رواية اسيا وشر الجنوب الفصل الثاني 2 بقلم هنا عادل
اسيــــــا وشـــــــــر الجنــــــوبـــــ
الفصل الثاني
قعدت شجن مغم عليها اكتر من ساعة فى بيت انيسة، انيسة سابتها على الارض مكان ما وقعت محركتهاش حتى من مكانها، فاتت الساعة وانيسة بتشوف اللى وراها واللى بتعمله من غير حتى ما تلتفت لشجن اللى مرمية على الارض، بعد الساعة ابتديت شجن تفوق لواحدها وتفتح عنيها وهي بتبص حواليها مستغربة المكان اللى هي فيه ومستغربة رميتها على الارض، قامت مخضوضة وهي بتقول:
ردت انيسة اللى كان فى ايديها ورقة صغيرة بتلفها بحتة قماشة وتخيطها، وقالت وهي بتحضك:
- كل ده علشان قولتلك اتجوز يا مايلة؟ اومال لو قولتلك الباقي....
عيطت شجن وهي بتقوم من على الارض وبتتكلم بصدمة وحزن:
- بتتكلمي جد يا ست انيسة؟ متلعبيش بيا الله يخليكي انا مش هقدر اتحمل حاجة زي دي؟
انيسة بأبتسامة اتسببت فى ظهور سنة فضة من بين اسنانها قالت:
- وانا هضحك معاكي يا بت عيلة الغازولي انتي؟ بقولك جاد ابن سليمة وعبدالله متجوز وبيعشق التراب اللى مراته بتمشى عليه.
شجن بقهر:
- يعني ايه؟ يعني مش هيرجعلي؟ مش هيتجوزني؟
انيسة ابتديت ابتسامتها تروح:
- يابت مترخصيش نفسك، راح اتجوز خلاص انسيه، بكرة يجيلك اللي احسن منه، سيبيه لمراته بقى.
هنا ظهر غل وغضب على شجن حتى الدجلة استغربته، قالت شجن:
- اسيب مين ولمين؟ جاد ده لازم يرجعلي، لازم ابقى انا اللى فى حياته، لازم يبقى ليا، اتصرفي ياست انيسة وانا تحت رجلك فى اي امر تؤمريني بيه، انتي عارفة الخير عندنا مالهوش اول من اخر، يعني كل طلباتك مجابة.
انيسة بتنصح شجن وبتتكلم جد:
- يابت الناس، انتي لسه حلوة وصغيرة، سيبي الجدع لحياته وانتي عيشي حياتك مع اللى يختارك ويقدرك، اللى بييجي بالسحر مسيره يروح، انا اللى بقولك كده مع ان انا لو ساعدتك فى طلبك هكسب من وراكي كتير، لكن السحر ميشتريش محبة.
شجن:
- مش عايزاه يشتري المحبة، عايزاه يشترهولي جوز.
انيسة:
- انتي عايزاه يتجوزك؟ بعد ما عرفتي انه متجوز؟
شجن:
- اه، ييجي يتجوزني.
انيسة:
- حتى لو مش بيحبك ولا عايزك؟!
شجن:
- االمهم يبقى جوزي، بعدها انا هخليه يحبني.
انيسة:
- يابت السحر ده لو المسحور فاق منه بيرجع لعقله، لو لحق نفسه هيعرف ينجد مفسه من السحر، هيسيبك وهتبقى لواحدك، انتي اللى هتخسري....
قاطعتها شجن:
- مالكيش فيه بس ياست انيسة، كل اللى عليكي ترجعهولي من غربته، وتخليه يتجوزني، مش مهم ازاي بس يتجوزني.
انيسة:
- بنصحك علشان انا عارفة عزيزة امك ست اصيلة وابوكي سيد الرجالة من سنين، مش عايزاكي تتبهدلي ولا تجري ورا طريقي، اخرته مش هتريحك.
شجن:
- انا راضية، كتر خيرك على النصيحة، وانا سمعتها منك وبكده انتي عملتي اللى عليكي، عايزاه يرجعلي ويتجوزني.
انيسة:
- يعني راكبة راسك؟
شجن:
- ودلوقتي قبل كمان شوية.
انيسة:
- انا عملت اللى عليا معاكي، اللى هيحصل بعد كده ده اختيارك انتي، معاكي ايه من أطر المطلوب؟
شجن:
- أطر؟! قصدك حاجة فيها ريحته يعني؟ لاء معييش، ده غايب بقاله كتير.
انيسة:
- لازم أطره، اومال هشتغل عليه ازاي؟ هاتيلي أطره وانا ساعتها ابقى اقولك هنعمل يه، يلا امشي بقى ومتجيش هنا تاني غير باللي طلبته منك، وتقلي جيبك.
شجن بصيت لأنيسة وقالت:
- لو جوزتيهولي...هخليكي تمسكي فلوس مالهاش عدد.
انيسة ابتسمت بعوجان شفايفها وقالت:
- حضري المطلوب وارجعيلي.
ورجعت انيسة تكمل خياطة الحِجاب اللى فى ايديها ومرفعتش عينها تاني فى شجن اللى سابت انيسة وخرجت من بيتها وهي مشغولة، بتكلم نفسها من اول ما طلعت من البيت وطول طريق الغبرة اللى يفصل بيت انيسة عن باقي بيوت البلد وبتقول:
- طيب اعمل ايه بقى؟ اجيبله اطر منين ده؟ الموضوع ده عايزله زيارة لبيت عمي.
سكتت شوية وهي بتبص وراها والليل ابتدا يدخل، حاسة انها سامعة اصوات خطوات ماشية وراها لكن مش شايفة حد، ولان اللى جواها دلوقتي اكبر من خوفها، رجعت تاني لتفكيرها وكلامها مع نفسها وهي بتقول:
- طيب اروح ازاي بعد اللى حصل بيني وبين مرت عمي ده؟ وبعدين امي هتوجع نفوخي علشان تخليني اطلع تاني من البيت.....
صوت خطوات تاني قطع تفكيرها، بصيت وراها بمنتهى جحود وهي بتقول:
- ما هو صدق اللى سماه طريق الغبرة، طيب ياللي ماشيين ورايا انا مبخافش، مش محتاجة حد يوصلني.
كانت بتتكلم وهي عارفة ان ممكن الاصوات اللى سامعها دي تبقى اصوات الاشباح اللى ساكنة المنطقة دي، ماهي الناس مبعدوش عن المكان والطريق ده الا بسبب الحاجات الغريبة اللى كانت بتحصل فيه، اصوات وحاجات تظهر للناس ترعبهم وتطير عقولهم، همس وصرخات ترعب وتشيب المولود، وكلها حاجات اتسببت فى الناس تبعد عن المكان ده خالص ويبقى مكان مهجور كده وكمان يسموه بالغبرة نتيجة انه طريق اغبر ومش سالك، لكن قلب شجن اللى كان مستقوي على كل ده كان غريب، برغم ان جواه حب رهيب لجاد الا انه مليان بجحود مالهوش حدود، جحود غلب الحب خلاها لا خايفة على نفسها، ولا خايفة من اللى هيحصل، كملت فى طريقها عادي ورجعت قالت:
- بس....انا كده لقيت الفكرة، يابت الشياطين يا شجن، امي ووابويا طيبين ايه بس؟ دول ابالسة علشان يخلفوا بت بعقلي ونصاحتي.
استعجلت شجن فى خطواتها لحد ما رجعت البيت، اول ما دخلت البيت كانت قاعدة عزيزة فى دخلة البيت مع شوية ستات من الجيران بيتجمعوا عندها دايما بعد ما يخلصوا اللى رواهم فى بيوتهم، رميت شجن السلام والكل رد عليها، دخلت على امها بأبتسامة ومسكت رأسها بين ايديها وطبعت عليها بوسة وهي بتقولها:
- حقك عليا يا امي، انا غلطت، كان عندك حق تضربيني بالشب..شب.
ابتسمت عزيزة وطبطبت على ايد بنتها وسكتت علشان الناس اللى قاعدة ميفهموش حاجة، طبعا كل واحدة من اللى قاعدين بما انهم مش فاهمين حاجة شايفين ان غزالة دي ست البنات، وبقيت كل واحدة بمدح:
- ربنا يكملك بعقلك يا زينة البنات.
- صحيح يا ولاد، خلفة البنات دي رزق من ربنا.
- اومال، البت فى قلبها حنية الدنيا، غير الواد ياختي، اسمه سند وضهر، لكن قلبه حجر.
- تستاهلي يتقلك دهب يا شجن، يردلك الغايب بالسلامة ويجمعك بيه على خير.
هنا ابتسمت شجن وبصيت لأمها اللى بعدت عنها خطوتين لورا وقالت:
- وقت ما ييجي النصيب بقى يا ام جمعة يعدلها المولى، يلا اسيبكم انا بقى تكملوا حديتكم.
فعلا طلعت شجن على الاوضة بتاعتها وقفلت عليها الباب، فى الوقت اللى عزيزة تخيلت ان كلام بنتها مع صاحبتها خلاها تقتنع انها غلطانة، الست من جواها قاعدة فرحانة بان بنتها قررت تعزز نفسها، متعرفش نية بنتها ولا دماغها فيها سم وشر قد ايه للاسف، وعلشان شجن متسمحش لامها تتكلم معاها وتقطع كل الترتيب اللى فى دماغها الليلة دي قررت تنام مجرد ما سمعت صوت الستات بيمشوا من المندرة، وفعلا عزيزة لما طلعت لبنتها شافتها نايمة، طبطبت عليها وهي بتقول:
- ربنا يكملك بعقلك يا حبيبتي، ارزقها بأبن الحلال اللى يسعدها يارب.
سابت عزيزة بنتها وخرجت وراحت على اوضتها، صليت العشا ودخلت سريرها تنام، هي عارفة ان عاشور الليلة دي مش راجع لأنه هو وعبدالله فى سفرية لنجع حمادي بيجيبوا شغل، وعلشان كده لا استنيته ولا حضرتله الاكل بتاعه، راحت فى النوم بقلب راضي وبال هادي لحد ما سمعت صوت الفجر وبهنا بتبدأ يوم جديد، وقبل ما تنزل رجليها على الارض لقيت شجن داخلة الاوضة عليها بتقولها:
- امي انا عايزة اروح اراضي مرات عمي، انا محقوقة لها ولازم اراضيها.
ابتسمت عزيزة وهي بتقول:
- ياهادي العاصي يارب، ربنا يهديكي كمان وكمان يا زينة البنات، خليني اصلي الفجر وناكل لقمة وناخد بعض ونروحلها.
شجن:
- هنروح بدري كده؟
عزيزة:
- سليمة تلاقيها صحيت تصلي الفجر، وبعدين مش هنطلع من البيت دلوقتي يعني، نصلي وناكل لقمة يكون النهار طلع، الخير ميتأخرش يابت عاشور.
ابتسمت شجن وقالت:
- خلاص اتوضي انتي يا امي وصلي وانا هحضرلك الفطار.
عزيزة:
- يلا يابت تعالي صلي معايا.
شجن:
- مش هينفع اصلي يا امي، صلي انتي بقى يلا.
عزيزة بتضحك:
- لاء خلاص ريحي انتي وانا هعملك كوباية قرفة تروقك، وبعدين احضر الفطار ليا وليكي.
شجن معندهاش عذر ولا حاجة تمنعها من الصلاة، لكن هي مش حابة تعمل اي حاجة تبعد الشيطان اللى مسيطر عليها ده عنها، هي فاهمة وعارفة ده كويس، وبرغم عن كده مش عايزاه الشيطان يبعد عن دماغها علشان تقدر تكمل فى تفكيرها المؤذي ده وترجع الغايب عنها وكأنه هيرجع وجواه ليها حب الدنيا، فعلا صليت عزيزة وحضرت لبنتها كوباية قرفة وبعد كده حضرت الفطار، قعدوا يفطروا سوا وتهزر شجن مع امها وعزيزة فرحانة ببنتها وبعقلها اللى رجعلها تاني بعد صدمتها من كلام سليمة، خلصوا حتى كوبايتين الشاي وقالت عزيزة:
- قومي بقى حطي عبايتك عليكي، خلينا نروح نراضي الست اللى زعلتيها.
بسرعة البرق كانت جهزت شجن وخرجت من البيت هي وعزيزة ووصلوا عند بيت سليمة اللى فتحت واستقبلتهم بأستغراب:
- فى ايه يا عزيزة؟ حصل حاجة ولا ايه؟
عزيزة بتضحك:
- جرى ايه يا سليمة هتقابلينا على الباب كده ولا ايه؟ مش تردي سلام ربنا فى الاول يا ولية؟
سليمة ابتسمت وارتاحت لما شافت عزيزة بتتكلم بأريحية كده:
- قلقت ياختي، مش من العادة انك بتيجي من طالعة النهار كده، خوفت يكون فيه حاجة حصلت كفى الله الشر.
هنا اتكلمت شجن وهي واقفة فى نص البيت وباصة ناحية الباب اللى كانت سليمة لسه واقفة عنده بعد ما قفلته وقالت:
- الخير ميتأخرش يا مرت عمي، انا جاية اراضيكي، ولو عليا كنت جيت من الليل ومستنيش نور النهار.
قربت سليمة من شجن وحضنتها وهي بتقولها بحب:
- تراضي مين يابت انتي؟ هو قلب الام يزعل من ضناه برضو؟ ده انتي بنتي وغلاوتك من غلاوة عيال بطنى.
ضميتها شجن ليها وهي بتقول بخبث:
- وانتي امي التانية يا مرت عمي، صافية من ناحيتي يعني؟
سليمة بتضربها على كتفها وهي بتقول:
- هعمل عقلي بعقلك اياك؟ يابت انا مش فاكرة ايه اللى حصل من اصله.
ضحكوا كلهم سوا وقالت هنا شجن:
- حلو اوي كده، اقعدوا انتم بقى نموا على الخلق، وانا هروح اعملكم شوية شاي انما ايه، يظبطووووا النفوخ بصحيح.
فى الوقت اللى قربت سليمة من عزيزة علشان تحضنها من فرحتها بعقل شجن وقع من ايديها منديلها القماش ومخدتش بالها، لكن شجن خدت بالها وكأن فرصتها بتتيسر قدامها، وبدل ما كانت هتطلع تدور على اطر لسليمة فى اوضتها، الاطر وقع تحت ايديها من غير مجهود، وطيت اخدته وهي سامعه سليمة بتقول لعزيزة وهما حاضنين بعض:
- زينة البنات والله يا عزيزة، خسارة فى ابني ست البنات دي.
عزيزة:
- يعالم النصيب فين يا سليمة، المهم انتي متبقيش شايلة منها.
سابتهم شجن ودخلت على المطبخ وهي مبسوطة جدا وبتقول لنفسها:
- اهو اطر امك بقى معايا، دي اللى هجيبك بيها يا سي جاد، وبعدها بقى اعرف اوصل لأطرك واجيبك ليا انا بقى ساعتها.
يتبع