اخر الروايات

رواية شعيب ولتين الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء عصمت

رواية شعيب ولتين الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء عصمت


في صباح اليوم التالي في شقة الجد مهران
هتف شعيب بجدية: جدي أنا قررت أفتح فرع لينا في الصعيد في سوهاج تحديدًا
مهران بـاستغراب: الصعيد!! مش بعيد أوي يا شعـيب وأحنا هنا في قلب القاهرة؟
أجابه الأخير بثبات: هو بعيد فعلًا بس مش مشكلة أنا هباشر الشغل بنفسي في الأول أكيد هتعب وخصوصًا من المسافة والسفر من هنا لهناك بس هنكسب كويس بأذن الله في الصعيد بيحبوا الذهب جدًا وأحنا بأسعارنا وتصاميمنا هنقدر نجذب ناس كتير لينا وبعدين أنا اخترت البداية في سوهاج بالذات لأنها بلدك يا جدي أصلنا
ابتسم الجد بـحنين واشتياق لـمسقط رأسه قائلًا: قد أيه وحشتني البلد وناسها .. من زمااان أوي مرحتش البلد من عمر أبوك كده
شعـيب: ياااه كل دا يا جدي محنتش في يوم لبلدك؟
هتف مهران بتأكيد: حنيت طبعًا بس كنت هرجع لمين؟ أبويا الله يرحمه كان وحيد لا ليه أخ ولا أخت حتى أنا معنديش أخوات وبعد موت أمي و أبويا ملقتش اللي يربطني بالبلد .. هنا في القاهرة خلفت أبوك وعيالي كلهم .. نجحت وكبر إسمي في البلد دي فبقى رجوعي لبلدي أصعب .. رغم إن ده حلم بتمنى أحققه بس معنديش استعداد أخلعكم من أرضكم اللي أنتوا وعيتوا عليها وأزرعكم في مكان تاني متعودتوش على عاداته وتقاليده .. بالك أنت أنا موصي أبوك لما أجلي يحين يدفني في بلدي جنب جدتك الله يرحمها
طبع شعـيب قُبلة حانية على كف الجد قائلًا بتأثر: ربنا يديك الصحة وطول العمر ياجدي إحنا من غيرك ولا حاجة
ربّت الجد على كتفه بمحبة قائلاً بـابتسامة: ويخليك سند للكل يا شعـيب أعمل الصالح يا ابني أنا عارف أن عقلك يوزن بلد ومبتعملش حاجة إلا لما تدرس كل جوانبها .. أومال أحنا وصلنا للي أحنا فيه ده أزاي كله بأفكارك وأيدك اللي تتلف في حرير
هتف شعـيب بمحبه: كله بفضل توجهاتك بعد توفيق ربنا ياجدي
صمت الجد يمعن النظر في حفيده الأكبر بمحبه .. لطالما كان شعـيب مصدر فخر له .. شعـيب له مكانة خاصة بقلب مهران
هتف الجد بعد صمت دام لثواني: سامحني لو ظلمتك في يوم يا شعـيب ، كسرة قلبك وجعتني زي ما وجعتك.. سامح جدك يا بن سـالم
شعـيب بعتاب: متقولش كده ياحج مهران .. أنت عمرك ما ظلمتني ولو حضرتك بتتكلم على حاجة حصلت زمان فأنا دلوقتي فاهم و واعي لوجهة نظرك اللي عملته كان في صالح الكل
الجد مهران براحة: ربنا يرضى عنك ويراضيك باللي تتمناه ويحفظلك كل عزيز وغالي
ابتسم شعـيب قائلًا: ويخليك ليا يا غالي
×××××××××××
اقتربت بخجل من لتيـن الجالسة قبال التلفاز قائلة بـامتنان: شكرًا أنك مقولتيش لبابا على اللي أنا عملته أنا عارفة أن حضرتك أكيد دلوقتي بتكرهيني
شهقت لتيـن بعتاب قبل أن تقول بهدوء وهي تجذب عائشة لتجلس جوارها: أنا عمري ما أكرهك عمري .. مهما تعملي مستحيل أكرهك أو حتى أزعل منك .. أنا عارفة أنك زعلانة مني ويمكن لو أنا كنت مكانك كنت هاخد نفس موقفك بس اللي عايزاكي تتأكدي منه يا إيشـو أن أنا عمري ما هاخد مكان زهرة حتى لو أنا عايزة مش هقدر عارفة ليه؟
طالعتها عائشة بأهتمام فأكملت لتيـن: عشان هي مامتك هي سبب أنك تكوني هنا معانا .. عشان أنتِ بتحبيها أكتر من أي حد .. عشان هي ماما .. مامتك! وهتفضل عايشة جواكي مهما تمر السنين هتفضلي فاكرة ليها ذكريات خاصة بينكم أنتوا الأتنين .. عشان أنا مينفعش أخد مكانها ولا حتى أكون بديلة ليها .. زهرة كانت جميلة في كل حاجة وأنتِ طالعة زيها
عائشة بسعاده: بجد أنا شبهها؟
أومأت لتيـن بتأكيد: أيوة شبهها جداً يمكن مش في الشكل بس في الطبع. واخدة كتير منها .. (وأكملت بحزن) أنتِ عارفة أني معنديش أولاد مش كده؟
هزت رأسها موافقه فأكملت لتيـن: لو كان عندي بنت كنت أتمنى تكون زيك كده .. طيبة وحنينة وشطورة وجميلة ما شاء الله .. أنا بحبك أنتِ وملك أوي بحبكم وكأنكم ولادي .. بحبكم عشان أول مرة أبقى خالتو معاكوا عشان حسيت أنكم كنتوا بتحبوني من غير مقابل أو شروط .. بحبكم عشان اتحرمت من الولاد بس ربنا عوضني بيكوا يمكن أنتِ دلوقتي متقدريش تفهمي كل كلامي بس لما تكبري هتفهمي وأتمنى وقتها تحبيني ربع ما أنا بحبك
أنزلقت دموعها بدون أرادتها فأسرعت عائشة تقول: بس أنا بحبك أوي يا خالتو والله بحبك أوي عشان خاطري متعيطيش أنا بس كنت خايفة تعملي معانا زي ما عمتو نـورا قالت
محت لتيـن دموعها ثم نظرت لـ عائشة بأهتمام قبل أن تهتف بتساؤل حذر: عمتو نـورا؟ هي قالتلك أيه يا عيشة؟
أجابتها عائشة بحزن: أنك ياخالتو هتضربينا بالخرطوم وهتحرمينا من الأكل واللعب وحتى المدرسة وأنك هتشغلينا خدامين عند صحابنا
جحطت عين لتيـن بصدمة وهربت الكلمات من جوفها .. تلك الـ نـورا ستقتلها لا محالة كيف طاوعها قلبها بإرهاب طفلة كعائشة!.. ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت بهدوء زائف: بعيدًا عن أني مستحيل أعمل حاجة بالبشاعة دي بس تفتكري يا إيشـو شعـيب باباكي هيسمحلي أزعلك ولو بكلمة؟ شعـيب بيحبك أنتِ و ملك أكتر من أي حد في الدنيا كلها
عائشة بتساؤل: حتى أكتر منك؟
ضحكت لتيـن بسخرية مريرة فشعـيب لم ولن يحبها أبدًا! ولكنها أجابت بثبات: حتى أكتر مني خليكي واثقة من كدة .. ينفع بقى نبقى أنا وأنتِ صحاب ونرجع زي زمان؟
تسائلت لتيـن وقلبها ينبض بجنون .. أجابتها عائشة برفض: لا مش ممكن
شحب وجهه لتيـن حتى حاكى شحوب الموتى من رفض عائشة القاسي
أما عائشة فأكملت بحماس: أنا عندي حل أحسن مش أنتِ مش عندك ولاد؟ وأنا وملك معندناش أم فممكن تكونِ مامتنا يا ماما؟!..
ران الصمت لثواني قبل أن تفرد لتيـن ذراعيها وتضمها إلى أحضانها ، تبكي بسعادة لم تتخيلها يومًا ، قائلة ببكاء فرح: ممكن جدًا .. ممكن ياقلب ماما .. أوعدك عمري ما هخذلكم هتفضلوا أهم حاجة عندي عمري أبدًا أبدًا ما هخلي حد يأذيكم حتى لو كان أبوكوا ..
الأمومة هو ذالك الشعور التي تتمناه كل أنثى .. شعور خُلقنا به نحن الإناث منبع الحب والعطاء والتضحية بلا مقابل لـطفل قد ينبت في رحمنا أو داخل قلوبنا
حُرمت لتيـن من الأمومة لسنوات ولكن عوض الله فاق كل شيء ..
××××××××××
هدر مـازن بتلك الكلمات وهو يلحق بـ شعيب قبل أن يغادر المنزل .. وأخيرا أستطاع أن يلحق به قبل أن يغادر بالسيارة
جلس مـازن في المقعد المجاور لـ شعـيب قائلًا بلهاث: يجدع أتقي الله فرهدتني على الصبح
تجاهله شعـيب ولم يرد فهتف الأخير بغيظ: لا وحياة أبوك برود على الصبح أنا مش ناقص كفاية إني هطبق النهاردة في المستشفى
هدر شعـيب ببرود: عايز أيه يالاه
شهق مـازن بصدمة مصطنعة: يالاه!! دي أخرة سبع سنين في كلية طب عجزتني بدري بدري؟ يالاه!! دي أخرة العيش والملح اللي ما بنا؟ يا أخي حسبي الله ونعم الوكيل
أخفى شعـيب أبتسامته بمهارة قبل أن يقول: أيوة عايز أيه دلوقتي؟ أنت هتشحت على الصبح!!
مـازن: طب والله أنا عايز أشحت فعلًا .. أنا واحد داخل على جواز ومسؤوليات وبعيد عنك راتب الحكومة يدوب مكفيني حتى العيادة مبلقيش وقت أفتحها أصلا .. أختك هتتبهدل معايا يا سطا
شعـيب بقرف: يا سطا؟ أنت دكتور نص كم على فكرة .. وبعدين أختي رضيت بيك وهي عارفة ظروفك كويس وعارفة أنك رافض أي قرش من جدك رغم أن حقك يبقى تستحملك على أي وضع أنت فيه سواء معاك ولا لا
هز مـازن رأسه رافضًا بقوة: حقي لما أكون شقيان فيه غير كدة شكليات وبعدين بأمر الله هقسم وقت الشغل بين المستشفى والعيادة وربنا يسهل بقى وطبعًا شعـيب ابن عمي وحبيب قلبي مش هينساني برضو
ابتسم شعـيب بهدوء: أخلص عايز أيه
أجابه مـازن ببراءة: أبدًا كل الحكاية أنك يابن عمي يا أخو مراتي المستقبلية وعم عيالي إن شاء الله هتاخد شوية الكروت الخاصة بالعيادة حقي وتوزعها على عملائك وأنا بعون الله وخلال شهر هكون أشهر دكتور في جمهورية مصر العربية
شعـيب: نموذج إستغلالي حقير
مـازن بفخر: تربيتك
نظر له شعـيب بغضب وبادله مـازن النظرات قبل أن ينفجروا في الضحك
×××××××××××
لتيـن بهدوء: صباح الخير يا مرات عمي
وفـاء بسعادة: صباح النور على عيونك يا غالية يا بنت الغالية .. عاملة أيه يالتين؟ وحشتيني ياحبيبتي
أجابتها لتيـن بأدب: الحمدلله أنا كويسة وحضرتك وحشتيني كمان.. (صمتت ثواني ثم قالت) هي فين نـورا كنت عايزاها تساعدني في حاجة كدة
وفـاء بحزن: نـورا في أوضتها امبارح وهي بره عربية خبطتها بس جت سليمة الحمدلله أدخلي ياحبيبتي أطمني عليها بيتك ومطرحك وأنا هحضرلكم حاجة تشربوها
هتفت لتيـن وهي تتوجه لغرفة نـورا: دايماً عامر يامرات عمي
×××××
كانت نـورا نائمة على فراشها تأن بوجع .. كل جسدها يؤلمها حد الموت .. اللعنة على عمـاد واللعنة على عائلة مهران بأكملها .. لن ترحمهم جميعهم
تفاجئت بمن يقتحم غرفتها ويغلق الباب خلفه .. ولم تكن سوا لتيـن التي قالت بتهكم: تؤتؤتؤ ألف سلامة عليكِ يابنت عمي مين ابن الحلال اللي عمل فيكي كدة؟
صاحت نـورا بغضب: بت أنتِ أحترمي نفسك بدل ما
قاطعته لتيـن بحده وهي تشرف عليها بجسدها: أخرسي خالص واسمعيني كويس يا حرباية أنتِ أوعي عقلك يصورلك إني مش فاهمة أنتِ بتلفي وتدوري على أيه؟ تبقي غلطانة دا أنا أكتر واحدة فهماكي في البيت ده وشغل الشياطين اللي بتعمليه ده ميخوفنيش وأوعي في لحظة تفتكري إني لتيـن بتاعت زمان الرقيقة والكيوت والدلع ده لا أنسي أنا واحدة جواها نار لو طلعت عليكِ هتقتلك .. صدقيني اللي أنا شوفته مع العرة أخوكي خلاني واحدة تانية خالص ممكن أضرب. أعور أو حتى أقتل!!
ارتعبت ملامح نـورا فأكملت لتيـن بانتصار: صدقيني مش بقول كلام وبس من عاشر القوم يابنت عمي
هتفت نـورا بجزع: أنتِ عايزة أيه؟
أجابتها لتيـن بشراسة: بناتي وجوزي ابعدي عنهم وإلا والله العظيم يا نـورا لـ نهايتك تكون على أيدي .. أنا جوزي راجل بصباع رجله الصغير ينهيكِ مش زي اخوكي الـنطع .. فـأحسنلك يابنت الناس الطيبين تراعي ربنا فينا وإلا هقلب الكل عليكِ وأنتِ عارفة لتيـن حسـان نورالدين مكانتها أيه عند عيلة مهران كلهم وأولهم مهران الكبير فاعقلي ياحلوة
هتفت نـورا بصوت هارب: أنتِ بتهدديني
أبتعدت لتيـن عنها قائلة بلا مبالاة: أيوة بهددك واللي عندك أعمليه
ثم اندفعت خارج الغرفة متجاهلة نداء زوجة عمها المتكرر
كانت سعيدة بل سعيدة جدًا .. سعيدة بتلك القوة الوليدة وتلك الثقة المشعة من وجدانها .. والسبب في تلك القوة هو شعـيب دون غيره
رباااه كم هو هين لين معها درع وسند لها. هي ممتنة له لحمايته لها ورقته معها ممتنه ولن تخذله أبدًا كما سيفعل هو ولن يخذلها!!..
×××××××××××
دلف شعـيب إلى مقر عمله _الفرع الأساسي لسلسلة محلات مهران للمجوهرات_
يخطو خطواته باتجاه غرفة مكتبه قبل أن يقابل سعد الساعي يقول باحترام: شعـيب باشا الظرف ده وصل لحضرتك
قبض شعـيب على الظرف بـاستغراب قبل أن يقول: شكرًا يا عم سعد وبعد إذنك عايز الشاي بتاعي
أومأ سعد موافقًا: من عنيا يا باشا
انسحب سعد يقوم بإعداد طلب شعـيب أما الأخير فدلف إلى مكتبه ثم جلس على مقعده يفتح الظرف بتمهل ..
ثواني فقط ثواني وتصلبت كل عضلة في أنحاء جسده .. ثواني وفقد القدر على التنفس .. ثواني توقفت الأصوات من حوله وانعزل عن العالم بما فيه .. ثواني وانهار كل شيء وهو يرى صور زوجته لتيـن تعانق عمـاد بحميميه واضحة .. صور كثير في أوضاع عجز عن شرحها. للوهله الأولى لم يصدق أنها هي أو على الأقل ليس الأن قد تكون صور لها خلال فتره زواجها بعماد
هتف بأمل ولكن ماذا عن خصلاتها القصيرة .. خصلاتها التي بترتهم بقسوة بعد وصالهم الأول!!! ربااااه سيفقد عقله ..
اندفع شعـيب كالليث الجريح خارج المكتب بل خارج الفرع.. يقود سيارته بجنون .. سيقتلها لا محالة!
كان يقود بسرعه تجاوزت الحد المسموح به ولكنه لم يهتم يريد أن يراها في التو والحال
تلك الخائنة! صاح بجنون وهو يضرب المقود عدة مرات
بعد وقت ليس بقصير وصل لبيته ومنه إلى شقته يصيح بجنون: لتيـــــــــن
خرجت لتيـن من غرفتها وبجوارها عائشة و ملك قائلة بخوف من منظره: نعم يا شعـيب في حاجة؟ أنتَ كويس
شعـيب بثبات زائف: عائشة خدي أختك وروحوا عند تيتة حنـان
اعترضت عائشة قائلة: بس يابابا أحنا بنلعب مع ماما لتيـن
صرخ بغضب: دي مش أمكم وحالًا تاخدي أختك وتنزلوا يلااااا
فرت الفتاتان بخوف ظاهر خارج الشقة فـاقترب شعـيب يقبض على رسغ لتيـن بعنف: إزاي جالك الجرأة تعملي القذارة دي؟ إزاي بعد ما نجدتك من الموت؟ إزاي وأنتِ مراتي وعلى ذمتي إزاااي تخونيني يازبالة
صرخت لتيـن بذعر: أنت بتقول أيه شعـيب أنت أكيد فاهم غلط أنا والله ما
وهربت كلماتها مع أول صفعة تتلقاها من شعـيب ولم تكن الأخيرة .. فقد انهال عليها بالضرب يفرغ غضبه وغيرته .. ينفث عن خسارته .. يقتص لذاته منها..!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close