اخر الروايات

رواية ليل يا عين الفصل الرابع 4 بقلم رضوي جاويش

رواية ليل يا عين الفصل الرابع 4 بقلم رضوي جاويش 


٤- مزحة سخيفة

اصطكت تلك الأحذية الميري ببعضها ضاربة الأرض بقوة عند دخول العقيد حسان المصري وبصحبته النقيب هشام صبحي مندفعين باتجاه مكتب الأول الذي هتف في حنق وهو يستدير ليجلس خلف مكتبه :- العملية باظت .. كنّا خلاص هنمسكهم متلبسين ونقفل القضية دي بقى ..
هتف هشام في حنق مماثل :- هي البنت اللي ظهرت فجأة دي ودخلت مكان التسليم .. قلبت الموازين كلها وكانت سبب في بوظان الليلة كلها..
هتف العقيد حسان وهو يناول هشام كيسا بلاستيكيا به هاتف ما :- اهو ده اللي ممكن يوصلنا للبنت دي لو كان بتاعها ووقع ف مكان التسليم ..
تناول هشام ذاك الحرز هاتفا :- هجيب اسم مالك الخط بس يا رب يكون باسمها فعلا عشان نعرف مين الأخت دي وايه علاقتها بالموضوع ده ..
هتف العقيد حسان :- طب ياللاه شد حيلك وربنا يسهل ..
نهض هشام ملقيا التحية وغادر إلى مكتبه وهو يتطلع إلى ذاك الهاتف بداخل الكيس البلاستيكي الخاص بالأدلة غير منتبه لتلك التي اندفعت في اضطراب فاصطدمت به ليترنح كلاهما ويسقط الهاتف المغلف من يديه ..
تمسك هو ببقايا اتزان حتى استطاع الصمود واقفا، بينما سقطت هي أرضا متألمة جوار الهاتف الذي لم تعره انتباها ..
انحني هشام متطلعا إليها في تساؤل :- أنتِ كويسة يا آنسة !؟.. أنا آسف أنتِ اللي ..
هتفت نجوى في غيظ :- أنت هتسبني مرمية كده وتحكيلي قصة حياتك ..
جز هشام على أسنانه في غيظ مماثل، وهتف حانقا وهو يمد كفه لمساعدتها :- اتفضلي قومي ..
وضعت كفها الرقيق بقلب كفه الضخم، ونهضت تعدل من هندامها قبل أن تسأل في اضطراب وهي تتطلع حولها في تيه :- أنا عايزة الظابط المسؤل هنا .. أقدر ألاقيه فين لو سمحت !؟..
هتف هشام في سخرية :- والله لو مش عاجبك خلقتي وشايفة إني منفعش أبقى ظابط .. ابعت أجيب لك واحد مخصوص على ذوق حضرتك ..
تطلعت له نجوى في لامبالاة لكلماته الساخرة وهتفت في نزق :- لا تنفع وأمري لله ..
هتف هشام في حدة وهو ينحني متناولا الهاتف الذي كان ما يزل أرضا: ده انا اللي أمري لله .. اتفضلي ..
وأشار إليها لتتبعه حتى حجرة مكتبه التي دفع بابها ودخل ليستقر خلف مكتبه يشبك أصابع كفيه فوق سطحه متنهدا في تعب وهي تجلس قبالته :- هااا.. خير .. ارغي ..
هتفت نجوى محتدة :- إيه ارغي دي !؟.. هو أنا جاية اتسامر مع حضرتك .. أنا جاية أبلغ عن اختفاء أختي الكبيرة ..
تطلع هشام إليها في إرهاق واضح :- طب تمام .. مر على غيابها أربعة وعشرين ساعة !؟..
هتفت مؤكدة :- المفروض هي وصلت أسوان امبارح الصبح، واختفت ع الساعة خمسة المغرب بعد ما وصلت أبو سمبل .. أنا عرفت المعلومات دي لما كلمت الفندق اللي كانت نازلة فيه فأسوان..
هتف هشام متثائبا يمط جسده في تعب مرجعا جسده للخلف، مسندا إياه على ظهر مقعده :- طب يبقى لسه مقدرش أعمل لك حاجة .. لسه مفتش يوم كامل على اختفائها .. دي لو كانت مختفية من أساسه ..
هتفت نجوى منتفضة من موضعها في تحفز :- يعني ايه !؟.. هقعد كل ده وأنا كده معرفش عنها حاجة !؟..
هتف هشام بأعين يغلبها النعاس :- للأسف اه .. لحد ما نتأكد إنها مختفية بالفعل .. ساعتها ممكن نتصرف ..
انفجرت نجوى في البكاء، وجلست موضعها من جديد فانتفض مذعورا لنحييها الذي جعله يستفيق دفعة واحدة وهي تهتف بأحرف متلعثمة يختلط فيها الكلام بشهقات متتابعة :- أنا السبب .. أنا اللي كلمتها وعملت نفسي اتخطفت العصابة محتاجة فدية .. كنت بهزر معاها قلت اجبها تتفسح معايا بعيد عن الحمل اللي هي شيلاه بعد وفاة بابا الله يرحمه .. مكنش قصدي والله يحصل لها حاجة وحشة .. أنا كان كل قصدي إنها تخرج بعيد عن المشاكل واضطربت أعمل كده لأني عارفة إنها مش هاترضي تيجي من نفسها فاخترعت الكدبة دي ..
وتطلعت نحو هشام هامسة في براءة وبنبرة تحمل رجاءً لا يمكن رفضه :- أنا عايزة عين .. عايزة أختي ..
تنهد هشام وقد أدرك أن النوم قد ولى بلا رجعة، وهتف في ضيق :- أنتِ تهزري وإحنا نشيل الهم هنا ..
ومد كفه ليضغط على ذر أعلى مكتبه مستدعيا عسكري الخدمة من الخارج، والذي دخل في التو واللحظة ليأمره هاتفا :- روح هات كباية ليمون وفنجان قهوة سادة دوبل..
أدى العسكري التحية مندفعا لتنفيذ الأمر وما أن هم بمد كفه ليدون بعض المعلومات عن عين حتى وقعت عيناه على الهاتف فأنار بعقله خاطر للحظة ما دفعه ليمسك بالهاتف المغلف مادا كفه إليها هاتفا في تساؤل :- أنت تعرفي الموبايل ده !؟..
تطلعت نجوى للهاتف وهو تمسح الدمع عن عينيها لنستوضح معالمه من خلف غلافه ثم هتفت في لهفة :- ايوه .. ده موبيل عين أختي .. لقيتوه فين..!؟..
ضاقت عينى هشام يحاول الربط بين الأحداث وبعضها، وهتف متسائلا من جديد :- إيه اللي جاب أختك لأ بوسمبل !؟.. أنتِ مش بتقولي كانت ف أسوان !؟..
هتفت نجوى تخبره التفاصيل :- أنا بعت لها ورقة من العصابة الوهمية مكتوب فيها مكان اللقاء والساعة .. كنت عملالها مفاجاة ف فندق أبو سمبل ..بس معرفش مجتش ليه !؟..
هتف هشام مؤكدا :- مجتش عشان راحت معبد أبو سمبل بدل ما تروح الفندق ..
وتنهد مستطردا :- للأسف يا آنسة .. اللعبة شكلها قلبت جد .. بس بدل ما تكوني أنتِ المخطوفة .. أختك هي اللي اتخطفت ..
انتفضت نجوى من جديد هاتفة في صدمة :- إيه!؟.. أكيد ده هزار .. اتخطفت إزاي يعني !؟..
هتف هشام مفسرا :- الميعاد والمكان اللي راحت فيهم كان هناك عصابتين بيتبادلوا بضاعة مهربة، وهي افتكرت إن تجمعهم ده عشان يخدوا الفدية منها ويرجعوكِ ..
شهقت نجوى منتحبة من جديد تجلس على مقعدها واضعة رأسها ما بين كفيها لا تعلم ما عليها فعله..
نهض من موضعه ليجلس على المقعد المقابل لها هامسا :- انا عارف الموقف صعب .. بس إن شاء الله خير ..
دخل العسكري حاملا صينية المشروبات، أمره هشام ليضعها على الطاولة الصغيرة الفاصلة بينهما ليخرج مغلقا الباب خلفه ..
مد هشام يده إليها بكوب الليمون هامسا :- اشربي وهدي أعصابك .. وإن شاء الله هيخلص الموضوع على خير ..
مدت كفها تتناول الكوب هامسة في اضطراب:- يخلص على خير إزاي !؟.. ده أنت بتقول وقعت بين أيدين عصابة حقيقية .. يعني ممكن يعملوا فيها حاجة ..
ووضعت الكوب على طرف المكتب بيد مرتعشة هامسة في توتر:- أنا لو عين حصل لها حاجة أنا عمري ما هسامح نفسي .. لا ده أنا ممكن أروح فيها بجد لأني متخيلش أعيش من غيرها يوم واحد..
وانسابت الدموع على خديها من جديد، ليهتف وهو يتطلع لمحياها الأكثر براءة على الإطلاق وكأنه يخاطب طفلة في الخامسة من عمرها :- طب اشربي ومتقلقيش .. والله لهترجع صاغ سليم ..
تطلعت إليه نجوى هامسة في تضرع :- يا رب يكون كلامك صح .. يا رب ..
هتف مؤكدا :- لعله خير ..
هزت نجوى رأسها إيجابا وهي ترتشف من كوبها لا تعلم هل فعلا ما حدث لأختها يمكن أن يكون خيرا !؟.. أم أن ما حدث لعين الحياة شرا مستطيرا!؟..

***************
يتبع..




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close