رواية انا جوزك الفصل الثامن 8 بقلم شيماء سعيد
الفصل الثامن.
أنا_جوزك.
الفراشة_شيماء_سعيد.
صدم من بحر الجراءة الذي تعيش بداخله، رفع عيناه لعينيها و هنا كشف إمرأة، خائفة، متوترة، ضعيفة، لطيفة، بها كم من البراءة سرقت به جزء كبير من تفكيره....
طوق خصرها ثم حول الوضع لتعود أسفله مرة أخرى، رغم حديثها المشاغب و رغبتها الواضحة به إلا أنها بكلا الأحوال فتاة عذراء تخشى القادم..
أخذ خصلة منها و وضعها على أنفه هامسا :
_ أنتِ عايزة توصلي لفين يا سمارة...
ربما الأمر أصبح خطورة من رسمها و توقعاتها، دلفت للعتمة حتى تخرجه منها و لكن العكس صحيح أخذها هو بالأعماق أكثر، ارتفعت دقات قلبها قبل أن تتوه بداخل مقلتيه الساحرة قائلة :
_ أوصلك..
هل رأت إبتسامة انتصار واضحة رسمت على شفتيه أم هذا تخيل منها؟!.. ابتلعت ريقها بقوة منذ متى و سمارة تخسر ما تريد الوصول إليه،، ردت له الإبتسامة بأخرى ليقول هو بمحاولة أخيرة في ارهابها :
_ كدة تبقي بتلعبي بالنار..
أومأت بقوة قبل أن تمسكه من عنقه مردفة بتصميم :
_ أنا مش بس هلعب بالنار أنا مستعدة أعيش فيها لو ده هيخليني جنبك...
تعصب فجأة بطريقة جعلتها تخشي إكمال ما بدأته معه لعدة لحظات، ابتعد عنها ثم وقف أمام الفراش مشيراً إليها بشكل عشوائي قبل أن يتحكم بأعصابه مردفا ببرود :
_ أنا مش زي ما أنتِ عايزة، نصيحة مني ليكي ابعدي قبل ما تخسري كل حاجة وقتها الندم مش هيفيد..
قفزت غير مهتمة بألم ساقها، جذبته إليها و عادت للتعلق بعنقه تود إعلان ملكيتها عليه بشكل صريح ثم أردفت بنفس بروده :
_ أنا عايزة أجرب و زي ما أنت قولت لو في خسارة محدش هيطلع خسران إلا أنا، سبني أحبك و بس...
قالتها ليلة أمس تحت تأثير المرض، سمعها منها من قبل إلا أنها الآن عصفت به بكل مهارة، أخذ رنين الكلمة يهز جزء كبير من قلبه جعله يعلن العصيان على تلك المشاعر أكثر و أكثر، حملها ليذهب بها للفراش مجددا ثم وضعها عليه قائلا بتحذير :
_ لو بقيتي مراتي هتبقى حق ليا نفسك مش هيخرج من بين ضلوعك إلا بإذن مني، أكتر حاجة بكرها في حياتي هي الكذب يا سمارة لو عايزة تقولي حاجة قوليها دلوقتي قبل ما تبقى الغلطة بعمر..
خافت؟!.. نعم خافت... بيدو أن المعركة أكبر بكثير من توقعاتها، للحظة أرادت البوح بكل شيء و لكنها تخشي الفراق فهي أضعف من وجعه، حركت رأسها نافية ثم أغلقت عينيها هامسة :
_ لازم تحبني برضاك أو غصب عنك لازم قلبك يدق ليا و لسانك يبقى دايما بيردد اسمي، عايزة أبقى النفس اللي بيخرج من بين ضلوعك...
من أول مرة رآها علم أن قصتها معه ستكون حكاية طويلة، قدرت بفترة وجيزة إشعال نيران الأشواق بصدره، وضع يده على ظهرها لينزل بسحابة فستانها الوردي الطويل و رأسه تقترب من عنقها مرددا :
_ اللي بيختار طريق لازم يبقى عامل حساب النهاية يا حضرة المحامية..
ردت بتحدي :
_ و أنا واثقة من نهاية طريقي يا دكتور صالح...
______ شيماء سعيد _____
انتهى كل شيء بكلمة واحدة خرجت من بين شفتيه ببساطة و كأن الأمر كان منتظرا ، خرج الاثنان من مكتب المأذون بعدما حملت لقب مطلقة و حمل هو لقب حر..
رفضت السماح لدموعها بالسقوط، أرادت أن تكون قوية و لو لمرة واحدة أمامه، رسمت على ملامحها إبتسامة مهزوزة قائلة :
_ أنا همشي بقى يا حسن.. سلام..
متوتر لا يعلم أهو أخطأ بطلاقه لها أم فعل ما يرغبه لأول مرة دون النظر لأي قيود، مسك كفها يمنعها من الذهاب قائلا :
_ رايحة فين إحنا جينا سوا و هنروح سوا..
أزالت يده من عليها بقوة تعجب لها، هذه ليست لمسة حبيبة الناعمة دائماً إليه، زفرت بقوة مردفة :
_ أيدك تبقى في جانبك مش مسموح لك تقرب مني مرة تانية، أنت خايف أمشي لوحدي صالح يعرف فتمام يلا روحني...
لم تحبذ سماع أي رد منه، قلبها يؤلمها لدرجة يصعب تخفيفها إلا بصرخة قوية تريحها من تلك النيران التي تأكلها بلا رحمة، صعدت بالسيارة بالمقعد المجاور للسائق، جلس بجوارها ثم أردف بتوتر :
_ حبيبة أنا عارف إنك موجوعة و معاكي حق، يا ريت أقدر أتحكم في قلبي كنت حبيتك، أنا ممكن أرجعك من غير ما حد يعرف و الأولاد تبقى بنا...
رفعت كفها الصغير تشير إليه بالصمت، كل كلمة تخرج من فمه تشعرها كم هي عاشت سنوات زوجة له بلا قيمة، ابتسمت إليه بهدوء ثم قالت :
_ قولتلك زمان يوم ما تحب تعالى و قولي و أنت عملت كدة فعلاَ، أنا في كلا الأحوال مكنش ينفع أبقى نمرة اتنين اذا كانت مراتك الجديدة قبلت بيا أو لأ، دلوقتي أنت أبو ولادي و بس يا حسن، و أنا هقول لصالح إني أنا اللي طلبت الطلاق عشان تفضلوا أصدقاء...
إمرأة كثيرة جداً عليه، سيظل الباقي من عمره يحترمها و يقدرها، فخور أنه أنجب من إمرأة مثلها فتى و فتاة يأخذوا منها المعنى الحقيقي للقيم و الأخلاق، أبتسم إليها باحترام حقيقي قائلا :
_ طول عمرك بنت أصول يا حبيبة، لو في يوم احتاجتي أي حاجة خليكي متأكدة إني هبقي على طول جانبك أخ و صديق، ده اللي بنا عشرة 11 سنة..
ردت عليه بهدوء قبل أن تعود بالنظر للطريق بجوارها :
_ أنا و أنت لا هينفع نكون أخوات و لا حتى أصدقاء يا حسن مينفعش بعد اللي كان بنا، بس هتفضل أبو ولادي، لو سمحت اتحرك ده معاد المدرسة بتاعت حور و حمزة..
_______ شيماء سعيد _______
بمنزل شعيب الحداد..
صممت صافية على استكمال لعبتها خصوصاً بعدما علمت بوجود السيدة غادة بالحديقة مع شعيب، نزلت للأسفل بخطوات طفولية مدللة استقبلتها السيدة أنعام أسفل السلم بابتسامة حنونة قائلة :
_ تعالي يا صافية عايزة أتكلم معاكي شوية قبل ما تخرجي تحرقي دم شعيب..
أومأت إليها صافية بالقليل من التوتر و ذهبت خلفها لغرفة المكتب، جلست أمامها لتبدأ السيدة أنعام بالحديث بهدوء :
_ أنا عارفة كل حاجة و كمان عارفة طريقة جوازك من شعيب، بس عندي سؤال واحد لأزم أعرف الإجابة بتاعته الأول قبل ما أقرر أساعدك أو لأ..
وضعت صافية أحد أصابعها على خصلاتها المرسومة على شكل ضفيرة قطتين مردفة بشجاعة تحسد عليها :
_ اتفضلي يا طنط أنا سامعة حضرتك كويس و أكيد لو عندي الإجابة مش هتأخر...
السيدة أنعام :
_ أنتِ اتجوزتي من ابني من فترة قليلة جدا أكيد ده مش حب، كنتي عارفة من البداية إنه خاطب و اتجوزك مساعدة ليكي مش أكتر، بتعملي كل ده ليه يا صافية...
هذه المرأة ليست بسيطة بالمرة و لكن الأفضل لها أن تكون معها و ليس العكس، أخذت نفس عميق ترتب به جميع أفكارها قبل أن تتحدث بجدية :
_ أكيد مش حب بس إعجاب، أو حاجة أكبر من الإعجاب أنا مش عارفة إيه هي لكن المتأكدة منه إني مش هقدر أعيش يوم واحد بعد كدة من غير شعيب، ده جوزي و أنا مش هسمح لحد ياخده مني حتى لو حبسته و قفلت عليه هعمل كدة...
نظرة الارتياح بعين والدته أعطت لها لذة الانتصار، ها هي قد وصلت لأول خطوة فيما تريد، لو انطبقت السماء على الأرض يستحيل أن تحمل لقب مطلقة قبل أن تتم عامها العشرين، استأذنت من السيدة أنعام و خرجت للحديقة..
ظلت ساقيها متجمدة دقيقة تستوعب ما تراه أتلك المرأة تقبل شعيب أم هي تتوهم ذلك؟!... نعم تقبله و هو يستقبل كل هذا بصدر رحب، زاد الأمر سوءا مع ضمه لخصرها... أهو مستمتع أم ماذا؟!..
ترقرقت الدموع بداخل مقلتيها و كلما قالت لنفسها أنتِ أقوى من البكاء هذا يجعل الدموع تسقط بغزارة أكثر رغماً عنها، انفجرت بالبكاء بصوت يشبه اقتراب سيارة الشرطة..
انتفض شعيب بعيدا عن غادة التي احمر وجهها من شدة التوتر و الخجل، سقط قلب شعيب أرضا بالفعل خائفا من رد فعل المجنونة الصغيرة، ذهب إليها بخطوات أشبه بالركض جذبها إليه هامسا :
_ اهدي و بطلي عياط و فضايح، تعالي نطلع فوق..
أزاحته بعيدا عنها و هي تشير على غادة التي تركت لهما المكان و فرت مردفة :
_ هي كانت بتبوسك و الا أنا مش بشوف كويس، أوعى تقول الحقيقة اكذب عليا...
بالفعل لا ينفع معها سوي الكذب بموقف مثل هذا، أومأ برأسه عدة مرات ثم أردف ببعض الهدوء :
_ أنتِ مش بتشوفي كويس يا صافية....
قاطعته بصريخ و بكائها أصبح لا يتحمله أحد :
_ اسكت يا كداب، عامل بدل المصيبة اتنين بس هقول إيه مانت طول عمرك خاين..
وضع كفه سريعاً على فمها يمنعها من أسترسال حديثها السام، نظر لها و يا ليته لم يفعل دائماً نظراتها تضعفه، الغيرة كانت واضحة بداخلهم أصابت قلبه بنشوة غريبة، لابد أن يعترف بشيء جميل بداخله يتحرك مع رؤية تلك الفتاة، حمحم بضيق قائلا :
_ دي خطيبتي أنا معملتش حاجة غلط..
عضت صافية على كفه الموضوع علي فمها ليكتم ألمه مبتعدا عنها، لتردف :
_ ده أنت كلك على بعض غلط، سايب الحلال و ماشي ورا الحرام بالمشوار...
جذبها لتبقى داخل صدره، تركزت عيناه على شفتيها و كل ما به يطلب منه تنفيذ طلبها و تذوق طعم تلك الكارثة التي تتحرك، ابتعد عنها سريعا قبل أن يذهب معها للهاوية، صافية صغيرة لا تعرف عواقب ما تفعله...
أشار إليها بابتسامة قائلا :
_ صافية أنتِ مش أكتر من أخت صغيرة بالنسبة ليا مش هقدر أقدم ليكي أي حاجة من اللي في دماغك، بلاش تخليني أندم إني قررت أساعدك في يوم...
_ أنا آسفة...
_ على إيه؟!...
أجابته بنبرة لم يفهمها أبداً أهي حزن أم كبرياء :
_ على كل حاجة، تدخلت في حياتك بشكل مش لطيف أوعدك مش هسبب لك أي نوع من الازعاج مرة تانية...
_______ شيماء سعيد ______
بالجبل..
أصبحت زوجته، امرأة رائعة الجمال قدرت على أخذه لعالم جديد عليه رغم أنه كان متزوج من قبل، نامت بسكينة تعلن شعورها بالأمان بجواره، ابتسم بسخرية على حاله ربما تكن تلك الفتاة فازت بجزء كبير من اللعبة و جعلته يقرر بقائها معه دائماً تحت عنوان زوجة مثالية...
قام أخذ حماما باردا يعيده لرشده ثم خرج من المرحاض أخذ يحرك المشط على خصلاته و عيناه تراقبها من المرايا، تتقلب، تهمس بأشياء غير مفهومة، تزيح الغطاء عنها ثم تلف جسدها به من جديد...
عذراء، قوية، عنيدة، لديها الكثير من الإصرار رغم خوفها الواضح بلمعة عينيها، ربما تكون أخذته حضرة المحامية قضية هامة بالنسبة لها و لكنها و بكل أسفل قضية خاسرة...
بدأت تفرك بعينيها مستيقظة كانت منذ قليل على أعتاب الجحيم، رغم سعادتها بأنها أصبحت ملكه و أصبح ملكها محققة حلمها الوحيد... إلا أن نظرات رغبة بلا حب بعينيه أشعرتها بالإهانة...
ابتسم إليها قائلا :
_ صباحية مباركة يا عروسة...
غطت نفسها جيدا مردفة بنبرة متحشرجة :
_ الله يبارك فيك يا دكتور...
لا يعلم لم مصممة على هذا اللقب من ليلة أمس، جلس على مقدمة الفراش مردفا بهدوء :
_ الخاين دايما عقابه بيبقى بشع، بس بعد ليلة إمبارح أنا شايف إنك أخدتي العقاب المناسب ليكي يا حضرة المحامية...
رمشت عدة مرات بعدم فهم قائلة :
_ يعني إيه مش فاهمة...
ألقى بوجهها جملة زادت من لهيب الخوف بداخلها :
_ شعيب بعتك ليا ليه يا حضرة المحامية، حولك لدكتورة نفسية لازم تعالجي أخوه الحرامي مش كدة، بس يا ترا بقى قالك إن كل أوض نومي فيها كاميرات بفتحها وقت ما أنا عايز و الا ضحك عليكي؟!..
اهتزت و ضمت الغطاء عليها أكثر ثم أردفت بتقطع :
_ إتكلم بوضوح...
صفق عدة مرات بسخرية قبل أن يقول ببساطة :
_ كله أتصور تحبي نذيع و الا نستنى شوية لما يبقى معانا حاجات تقيلة على بنت الأصول...
كأنها لم تفهم بعد لتقول :
_ نذيع إيه؟!..
صالح بخبث :
_ تفتكري ممكن نذيع إيه حصل هنا من كام ساعة؟!.. قولتلك بتلعبي بالنار قولتي عايزة تبقى جواها...
_______شيماء سعيد _____
أنا_جوزك.
الفراشة_شيماء_سعيد.
صدم من بحر الجراءة الذي تعيش بداخله، رفع عيناه لعينيها و هنا كشف إمرأة، خائفة، متوترة، ضعيفة، لطيفة، بها كم من البراءة سرقت به جزء كبير من تفكيره....
طوق خصرها ثم حول الوضع لتعود أسفله مرة أخرى، رغم حديثها المشاغب و رغبتها الواضحة به إلا أنها بكلا الأحوال فتاة عذراء تخشى القادم..
أخذ خصلة منها و وضعها على أنفه هامسا :
_ أنتِ عايزة توصلي لفين يا سمارة...
ربما الأمر أصبح خطورة من رسمها و توقعاتها، دلفت للعتمة حتى تخرجه منها و لكن العكس صحيح أخذها هو بالأعماق أكثر، ارتفعت دقات قلبها قبل أن تتوه بداخل مقلتيه الساحرة قائلة :
_ أوصلك..
هل رأت إبتسامة انتصار واضحة رسمت على شفتيه أم هذا تخيل منها؟!.. ابتلعت ريقها بقوة منذ متى و سمارة تخسر ما تريد الوصول إليه،، ردت له الإبتسامة بأخرى ليقول هو بمحاولة أخيرة في ارهابها :
_ كدة تبقي بتلعبي بالنار..
أومأت بقوة قبل أن تمسكه من عنقه مردفة بتصميم :
_ أنا مش بس هلعب بالنار أنا مستعدة أعيش فيها لو ده هيخليني جنبك...
تعصب فجأة بطريقة جعلتها تخشي إكمال ما بدأته معه لعدة لحظات، ابتعد عنها ثم وقف أمام الفراش مشيراً إليها بشكل عشوائي قبل أن يتحكم بأعصابه مردفا ببرود :
_ أنا مش زي ما أنتِ عايزة، نصيحة مني ليكي ابعدي قبل ما تخسري كل حاجة وقتها الندم مش هيفيد..
قفزت غير مهتمة بألم ساقها، جذبته إليها و عادت للتعلق بعنقه تود إعلان ملكيتها عليه بشكل صريح ثم أردفت بنفس بروده :
_ أنا عايزة أجرب و زي ما أنت قولت لو في خسارة محدش هيطلع خسران إلا أنا، سبني أحبك و بس...
قالتها ليلة أمس تحت تأثير المرض، سمعها منها من قبل إلا أنها الآن عصفت به بكل مهارة، أخذ رنين الكلمة يهز جزء كبير من قلبه جعله يعلن العصيان على تلك المشاعر أكثر و أكثر، حملها ليذهب بها للفراش مجددا ثم وضعها عليه قائلا بتحذير :
_ لو بقيتي مراتي هتبقى حق ليا نفسك مش هيخرج من بين ضلوعك إلا بإذن مني، أكتر حاجة بكرها في حياتي هي الكذب يا سمارة لو عايزة تقولي حاجة قوليها دلوقتي قبل ما تبقى الغلطة بعمر..
خافت؟!.. نعم خافت... بيدو أن المعركة أكبر بكثير من توقعاتها، للحظة أرادت البوح بكل شيء و لكنها تخشي الفراق فهي أضعف من وجعه، حركت رأسها نافية ثم أغلقت عينيها هامسة :
_ لازم تحبني برضاك أو غصب عنك لازم قلبك يدق ليا و لسانك يبقى دايما بيردد اسمي، عايزة أبقى النفس اللي بيخرج من بين ضلوعك...
من أول مرة رآها علم أن قصتها معه ستكون حكاية طويلة، قدرت بفترة وجيزة إشعال نيران الأشواق بصدره، وضع يده على ظهرها لينزل بسحابة فستانها الوردي الطويل و رأسه تقترب من عنقها مرددا :
_ اللي بيختار طريق لازم يبقى عامل حساب النهاية يا حضرة المحامية..
ردت بتحدي :
_ و أنا واثقة من نهاية طريقي يا دكتور صالح...
______ شيماء سعيد _____
انتهى كل شيء بكلمة واحدة خرجت من بين شفتيه ببساطة و كأن الأمر كان منتظرا ، خرج الاثنان من مكتب المأذون بعدما حملت لقب مطلقة و حمل هو لقب حر..
رفضت السماح لدموعها بالسقوط، أرادت أن تكون قوية و لو لمرة واحدة أمامه، رسمت على ملامحها إبتسامة مهزوزة قائلة :
_ أنا همشي بقى يا حسن.. سلام..
متوتر لا يعلم أهو أخطأ بطلاقه لها أم فعل ما يرغبه لأول مرة دون النظر لأي قيود، مسك كفها يمنعها من الذهاب قائلا :
_ رايحة فين إحنا جينا سوا و هنروح سوا..
أزالت يده من عليها بقوة تعجب لها، هذه ليست لمسة حبيبة الناعمة دائماً إليه، زفرت بقوة مردفة :
_ أيدك تبقى في جانبك مش مسموح لك تقرب مني مرة تانية، أنت خايف أمشي لوحدي صالح يعرف فتمام يلا روحني...
لم تحبذ سماع أي رد منه، قلبها يؤلمها لدرجة يصعب تخفيفها إلا بصرخة قوية تريحها من تلك النيران التي تأكلها بلا رحمة، صعدت بالسيارة بالمقعد المجاور للسائق، جلس بجوارها ثم أردف بتوتر :
_ حبيبة أنا عارف إنك موجوعة و معاكي حق، يا ريت أقدر أتحكم في قلبي كنت حبيتك، أنا ممكن أرجعك من غير ما حد يعرف و الأولاد تبقى بنا...
رفعت كفها الصغير تشير إليه بالصمت، كل كلمة تخرج من فمه تشعرها كم هي عاشت سنوات زوجة له بلا قيمة، ابتسمت إليه بهدوء ثم قالت :
_ قولتلك زمان يوم ما تحب تعالى و قولي و أنت عملت كدة فعلاَ، أنا في كلا الأحوال مكنش ينفع أبقى نمرة اتنين اذا كانت مراتك الجديدة قبلت بيا أو لأ، دلوقتي أنت أبو ولادي و بس يا حسن، و أنا هقول لصالح إني أنا اللي طلبت الطلاق عشان تفضلوا أصدقاء...
إمرأة كثيرة جداً عليه، سيظل الباقي من عمره يحترمها و يقدرها، فخور أنه أنجب من إمرأة مثلها فتى و فتاة يأخذوا منها المعنى الحقيقي للقيم و الأخلاق، أبتسم إليها باحترام حقيقي قائلا :
_ طول عمرك بنت أصول يا حبيبة، لو في يوم احتاجتي أي حاجة خليكي متأكدة إني هبقي على طول جانبك أخ و صديق، ده اللي بنا عشرة 11 سنة..
ردت عليه بهدوء قبل أن تعود بالنظر للطريق بجوارها :
_ أنا و أنت لا هينفع نكون أخوات و لا حتى أصدقاء يا حسن مينفعش بعد اللي كان بنا، بس هتفضل أبو ولادي، لو سمحت اتحرك ده معاد المدرسة بتاعت حور و حمزة..
_______ شيماء سعيد _______
بمنزل شعيب الحداد..
صممت صافية على استكمال لعبتها خصوصاً بعدما علمت بوجود السيدة غادة بالحديقة مع شعيب، نزلت للأسفل بخطوات طفولية مدللة استقبلتها السيدة أنعام أسفل السلم بابتسامة حنونة قائلة :
_ تعالي يا صافية عايزة أتكلم معاكي شوية قبل ما تخرجي تحرقي دم شعيب..
أومأت إليها صافية بالقليل من التوتر و ذهبت خلفها لغرفة المكتب، جلست أمامها لتبدأ السيدة أنعام بالحديث بهدوء :
_ أنا عارفة كل حاجة و كمان عارفة طريقة جوازك من شعيب، بس عندي سؤال واحد لأزم أعرف الإجابة بتاعته الأول قبل ما أقرر أساعدك أو لأ..
وضعت صافية أحد أصابعها على خصلاتها المرسومة على شكل ضفيرة قطتين مردفة بشجاعة تحسد عليها :
_ اتفضلي يا طنط أنا سامعة حضرتك كويس و أكيد لو عندي الإجابة مش هتأخر...
السيدة أنعام :
_ أنتِ اتجوزتي من ابني من فترة قليلة جدا أكيد ده مش حب، كنتي عارفة من البداية إنه خاطب و اتجوزك مساعدة ليكي مش أكتر، بتعملي كل ده ليه يا صافية...
هذه المرأة ليست بسيطة بالمرة و لكن الأفضل لها أن تكون معها و ليس العكس، أخذت نفس عميق ترتب به جميع أفكارها قبل أن تتحدث بجدية :
_ أكيد مش حب بس إعجاب، أو حاجة أكبر من الإعجاب أنا مش عارفة إيه هي لكن المتأكدة منه إني مش هقدر أعيش يوم واحد بعد كدة من غير شعيب، ده جوزي و أنا مش هسمح لحد ياخده مني حتى لو حبسته و قفلت عليه هعمل كدة...
نظرة الارتياح بعين والدته أعطت لها لذة الانتصار، ها هي قد وصلت لأول خطوة فيما تريد، لو انطبقت السماء على الأرض يستحيل أن تحمل لقب مطلقة قبل أن تتم عامها العشرين، استأذنت من السيدة أنعام و خرجت للحديقة..
ظلت ساقيها متجمدة دقيقة تستوعب ما تراه أتلك المرأة تقبل شعيب أم هي تتوهم ذلك؟!... نعم تقبله و هو يستقبل كل هذا بصدر رحب، زاد الأمر سوءا مع ضمه لخصرها... أهو مستمتع أم ماذا؟!..
ترقرقت الدموع بداخل مقلتيها و كلما قالت لنفسها أنتِ أقوى من البكاء هذا يجعل الدموع تسقط بغزارة أكثر رغماً عنها، انفجرت بالبكاء بصوت يشبه اقتراب سيارة الشرطة..
انتفض شعيب بعيدا عن غادة التي احمر وجهها من شدة التوتر و الخجل، سقط قلب شعيب أرضا بالفعل خائفا من رد فعل المجنونة الصغيرة، ذهب إليها بخطوات أشبه بالركض جذبها إليه هامسا :
_ اهدي و بطلي عياط و فضايح، تعالي نطلع فوق..
أزاحته بعيدا عنها و هي تشير على غادة التي تركت لهما المكان و فرت مردفة :
_ هي كانت بتبوسك و الا أنا مش بشوف كويس، أوعى تقول الحقيقة اكذب عليا...
بالفعل لا ينفع معها سوي الكذب بموقف مثل هذا، أومأ برأسه عدة مرات ثم أردف ببعض الهدوء :
_ أنتِ مش بتشوفي كويس يا صافية....
قاطعته بصريخ و بكائها أصبح لا يتحمله أحد :
_ اسكت يا كداب، عامل بدل المصيبة اتنين بس هقول إيه مانت طول عمرك خاين..
وضع كفه سريعاً على فمها يمنعها من أسترسال حديثها السام، نظر لها و يا ليته لم يفعل دائماً نظراتها تضعفه، الغيرة كانت واضحة بداخلهم أصابت قلبه بنشوة غريبة، لابد أن يعترف بشيء جميل بداخله يتحرك مع رؤية تلك الفتاة، حمحم بضيق قائلا :
_ دي خطيبتي أنا معملتش حاجة غلط..
عضت صافية على كفه الموضوع علي فمها ليكتم ألمه مبتعدا عنها، لتردف :
_ ده أنت كلك على بعض غلط، سايب الحلال و ماشي ورا الحرام بالمشوار...
جذبها لتبقى داخل صدره، تركزت عيناه على شفتيها و كل ما به يطلب منه تنفيذ طلبها و تذوق طعم تلك الكارثة التي تتحرك، ابتعد عنها سريعا قبل أن يذهب معها للهاوية، صافية صغيرة لا تعرف عواقب ما تفعله...
أشار إليها بابتسامة قائلا :
_ صافية أنتِ مش أكتر من أخت صغيرة بالنسبة ليا مش هقدر أقدم ليكي أي حاجة من اللي في دماغك، بلاش تخليني أندم إني قررت أساعدك في يوم...
_ أنا آسفة...
_ على إيه؟!...
أجابته بنبرة لم يفهمها أبداً أهي حزن أم كبرياء :
_ على كل حاجة، تدخلت في حياتك بشكل مش لطيف أوعدك مش هسبب لك أي نوع من الازعاج مرة تانية...
_______ شيماء سعيد ______
بالجبل..
أصبحت زوجته، امرأة رائعة الجمال قدرت على أخذه لعالم جديد عليه رغم أنه كان متزوج من قبل، نامت بسكينة تعلن شعورها بالأمان بجواره، ابتسم بسخرية على حاله ربما تكن تلك الفتاة فازت بجزء كبير من اللعبة و جعلته يقرر بقائها معه دائماً تحت عنوان زوجة مثالية...
قام أخذ حماما باردا يعيده لرشده ثم خرج من المرحاض أخذ يحرك المشط على خصلاته و عيناه تراقبها من المرايا، تتقلب، تهمس بأشياء غير مفهومة، تزيح الغطاء عنها ثم تلف جسدها به من جديد...
عذراء، قوية، عنيدة، لديها الكثير من الإصرار رغم خوفها الواضح بلمعة عينيها، ربما تكون أخذته حضرة المحامية قضية هامة بالنسبة لها و لكنها و بكل أسفل قضية خاسرة...
بدأت تفرك بعينيها مستيقظة كانت منذ قليل على أعتاب الجحيم، رغم سعادتها بأنها أصبحت ملكه و أصبح ملكها محققة حلمها الوحيد... إلا أن نظرات رغبة بلا حب بعينيه أشعرتها بالإهانة...
ابتسم إليها قائلا :
_ صباحية مباركة يا عروسة...
غطت نفسها جيدا مردفة بنبرة متحشرجة :
_ الله يبارك فيك يا دكتور...
لا يعلم لم مصممة على هذا اللقب من ليلة أمس، جلس على مقدمة الفراش مردفا بهدوء :
_ الخاين دايما عقابه بيبقى بشع، بس بعد ليلة إمبارح أنا شايف إنك أخدتي العقاب المناسب ليكي يا حضرة المحامية...
رمشت عدة مرات بعدم فهم قائلة :
_ يعني إيه مش فاهمة...
ألقى بوجهها جملة زادت من لهيب الخوف بداخلها :
_ شعيب بعتك ليا ليه يا حضرة المحامية، حولك لدكتورة نفسية لازم تعالجي أخوه الحرامي مش كدة، بس يا ترا بقى قالك إن كل أوض نومي فيها كاميرات بفتحها وقت ما أنا عايز و الا ضحك عليكي؟!..
اهتزت و ضمت الغطاء عليها أكثر ثم أردفت بتقطع :
_ إتكلم بوضوح...
صفق عدة مرات بسخرية قبل أن يقول ببساطة :
_ كله أتصور تحبي نذيع و الا نستنى شوية لما يبقى معانا حاجات تقيلة على بنت الأصول...
كأنها لم تفهم بعد لتقول :
_ نذيع إيه؟!..
صالح بخبث :
_ تفتكري ممكن نذيع إيه حصل هنا من كام ساعة؟!.. قولتلك بتلعبي بالنار قولتي عايزة تبقى جواها...
_______شيماء سعيد _____