رواية جواز اضطراري الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم هدير محمود
مريم وقد فتحت عيناها ونظرت لأدهم وهمست من بين شفايفها بحروف أسمه بوهن شديد : أأ..أدهم ....
ثم أغمضت عيناها مرة آخرى...
- أجابها أدهم قائلا بلهفة : يا قلب أدهم أنا جنبك أهوه مش هسيبك يا حبيبتي مش هتحرك من هنا غير وأنتي معايا وأحتضنها بشدة فأنت بصوت مسموع جذبه الطبيب موضحا :
-حاسب عندها ضلع مكسور وبعدين هي مش هتفوق مرة واحدة هتبتدي تفوق تدريجي بس طالما فتحت عينيها واتكلمت يبقا هتفوق وهتبقى كويسة إن شاء الله اقترب منها وامسك يدها ليقيس لها النبض فجذب أدهم يدها من يد الطبيب بسرعة وقال بغضب :
-أوعى تلمسها مرة تانية هاتلي دكتورة ست
-الطبيب وقد عقد حاجبيه في دهشة : نعم ؟ أنا الدكتور المعالج
-أدهم وهو يجز على أسنانه بغضب :وأنا جوزها وبقولك ملكش دعوة بيها وهاتلي دكتورة ست وأمشي من قدامي دلوقتي أحسنلك
خرج الطبيب من الغرفة وهو يزفر بضيق من هذا الزوج الغاضب ..بعد أقل من نصف ساعة جاء الجميع ليلة وحازم وسيف ودينا اطمئنوا على مريم وانصرفوا أما أدهم ف ظل بجوارها يبكي في صمت.....
في الأيام التالية بدأت تستعيد وعيها بشكل كلي كانت تتحدث مع الجميع إلا هو منذ أن نطقت باسمه أول مرة حينما فاقت لم تتحدث معه ثانية كان هذا يؤلمه بشدة لكنه عذرها هي حتما موجوعة ومصدومة مما قاله لها وعلمته عنه وبعد عدة أيام ذهب هو لبيته لأحضار ملابس لها لتخرج بها من المستشفى فاستغل الطبيب الشاب عدم وجوده وذهب ليطمئن عليها طرق الباب عدة طرقات حتى أذنت له بالدخول وما أن دلف إلى غرفتها حتى نظرت إليه وكأنها تراه لأول مرة علم أنها لا تتذكره ف تنحنح قائلا :
-حمد لله على سلامتك يا دكتورة أنا دكتور رامي كنت بتابع حالتك قبل ما تفوقي من الغيبوبة ثم أردف مازحاا وقبل ما جوزك يجيي ويقولي عايز دكتورة ست
-مريم بهدوء وقد تذكرت هذا الطبيب التي سمعته يتشاجر مع أدهم قبل أن تستفيق من غيبوبتها وقالت بهدوء :الله يسلمك أنا أسفة على تهور أدهم بس هو غيور شوية
-ضحك الطبيب قائلا: شوية ! غيور أوووي بس واضح كمان أنه بيحبك أوووي أحممم أنا كنت عايز أسالك سؤال ؟
-مريم: أتفضل حضرتك
-الطبيب : أنا كنت بكلمك وأنتي في الغيبوبة فاكرة كلامي أو أي حاجة
-مريم : بصراحة لأ كل اللي حسيت بيه خناقتك أنتا وأدهم وصوتك وأنتا بتكلم الممرضة وبتقولها انه اتعور أو تجيبله حاجة يكتم بيها الدم مش فاكرة بالظبط
-الطبيب بابتسامة : يعني فوقتي لما سمعتي صوته وعرفتي أنه اتعور
-مريم : مش عارفة بس ده اللي فاكراه
-رامي وقد تنهد تنهيدة طويلة : دكتورة مريم أنا معرفش هو عمل أيه وصلك للحالة ديه بس اللي شايفه أنه زي ما جرحك أو وجعك بردو هو الوحيد اللي بأيده يداوي وجعك ده لأنك بالرغم من أي حاجة عملها لسه بتحبيه حتى لو متكلمتيش معاه باين ف عنيكي حبه على فكرة أنا مش فضولي ولا بحب أتدخل ف أمور شخصية والله بس أنتي فكرتيني بيها
-مريم وقد رفعت حاجبيها بدهشة : هي مين ؟
-رامي بحزن : خطيبتي كنت بحبها أووووي وغلطت غلطة بالنسبالي كبيرة حاولت تخليني أسامحها كتير أعتذرت واعترفت بغلطتها لكن مسامحتهاش ومكنتش حتى برد عليها لما بتكلمني وقولتلها إني هسيبها ومش هكمل معاها عملت حادثة وفضلت ف غيبوبة ولما عرفت جريت عليها وقلبي سبقني عشان يقولها أنه سامحها وإني ممكن أسامحها على أي حاجة إلا أنها تسيبني لكن للأسف كان فات الأوان وماتت ندمت ندم عمري اتمنيت لو كنت أدتلها فرصة لو ......
-قاطعته مريم قائلة : متقولش لو ..لو من عمل الشيطان ده عمرها وربنا مقدرلها ده
-رامي : ونعم بالله ..بس على الأقل كانت ماتت وأنا جنبها وهي عارفه اني مسامحها المهم اللي كنت عايز اقولهولك عاقبيه حاسبيه اعملي أي حاجه غير أنك تسبيه وتخسريه سامحي واغفري الدنيا أقصر من أننا نخسر ناس بنحبهم وبيحبونا كده ولو خسرناهم صعب أووي نلاقي زيهم تاني ويملوا قلبنا بنفس الطريقة
-مريم : بس الغفران والسماح بالسهولة ديه صفة ربانيه لكن احنا بشر ولينا طاقه احتمال
-رامي : بس طاقة الحب اللي شوفتها تستاهل شوية معافرة بصي يا دكتورة قبل ما أشوف جوزك كنت متحفزله ومتغاظ منه أوي لكن لما شوفته أول ما دخل الأوضة شوفت ف عنيه حب كبيير أووي ليكي وخووف أكبر عليكي يمكن يكون غلطته غير مقصوده أو ذنبه أتجبر عليه أو يمكن لحظة ضعف لكن الأكيد فكل ده أنه بيحبك جدا خدي وقتك وفكري براحتك بس لو شايفه أنه يستاهل فرصة أديهاله عشان ميجيش اليوم اللي تندمي فيه زيي كده أنا قولتلك اللي يمليه عليا ضميري وخلاص وآسف لو كنت أتدخلت ف حاجة متخصنيش أو ضايقتك بأي كلمة
-مريم : بالعكس يا دكتور رامي يمكن ربنا بعتك ليا عشان أسمع الكلمتين دول منك ويمكن يفرقوا ف قراري
-رامي بضحك : طب ألحق أنا بقا أمشي قبل ما يجي دكتور أدهم ونتخانق تاني وبصراحة أنا مليش نفس أتخانق النهارده وبعدين أيده تقيلة وعصبي أوي
-مريم بابتسامة : أنا آسفة على اللي حصل منه بس حضرتك كمان مسكتش وضربته
-رامي بضحك : هههه طبعا لازم تدافعي عنه..ثم فجأة نظر أمامه وقال بخوف يانهااار ملحقتش أهرب يالهووي ده جاي علينا ثم أردف بمزاح ابقي انقذيني منه
نظرت أمامها فوجدته مقبلا عليهما بسرعة ف ابتسمت لحديث الطبيب وحينما رأي أدهم رامي انزعج بشدة ونظر له بحدة قائلا :
-ممكن أعرف بتعمل أيه ف أوضة مراتي أنا مش قولتلك متدخلهاش تاني وملكش دعوة بيها
-رامي بدفاع : مفيش كنت ب....
-قاطعته مريم قائلة وهي تنظر لأدهم : دكتور رامي كان بيطمن عليا وبعدين هو اللي كان متابع حالتي من أول ما وصلت المستشفى وكان بيقعد يتكلم معايا وأنا في الغيبوبة
ابتسم أدهم بسعادة ف أخيرا تحدثت إليه حتى وإن كانت كلمات تأنيب ف هي منذ أكثر من ستة أيام وهي لا تحادثه ألبته ولا حتى تنظر إليه كأنه غير موجود وكان هذا يؤلمه بشده أما الآن فهي تحدثت معه ونظرت إليه فقال للطبيب بنبرة أشبه بالهمس :
- عاارف أنا هسامحك بس عشان خلتها أخيرا تكلمني أتفضل بقا حضرتك مش اتطمنت عليها خلاص
-رامي بجدية : أه الحمد لله وعايزك ثواني بعد أذنك
-أدهم : خير ؟
-رامي : يعني ممكن نسيبها ترتاح شوية ونتكلم ف مكتبي بعد أذنك
-أدهم وقد فهم أنه لا يريد الحديث في وجودها وهذا أثار قلقه بشده فقال له : اتفضل
خرجا معا متوجهين حيث مكتب الطبيب وتركا مريم تفكر فيما قاله رامي للتو هل تستطيع حقا أن تسامحه ؟ هل يستحق أدهم هذا السماح ؟هل من حقها أن تلومه على أشياء فعلها قبل أن يراها ؟ والأهم هل هي تثور لدينها أم لكرامتها كأنثي ؟
وجدت نفسها تجيب لا بل أثور ل ديني قطعا فأنا لم أكن معه حتى أثور لكرامتي ، هو زاني كيف لي أن أغفر له تلك الكبيرة فعادت وقالت لنفسها مجددا لست أنا الله كي أعاقبه أو حتى أغفر له ، عادت وتسائلت لكنه زاني والزاني لا ينكح إلا زانية مثله وأنا لست ب زانية صمتت لكن صوت نفسها عاد فقال لكنه تاب والتوبة تمسح الذنوب جميعا مهما كبرت لكنه ايضا قتل جنينه قبل وسلب روحه عند هذا الحد تنهدت قائلة يالله أغثني وقد شعرت أن كثرة التفكير أعيتها بشدة ف كفت عنه وأغمضت عيناها لترتاح قليلا غفت حتى تهرب من عقلها الذي لن يتركها وشأنها إلا عند النوم فاستسلمت له ....
في مكتب الطبيب رامي
نظر لأدهم وقد أشار له بيده ليجلس أمامه وما أن جلس حتى قال بخوف وقلق كبيرين :
-مريم كويسة ؟ في حاجه يعني مش طبيعية
-رامي بهدوء : دكتورة مريم بخير تنحنح قائلا قصدي عضويا يعني
-أدهم : تقصد أيه ؟أدخل ف كلامك علطول لو سمحت
-رامي وقد اعتدل ف جلسته وخلع نظارته الطبيه ووضعها أمامه : بص يا دكتور أنا معرفش أنتا وجعتها أزاي أو عملتلها أيه وصلها ل كده بس اللي أعرفه أنك بتحبها وأنها هي كمان بتحبك و....
-أدهم بحدة : وأنتا مالك بتدخل بينا ليه ؟!محدش طلب منك ده
-رامي وهو مازال يحتفظ بهدوؤه : دكتورأدهم أرجوك اسمعني للآخر وبعدين هو أنتا متعصب ومحموق أوي كده ليه على فكرة أنا مبدورش على عروسة ولوعايز أتجوز أو أحب مش هحب واحده متجوزة وبتحب جوزها أنا عارف أني غلطت معاك لما احتديت عليك في الكلام أول مرة جيت فيها وأنا آسف جدااا على ده بس أنا شوفت فيك نفسي كنت بتخانق معاك كأني بتخانق مع نفسي عشان كده كنت عنيف ثم ابتسم بحزن قائلا أنا كنت زيك كده بحب ومتيم لكن ضاعت مني ف لحظة ضاعت مني وهي فاكرة اني مش بحبها أرجوك مهما كان اللي حصل بينكو متسبهاش بس كمان متضغطش عليها استحمل انفعالها وغضبها أو حتى تجاهلها خليها تعمل اللي يريحها بس بردو فهمها أن أي حاجة مسموحة إلا أنها تبعد عنك حتى لو هي طلبت ده لأنها فعلا بتحبك
-هدأ أدهم بعد كلام رامي ثم قال : هي خلاص هتخرج بكره ؟
-رامي : الاستشاري هيشوفها آخر النهار وهيكتبلها خروج بإذن الله
-أدهم : أممم طيب على العموم شكرا على كلامك
-رامي : العفو
هم أدهم أن يخرج من غرفة الطبيب لكنه عاد ليسأله مرة آخرى:
-بس أنتا عرفت منين أنها بتحبني قعدت ترغي معاها وقالتلك كده؟
-ضحك رامي بشدة وقال : أنتا يهمك أنهي فيهم أنها قعدت ترغي معايا ؟ ولا أنها قالتلي كده ؟
-أدهم بعصبية : الأولى طبعا
-رامي وقد ضيق بين عينيه متسائلا : يعني ميهمكش تعرف إذا كانت بتحبك ولا لأ؟
-أدهم بثقة: لأ لأني واثق أنها بتحبني
-رامي بابتسامة : متخافش مقعدتش أرغي معاها كتير ولا حاجة وبعدين مش محتاجة تقولي أنها بتحبك لأن باين من أول لحظة وجودك جنبها وبعدين أنا كنت بساعدك متقلقش كنت بقولها أن مهما كان اللي عملته ممكن تديلك فرصة
-أدهم باقتضاب: شكرا بس بردو لو سمحت متتكلمش معاها تاني
-ابتسم رامي وقال بهدووء : حاضر
-أدهم : بعد أذنك
-الطبيب :اتفضل
خرج من غرفة الطبيب وذهب حيث غرفة زوجته ف وجدها نائمة في هدوء جلس بجوارها وظل يقرأ القرآن بصوت مسموع حتى تنام نوم هاديء وتطمئن بذكر الله ..
وفي اليوم التالي خرجت مريم من المشفى وعادا لبيتهما وما أن دخلا البيت حتى نظرت له قائلة :
-أدهم ممكن أطلب منك طلب وأرجوك توافقني عليه
-أكيد طبعا قولي
-أنا محتاجة أقعد لوحدي شوية عشان أفكر وأعرف أوصل لقرار ف مصير علاقتنا وعايزة أروح أقعد ف بيت بابا لحد ما أوصل لقراري النهائي
-مريم صدقيني أنا مش هضغط عليكي ف حاجة خالص هسيبك لحد ما توصلي لقرارك لوحدك بس خليني معاكي لو سمحتي عشان أبقى متطمن عليكي
-مش هينفع وجودك معايا ف حد ذاته هيشكل ضغط عليا
-خلاااص يبقا أنتي هتقعدي ف بيتك هنا وأنا هروح ف بيت عمي
-لأ مش هينفع بيت بابا بعيد عن المستشفى والعيادة لكن أنا أجازة ومش هروح الشغل ف عادي
-أدهم بحزم: طب أسمعي بقا ده أخر كلام أنتي هتفضلي هنا في بيتك ومش هتخرجي منه أبدا وأنا هاخد منك مفتاح شقةعمي وهروح أقعد فيها ولما تعوزيني كلميني ف أي وقت وهكون عندك بس ممكن تسمحيلي آجي أزورك واطمن عليكي كل يوم
-مريم بتردد: مش هينفع يا أدهم أنا محتاجة أفكر براحتي معلش لازم تبقا بعيدعني شويه
-طيب براحتك يا حبيبتي ..طب ولا حتى أتصل بيكي أسمع صوتك ؟
-أنا آسفة يا أدهم بس فعلا أنا محتاجة ابعد عنك خالص وأبقى لوحدي فترة لحد ما أقرر
-حاضر يا مريومتي هعمل أي حاجة تريحك وهخلي دينا وليلة يجولك كل يوم يطمنوا عليكي ويطمنوني صحيح أنا جبتلك تليفون جديد بدل اللي أتسرق وحطتلك فيه شريحة بنفس رقمك القديم ثم مد يده إليها بالهاتف الجديد
مدت يدها لتأخذ منه الهاتف فلمست يده توترت كثيرا من أثر تلك اللمسة فأخذته منه بسرعة دون أن تنظر إليه وكانت تشعر بأن نظراته تخترقها فردت باقتضاب: شكرا
-أه قبل ما أمشي عايزك تبقي حاطة ف تفكيرك أنك لو قررتي تسامحيني مش بس هتنسي اللي حصل لأ هتنسي كمان أنك تبقي أم ومش هتضغطي عليا أبدا بالكلام ف الموضوع ده لأني مش ناوي أرجع ف عقابي لنفسي أبداا أنا عارف أنه مش وقته الكلام ده بس كمان أنا شايف إني مستهلش التضحية الكبيرة ديه عشان كده لو كان قرارك أنك تسيبيني وتطلقي هنفذلك اللي أنتي عايزاه عشان ده حقك بس هفضل بردو ف ضهرك وسندك هكون لك أخ لو معرفتش أكون لك زوج ومش هتجوز ولا هحب بعدك أبدااا هتفضلي جوه قلبي ومكانتك وحبك مش هيقلوا سنتي واحد يلا أسيبك بقا عشان ترتاحي مش عايزة مني أي مساعده أنا مجهزلك الأكل ف التلاجة ولو أحتجتي أي حاجة أطلبيها خلي بالك من نفسك وتاني يا مريم لو أحتجتيني ف أي وقت كلميني علطول
-حاضر يا أدهم لو احتجت أي حاجة هكلمك
-مش هتخافي تباتي لوحدك ؟
-لأ خلاص أنا اتعودت على الشقة ثم ابتسمت وأردفت وعلى روك كمان ..شكرا على اهتمامك وعلى تعبك معايا الأيام اللي فاتت
-أدهم باسما : شكرااا؟ أنتي بتشكريني أنتي اللي تستاهلي الشكر على حاجات كتيير أوي يلا أسيبك بقا مع السلامة وخلي بالك من نفسك عشان خاطري
-متخافش عليا أنا تمام
أقبل عليها ليضمها لكنها ابتعدت عنه مسرعة وكأنها خشيت أن يدنس برائتها برذيلته كان جسدها يهرب من هذا الجسد العاصي هذا الحضن الذي ضم أمرأه لا تحل له فقالت بأسف : آسفه بس مش قادرة
-ابتسم بحزن : ولا يهمك سلام يا مريم
-مريم بأشفاق : أتفضل المفتاح وخد بالك من نفسك أنتا كمان
أدهم وقد أكتفي بأيماءه رأسه وانصرف تاركا أياها لعقلها وهو يدعو الله أن تختاره تختار البقاء معه هو لا يطيق ألبته فراقها لكن إن كان قرارها غير ذلك ف حتما سيحقق لها ما تريد لن يجبرها على المكوث معه رغما عنها ....
انصرف أدهم وباتت مريم بمفردها وحيدة كانت تغدو يمينا ويسارا وتسير هنا وهناك وكأنها تبحث عن طيفه تشتاق إليه كثيرا وتشعر بالوحدة بدونه لم تعتاد أن تمكث ف هذا المكان بمفردها كانت كلما حاولت أن تفكر في قرارها بعقلها يعود قلبها ويشتاق إليه ولا يفكر سوى فيه دخلت غرفته تفقدت عطره ..فراشه ..غطاؤه ..حتى ملابسه التي ظلت تستنشق فيها رائحته ل تشعر بالامان علمت أنها باتت لا تطمئن إلا ف وجوده ولا تهدأ إلا لصوته ولا تسكن إلا بين أحضانه تذكرت والدها ف بعد موته لم تشعر بالأمان إلا في حضن وبيت أدهم بكت كثيرا وقضت ليلتها ف الاشتياق إليه بدلا من التفكير في الابتعاد عنه وصلت الساعة للواحدة والنصف ليلا حاولت أن تنام لم تستطع حاولت أن تفكر وأيضا لم تستطع شعرت بالوحشة بدونه وجدت نفسها دون إرادة منها مصيرة على الاتصال به أمسكت بهاتفها الجديد واتصلت عليه دون أن تعبأ بالوقت ولا حتى بالكلام الذي ستقوله كل ما تود فعله الآن هو أن تسمع صوته ليس صوته فحسب بل تريده هو بنفسه أمامها ثم تفكر كيفما شاءت لكن التفكير وهو بعيد عنها عبثا ولن يفلح وسينجح أشتياقها له في أتخاذ قرار البقاء معه ....
اتصلت به وما أن رن هاتفه حتى أجابها على الفور وكأنه ينتظر أتصالها هذا حاولت أن ترتب حديثها حاولت أن تفكر فيما عليها قوله في تلك اللحظة لكنها أيضا لم تفلح فتسائلت بكلمات مبعثرة تائهة :
-أزيك يا أدهم
-أدهم بدهشة هل تتصل به في هذا التوقيت فقط لتسلم عليه : الحمد لله .. مريم أنتي كويسة ؟ فيكي حاجة ؟ تعبانة ؟
-لأ الحمد أنا كويسة متقلقش أنتا رجعت من العياده ؟
- أه رجعت من نص ساعة كده..مريم في أيه ؟
-مريم وقد صمتت لا تعلم بما تجيبه : .......
-أدهم بقلق : مريم أنتي سمعاني ؟ أنتي عايزة تقولي حاجة قولي أنا سامعك يا حبيبتي
-مريم وقد أسرتها كلمة" حبيبتي" التي نطقها للتو وزادت من ضربات قلبها اشتياقا له فقالت : أدهم ممكن تيجي؟
-أدهم وكأنه لا يصدق ما يسمعه : آجي فين ؟
-مريم : تيجي بيتنا
-طرب كثيرا حينما سمع كلمة " بيتنا " منها لكنه مازال غير مصدقا : أمتا ؟
-مريم بتردد : دلوقتي بس لو تعبان خليك الص....
-قاطعها قائلا بحماس : حالا ..حالا يا حبيبتي هلبس وهجيلك مش هتأخر عليكي بس أوعي تنامي لحد ما آجي
-مريم بقلق : بس سوق بالراحة عشان خاطري
-حاضر سلام يا مريومتي
أغلق الخط وهو غير مصدقا لما حدث ارتدى ملابسه في عجالة وهبط الدرج وساق سيارته ليلحق بمحبوته ويلبي لها رغبتها في مجيئه الآن وبالفعل لم يمرأكثر من نصف ساعة وكان قد وصل لبيته أدار المفتاح بالباب وما أن فتحه حتى وجدها قد جرت عليه مسرعه وارتمت بين أحضانه باكية هلع لرؤيتها هكذا فابعدها عنه برفق ليطمئن عليها وسألها وقلبه يخفق بين ضلوعه بجنون :
-مريم ! فيكي أيه يا حبيبتي؟ أيه اللي حصل ؟
-قالت من بين شهقاتها بصوت متقطع : تع ..تعبانه يا أد ..يا أدهم
-ضمها أكثر بين ذراعيه فتألمت على أثر ضلعها المكسور الذي نسى أمره وهو يضغط عليها فقال معتذرا : آسف آسف يا حبيبتي وجعتك ؟
مريم وقد أماءت رأسهابالايجاب فاقترب منها وامسكها وتحركا حيث الركنة الموجوده بالقرب منهما وأجلسها وتحدث لها قائلا :
- اهدي يا حبيبتي وقوليلي أيه اللي تعبك أتصل بالدكتورة تيجي تشوفك
-مريم وهي مازلت تبكي : لأ بس خليك جنبي متمشيش
-حاضر أنا جنبك أهوه مش همشي بس قوليلي في أيه مش أنتي اللي قولتيلي أنك عايزة تبقي لوحدك عشان تعرفي تفكري
قالت وهي تبكي بغزارة وقد دفنت رأسها في حضنه وتمسكت بقميصه بشدة :
- مش عارفه أفكر وأنا لوحدي يا أدهم مش حاسة بالأمان وأنتا وحشني جدا كل حاجة حواليا بتفكرني بيك خلاص خليك معايا هنا في البيت لحد ما أوصل لقراري بس لو قررت أننا منكملش مش هقدر أقعد هنا بجد المكان هنا مرتبط بيك وبوجودك هتعذب لو قعدت هنا من غيرك
-مد يده ليزيل دمعها المنساب على وجنتيها برقة: ششششش خلاص كفاية متعيطيش أهدي عشان خاطري يلا ادخلي نامي دلوقتي واللي يريحك أنا هعمله
-مريم وقد شدت من قبضتها على معصمه: تعالى معايا واقعد اقرالي الورد بتاعنا زي كل يوم ممكن ؟
-أدهم بابتسامة: طبعا ممكن أنا مشتاق ل كده أووى يلا يا حبيبتي
ساعدها لتدخل غرفتها ونامت على سريرها ثم دثرها بالغطاء جيدا وجذب الفوتيه الموجود بالغرفة وألصقه بسريرها وظل يقرأ لها القرآن حتى هدأت وغطت في سبات عميق أما هو ف لم يريد أن يتركها وينام بغرفته يريد أن يشبع منها أن يحفر ملامحها بداخل عقله أكثر أن يختزن ذكريات أكتر حتى يتزود بكل هذا في حياته القادمة إن كان قرارها الرحيل ....
لكنه عاد وتسائل في نفسه وهل الحياة بعدها تبقى حياه تمنى أن رحلت أن ترحل روحه معها فهذا أهون عليه من هذا الفراق اللعين أستغفر كثيراا وظل يدعو الله في سره أن تختاره أن تبقى معه طيله عمرهما الباقي ألا يكتب عليه الفراق طالما الأرواح لازالت في الأجساد أغمض عينيه وهو مازال يستغفر ويردد لا حول ولا قوة إلا بالله ف بهم تفتح كل الأبواب وتحقق كل الأحلام نام ولم يستيقظ إلا على صوت المؤذن وهو يردد" الصلاة خير من النوم"فتح عينيه واستعاذ بالله من الشيطان وأيقظ زوجته لتصلي وهبط هو ليؤدي صلاته في المسجد القريب ......
أما هي ف توضأت ثم وقفت أمام ربها تناجيه وتبتهل إليه ليجعلها تقرر الصواب ظلت تدعو الله كثيرا بدعاء واحد " رب اختر لي ولا تخيرني وارضني بما شئت " بعدما صلت الفجر صلت صلاة استخاره ف هي دوما تحب أن تستخير الله في كل شؤونها وهي على يقين تام بأن الله دوما يختار لنا الصواب حتى وإن كنا لانراه كذلك بنظرتنا الدنيوية الضيقة والمحدودة ....
كثير من الابتلاءات التي تحدث لنا يكن في باطنها كل الخير أو أنها السفينه التي تبحر بنا في بحر الحياة حتى تنجينا من الغرق وتصل بنا للشاطيء بأمان ..
دعت في استخارتها من بين دموعها وألحاحها على الله أن يختار لها الخير فإن كان أدهم خيرا لها فيقربه منها ويجعلها تنسى ذنبه وتسامحه عليه وإن كان فيه شرا لها أن يبعدها عنها ويجعل قلبها لايصفو له ويقويها على نسيانه وتحمل فراقه ويلقي في قلبها الرضي بما اختاره لها ....
أنهت صلاتها ونامت على الفور وقد أنهكتها كثرة البكاء ..
حينما عاد أدهم من صلاته دخل غرفتها ليطمئن عليها نظر لها وجدها قد عاودت النوم هم بأن يخرج لكنه لمح تلك الدمعه الضاله على وجنتها رق قلبه لها كثيرا اقترب منها مسح دمعتها بأطراف أصابعه وقبلها من جبهتها ب رقة وهدوء شديدين ثم انسحب إلى غرفته بأسى وقلبه يؤلمه بشدة على حزنها وبكاؤها وعجزه عن التخفيف عنها لأنه ببساطة يعلم أنه السبب فيهما ...
مرت الأيام التالية بطيئة ثقيله على كلاهما وقد اعتزلت مريم غرفتها ولم تخرج منها إلا للوضوء أو لدخول الحمام حتى الطعام رفضت أن تشاركه فيه وصديقتيها طلبت منهما أن يتركاها بمفردها ف هي تحتاج لتلك الوحدة لم تخبرهما قطعا ب سر أدهم وايضا لم تخبر والدته التي اتصلت بها لتطمئن عليها والتي لم تعرف من الأساس بما حدث لها في الأيام الماضية ....
كانت دينا وليلة يحاولان أن يساعداها على تجاوز الأزمة التي لا يعلما سببها لكنها انزوت عنهما حتى تستطع أن تقرر ما تود فعله أو ما سيختاره الله لها كانت تصلي كل يوم صلاة الاستخارة وتلهج بالدعاء وتبكي وتتضرع إلى الله حتى مرأسبوع كامل وأخيرا وصلت ل قرارها واطمئنت إليه وجدت نفسها قامت وفتحت دولابها وارتدت قميصها الوردي التي ارتدته المرة السابقة ووضعت القليل من الزينه وطلاء الشفاه الوردي المحبب إلى زوجها كان أدهم لم يأتي بعد من عيادته ف ظلت تنتظره في غرفتها وما أن سمعت صوت مفتاحه في الباب حتى خرجت تنتظره في الصاله وما أن رآها بتلك الهيئة صعق بشدة واضطربت أنفاسه وتعالت أصوات دقات قلبه التي باتت أشبه بقرع الطبول لا رغبة فيها بل لما تخفي وراءه تلك الهيئة هذا يعني أنها قررت أن تبقى معه ولا تتركه أبدا لكنه أراد أن يسمع ذلك منها نظر لها ف حنو قائلا :
-ها يا مريم وصلتي ل قرار ؟
-بابتسامتها العذبة قالت : أكيد أمال خرجت من أوضتي ليه ؟
-أدهم وكأنه يرجوها أن تنطقها سريعا قبل أن يتوقف قلبه من فرط خوفه وحماسه : طيب ممكن أعرفه دلوقتي؟
-مريم وقد ركزت بصرها تجاهه فجأة مما أربكه بشدة وقالت : وهو أنتا كده لسه معرفتهوش
-أدهم لن يصدق إلا إذا سمعها منها صريحة فقال بإلحاح : عايز أسمعها منك صريحة لوسمحتي يا مريم
-صمتت مريم لحظات مرت عليه كأنها الدهر ثم قالت فجأة : هتطلق وهروح أعيش ف بيت بابا
صعق من تلك الكلمات التي صوبتها له على عكس ما توقعه لقد كان ينتظر أن تخبره بأنها ستبقى معه ستكمل حياتها لأخر يوم في عمرها بين أحضانه كان يظن أنها تقول له بهيئتها تلك هيت لك كان فقط ينتظر أن تأذن له حتى يجعلها زوجته قولا وفعلا بل كان يشتاق لتلك اللحظة وكأنه المذنب العاصي الذي خرج لتوه من النار ويقف على أعتاب الجنة فقط يحتاج الأذن بدخولها لكنه فجأة أعادوه للنار مجددا بدلا من أن يدخلوه الجنة دون أن يعلم لما حدث ذلك قال وهو يترنح كالذبيح وعاد يسألها مجددا لعله أخطأ فيما سمعه أو لعله يتوهم ذلك :
-مريم قولتي أيه ؟
-مريم بتحدي وأعادت على مسامعه ما قالت مرة آخرى ولكن بثبات أكثر: قولت اتطلق وأروح أعيش في بيت بابا
-أدهم : طب ليه ؟
-مريم بتعجب : ليه أيه ؟
-أدهم بضيق: ليه لابسه كده ؟ ليه حسستيني إني هسمع كلام غير كده؟ ليه عشمتيني بحاجة وقولتي حاجة تانية؟
- مريم وكأنها تصارع نفسها وخجلها لتقول ما ستنطقه شفاهها بعد لحظات : عشان أنا هكون مراتك النهارده يا أدهم هكون ملكك بين ايديك
-أدهم وقد عقد حاجبيه بدهشة قائلا : مش فاااهم !يعني هتطلقي ولا سامحتيني وهتكوني مراتي ؟
-مريم شارحة ما تقصده : الاتنين .. هكون مراتك النهارده وبس وبكره هنتطلق
-أدهم بدهشة : وليه ؟ عشان تعذبيني ؟ قد كده عايزتنتقمي مني
-مش انتقام بس عايزة ذكرى منك أعيش عليها بقية حياتي عايزة أفتكرك دايما عايزة أكون مراتك مش على الورق وبس
-أدهم بعصبية وهو يهز رأسه يمينا ويسارا : مش ممكن مش هيحصل مش هقدر مستحييل أقرب منك وأنا عارف أنك هتسبيني وأنها هتكون أول وآخر مرة مقدرش أدخل الجنة وأخرج منها مطرود مقدرش ده أسوأ عقاب تخيلته ..
-مريم بسخرية : الجزاء من جنس العمل مش عملتها قبل كده مش زنيت بيها عشان توجعها وتنتقم منها وترد كرامتك على الأقل المرادي أنا مراتك يعني حلالك ومفيهاش أي حرمانيه ومش عشان أنتقم ولا حاجة بس زي مقولتلك حاجة تفكرني بيك
-أدهم وهو يغمض عينيه بألم : لأ يا مريم أرجوكي متبقيش قاسية كده أنا غلطت وتوبت وندمت أنا كنت مغيب وقتها كان الشيطان عامي عيني بس رجعت ل ربنا وربنا بيغفر كل الذنوب إلا أن يشرك به حتى الشرك بالله لو استغفرتي وأخلصتي النية ف توبتك ورجعتي لتوحيدك بالله ربنا بيغفر ويسامح وبيمسح الذنب ده من صحيفتك وكأنك معملتيهوش، ثم أردف بعد تنهيدة طويلة أخرجها من صدره : مريم لو عايزة تتطلقي أنا مش هقولك لأ عشان ده حقك لكن اللي بتقوليه ده لا يمكن يحصل مقدرش عليه أبداا وإلا كان حصل من زماااان وصدقيني هفضل ف ضهرك وجنبك زي ما وعدتك
-مريم بغضب : بسهولة كده هتطلقني وتضحي بيا
-مين قال أنه بسهولة؟! بس مش هقدر أغصبك تسامحيني ولا هقدر أكمل معاكي وأنتي لسه بتبصيلي بنظرة إني واحد زاني مش هطيق النظرة ديه منك أبدااا والأهم إني مش هقدر أحرمك تكوني أم عشان عقاب أنا اللي بعاقب نفسي بيه وملكيش أنتي أي ذنب فيه صدقيني أنا عندي روحي تخرج من جسمي أهون من أنك تخرجي أنتي من حياتي لكن أنا سلمت أمري ل ربنا وأكيد كل اللي كتبه خير لكن أكتر من كده لأ والكلام اللي بتقوليه ده مستحيل يحصل أبدا
-مريم وقد لان صوتها واقتربت منه ونظرت في عينيه وقالت بحب : ولا أنا كمان أقدر يا أدهم
-سأل أدهم باندهاش : أمال قولتي كده ليه ؟
هل ستترك أدهم وتنتهي علاقتهما الزوجية قبل أن تبدأ ؟؟ أم أن ل مريم رأي آخر ؟؟
والآن حان الوقت ل قلب الأدوار هي الخائفة وهو المقبل هي الممتنعة وهو الراغب
ترى ما سبب امتناعها عنه ؟؟ سر جديد تكشفه مريم لأدهم عن علاقتها ب هذا المروان فما هو و كيف سيتقبله ؟؟ نور وخالد هل أخيرا ستعطيه نور الفرصة ليقف بجانبها أم تظل في عزلتها ؟؟
وأخيرا كيف يمكن لأدهم أحتواء مريم خوفها ..قلقها وأعادت الثقة ل نفسها مرة آخرى ؟؟
كل هذا وأكثر سنعرفه في الحلقة القادمة ..فانتظرونيي
هدير محمود علي
ثم أغمضت عيناها مرة آخرى...
- أجابها أدهم قائلا بلهفة : يا قلب أدهم أنا جنبك أهوه مش هسيبك يا حبيبتي مش هتحرك من هنا غير وأنتي معايا وأحتضنها بشدة فأنت بصوت مسموع جذبه الطبيب موضحا :
-حاسب عندها ضلع مكسور وبعدين هي مش هتفوق مرة واحدة هتبتدي تفوق تدريجي بس طالما فتحت عينيها واتكلمت يبقا هتفوق وهتبقى كويسة إن شاء الله اقترب منها وامسك يدها ليقيس لها النبض فجذب أدهم يدها من يد الطبيب بسرعة وقال بغضب :
-أوعى تلمسها مرة تانية هاتلي دكتورة ست
-الطبيب وقد عقد حاجبيه في دهشة : نعم ؟ أنا الدكتور المعالج
-أدهم وهو يجز على أسنانه بغضب :وأنا جوزها وبقولك ملكش دعوة بيها وهاتلي دكتورة ست وأمشي من قدامي دلوقتي أحسنلك
خرج الطبيب من الغرفة وهو يزفر بضيق من هذا الزوج الغاضب ..بعد أقل من نصف ساعة جاء الجميع ليلة وحازم وسيف ودينا اطمئنوا على مريم وانصرفوا أما أدهم ف ظل بجوارها يبكي في صمت.....
في الأيام التالية بدأت تستعيد وعيها بشكل كلي كانت تتحدث مع الجميع إلا هو منذ أن نطقت باسمه أول مرة حينما فاقت لم تتحدث معه ثانية كان هذا يؤلمه بشدة لكنه عذرها هي حتما موجوعة ومصدومة مما قاله لها وعلمته عنه وبعد عدة أيام ذهب هو لبيته لأحضار ملابس لها لتخرج بها من المستشفى فاستغل الطبيب الشاب عدم وجوده وذهب ليطمئن عليها طرق الباب عدة طرقات حتى أذنت له بالدخول وما أن دلف إلى غرفتها حتى نظرت إليه وكأنها تراه لأول مرة علم أنها لا تتذكره ف تنحنح قائلا :
-حمد لله على سلامتك يا دكتورة أنا دكتور رامي كنت بتابع حالتك قبل ما تفوقي من الغيبوبة ثم أردف مازحاا وقبل ما جوزك يجيي ويقولي عايز دكتورة ست
-مريم بهدوء وقد تذكرت هذا الطبيب التي سمعته يتشاجر مع أدهم قبل أن تستفيق من غيبوبتها وقالت بهدوء :الله يسلمك أنا أسفة على تهور أدهم بس هو غيور شوية
-ضحك الطبيب قائلا: شوية ! غيور أوووي بس واضح كمان أنه بيحبك أوووي أحممم أنا كنت عايز أسالك سؤال ؟
-مريم: أتفضل حضرتك
-الطبيب : أنا كنت بكلمك وأنتي في الغيبوبة فاكرة كلامي أو أي حاجة
-مريم : بصراحة لأ كل اللي حسيت بيه خناقتك أنتا وأدهم وصوتك وأنتا بتكلم الممرضة وبتقولها انه اتعور أو تجيبله حاجة يكتم بيها الدم مش فاكرة بالظبط
-الطبيب بابتسامة : يعني فوقتي لما سمعتي صوته وعرفتي أنه اتعور
-مريم : مش عارفة بس ده اللي فاكراه
-رامي وقد تنهد تنهيدة طويلة : دكتورة مريم أنا معرفش هو عمل أيه وصلك للحالة ديه بس اللي شايفه أنه زي ما جرحك أو وجعك بردو هو الوحيد اللي بأيده يداوي وجعك ده لأنك بالرغم من أي حاجة عملها لسه بتحبيه حتى لو متكلمتيش معاه باين ف عنيكي حبه على فكرة أنا مش فضولي ولا بحب أتدخل ف أمور شخصية والله بس أنتي فكرتيني بيها
-مريم وقد رفعت حاجبيها بدهشة : هي مين ؟
-رامي بحزن : خطيبتي كنت بحبها أووووي وغلطت غلطة بالنسبالي كبيرة حاولت تخليني أسامحها كتير أعتذرت واعترفت بغلطتها لكن مسامحتهاش ومكنتش حتى برد عليها لما بتكلمني وقولتلها إني هسيبها ومش هكمل معاها عملت حادثة وفضلت ف غيبوبة ولما عرفت جريت عليها وقلبي سبقني عشان يقولها أنه سامحها وإني ممكن أسامحها على أي حاجة إلا أنها تسيبني لكن للأسف كان فات الأوان وماتت ندمت ندم عمري اتمنيت لو كنت أدتلها فرصة لو ......
-قاطعته مريم قائلة : متقولش لو ..لو من عمل الشيطان ده عمرها وربنا مقدرلها ده
-رامي : ونعم بالله ..بس على الأقل كانت ماتت وأنا جنبها وهي عارفه اني مسامحها المهم اللي كنت عايز اقولهولك عاقبيه حاسبيه اعملي أي حاجه غير أنك تسبيه وتخسريه سامحي واغفري الدنيا أقصر من أننا نخسر ناس بنحبهم وبيحبونا كده ولو خسرناهم صعب أووي نلاقي زيهم تاني ويملوا قلبنا بنفس الطريقة
-مريم : بس الغفران والسماح بالسهولة ديه صفة ربانيه لكن احنا بشر ولينا طاقه احتمال
-رامي : بس طاقة الحب اللي شوفتها تستاهل شوية معافرة بصي يا دكتورة قبل ما أشوف جوزك كنت متحفزله ومتغاظ منه أوي لكن لما شوفته أول ما دخل الأوضة شوفت ف عنيه حب كبيير أووي ليكي وخووف أكبر عليكي يمكن يكون غلطته غير مقصوده أو ذنبه أتجبر عليه أو يمكن لحظة ضعف لكن الأكيد فكل ده أنه بيحبك جدا خدي وقتك وفكري براحتك بس لو شايفه أنه يستاهل فرصة أديهاله عشان ميجيش اليوم اللي تندمي فيه زيي كده أنا قولتلك اللي يمليه عليا ضميري وخلاص وآسف لو كنت أتدخلت ف حاجة متخصنيش أو ضايقتك بأي كلمة
-مريم : بالعكس يا دكتور رامي يمكن ربنا بعتك ليا عشان أسمع الكلمتين دول منك ويمكن يفرقوا ف قراري
-رامي بضحك : طب ألحق أنا بقا أمشي قبل ما يجي دكتور أدهم ونتخانق تاني وبصراحة أنا مليش نفس أتخانق النهارده وبعدين أيده تقيلة وعصبي أوي
-مريم بابتسامة : أنا آسفة على اللي حصل منه بس حضرتك كمان مسكتش وضربته
-رامي بضحك : هههه طبعا لازم تدافعي عنه..ثم فجأة نظر أمامه وقال بخوف يانهااار ملحقتش أهرب يالهووي ده جاي علينا ثم أردف بمزاح ابقي انقذيني منه
نظرت أمامها فوجدته مقبلا عليهما بسرعة ف ابتسمت لحديث الطبيب وحينما رأي أدهم رامي انزعج بشدة ونظر له بحدة قائلا :
-ممكن أعرف بتعمل أيه ف أوضة مراتي أنا مش قولتلك متدخلهاش تاني وملكش دعوة بيها
-رامي بدفاع : مفيش كنت ب....
-قاطعته مريم قائلة وهي تنظر لأدهم : دكتور رامي كان بيطمن عليا وبعدين هو اللي كان متابع حالتي من أول ما وصلت المستشفى وكان بيقعد يتكلم معايا وأنا في الغيبوبة
ابتسم أدهم بسعادة ف أخيرا تحدثت إليه حتى وإن كانت كلمات تأنيب ف هي منذ أكثر من ستة أيام وهي لا تحادثه ألبته ولا حتى تنظر إليه كأنه غير موجود وكان هذا يؤلمه بشده أما الآن فهي تحدثت معه ونظرت إليه فقال للطبيب بنبرة أشبه بالهمس :
- عاارف أنا هسامحك بس عشان خلتها أخيرا تكلمني أتفضل بقا حضرتك مش اتطمنت عليها خلاص
-رامي بجدية : أه الحمد لله وعايزك ثواني بعد أذنك
-أدهم : خير ؟
-رامي : يعني ممكن نسيبها ترتاح شوية ونتكلم ف مكتبي بعد أذنك
-أدهم وقد فهم أنه لا يريد الحديث في وجودها وهذا أثار قلقه بشده فقال له : اتفضل
خرجا معا متوجهين حيث مكتب الطبيب وتركا مريم تفكر فيما قاله رامي للتو هل تستطيع حقا أن تسامحه ؟ هل يستحق أدهم هذا السماح ؟هل من حقها أن تلومه على أشياء فعلها قبل أن يراها ؟ والأهم هل هي تثور لدينها أم لكرامتها كأنثي ؟
وجدت نفسها تجيب لا بل أثور ل ديني قطعا فأنا لم أكن معه حتى أثور لكرامتي ، هو زاني كيف لي أن أغفر له تلك الكبيرة فعادت وقالت لنفسها مجددا لست أنا الله كي أعاقبه أو حتى أغفر له ، عادت وتسائلت لكنه زاني والزاني لا ينكح إلا زانية مثله وأنا لست ب زانية صمتت لكن صوت نفسها عاد فقال لكنه تاب والتوبة تمسح الذنوب جميعا مهما كبرت لكنه ايضا قتل جنينه قبل وسلب روحه عند هذا الحد تنهدت قائلة يالله أغثني وقد شعرت أن كثرة التفكير أعيتها بشدة ف كفت عنه وأغمضت عيناها لترتاح قليلا غفت حتى تهرب من عقلها الذي لن يتركها وشأنها إلا عند النوم فاستسلمت له ....
في مكتب الطبيب رامي
نظر لأدهم وقد أشار له بيده ليجلس أمامه وما أن جلس حتى قال بخوف وقلق كبيرين :
-مريم كويسة ؟ في حاجه يعني مش طبيعية
-رامي بهدوء : دكتورة مريم بخير تنحنح قائلا قصدي عضويا يعني
-أدهم : تقصد أيه ؟أدخل ف كلامك علطول لو سمحت
-رامي وقد اعتدل ف جلسته وخلع نظارته الطبيه ووضعها أمامه : بص يا دكتور أنا معرفش أنتا وجعتها أزاي أو عملتلها أيه وصلها ل كده بس اللي أعرفه أنك بتحبها وأنها هي كمان بتحبك و....
-أدهم بحدة : وأنتا مالك بتدخل بينا ليه ؟!محدش طلب منك ده
-رامي وهو مازال يحتفظ بهدوؤه : دكتورأدهم أرجوك اسمعني للآخر وبعدين هو أنتا متعصب ومحموق أوي كده ليه على فكرة أنا مبدورش على عروسة ولوعايز أتجوز أو أحب مش هحب واحده متجوزة وبتحب جوزها أنا عارف أني غلطت معاك لما احتديت عليك في الكلام أول مرة جيت فيها وأنا آسف جدااا على ده بس أنا شوفت فيك نفسي كنت بتخانق معاك كأني بتخانق مع نفسي عشان كده كنت عنيف ثم ابتسم بحزن قائلا أنا كنت زيك كده بحب ومتيم لكن ضاعت مني ف لحظة ضاعت مني وهي فاكرة اني مش بحبها أرجوك مهما كان اللي حصل بينكو متسبهاش بس كمان متضغطش عليها استحمل انفعالها وغضبها أو حتى تجاهلها خليها تعمل اللي يريحها بس بردو فهمها أن أي حاجة مسموحة إلا أنها تبعد عنك حتى لو هي طلبت ده لأنها فعلا بتحبك
-هدأ أدهم بعد كلام رامي ثم قال : هي خلاص هتخرج بكره ؟
-رامي : الاستشاري هيشوفها آخر النهار وهيكتبلها خروج بإذن الله
-أدهم : أممم طيب على العموم شكرا على كلامك
-رامي : العفو
هم أدهم أن يخرج من غرفة الطبيب لكنه عاد ليسأله مرة آخرى:
-بس أنتا عرفت منين أنها بتحبني قعدت ترغي معاها وقالتلك كده؟
-ضحك رامي بشدة وقال : أنتا يهمك أنهي فيهم أنها قعدت ترغي معايا ؟ ولا أنها قالتلي كده ؟
-أدهم بعصبية : الأولى طبعا
-رامي وقد ضيق بين عينيه متسائلا : يعني ميهمكش تعرف إذا كانت بتحبك ولا لأ؟
-أدهم بثقة: لأ لأني واثق أنها بتحبني
-رامي بابتسامة : متخافش مقعدتش أرغي معاها كتير ولا حاجة وبعدين مش محتاجة تقولي أنها بتحبك لأن باين من أول لحظة وجودك جنبها وبعدين أنا كنت بساعدك متقلقش كنت بقولها أن مهما كان اللي عملته ممكن تديلك فرصة
-أدهم باقتضاب: شكرا بس بردو لو سمحت متتكلمش معاها تاني
-ابتسم رامي وقال بهدووء : حاضر
-أدهم : بعد أذنك
-الطبيب :اتفضل
خرج من غرفة الطبيب وذهب حيث غرفة زوجته ف وجدها نائمة في هدوء جلس بجوارها وظل يقرأ القرآن بصوت مسموع حتى تنام نوم هاديء وتطمئن بذكر الله ..
وفي اليوم التالي خرجت مريم من المشفى وعادا لبيتهما وما أن دخلا البيت حتى نظرت له قائلة :
-أدهم ممكن أطلب منك طلب وأرجوك توافقني عليه
-أكيد طبعا قولي
-أنا محتاجة أقعد لوحدي شوية عشان أفكر وأعرف أوصل لقرار ف مصير علاقتنا وعايزة أروح أقعد ف بيت بابا لحد ما أوصل لقراري النهائي
-مريم صدقيني أنا مش هضغط عليكي ف حاجة خالص هسيبك لحد ما توصلي لقرارك لوحدك بس خليني معاكي لو سمحتي عشان أبقى متطمن عليكي
-مش هينفع وجودك معايا ف حد ذاته هيشكل ضغط عليا
-خلاااص يبقا أنتي هتقعدي ف بيتك هنا وأنا هروح ف بيت عمي
-لأ مش هينفع بيت بابا بعيد عن المستشفى والعيادة لكن أنا أجازة ومش هروح الشغل ف عادي
-أدهم بحزم: طب أسمعي بقا ده أخر كلام أنتي هتفضلي هنا في بيتك ومش هتخرجي منه أبدا وأنا هاخد منك مفتاح شقةعمي وهروح أقعد فيها ولما تعوزيني كلميني ف أي وقت وهكون عندك بس ممكن تسمحيلي آجي أزورك واطمن عليكي كل يوم
-مريم بتردد: مش هينفع يا أدهم أنا محتاجة أفكر براحتي معلش لازم تبقا بعيدعني شويه
-طيب براحتك يا حبيبتي ..طب ولا حتى أتصل بيكي أسمع صوتك ؟
-أنا آسفة يا أدهم بس فعلا أنا محتاجة ابعد عنك خالص وأبقى لوحدي فترة لحد ما أقرر
-حاضر يا مريومتي هعمل أي حاجة تريحك وهخلي دينا وليلة يجولك كل يوم يطمنوا عليكي ويطمنوني صحيح أنا جبتلك تليفون جديد بدل اللي أتسرق وحطتلك فيه شريحة بنفس رقمك القديم ثم مد يده إليها بالهاتف الجديد
مدت يدها لتأخذ منه الهاتف فلمست يده توترت كثيرا من أثر تلك اللمسة فأخذته منه بسرعة دون أن تنظر إليه وكانت تشعر بأن نظراته تخترقها فردت باقتضاب: شكرا
-أه قبل ما أمشي عايزك تبقي حاطة ف تفكيرك أنك لو قررتي تسامحيني مش بس هتنسي اللي حصل لأ هتنسي كمان أنك تبقي أم ومش هتضغطي عليا أبدا بالكلام ف الموضوع ده لأني مش ناوي أرجع ف عقابي لنفسي أبداا أنا عارف أنه مش وقته الكلام ده بس كمان أنا شايف إني مستهلش التضحية الكبيرة ديه عشان كده لو كان قرارك أنك تسيبيني وتطلقي هنفذلك اللي أنتي عايزاه عشان ده حقك بس هفضل بردو ف ضهرك وسندك هكون لك أخ لو معرفتش أكون لك زوج ومش هتجوز ولا هحب بعدك أبدااا هتفضلي جوه قلبي ومكانتك وحبك مش هيقلوا سنتي واحد يلا أسيبك بقا عشان ترتاحي مش عايزة مني أي مساعده أنا مجهزلك الأكل ف التلاجة ولو أحتجتي أي حاجة أطلبيها خلي بالك من نفسك وتاني يا مريم لو أحتجتيني ف أي وقت كلميني علطول
-حاضر يا أدهم لو احتجت أي حاجة هكلمك
-مش هتخافي تباتي لوحدك ؟
-لأ خلاص أنا اتعودت على الشقة ثم ابتسمت وأردفت وعلى روك كمان ..شكرا على اهتمامك وعلى تعبك معايا الأيام اللي فاتت
-أدهم باسما : شكرااا؟ أنتي بتشكريني أنتي اللي تستاهلي الشكر على حاجات كتيير أوي يلا أسيبك بقا مع السلامة وخلي بالك من نفسك عشان خاطري
-متخافش عليا أنا تمام
أقبل عليها ليضمها لكنها ابتعدت عنه مسرعة وكأنها خشيت أن يدنس برائتها برذيلته كان جسدها يهرب من هذا الجسد العاصي هذا الحضن الذي ضم أمرأه لا تحل له فقالت بأسف : آسفه بس مش قادرة
-ابتسم بحزن : ولا يهمك سلام يا مريم
-مريم بأشفاق : أتفضل المفتاح وخد بالك من نفسك أنتا كمان
أدهم وقد أكتفي بأيماءه رأسه وانصرف تاركا أياها لعقلها وهو يدعو الله أن تختاره تختار البقاء معه هو لا يطيق ألبته فراقها لكن إن كان قرارها غير ذلك ف حتما سيحقق لها ما تريد لن يجبرها على المكوث معه رغما عنها ....
انصرف أدهم وباتت مريم بمفردها وحيدة كانت تغدو يمينا ويسارا وتسير هنا وهناك وكأنها تبحث عن طيفه تشتاق إليه كثيرا وتشعر بالوحدة بدونه لم تعتاد أن تمكث ف هذا المكان بمفردها كانت كلما حاولت أن تفكر في قرارها بعقلها يعود قلبها ويشتاق إليه ولا يفكر سوى فيه دخلت غرفته تفقدت عطره ..فراشه ..غطاؤه ..حتى ملابسه التي ظلت تستنشق فيها رائحته ل تشعر بالامان علمت أنها باتت لا تطمئن إلا ف وجوده ولا تهدأ إلا لصوته ولا تسكن إلا بين أحضانه تذكرت والدها ف بعد موته لم تشعر بالأمان إلا في حضن وبيت أدهم بكت كثيرا وقضت ليلتها ف الاشتياق إليه بدلا من التفكير في الابتعاد عنه وصلت الساعة للواحدة والنصف ليلا حاولت أن تنام لم تستطع حاولت أن تفكر وأيضا لم تستطع شعرت بالوحشة بدونه وجدت نفسها دون إرادة منها مصيرة على الاتصال به أمسكت بهاتفها الجديد واتصلت عليه دون أن تعبأ بالوقت ولا حتى بالكلام الذي ستقوله كل ما تود فعله الآن هو أن تسمع صوته ليس صوته فحسب بل تريده هو بنفسه أمامها ثم تفكر كيفما شاءت لكن التفكير وهو بعيد عنها عبثا ولن يفلح وسينجح أشتياقها له في أتخاذ قرار البقاء معه ....
اتصلت به وما أن رن هاتفه حتى أجابها على الفور وكأنه ينتظر أتصالها هذا حاولت أن ترتب حديثها حاولت أن تفكر فيما عليها قوله في تلك اللحظة لكنها أيضا لم تفلح فتسائلت بكلمات مبعثرة تائهة :
-أزيك يا أدهم
-أدهم بدهشة هل تتصل به في هذا التوقيت فقط لتسلم عليه : الحمد لله .. مريم أنتي كويسة ؟ فيكي حاجة ؟ تعبانة ؟
-لأ الحمد أنا كويسة متقلقش أنتا رجعت من العياده ؟
- أه رجعت من نص ساعة كده..مريم في أيه ؟
-مريم وقد صمتت لا تعلم بما تجيبه : .......
-أدهم بقلق : مريم أنتي سمعاني ؟ أنتي عايزة تقولي حاجة قولي أنا سامعك يا حبيبتي
-مريم وقد أسرتها كلمة" حبيبتي" التي نطقها للتو وزادت من ضربات قلبها اشتياقا له فقالت : أدهم ممكن تيجي؟
-أدهم وكأنه لا يصدق ما يسمعه : آجي فين ؟
-مريم : تيجي بيتنا
-طرب كثيرا حينما سمع كلمة " بيتنا " منها لكنه مازال غير مصدقا : أمتا ؟
-مريم بتردد : دلوقتي بس لو تعبان خليك الص....
-قاطعها قائلا بحماس : حالا ..حالا يا حبيبتي هلبس وهجيلك مش هتأخر عليكي بس أوعي تنامي لحد ما آجي
-مريم بقلق : بس سوق بالراحة عشان خاطري
-حاضر سلام يا مريومتي
أغلق الخط وهو غير مصدقا لما حدث ارتدى ملابسه في عجالة وهبط الدرج وساق سيارته ليلحق بمحبوته ويلبي لها رغبتها في مجيئه الآن وبالفعل لم يمرأكثر من نصف ساعة وكان قد وصل لبيته أدار المفتاح بالباب وما أن فتحه حتى وجدها قد جرت عليه مسرعه وارتمت بين أحضانه باكية هلع لرؤيتها هكذا فابعدها عنه برفق ليطمئن عليها وسألها وقلبه يخفق بين ضلوعه بجنون :
-مريم ! فيكي أيه يا حبيبتي؟ أيه اللي حصل ؟
-قالت من بين شهقاتها بصوت متقطع : تع ..تعبانه يا أد ..يا أدهم
-ضمها أكثر بين ذراعيه فتألمت على أثر ضلعها المكسور الذي نسى أمره وهو يضغط عليها فقال معتذرا : آسف آسف يا حبيبتي وجعتك ؟
مريم وقد أماءت رأسهابالايجاب فاقترب منها وامسكها وتحركا حيث الركنة الموجوده بالقرب منهما وأجلسها وتحدث لها قائلا :
- اهدي يا حبيبتي وقوليلي أيه اللي تعبك أتصل بالدكتورة تيجي تشوفك
-مريم وهي مازلت تبكي : لأ بس خليك جنبي متمشيش
-حاضر أنا جنبك أهوه مش همشي بس قوليلي في أيه مش أنتي اللي قولتيلي أنك عايزة تبقي لوحدك عشان تعرفي تفكري
قالت وهي تبكي بغزارة وقد دفنت رأسها في حضنه وتمسكت بقميصه بشدة :
- مش عارفه أفكر وأنا لوحدي يا أدهم مش حاسة بالأمان وأنتا وحشني جدا كل حاجة حواليا بتفكرني بيك خلاص خليك معايا هنا في البيت لحد ما أوصل لقراري بس لو قررت أننا منكملش مش هقدر أقعد هنا بجد المكان هنا مرتبط بيك وبوجودك هتعذب لو قعدت هنا من غيرك
-مد يده ليزيل دمعها المنساب على وجنتيها برقة: ششششش خلاص كفاية متعيطيش أهدي عشان خاطري يلا ادخلي نامي دلوقتي واللي يريحك أنا هعمله
-مريم وقد شدت من قبضتها على معصمه: تعالى معايا واقعد اقرالي الورد بتاعنا زي كل يوم ممكن ؟
-أدهم بابتسامة: طبعا ممكن أنا مشتاق ل كده أووى يلا يا حبيبتي
ساعدها لتدخل غرفتها ونامت على سريرها ثم دثرها بالغطاء جيدا وجذب الفوتيه الموجود بالغرفة وألصقه بسريرها وظل يقرأ لها القرآن حتى هدأت وغطت في سبات عميق أما هو ف لم يريد أن يتركها وينام بغرفته يريد أن يشبع منها أن يحفر ملامحها بداخل عقله أكثر أن يختزن ذكريات أكتر حتى يتزود بكل هذا في حياته القادمة إن كان قرارها الرحيل ....
لكنه عاد وتسائل في نفسه وهل الحياة بعدها تبقى حياه تمنى أن رحلت أن ترحل روحه معها فهذا أهون عليه من هذا الفراق اللعين أستغفر كثيراا وظل يدعو الله في سره أن تختاره أن تبقى معه طيله عمرهما الباقي ألا يكتب عليه الفراق طالما الأرواح لازالت في الأجساد أغمض عينيه وهو مازال يستغفر ويردد لا حول ولا قوة إلا بالله ف بهم تفتح كل الأبواب وتحقق كل الأحلام نام ولم يستيقظ إلا على صوت المؤذن وهو يردد" الصلاة خير من النوم"فتح عينيه واستعاذ بالله من الشيطان وأيقظ زوجته لتصلي وهبط هو ليؤدي صلاته في المسجد القريب ......
أما هي ف توضأت ثم وقفت أمام ربها تناجيه وتبتهل إليه ليجعلها تقرر الصواب ظلت تدعو الله كثيرا بدعاء واحد " رب اختر لي ولا تخيرني وارضني بما شئت " بعدما صلت الفجر صلت صلاة استخاره ف هي دوما تحب أن تستخير الله في كل شؤونها وهي على يقين تام بأن الله دوما يختار لنا الصواب حتى وإن كنا لانراه كذلك بنظرتنا الدنيوية الضيقة والمحدودة ....
كثير من الابتلاءات التي تحدث لنا يكن في باطنها كل الخير أو أنها السفينه التي تبحر بنا في بحر الحياة حتى تنجينا من الغرق وتصل بنا للشاطيء بأمان ..
دعت في استخارتها من بين دموعها وألحاحها على الله أن يختار لها الخير فإن كان أدهم خيرا لها فيقربه منها ويجعلها تنسى ذنبه وتسامحه عليه وإن كان فيه شرا لها أن يبعدها عنها ويجعل قلبها لايصفو له ويقويها على نسيانه وتحمل فراقه ويلقي في قلبها الرضي بما اختاره لها ....
أنهت صلاتها ونامت على الفور وقد أنهكتها كثرة البكاء ..
حينما عاد أدهم من صلاته دخل غرفتها ليطمئن عليها نظر لها وجدها قد عاودت النوم هم بأن يخرج لكنه لمح تلك الدمعه الضاله على وجنتها رق قلبه لها كثيرا اقترب منها مسح دمعتها بأطراف أصابعه وقبلها من جبهتها ب رقة وهدوء شديدين ثم انسحب إلى غرفته بأسى وقلبه يؤلمه بشدة على حزنها وبكاؤها وعجزه عن التخفيف عنها لأنه ببساطة يعلم أنه السبب فيهما ...
مرت الأيام التالية بطيئة ثقيله على كلاهما وقد اعتزلت مريم غرفتها ولم تخرج منها إلا للوضوء أو لدخول الحمام حتى الطعام رفضت أن تشاركه فيه وصديقتيها طلبت منهما أن يتركاها بمفردها ف هي تحتاج لتلك الوحدة لم تخبرهما قطعا ب سر أدهم وايضا لم تخبر والدته التي اتصلت بها لتطمئن عليها والتي لم تعرف من الأساس بما حدث لها في الأيام الماضية ....
كانت دينا وليلة يحاولان أن يساعداها على تجاوز الأزمة التي لا يعلما سببها لكنها انزوت عنهما حتى تستطع أن تقرر ما تود فعله أو ما سيختاره الله لها كانت تصلي كل يوم صلاة الاستخارة وتلهج بالدعاء وتبكي وتتضرع إلى الله حتى مرأسبوع كامل وأخيرا وصلت ل قرارها واطمئنت إليه وجدت نفسها قامت وفتحت دولابها وارتدت قميصها الوردي التي ارتدته المرة السابقة ووضعت القليل من الزينه وطلاء الشفاه الوردي المحبب إلى زوجها كان أدهم لم يأتي بعد من عيادته ف ظلت تنتظره في غرفتها وما أن سمعت صوت مفتاحه في الباب حتى خرجت تنتظره في الصاله وما أن رآها بتلك الهيئة صعق بشدة واضطربت أنفاسه وتعالت أصوات دقات قلبه التي باتت أشبه بقرع الطبول لا رغبة فيها بل لما تخفي وراءه تلك الهيئة هذا يعني أنها قررت أن تبقى معه ولا تتركه أبدا لكنه أراد أن يسمع ذلك منها نظر لها ف حنو قائلا :
-ها يا مريم وصلتي ل قرار ؟
-بابتسامتها العذبة قالت : أكيد أمال خرجت من أوضتي ليه ؟
-أدهم وكأنه يرجوها أن تنطقها سريعا قبل أن يتوقف قلبه من فرط خوفه وحماسه : طيب ممكن أعرفه دلوقتي؟
-مريم وقد ركزت بصرها تجاهه فجأة مما أربكه بشدة وقالت : وهو أنتا كده لسه معرفتهوش
-أدهم لن يصدق إلا إذا سمعها منها صريحة فقال بإلحاح : عايز أسمعها منك صريحة لوسمحتي يا مريم
-صمتت مريم لحظات مرت عليه كأنها الدهر ثم قالت فجأة : هتطلق وهروح أعيش ف بيت بابا
صعق من تلك الكلمات التي صوبتها له على عكس ما توقعه لقد كان ينتظر أن تخبره بأنها ستبقى معه ستكمل حياتها لأخر يوم في عمرها بين أحضانه كان يظن أنها تقول له بهيئتها تلك هيت لك كان فقط ينتظر أن تأذن له حتى يجعلها زوجته قولا وفعلا بل كان يشتاق لتلك اللحظة وكأنه المذنب العاصي الذي خرج لتوه من النار ويقف على أعتاب الجنة فقط يحتاج الأذن بدخولها لكنه فجأة أعادوه للنار مجددا بدلا من أن يدخلوه الجنة دون أن يعلم لما حدث ذلك قال وهو يترنح كالذبيح وعاد يسألها مجددا لعله أخطأ فيما سمعه أو لعله يتوهم ذلك :
-مريم قولتي أيه ؟
-مريم بتحدي وأعادت على مسامعه ما قالت مرة آخرى ولكن بثبات أكثر: قولت اتطلق وأروح أعيش في بيت بابا
-أدهم : طب ليه ؟
-مريم بتعجب : ليه أيه ؟
-أدهم بضيق: ليه لابسه كده ؟ ليه حسستيني إني هسمع كلام غير كده؟ ليه عشمتيني بحاجة وقولتي حاجة تانية؟
- مريم وكأنها تصارع نفسها وخجلها لتقول ما ستنطقه شفاهها بعد لحظات : عشان أنا هكون مراتك النهارده يا أدهم هكون ملكك بين ايديك
-أدهم وقد عقد حاجبيه بدهشة قائلا : مش فاااهم !يعني هتطلقي ولا سامحتيني وهتكوني مراتي ؟
-مريم شارحة ما تقصده : الاتنين .. هكون مراتك النهارده وبس وبكره هنتطلق
-أدهم بدهشة : وليه ؟ عشان تعذبيني ؟ قد كده عايزتنتقمي مني
-مش انتقام بس عايزة ذكرى منك أعيش عليها بقية حياتي عايزة أفتكرك دايما عايزة أكون مراتك مش على الورق وبس
-أدهم بعصبية وهو يهز رأسه يمينا ويسارا : مش ممكن مش هيحصل مش هقدر مستحييل أقرب منك وأنا عارف أنك هتسبيني وأنها هتكون أول وآخر مرة مقدرش أدخل الجنة وأخرج منها مطرود مقدرش ده أسوأ عقاب تخيلته ..
-مريم بسخرية : الجزاء من جنس العمل مش عملتها قبل كده مش زنيت بيها عشان توجعها وتنتقم منها وترد كرامتك على الأقل المرادي أنا مراتك يعني حلالك ومفيهاش أي حرمانيه ومش عشان أنتقم ولا حاجة بس زي مقولتلك حاجة تفكرني بيك
-أدهم وهو يغمض عينيه بألم : لأ يا مريم أرجوكي متبقيش قاسية كده أنا غلطت وتوبت وندمت أنا كنت مغيب وقتها كان الشيطان عامي عيني بس رجعت ل ربنا وربنا بيغفر كل الذنوب إلا أن يشرك به حتى الشرك بالله لو استغفرتي وأخلصتي النية ف توبتك ورجعتي لتوحيدك بالله ربنا بيغفر ويسامح وبيمسح الذنب ده من صحيفتك وكأنك معملتيهوش، ثم أردف بعد تنهيدة طويلة أخرجها من صدره : مريم لو عايزة تتطلقي أنا مش هقولك لأ عشان ده حقك لكن اللي بتقوليه ده لا يمكن يحصل مقدرش عليه أبداا وإلا كان حصل من زماااان وصدقيني هفضل ف ضهرك وجنبك زي ما وعدتك
-مريم بغضب : بسهولة كده هتطلقني وتضحي بيا
-مين قال أنه بسهولة؟! بس مش هقدر أغصبك تسامحيني ولا هقدر أكمل معاكي وأنتي لسه بتبصيلي بنظرة إني واحد زاني مش هطيق النظرة ديه منك أبدااا والأهم إني مش هقدر أحرمك تكوني أم عشان عقاب أنا اللي بعاقب نفسي بيه وملكيش أنتي أي ذنب فيه صدقيني أنا عندي روحي تخرج من جسمي أهون من أنك تخرجي أنتي من حياتي لكن أنا سلمت أمري ل ربنا وأكيد كل اللي كتبه خير لكن أكتر من كده لأ والكلام اللي بتقوليه ده مستحيل يحصل أبدا
-مريم وقد لان صوتها واقتربت منه ونظرت في عينيه وقالت بحب : ولا أنا كمان أقدر يا أدهم
-سأل أدهم باندهاش : أمال قولتي كده ليه ؟
هل ستترك أدهم وتنتهي علاقتهما الزوجية قبل أن تبدأ ؟؟ أم أن ل مريم رأي آخر ؟؟
والآن حان الوقت ل قلب الأدوار هي الخائفة وهو المقبل هي الممتنعة وهو الراغب
ترى ما سبب امتناعها عنه ؟؟ سر جديد تكشفه مريم لأدهم عن علاقتها ب هذا المروان فما هو و كيف سيتقبله ؟؟ نور وخالد هل أخيرا ستعطيه نور الفرصة ليقف بجانبها أم تظل في عزلتها ؟؟
وأخيرا كيف يمكن لأدهم أحتواء مريم خوفها ..قلقها وأعادت الثقة ل نفسها مرة آخرى ؟؟
كل هذا وأكثر سنعرفه في الحلقة القادمة ..فانتظرونيي
هدير محمود علي