اخر الروايات

رواية المعاقة والدم الفصل الخامس 5 بقلم هناء النمر

رواية المعاقة والدم الفصل الخامس 5 بقلم هناء النمر




قالت ما قالت وتركته وذهب ، تخيلت انها بهذا قد قطعت الطريق من بدايته ،
لم تعلم انها قد أيقظت النمر النائم بداخله والذى قد قرر أن يستعد لينقض على فريسته ، وهى الآن فريسته ،
فقد أثارته بكلامها إلى درجة جعلتها كل محور اهتمامه ، لوقت معين قد وصل لدرجة أنه فقد شهيته واعجابه بأى إمرأة من عائلة سللام كلها ، فجميع النساء بالعائلة فاقدات لروح الحياة ،
كل واحدة منهن مجرد إمرأة تابعة لزوجها على نهجه بدرجة مستفزة ،
حتى هوايدا زوجته الراحلة ، رغم جمالها الفاتن إلا أنه قد فقد اهتمامه بها بعد فترة قصيرة من الزواج ، بمعنى أصح بعدما تعودت عينيه على الشئ المميز الوحيد فيها وهو الجمال ، أصبحت كل الأمور والعلاقة بينها عادية لدرجة الملل ،
ضاع عامل الإثارة بينهما ،
لهذا ، ويعيدا عن العائلة ، هو دائم الترحال فى علاقاته بين النساء القويات التى لديهن وجود فعلى فى الحياة ، لكن بالطبع معظمهن فاقدات لعامل الأخلاق والإخلاص لرجل واحد ، لهذا قرر أن الوضع معهن مجرد علاقة فقط ،
إنما اسمه وشرفه فتحمله إمرأة مثل هوايدا

لكن الان ، ومع رانيا الأمر مختلف ، فهو يرى فيها روح الانتفاضة والمقاومة التى لم يرها فى إمرأة فى عائلته بأثرها ، بالإضافة لأخلاقيتاها وقيمها وانتسابها لعائلته ،
والأهم من ذلك وجود عاملين آخرين ،
العامل الأول هو أن هذه الفتاة تثير فيه شيئا لا يفهمه ، شيئا يجعله لا يريد ان يرفع عينيه عنها ، ولم تفعلها إمرأة هذا معه من قبل .
العامل الثانى هو أنه دائما لا يقبل كلمة لا كإجابة من أحد ، فهل سيقبل رفضها هى الآن ، رغم أنه لم يطلبها من الأساس .

تجمد جسده لثوانى معدودة يتابعها وهى متجهة لجلسة النساء ،
انطلق بسيارته ولكن ليس لوجهته التى كان يقصدها قبل أن يلتقى بها ، إنما انطلق فى نفس الطريق الذى أتى منه متوجها لخارج القصر نهائيا ، وصل لنفس المكان الذى كانت تجلس فيه تدلك قدمها وتوقف بسيارته ،
تأمل مكانها لوقت لم يعلم مداه ثم رفع هاتفه واتصل بأحد الأرقام المسجلة عليه ،
.... ايوة ياسعد ، عايز منك خدمة ومش عايز حد يعرف عنها حاجة ....

...........................................

.... ياماما صدقينى ، هو ده اللى حصل مش اكتر ...

... أمال فضلتى فى العربية شوية اول ما وقفت ليه ، منزلتيش على طول ...

... كنت بشكره ، مع شوية مجاملات بقى ملهاش لازمة ...

قصت رانيا ما حدث مع محسن لوالدتها ، متجنبة تماما ذكر ما قالته وهى فى السيارة معه قبل أن تنزل مباشرة ،

... مفيش حاجة ملهاش لازمة ، عايزاكى تقوليلى بالظبط على كل كلمة قالهالك ...

... هى ايه الحكاية بالظبط ياماما ، إحنا مش خلصنا من الموضوع ده ، هو خلاص خطب وانتهينا، عايزة ايه انتى بالظبط ...

... يارانيا افهمى ، خالتك بتقول أن البت اصلا مش عاجباه وأنه وافق غصب عنه ، أمه اللى مصممة ، يعنى لو انتى عجبتيه ، يبقى اتحلت ...

... هى ايه دى اللى اتحلت ...

... محسن جامد مع أمه وابوه وبيمشى كلمته ، يعنى ممكن يسيب البت دى ويطلبك عادى ، غير انى شايفاه كدة مهتم ومن يوم واحد ...

... ياماما ، ارحمينى ، ده راجل ساب مراته بتموت وبنته العيانة وراح يدور على مزاجه ، يعنى لو جرالى حاجة معاه ، هيرمينى فى أقرب صفيحة زبالة ، ده غير فرق السن ..

... يوه يارانيا ، انتى ....

لم تدعها رانيا تكمل ، وقفت وحملت حقيبتها من على الكرسى وقالت ... كفاية ياماما ، انا معنديش استعداد اصلا للمناقشة فى الموضوع ده ، انا طالعة انام ...

وتركتها واتجهت للسلم متجهة لغرفتها ،
رفعت رضا صوتها وهى تقول

.. هو ده اللى انتى فالحة فيه ، عاملة زى ابوكى ، وبعدين انا اصلا معرفتش لسة انتى كنتى فين طول النهار ...

لم ترد رانيا عليها وتابعت صعودها ،

..................................................

... محسن ...

التفت محسن عندما سمع النداء ،

... ايوة ياماما ...

... دقيقة عايزاك لو سمحت ...

... أجلى اى حاجة دلوقتى ياماما ، انا مرهق جدا و الساعة داخلة على واحدة الصبح ، عايز انام ...

... مش هطول ، اتفضل اقعد ...

تنهد محسن بنفاذ صبر ثم جلس على الكرسى المقابل لها ،
فاجأته بسؤالها قائلة ... مالك ومال بنت رضا ..

... بنت رضا مين ...

... أنت هتشتغلنى ، اللى كانت راكبة معاك انهارضة ...

... أه ، ولا حاجة ، كانت عند البوابة ، وركبتها لحد باب القصر ، ليه فى حاجة ....

... أنت متأكد ان مفيش حاجة تانية ...

... هيكون فى ايه يعنى ...

... ماشى ، هصدقك ، بس خليك فاكر أن لولا موت هوايدا كان زمانك اتجوزت العروسة اللى انا اخترتها ، ومش حد تانى ، فاهم ، مش حد تانى ...

وقف محسن وامسك بجاكت بدلته الذى وضعه على حافة الكرسى الذى جلس عليه ، وقال

... ماما ، متعاندنيش لو سمحتى ، انا لو كنت وافقت ، فده بمزاجى ، إنما متتكلميش معايا كدة ، انا مش مجبر ، ولو حبيت افك الموضوع كله هعملها ، تصبحى على خير ...

وتركها أيضا واتجه للسلم ، صعد ودخل غرفته ،

وفى طريقه ألقى بجاكت البدلة على الكرسى ، وصل السرير ثم ألقى بجسده عليه من شدة تعبه ، مد يده فى جيب بنطاله وأخرج الهاتف ، فتح قائمة الرسائل ، كتب رقم غير مسجل لكنه يحفظه جيدا ، ثم انتقل لمحتوى الرسالة ، وكتب فيها ،

... دايقنى انك شايلة منى جامد اوى كدة ومعرفش ليه بس فرحنى انك متابعانى وعارفة عنى كتير ، تأكدى أن ده مش آخر كلام بينا ....

أنهى الرسالة وضغط على ارسال ، وضع الهاتف بجانبه واغمض عينيه وهو مبتسما واستسلم للنوم .

.................................................

لم تكن قد نامت عندما وصلتها الرسالة ،
رقم غير مسجل ، قرأت الرسالة وهى عاقدة لحاجبيها ، لم يحتاج الأمر منها تفكير طويل لتتبين المرسل ، فالمعنى واضح ويدل على صاحبه ،
لكن كيف حصل على رقم هاتفها ،
والأهم هو المعنى الذي يقصده من رسالته هذه
،
حتى هذه اللحظة كانت سعيدة بهجومها اللفظى عليه ، لكن الآن اختلطت لديها المفاهيم وشعرت انها أخطأت بنا فعلت ، الآن النتيجة عكسية تماما .

جافاها النوم طويلا تفكر فى محتوى يومها كلها ، نادر ، أميرة ، ومحسن وما قالته له ، وآخرها الرسالة التى قرأتها أكثر من عشرين مرة وهى تفكر فيها .
...................................................

ثانى يوم أبكرت فى الاستيقاظ وارتدت ملابسها ، وخرجت قبل أن تستيقظ والدتها ، تركت لها ورقة تخبرها فيها أنها لن تذهب ثانية لبيت رشاد سلام وطلبت منها أن تنهى اليوم ما اتت من أجله لانها قررت أن تعود أبكر من الموعد المحدد مسبقا للعودة ، واخبرتها أيضا انها ستتوجه لبعض الأماكن من بينهم المكتبة العامة لتشترى بعض الكتب ،
وبالطبع وجهتها كانت مختلفة عن ذلك .

كانت الساعة قد تعدت التاسعة عندما وصلت للمركز الذى تمكث فيه أميرة ، جلست مع دكتورة سامية عن ما قام به نادر يوم أمس للتخفيف عن الفتاة من مصابها بموت والدتها،
كانت رانيا سعيدة حقا بما تسمعه عما يفعله نادر من أجل ابنة أخيه ، فهو حقا طيب القلب ، ولا يوجد منه الكثير الآن .

... ممكن اقابلها بقى ...

... أه طبعا ، اتفضلى ...

خرجت سامية مع رانيا متجهتان لغرفة أميرة ، فجأة توقفت سامية وهى تمسك بيد رانيا وجذبتها وعادت بها مهرولة إلى مكتبها مرة أخرى ،

... إيه ، فى ايه ، بتشدينى كدة ليه ؟

.. بصى مين اللى واقف مع المدير بس من غير ما تخرجى ..

انحنت رانيا انحنائه بسيطة برأسها من جانب الباب لتلقى نظرة وعادت برأسها بسرعة وهى تقول

... محسن ..

.. ايوة ، كويس أن احنا مكناش وصلنا لأميرة لأنه لو شافها كانت هتبقى مصيبة ...

.. ليه يعنى ...

... مبيسمحش لحد يزورها إلا بإذنه هو شخصيا ، كل بيزوروها هنا بيبقى فى السر ، حتى عمها ...

... للدرجادى. .

... واكتر ، ده كأنه معيشها فى سجن بس مش عارفة ايه اللى جابوا انهارضة ...

...يعنى ايه ؟

... مبيجيش إلا الخميس أو الجمعة بس ...

قالت رانيا بسخرية ... أمها ماتت بقى ...

كانتا واقفتان عند باب الغرفة من الداخل تتحدثان ، عندما مر محسن من أمام باب الغرفة ،
خرجت رانيا بجانب جسدها فقط من الباب تتابعه وهو يبتعد من الخلف ،
لا تنكر ابدا انه جذاب بدرجة معينة ، وهالة الوقار هذه التى يحوط بها نفسه تجذب اى إمرأة مهما كانت ،
التفتت لسامية ووجدتها هى الأخرى عينيها متعلقة به ، بل ورأت لمعان غريب فى عينيها تجاهه ، معقول أن تكون معجبة به هى الأخرى ،

قالت لسامية وعينيها مازالت متعلقة به

... دكتورة سامية ...

لم ترد وكأنها لم تسمعها ، أعادت النداء مرة أخرى مرتين بصوت أعلى حتى انتبهت والتفتت لها ، قالت لها .. إيه ، معجبة ...

... بزمتك ميعجبش مين ، دا جنتل مان ، عامل زى أبطال الافلام الاجنبية القديمة، عايزة تفهمينى انك مش معجبة انتى كمان ...

ابتسمت رانيا بجانب فمها وقالت

... سيبك من الكلام ، أنا عايزة اعرف بيقولها ايه وبيكلمها ازاى ...

... يعنى ايه ؟

... عايزة اشوفه بيكلم بنته ازاى ؟

... أنتى بتهزرى ، مينفعش طبعا ...

... ارجوكى ياسامية ، شوفيلى طريقة ...

... والله انا عارفة أن انتى ووداد هتودونى فى داهية ...

... معلش ، انا عارفة انك تقدرى ...

امتعضت سامية وضغطت على أسنانها وقالت
.. تعالى معايا ...

اتجهتا ناحية غرفة أميرة ، وهما فى الطريق ، قالت لها ... احنا عاملين فى كل اوضة حاجة زى نافذة زجاجية كدة لمراقبة المرضى لأن معظم حالاتنا عندها ميول للانتحار ، من جو اوضة المريض بتبان كأنها صورة مرسوم عليها ..

وتوقفت مرة أخرى وجذبت رانيا ناحية الحائط وقالت
... استنى ، دا لسة واقف برة ...

وبالفعل كان قريبا من باب غرفة أميرة يتحدث فى هاتفه ،
.. تعالى نروح من ناحية تانية ...

دخلتا من باب غرفة قريبة وخرجتا من باب آخر لنفس الغرفة ، ثم اتجهت بها سامية لغرفة وات باب صغير ،
كانت الغرفة من الداخل صغيرة جدا ، تبدو كممر مغلف بالمرايا ، تظهر من داخله غرفتان ، أحدهما خالية والأخرى كانت لأميرة ، ولا يوجد بها إلا كرسى واحد فقط ،
... كدة انتى شايفة أميرة وسامعة الصوت كمان ، انا همشى ، لكن لو اى حد شافك ، قولى انك دخلتى هنا بالغلط ، ماشى ...

.. ماشى ، متقلقيش. ..

خرجت سامية ، وجلست رانيا على الكرسى تشاهد أميرة و الممرضة تجلس بجانبها تطعمها ،
منظرها هكذا آثار غضب رانيا أكثر وأكثر على محسن ،
وعلى ذكره فى عقلها وجدته يدخل من باب الغرفة ، حينما رأته أميرة ، ظهر الغضب على وجهها وتوقف فمها عن المضغ ، ثم بلعت ما به رغما عنها ثم أشارت للمرضة انها لا تريد أكثر .

عندها انتبهت الممرضة للواقف خلفها وانتصبت واقفة ، ثم أخذت صينية الطعام واستئذته وخرجت .
اقترب منها وهو مبتسم مع تواصل بصرى كامل بينهما دون انقطاع،

جلس أمامها بعدما خلع جاكته ووضعه بجانبه وفتح الزر الأعلى من قميصه ،

... ازييك ياأميرة ...

لم ترد اميرة على سلامه ، إنما قالت بسخرية مستترة ... هو انهارضة العيد ؟

قال بحيرة ... عيد ايه ؟

... مش عارفة ، اصلك عمرك ما خلفت ميعاد زيارتى من يوم ما جبتنى هنا ، اشمعنى انهارضة ، ايه ، حد مات وجاى تقوللى ....

صدمه كلامها ، فهى تعلم تماما أن من زياراتها تكون فى السر دون علمه ، فمن المفروض انه لا يعلم انها قد علمت بوفاة أمها ، وإلا سيكتشف أن هناك من يأتيها دون علمه ، فبالتالي سيعاقب إدارة المركز ، والأهم ستنقطع هذه الزيارات ، وهى لا تريد ذلك .

سؤالها قد صعب عليه المهمة التى قد حضر بصددها إلا وهى أخبارها عن أمها ،

فضل الصمت والنظر لها بحزن لعلها تفهم ما يريد ، فجارته الفتاة الفائقة الذكاء فيما يفعل مدعية الجهل بهذا الشأن ،

... إيه ، سكت ليه ، فعلا فى حد مات ؟

اماء بالايجاب وقال .. انا هنا عشان الموضوع ده ،

... أنا قلت كدة برده ، مين ؟

... مامتك ....

لمعت عينا الفتاة دون أى ايحاء بأى رد فعل ، فقط عينيها متعلقة بعينيه فى تواصل ، أرادت أن تتبين ما يحتويه قلبه بشأن هذا الخبر ، أرادت أن يخبرها بموتها وعينيه فى عينيها،

لاحظ تجمدها وهى تتطلع إليه دون أى رد فعل

... أميرة ، انتى كويسة ...

فاجأته بسؤال آخر ... أنت حزين عليها ؟

وهذا هو السؤال الذى كان يحمل همه وجعله يتأخر فى الحضور لها طوال اليومين الماضيين ، خوفا من أن تسأله مثل هذا السؤال ،
حاول الهروب من سؤالها هذا ، رفع صوته وحاول تصنع الغضب وقال ،
...قبل كل ده تقوليلى عرفتى منين ؟

احتفظت أميرة بكامل هدوءها وهى ترد عليه ،

... محدش من البشر ...

... نعم ...

... أه والله ، محدش من البشر ، ربنا هو إللى قاللى ...

رفع صوته غاضبا ... أميرة ...

... برده مش مصدقنى ، عايز تعرف اذاى ...

... اذاى ..

... حلمت بيها فى لحظة موتها ، تحب اقولك امتى باليوم والساعة والدقيقة ، الجمعة ، الساعة تلاتة وتلت قبل الفجر ، صح ...

انعقد حاحبيه ولم يرد ، تابعت هى كلامها قائلة ، ... هى جت لحد عندى ، ماما جاتلى هنا يابابا، جاتلى فى الحلم ، كانت فى مكان ضلام اوى ،مش باين فيه اى ملامح ، نايمة على سرير وبتصرخ من الألم ، وبترفع ايديها ليا ، كأنها بتقوللى الحقينى ...

هنا لمعت الدموع فى عينيها ، وعين رانيا أيضا التى تستمع لكل كلمة تقولها ،

... بتقوللى الحقينى ، وأنا قصادها على الكرسى ده ، متربطة فيه من كل حتة فى جسمى، عاجزة ، معاقة ، مش قادرة اعملها اى حاجة ، وهى تصرخ وتصرخ ، وصراخها كأنه كرباج بيقطع فى جسمى ، ، صحيت مفزوعة ، حاولت اكلمها على الرقم اللى ادتهولى ، مقفول ، جبت رقم المستشفى من الدليل ، وطلبتها ، محدش رد ...

كل هذا وهو صامت تماما بملامح جوفاء خاوية مرسومة على وجهه لا تدل على أنه يصدق أو يكذب ما تقول ، أو حتى متأثر به ،

تابعت أميرة وقد بدأت دموعها تخونها وتنهمر دون صوت بكاء .... اتكرر الحلم تانى بعدها بساعة وبنفس الطريقة ، صحيت تانى ومش متحملة قلقى عليها ، فصلت اصرخ لحد ما جم التمريض ، حاولت افهمهم ، بس مفيش حد قدر ، وحاولو يقنعونى أن ده مجرد كابوس مش اكتر ،
جابولى الدكتور ، قالهم يدونى مهدئ ، ونمت تانى ، وقتها بقى كانت الساعة عدت تلاتة ، الميعاد إللى انا قلتلك عليه ، جاتلى تانى ، بس المرة دى مكانتش تعبانة ، بالعكس ، كانت جميلة اوى ، واقفة على رجلها ، وجايالى من بعيد ، وبتضحكلى ، كانت لابسة الفستان اللى انا كنت بحبه اوى عليها ، الفستان البنفسجى ، فاكره ، اللى كانت لابساه يوم الحادثة ، يوم السلم ، فاكر ولا نسيت ، قربت منى وقعدت جمبى ،
قلتلها ماما انتى خفيتى
قالتلى أه ياحبيبتى ، الحمد لله ، الألم راح خلاص
قلتلها حمدالله على السلامة ، يعنى هتفضلى معايا
قالتلى لأ ، انا رحت مكان بعيد ، مكان مفيهوش اى ألم ولا مرض ولا خيانة ولا قتل
قلتلها خدينى معاكى
قالتلى مينفعش انتى لسة قدامك وقت ، لسة فى حاجات كتير هتعمليها ياأميرة ،
قلتلها زى ايه
قالتلى بعدين هتعرفى لوحدك ، بس أبقى افتكرينى ياأميرة حياتى ، افتكرى أمك
قلتلها انا عمرى ما انساكى ياماما
قالتلى عارفة ياحبيبتى
وقامت وبقت تبعد بعيد ، فضلت انده عليها ،
واقولها خدينى معاكى ، متسبيتيش لوحدى ، مليش حد هنا ،
قالتلى اصبرى ياأميرة ، لسة شوية
وسابتنى وراحت ، بعيد اوى ، لحد ما اختفت ،
فتحت عينى ، و فى نفس اللحظة اتأكدت انها ماتت خلاص ...

وعند هذه اللحظة بدأ يظهر صوت بكائها واضحا بنحيب يحطم قلب الصخرة نفسها ،
ورانيا تبكى مع بكائها لكنها تضع يدها على فمها حتى لا يسمع لها صوت ،
أما هو فعلى حاله دون أى تعبير على وجهه،

تابعت أميرة بعدما حاولت تهدئة نفسها،

... من وقتها وانا مستنياك عشان تقوللى ، ولا ممكن تبعتلى واحد من الخدامين يبلغنى زى كل مناسبة بتحصل عندكم ....

.. أنا آسف ياأميرة ، انا اتأخرت عشان مكنتش عارف هقولك ازاى ...

.. لأ يابابا ، انت اتأخرت، عشان خايف منى ...

... خايف منك ؟

... ايوة خايف منى ، خايف من نظرتى ليك ، خايف لأ قولك ، مبروك خلصت منها خلاص ، خلصت من الأتب اللى كان معلق فى ضهرك ،
ولا يمكن خايف لأقولك أن انت اللى قتلتها زى ما قتلت جدى قبلها ومسيرك هتقتلنى انا كمان ...

هنا صدمت رانيا تماما عندما سمعت آخر جملة قالتها أميرة ، ماذا تقصد بهذا ؟

... أميرة ، خدى بالك من كلامك ، كلامك ده هى اللى خلتنى اجيبك هنا وابعدك عن البيت ...

.. ولتانى مرة بقولك ﻻ يابابا ، انت جبتنى هنا عشان انت حاسس بالذنب ، ضميرك بيوجعك ، منظرى وانا كدة بيفكرك باللى عملته فيا وفيها وفى ناس تانية كتيرة ...

هنا انتفض واقفا وحمل جاكته وقال وهو متجها للخارج ... خدى بالك ، انك انتى اللى بتبعدينى عنك وبتخلينى مجيش هنا إلا قليل ، وشوية شوية مش هاجى هنا خالص ...

وتركها وخرج ، هنا فقدت سيطرتها على نفسها ، ودخلت فى نوبة بكاء ونحيب شاركتها فيها رانيا من خلف الحاجز الزجاجى .

يتبع




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close