رواية عيشه بنت صياد السمك الفصل الرابع 4
حكاية عيشة بنت صيّاد السّمك
من الفولكلور الجزائري
إنتقام الجنّ (حلقة 4 )
نادت المرأة صيّاد السّمك ،وقالت له : تعال ،وانظر لإبتتك !!! أريد أن أعرف من أعطاها كل هذا الرّزق ؟ أجابها بتعجّب :عن ماذا تتحدّثين يا إمرة ؟ ولما نزل إلى الدّهليز فتح فمه من الدّهشة ،لكن عيشة قالت: إنّهم مخلوقات الغابة يا أبي ،جاءتني لتردّ إلي المعروف الذي عملته معها !!! لكن الصّياد لم يكن مهتمّا بحكايتها، وكان ينظر إلى صندوق الذّهب والفضّة، وقال لها : سأشترى مركبا كبيرا ،و،سنربح جيدا من الصيد،أحسنت يا عيشة، ستجعلين أباك وعائلتك من أعيان القرية ،ثم حضنها ،وقبّلها ،ووعدها أن لا يسيئ أحد معاملتها في المستقبل .
تحسّنت أحول البنت وقلّ عليها شغل البيت ،فلقد أجبر إبنة زوجته على العمل وترك الكسل .رجعت عيشة إلى التطريز ،ونقلت الزّخارف التي رأتها في مملكة الجن على قطعة من الحرير ،ولما أتمّتها دهش كلّ من رآها ،وازاد حبّ الصياد لإبنته ،واشترى المركب الذي طالما حلم به ،وجعل معه أجيرا ليساعده في الصّيد، وإنزال صناديق الأسماك ،وبيعها للتجار .أحسّت المرأة بالحقد على عيشة لما شاهدت مكانتها عند أبيها ،وقالت في نفسها: سأحتال عليها لمعرفة سرّها ،لا بدّ من ذلك .
وفي أحد الأيام جاءت لعيشة ،واعتذرت منها على قسوتها ، وقالت: حمق أختك وقبحها يجعلني أحسّ بالتوتر ، هل تفهمين هذا ؟ أجابت عيشة ببراءة : أصدقائي مخلوقات الغابة بإمكانهم مساعدتها ،فهم من بقايا مملكة الجن ،وقصت عليها مل ما حدث معا ،إبتسمت المرأة وقالت ستصبح إبنتي أجمل منك ،وأكثر ذهبا ،أما أنت سترين ماذا أفعل بك أيتها اللعينة !!!
في الصباح أعطت إبنتها دلوا ،وقالت لها ماذا يجب عليها فعله ،وأوصتها أن تصبر عل التعب ،وفي آخر اليوم سيصبح من الأغنياء ،وسيمنحها الجن وجها جميلا !!!لكنها كانت بخيلة ،ولمّا وصلت إلى البئر، ملأت الدّلو ،فجاءها الفرسان ،وطلب منها أن تسقيهما ،فقالت لهما ليس خادمة أبوكما !!! فدعيا عليها ،وقال الأول : إن شاء الله كلّما فتحت فمك خرج منه الدّود والصّراصير ،أمّا الثاني فقال :إن شاء الله كلّما مشيت نزل بولك على قدميك ،فسخرت منهما ثم واصلت طريقها .
وإذا بشجرة البرتقال تناديها ،وتطلب منها أن تسقيها ،فلمّا رأت أنّها يابسة قالت لها :سأخبر أبي ليأتي وسجعل منك حطبا للمدفأة !!! فدعت عليها وقالت :إن شاء الله تكون رائحتك نتنة كلسانك القذر ،فضحكت منها ،وإنصرفت .ولمّا كادت تصل إلى البيت وجدت القطة فتوجعت أمامها، وقالت لها : أنا مريضة، إسقيني شربة رحمك الله ،فردّت عليها :ستبقين مكانك حتى تأتي الفئران ، وتأكل ذنبك ، ستكونين أكثر جمالا دون ذنب !!!غضبت القطة ،ودعت عليها وقالت: إن شاء الله تأتيك في الظلام ، وتأكل أذنيك لتصبحين أكثر قبحا .
لمّا رحعت إلى البيت ،وضت الدلو في المطبخ وجلست تستريح ،فلما رأتها أمها قالت :هل نفذت ما قلته لك ؟ أجابتها :نعم يا أمي !!! فتحت لها السرداب ،وأدخلتها، وقالت لها: سأعطيك سلة طعام ،وإذا إحتجت شيئا أطرقي الباب بقوّة وسأفتح لك ،هيا إنزلي ،ولا تخافي ،لن يحصل لك شيئ ،ستأتيك قطة بيضاء،،فاتبعيها، وستجدين في طريقك الذّهب والحرير .
جلست الفتاة في الظلام ،وفجأة رأت عشرات العيون الحمراء تحملق فيها ،أحست بالذعر ،فأشعلت عود حطب ،كان هناك جيش من الفئران الصغيرة هجمت عليها وأشبعتها عضا وقرصا ،بدات تجري وتصرخ ،وتحاول إبعادها عن وجهها ،لكنها قضمت أذنيها ،ولمّا توغّلت وسط الدهليز ،وجدت صندوفا من الفضة ،ففرحت ،وبمجرّد أن فتحته هجمت عليها الدّيدان والصّراصير، ودخلت في أثوابها وفمها ،وأخذت تتخبط وتضرب نفسها، ثمّ واصلت الجري ،حتى تعبت، ووقفت وهي تلهث .
نظرت حولها فرأت جرة ماء بارد ،فأخذتها وشربت، وبعد لحظات بدأ بولها يسيل على ساقيها، ولم تعد قادرة أن تتحكّم فيه،صرخت، وواصلت الجري ،فصادفها صندوق مليئا بعطر الزّهر البرّي ،ولمّا فتحت أحد القوارير ،فاح شذاها في الدهليز ،فقالت :سأصب على نفسي شيئا منه، فحالتي أصبحت شديدة السوء !!! لكن بعد قليل أصبحت تفوح منها رائحة العفن ،أمسكت أنفها ،ورجعت إلى مدخل الدهليز ،وأخذت تطرق الباب بشدة، وهي تصيح بأعلى صوتها .
لمّا فتحت لها أمها الباب إنزعجت من قذارة إبنتها ،وأعدّت لها حّماما ،ونظفتها ،لكنّها أصبحت بشعة المنظر، وامتلأ وجهها بالعضّ والقرص ،وصارت تبول على نفسها ،فغضبت زوجة الأب غضا شديدا ،وقالت : كل ما حصل لإبنتي هو من تدبير عيشة ، لقد خدعتني ،سأعرف كيف أنتقم منها، الويل لك يا إبنة صيّاد السّمك منّي ..