رواية قد شغفها حبا الفصل الثاني 2 بقلم سمر خالد
الفصل الثاني:
بعد عدة أشهر كانت رقية عائدة من عملها بالمستشفى التي جاء تكليفها بها في إحدى المناطق البعيدة نسبياً عن منزلها..فإذا بها تجده!
نعم هو..عمر يترجل من سيارة فضية أنيقة تتوقف في الطريق الأخر من الشارع!
لقد عاد!..لتبتسم رقية بلهفة و كف يدها يرتفع تلقائياً لقلبها يهدئ من خفقات قلبها..لتتحرك قدمها نحوه بدون إرادة منها..لكنها تتوقف فجأة و تنطفئ ابتسامتها و يحل محلها الوجوم و هي تري إمرأة جميلة تترجل من السيارة هى أيضاً و تنظر لعمر بحب و ابتسامة عاشقة!
ليفقد قلبها احدى دقاته و هي ترى حبيبها يبادلها النظرة بالنظرة..و الإبتسامة بمثيلها..و العشق بالعشق!
يلف بها الطريق و يتوقف الزمن عند هذه الفكرة..فمن وعدها لم يوفي بوعده و هي لا تزال علي وعده تحيا!
لقد عاد مثل ما وعدها لكنه عاد بقلب جديد يحمل اسم أخرى!.. قلب لا يعاني و لا يشتاق و لا يتعذب بحب قديم مؤكد نساه.
تمتلئ عيناها بالعبرات لكنها ترفض أن تذرفها.. لا يا عمر يا حبيب عمري لن أبكي حبك أبداً.
تغمض عيناها تمنع عبراتها أن تتحرر من أسرها.. و تحاول أن تستعيد نفسها من جديد.
تتراجع للخلف و هي لا ترى أي شئ حولها كل شئ مشوش.. لتندفع سيارة قادمة من بعيد نحوها..يحاول السائق أن يتفاداها لكن كان فات الأوان و صدمها!
تقع أرضاً و تغمض عيناها و أخر ما شعرت به هو الألم الشديد و يد حانية تربت على وجنتها.
أصوات مختلفة حولها.. لكن صوت واحد قوي وواضح هو ما كانت تميزه.
+
بعد قليل كانت ترقد رقية على فراش المشفى غائبة عن الوعي بعد أن اطمئن الطبيب عليها و فحصها و قام بعمل الإشاعات على رأسها لانه اصطدم بالأرض بقوة عند سقوطها.. و قدمها بها شرخ و قد جبرها الطبيب بالإضافة لعدة كدمات متفرقة على جسدها.
يخرج الطبيب من غرفتها.. ليوقفه أحداً ما!
- دكتور.. رقية عاملة ايه دلوقتى؟
الطبيب : اطمن حالتها كويسة الإصطدام كان بسيط متقلقش.. شوية كدمات و شرخ بسيط في رجلها الشمال و بس و هنطمن أكتر إن شاء الله لما تطلع الاشعات.
- شكراً يا دكتور.. إن شاء الله هتكون سليمة.
الطبيب : هو حضرتك تقرب للمريضة؟
- أيوة يا دكتور... أنا خطيبها.
يبتسم الطبيب بشفقة من خوف ذلك الشاب الظاهر بوضوح فهو كاد يجن عندما أحضرها لهنا.
الطبيب : طيب أستأذن أنا.
ليذهب الطبيب و يترك ذلك الشاب يتنفس الصعداء فهو كاد يموت رعباً و هو يراها تقف في وسط الطريق و سيارة مسرعة تقترب نحوها!
حاول تحذيرها.. لكنها لم تسمعه، فركض سريعاً نحوها لكن كانت السيارة صدمتها و سقطت أرضاً.. ليحملها و تتوقف السيارة التي صدمتها و يفتح صاحبها بابها الخلفي و يصرخ به ان يضعها هنا سريعاً ليوصلهم للمستشفى.. و ها هو هنا يتنفس من جديد بعد أن توقفت أنفاسه في صدره خوفاً عليها.
يخرج هاتفها من حقيبتها الذي التقطها من الأرض و أحضرها معه ثم يبدء في البحث عن رقم والدتها حتى يخبرها بما حدث...
+
عند فاتن كانت تجلس على فراشها و تتحدث على الهاتف...
فاتن بغنج : لالا.. أنا لسة زعلانة منك يا حمادة.
لتصدح ضحكتها بصوت مرتفع ثم تقول : خلاص يا حبيبي هسمحك المرة دي لكن أخر مرة ها.
تسمع صوت محادثة أخرى من رقم رقية بالإنتظار.. لتقطب ثم تزفر بضيق و تتجاهل المكالمة فهي مشغولة حالياً مع زوجها المستقبلي!
ينظر ذلك الشاب للهاتف بإندهاش و هو يرى والدتها تغلق المكالمة... ينقل رقم والدتها لهاتفه ثم يطلبها... لترد سريعاً!!
فاتن : أيوة أنا والدة رقية...ايه ؟..بنتي أنا حصلها حادثة و في المستشفى!..فين.. أيوة خلاص عرفتها، حالاً هكون عندها.
+
بعد قليل كانت رقية تستعيد وعيها ببطء... لتقترب والدتها نحوها بلهفة و هي تتحدث معها: حمد الله على سلامتك يا حبيبتي.
رقية بتعب و صوت ضعيف : الله يسلمك...هو ايه إلى حصل؟
فاتن بحنان : عربية صدمتك.. بس الحمد لله أنتِ كويسة أهو و زي الفل كمان.
تبتسم لها رقية بضعف ثم تتمتم بكلمات متفرقة غير متربطة.. ثم تعود للنوم من جديد من تأثير الأدوية و المسكنات!
+
" كانت تقف في حديقة جميلة تنتشر بها الزهور الملونة ثم ترى الأرض من تحتها تتلوث بالوحل تدريجياً.. لترجع بظهرها للخلف حتى تتفادى أن تتلوث قدميها بالوحل.
ترجع للخلف و ذلك الوحل يزحف نحوها، لتلتفت و تنظر خلفها لتتفاجأ بكل المساحة خلفها ملوثة هي الأخرى!
تبكي و هي ثابتة مكانها لا تتحرك أبداً، لكنها ترى ذلك الوحل يزحف ليغطى الحديقة بأكملها و قبل أن يطالها كانت يد التقتطها لأعلى فرس أسود.. لتجلس أمام ذلك الفارس فوق الفرس بحيث يكون هو خلفها يحاوطها بذراعيه... تلتفت للخلف تود أن ترى شكله... لكن ملامحه لم تكن واضحة بسبب انه ملثم لكنها رأت عيناه.. لتخفض نظرها لباقي ملامحه تحاول أن تستشفها من أسفل اللثام.. لتقع نظرها على سلسل يتدلى من رقبة ذلك الفارس و الدلاية كان مكتوب عليها بشكل بيضاوي جملة أثلجت قلبها و أشعرتها بالأمان( الله خير حافظًا )..... "
+
استيقظت رقية صباحاً.. لترى والدتها تفترش أريكا جوار فراشها و غافية تماماً.. لتلتفت جهة النافذة تنظر للسماء و عيناها ترى أمامها عمر حبيبها و هو ينظر لأخرى بحب، تلتمع عيناها بعبرات متجمدة ترفض الإستسلام لنحيب قلبها..تقفز لعقلها ذكرى ذلك الحلم عن الحديقة و الوحل و الفارس.. عيناه.. و سلساله و الأية المكتوبة عليها بشكل مميز!
تغمض عيناها و هي تقسم بداخلها( سامحني يا رب.. أنا عارفة ان انا غلط لما حبيت و علقت قلبي بإنسان ميربطنيش بيه أي صلة... سامحني يا رب أنا ظلمت نفسي و انتظرت سنين موقفة حياتي علشان وعد من شخص ضعيف مش قد الوعد ده...سامحني يارب أنا مكنتش مقدرة النعم إلي عندي و كنت مركزة مع أمنية واحدة بس..خلاص أنا هكمل حياتي يارب و أنا بحمدك ألف مرة على كل إلي تقسمهولي )
تنتفض على يد والدتها تربت على رأسها.. لتفتح عيناها و تنظر لوالدتها و تبتسم بحب لها.. فمهما كانت هي والدتها و تحبها!
لتبادلها والدتها الإبتسامة بحب مختلط بالسعادة، ثم تذهب و تقوم بفتح النافذة لتتسرب أشعة الشمس للغرفة لطيفة.. لتلتفت فاتن لإبنتها..
فاتن : هطلبلك الفطار يا حبيبتي.. عاوزة حاجة اجبهالك؟
رقية : لا يا ماما اطلبي انتي علي ذوقك..
لتستطرد رقية : ماما.. هو مين إلي نقلني للمستشفى؟
فاتن بإمتنان : شاب ربنا يحرسه..من منطقتنا كان معدي بالصدفة و شاف إلى حصل و جابك للمستشفى و اتصل بيا و قالي.
رقية بإبتسامة : الحمد لله... ربنا يجزيه خير، هبقى أروحله أشكره بعد ما أطلع من المستشفى إن شاء الله.
فاتن : اه والله يا روكا ده فضل طول اليوم امبارح بايت برا في الطرقة قدام الاوضة.. اتحايلت عليه يروح.. أبداً صمم يفضل جنبنا لو احتاجنا حاجة.. ابن أصول صحيح.
تبتسم رقية لحديث والدتها، ثم تشرد.. كم كانت تتمنى أن يكون والدها موجود جوارهم الان.. يهتم بهم و يحاوطهم بحبه و حنانه.. لتتمتم رقية بخفوت: الله يرحمك يا بابا.
بعد ساعة مر الطبيب على غرفة رقية و فحصها و طمنهم على الإشعات.. و قد أخبرهم بإنها تستطيع الخروج اليوم و العودة بعد أسبوعان حتى تتخلص من الجبيرة.
تدخل فاتن على رقية و تهم بالحديث سريعاً.
فاتن : يلا يا روكا العربية مستنيا برا.
رقية و قد ارتدت ملابسها و حجابها و استعدت للذهاب.. لتحضر لها إحدى الممرضات مقعد متحرك حتى تخرج به لان قدمها اليسرى لا تستطيع المشي عليها.. تدفعها والدتها للخارج بهدوء و كانت رقية تنظر لأسفل لا تستسيغ ذلك المقعد ولا إحساسها به!
تصل لخارج المشفي و كانت سيارة تنتظرهم أمام البوابة مباشرةً.. تفتح والدتها باب السيارة ثم تقوم بمساعدة رقية علي الإنتقال من المقعد للسيارة... كل هذا و رقية لا تري إلا أسفل قدميها لا تريد أن ترى أي أحد يراها هكذا!
تسير بهم السيارة و ذلك الشاب الجالس في المقعد الأمامي عيناه لا تفارق المرآة الأمامية التي تعكس بوضوح رقية!
يا إلهي كم كان يشتاق لرؤيتها هكذا بخير.. كانت خفقات قلبه ترتجف... حتى رأها الأن كما يراها دائماً جميلة هشة يحيطها هالة من القوة المختلطة بالإحتياج.. نعم احتياج للإحتواء و الحنان و هذا ما سيمنحه لها إن أذنت له بدخول حياتها!
+