رواية عيون القلب الفصل الثاني 2 بقلم مارية علي الخمسي
Part 2
كفيفٌ يرى كلَّ شيء.
لأني لا أرَى السحابَ والضباب، والسَّهْلَ والهضاب،
والشَّمسَ والقَمَر، والزَّهْرَ والشَّجَر،
واللَّيْلَ والنَّهار، والأرضَ والدِّيار،
والقُبْحَ والجَمال، والطَّيْرَ والغَزال،
لأنِّي لا أرى الطَّرِيقَ والدُّرُوب، ولا أُبصِرُ الغُرُوب،
والقريَةَ والمدينة، والبحرَ والسَّفِينة،
والأحمَرَ والأخضَر، والأزرقَ والأصفر،
فقُلْتُ لهم:
لا ضَيْرَ إنْ لم أرَى كُلَّما ذَكَرْتُمُوهُ بعَيْنَيَّ، فذلكَ قَدَرُ اللهِ سبحانَه، ولا اعتِراضَ عليه،
ولَكِنِّي لستُ كفِيفاً في نظَرِ نفسِي، وهذا يكفي،
فأنا أرَى كُلَّ شيء، وأُبصِرُ الأشياءَ بِلا ضَي،
وَكَيفَ لا؟ وأنا أسمَعُ الصَّوْتَ فأفهَمُ أسرارَهُ ومَعانِيه، وأَحُلُّ ألغازَهُ وخَوافِيه،
وأعرِفُ الحُبَّ من الأنفاس، وَأفهَمُ المَشاعِرَ بالإحساس،
أسِيرُ في دربِي لِوَحْدِي، أَرُدُّ ما حَوْلِي بِيَدِي،
أُمَيِّزُ الخَبَر، أُصارِعُ القَدَر، أُقارِعُ أَيَّ أَحَدٍ من البَشَر،
أعِيشُ حياتي شامِخاً، طامِحاً، حالِماً،
بعلمِي أفتَخِرُ أمامَ العالَمِين، بكِبرِيائِي أُواجِهُ كُلَّ العابِثِين،
بصبرِي أُجابِهُ الحياة، بعقلِي أُفَسِّرُ ما في الشِّفاه،
ثقافَتِي هي عنواني، الدُّنْيا أراها ولا تَرانِي،
درستُ معنَى الكِفاح، عَرَفتُ طَرِيقَ السَّعادَة،
أحسَستُ بقِيمَةِ البَسمة، شَرِبتُ من ينبُوعِ الوَفاء،
تَذَوَّقْتُ طَعْمَ العُذُوبة، ملأتُ كَفَّيَ بالأمَل،
تعلمْتُ، عملْتُ، أبدعْتُ،
كتَبْتُ القصِيدة، قرأْتُ الجَرِيدة،
صعدْتُ المنابر، حضرتُ المحافل،
حللتُ طلاسِمَ الحاسوب، ومنهُ أضيأت لي الدروب،
فكم من موقِعٍ غازَلْتُهُ، وكم من قلَمٍ صارَعْتُهُ،
إذَنْ فَإِنِّي لستُ كفِيفاً كما قالوا، بل أنا شُعلَةٌ من العَطَاءِ والإبداع، ومَوْرِدٌ عَذْبٌ من المعرِفَةِ والمَوْهِبة،
فَيا عَيْنِي لا تَحْزَنِي ولا تبتَئِسِي، واطْمَئِنِّي فأنا أُبصِرُ الدُّنْيا بأسرِها،
ولنْ يَحُولَ بينِي وبينَ ما أُرِيدُ إلا إرادَةُ اللهِ أو الموتُ فقط.
الكفيف وتحمل المسؤولية.
ليس صحيحا ما يظنه أو يعتقده البعض عن الكفيف أنه لا يتحمل المسؤولية فهم يعتقدون أن الكفيف شخص عاجزا يجب خدمته في كل كبيرة وصغيرة ولا يستطيع أن يفعل أي شيء في حياته دون وجودهم بجانبه فهذا خطأ كبير لكن ربما لا يعرفه الكثيرون لأنهم لم يتعاملوا معا كفيف من قبل أو لم يكن لديهم في أسرتهم شخص كفيف كما أنهم بنوا تصورهم هذا الخاطئ من خلال الصورة القديمة التي يعرفوها عن المكفوفين الذين بلغوا سن الشيخوخة وهي تلك الصورة التي يعرفها الكثير منا وهي ببساطة أن الكفيف يجلس في بيته ولا يخرج منه إلا ومعه أحد يقتاده لبعض الأماكن المحدودة المسموح له بالذهاب إليها كدور العبادة وغير ذلك. وهنا يجب علينا نحن أن نغير ونصحح هذا المفهوم الخاطئ الموجود بين أبناء المجتمع الذي نعيش فيه فهم في بداية الأمر ينظرون إلينا بنوع من العطف والإندهاش فمثلا لو أردت أن تذهب إلى مكان ما ستجد من يذهب معك لكنه لا يعلم عنك شيء سوى ما كان يعرفه عن الجيل الأكبر منك وبالتالي حينما يجد أنك تفعل كل شيء في حياتك ستتحول نظرته من عطف إلى إندهاش.
لم يكن للكفيف أي رغبة أو إختيار في تحمل المسؤولية لكنها فرضت عليه بسبب إعاقته فهو يا سادة منذ الصغر يكون متحملا للمسؤولية لأنه يترك بيته في سن صغير باحثا عن التعليم وبالتالي فإن الأسرة لم تكن معه لتلبية رغباته لذى كان علينا أن نتحمل ذلك منذ الصغر وبالتالي أصبحت المسؤولية عندنا أمرا طبيعيا وهذا هو الشيء الإيجابي الذي تعلمناه في حياتنا فنحن جاهزون ومهيؤون لأي ظرف يطرأ علينا والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها : (منذ الطفولة إعتدنا على فعل كل شيء بأنفسنا فكنا نهتم بملابسنا ونظافتنا الشخصية وكذلك مذاكرة دروسنا فهذا ما تعلمناه في مدرستنا) بعد وضع هذه الصورة المختصرة عن حياتنا في المدرسة أستطيع القول بأن هذه الأسس ساعدتنا فيتحمل المسؤولية بشكل أكبر فمثلا (حينما ذهبنا إلى مرحلة أعلى أقصد الجامعة كنا نذهب بأنفسنا للكلية التي ندرس فيها وكذلك كنا نعد طعامنا بأنفسنا إلى جانب ما تعلمناه وطبقناه في الفترة السابقة وكان الأسوياء في بداية الأمر ينظرون إلينا بنوع من الإستغراب متسائلين كيف ذلك؟ وكنا نجيبهم بأننا نفعل أكثر من ذلك) وبعد أن أكملنا الصورة التي بنيت على الصورة السابقة أستطيع القول أن الكفيف يتحمل المسؤولية أكثر من غيره لأنه تحملها وهو لا يفهمها وبالتالي فحين يفهمها يتحملها بشكل أكبر ولا يجد صعوبة في ذلك لأنه إعتاد على ذلك بل لا أكون مبالغا حين أقول أنه يسعى إلى ذلك ويشعر بالراحة وهو يفعل هذا الأمر.
(منقول و من اختيار صاحب القصة مع بعض لمساته الخاصة )
و مروا بدال العام اثنين يعني حاليا حطت بِنَا الرحال في سنة 1996 و الحياة في البيت البسيط العربي كما هي عليه غير فقدانهم لسندهم و لأمانهم ما طرأ اي تغيير
بس تفصيل ممكن يبدو للكثيرين ان بسيط و لكن سبق و اشرت ان مهما كان الامر يبدو بسيط في ظاهره قد يتحول مع مرور الوقت الى مسار حياة الى مصير الى مستقبل ...
اجل مسار حياة شخصين تغير و ارتبطوا ببعض اكثر،
رجاء و المهدي ما كانوا مجرد اخوة لا ؟
بل كانوا مثال حقيقي للام و ابنها
للمعلّمة و طالبها
و عينكم تشوف معلمة تحب و تعشق و تعلم طالبها و هي كلها شغف و حماس ان يتعلم صح و ان يعتمد ع نفسه أكيد متخيلين النتيجة كيف ممكن تكون
معلمة بحماس و شغف من الرعيل الاول اللي اليوم نحن مفتقدينهم
معلمة تعطي حتى من خارج الصندوق مش مجرد الضروري فقط
و هكي كانت رجاء خطوة خطوة قاعدة تبني في انسان من ذوي الهمم العالية و بالفعل خلقت فيه منذ نعومة اظافره الهمة العالية و الثقة الكبيرة في الانجاز و النجاح و ان ابدا مش ناقصه شي عن غيره بل بالعكس عنده مزايا غيره يفتقدهم
قربت المخدة و حطتها قدّامه بالضبط : مهيدي هيا صبي عليها و افتح التيليفزيون
و بدي المذكور يحاول ينفذ امر معلمته و أمه الروحية اللي متحملة مسؤوليته بالكامل
و اهني تدخلت نجوى اللي كانت تراقب فيهم : توا انت مصدقة ان يقدر يديرها يا رجاء ؟
هي بثقة متناهية : يقدر يعتمد ع نفسه و بيناتنا الأيام يا نجوى و ح تشوفي كيف الولد هذا ح يدير كل شي ممكن حتى يدير حاجات نحنا ما ننجحوا فيهن أنا نبيه يكون واثق من نفسه و ما يحس بالنقص أبدا
نجوى : بس هو ما يشوف يا رجاء
و قبل ما ترد عليها رجاء
جي صوت تصفيقة الأخوات الأصغر سارة و غادة كاقوى رد ع تشكيك نجوى و اي حد في ذوي الهمم .. وقت نجح المهدي في المهمة اللي طلبتها منه اخته و امه الروحية
قربت حضناته بحب : حبيبي نجحت و ان شاء الله ديما ناجح ... و ع شان نجحت ح نعطيك العابك الجديدة
قربت غادة : اتى نا (حتى أنا )
رجاء فتحت الكيس اللي يحتوي مجموعة العاب بسيطة صنعتهم بكل حب لخوتها : انت أهي لعبتك عروسة سمحة واجد كيفك
خذتها غادة و ألهت معاها تلعب بشعرها المصنوع من السلك و بفستانها اللي صنعاته رجاء من رداء امها القديم
اما المهدي خذي الجمل الخشبي اللي كان من صناعة رجاء و بدّي يتفقد فيه بحاسة اللمس و كل ما يلمس جزء كانت رجاء تسميله في الجزء هذا و تكرره اكثر من مرة ع شان يتعلم كل ما يلمس شي يحطله اسم و يعرف ان شي مختلف عن غيره يعني من ناحية الطول و الحجم و الملمس : هذه رجله و هذه رقبته أيوا قول ورايا
نجوى تتأمل في منظرهم و مبتسمة : سبحان الله كيف تلقي في الوقت تصنعي ألعاب و مع هذا ناجحة في قرايتك و تجيبي فيها الاولى ع الفصل
رجاء مازالت مع المهدي و تراقب فيه كيف يلمس في الألعاب : وقت تحبي حاجة تتميزي فيها ( و شافتلها بنوع من الحزن ) يا ريتك انت غير صبرتي و كملتي فراية صدقيني ما في حاجة سمحة في الدنيا هذه كيفها، بس أمي ربي يهديها سمعت كلامك و كأنها ما صدقت انك تقعدي معاها في الحوش
بس نجوى ردت ع رجاء بناء ع كلامها : انت قلتي اللي يحب حاجة يتميز فيها وانا نكره حاجة اسمها قراية و كتابات و نحب المحاس (الحواس ) و الضم و المطبخ عندي وقت نضم الحوش و نطيب وجبة كأني طايرة فوق و مسكرة درجة الامتحان
المهدي قاطع كلامهم : هاته
و شافت رجاء وين ما يأشر و لاحظت ان يحاول يقرب لعبة الصندوق خذتها في ايدها و بدت تأشر بيها و تعلي في صوتها ع شان ينتبه معاها : تبي هذه مهيدي خوذها تعالى انت خوذها
و ركز المهدي و تبع مصدر الصوت
هي بتشجيع كبير : مهيدي قدامك مخدة
تحسس قدّامه و لاحظ وجود جسم ما تجاوزه و أسرع بخطواته لعند رجاء و رمي نفسه عليها و هو يضحك و خذي اللعبة و هو يقول : هاته
ضحكت رجاء معاه و هي توزع في قبلاتها ع وجهه البريء و الجميل :ربي يقدرني وأنفذ وصية سيدي و نعلمك كل حاجة تعرفي يا نجوى مرات نقول كيف حس سيدي ان المهدي ح يكّون وضعه خاص ! و ممكن هذا اللي خلاه يوصيني عليه
و نجوى رغم انها مازال صغيرة بس من العمر هذا كانت تكره المشاعر و حالات الضعف و البكاء و لانها تأثرت بذكر سيرة المرحوم انسحبت و طلعت من الدار بدون ما ترد علي رجاء
اما رجاء تنهدت و استمرت في أحب مهمة ع قلبها الا و هي تعليم المهدي ... و فجاة سمعت صوت جمال يعارك في خوها حمزة سيبت المهدي بعد وصت سارة عليه و طارت ع شان تشوف شنو صاير
لان اذا كان المهدي تعامل فيه معاملة الابن، فحمزة كان بالنسبة ليها الأخ و الصديق و كانت تشوف فيه في صورة المرحوم بوها و ما تحب ان شخصيته تنطمس بالطريقة هذه
كانت جاحظة العينين و حادة الملامح رغم سنها الصغير: شنو في ؟
عيط عليها جمال : انت عدي ما دخلكش
و فتحية تفنص في بنتها : شوفي المهدي
هي وقفت بين جمال و حمزة: مش قبل ما نعرف عليش يعارك في حمزة
حمزة بدّي يعلي في صوته : هو ما دخلش فيا شنو ندير !
حاول جمال يوصل فيه بس رجاء منعاته رغم صغر حجمها قدّامه : و الله مازال نلقاك مقعمز في البيجو بروحك و في وقت كيف هذا تشوف حسابك أنا الدوة الفارغة ما نحبها
حمزة نظرله نظرة حادة كلها نار و غِل و كره : هذه سيارة سيدي و أنا كل ما نبي نركبها و انت اخر واحد يحكم فيا
و تجاوز بخفة رجاء و جبده بقوة و ضربه برجله و حاول حمزة يردله الضربة بس صغر سنة و حجمه مقارنة بجمال منعوه و رغم قوة الضربة الا ان ما نزل دمعة و لا قال آه فوق سيبهم و طلع
اما جمال مشي وراه : تعدي تلم الرشاد اللي عقبوه وراهم العمال كله و الله يا حمزة نلقى حاجة وحدة قاعدة منه نعلقك فلقة في الروشن و قول قالها جمال
و فتحية مع انها مش راضية لكن ما كانت تبي جمال يسيبهم و يخلي مسؤوليته منهم لان من يوم جاهم ما عاد تعرضوا لمضايقات من حد و هناها ع المصروف هذا غير الحوش اللي ماشي فيه شوط كبير
اما رجاء فما كانت مهتمة لكل هذا : اقسم بالله مازال تمد إيدك ع خويا نوريك و بعدين خلي العمال يلموا الحوسة اللي عقبوها
هو قدم منها و وزع نظراته ع جسمها الصغير قدّامه : امشي من قدام وجهي خيرلك مش ح نمد أيدي ع فرخة
وفتحية بدت تدف في بنتها لعند دخلتها للدار : مازال تردي عليه نوريك يا رجاء
سكرت الباب
و رجاء حضنت المهدي و عيونها دموع و كره : مستحيل نخليكم تهدموا حمزة نكرهه الغول هذا
كرر المهدي : هذا
ابتسمت رغم الوجع اللي في قلبها ع تصرف المهدي و طريقته في الكلام
و بالنسبة لفتحية فرجعت لجمال و حاولت ترضيه : ما تعدل عليها و لا تكدر خاطرك سلم ولدي انت راجل الحوش و اللي تقوله ماشي علينا كلنا
هو مازال بعيونه وراء رجاء : هين .. أنا نعرف شنو ندير معاها
و خلى أمه ورآه و طلع للمربوعة
بينما عبدالخالق اللي كان في السن السادسة يحاول يفهم ع قد عقله اللي يصير قدّامه ..... و ممكن اللي يصير حاليا قاعد يترك في اثر عميق في نفسه مش ح يبان في الوقت الحالي انما ح يطفو ع سطح شخصيته مع مرور السنين
و من هنا بدأ كل شيء في التصدع و الانحدار ... و يا عالم مدى عمق الوديان اللي ح يخلقها هكذا تصدع ...
صباح ثاني يوم
فاقوا اللي ح يمشوا للمدرسة مع بعض و أولهم نجوى مع انها سيبت الدراسة بس لانها كيف ما قالت تحب المطبخ جهزتلهم فطورهم في الحوش و اللي ح ياخذوه معاهم في المدرسة
لفت جريدة ع اول ساندويتش: هذا نصك يا عبدالخالق
خداه منها و حطه في الشنطة : شنو درتي عجة حتى اليوم
بابتسامة : اي
ملامح وجهه تغيروا بشكل مضحك : اوف نبي تن و هريسة أنا
رجاء و هي تغير للمهدي قبل تمشي المدرسة : مرة ثانية حاضر هيا وقت يا عبدالخالق يا دوبك نوصلوا قبل الطابور
سارة جت تجري كيف تلبس في جواربها: صباح الخير شنو في حاجة وآتية عطوني نأكل
حطت قدامها طاسة الحليب : اشربي حليب سادك أهو نصك متاع المدرسة واتي
خذاته منها و بدت تاكل في العجة اللي في الصحن و هي واقفة و من بعدها طلعوا ع رجليهم وصلوا جماعة الابتدائي قبل للمدرسة و من بعدهم بشوية وصلت رجاء للثانوية و اتسعت ابتسامتها اول ما تلاقو عيونها بصديقتها سامية : صباح الخير
سلموا ع بعض بحرارة : صباح النور .. تاخرتي واجد اليوم قريب ضرب جرس الطابور وانت تعرفي أبلة لطفية نار حمراء يا كبدي
ضحكت : الله غالب أنا نجي مشي للمدرسة و يا دوب نلحق
رِن الجرس و اصطفوا في الطابور وراء بعض
و أستاذ الرياضة كان يقوللهم ع التمارين و الطالبات يديروا زي ما يقول
ً لا حظت سامية ان صاحبتها مش ع بعضها : خيرك ؟
يا دوب قدرت ترد بعيدا ع عيون الابلات و الأساتذة : بعدين
و مع مرور الوقت و اداء تحية العلم طلبوا منهم يدخلوا فصولهم و كانوا طول الوقت يا دوب يهمسوا : انت صاير معاك شي جديد
رجاء خايفة حد يسمعهم لان ممنوع الكلام اثناء الدخول للفصل: بعدين يا سامية مش وقته ...
ردت سامية : أحسن حاجة بعد بكرا ح يبدأ الأسبوع المفتوح و يقعد عندنا وقت نهدرزوا ع راحتنا
رجاء تنهدت : حق و الله
وصلوا الفصل و جلسوا مع بعض في اول مقعد و بدت اول حصة إنجليزي مع كتاب مستر فلاح .... و يا عيني ع اللي قاري المنهج هذا
و مايميز فصولنا الدراسية زمان هي ان وقت شرح الاستاذ او المعلمة اطيح الابرة تسمعها و بالذات اذا كان الاستاذ صارم او حتى كان مبدع في طريقة شرحه و يعرف كيف يلفت انتباه الطلبة
أستاذ الانجليزي بعد كمل قراءة القطعة : مين ح يقرأ دي الوقتي ؟
دور بعيونه في الفصل و ابتسم بتهكم : يعني زي العادة رجاء طب يا رجاء يالله read the passage loudly يعني آيه علي صوتك يا بنتي
و وافقت رجاء و مع الدراسة تنسى كل همومها و تعتزل العالم و ما تقول هذه اللي كانت في بداية اليوم متوترة و شاردة انسجمت في القراءة بطريقة صحيحة الا بعض الكلمات المعدودة اللي استصعبوا عليها و بمجرد ما قراهم الاستاذ قدامها مرة ثانية تمكنت من قراءتهم صح
و اول ما كملت : excellent يا رجاء يالله كلكم زققولها
و بدّي الفصل يصفق و هي انحرجت بس كانت من داخلها سعيدة هلبة بمستواها اللي كل يوم قاعد يتحسن للافضل و الافضل
سامية بصوت واطي : من يومك دماغ
و وقت لاحظها الاستاذ مدحت تتكلم : طب خلاص أهو سامية هي اللي تكمل
فنصت : أنا يا أستاذ
أشار بموافقة : ايوا انت يالله
بتردد بدت تقرا و حاولت رجاء تساعدها بدون ما يلاحظ الاستاذ مدحت الامر و نوعا ما كانت قراءتها جيدة
و اول ما كمات : وووه خلاص دهشت
و ضحك الفصل بالكامل عليها و هكي مروا باقي الحصص ...
لعند جي الجرس المنقذ ليعلن للطلبة ان وقت الاستراحة قد حان ..
و باختلاف العمر يعني المدارس الابتدائية و الإعدادية كانوا يجروا في الساحات لكن هي في ثانوية بنات يعني نوعا ما في عقل شوية كل أثينين او مجموعة خذو مكان و مشوله
عند رجاء و سامية فمكانهم معروف حاطين رشادتين كبار تحت شجرة سرول كبيرة و يا ويل اللي يجي للمكان هدا لان مكتوب باسمهم خلاص و كانت رجاء تقول لعند نطلعوا من الثانوية و ما يقعمز فيه غيرهم ... ؟
وصلوا و طلعوا فطورهم و بدوا يأكلوا و يتبادلوا اطراف الحديث: هيا ادوي من بدري و انا نستنى فيك
و ما صدقت رجاء تفضي ما في جعبتها و حكت ع اللي صاير في حوشهم بسبب تسلط جمال و كيف حمزة قاعد ينطفئ كل يوم و دور أمها السلبي في الحوش
هي بعفوية بعد كلام صديقتها : شنو الغول هذا ؟
ضحكت رجاء : جبتيها من يوم ح نسميه الغول لان كيفه ما في معاه تفاهم مغير يعيط بصوت عالي و خلاص لعند امس قلتها عليه غولة
سامية حاولت تهون عليها : يا رجاء انت تحسابي أنتم بس عندكم المشاكل هذه ؟ راهو في كل حوش موجودة
رجاء بحزن : بس الحوش اللي عنده كبير تلقي المشاكل ينتهن بمجرد سيدهم يسمع بيهن احني مشكلتنا في أمي عطيته الحرية تعرفي يا سامية أنا خايفة واجد الأيام هذه و عندي احساس ان ح يصير شي مش سمح و يا خوفي تكون في حمزة
لاحظت وجود أبلة لطفية : هو إحساسك غالبا صح
و قبل ما تلحق رجاء تتكلم و تستسفهم عن سبب كلام صديقتها سمعت صوت خلاها تجمد ...
: بتعملوا ايه هنا ؟
ردت سامية : و الله ما درنا حاجة نحكوا ع الغول يا أبلة
تصنعت عدم المبالاة : آيه التخاريف دي ما فيش الكلام ده
سامية دارت روحها تفنص و عيونها جحظوا : خليك مكانك يا أبلة عليش بس تدوي عليه أهو جا
و رجاء بعفوية فنصوا عيونها و تشوف للمكان اللي تأشر عليه سامية
ويسمعوا صوت بنات يتعاركوا و يجروا و يقولوا : أبلة لطيفة
و هي عيطت : يا لهووووي فينو الغول فينو أنا ما عملتش حاجة
و تبدأ رجاء تضحك هي و سامية
اما الابلة حاولت تتصرف ان ما صار شي وفشت غلها في البنات اللي كانوا يعيطوا تمشي وراهم و تعارك : امشي انت وهي من قدامي سيبتوا ركبي
رجاء بامتنان مبتسمة : ربي يخليك ليا ضحكتيني بعد كنت منكدة
سامية : في الخدمة
وسمعوا الجرس و مشوا مع بعض لذات الساحة الخاصة بالطابور
و هكي فاتوا ايام مش يوم
لعند جي يوم خمسة ابريل من سنة 1996 كان يوم فارق جدا يوم ح تتغير فيه شخصيات كثيرة ...
و ممكن صدق احساس رجاء اليوم هذا
وقت الانسان يزيد عنده شعور الكره بالذات في عمر حرج كان لازم ع فتحية تنتبه بس للأسف كان كل همها ان جمال شال عنها المسؤولية و بالذات و الحوش خلاص وصل لمراحله الاخيرة من التشطيبات .... طبيعي تزيد تكبر راس جمال اللي كان هو المحرك الأساسي لبناء البيت هذا
في لايدة الحوش (الجنان) ...
حمزة من صغره عصبي و زادت العصبية هذه بعد دخول جمال لحياتهم ...
كان عبدالخالق يلعب في الكورة و جت ع وجه حمزة ... فبحركة تلقائية خذي رشادة من الارض و حذفه بيها و جت ع حاجبه و بدّي الحاجب ينزف ... و معش كف لان عبدالخالق كان ساخن و هو يلعب في الكورة ...
و فتحية اللي قلبها متعلق بعبدالخالق و دائماً ما تتفكر في كلام خليفة الله يرحمه عنه وقت قاللها خليه يلعب ع ظهر بوه اليوم قاعد غدوا مش ح يلقى ظهر سيده ينسند عليه بدت تبكي و في قولة حيه : انت ضربته و الله غير يروح جمال لاد أني مخلياته يوريك..
ممكن التهديد هذا يكون عادي و مألوف عند امهاتنا و غالبا ما يكون كلام بس
لكن حمزة كان ع يقين ان لو جمال عرف باللي صار مع تهويل الامر من أمه يااما ح يربطه في شجرة و يجلده او يعلقه فلقة في الروشن المهم مش ح يكون الامر بسيط أبدا
و الخوف مش من الالم الجسدي وقتها لا ؟ بل من انتهاك كرامته و شخصيته الرجولية اللي بادية تتكون و كل ما يبني شي ينهد بسبب أمه و دعمها لجمال او الأخير يتصرف معاه بشدة و يحجم هذا التطور في شخصيته
كان عنده شعور باليأس و هالشعور كل يوم يزيد ما رد عليها بولا كلمة طلع و سيبها و توجه لدار الخزين ركز بنظراته ع مكان بعينه طالما شافله من قبل و حس ان هذا الوقت المناسب مد أيده اللي كانت ترجف و خذي هالشيء هذا اللي ظنه بلسم شافي لكل شي وقتها و طلع و مر من وسط الحوش و فتحية مستمرة في التهديد و والوعيد
بس دخلت رجاء وقتها ع الكلام هذا و هي تتساءل : خيركم ؟
كانت فتحية تضمد في جرح عبدالخالق و هي متذمرة و تتوعد لحمزة : توا نوريه شوفيه شنو دار في خوه ضربه برشادة و فتحله حاجبه
لحقت رجاء ع حمزة و حاولت تتمسك بايده بس هو دفعها بقوة : حولي
هي كانت خايفة موت عليه نبرة صوته و نظرة عيونه ما تبشر بخير و ما ان مشي حتى لاحظت ان مطبق أيده ع شي ما
كان حاس بالوحدة يمشي و يسترجع في ذكرياته مع المرحوم بوه كيف كان يهدرزله و يقوله نبيك راجل الحوش و نبيك تكون قد كلمتك نبيك و نبيك و نبيك و بين عيونه مشهد بوه كيف طاح عليهم مريض و بعدها مشهد لبوه و هما قايمينه بين ايديهم وقت توفى و كيف غسلوه و كفنوه و من بعدها دفنوه و اندفن معاه يومها كل شي حلو في نظر حمزة .. ع قد ما نقول كان مخنوق و يا ئس شوية ... و للاسف في الفترة هاديكا كان الوعي الديني قليل في مجتمعنا لهذا ما كان عارف ان الشيء اللي ناوي يديره اكبر حرام ممكن يرتكبه في حق نفسه
يمشي و يأكل من اللي في أيده و بعدها خداه كله و كلاه في مرة و. الدموع متحجرة في عيونه
و في مسامعه يتردد صوت خليفة رحمة الله عليه " نبيك راجل كيف سيدك حنون مع خوتك و خواتك و امك لكن شديد مع اللي يضرك "
" نبيك ما تخاف من حد في الحق يا ولدي "
"حمزة انت ولدي الكبير و الكبير الله و انا معتمد عليك في كل شي رد بالك تذل و الا تخلي حد يستوطي حيطك"
و اهني ع عكس الكلام هذا تذكر تهديد امه مع ضرب جمال
و هو مستمر يمشي و يمشي لعند ابتعد مسافة لعند وصل لشجرة و رقد تحتها وقت حضن نفسه كان حاس ان حاضن المرحوم خليفة .. حاضن نسخة حمزة القديمة .. حاضن اجمل ايام عدت مع المرحوم و الباين ان ما في ليها رجوع
و في اللحظة هذه وقت بدي يحس باعراض التسمم غمض عيونه نزلت دمعة وحدة تخيلوا
ياه بعد المعاناة هذه و الالم اللي رافقها جسدي و ذهني و نفسي دمعة وحدة يا حمزة ! ايه من قال الطفل اللي كان خايف عليه المرحوم يطلع متدلل و ما يصلح لشي يتحمل هذا كله ...
اما رجاء اللي كانت رغم صغر سنها ، يعني وقتها كانت في 16 من العمر بس لانها قريبة من خوتها و بالذات حمزة الخاطر يا ودي ما هنأها لبست محرمتها و طلعت تدور ع حمزة كانت تمشي و الدموع في عيونها و يا دوب مرة مرة تقدر تنطق باسمه : حمزة وينك ؟
مشت و مشت لعند لمحت زوله راقد تحت الشجرة بطريقة أرعبت وجدانها جرت عليه و جلست ع الارض جنبه
لاحظت ان داهش وجهه بدّي يحمر و يتعرق : حمزة خيرك ؟ قولي يا حمزة ما تخوفني عليك
و هو داهش تمسك بايدها و بصعوبة نطق : رجاء رجاء سامحيني أنا بنموت ، رجاء أنا شربت سم فئران
و سبحان الله ع القوة اللي حباها الله بيها ردت للحوش تجري في سرعة البرق و جابت حكة حليب و رجعت لعنده و شرباته حليب : اشرب يا حمزة اشرب
و حمزة اللي لحظتها ذهبت السكرة و جت الفكرة كان مرعوب جدا من فكرة الموت
سنداته ع الشجرة و رجعت ثاني للحوش : زوديلي يا أمي حمزة شرب سم
سيبت عبدالخالق و عيطت : حيه عليا نهاري خيرا ؟
فنصت في أمها و بغضب شديد : بسببكم كله بسببكم و الله خويا تصير فيه حاجة لاد أني نوريه ولدك الغول
و بدت فتحية تعيط لعند سمعها سلفها اللي أسرع ع طول في اسعاف حمزة و داروله غسيل معدة ع الفور و زي ما قاللهم الدكتور بعد ربي الفضل لرجاء اللي عطاته حليب و حدت مِن انتشار السم في جسمه
و ممكن السم وقتها قضوا عليه و طلعوه مِن جسمه بس الأثر النفسي تغلغل داخله و ممكن يستمر معاه طول العمر و مش ح ينتهي و بهكي حمزة صار انطوائي اكثر و يحس بالنقص اكثر واكيد كرهه لجمال زاد أضعاف و أضعاف ...
كلا فتحية .. الحدث هذا ما غير شي في انقياديتها وراء جمال ولدها لانها شايفة ان الصح و حتى وقت تلاحظ غلط تتغاضى عنه لان اللي يهمها استمراره في مهمته الحالية ... و كل ما يدخل الحوش و هي تقول : سلم ولدها سلم ولدها
شهر يونيو 1996..
و بعيدا عن حوش المرحوم خليفة بن عمار ... نمشوا لوسط مصراته حوش كبير و حديث نوعا ما حوش الحاج اسماعيل بن جابر و زوجته الحاجة افطيمة
الحاجة افطيمة كانت وراء المسدة متاعها تدير في العبي متاع الصوف كانت مرآة تقليدية شديدة جدا و صعبة المراس عمرها حوالي الستين عام الحق ما نقدر نقول عليها ظالمة لكن هي من الجيل القديم اللي يشوف بمنظوره الخاص للامور و اي حد يخالفه ما يرحمه و في نظر نفسها هي تدير في الصح و تحمي في العيلة
بينما كانت تشتغل ع مسدتها و جنبها كنتها حورية (1972) زوجة ابنها البكر سليمان (1965) عندهم من الصغار بنتين و ولد ... اسماعيل و افطيمة و ملاك و حاليا حورية حامل بولد ...
و بعد سليمان الحاج اسماعيل بن جابر عنده حنان مواليد 1968 متزوجة و أيمن مواليد 1972 و البنت الثانية نبيلة مازال شباب مواليد 1973 و اخر العنقود أشرف مواليد 1980
مساء اليوم هذا افطيمة تخدم في المسدة و العالة في جنبها و كذلك نبيلة و حورية جنبها اللي تتعلم منها في الخدمة هذه و تنفذ اي طلب تقوللها عليه ..
ع دخول ولدها سليمان : السلام عليكم
ردوا عليه السلام : و عليكم السلام
و بدت نبيلة الكلام : خوك أيمن وين لعند توا في الشرق قاعد في حوش عمي شكله مش ناوي يروح
رد سليمان و وجه الكلام لامه لان في حضورها من المستحيل يكلم غيرها : كلمته يا أمي راهو عاجبه الجو غادي و عاجبه حتى العمل عندهم و طول ما نقوله ع حاجة يدويلي ع بنغازي و يقول هنا أحسن بواجد و بيني و بينك زي اللي فهمت منه ان حوش عمي قالوله اقعد و احني ندورولك بنية من الشرق عندهم يتزوجها
و يا كبدي هو قال هالكلمة و بركان و انفجر و تبدأ تضرب في رجلها ع الارض : ياخذوله عينهم ولدي أنا ياخذوله من الشرق و يعيش بينهم معناها لا عشت و لا كنت اسمع يا لِيَد تتصل بخوك توا هالوقت و تقوله يروح ما يفوتن ثلاث ايام غير نلقاه واقف هنا قدامي و افطيمة امه هي تدورله عروس و نزوجه مش مراة عمه الخايبة هذا اللي ناقص غير افطيمة ياخدوا لولدها بدون شورها
و أيد سليمان كلام امه: عندك الحق يا أمي و اذا ع العروس أنا عندي عيلة و حوش في بالي كيف ما تبي انت
و بلهجة كلها تهكم و استفسار : و وينه الحوش اللي في بالك و بعدين من وين تعرف بنات انت ؟
و رغم ان حورية كانت تغلي من الكلام لكن يا ويلها لو تدخلت لهذا كانت زي الجثة قاعدة و مش قاعدة
رد عليها سليمان : حاشاني يا أمي أنا من وين نعرفها و نعرف بنات تربيتك أنا ... لكن عندي صاحبي كيف مبدي معاه في خدمة يسكنوا في ال### بعيد عن هنا و عنده اخت ماشاء الله عليها ديما يشكر فيها و قالي انها تعرف اللي ما يعرفوه اندادها من حوسة و تطييب و حتى انها متحملة مسؤولية كل شي في الحوش من وقت توفى سيدها و عاقلة و رزينة و بنت السطاشن عام
و اهنئ الموضوع عجبها : آيه معناها نعدي و نتوقها (نشوفها ) بعد انها من ### معناها ساكتة و تسمع الكلام و لساناتهن مقطوعات ( و أعطت نظرة حادة لحورية اللي بلعت ريقها بخوف) مش كيف بنات المدينة لساناتهن ملفوفات ع رقابيهن
و بنت السطاشن عام الغافلة في صباح ثاني يوم كعادتها جنب صاحبتها يفطروا مع بعض كانت تسمع لصديقتها سامية في وقت الاستراحة بين فترتي الامتحانات النهائية
سامية مسترسلة في الحديث : بالله يا رجاء غير عليش ما توافقي ع ولد عمي و الله أمه من عزاء سيدك و هي بتهبل عليك و تشكر فيك قالت غير كان توافق بس اللي تبيه نديروه
كانت هازية ع الفكرة من الأصل : لا يا سميوه ردي بالك تفتحي الموضوع هذا بالذات مع أمي خايفتها تديرلي قصة ... و بعدين أنا مش مستعدة توا و عندي اكثر من حاجة تمنعني اول شي المهدي خويا و وصية سيدي كيف نسيبه و نعدي ، تعرفي يا سميوه قاعدة كل يوم نعلم فيه في حاجة جديدة علمته كيف يولع التيلفيزيون و علمته كيف يلعب علمته واجد حاجات و بعدين أنا كيف بنكمل أولى ثانوي راهو أنا نبي نخش الجامعة و نتخرج و حتى أني نسوق السيارة
عيونها قريب طلعوا : هيه برقي (شوفي )فيا هنا ، انت وين عايشة اللي بتسوقي سيارة ؟
قالت بثقة : آيه بنسوق السيارة و لا د أني دائرتها و بعدين فيش خير مني اللي يسوقن
بصدمة ردت عليها : أصلا من هن اللي يسوقن؟
و قبل ما ترد قاطع كلامهم صوت أبلة تقري فيهم : رجيوه تعالي شوية نبيك
ناضت و مشت للابلة : نعم يا أبلة
كانت الابلة تكلم فيها و واضح قداش عاجبتها : رجيوه ح نخش في الموضوع طول .. انت عاجبتيني و احني ندوروا لخويا و الحق متمنية تكوني انت نصيبه
وبذات الثقة و الإجابة نفسها ردت ع آبلتها اللي كانت تشوف قدامها في بنت مليانة شغف و طموح و احلام للمستقبل كل هذا خلاها هي نفسها تستخسرها في خوها لانها عارفة ان مش ح يخليها تكمل دراستها : ان شاء الله ربي يعطيك ما تتمني و يشهد عليا ربي أني احترمتك ع قد ما تمنيتك لخويا لكن توا نشوف فيك واجد عليه
تحشمت رجاء و مازالت عايشة في ذات الحلم اللي كانت تحكي عنه و ممكن رفع سقف طموحاتنا و احلامنا يكون مضر لينا في المستقبل
ممكن لازم يكون الحلم فيه الكثير من العقلانية حتى لا يكون السقوط مؤلمًا و لا الواقع مفزعا !
و لانها كانت تحت تأثير الكلام اللي حكاته او الحلم اللي دائماً مراودها في المساء شافت حمزة شاد كتابه و يقلب في صفحاته بملل و هو شارد الذهن
قربت منه و بنبرتها الحنونة المعتادة : حميزة شنو قاعد تدير ؟
رد بدون ما يشبحلها : أهو قاعد ما ندير في شي زي ما تشوفي
هي بدون تردد : بنقولك .. أنا عارفة انك تقدر تسوق البيجو متاع حياة سيدي ؟
رد عليها بلهجة متهكمة بعد سكر الكتاب : ع أساس انك انت ما تعرفيش يعني ؟ ماهو من ايام حياة سيدي كان يعلم فيك وقت نمشوا المزرعة
هي تفكرت ايام جميلة و حاليا كلها شوق ليها : آيه علمني لكن من لما توفى ما عاد ركبتها
طريقتها في الكلام ع المرحوم خلاته يندفع : هيا نركبوا لكن خايف يجي الغول و يبدي فيا ضرب
هي بثقة : يضرب عينه و الله كان يمسك نكسرله أيده من مكانها
ضحك و دفها قدّامه : امشي امشي ... يا مسترجلة
فتحوا السيارة و ركبوا البيجو متاع المرحوم ...
و ركبت هي وراء المقود و لان من علمها كان الحبيب الاول لأي بنت كان الأب اللي وقت يعلم متمني يعطيك كل اللي عنده في مرة بكل حب تفكرت كل شي و انطلقت بالسيارة
و مجرد ما يشوف حمزة سيارة يعيط عليها : اسمعي نزلي رأسك
هي مرتبكة و تفكر في الطريق : كيف انزله وانا نسوق
بنفاذ صبر شد راسها و نزله بقوة : اسمعي الكلام و أنا نتصرف
تنزل رأسها و هو : زيدي يمين زيدي يسار ايواه يا رجاء يمين يمين خيرك ما تشوفيش
هي كان رأسها تحت و تضحك : ما نشوفش كيف بنشوف وانا راسي لوطى
يبدأ يضحك : نسيتك هيا ما في حد ارفعي رأسك
تبدأ هي تسوق و تضحك و حاسة انها طائرة فوق و تغني : طيري طيري يا عصفورة أنا مثلك حلوة صغيورة طيري طيري
و يكمل حمزة : وين بتطيري ؟ رآك تطيري بينا في الوادي بس
و تجاهلت كلامه حولت أيديها من ع المقود و فردتهم و هي تقود السيارة و الفرحة بالحرية و بالنجاح غامرتها
و لو كنت أدري ان السقوط قريب ما طرت من الأصل .. (كلماتي )
و مازالت رجاء في حالة تحليق بالذات بعد طلعت نتيجتها و كانت الاولى ع فصلها ما كانت تبي شي لا هدية و لا حفلة و لا اي شي شعور النجاح في حد ذاته كان غانيها ع كل شي كان عندها ان ينذكر اسم المرحوم بوها في لوحة الشرف متاع المدرسة اكبر إنجاز و هدية في ان واحد و بدت من توا تفكر انها ح تتخصص علمي و تفكر في كلية الطب او الهندسة مش ح تتنازل ع الحلم هذا
و رجعت كرست وقتها لخوتها بالذات للمهدي ...
شهر سبتمبر 1996
بعد تنحنح جي و جلس جنب أمه : احم ... يا أمي عندي معاك موضوع
فتحية كلها اذان صاغية : نسمع فيك يا ولدي ان شاء الله خير
بدون مقدمات : خير خير ... بنقولك صاحبي سليمان و شريكي في الخدمة في نفس الوقت خطب مني رجاء لخوه و تقعد مرتاحة و متهنية لو صار النصيب عيلة متسمية و الراجل كويس خدمته كويسة واجد و راجل يعجب ملوك و البنت ما ليها الا حوش راجلها و اللي زيها كلهم عطوهم شنو بنديروا شادينها عندنا
و اهنئ تزين هذا الطريق قدامها بالذات و هي تبي تتهنى ع بناتها و هي أصلا تزوجت في عمر صغير : حق ....
و ع طول فتحية أرسلت ل ....
بانتفاضة : مستحيل نتزوج ... كيف نسيب المهدي
و ردت : كان تبي تفرحيني و تريحيني توافقي
و فجاة : شنو دلع البنات هذا ؟
حطت عينها في عينه
و نتيجة .....
بس : و قرايتي
و اهنئ فتحية قالت : و خليه يوافق
و خلال أسبوعين ...
رجاء .... أيمن ...