح يبقى هنروح للدكتور بقى.
الام كانت بتسمع وبتحاول تقنع نفسها ان اللى سيدة بتقوله حقيقي، لكن هي برضو لسه خايفة، من جواها عارفة انها شبعت من الدنيا وعارفة انها بتتعذب طول ماهي عايشة لواحدها لا بتشوف والجديد انها فقدت النطق كمان، عذاب لها وللي حواليها، لكن هي خايفة على بنتها من العملة اللى بتفكر تعملها.
سيدة:
- يلا ياما ابلعي الحباية.
ومن غير ما تستنى رد فعل من امها فتحت شفايفها بالعافية وحطيت الحباية وصممت انها تشربها المياه وراها بسرعة علشان مفعول الحباية يشتغل بسرعة، واضطرت الام الاستسلام وهي عارفة ان دي اخر لحظات فى حياتها.
سيدة:
- أهو كده بقى محدش هيعرف حاجة، حتى حكيم الصحة لو جه مش هيعرف ان اللى حصل ده بقصد، اصل مين اللى هيسم واحدة فى سنها ولا حتى فيه اي حاجة تخليها معرضة للقتل؟
وبعد مرور اقل من ساعة كانت ماتت الام وكانت سيدة قاعدة قصادها بتراقب انفاسها ومستنية اللحظة اللى يخرج النفس وميرجعش مرة تانية، وكأن اللى بتموت دي عدوة ليها او حد كافر يستاهل انه يموت من غير اي محاولة لأنقاذه، بتقتل امها بكل دم بارد وبكل هدوء وبمجرد ما اتأكدت ان امها قطعت النفس تماما ابتديت تصرخ...وفعلا أبتديت الناس تتجمع عند البيت، والصراحة كانت سيدة بارعة في التمثيل لدرجة انها قدرت تمثل على الكل انها فعلا منهارة وفي حالة صدمة وحزن وقهرة على امها لازم الكل يواسيها ويساعدها انها تتحمل والا هيجرالها حاجة أكيد...محدش منهم شك للحظة أنها ممكن تكون هي اللى ورا قتل امها.