رواية قد شغفها حبا الفصل الخامس 5 بقلم سمر خالد
الفصل الخامس :
يبتسم لها قاسم ابتسامة حقيقية جعلت ذلك الشق في منتصف ذقنه أعمق، ليخطف نظرها إليه تتأمله بإنبهار و هي تفكر أن ذلك الرجل المدعو زوجها جذاب حقاً!
يقاطع قاسم أفكارها التي و إن سمعها هو الان لصدم من جرائتها.
قاسم بهدوء : انا مش عاوز اشغلك بمشاكلي.. كفاية عليكي شغلك، بس متقلقيش كل شيء و له حل ان شاء الله.
تعبس رقية بضيق و هي تراه دائم الغموض هكذا..لما لا يشاركها تفاصيل حياته و يسرد لها روتين يومه و حتى عمله لا يخبرها عنه شئ.
يصتحبها قاسم ثم يلتقط يدها و يضعها خلف مرفقه و يذهب بها للمنزل.
بعد قليل كانا وصلا لمنزل رقية..ليستوقفها قاسم عندما كانت تهم بالدلوف للمنزل بأن قبض على يدها بقوة و ينظر بعيناها و هو يردف : لو احتاجتي اي حاجة كلميني..و خلي بالك من نفسك كويس.
+
تتعلق رقية بنظرات عيناه التي ترسل لها الحماية و الحب، لتومأ له موافقة على ما قاله.
تمر ثواني و رقية ما زالت مكانها مترددة في تركه فقد مر طريق العودة سريعاً اليوم او هكذا تظن لأن قاسم كان شارد طول الوقت و لم يتفوه بكلمة!
قاسم بجدية : يلا اطلعي انتِ مينفعش تقفي كدة تحت البيت..و متنسيش الي قولتهولك.
رقية بإرتباك : حاضر..مش هنسى.
قالتها رقية ثم دلفت سريعاً لمنزلها و عين قاسم تتبعها بقلق و غضب معاً!
+
صعدت رقية لمنزلها ثم قامت بفتح باب منزلها و الدلوف..ليلفت نظرها شئ ما جعلها متسمرة مكانها تنظر بصدمة و خيبة أمل.
فكانت فاتن تجلس و بجوارها شاب أخر يحتضنها و يشاهدان التلفاز معاً!
تغلق رقية باب المنزل ثم تذهب مباشر نحو غرفتها و توصد باباها خلفها جيداً كما اعتادت بوجود رجال بمنزلها دائماً.
تخلع رقية حجابها بعصبية و هي تتمتم بصوت منخفض : عمرك ما هتتغيري.. دايماً بتخيبي أملي فيكي، لا حول ولا قوة الا بالله، ربنا يهديكي يا أمي.
بعد قليل سمعت رقية طرقات علي باب غرفتها.
رقية : أيوة ؟
ليتناهي لها صوت والدتها : مش هتتغدي يا حبيبتي؟
رقية : لا شكراً..أكلت في المستشفي.
تعود فاتن بجوار زوجها الحالي و تجلس بشرود.
لتنتبه على صوت عماد و هو يسألها : مالك يا فوفا؟
فاتن : مفيش يا حبيبي..احضر الغداء؟
عماد : مش كنتِ مستنيا بنتك علشان تأكل معانا؟..ناديها و يلا نأكل.
فاتن بحزن : لا ما رقية أكلت في المستشفي.. هحضر لينا أنا و انت بس.
عماد بضيق : طيب و ده يصح؟ مش المفروض تيجي بنتك تسلم عليا و تباركلنا بالمرة؟
تنظر له فاتن بتقطيبة و هي تردف بجدية : مالكش دعوة ببنتي يا عماد..تتدخل في اي حاجة معلش لكن بنتي لا.
قالتها فاتن و عيناها ترسل رسائل تحذير لعماد، التقطها بهدوء و هو يفكر أن لا أحد سيمنعه من تحقيق ما أراده هو و خطط له، دع قاسم يفرح بحبيبته قليلاً فقط ثم يتدخل هو و يهدم فرحته بها للأبد!
+
في منزل عماد القديم...
ترك عماد أخته وحيدة بعد زواجه من فاتن..يعود كل يوم ليطمئن عليها ثم يرحل!
+
تجلس عبير بمفردها خائفة..تقف و تتجه نحو الباب لتتأكد انه موصود جيداً، كل فترة تسمع صوت ساعة الحائط أو صوت المبرد تنتفض رعباً.. غير قادرة على النوم بمفردها فهي اعتادت وجود اخيها معها بالمنزل، لم تظن يوماً انها ستبقى وحدها هكذا..تنتفض عبير على صوت هاتفها يصدح بنغمته العالية، لتلتقطه سريعاً و ترد.
عبير بصوت مهزوز : الو..ايوة يا عصام.
عصام بتقطيبة : مالك يا عبير؟ صوتك ماله؟
عبير تحاول أن تتمالك نفسها : مفيش يا عصام أنا كويسة الحمد لله.
عصام : اخوكي برده سايبك لوحدك في الشقة و مشى؟
عبير بحزن : أيوة يا عصام مشى..و انا لوحدي.
قالتها عبير ثم شعرت بالدموع تخز عيناها و صدرها يضيق على أنفاسها..لتفلت منها شهقة تصل لمسمع عصام!
عصام بضيق : طيب انتي بتبكي ليه دلوقت؟
عبير ببكاء : أنا مش ببكي..أنا بس صعبان عليا نفسي، لو بابا و ماما موجودين مكنش ده هيبقى حالي..مكنوش هيسبوني لوحدي في البيت أبداً، مكنوش هيسمحوا لعماد بالجوازة دي أبداً..كانت حياتي هتبقي احسن بوجودهم.
كانت تبكي أثناء حديثها و تشهق بشدة، ليشعر عصام بنخزة قوية في قلبه لم يهتم بتفسيرها، لكنه أردف بهدوء : اهدي يا عبير خلاص.. معلش ربنا يرحمهم، امسحي دموعك دي يلا و روحي اغسلي وشك و اهدي كدة.
رقية من بين شهقاتها : انا خايفة!
قالتها بصوت منخفض سمعه عصام..ليشعر بنفس النخزة في قلبه مجدداً، ليردف سريعاً : متخافيش أنا جنبك..اهدي بقى انا معاكي اهو بكلمك..فكري في اي حاجة مختلفة تشغلك عن خوفك ده.
عبير بإذعان و قد تسرب لها بعض الإطمئنان : حاضر.
+
في منزل عمر...
كانت تجلس رودينا شاردة و هي تقبض على كتاب بيدها كانت تقرأه..لكن استوقفها عدة أسطر بالكتاب.
+
" الخيانة
تلك الكلمة القاتلة التي تقبض القلوب و تثير في النفوس النفور..لن يشعر بها حقاً سوى من زرع في وحل الخيانة بدون ارادته!
شعور بغيض يترك طعم مرارة في الحلق..يضيق صدرك علي انفاسك تمنعها من التحرر خارجه تشعر بثقل علي ظهرك يحنيه بل يقصمه من شدة الألم.
شعور لا يجربه سوى الحمقى الذين ينزلقون بكليتهم في وهم حب جعلهم يلفوا في مداراته!
ذلك الحب الذي يحفز في الأنسان الضعف والخنوع والتضحية ثم التضحية ثم الأخرى... فيستنفذك تماماً لتصبح بعدها مجرد ورقة شجر جافة تتقاذفها رياح ذلك الحب المقيت، تحاول النفاذ بأخر قطرة من كرامة بقيت لديك لم تغقدها في سبيله..كرامة لو فقدت لفقدت روحك تماماً و تحولت لمسخ حوله ضعفه و هوانه ع نفسه!
فهل هناك سبيل أم كل الطرق سدت و صارت الحياة مجرد نفق مظلم مغلق لا مفر منه. "
+
تترك رودينا الكتاب أمامها و تذهب لغرفتها التي قليلاً ما تدخلها الأن، مما أثار غضب عمر و حنقه لكن لا يهم فليغضب..ليته يشعر بجزء بسيط بما تشعر هي الأن، لكنه لن يعرف أبداً ذلك الشعور.
ترتدي رودينا ملابسها استعداداً للخروج..ثم تحضر حقيبة صغيرة و تضع بها عدة أشياء من ملابسها، ثم تحضر ورقة و تدون عليها شئ ثم تحمل حقيبتها و ترحل!!
+
بعد مرور عدة ساعات..كان يفتح عمر باب منزله و يدلف بإرهاق و عيناه تبحث عن زوجته بكل مكان يمر به لكن لا أثر لها، ينظر لتلك الاريكا التي أصبحت مكان جلوسها الجديد بضيق و هو يتقدم نحوها..ثم يجلس عليها بإرهاق و هو يفكر انها أخيراً تخلت عن تلك الغرفة..يبدو انها عادت لغرفتها، يلفت نظر عمر ذلك الكتاب على المنضدة أمامه..ليلتقطه ثم يقلب بين صفحاته، ليرى صفحة من الكتاب مطوي طرفها، و عدة أسطر مظللة بلون مختلف..ليقرأ المكتوب و خفقات قلبه تعلو، ليترك الكتاب ثم يصيح و هو يبحث عن زوجته : روديناااا..انتي فين ؟
يقابله الصمت.. ثم يلفت نظره ورقة معلقة بالمرآة..ليلتقطها و يقرأ فحوها.
+
" عمر أنا روحت بيت بابا..محتاجة ابعد كام يوم، لو سمحت انا لما ابقي كويسة هرجع بيتي لوحدي، خلي بالك من نفسك"
+
يقرأ عمر الرسالة و هو مشوش لا يفهم ما سبب تغير زوجته فجأة هكذا؟
يطوي الورقة بضيق بكف يده ثم يلقيها بعيداً بغضب..فحياته المستقرة السعيدة مع رودينا تبدلت، حتى حبيبته القديمة لم تعد له.. كل شئ يخرج عن نطاق سيطرته و هذا ما يقلقه حقاً.
ليلتفت ثم يخرج من الغرفة مروراً بغرفة الجلوس وصولاً للخارج، ينوي الذهاب لرودينا و تباً لقراراتها فهي لم تستشير احد عندما رحلت.
+
في منزل والد رودينا...
كانت تجلس رودينا مع والدتها في غرفة الأولى
سناء والدة رودينا كانت تنظر لها بشك و هي تعلم ان ابنتها ليست بخير، لتردف بهدوء : يا حبيبتي انا وانتي طول عمرنا صحاب و انتي بتحكيلي كل حاجة..يابنتي ممكن طرف تالت غيركم يقدر يحل المشكلة.
رودينا: و مين قالك يا امي أن في بينا مشاكل.. انا بس حبة اقعد معاكي كام يوم علشان وحشاني كمان اغير جو.
تنظر لها سناء بإستنكار : عيب عليكي لما تصدقي انك ممكن تضحكي عليا بكلامك ده..من ساعة ما جيتي و انتي ساكتة و سرحانة و دموعك على خدك دايماً..و حتى جوزك مجاش يوصلك و لا كل شوية مكالمات بينكم زي الأول.
تغمض رودينا عيناها حتى لا تلاحظ والدتها الحزن و المرارة داخلهما.
رودينا بضعف : احنا خلاص قدمنا يا ماما معدناش زي الأول كل واحد منا الدنيا اخدته.
سناء بجدية : طيب جوزك دنيته خدته لشغله و عيادته و طموحه..انتي بقى فين دنيتك اخدتك؟
تبتسم رودينا بسخرية : هو بقي كل دنيتي يا أمي خلاص، هتاخدني على فين مثلاً؟
سناء بحزم : يابنتي جوزك بيغيب عن البيت كتير بحكم شغله..انتي ليه بقي ما ترجعيش تشتغلي تاني و تسلي نفسك و تحققي حاجة مفيدة؟
تقطب رودينا ثم تردف : انا قدمت علي اجازة وقت جوزنا..و بعد كدة أنا و عمر اتفقنا اني امد الأجازة و انا لقيت شغله مالوش مواعيد محددة فقولت اقعد استناه.
قالت رودينا هذا وهي تحرك كتفاها لأعلي!
سناء: غلط..طيب و ليه لحد دلوقت مأجلين الخلفة؟ مش قولته لحد ما تستقره هنا في مصر واهو بقالكم اكتر من شهرين.
رودينا بحيرة: متكلمناش في الموضوع ده تاني من بعد ما رجعنا مصر يا ماما.
سناء: وانتو مستنين ايه علشان تتكلموا و تقرروا؟
رودينا : معرفش يا ماما والله معرفش.
سناء بعصبية : اومال مين الي يعرف؟ عمر هو الي يعرف و يقرر كل حاجة و انتي ايه؟ فين دورك في حياته؟..لو عودتيه من دلوقت انك مالكيش رأي هيفضل كدة بل و هيسوء فيها كمان، ظبطي حياتك ياحبيبتي و عودي جوزك أن أي قرار يخص حياتكم انتو الاتنين تاخدوا بلاش تعوديه على سكوتك و إن مسألة قبولك بقراره شئ مفروغ منه.
كانت رودينا تستمع لوالدتها مبهوتة..فوالدتها رمت الحقيقة في وجهها، لتصدم من مدى سلبيتها و ضعف شخصيتها أمامه!
يصدح صوت جرس الباب، لتقف سناء ثم تذهب لرؤية من بالباب..لتتفاجأ بعمر الذي يبدو عليه هو أيضاً انه ليس في حال افضل من ردينا!
تردف سناء بترحيب : آهلاً يا عمر..اتفضل ادخل.
يدلف عمر ثم يتوقف بعد ما غلق الباب يبحث عن زوجته و عيناه تدور تمشط المكان حوله..لينتفض على صوت سناء.
سناء : ازيك يا بني عامل ايه؟
عمر بشرود : الحمد لله..حضرتك عاملة ايه؟
سناء: بخير الحمد لله..تحب اقول لرودينا انك هنا تجيلك و لا تدخلها انت اوضتها؟
عمر بلهفة: لا انا هدخلها يا ماما، ارتاحي انتِ.
يذهب عمر لغرفة زوجته، التى و برغم كل شئ يشتاق إليها و لكل تفاصيلها.
يفتح الباب بهدوء ثم يدلف و يغلقه خلفه مجدداً.
يلفت نظر رودينا صوت فتح و غلق باب حجرتها لتنظر و هي تظن أن والدتها عادت من جديد.. لكنها تتفاجأ بعمر يقف أمامها ينظر لها بلوم!
+