رواية تعويذة عشق الفصل التاسع عشر19 بقلم رحمة سيد
الفصل التـاسـع عشر ( كـابوس ) :-
ما مـر كابـوس !!!
لا بل أسوء من الكابـوس.. على الأقل الكابـوس يحمل نوعًا ما من الأرتيـاح وسط أمطار العذاب.. ولكن ذاك لا يعـرف معنًا للراحـة او ما شابه ذلك...!
كان ينتظـر الطبيب امام الغرفة التي تقطن بها "حنين"
معشوقته التي كادت تذهب هباءًا، والأخطر أنه السبب الرئيسي !!!!
واخيرًا خرج الطبيب بهدوء ليسارع حمزة بسؤاله بلهفة واضحة :
-طمني يا دكتور، مراتي مالها ؟
هـز رأسه نافيًا بابتسامة :
-متقلقش يا استاذ، هي بخير.. بس في شوية إصابات خارجية والحمدلله الخبطة مش خطيرة اوي هي ايدها بس اتكسـرت ورجليها اليمين فيها جـزع وفي شرخ بسيط في دماغها لكن مع الوقت هتخف وهتبقى تمام ان شاء الله
تنهـد حمزة بقوة مغمضًا العينين، وكأن جبلاً ثقيلاً قرر العفوا عنه فترامى لجهة اخرى..
جهة السماح او عدمه !!!
ربت حمزة على كتفه الطبيب مغمغمًا :
-شكرا اوي يا دكتور، اقدر ادخلها دلوقتي ؟
اومأ موافقًا بتأكيد :
-اه هي زمانها اتنقلت الاوضة اتفضل
ابتسم حمزة بخفوت ثم غادر مسرعًا نحو الغرفة التي اشار عليها الطبيب...
كان أمام الغرفة فابتلـع ريقه بصعوبة ثم دلف اخيرا ليجدها متسطحة على الفراش وتنظر لجهة الشرفـة..
تنحنح بخفوت ثم همس :
-حنين !
لم تـرد ولم تلتفت له حتى، وإنما ظلت على نفس وضعيتها وكأنها تناجي الفـراغ.. !!!
جلس حمزة على الكرسي الذي يجاور الفراش ثم امسك يدها الموضوعة على الفراش ليجدها تنتفض ساحبة يدها بقوة، وشرارات غاضبة وحارقة ترسلها له من بين شرود غابات عينيها الزيتونية، لتجده يغمغم بعدها بحزن :
-أنا أسف يا حنيني.. صدقيني كل اللي حصل مكنش بقصدي
لم تـرد عليه ايضًا.. وإنما كانت ملفوفة بلفحة الصدمة الساكنة،!
حتى تابـع هو قبل أن يقترب منها :
-طب ردي عليا.. ماتفضليش ساكتة كدة
أمسـك بوجههـا بين يديـه ليهمس بإلحـاح صادق :
-حبيبتي ردي عليا، طب زعقي عيطي اعملي أي حاجة..!!
لم تجيب أيضًا، وإنمـا إتخـذ النفور مجراه على ملامحها التي كانت تنبض بالعشق قبل قليل فقط...
ليسـرع متابعًا بحنق من نفسه :
-على فكرة اللي إنتِ شوفتيهـا دي مش أكتر من صديقة قديمة كانت عزيزة عليا، لكن اتلخمت لما شوفتها وكانت بتعيـط ومنهارة كدة... وخصوصا لما.. آآ لما الحيوان دا مد ايده عليها !
اقترب فجأة يطوقها بذراعيـه ويدفـن وجهه عند رقبتها وكأنـه يخفي عيناه عن سطـوة عيناها الحادة !!!
أبعدته عنها بعنـف فتأوهـت صارخة من الألم الذي كان بذراعها اثر دفعها له بعشوائية :
-ااااه ايـدي
إنتفـض بلهفـة يتفحص يداهـا بتوتر متساءلاً :
-مالك.. حصلها حاجة تاني
أبعدتـه عنها متأففة بضيق بدأ يتسرب للواقـع المحسـوس...
ليدير وجهها له وهو يرجوهـا متأسفًا :
-حنين.. كلميني ارجوكِ، عايز أسمع صوتك، بلاش تعامليني بالطريقة دي
نظـرت له باشمئزاز.. لو كانت مخالب النظرة تملك إمكانيـة النطق لكانت الحروف اللاعنة أصابته بالصمم !!!
فسألها بيأس ساكن :
-طب إنتِ عايزة أية يا حنين عشان تنسي
صمتت دقائـق معدودة... ثم نطقت اخيرًا بصوت يحمل صلابة الجبال في تحملها القسوة وسط النهار :
-طلقنـي.. رجعني القاهرة وطلقني، أنا لا يمكن أعيش معاك لحظة واحدة تاني !!
إنتفـض كالملسـوع الذي كاد يُصاب بالنيـران ليهز رأسه نافيًا وهو يقترب منها ويقول برجاء حار :
-لأ.. مستحيل، أي حاجة إلا الطلاق.. أنا مقدرش أعيش من غيرك.. إنتِ حياتي يا حنين
صرخت فيه بجزع :
-وأنت أكتر واحد كذاب شوفته في حياته، ممثل شاطـر وواحد خاين وحقير.. خدتها في حضنك عادي واتخانقت عشانها بردو، وماهانش عليك تخلي عندك دم وتراعي إني واقفة قدامكم.. لا وداخلين تكملوا ف الأوضة، منا سبتلكم الشاليه كله ماقعدتش معاها لية تقضي وقت لطيف، إشبـع بيها !!!!!
راح يهـز رأسه نفيًا، ثم همس بصوت مبحوح :
-صدقيني دا ارتباك لما اترمت فـ حضني فجأة مش أكتر، لكن والله العظيم أنا بحبك إنتِ، لا بعشقك واستحالة اسيبك
كـزت على أسنانـها كاملة بغيظ، ثم هزت رأسها مرددة بغل :
-وأنا بكرهك.. بكرهك يا حمزة ومش طايقة أشوف خلقتك قدامي، أنا بكره الخيانة.. وأنت خاين وبجح كمان !!
وكان هو منكس رأسـه ارضًا، كلماته تمزق خلايـا الحياة داخله !!!!
وهو لا يدري كيف خارت قواه امام شعوذة الماضي من الأسـاس ؟!!
بعد دقيقة دلفت الممرضـة بعدما طرقت البـاب لتسأل حنين بجدية :
-ازيك يا مدام حنين ؟ أحسن دلوقتي !؟
اومأت حنين بصمت ثم همست بصوت يكاد يسمع :
-الحمدلله
اومأت الاخرى بابتسامة، لتنزع عنها المحلول وهي تخبرها :
-طب تمام.. يلا بقا عشان تلبسي هدومك عشان ترجعوا القاهرة زي ما جوزك عايز
اومأت موافقة بصمت، لتسألها الممرضة بخفوت :
-محتاجة مساعدة فـ أي حاجة ؟
هنا تدخل حمزة يجيبها بخشونة :
-شكرا تعبناكِ معانا، أنا هساعدها
اومأت موافقة ثم تنحنحت لتغادر بحرج.. فنظـر حمـزة لحنين التي هتفت بحنق :
-أطلع بره !
هـز رأسـه نافيًا ثم أقتـرب منهـا ليمد يده ينوي خلـع ملابس المستشفى عنها، إلا أنها صرخت فيه مسرعة :
-قولتلك أطلع بره مش محتاجة مساعدتك
زفـر بضيق يائـس ثم استدار ليغادر متمهلاً في سيـره علها تُعدل منحنى حياتهم سويًا بندائهـا... !!
ولكن فشل أمله عندما أغلق الباب ولم تنطق هي ببث كلمة، كان يقف أمام الباب مباشرة..
وبالفعل بعد دقائق سمع تأوهاتهـا المتألمة فلم يتردد وهو يفتح الباب ليدلف ويغلقه خلفه بالمفتـاح...
اقترب منها ليجدها بملابسهـا الداخلية تحاول إرتداء ملابسها التي جلبها لها ولكن قدمها وذراعها لم يكونا خير عون لها فبدأت تبكي بشكل طفولي !!!
مد يده لينـزع عنها قميص المستشفى نهائيًا، وتباطئت يده تلقائيًا على ملمس جسدهـا الناعم...
لم يشعـر بنفسـه سوى وهو يقترب أكثر لتجول شفتـاه على رقبتها هامسًا بصوت يكاد يسمع :
-أنا أسف.. بجد أسف.. سامحيني يا حبيبتي !
أبتعدت مسرعة وهي تتنفس بشكل ملحـوظ.. لم تكن لمسته عليها قليلة الحيـلة.. بل كانت كعامل خائن لها يكمن بين احشائها المظلمة !!!!
حاولت النهوض ولكن صرخت متأوهه من ألم قدمهـا التي تشنجت، وكادت تسقط ولكنه كان الأسـرع ليلتقطها مسرعًا بين ذراعيه.. أحاط خصرها بتملك وعينـاه تغوص بين شـوارع عيناهـا المفترسـة...
كانت نظراتها الحادة تقابـل رجاء عينيه المائـل لليأس!!
وإصبعه يسير بحركة دائرية على وجنتها المرمريـة، نهضت ببطئ تتكئ على قدمها محاولة كتمان تأوهاتهـا..
لتدفعـه بقوة جالسـة على الفراش بهمدان.. ثم سرعان ما كانت تبكـي بقوة وهي تردد في حسرة :
-مش قادرة أقف على رجلي.. حسبي الله، أنت السبب.. مش مسامحاك يا حمزة !
كم شعـر بسكاكين تُغرز في منتصف قلبـه لتُعيق تلك النبضـات التي تهفو بأسمهـا !!!!
هبـط لمستوى قدمهـا.. ليتحسسها ببطئ يدلكها لها ثم همس :
-أنا أسف أوي.. بس الدكتور قال إنها بسيطة الحمدلله.. أسف يا حنيني
كادت تبتعد ولكن هذه المرة لم يعطيها الفرصـة ليحيطها بيداه ويجبرها على إرتداء ملابسها بسرعة ثم يحملها فجأةً بين ذراعيـه..
ظلت تنتفض وهي تهز قدماها عله يتركهـا، ولكن لم يأبه لها...
خدشـت عنقه بأظافرهـا وهي تهمس بغل :
-سيبني بقا يا بني ادم مش طايقة قربك دا
كان يسيـر دون أن يأبـه لها وكأنها شفافـة متحاملاً على ألمه، وصل بها إلى السيارة فوضعهـا داخلها برفـق ليغلق الباب بحزم ثم عاد ليجلب حقائبها من الداخـل...
وبعد قليل أتى حاملاً حقائبهـا، وهي عاقدة ذراعها السليم على الاخـر...
عاد يركب السيارة لجوارهـا، مال ناحيتها قليلاً ليجدها تعود للخلف مسرعة
عاد مكانه مرة اخرى متأففًا بحنق :
-متقلقيش يا حنين.. مش هاجي جمبك !!!
....................................
وصـلا إلى المنـزل بعد قليل...
ترجـلت حنين من السيـارة تعرج على قدمها السليمة مستندة على ما يجوارهـا، ترفض مساعدات حمزة الذي ظهر الضيق جليًا على وجهه !!
أسرع حمزة نحو الباب ليفتح حتى لا يجعلها تقف منتظرة وما إن دلفا حتى وجدا تلك الفتاة تقف أمامهم ويبدو أنها كانت تفعل شيئ ما وتوقفت فجأة...
تجمدت أعينهم تتابعها بصدمة من هيئتها تلك !!!!
ترتدي قميص حمزة الأبيض الذي يصل الي فخذيها ومفتوح من الأعلى يظهر بعض مفاتنهـا..
أسرعت حنين تقترب منها وهي تسألها بحدة :
-أية اللي إنتِ لابساه دا ؟؟
نظرت لهيئتها ثم عادت تنظر لحنين وهي تجيب بتوتر :
-دا آآ دا قميص حمزة لإن ملقتش غيره وهدومي مبلولة !!
اقتربت حنين منها ببطئ، وكانت نظراتها لا تنذر بالخير ابدًا
فبدأت تصرخ بوجهها منفعلة :
-إنتِ متخلفة.. ولا مش محترمة ولا مجنونة ولا أية نظامك، مين سمحلك تفتشي في الحاجة، وازاي تقعدي بالمنظر دا قدام راجل غريب.. خلاص مابقاش في حياء ؟!!!
بدأت الدمـوع تتكـور داخل عيناها الزرقـاء، وإنكمشت على نفسها.. ولكنها قالت بهدوء :
-عادي يعني.. مفيهاش حاجة يا أنسة إنتِ عامله حوار على حاجة تافهه على فكرة !!
كانت حنين تنظر لها مصدومة من تلك الجرأة..
لتكمل الاخرى رافعة رأسها تنفي ذلك الخطأ عن محور ثباتهـا :
-الموضوع مش مستاهل لان دا لبسي الطبيعي
لم يكن من حنين إلا أن صفعتهـا بقـوة، وكأن تلك الصفعـة كانت كرد إعتبـار للرماد الذي حاوط كيانهـا... !
بينما بدأت الفتاة تبكي شاهقة بعنف وهي تسقط على الأرضيـة تحيط وجهها بيديهـا.. !!!
تحـرك حمزة منصدمًا ليسألها بذهول :
-أية اللي إنتِ عملتيه دا يا حنين ؟؟!
أندفعت تهتف بحقد :
-عملت الصح! دي بت مش متربية و ***
ولا تتساءل كيف سقطت الصفعة على وجه حنين من حمزة بعنف.. تمامًا كتلك الصفعة ولكنها تفرق إغارة الألم تبعًا لصاحبه !!!!!
سقطت على الأرض اذ لم تستطع الوقوف على قدمها أكثر.. ويدها تخفي خدها وهي تحدق به وكأنها تستوعب...
والعقل يصرخ شامتًا
" ألم تتوقعي أكثر رغم ما فعله منذ قليل "
ولكن يبقى هناك قلبًا أحمق.. مخدوع ومستنكر.. ماحي كل قرارات العقل !!!!
ولكن ماذا إن توقف من الأسـاس فلم يعد يوجد سوى العقل ؟؟!
حاولت حنين النهوض، ولكنها لم تستطع النهوض وحدها.. يداها مكسورة وقدمها كذلك...
هبطت الدموع رغمًا عنها بصمت مكسور، ليقترب منها حمزة ببطئ وكأنه مصدومًا من تصرفاته العجيبة .. يود مساعدتها، ولكنها صرخت فيه بصوت اختلط به البكاء رغمًا عنها :
-ابعد عني.. ملكش دعوة بيا غور للسنيورة بتاعتك، سبني في حالي مش عايزة حاجة منك !
عض على شفتـاه ندمًا وهو يغمغم..
-حنين آآ.. حنين أسمعيني
فأجبرت حنين نفسها على النهوض صارخة من ألم قدمها التي كادت تكسر فعليًا
لتنظر له قبل أن تغادر مرددة بجمود باكي :
-الدايرة مابقتش تسعنا سوا يا حمزة، طلقني بالزوق لإما هغور من هنا وهرفع قضية خلع..!!!!
*******
يتحـسس هو جسدهـا بشهوة وهي متسطحة أمامه فاقدة الوعي، عينـاه تغرق رغبة في منحنيات جسدها الضعيف...
وصوت لهاثه يغطي على السكون الذي يحيطهمـا !!!
مد يده يفتح أزرار بلوزتها بسرعة، وقد بدأت يتصبب عرقًا من مجرد تخيلها وهي بين أحضانه ساكنة هكذا... !
نزع عنها البلوزة لتبقى بملابسها الداخليـة وتيشرت قصير جدا..
فنهض هو الاخر لينـزع التيشرت الخاص به وبنطاله أسرع ما يمكن وعيناه تخترق جسدها المكشوف...
واخيرًا بدأت تتململ في نومتهـا تهمس بحروف متقطعة :
-أ.. آآ أسـر !!!
تجمد هو فجأة ليقتـرب منها، مد يده يفك خصلاتهـا الناعمـة.. ثم مال عليها ليغطيها وهو يشـم رائحة شعرها الفواحـة...
إنتفضت هي بعد دقائق وكأنها أدركت الموقف..
عفواً بل أدركت المصيدة التي تحفظها عن ظهر قلب !!
المعاناة التي تشق حياتهـا للجحيم وما شبه الحياة... !!!
ظلت تهز رأسها نافية بسرعة في محاولة لتغطية جسدها العاري وهي تردد :
-لا.. مش تاني يا خالد حرام عليك
جذبها من خصلاتهـا بقوة ليعلو صوت صراخهـا، ثم ملس على خدها وهو يطالعها بنظراته الشهوانية، ويهمس لها بحرارة :
-هو إنتِ معرفتيش.. مهو مكنش في أولاني يا لورتي !!!
شهقـت هي مصدومـة.. إرتجف جسدها بقوة من هول ما سمعت، لتجده يتحسس جسدها بجرأة أكثر قائلاً :
-شكلك معرفتيش.. يعني محدش قربلك غيري!!! أنا كنت متأكد، إنتِ ملكي أنا وبس
نفضتـه عنها مسرعة لتهز رأسها نافية وتسأله ببكاء حاد :
-حرام عليك يا خالد، أنت لية بتعمل فيا كدة أنا عملتلك أية ولا أذيتك فـ أية ؟
جذبهـا من قدمهـا فجأة لتسقط على الأرضيـة صارخـة صرخة مذبوحة شُققت ألالاف المرات صدمةً داخلها...
ليفتح بنطاله ثم يخلعه سريعًا، وصوته كإطراء للعذاب القادم يسقط على أذنيها :
-أنا كنت بتعالج عشانك!! عشانك إنتِ بس عشان تبقي ملكي بجد...
بدأ يُقبـل رقبتها بلهفة مرددًا بصورة هيستيرية :
-أنا بحبك يا لارا، بحبك أوي أكتر من أي حد ومن كل الناس
حاولت التملص من بين يديه وهي تصرخ :
-لالالالالا أنت مررريض
ولكنه كان الأقوى.. والأعنف !!!
رفع يده ليمزق ذلك التيشرت الصغير، ليظهر جسدها بوضوح أمامه وعيناه تنهش فيها بلا رحمة...
بينما هي عذابها يُضاعف كلما تذكرت ما في احشاؤوها،!!
ذاك الذي كُتب له الموت قبل أن تدون له الحياة..
ظل يقبل الجزء الذي ظهر منها.. ويزداد رغبة ويمزق باقي التيشرت أسرع، وشفتاه تتلهف لتذوقهـا بشدة !!!
أستطاعت أبعاد شفتاه عن جسدها قليلاً وهي تهمس متوسلة بضعف :
-سبني بقااااا والنبي
ولكنه لم يكن لينتبه لها او لتوسلاتهـا الواهنـة !!
بل كان كذئبًا متلهف لأفتراس فريسته فقط!!!!!!
فريسته التي انتظر الكثير من أجلها.. من أجل امتلاكها فقط... !!
********
كانت "سيلين" تقف في المطبـخ تحادث والدتها على هاتفهـا بصوت منخفض خشية سماع اي شخص لها :
-هو أية اللي ازاي يا ماما ؟!!! هقعد معاهم زي بقيت خلق الله
-تقعدي معاهم زي الخدامة يا سيلين ؟؟ هي دي اخرتها تبقي خدامة في بيت جوزك، لية اتجننتي !!!
-مهو.. آآ هو سألني فجأة وانا خوفت يعرف الحقيقة فمعرفش أية اللي خلاني أقوله كدة
-تعالي يا سيلين، امشي من غير مايعرف
-كدة هيشك يا امي، ارجوكي سبيني انا كلها يومين بس اطمن عليه وهرجع على طول
-وازاي اصلاً حمزة سابك تعملي الجنان دا
-حمزة كان ناقص ابوس رجله عشان يوافق، واخرة مازهق سابني وراح شاف صاحبه ومشي
-لا لا مستحيل اسيبك.. انا بنتي تبقى خدامة على اخر الزمن !!
-ياماما انا مش هبقى خدامة زي ما إنتِ متخيلة، هو فهم إني كنت خدامة مش مازلت، أنا اتفقت مع مسؤلة الخدم اني هشتغل معاهم على خفيف
-وهي وافقت؟؟
-محدش هنا يعرف إني مراته يا امي، انت ناسية ان جوازنا كان سُكيتي وقعدنا في شقة منعزلة !!
-مش هتستحملي يا حبيبتي، انا خايفة عليكِ
-اديني يومين اتنين وهتلاقيني نطيت لك تاني
-يومين يا سيلين
-اوعدك.. ومش هعمل اي حاجة، انا هبقى بالاسم شغالة معاهم، بس هبقى جمبه مش اكتر
-اوووف من دماغك، اما نشوف اخرتها، وعشان تبقي عارفه انا هاجي زيارة وهشوف الوضع
-ماشي يا حبيبتي.. يلا سلام إنتِ بقا عشان محدش يشك فيا
-طب كلميني كل شوية
-حاضر
-سلام يا اخرة صبري
-سلام يا ست الكل
أغلقت الهاتف ثم تنهدت أكثر من مرة وهي تتذكر أخر لقاء لها مع والد مُهاب.. اليوم الذي اخبرها فيه ان مهاب يعاني من ماضي مأسوي !!
ورجاها ألا تقسو هي الاخرى مساندة الزمن... !
وتقريبا إقناعه لها ما جعلها تحاول البدأ معه من جديد ليس أكثر !!!
ولكن الان.. وفي وجود منافس... هي الاحق والاولى !!
خرجت من المطبخ تنظر يمينًا ويسارًا وكادت تسير ولكن فجأة اصطدمت بصدر صلب، رفعت عيناها له لتقابـل حشو عينـاه السالب الإرادة..
توقعت صراخه بها كعادته في الماضي، ولكنه على عكس توقعاتها قال بهدوء :
-مش تاخدي بالك يا... آآ
ثم سألها مستفسرًا ؛
-إلا بالحق إنتِ أسمك أية ؟؟
ابتلعت ريقها بتوتر ثم همست خافضة رأسها ارضًا :
-سـ سيلين !
"سيلين... سيلين.. سيلين... " !
ترددت الكلمة بعقله أكثر من مرة، ولا يدري لمَ شعـر بصداها داخله ؟؟!!!!
الأسئلة تكثر بين جحور حياته والوضع يزداد سوءًا !!
أنتبه اخيرًا لها ليهتف بابتسامة مصطنعة :
-اممم... اسمك جميل يا سيلين
سـار متجهًا نحو الخارج وهو يقول لها بصوت رجولي ناعم :
-تعالي يا سيلين ندردش شوية ولا نلعب.. أنا زهقت من قعدة الاوضة وفريدة وخالتي ناموا
وكأنها تذكرت تلك المنافسة فقالت مندفعة :
-موافقة اكيد، بس هنلعب أية !!؟
نظـر لها بطـرف عينـاه مغمغمًا بخبث :
-هنلعب أية يعني.. عريس وعروسة !! أكيد لا
توتـرت وقد زحفت الحمرة لوجهها احراجًا، لتجده يضحك مرددًا في حنو :
-بهزر معاكي يا نونو، إنتِ بتحبي تلعبي أية بما إن اللعب مناسب لسنك إنتِ اكتر ؟؟
تخصرت وهي تردف بحنق طفولي :
-على فكرة أنا مش طفلة!!
منـع نفسه من الضحك بصعوبة مؤكدًا :
-أيوة طبعا هو حد قال غير كدة، بس أنا كمان عايز ألعب.. أنا زهقان
اومأت وهي تحك طرف رأسها دلالة على التفكيـر.. ثم هتفت فجأة بحماس :
-ايوة لاقتها.. هنلعب استغماية
صمت دقيقـة.. ثم سحبها من يدها فجأة وهو يسير بخطى أسرع :
-اشطا جداً، يلا بقى
وقفا في حديقة المنزل سويًا، لتفك سيلين "الطرحة" التي تلف عنقها، وتربطها على عيناها وهي تؤكد عليه :
-مرة ليك ومرة عليك، أنا مش كل مرة هه !
اومأ موافقًا بابتسامة خفيفة ثم بدأ يبتعد عنها تدريجيًا :
-اكيد... يلا انطلقي
بدأت هي الاخرى تسير ببطئ حتى كادت تمسك به فركض وركضت هي الاخرى خلفه...
ظلوا هكذا يركضون حول بعضهما وصوت ضحكهم يعلو معانقًا السماء.. !
وكأن ذلك ما هو إلا دليل لــ سيلين يؤكد لها أن العائق الوحيد لم يكن سوى ماضي مُهاب.. ماضيه الذي يعيق فطرته ليس أكثر !!!
وأثناء اللعب إلتوت قدم سيلين فجأة وكادت تسقط وعيناها مغطاه بالطرحة، فأسرع مُهاب يقترب منها يلحق بها حتى أحاطها فتشبثت هي بأحضانـه حتى لا تقـع...
نزعت "الطرحة" عن عيناها بسرعة لتقابل عيناه التي كانت تتابعها بصمت مُوتر للموقف... !!!!
كان يحيط خصرها بتلقائيـة وهما ملتصقان بطبيعة الموقف..
شيئ ما مجنون دفـع سيلين للأقتـراب من شفتاه ببطئ.. وكأنها اشتاقت له حقًا ؟!!
أغمضت عيناها وهي تقف على أطراف أصابـعه لتصبح في طوله..
واخيرًا لامست شفتـاه برقـة متناهية، وهو لا يدري أي مشاعر ساخنة تلك التي كادت تحرق احشاؤوه...
كاد يتجاوب معها، يقبلها برقة ملتهمًا شفتاها بنهـم صادم لكلاهمـا في ظروف كتلك.. !
وهي التي كانت هذه المرة تطلب المزيد، لا تبتعد ككل مرة بل كانت ملتصقة به تحيط عنقه بذراعيهـا...
ابتعدا سنتيمتر واحد يلتقطا انفاسهم اللاهثـة العاليـة، وفجأة ومن دون مقدمات إندفعا كلاهمـا يقتربا مرة اخرى يشكلا ملحمة شاعريـة..
والقبلة تزداد قوة ونهمًا.. يتأكل شفتاها برغبة مجهولة ،!!
وبعد دقائق سمعوا صوت "فريدة" تنادي من بعيد :
-مُهااااب
ابتعدا قليلاً ولكن لم يلحقا الابتعاد كل البُعد المطلوب..
فثارت فريدة تصرخ في سيلين مرددة بغيظ :
-إنتِ بتعملي أية هنا.. امشي غوري شوفي شغلك
كانت سيلين تلتقط أنفاسها بصعوبة، ولكن أحتدت ملامحها وكادت تجيبها ببرود، ولكن وجدتها فجأة تسحبها من ذراعها بقوة ثم تدفعها نحو الداخل مزمجرة :
-امشي يلاااا إنتِ لسة هاتنحي !
نظرت لها سيلين، وكان السباب على حافة لسانها.. ولكن صمـت مُهاب الذي كان ساكن وكأنه يُحاسب نفسه على تلك التطاولات جعلها تتراجـع ببطئ...
وتمنع دموعها من الهبوط بصعوبة وهي تسمع فريدة تتابـع آمرة بحدة :
-اعمليلنا اتنين قهوة يابت إنتِ يلا..!!!
*******
لم تخـرج حنين من غرفتهـا منذ أن دلفتها، تشتاق لوالدتها وبشدة خاصةً في تلك اللحظات !!
تلك اللحظات التي تُشعرك وكأنك وسط غابة اختفت اشجارها التي كانت تفصلك عن تلك الشراسة المختبئة... !!!!
كانت تبكي بعنف.. لا تدري تبكي من ألم جسدها ام من ألم روحها التي تنزف حد اقتراب الموت ؟!!
جهـزت حقيبتهـا التي لم تفتحها من الأسـاس، ثم خرجت اخيرًا لتجد حمزة ينهض من جوار تلك باتجاههـا..
حاولت المرور من جواره لتجده يمسك يدها متساءلاً بجدية :
-إنتِ مفكرة إني هسيبك تمشي بجد ؟؟!!
أبعدت يدها عنه ثم قالت بصوت خفيض وحاد في آنٍ واحد :
-أنا مش قادرة أقف على رجلي، سبني امشي احسن والا قسما بالله هصرخ واقول خاطفني !!
امسكها من كتفيهـا ليجلسها على الأريكة دون ارادتهـا.. فكانت تصرخ فيه منفعلة :
-قولتلك ملكش دعوة بيا هو أنت مابتفهمش !!!
جز على أسنانـه بغيظ يقول :
-طب ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم
لم تنظر له وردت :
-احنا مابقاش في كلام بيننا تاني خلاص، حتى صلة القرابة هقطعها يا حمزة
هـز رأسه نفيًا ثم قال بصوت تقدمه الندم :
-حنين أنا ...
ولكنها قاطعته وهي تزجه بعنف ليسقط على الأرضية أثر دفعتها المفاجأة..
نهض بغضب حقيقي ينظر لها، بينما الاخرى تتابعهم بصمت وكأنها تشاهد فيلم مثير !!!
وقبل أن يتهور حمزة مرة اخرى كانت حنين تقول بثبات ظاهري رغم خوفها منه :
-استحالة اقعد لحظة طول ما البت دي هنا !!
رفـع حاجبه الأيسـر بغيظ، ليسمع "شروق" تقول بصوت متأثر :
-طب انا هروح فين.. انا لو رجعت له ممكن يقتلني
زمجرت حنين فيها بحدة عالية :
-في جهنهم الحمرا ان شاء الله !!!!!
ثم نظرت لحمزة تسأله بتحدٍ :
-ها يا حمزة ؟؟ شوف هتمشي مين فينا وياريت بسرعة عشان أنا بزهق
صمت حوالي دقيقتـان ثم نهض ساحبًا حنين من يدها السليمة خلفه ببطئ نحو الغرفة، فحاولت حنين التملص من قبضته متأففة :
-سبني يا حمزة، حاول ماتكونش همجي مرة فـ حياتك
دلف معها ثم قال بجدية حازمة :
-لا إنتِ هتمشي، ولا هي هتمشي.. اعقلي واغزي الشيطان
اجابت من دون تردد بصوت عالي وغاضب ؛
-مش لما تغزيه انت الاول، دا انت معندكش دم صحيح
أغمض عينيه يتمالك نفسه من إهانتها المستمرة، واستدار وكاد يسيـر إلا أنهـا لم تجد حلاً اخر!!!
فـ انتبهت للمرآة الصغيرة على الكومود، لتركض نحوهـا وتكسرها سريعًا.. ثم تضعها على عرق يدها مستطردة بصراخ :
-طلقني يا حمزة
اتسعت عيناه بذهول، وسرعان ما حذرها بغضب :
-سيبي اللي في ايدك بطلي جنان يا حنين
ضغطت بها على يدها فبدأ الدم يظهر بالفعل، ارتعد هو من تلك المجنونة ليسرع يقول بلهفة قلقة :
-طب هعملك اللي إنتِ عايزاه بس سبيها الاول
هزت رأسها نافية، تتحامل على نفسها وتضغط بالزجاجة اكثر مع صراخها المنتحب :
-قولتلك طلقني دلوقتي حالاً.. طلقني.. طلقني انا كرهتك
لم يشعر بنفسه سوى وهو يصرخ هو الاخر :
-إنتِ طالق يا حنين !!!!!!!
*******
يتبع
ما مـر كابـوس !!!
لا بل أسوء من الكابـوس.. على الأقل الكابـوس يحمل نوعًا ما من الأرتيـاح وسط أمطار العذاب.. ولكن ذاك لا يعـرف معنًا للراحـة او ما شابه ذلك...!
كان ينتظـر الطبيب امام الغرفة التي تقطن بها "حنين"
معشوقته التي كادت تذهب هباءًا، والأخطر أنه السبب الرئيسي !!!!
واخيرًا خرج الطبيب بهدوء ليسارع حمزة بسؤاله بلهفة واضحة :
-طمني يا دكتور، مراتي مالها ؟
هـز رأسه نافيًا بابتسامة :
-متقلقش يا استاذ، هي بخير.. بس في شوية إصابات خارجية والحمدلله الخبطة مش خطيرة اوي هي ايدها بس اتكسـرت ورجليها اليمين فيها جـزع وفي شرخ بسيط في دماغها لكن مع الوقت هتخف وهتبقى تمام ان شاء الله
تنهـد حمزة بقوة مغمضًا العينين، وكأن جبلاً ثقيلاً قرر العفوا عنه فترامى لجهة اخرى..
جهة السماح او عدمه !!!
ربت حمزة على كتفه الطبيب مغمغمًا :
-شكرا اوي يا دكتور، اقدر ادخلها دلوقتي ؟
اومأ موافقًا بتأكيد :
-اه هي زمانها اتنقلت الاوضة اتفضل
ابتسم حمزة بخفوت ثم غادر مسرعًا نحو الغرفة التي اشار عليها الطبيب...
كان أمام الغرفة فابتلـع ريقه بصعوبة ثم دلف اخيرا ليجدها متسطحة على الفراش وتنظر لجهة الشرفـة..
تنحنح بخفوت ثم همس :
-حنين !
لم تـرد ولم تلتفت له حتى، وإنما ظلت على نفس وضعيتها وكأنها تناجي الفـراغ.. !!!
جلس حمزة على الكرسي الذي يجاور الفراش ثم امسك يدها الموضوعة على الفراش ليجدها تنتفض ساحبة يدها بقوة، وشرارات غاضبة وحارقة ترسلها له من بين شرود غابات عينيها الزيتونية، لتجده يغمغم بعدها بحزن :
-أنا أسف يا حنيني.. صدقيني كل اللي حصل مكنش بقصدي
لم تـرد عليه ايضًا.. وإنما كانت ملفوفة بلفحة الصدمة الساكنة،!
حتى تابـع هو قبل أن يقترب منها :
-طب ردي عليا.. ماتفضليش ساكتة كدة
أمسـك بوجههـا بين يديـه ليهمس بإلحـاح صادق :
-حبيبتي ردي عليا، طب زعقي عيطي اعملي أي حاجة..!!
لم تجيب أيضًا، وإنمـا إتخـذ النفور مجراه على ملامحها التي كانت تنبض بالعشق قبل قليل فقط...
ليسـرع متابعًا بحنق من نفسه :
-على فكرة اللي إنتِ شوفتيهـا دي مش أكتر من صديقة قديمة كانت عزيزة عليا، لكن اتلخمت لما شوفتها وكانت بتعيـط ومنهارة كدة... وخصوصا لما.. آآ لما الحيوان دا مد ايده عليها !
اقترب فجأة يطوقها بذراعيـه ويدفـن وجهه عند رقبتها وكأنـه يخفي عيناه عن سطـوة عيناها الحادة !!!
أبعدته عنها بعنـف فتأوهـت صارخة من الألم الذي كان بذراعها اثر دفعها له بعشوائية :
-ااااه ايـدي
إنتفـض بلهفـة يتفحص يداهـا بتوتر متساءلاً :
-مالك.. حصلها حاجة تاني
أبعدتـه عنها متأففة بضيق بدأ يتسرب للواقـع المحسـوس...
ليدير وجهها له وهو يرجوهـا متأسفًا :
-حنين.. كلميني ارجوكِ، عايز أسمع صوتك، بلاش تعامليني بالطريقة دي
نظـرت له باشمئزاز.. لو كانت مخالب النظرة تملك إمكانيـة النطق لكانت الحروف اللاعنة أصابته بالصمم !!!
فسألها بيأس ساكن :
-طب إنتِ عايزة أية يا حنين عشان تنسي
صمتت دقائـق معدودة... ثم نطقت اخيرًا بصوت يحمل صلابة الجبال في تحملها القسوة وسط النهار :
-طلقنـي.. رجعني القاهرة وطلقني، أنا لا يمكن أعيش معاك لحظة واحدة تاني !!
إنتفـض كالملسـوع الذي كاد يُصاب بالنيـران ليهز رأسه نافيًا وهو يقترب منها ويقول برجاء حار :
-لأ.. مستحيل، أي حاجة إلا الطلاق.. أنا مقدرش أعيش من غيرك.. إنتِ حياتي يا حنين
صرخت فيه بجزع :
-وأنت أكتر واحد كذاب شوفته في حياته، ممثل شاطـر وواحد خاين وحقير.. خدتها في حضنك عادي واتخانقت عشانها بردو، وماهانش عليك تخلي عندك دم وتراعي إني واقفة قدامكم.. لا وداخلين تكملوا ف الأوضة، منا سبتلكم الشاليه كله ماقعدتش معاها لية تقضي وقت لطيف، إشبـع بيها !!!!!
راح يهـز رأسه نفيًا، ثم همس بصوت مبحوح :
-صدقيني دا ارتباك لما اترمت فـ حضني فجأة مش أكتر، لكن والله العظيم أنا بحبك إنتِ، لا بعشقك واستحالة اسيبك
كـزت على أسنانـها كاملة بغيظ، ثم هزت رأسها مرددة بغل :
-وأنا بكرهك.. بكرهك يا حمزة ومش طايقة أشوف خلقتك قدامي، أنا بكره الخيانة.. وأنت خاين وبجح كمان !!
وكان هو منكس رأسـه ارضًا، كلماته تمزق خلايـا الحياة داخله !!!!
وهو لا يدري كيف خارت قواه امام شعوذة الماضي من الأسـاس ؟!!
بعد دقيقة دلفت الممرضـة بعدما طرقت البـاب لتسأل حنين بجدية :
-ازيك يا مدام حنين ؟ أحسن دلوقتي !؟
اومأت حنين بصمت ثم همست بصوت يكاد يسمع :
-الحمدلله
اومأت الاخرى بابتسامة، لتنزع عنها المحلول وهي تخبرها :
-طب تمام.. يلا بقا عشان تلبسي هدومك عشان ترجعوا القاهرة زي ما جوزك عايز
اومأت موافقة بصمت، لتسألها الممرضة بخفوت :
-محتاجة مساعدة فـ أي حاجة ؟
هنا تدخل حمزة يجيبها بخشونة :
-شكرا تعبناكِ معانا، أنا هساعدها
اومأت موافقة ثم تنحنحت لتغادر بحرج.. فنظـر حمـزة لحنين التي هتفت بحنق :
-أطلع بره !
هـز رأسـه نافيًا ثم أقتـرب منهـا ليمد يده ينوي خلـع ملابس المستشفى عنها، إلا أنها صرخت فيه مسرعة :
-قولتلك أطلع بره مش محتاجة مساعدتك
زفـر بضيق يائـس ثم استدار ليغادر متمهلاً في سيـره علها تُعدل منحنى حياتهم سويًا بندائهـا... !!
ولكن فشل أمله عندما أغلق الباب ولم تنطق هي ببث كلمة، كان يقف أمام الباب مباشرة..
وبالفعل بعد دقائق سمع تأوهاتهـا المتألمة فلم يتردد وهو يفتح الباب ليدلف ويغلقه خلفه بالمفتـاح...
اقترب منها ليجدها بملابسهـا الداخلية تحاول إرتداء ملابسها التي جلبها لها ولكن قدمها وذراعها لم يكونا خير عون لها فبدأت تبكي بشكل طفولي !!!
مد يده لينـزع عنها قميص المستشفى نهائيًا، وتباطئت يده تلقائيًا على ملمس جسدهـا الناعم...
لم يشعـر بنفسـه سوى وهو يقترب أكثر لتجول شفتـاه على رقبتها هامسًا بصوت يكاد يسمع :
-أنا أسف.. بجد أسف.. سامحيني يا حبيبتي !
أبتعدت مسرعة وهي تتنفس بشكل ملحـوظ.. لم تكن لمسته عليها قليلة الحيـلة.. بل كانت كعامل خائن لها يكمن بين احشائها المظلمة !!!!
حاولت النهوض ولكن صرخت متأوهه من ألم قدمهـا التي تشنجت، وكادت تسقط ولكنه كان الأسـرع ليلتقطها مسرعًا بين ذراعيه.. أحاط خصرها بتملك وعينـاه تغوص بين شـوارع عيناهـا المفترسـة...
كانت نظراتها الحادة تقابـل رجاء عينيه المائـل لليأس!!
وإصبعه يسير بحركة دائرية على وجنتها المرمريـة، نهضت ببطئ تتكئ على قدمها محاولة كتمان تأوهاتهـا..
لتدفعـه بقوة جالسـة على الفراش بهمدان.. ثم سرعان ما كانت تبكـي بقوة وهي تردد في حسرة :
-مش قادرة أقف على رجلي.. حسبي الله، أنت السبب.. مش مسامحاك يا حمزة !
كم شعـر بسكاكين تُغرز في منتصف قلبـه لتُعيق تلك النبضـات التي تهفو بأسمهـا !!!!
هبـط لمستوى قدمهـا.. ليتحسسها ببطئ يدلكها لها ثم همس :
-أنا أسف أوي.. بس الدكتور قال إنها بسيطة الحمدلله.. أسف يا حنيني
كادت تبتعد ولكن هذه المرة لم يعطيها الفرصـة ليحيطها بيداه ويجبرها على إرتداء ملابسها بسرعة ثم يحملها فجأةً بين ذراعيـه..
ظلت تنتفض وهي تهز قدماها عله يتركهـا، ولكن لم يأبه لها...
خدشـت عنقه بأظافرهـا وهي تهمس بغل :
-سيبني بقا يا بني ادم مش طايقة قربك دا
كان يسيـر دون أن يأبـه لها وكأنها شفافـة متحاملاً على ألمه، وصل بها إلى السيارة فوضعهـا داخلها برفـق ليغلق الباب بحزم ثم عاد ليجلب حقائبها من الداخـل...
وبعد قليل أتى حاملاً حقائبهـا، وهي عاقدة ذراعها السليم على الاخـر...
عاد يركب السيارة لجوارهـا، مال ناحيتها قليلاً ليجدها تعود للخلف مسرعة
عاد مكانه مرة اخرى متأففًا بحنق :
-متقلقيش يا حنين.. مش هاجي جمبك !!!
....................................
وصـلا إلى المنـزل بعد قليل...
ترجـلت حنين من السيـارة تعرج على قدمها السليمة مستندة على ما يجوارهـا، ترفض مساعدات حمزة الذي ظهر الضيق جليًا على وجهه !!
أسرع حمزة نحو الباب ليفتح حتى لا يجعلها تقف منتظرة وما إن دلفا حتى وجدا تلك الفتاة تقف أمامهم ويبدو أنها كانت تفعل شيئ ما وتوقفت فجأة...
تجمدت أعينهم تتابعها بصدمة من هيئتها تلك !!!!
ترتدي قميص حمزة الأبيض الذي يصل الي فخذيها ومفتوح من الأعلى يظهر بعض مفاتنهـا..
أسرعت حنين تقترب منها وهي تسألها بحدة :
-أية اللي إنتِ لابساه دا ؟؟
نظرت لهيئتها ثم عادت تنظر لحنين وهي تجيب بتوتر :
-دا آآ دا قميص حمزة لإن ملقتش غيره وهدومي مبلولة !!
اقتربت حنين منها ببطئ، وكانت نظراتها لا تنذر بالخير ابدًا
فبدأت تصرخ بوجهها منفعلة :
-إنتِ متخلفة.. ولا مش محترمة ولا مجنونة ولا أية نظامك، مين سمحلك تفتشي في الحاجة، وازاي تقعدي بالمنظر دا قدام راجل غريب.. خلاص مابقاش في حياء ؟!!!
بدأت الدمـوع تتكـور داخل عيناها الزرقـاء، وإنكمشت على نفسها.. ولكنها قالت بهدوء :
-عادي يعني.. مفيهاش حاجة يا أنسة إنتِ عامله حوار على حاجة تافهه على فكرة !!
كانت حنين تنظر لها مصدومة من تلك الجرأة..
لتكمل الاخرى رافعة رأسها تنفي ذلك الخطأ عن محور ثباتهـا :
-الموضوع مش مستاهل لان دا لبسي الطبيعي
لم يكن من حنين إلا أن صفعتهـا بقـوة، وكأن تلك الصفعـة كانت كرد إعتبـار للرماد الذي حاوط كيانهـا... !
بينما بدأت الفتاة تبكي شاهقة بعنف وهي تسقط على الأرضيـة تحيط وجهها بيديهـا.. !!!
تحـرك حمزة منصدمًا ليسألها بذهول :
-أية اللي إنتِ عملتيه دا يا حنين ؟؟!
أندفعت تهتف بحقد :
-عملت الصح! دي بت مش متربية و ***
ولا تتساءل كيف سقطت الصفعة على وجه حنين من حمزة بعنف.. تمامًا كتلك الصفعة ولكنها تفرق إغارة الألم تبعًا لصاحبه !!!!!
سقطت على الأرض اذ لم تستطع الوقوف على قدمها أكثر.. ويدها تخفي خدها وهي تحدق به وكأنها تستوعب...
والعقل يصرخ شامتًا
" ألم تتوقعي أكثر رغم ما فعله منذ قليل "
ولكن يبقى هناك قلبًا أحمق.. مخدوع ومستنكر.. ماحي كل قرارات العقل !!!!
ولكن ماذا إن توقف من الأسـاس فلم يعد يوجد سوى العقل ؟؟!
حاولت حنين النهوض، ولكنها لم تستطع النهوض وحدها.. يداها مكسورة وقدمها كذلك...
هبطت الدموع رغمًا عنها بصمت مكسور، ليقترب منها حمزة ببطئ وكأنه مصدومًا من تصرفاته العجيبة .. يود مساعدتها، ولكنها صرخت فيه بصوت اختلط به البكاء رغمًا عنها :
-ابعد عني.. ملكش دعوة بيا غور للسنيورة بتاعتك، سبني في حالي مش عايزة حاجة منك !
عض على شفتـاه ندمًا وهو يغمغم..
-حنين آآ.. حنين أسمعيني
فأجبرت حنين نفسها على النهوض صارخة من ألم قدمها التي كادت تكسر فعليًا
لتنظر له قبل أن تغادر مرددة بجمود باكي :
-الدايرة مابقتش تسعنا سوا يا حمزة، طلقني بالزوق لإما هغور من هنا وهرفع قضية خلع..!!!!
*******
يتحـسس هو جسدهـا بشهوة وهي متسطحة أمامه فاقدة الوعي، عينـاه تغرق رغبة في منحنيات جسدها الضعيف...
وصوت لهاثه يغطي على السكون الذي يحيطهمـا !!!
مد يده يفتح أزرار بلوزتها بسرعة، وقد بدأت يتصبب عرقًا من مجرد تخيلها وهي بين أحضانه ساكنة هكذا... !
نزع عنها البلوزة لتبقى بملابسها الداخليـة وتيشرت قصير جدا..
فنهض هو الاخر لينـزع التيشرت الخاص به وبنطاله أسرع ما يمكن وعيناه تخترق جسدها المكشوف...
واخيرًا بدأت تتململ في نومتهـا تهمس بحروف متقطعة :
-أ.. آآ أسـر !!!
تجمد هو فجأة ليقتـرب منها، مد يده يفك خصلاتهـا الناعمـة.. ثم مال عليها ليغطيها وهو يشـم رائحة شعرها الفواحـة...
إنتفضت هي بعد دقائق وكأنها أدركت الموقف..
عفواً بل أدركت المصيدة التي تحفظها عن ظهر قلب !!
المعاناة التي تشق حياتهـا للجحيم وما شبه الحياة... !!!
ظلت تهز رأسها نافية بسرعة في محاولة لتغطية جسدها العاري وهي تردد :
-لا.. مش تاني يا خالد حرام عليك
جذبها من خصلاتهـا بقوة ليعلو صوت صراخهـا، ثم ملس على خدها وهو يطالعها بنظراته الشهوانية، ويهمس لها بحرارة :
-هو إنتِ معرفتيش.. مهو مكنش في أولاني يا لورتي !!!
شهقـت هي مصدومـة.. إرتجف جسدها بقوة من هول ما سمعت، لتجده يتحسس جسدها بجرأة أكثر قائلاً :
-شكلك معرفتيش.. يعني محدش قربلك غيري!!! أنا كنت متأكد، إنتِ ملكي أنا وبس
نفضتـه عنها مسرعة لتهز رأسها نافية وتسأله ببكاء حاد :
-حرام عليك يا خالد، أنت لية بتعمل فيا كدة أنا عملتلك أية ولا أذيتك فـ أية ؟
جذبهـا من قدمهـا فجأة لتسقط على الأرضيـة صارخـة صرخة مذبوحة شُققت ألالاف المرات صدمةً داخلها...
ليفتح بنطاله ثم يخلعه سريعًا، وصوته كإطراء للعذاب القادم يسقط على أذنيها :
-أنا كنت بتعالج عشانك!! عشانك إنتِ بس عشان تبقي ملكي بجد...
بدأ يُقبـل رقبتها بلهفة مرددًا بصورة هيستيرية :
-أنا بحبك يا لارا، بحبك أوي أكتر من أي حد ومن كل الناس
حاولت التملص من بين يديه وهي تصرخ :
-لالالالالا أنت مررريض
ولكنه كان الأقوى.. والأعنف !!!
رفع يده ليمزق ذلك التيشرت الصغير، ليظهر جسدها بوضوح أمامه وعيناه تنهش فيها بلا رحمة...
بينما هي عذابها يُضاعف كلما تذكرت ما في احشاؤوها،!!
ذاك الذي كُتب له الموت قبل أن تدون له الحياة..
ظل يقبل الجزء الذي ظهر منها.. ويزداد رغبة ويمزق باقي التيشرت أسرع، وشفتاه تتلهف لتذوقهـا بشدة !!!
أستطاعت أبعاد شفتاه عن جسدها قليلاً وهي تهمس متوسلة بضعف :
-سبني بقااااا والنبي
ولكنه لم يكن لينتبه لها او لتوسلاتهـا الواهنـة !!
بل كان كذئبًا متلهف لأفتراس فريسته فقط!!!!!!
فريسته التي انتظر الكثير من أجلها.. من أجل امتلاكها فقط... !!
********
كانت "سيلين" تقف في المطبـخ تحادث والدتها على هاتفهـا بصوت منخفض خشية سماع اي شخص لها :
-هو أية اللي ازاي يا ماما ؟!!! هقعد معاهم زي بقيت خلق الله
-تقعدي معاهم زي الخدامة يا سيلين ؟؟ هي دي اخرتها تبقي خدامة في بيت جوزك، لية اتجننتي !!!
-مهو.. آآ هو سألني فجأة وانا خوفت يعرف الحقيقة فمعرفش أية اللي خلاني أقوله كدة
-تعالي يا سيلين، امشي من غير مايعرف
-كدة هيشك يا امي، ارجوكي سبيني انا كلها يومين بس اطمن عليه وهرجع على طول
-وازاي اصلاً حمزة سابك تعملي الجنان دا
-حمزة كان ناقص ابوس رجله عشان يوافق، واخرة مازهق سابني وراح شاف صاحبه ومشي
-لا لا مستحيل اسيبك.. انا بنتي تبقى خدامة على اخر الزمن !!
-ياماما انا مش هبقى خدامة زي ما إنتِ متخيلة، هو فهم إني كنت خدامة مش مازلت، أنا اتفقت مع مسؤلة الخدم اني هشتغل معاهم على خفيف
-وهي وافقت؟؟
-محدش هنا يعرف إني مراته يا امي، انت ناسية ان جوازنا كان سُكيتي وقعدنا في شقة منعزلة !!
-مش هتستحملي يا حبيبتي، انا خايفة عليكِ
-اديني يومين اتنين وهتلاقيني نطيت لك تاني
-يومين يا سيلين
-اوعدك.. ومش هعمل اي حاجة، انا هبقى بالاسم شغالة معاهم، بس هبقى جمبه مش اكتر
-اوووف من دماغك، اما نشوف اخرتها، وعشان تبقي عارفه انا هاجي زيارة وهشوف الوضع
-ماشي يا حبيبتي.. يلا سلام إنتِ بقا عشان محدش يشك فيا
-طب كلميني كل شوية
-حاضر
-سلام يا اخرة صبري
-سلام يا ست الكل
أغلقت الهاتف ثم تنهدت أكثر من مرة وهي تتذكر أخر لقاء لها مع والد مُهاب.. اليوم الذي اخبرها فيه ان مهاب يعاني من ماضي مأسوي !!
ورجاها ألا تقسو هي الاخرى مساندة الزمن... !
وتقريبا إقناعه لها ما جعلها تحاول البدأ معه من جديد ليس أكثر !!!
ولكن الان.. وفي وجود منافس... هي الاحق والاولى !!
خرجت من المطبخ تنظر يمينًا ويسارًا وكادت تسير ولكن فجأة اصطدمت بصدر صلب، رفعت عيناها له لتقابـل حشو عينـاه السالب الإرادة..
توقعت صراخه بها كعادته في الماضي، ولكنه على عكس توقعاتها قال بهدوء :
-مش تاخدي بالك يا... آآ
ثم سألها مستفسرًا ؛
-إلا بالحق إنتِ أسمك أية ؟؟
ابتلعت ريقها بتوتر ثم همست خافضة رأسها ارضًا :
-سـ سيلين !
"سيلين... سيلين.. سيلين... " !
ترددت الكلمة بعقله أكثر من مرة، ولا يدري لمَ شعـر بصداها داخله ؟؟!!!!
الأسئلة تكثر بين جحور حياته والوضع يزداد سوءًا !!
أنتبه اخيرًا لها ليهتف بابتسامة مصطنعة :
-اممم... اسمك جميل يا سيلين
سـار متجهًا نحو الخارج وهو يقول لها بصوت رجولي ناعم :
-تعالي يا سيلين ندردش شوية ولا نلعب.. أنا زهقت من قعدة الاوضة وفريدة وخالتي ناموا
وكأنها تذكرت تلك المنافسة فقالت مندفعة :
-موافقة اكيد، بس هنلعب أية !!؟
نظـر لها بطـرف عينـاه مغمغمًا بخبث :
-هنلعب أية يعني.. عريس وعروسة !! أكيد لا
توتـرت وقد زحفت الحمرة لوجهها احراجًا، لتجده يضحك مرددًا في حنو :
-بهزر معاكي يا نونو، إنتِ بتحبي تلعبي أية بما إن اللعب مناسب لسنك إنتِ اكتر ؟؟
تخصرت وهي تردف بحنق طفولي :
-على فكرة أنا مش طفلة!!
منـع نفسه من الضحك بصعوبة مؤكدًا :
-أيوة طبعا هو حد قال غير كدة، بس أنا كمان عايز ألعب.. أنا زهقان
اومأت وهي تحك طرف رأسها دلالة على التفكيـر.. ثم هتفت فجأة بحماس :
-ايوة لاقتها.. هنلعب استغماية
صمت دقيقـة.. ثم سحبها من يدها فجأة وهو يسير بخطى أسرع :
-اشطا جداً، يلا بقى
وقفا في حديقة المنزل سويًا، لتفك سيلين "الطرحة" التي تلف عنقها، وتربطها على عيناها وهي تؤكد عليه :
-مرة ليك ومرة عليك، أنا مش كل مرة هه !
اومأ موافقًا بابتسامة خفيفة ثم بدأ يبتعد عنها تدريجيًا :
-اكيد... يلا انطلقي
بدأت هي الاخرى تسير ببطئ حتى كادت تمسك به فركض وركضت هي الاخرى خلفه...
ظلوا هكذا يركضون حول بعضهما وصوت ضحكهم يعلو معانقًا السماء.. !
وكأن ذلك ما هو إلا دليل لــ سيلين يؤكد لها أن العائق الوحيد لم يكن سوى ماضي مُهاب.. ماضيه الذي يعيق فطرته ليس أكثر !!!
وأثناء اللعب إلتوت قدم سيلين فجأة وكادت تسقط وعيناها مغطاه بالطرحة، فأسرع مُهاب يقترب منها يلحق بها حتى أحاطها فتشبثت هي بأحضانـه حتى لا تقـع...
نزعت "الطرحة" عن عيناها بسرعة لتقابل عيناه التي كانت تتابعها بصمت مُوتر للموقف... !!!!
كان يحيط خصرها بتلقائيـة وهما ملتصقان بطبيعة الموقف..
شيئ ما مجنون دفـع سيلين للأقتـراب من شفتاه ببطئ.. وكأنها اشتاقت له حقًا ؟!!
أغمضت عيناها وهي تقف على أطراف أصابـعه لتصبح في طوله..
واخيرًا لامست شفتـاه برقـة متناهية، وهو لا يدري أي مشاعر ساخنة تلك التي كادت تحرق احشاؤوه...
كاد يتجاوب معها، يقبلها برقة ملتهمًا شفتاها بنهـم صادم لكلاهمـا في ظروف كتلك.. !
وهي التي كانت هذه المرة تطلب المزيد، لا تبتعد ككل مرة بل كانت ملتصقة به تحيط عنقه بذراعيهـا...
ابتعدا سنتيمتر واحد يلتقطا انفاسهم اللاهثـة العاليـة، وفجأة ومن دون مقدمات إندفعا كلاهمـا يقتربا مرة اخرى يشكلا ملحمة شاعريـة..
والقبلة تزداد قوة ونهمًا.. يتأكل شفتاها برغبة مجهولة ،!!
وبعد دقائق سمعوا صوت "فريدة" تنادي من بعيد :
-مُهااااب
ابتعدا قليلاً ولكن لم يلحقا الابتعاد كل البُعد المطلوب..
فثارت فريدة تصرخ في سيلين مرددة بغيظ :
-إنتِ بتعملي أية هنا.. امشي غوري شوفي شغلك
كانت سيلين تلتقط أنفاسها بصعوبة، ولكن أحتدت ملامحها وكادت تجيبها ببرود، ولكن وجدتها فجأة تسحبها من ذراعها بقوة ثم تدفعها نحو الداخل مزمجرة :
-امشي يلاااا إنتِ لسة هاتنحي !
نظرت لها سيلين، وكان السباب على حافة لسانها.. ولكن صمـت مُهاب الذي كان ساكن وكأنه يُحاسب نفسه على تلك التطاولات جعلها تتراجـع ببطئ...
وتمنع دموعها من الهبوط بصعوبة وهي تسمع فريدة تتابـع آمرة بحدة :
-اعمليلنا اتنين قهوة يابت إنتِ يلا..!!!
*******
لم تخـرج حنين من غرفتهـا منذ أن دلفتها، تشتاق لوالدتها وبشدة خاصةً في تلك اللحظات !!
تلك اللحظات التي تُشعرك وكأنك وسط غابة اختفت اشجارها التي كانت تفصلك عن تلك الشراسة المختبئة... !!!!
كانت تبكي بعنف.. لا تدري تبكي من ألم جسدها ام من ألم روحها التي تنزف حد اقتراب الموت ؟!!
جهـزت حقيبتهـا التي لم تفتحها من الأسـاس، ثم خرجت اخيرًا لتجد حمزة ينهض من جوار تلك باتجاههـا..
حاولت المرور من جواره لتجده يمسك يدها متساءلاً بجدية :
-إنتِ مفكرة إني هسيبك تمشي بجد ؟؟!!
أبعدت يدها عنه ثم قالت بصوت خفيض وحاد في آنٍ واحد :
-أنا مش قادرة أقف على رجلي، سبني امشي احسن والا قسما بالله هصرخ واقول خاطفني !!
امسكها من كتفيهـا ليجلسها على الأريكة دون ارادتهـا.. فكانت تصرخ فيه منفعلة :
-قولتلك ملكش دعوة بيا هو أنت مابتفهمش !!!
جز على أسنانـه بغيظ يقول :
-طب ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم
لم تنظر له وردت :
-احنا مابقاش في كلام بيننا تاني خلاص، حتى صلة القرابة هقطعها يا حمزة
هـز رأسه نفيًا ثم قال بصوت تقدمه الندم :
-حنين أنا ...
ولكنها قاطعته وهي تزجه بعنف ليسقط على الأرضية أثر دفعتها المفاجأة..
نهض بغضب حقيقي ينظر لها، بينما الاخرى تتابعهم بصمت وكأنها تشاهد فيلم مثير !!!
وقبل أن يتهور حمزة مرة اخرى كانت حنين تقول بثبات ظاهري رغم خوفها منه :
-استحالة اقعد لحظة طول ما البت دي هنا !!
رفـع حاجبه الأيسـر بغيظ، ليسمع "شروق" تقول بصوت متأثر :
-طب انا هروح فين.. انا لو رجعت له ممكن يقتلني
زمجرت حنين فيها بحدة عالية :
-في جهنهم الحمرا ان شاء الله !!!!!
ثم نظرت لحمزة تسأله بتحدٍ :
-ها يا حمزة ؟؟ شوف هتمشي مين فينا وياريت بسرعة عشان أنا بزهق
صمت حوالي دقيقتـان ثم نهض ساحبًا حنين من يدها السليمة خلفه ببطئ نحو الغرفة، فحاولت حنين التملص من قبضته متأففة :
-سبني يا حمزة، حاول ماتكونش همجي مرة فـ حياتك
دلف معها ثم قال بجدية حازمة :
-لا إنتِ هتمشي، ولا هي هتمشي.. اعقلي واغزي الشيطان
اجابت من دون تردد بصوت عالي وغاضب ؛
-مش لما تغزيه انت الاول، دا انت معندكش دم صحيح
أغمض عينيه يتمالك نفسه من إهانتها المستمرة، واستدار وكاد يسيـر إلا أنهـا لم تجد حلاً اخر!!!
فـ انتبهت للمرآة الصغيرة على الكومود، لتركض نحوهـا وتكسرها سريعًا.. ثم تضعها على عرق يدها مستطردة بصراخ :
-طلقني يا حمزة
اتسعت عيناه بذهول، وسرعان ما حذرها بغضب :
-سيبي اللي في ايدك بطلي جنان يا حنين
ضغطت بها على يدها فبدأ الدم يظهر بالفعل، ارتعد هو من تلك المجنونة ليسرع يقول بلهفة قلقة :
-طب هعملك اللي إنتِ عايزاه بس سبيها الاول
هزت رأسها نافية، تتحامل على نفسها وتضغط بالزجاجة اكثر مع صراخها المنتحب :
-قولتلك طلقني دلوقتي حالاً.. طلقني.. طلقني انا كرهتك
لم يشعر بنفسه سوى وهو يصرخ هو الاخر :
-إنتِ طالق يا حنين !!!!!!!
*******
يتبع