رواية الدلالة رفيقة الشيطان الفصل التاسع 9 بقلم هنا عادل
رواية الدلالة رفيقة الشيطان الحلقة التاسعة
وفاة عمر قلبت الاحوال بتاعت اسرته اكتر من 360 درجة
بالنسبة لسميرة كان الوقت اصعب مما يكون
طبيعي ان ده حال الدنيا وكل يوم ناس بتتولد وناس بتموت
قضاء ربنا ولازم نرضى بيه
خسرته فى وقت هى حتى صحتها مش مساعداها انها تقدر تقف على رجليها
دخلت ناجية وعمرو معاها لأوضة فى المستشفى واخدت مهدئ علشان الحالة اللى كانت فيها
سميرة فضلت على الارض حتى مش قادرة تقوم وبرغم ان هند حاولت تساعدها لكن كل حاجة فييها كانت رافضة تخليها تقاوم ضعف حركتها
بالعكس اللى حصل لأبوها كان سبب ان حالتها تسوؤ أكتر
حركة لسانها تقلت اكتر
علاجها اللى محدش اهتم بيه هى كمان مشغلتش بالها بيه
فى الوقت ده كانت حاسة ان وجودها بعد موت ابوها مبقاش له لزوم
احساسها بالحقد ناحية امها واحساسها ان كلامها كان هو السبب فى اللى حصل لأبوها
دخل الكره جواها من ناحيتها
طول عمرها عارفة ان ناجية طبعها صعب
لكن متخيلتش فى يوم من الأيام ان صعوبة طبعها دى ممكن توصل بني ادم ايا كان هو مين
انه يحزن ويزعل للدرجة اللى بيها يخسر حياته وعمره فى لحظة
اه طبعا الموت ده حاجة لا مفر منها
لكن هى كانت سبب فى حزنه للدرجة اللى تخلى قلبه ميستحملش يقاوم اكتر من كده
استحمل منها كتير
وقبل اسلوبها سنين طويلة
استحمل سوقيتها وعجرفتها
استحمل تدني تفكيرها وهو نفسه مش قادر يقتنع هو ليه قبل كل ده وليه استحمل كل ده
يمكن فعلا حبها
يمكن بناته كان اقوى سبب يخليه مضطر يحافظ على علاقته بيها
الأتنين كانوا غير بعض تماما ومختلفين فى كل حاجة
لكن برغم عن كده كمّل معاها لحد ما حياته انتهت
وسط تفكير سميرة فى كل اللى حصل
وقهرتها على ابوها
ودعواتها لربنا انه يجمعها بيه فى نفس اللحظة
كانت مروة بتفكر فى حاجة تانية
خلاص ابوها مات
والميت مش هيرجع
وده حال الدنيا
الزعل مش بيدوم العُمر كله
والدنيا عمرها ما بتقف على حد
لكن دلوقتى امي قالت كلام غريب
كلام كبير
له معاني بعيدة لازم اعرفها
اصل امي بتقول انها مش ده اللى اتفقت عليه
بتقول انه جابته ومتفقتش انه يبعد
بتقول انها بتدفع تمن وصولها له السنين دى كلها
امي بتقول كلام يدل على ان ابويا ده مرتبطش بيها بمزاجه
معقول تكون امي عملت سحر لأبويا
اه
ليه لاء
امي اتوقع منها اي حاجة
ست قلبها ميت
مبتخافش من حاجة ولا بتخاف على حد
مبتحبش تخسر حاجة
ومينفعش تبقى عايزة حاجة ومتوصلهاش
معقول امي لها فى الاعمال والسحر
وانا عايشة زى الهبلة كده
ياااااااااه يا ماما لو طلع اللى بفكر فيه ده هو الصح
دى هتبقى الدنيا فتحتلى دراعاتها بجد
نخلص بس من الكعبلة دى
وافوق انا ليكي وللى انتى قولتيه
ماهو انا مش هعدي الكلام ده بالساهل كده
خرجت ام هند وعمرو من اوضة ناجية بعد ما اتأكدوا ان المهدئ نيمها
كانت مروة قاعدة على كرسى فى الممر ساندة رأسها على الحيطة ومغمضة عنيها
وكانت سميرة قاعدة على الارض ساكته ودموعها نازلة من سُكات وجنبها هند بتحاول تهدّيها
– لاحول ولا قوة الا بالله
– ياعيني عليكي يابنتي
– أنتي فى ايه ولا فى ايه بس
– الموضوع ده يا مرات عمي هيأثر عليها تأثير سلبي
– خليكي جنبها أنتي وهند مامتها مش حاسة بالدنيا من حواليها
– الصدمة كبيرة عليهم
اتحركت ام هند وعمرو ناحية سميرة
سندوها مع بعض وقامت من على الارض قعدوها على كرسى جنب مروة اللى كانت حابة انها متتكلمش مع حد ودماغها فى دنيا تانية
كان عمرو واقف يبص لسميرة وصعبان عليه حالها
لكن مرات عمه بكلامها شتت تفكيره شوية وغيرت ملامحه اللى كان واضح عليها التأثر بحال سميرة
– سميرة يا حبيبتى شدي حيلك ده حال الدنيا
– وبعدين انتى لازم تبقى جدعة كده علشان تسندى امك اللى مش حاسة بالدنيا من حواليها دى
– صح يا سميرة ماما عندها حق
– أنتى المفروض تبقى اقوى من كده
– وبعدين عمو عمر ده راجل طيب جدا، شوفتى ربنا رحمه من غير ما يتعب ولا يتوجع، ولا حد يضايق منه ازاى
– يعنى ربنا بيحبه والله، ودى حاجة تهوّن عليكي الزعل شوية
كانت سميرة دموعها نازلة وابتديت تحاول تتكلم بصعوبة
– مش قادرة فكرة انه مش موجود فى البيت، مش عارفة استوعبها
كانت بتتكلم ببطء ولسانها بيجمع الكلام بصعوبة
وعمرو لاحظ ده
– على فكرة يا سميرة انتى اكيد مأخدتيش العلاج بتاعك،
– وده غلط جدا
– مش عايزة علاج ولا عايزة اخف،ايه اللى هيتغير لو خفيت،بابا هيرجع تاني،أنا عايزة اروحله،أنا ماليش حد تانى من بعده.
– كده برضه يا سميرة،اخص عليكي يا حبيبتى،وبعدين ايه مالكيش حد دي؟
– وأختك مروة،ومامتك،وانا وهند صاحبتك واختك،كلنا جنبك اهو وتقولى مالكيش حد؟
– طيب يا مرات عمي انا هروح اشوف ايه الاجرأت اللى محتاجة تخلص،وكمان هشوف ايه الأدوية اللى سميرة هتحتاجها،وهبعتلكم حد من التمريض لو محتاجة حقن او محلول.
– ماشى يا حبيبى،تسلم ياعمرو تعبت معانا،طول عمرك صاحب واجب يا حبيبي.
–
– أبقوا اطمنوا بس على انسة مروة،لأنها على الوضع ده من بدرى.
– ماشى يا عمرو،روح أنت وانا هطمن على مروة،بس حاول تتصل على مي بقى علشان اتصلت بيا وسألتني عليك،وأنا مطولتش معاها علشان الوضع اللى أحنا كنا فيه فى البيت.
– خلاص يا هند،أنا هتصل بيها،متشغليش بالك انتي.
عمرو فعلا راح يخلص باقى الأجرأت،وراح اتكلم مع دكتور المخ والأعصاب علشان الوضع الصحي الخاص بسميرة،وراح الدكتور تابع سميرة وشاف اللازم وعمله،أما هند كانت جنب مروة اللى فضلت ثابته على وضعها،للدرجة اللى خليتهم يعتقدوا انها نايمة،لكن مروة كانت سامعة كل اللى بيحصل حواليها بس دماغها شغالة،ياترى عمرو ده هو الشخص اللى يستاهل اني ادور على السحر والأعمال علشان اوصله،ولا فيه حد تانى ممكن يكون أحسن منه؟
الوقت كان مش مناسب ابداً لتفكيرها ده،لكن هى مروة واخدة طبع ناجية،قلبها جامد،ومبتعرفش تزعل على حد،حتى لو الحد ده ابوها.
فات اليوم خلصت كل الاجراءات،الجنازة هتكون تاني يوم،هيصلوا عليه الظهر،ناجية فاقت من اثر المهدئات،لكن نفسيا كانت مش قادرة تستوعب ان عمر خلاص مبقاش موجود..لأول مرة بناتها يشوفوها ضعيفة بالشكل ده.
سميرة من بليل لحد الصبح اخدت اكتر من حقنة للأعصاب،اخدت ادوية ومحاليل تعّوض قلة الأكل فى الفترة اللى فاتت دى كلها.
مروة قاعدة مع ناجية فى اوضتها،وبتحاول تمسك لسانها بأى شكل فى انها تسألها عن معنى الكلام اللى كانت بتقوله،لكن هى مقتنعة ان مش ده الوقت المناسب لأى كلام.
أما هند ومامتها كانوا مع سميرة شوية،ويروحوا يطمنوا على ناجية شوية.مسابهومش لحد ما النهار طلع وهما معاهم فى المستشفى.
عمرو خلص كل حاجة كان ممكن يحتاجوله فيها،وكان لازم يرجع البيت علشان مامته واخته اللى مش مبطلين اتصالات،وبلغ مرات عمه انه هيكون موجود معاهم وقت الجنازة.
– فى ايه يا عمرو؟
– كل ده معرفش انت فين،ولا مع مين،ولا بتعمل ايه؟
– انت مالكش ام تحترمها وتقولها يومك ماشى ازاى؟
– ماما،والله انا تعبان جدا،حقك عليا بس صدقينى الوضع كان صعب جدا مكنتش فاضى خالص انى ابص على تليفوني،انا حتى لغيت كل الحالات اللى كانت عندى،وبعتهّم لكريم فى عيادته.
– يابني طيب قولى فى ايه،ابقى مطمنة عليك،مش ابقى لا عارفة اوصلك،ولا حتى هند وامها يفهمونا فى ايه.
– جارهم اتوفى،واهله ستات ومعرفوش يتصرفوا،ومرات عمى لما فكّرت فيا قالت انى ممكن ابعتلهم حد تبعي،لكن انا اللى روحت.واضطريت افضل معاهم بقى علشان كانت الست وبناتها حالتهم صعبة جدا،الام وواحدة من البنات محجوزين فى المستشفى,والراجل الله يرحمه فى التلاجة هيطلعوا بيه بكرة الصبح.
– لاحول ولا قوة ألا بالله،ربنا يصبرهم
– مين الناس دول يا عمورة؟
– هيفرق معاكي في ايه يا مي؟، ناس جيران مرات عمك، هو أنتى عارفة جيرانهم كلهم؟
– لاء مش كلهم،بس اعرف ناس فيهم يعني،اوعى تقولى ان حالة الوفاة اللى بتقول عليها دى تكون عند البت اللى كانت بتعاكسك؟
– أخوكي دكتور يا مي،يعني مش هيفرق بالنسباله مين ولا مش مين،ده شغله يا حبيبتي،وبعدين ده بيقولك حالة وفاة،مش تمثيل يعني ولا بيجيبوا رجليه مثلا علشان تضايقي.
– الله ينور عليكي يا ماما،انا هدخل اخد دش بقى واغير هدومي،وأنام ساعتين،علشان هروح المستشفى الصبح واحضر الجنازة معاهم.
– هو فى ايه يا عمرو،انت مش خلاص عملت اللى يخص شغلك،تحضر الجنازة ليه بقى؟
– أدخل يا عمرو يا حبيبي أرتاح،مي بس زعلانة على تعبك وقلة نومك لحد دلوقتى،والصبح أن شاء الله هاجي معاك اعزيهم،اه انا معرفش الست،لكن هى اتصلت بيا واعتذرتلى على اللى بنتها عملته،وكمان مروة بنتها كانت ذوق معانا.
– طول عمرك بتفهمى فى الواجب يا ماما،اتعلمي من ماما يا مي بدل ما تفكرى فى الغيرة والخوف عليا وبس،أفصلي يا حبيبتي ماشى،يلا بعد اذنكم.
دخل عمرو حضّر هدومه ودخل الحمام ياخد الدش بتاعه،لكن مي كانت متغاظة جدا ان عمرو قضى وقت طويل اوى مع الناس دى،برغم ان الوضع يقول أنهم أكيد مش فايقين لأى حاجة من اللى هى خايفة منها،ألا أن كرهها الغير مبرر لسميرة مخليها مش طايقة نفسها،ولا حتى طايقة أن اخوها يمارس واجبه المهني مع الناس دي الذات.
– مي بطّلي الجنان ده،اخوكي بيقول كان فى المستشفى معاهم،وحالة وفاة وحالتين محجوزين،يعني مفيش اى حاجة تضايقك،بلاش باللى بتعمليه دى تلفتى انتباهه لحاجة مش موجودة،وبدل ما نبقى احنا مش عايزينه ياخد باله من الناس دى،بتصرفاتك هتخليه يركز معاهم أكتر.
– بصراحة خايفة ياماما،حاسة ان عمرو هيقع مع واحدة فى البنات دى،وانا لا طايقة البت التخينة دى،ولا مرتاحة لاختها الكبيرة.
– خلينا بس نروح مع اخوكي الصبح نحضر الدفن،وبعدها نشوف في حجّة ايه تانى تخليه يتقابل معاهم،ساعتها هيلاقونى أنا اللى فى وشهم.
– ماشى يا ماما،بس خلي بالك انا مش هقبل ان واحدة منهم تاخد أخويا مني،صدقيني هوريها النجوم فى عز الضهر.
– يا هبلة اخوكي ميقدرش يزعلني،ولا هيقبل ابدا يزعلك،بس بالراحة مش بالعافية علشان أنتى عارفاه مبيحبش حد يفرض رأيه عليه،خلينا منكبرش الحكاية فى دماغه،لأني برغم انى مش طايقة البت الصغيرة،ألا ان قلقى كله من أختها.
خلص كلامهم على انهم هيروحوا مع عمرو علشان يقدموا واجب العزاء,عمرو اخد الدش بتاعه وراح فى النوم فى اقل من دقيقة من تعبه وطول اليوم اللى عاشه معاهم,سميرة نوعا ما احسن من الليلة اللى فاتت،لكن هى لسه تعبانة برضه,ناجية ومروة فى الاوضة لواحدهم
وناجية سرحانة فى دنيا تانية..
– للدرجة دى كنتى بتحبي بابا يا ماما؟
كانت ناجية سمعاها لكن ساكتة مش بترد
– طيب ليه علطول كنتى بتعملي معاه مشاكل،متخيلتيش انه يزهق ويسيبك،متوقعتيش فى يوم من الايام أن اللى احنا فيه دلوقتى ده يحصل؟
– لاء متوقعتش،مفكرتش يا مروة،فكرته هيبعد لما احب انه هيبعد،لكن كنت عارفة انى هفضل مالكاه لحد ما انا اللى ازهق،وبرضه مش الموت اللى كان فى دماغى،ولا فكرت انه يبعد عني ألا لو بس انا زهقت منه،لكن انه يموت كده بالسهولة دى،مفكرتش فيها.
– ليه فكرتي ان السحر اللى انت عملتيه هيتحكّم فى عُمره كمان؟
– اه يا مروة،كنت فاكرة ان عُمرهُ بأيدي أنا،متخيلتش أن الشخص الوحيد اللى قررت أنى اربط حياتى بحياته يكون مصيره فى ايد حد غيري..
– حد غيرك ايه يا ماما،مصيره ومصير الدنيا بحالها فى ايد ربنا،أنتى مستوعبة أنتى تفكيرك الشيطاني وصلك لأيه؟
ركّزت ناجية فى الكلام اللى بيدور بينها وبين مروة،ولاحظت ان مروة سحبتها لكلام مكانش ينفع يتقال،وعرفت ان مروة قدرت بطريقتها فى سحب الكلام توصل لحاجات امها عاشت سنين مخبياها،ومحدش يعرف عنها حاجة غير ناجية وبس،وده خلاها تبص لمروة بذهول وصدمة من الكلام اللى اتقال بينهم،فى الوقت اللى كانت مروة بتبص لأمها وهى مبتسمة وكأنها اتفتحت لها بوابة تحقيق الأمنيات،وعرفت ان أمها هتكون هى الطريق اللى يوصلها لكل اللى هتحتاجه،ومختلفش تفكير مروة الشيطاني،عن تفكير امها اللى لغى وجود قدرة ربنا ووصّلها أنها تعتقد ان حتى الأعمار فى ايديها انها تتحكّم فيها.