رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل الخامس والتسعون 95
"أعتذر آنسة أمل بالنيابة عن الخادمة فهي لم تقصد أن تسقط عليك المياه. لما
لا تدخلي لتغيري ثيابك؟"
اصطدمت بها هلا التي نظرت إلى لباس خلود الأسود بفضول، إنها تخفي قوامها
كليا ولا أستطيع رؤية أي شيء.
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
ارتعشت خلود من البرد أنا متأكدة أن الخادمة تعمدت رشي بالمياه. شعرت
بالضعف.
لم تحضر معها أي ثياب إضافية كما أن معطفها الأسود تبلل والتصق بجسدها.
لم تتوقع أنه قد يصدر من جمانة عملا كهذا.
لم يكن لديها خيار آخر إلا أن تدخل لتبادل ثيابها تبلل معطفها بالكامل ولكن
لحسن حظها أن القناع لم يتلف.
إذا تلف هذا القناع سأصبح في ورطة كبيرة!
بعد بضع دقائق ارتدت خلود فستان أبيض اللون
عندما نزلت السلم لاحظت خلود أن جمانة أصبحت أكثر سعادة بعد أن خلعت
لباسها الأسود. "آنسة أمل لما لا تأتي إلى هنا وتجلسي معي؟"
توجهت خلود نحوها وهي ترتدي قناع أسود تحت قناعها الحالي كي لا تكشف
أي زاوية من وجهها غير عيناها.
تأملتها جمانة مليا. لا تبدو مختلفة عن أي فتاة أخرى إلا أن قوامها نحيل جدًا.
وضعت كوب القهوة الذي بيدها على الطاولة وقالت: "آنسة أمل أنت تعملين
الآن كمصممة خاصة لي لذا عليك أن تخبريني في مكان عملك. سأرسل لك
السائق ليوصلك في الغد".
توترت خلود. ليس من السهل خداع السيدة هادي وأنا أعلم ذلك جيدا، لذا إن
أخبرتها عن مكان عملي ستنكشف هويتي. لا أعمل بعيدًا من هنا لذا لا داعي
في أن تقومي بهذا".
أرادت جمانة أن تكشف أكثر عن هويتها لكنها لم تمنحها الفرصة. "سأعود للعمل
الآن". نهضت خلود وتوجهت إلى الطابق العلوي.
شعرت جمانة بأن هذه الفتاة مألوفة للغاية وهي تراقب رحيلها لما تذكرني
بتلك الشقية في قصر الحديقة الخلابة؟
بعد التفكير مليا بالأمر رأت أن هذا التفكير غير معقول. إن التصاميم التي
تصممها أمل بالغة الحرفية والتعقيد. لا يمكن لتلك الشقية امتلكها لمهارات
كمهارات أمل المتميزة ! لا بد أنه مجرد تشابه في جسدهما.
سألت هلا بحذر: "سيدة هادي سمعت أن المصممين الموهوبين قد يكونوا غير
اجتماعيين هل سنزعجها بفعل ذلك؟"
اعتقدت جمانة أن هلا على حق. استأجرتها هنا لتصنع لي فساتين طالما أن
العمل يتم فلا بأس.
لم تتنفس خلود إلى أن دخلت الغرفة. هذا أكثر خطورة من المشي على حبل
مشدود.
جلست أمام آلة الخياطة وبدأت بالعمل بجد وإخلاص.
إن الفستان هو الأمر الوحيد الذي يشغل ذهنها الآن وإنجازه في أسرع وقت
ممكن حتى ترجع إلى منزلها.
أخذت خلود استراحة ونهضت لتمد ذراعيها. إن الغد عطلة نهاية الأسبوع لذا
تخطط للعمل في وقت متأخر هذه الليلة.
زمجرت معدتها جوعا فجأة. لقد تأخر الوقت كثيرًا . لا بد أن السيدة هادي تنام
الآن.
لاحظت أن الأضواء في غرفة الجلوس لا تزال مضاءة عندما نزلت السلم. دخلت
المطبخ وأخرجت بعض المكونات من الثلاجة.
قامت بتحضير طبق من المعكرونة.
عندما التفت لتأخذ بعض الأدوات ظهر شخص طويل خلفها أرعبها.
"نائل لما أتيت مرة أخرى؟" افترضت خلود أنها ستعاني في النهاية من نوبة
قلبية إذا واصل على مفاجأتها كذلك.
عاد نائل للتو من جولته التفقدية. كان قلقًا بشأن بقاء خلود وحدها في منزل
هادي لذا جاء عمدًا لزيارتها.
يعرف والدته جيدا، إذا اكتشفت جمانة هوية خلود فسوف تغضب بلا شك.
" ماذا تأكلين؟ دعيني أكل بعضا منها.
هزت يدها في وجهه وحملت طبق المعكرونة من المطبخ. "كلا. نحن غرباء الآن
لذا توقف عن إزعاجي. ألا يستطيع أن يحضر طعامه بنفسه ؟ علي أن أكون أكثر
حذرا.
راقبها نائل وهي تحمل الطعام للطابق العلوي لم تظهر أي رغبة في ترفيهه.
نحن متزوجان لذا لما علينا أن نتصرف كالغرباء؟ أنا نادم على دعم قرارها في
المجيء إلى هنا كان علي أن أدعها تبقى في المنزل وتبقي سريري دافئا.
صعدت خلود السلم وأغلقت الباب قبل أن تخلع قناعها لتتناول وجبتها. بعد أن
شبعت معدتها واصلت العمل.
عندما تعبت اضطريت على الطاولة وغفت في صباح اليوم التالي أيقظتها
طرقات على باب غرفتها مما دفعها لفتح عينيها فجأة.
وضعت على عجل قناعها الثقيل قبل أن تذهب لفتح الباب. وإذ بنائل يدخل
الغرفة محضرًا وجبة فطور
" لماذا أنت هنا مرة أخرى ؟ هل يشعر بالقلق من أن الآخرين قد يكتشفوا أنني
خلود؟
أغلق نائل الباب خلفه وأجلسها على الكرسي. إذا كنت لا تريدين أن يلم سرك
تناولي الطعام.
لم تستطع أن تجادله، أو بالأحرى لم تستطع مقاومة إغراء الفطور. أزالت قناعها
كاشفة عن وجهها الناعم والفاتن
لمس نائل بلطف أذن خلود وفرك جسر أنفها بلطف الذي طبع عليه علامة حمراء
من ارتداء القناع لفترة طويلة "هل يؤلمك ؟ "
هزت برأسها وهي تركز على تناول وجبة الفطور.
في لحظة تحولت الأجواء داخل الغرفة إلى سعيدة إلى أن سمعت سلسلة أخرى
من الطرقات العاجلة. هذه المرة كانت هلا تقف خارج الباب. "آنسة أمل افتحي
الباب! وإلا سنقتحم !"
كادت خلود تختنق بالطعام عندما سمعت صوت .هلا يا للهول ! ماذا أفعل؟ إذا
دخلت السيدة هادي، فسوف ترى نائل معي في نفس الغرفة. ستكشف هويتي
بالتأكيد!
" انتهيت هذا كله بسببك. أمسكت خلود ببدلة نائل بقلق حتى بدأت الدموع
تتجمع في عينيها. "قلت لك ألا تتمسك
بي لكنك لم تستمع"
قرص وجهها وأخبرها أن تهدأ. "لا تخافي إن زوجك هنا لمساعدتك في ترتيب
الأمور".
نظرت إليه بحيرة وشعرت بالارتباك أكثر عندما رأت تعبيره الهادئ.
عبست جمانة خارج الباب وبدت وكأنها على وشك أن تنفجر من الغضب. لقد
سمعت للتو من الخادمة أن نائل قد أحضر وجبة فطور للآنسة أمل. إذا كان
الأمر كذلك حظا فمن المرجح أن تكون أمل هذه خلود!
طرقت هلا على الباب عدة مرات لكن لم يرد أحد.
أخرجت مفتاحًا احتياطيًا وفتحت الباب وكشفت عن شخصين متلاصقان
ببعضهما البعض.
نظرت جمانة الى خلود بقسوة شديدة.
تحمل خلود شريط قياس حقا وكانت المذكرة على الطاولة مليئة بالقياسات
المسجلة. الاثنان قريبين جدًا من بعضهما لأنها كانت تقوم بعملها.
"هل تحتاجين إلى قفل الباب فقط لأخذ القياسات؟"
كان ظهر خلود مغطى بعرق بارد وحتى أطراف أصابعها متيبسة قليلا. ولكن من
الناحية الخارجية تبدو أنها تقوم بأخذ قياسات نائل فحسب.
قناعها يخفي ملامحها ولم تستطع رؤية غير عيناها اللامعتين. قامت بقياس
الأحجام المطلوبة وسجلت الأرقام وجمعت المعلومات اللازمة بسلاسة دون
مواجهة أي مشاكل.
"نائل" خفض يديه وعدل ربطة عنقه بلا اهتمام ثم ألقى نظرة جانبية وسأل:
"لا أحب أن يزعجني الآخرون ألا تعتقدين أنك وقحة بعد الشيء لاقتحامك
كهذا؟"