اخر الروايات

رواية شعيب ولتين الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب ولتين الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم شيماء عصمت


لقد انقلبت حياته رأساً على عقب بعد تلك المكالمة الهاتفية التي تلقاها في صباح اليوم .. فبعد محاولات كثيرة للبحث عن صاحب الدراجة الهوائية ذلك الشاب الذي ترك له مظروف به صور مفبركة تخص زوجته "لتيـن" إستطاع أحد رجالة العثور عليه .. وها هو في طريقه لأحد المخازن التابعة له
بعد وصول شعـيب وترحيب رجاله به دلف داخل المخزن بملامح واجمة قاسية وعينين مرعبتين لمن يراهما ، حدّق بـفتى الدرّاجة البخارية المُقيد بإحدى المقاعد الرثّة بملامح مرتعبة وعينين جاحظتين
إقترب شعـيب منه بخطوات فولاذية
وجلس بثقة على مقعد مخصص له رامقاً الأخير بنظرات جعلت العرق يتصبب منه وينسحب لون الحياة من وجهه ، هتف الشاب بعد مرور عدة دقائق قائلًا بإرتجاف: أنتَ .. أنتَ مين؟ وجايبني هنا ليه؟
هدر شعـيب بصوت مرعب يذيب العظام من قسوته: أنا نهايتك
انتفض الشاب برعب فصاح شعـيب بقسوة: مين اللي باعتك يالاه؟! ونصيحة مني بلاش لف ودوران وإلا صدّقني هندمك على الساعة اللي جيت فيها الدنيا
أخفض الشاب رأسه بإرتجاف وابتلع ريقه بصعوبة قائلاً: معرفش حاجة ، أنا أصلاً معرفش أنتَ مين يا باشا
إستقام شعـيب بسرعة ليسقط مقعده بعنف مسبباً صوتاً مزعجاً قبل أن يقترب منه يجذبه من فروة رأسه بعنف قائلاً بحدّة وسط صرخات الشاب المتألمة: لف ودوران أنا مش عايز جاوبني أحسنلك ، أنت مش خارج من هنا إلا لمّا أعرف كل حاجة أنت فاهم؟
_خلاص يا باشا هقول .. هقول
ابتسم شعـيب بإنتصار قائلاً: سامعك
_من كام سنة في واحدة ست معرفهاش طلبت مني أعمل كام صورة لحضرتك يا باشا ومعاك واحدة في أوضاع لامؤاخدة يعني
وصمت بخوف فهدر شعـيب بحدة أفزعته: إخلص
أكمل بإرتجاف: عرضت عليا فلوس كتير عشان الموضوع يفضل في الخفى وفعلاً عملتلها الصور زي ما طلبت بالظبط ومن بعدها وهي فص ملح وداب ، لكن من كام شهر ظهرت من تاني وطلبت مني نفس الطلب ولنفس الست ولكن لراجل غير سعادتك وأنا نفذت المطلوب و وديت الصور للمكان اللي هي طلبته مني
_اه يا ولاد الكلـ×ـب
صرخ شعـيب بهياج وانهال على الشاب بالضرب .. كان غاضب وبشدة وتلك الصور يراها أمام عينيه فيزيد غضبه أضعافاً مضاعفة وتزداد ضرباته قوة وعنف
بعد مرور عدة دقائق ابتعد شعـيب عن الشاب وهو يلهث بإنفعال قبل أن يهدر بفحيح مرعب: مين الست دي؟ إنطق هي مين؟!
همس الأخير بتعب بصوت بالكاد يسمع: معرفش .. معرفش
أقترب شعـيب منه بتهديد فصاح الأخير برعب: والله ما أعرف هي مين بس أنا مصورها على تليفوني تقدر تشوفها
_فين تليفونك؟
_هما خدوه مني
هدر شعـيب بصوت عالي: حســن
دلف حسن للمخزن قائلاً: أوامرك يا باشا
_تليفون الـ××× ده فين
أخرج حسن الهاتف من جيب بنطاله قائلاً: أتفضل يا باشا
أشار له شعـيب بالإنصراف فاندفع خارج المخزن أما شعـيب فهتف بتساؤل: كلمة السر إيه؟
أجابه الشاب بصعوبة بكلمة السر والألبوم الخاص بصورة تلك السيدة فـفتح شعـيب الهاتف يبحث عن صورة تلك الحقيرة بلهفة فقد اقترب من معرفتها ورّد كرامة زوجته وكرامته ولكن ما إن رأى تلك الصورة حتى تشوّشت الرؤية أمامه فلم تكُ تلك الصورة سوى لـنـورا أبنة عمه توفيق!!! ما الذي يحدث بحق الله!!!
هتف شعـيب بقسوة وهو يضع الهاتف أمام عين الشاب: أنت متأكد إن هي دي الست اللي طلبت منك الصور؟
أومأ الشاب قائلًا: أيوة هي يا باشا ، أنا صورتها من غير ما تاخد بالها عشان أبقى مأمّن نفسي
تجهمت ملامح الأخير بشكل مخيف ، واسودت نظراته بصورة مرعبة ، ودمار نـورا قد أصبح هدفه ، لن يتخلى عنه سوى بخروج روحه أو روحها..!
×××××××××××××
استيقظت صباح اليوم لتجد نفسها وحيدة في الفراش. بحثت عن شعـيب ولم تجده فأسرعت تحضّر وجبة الأفطار للصغيرتين وعقلها مشغول بشعيب لا تعلم أين ذهب ولما لم يخبرها بذهابه
أفاقت من شرودها على صوت عائشة التي قالت بإستياء: ماما
_نعم يا حبيبتي
_البتاعة البني اللي في إيدي دي وحشة والبنات اللي معايا في المدرسة بيتريقوا عليا بسببها أنا بكرهها
اقتربت لتيـن منها قبل أن تنخفض لمستواها وهي ترمق أعلى ذراعها ذو الشامة المميزة قائلة بحنان: أولاً أنتِ حلوة بكل حاجة فيكي ربنا مش بيخلق حد مش حلو فإحنا نقول الحمدلله على النعم التي لا تعد ولا تحصى اللي ربنا كرمنا بيها ، ثانياً بقى البنات دول المفروض كلامهم ميفرقش معاكي ولا يأثر فيكي لازم تبقي واثقة في نفسك وحابة نفسك بأي شكل وأي وضع أنتِ حلوة زي ما أنتِ
_يعني أنا حلوة يا ماما
إحتضنتها بدفء قائلة: أنتِ أحلى بنت أنا شوفتها دة كفاية عيونك الحلوين دول اللي شبه السماء ولا شعرك الطويل اللي زي روبانزل ولا بقى الشامة الجميلة اللي على دراعك أنا بحبها أوي وبحس إنها شبه الفراشة! شوفي كدة؟
رمقت عائشة ذراعها بتدقيق قبل أن تتسع إبتسامتها قائلة بحماس: أيوة فعلاً شبه الفراشة أنا أول مرة أشوفها كدة!!
_دة عشان ركزتي مع كلام البنات السلبي وتجاهلتي جمال الشامة الموجودة ، إتعلمي إنك دايماً تشوفي الحلو اللي فيكي ومتخليش أي حد يأثر فيكي أهم حاجة أنتِ شايفة نفسك إزاي ، وبعدين هو رأيك أنتِ و رأيي أنا وبابا أهم ولا رأي البنات؟
_رأيكم أنتم طبعاً
_خلاص تجاهليهم بس أي حد يحاول يقلل منك وقفيه عند حده أنتِ جميلة أوي يا عائشة جميلة وقلبك أجمل
إحتضنتها عائشة بسعادة قائلة: أنا بحبك أوووي يا ماما
ترقرقت الدموع بعينيها وأجابتها بحب: وأنا بحبك أوي يا قلب ماما
إنتبهت لتيـن لدلوف شعـيب من باب الشقة فأسرعت بإتجاهه قائلة بإضطراب من ملامحه المرعبة: شعـيب!!
إلتفت إليها قائلاً بجمود: مهما حصل ومهما سمعتي متخرجيش برة باب الشقة لا أنتِ ولا البنات .. سامعة؟
أومأت موافقة دون تفكير فأسرع خارج الشقة بخطوات سريعة شبه راكضة .. وصل لوجهته أخيراً ، أخذ يطرق الباب بقوّة حتى كاد أن ينكسر قبل أن يفتح الباب على مصراعيه ويطل مـازن صارخًا بفزع: شعـيب!!! في إيه؟ بتخبط على الباب كدة ليه؟
هدر شعيب بصوت جهوري: أختك الـ×××× تطلعلي حالا وإلا هدخل أجيبها من شعرها عايزها قدامي حالًا .. يا نـــــورا
صرخ بإسمها بصوت هزّ أرجاء البيت وأرعب مَنْ في الداخل
أما نـورا فانتفضت برعب وبَهتت ملامحها وهي تسمع صراخ شعـيب بإسمها!! ما الذي يحدث ليناديها بهذا الصوت الجهوري؟ خرجت من غرفتها بخطوات بطيئة مرتجفة
ما إن رآها شعـيب حتى تخطّى مـازن وانقضّ عليها يقبض على خصلاتها بعنف جعلها تصرخ بألم ولكنه لم يهتم بل هدر بقسوة: وحياة أمي لهندمك على عمايلك السودة يا ××××
همست برعب: شعـيب أنا معملتش حاجة .. أنا
لطمها على وجهها بقسوة فسقطت على الأرض الرخامية تتأوه بوجع حقيقي
إقترب مـازن بغضب من شعـيب يدفعه بعنف بعيداً عنها: أبعد عنها أنت أتجننت؟
أزاحه شعـيب بحدّة: متدخلش يا مازن أنا حسابي مع الكلـ×ـبـة دي
حاول شعـيب الإقتراب منها ولكن اعترض طريقه مـازن وقد وصل إلى أقصى مراحل غضبه: بقولك إبعد عنها متخلنيش أمدّ إيدي عليك
تنفس شعـيب بعمق وفاجئ مـازن بلكمة عنيفة في منتصف وجهه ، فصرخ الأخير بألم وهو يتحسس أنفه الذي بدأ ينزف .. استغل شعـيب إبتعاد مـازن وانقضّ على نـورا يضربها بعنف وقسوة ، بغلّ وإنتقام وهو يتخيل معاناة لتيـن مع عمـاد بسبب تلك الصور ، يكفي عدد الندبات المتفرقة على أكمل جسد لتيـن ليعلم كم المعاناة التي رأتها ، لحجم الألم والإهانة ، لكسرة النفس وقتل الروح مراراً و تكراراً خلال أربع سنوات!!
صرخ بعنف وهو يسدد لها عدة صفعات قاسية متتالية: عملتلك إيه عشان تعملي فيها كل دة؟ عملتلك إيه يازبالة ، هقتلك يا نـورا والله العظيم لقتلك
تفاجئ بمن يخنقه من الخلف ولم يكُ سوى سـالم الذي هتف بأمر: شعـيب إبعد
رفض الأخير بشراسة وحاول صفعها من جديد ولكن ذراع سـالم ضغط بقوة أكبر على عنقه فأستسلم لوالده وابتعد عنها بإشمئزاز واضح
صاح توفيق بصدمة: إيه اللي أنت عملته ده أنت أتجننت؟
أجابه شعـيب بحقد تعجّب له الجميع: دة نقطة في بحر اللي هي تستاهله وفي بحر اللي هعمله فيها
هجم عليه مـازن يلكمه بمعدته صارخاً: لا دة أنت زودتها أوووي
شهقت حنان وتقى بخوف واقترب كل من توفيق و سـالم يحاولان فض الإشتباك بينهم ولكنهم كانوا يتصارعان كالدببة!!!
×××××××××××××
في شقة شعـيب
كانت لتيـن تسمع الصرخات المنبعثة من الخارج وقلبها يرتجف بخوف ، من صراخ شعـيب علمت كم هو غاضب .. غاضب بحق!
همست بتضرع: يا ساتر الطف بيا يارب ، (وأكملت بحيرة)أعمل إيه أطلع أشوف إيه اللي بيحصل ولا أسمع كلامه ومخرجش؟ .. أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
×××××××××××××
في شقة توفيق
أخذت وفـاء تصرخ وتولول وهي تحتضن جسد نـورا المشوّه بضربات عنيفة، كانت تسب شعـيب وتدعو عليه من كل قلبها وهي ترى فلذة كبدها مضرّجة بدمائها لم يكُ المشهد هيّن عليها على الأطلاق ، فبعد حادثة عمـاد تضاعف رعبها على أولادها أكثر من ذي قبل والآن يأتي شعـيب ويعتدي على نـورا ومازن؟ ألم يكتفِ بما سببه لعماد؟ ألم يكتفِ بحرقة قلبها على بكرها فيأتي ليدمر باقي أبنائها؟
انتفضت من جوار نـورا واقتربت من شعـيب تضرب صدره بقوّة كي يبتعد عن مـازن وهتفت بنواح: أبعد عن عيالي تك كسر إيدك أنت أيه؟ جبروت مش عامل حساب لحد؟ ولا لأبوك ولا عمك ولا حتى لحرمة البيت؟ بقولك أبعد عن ابني
ترك شعـيب مـازن ورمقها بفروغ صبر قائلاً: والله بدل ما حضرتك يا مرات عمي جاية تديني محاضرة في الأخلاق كان أولى تربي عيالك بما يرضي الله
رفعت وفـاء كفها وكادت أن تصفعه ولكن قبضت على رسغها حنـان التي هتفت بشراسة: كسر إيدك أنتِ هتضربي ابني؟
هتفت وفـاء بالمقابل: وهو أبنك مش طايح في ولادي ولا أكنّ ليهم أهل؟ ولا هو حلو ليه ووحش لينا؟
وكالعادة ظهور الجد مهران يخرس الألسنة ويفضّ النزاعات
هتف مهران بصلابة: يا خيبة أملي فيكوا لا كناين عاقلين ولا أحفاد عاملين إحترام للكبير
شعـيب بهدوء مصطنع: ياجدي أنا
قاطعة الجد بغضب: بلا جدي بلا زفت أنت عملت حساب لجدك ولا حتى لعمك وحرمة بيته بتتهجم عليهم ولا البلطجي؟ ملكش كبير ترجعله؟
هتف شعـيب بفروغ صبر: ياجدي الله يخليك ياجدي أنت مش عارف الزبالة دي عملت إيه
صاح توفيق بحدة: لحد هنا وكفاية أووي يا ابن أخويا وأطلع برة بيتي من غير مطرود
رمقه شعـيب دون تعبير قبل أن ينظر لجده قائلاً: عن إذنك ياجدي هروح شقتي ووقت ما تحب تعرف أي حاجة مكالمة تليفون وهكون عندك
ثم انسحب بخيلاء وتبعته حنان وهي ترمق وفـاء بغيظ ، وتقى ونظراتها معلّقة بزوج المستقبل!!!
بعد خروج شعـيب هتف الجد بصلابة: عملتي إيه يابنت توفيق وصله لكدة؟
هتف توفيق بإنفعال: بقى يا حاج دة سؤال؟ أنت مش شايف حالتها عاملة إزاي؟ مهما عملت مين إداله الحق يعمل فيها كدة؟
أجابه مهران بحدة: أنا وجهتلك كلام؟ (هزّ توفيق رأسه بالنفي فهدر مهران بغضب) ولا هتطردني أنا كمان من بيتك ياتوفيق؟
_ياحاج أنا
_خلاصة الكلام أنت ومازن تبقوا في شقتي وأنت يا سـالم بلّغ ابنك وانزلولي تحت
أومأ سـالم موافقاً فانسحب الجد بخطوات غاضبة يتمتم بكلمات لم تكُ واضحة لهم
×××××××××××××
لم يتوجه شعـيب لشقته بل صعد للأعلى باتجاه شقة عمـاد ، كان يصعد كل درجتان معاً وهو يلهث بإنفعال ، عروقه بارزة وكأنها على وشك الإنفجار أما عضلات صدره فقد تضخمّت فبدى أكثر قوة وشراسة
وصل أخيراً للطابق المقصود وتفاجئ باب الشقة المفتوح على مصراعيه وكأنّه يرحب به وبخطوات غاضبة كصاحبها دلف شعـيب للشقة ومنها لغرفة عمـاد أما الأخير فلم يتفاجئ بوجود شعـيب بل رمقه بهدوء وهتف بهدوء أشد: عايز تسأل عن أيه؟
ابتسم شعـيب بقسوة قائلًا: عرفت أن الـ××× أختك هي سبب الصور المفبركة
أومأ عمـاد موافقاً: عرفت من قبل الحادثة اللي حصلت لي
_دي إذا كانت حادثة فعلاً مش نـورا اللي وقعتك
رمقه الأخير بصدمة فهتف شعـيب بسخرية لاذعة: ما تتصدمش أوي كدة أنا عارف إنها اللي وقعتك من على السلم زي ما أنا برضو عارف إنها اللي بلغت عني دة غير طبعاً عملتها الزبالة وعقلها القذر اللي خلاها تعمل صور زي دي لمراتي ، السؤال هنا بقى ليه هي عملت كل دة؟ ليه الحقد والسواد دة؟ أنت أكيد الوحيد اللي عارف هي بتعمل كدة ليه ماهو أنتوا من عينة واحدة عينة ××××
_عشان عوزاك
هكذا بكل بساطة قالها عمـاد بساطة كادت أن تصيب شعـيب برغبة في قتلهما معاً ولكنه تماسك وهدر بإنفعال: يعني إيه عايزاني؟ أفهم إيه من الكلمة دي
_أفهم أنها مستعدة تضحي بأي حد وتعمل أي حاجة عشان توصلك ، دي ضحت بأخوها عشان خافت بس لا أكشفها ليك! تخيّل ممكن تعمل أيه في لتيـن أو حتى
قاطعه شعـيب وهو يقبض على تلابيبه هادرا بغيرة حارقة: إسمها متقولوش ولا حتى بينك وبين نفسك سامع
هز عمـاد رأسه دون إعتراض ليس خوفاً إنما رغبة بالخلاص والتكفير ولو عن جزء بسيط من ذنوبه
_خاف على أهل بيتك يا شعـيب ، خاف ومتخليش غرورك يصورلك إنك مسيطر على كل حاجة ، خاف علشان نـورا إنسانة .. (صمت لثواني ثم أكمل) أسف هي مش إنسانة هي واحدة مُختلة مستعدة تعمل أي حاجة عشان توصل للي هي عايزاه
ورغم عنه شعر بالخوف ، لم يكُ خوفاً على نفسه بل على أسرته وعائلته الصغيرة ولكنّه لم يظهر أي شيء على ملامحه وسأله بوجوم: أختك عملت إيه تاني عشان توصلي؟
نظرة الألم الممزوجة بالذعر بعين عمـاد أصابت شعـيب بالقلق ترى ما فعلت تلك الحقيرة؟!!!..
×××××××××××
بعد إنسحاب الجميع عدا وفـاء من شقة والديها أسرعت نـورا بالإحتماء داخل غرفتها وتجاهلت تماما نداء والدتها المتكرر وأسرعت بإخراج حقيقة متوسطة الحجم تضع بها كل ما هو هام وغالي كمجوهراتها وجميع الحُلي الخاصة بها وبطاقتها الشخصية وجواز السفر وجميع البطاقات البنكية
وانتظرت اللحظة المناسبة للهروب ، نعم الهروب هو النجاة الوحيدة لها ، فبقائها توقيع رسمي لنهايتها.. ستهرب ولن تعود فالله وحده من يعلم ما الذي اكتشفه شعـيب حتى يثور وكاد أن يقتلها!!..
××××××××××××
تجمّع الجميع في شقة مهران عدا النساء والأطفال
هتف الجد بصرامة: إتعدّيت بالضرب على بنت عمك ليه ياشعيب
أجابه بصلابة: عشان تستاهل ياجدي عشان واحدة زبالة خسارة فيها اسمك واسم عمي
كاد مـازن أن ينفعل ولكن نظرات والده جعلته يتراجع مكبوتاً
_من غير مقدمات نـورا عملت إيه
تنفس شعـيب بعمق عدة مرات قبل أن يجيب الجد من بين أسنانه: فبركت صور لمراتي .. للتين مش مرة واحدة دول مرتين ، مرة لما كانت .. لما في جوازتها الأولى والمرة التانية وهي على ذمتي دة غير أنها زقت عمـاد وقعته من على السلم وشلّته وبلّغت عني الحكومة عشان تشيلّني الليلة
صرخ توفيق بإنفعال: كدب بنتي مستحيل تعمل كدة
أجابه شعـيب بإنفعال أكبر: لا عملت وعملت أقذر من كدة كمان عندك ابنك عماد إسأله ، إسأله عن بلاويها يمكن يقولك اللي رفض يقولهولي وأنا مش بتهمها من غير دليل أنا عندي بدل الدليل أتنين وتلاتة
أسرع شعـيب بعرض لقطات تم تصويرها يوم حادث عمـاد. وأمام نظرات الجميع المترقبة ظهرت نـورا وهي تتشاجر مع عمـاد شجار عنيف أدى للإشتباك بالأيدي ثم دفعه نـورا لعماد فسقط بقوّة من أعلى الدرج ، ولم يكتفِ بهذا بل عرض عليهم إعتراف فتى الدراجة الهوائية بأنها من طلبت منه عمل صور بأوضاع مخلّة بالآداب للمدعوة لتيـن حسان نورالدين
انتهى شعـيب من عرض الأدلّة التي تدين نـورا فـران صمت مقيت على الجميع كان الجميع في حالة ذهول أقرب للإستنكار!!...
أخفض توفيق رأسه بخجل.. خجل أب فشل في تربية ابنته فشل ضربة في صميم قلبه فأدماه ، تمنى أن تنشّق الأرض وتبتلعه ، أبداً لم يتخيّل أن يوضع في موقف كهذا!! لماذا يعيش لحظة كهذه وهو في هذا العمر؟ بالبداية انحنت رأسه بسبب عماد والآن ستدفن رأسه في التراب بسبب نـورا!!! أي حياة تلك التي يحياها؟ أي ابتلاء هذا؟
_يارب همسها بصوت لم يغادر شفتاه قبل أن يضع يده على موضع قلبه يضغط عليه في محاولة بائسة لتخفيف الألم ولكن كان الألم أقوى وأعنف على قلبه الضعيف فغامت الدنيا وثقلت جفونه وسقط فاقداً الوعي!!
اقترب مـازن بفزع من أبيه يهتف بعذاب: بابا يا حاج؟ ماية بسرعة
بعد محاولات بسيطة عاد توفيق من غيمته السوداء وتطلع حوله بتيه قبل أن يرمق شعـيب بعينين ألتمعت بهما الدموع قائلًا بتحشرج: أنا آسف يا ابني ، أنا اللي معرفتش أربي
لثم شعـيب يداه بأحترام قائلًا: أنا ومازن تربيتك ياعمي بس هتعمل أيه النفس أماره بالسوء
أومأ توفيق قائلاً: لله الأمر من قبل ومن بعد .. اللي تشوفه أعمله من النهاردة لا هي بنتي ولا أعرفها ، لا هي بنتي ولا أعرفها
××××××××××××
انتبهت وفـاء لبكاء مالك المستمر فأسرعت بإتجاهه غرفته وابتعدت عن غرفة نـورا التي استغلّت إبتعاد والدتها وخرجت من غرفتها تحمل حقيبتها واندفعت خارج الشقة بل خارج البرج بأكمله رحلت وتركت فلذة كبدها رحلت وتركت خطاياها ، ولكن هل تتركها ذنوبها؟ هل تستطيع الهرب منها؟ لا فـوالله كما تدين تدان!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close