اخر الروايات

رواية شيخ في محراب قلبي الفصل الثالث عشر 13 بقلم رحمة نبيل

رواية شيخ في محراب قلبي الفصل الثالث عشر 13 بقلم رحمة نبيل

كان يجلس شاعرا بنار تندلع داخله يتخيل نفسه يمسك ذلك الغبي الذي يبتسم أكثر بسمة مقيتة رآها طوال حياته ...ثم يقوم بضربه في أقرب حائط له وبعدها يحضر سكين ويفتح امعائه ثم يقوم برميها في أقرب مكب نفايات ...
كانت هذه الأفكار تدور برأس هادي الذي لمح وقوف شيماء مع أحد الشباب والذي يراه لأول مرة في حياته ويبتسم لها وكأنه حبيب يلتقي حبيبته بعد فراق سنوات طويلة .....
_ ألا مين الواد الملون اللي واقف مع شيماء ده ؟؟؟
خرج هادي من أفكاره السوداء على صوت فرج الذي يتحدث جوار أذنه وكأنه بالفعل لا يرى ما يحدث ...
_ لا بس الواد جميل ما شاء الله
زفر هادي بضيق وهو يرمق ذلك الشاب ذو العيون الزرقاء والبشرة الشاحبة بعض الشيء والنمش الذي ينتشر أسفل عينه وعلى أنفه مع شعر اشقر بعض الشيء .....
_ شايف ما شاء الله الواد قمر اوي ...
انفجر هادي في فرج الذي يشعر وكأنه يغازل الشاب :
_ خلاص يا فرج عرفت إنه قمر وعسل اروح ابوسه من بقه يعني ؟؟؟ ولا اقولك انا افكني من شيماء واتجوزه ؟؟
أنهى كلماته المجنونة وهو يتحرك مبتعدا عنه صوب هؤلاء الحمقى الذين يقفون في الشارع هكذا دون خجل بينما نظر فرج له بصدمة من حديثه لكنه رغم ذلك ابتسم وهو يقول بغباء :
_ لا بس الواد حلو ماشاء الله ......
_ يا استاذ سلامة مينفعش وقفتك دي لو سمحت هات الفلوس خليني اطلع.....
هكذا تحدثت شيماء بضيق شديد وهي تنظر لذلك الشاب والذي يكون شقيق لإحدى الصديقات أتى ليعطيها أموال كانت قد استلفتها منها أخته سابقا ....
ابتسم سلامة لها وهو ينظر لها مستمعا بإغاظتها .....
فقد قمت أخته حينما حدثته أنفا عن لطافتها :
_ طيب أنتِ ليه متعصبة كده ؟؟؟ انا بس حابب نتكلم شوية مش اكتر .
_ نعم يا ضنايا ؟؟؟؟
ألتفت سلامة بتعجب لذلك الصوت الذكوري ليجد نفسه يقف أمام شاب عملاق بالنسبة لجسده الهزيل..رفع الشاب حاجبه بتعجب من لهجة هادي الذي يرمقه كما يرمق الأسد فريسته ليتحدث متعجبا نبرته وهو يرى رجل كبير في السن يركض سريعا على وجهه بسمة بلهاء ليقف بالقرب منه وكأنه لا يرغب في تفويت لحظة من الحوار :
_ نعم يا افندي فيه حاجة ؟؟؟
_ ايوة فيه بس تعالى على جنب كده عشان نتناقش بهدوء منعا لخدش حياء فرج .
________________
ارتجفت يد ماسة وهي تمسك الهاتف برعب مما ترى فقد كان يحتوي على صور خاصة بها؛ بعضها بثياب المنزل والبعض الآخر وهي دون حجاب ....فزعت سريعا وهي تحرك يدها على لوحة مفاتيح هاتفها تكتب بسرعة دون أن ترى جيدا ما تكتبه :
_ انت مين ؟؟؟ وعايز ايه باللي بتعمله ده ؟؟؟
توقفت عن الكتاب تترقب حتى ظهرت علامة زرقاء تدل على قراءة الشخص المرسل لرسالتها ...خفق قلبها بعنف شديد وهي تنظر للعلامة التي تدل على أنه يكتب الان ...ثواني مرت كالجحيم عليها وهي تترقب الأمر حتى ظهرت رسالته على الشاشة بحروف مقتضبة :
_ انا مش عايز ائذيكِ يا ماسة انا بس عايز نتكلم ممكن ؟؟؟
شعرت ماسة بدمائها تفور في شرايينها وهي متأكدة في داخلها أن هذا هو نفس الشاب الذي يزعجها عبر الهاتف لذا سريعا ودون أن تشعر كانت تغلق المحادثة وتغلق الهاتف نهائيا بعدها، ثم سكنت محلها تنظر بشرود أمامها تنتظر شيء مبهم ثم تحركت تخرج من غرفتها متحركة نحو باب الشقة بهدوء شديد وخرجت وأغلقت الباب خلفها ثم تحركت بهدوء وجلست على الدرج المؤدي لأعلى تنتظر في هدوء شديد وهي تستند برأسها على قدمها ثم أغلقت عينها بهدوء شديد وكأن لا شيء حدث منذ ثوانٍ ....
_______________
صدم زكريا من حديث منيرة ليترك الهاتف سريعا دون أن يدع لعقله المجال حتى يفكر ولو قليلا وسريعا انطلق لخارج الشقة دون أن يجيب نداء والدته التي كانت تتساءل عن هوية المتصل ....
كانت ملامحه تعلوها الفزع الشديد وهو يتذكر حديث والدتها الملهوف ونبرتها التي ظهرت له وبوضوح أنها
كانت تبكي بعنف...هبط درج البناية سريعا ينظر حوله عله يلمح طيفها لكن لم يجد شيء لذا سريعا ركض للبناية الخاصة بها وهو يدعو ربه ألا تكون قد وصلت للشقة الخاصة بها بعد .
دخل البناية سريعا ليلمحها وهي تخطو على بداية درج الطابق الثاني والخاص بشقتها ليعلو صوته مناديا إياها بلهفة شديد :
_ آنسة فاطمة ....آنسة فاطمة لحظة لو سمحتي .
توقفت فاطمة على درج منزلها وهي تستمع لصوت يناديها ...صوت تعلمه جيدا ..نظرت فاطمة للاسفل بتعجب لتجد أن الشيخ يركض على الدرج خلفها...وللحق ارتابت كثيرا من الأمر وهي تفكر لما يناديها ؟؟؟ هل حدث شيء أو فعلت شيء ؟؟؟ هي حتى لأول مرة لا تسبب له مشاكل .
و قبل أن يصل لها زكريا سمعت صوت باب يُفتح يتبعه صوت والدها الذي هز قلبها من موضعه :
_ اخيرا شرفتي يا هانم ....اطلعيلي يلا عشان عايزك .
نظرت فاطمة بتعجب لوالدها تتساءل لما هو هنا لكن لم تدم حيرتها وهي تتقدم جهة والدها تتجاهل زكريا الذي استوقفها منذ قليل ظنا منها أنه يود توبخيها على شيء ما ...
لكن كل ذلك اختفى بمجرد أن وصلت للشقة وجذبها والدها للداخل بعنف وكأنه يسوق الشاه للمذبح....
___________________
_ ها اتفضل .....
نظر سلامة حوله بتعجب فقد سحبه ذلك الشاب المجنون واجلسه عنوة على أحد مقاعد القهوة ثم سحب مقعد وجلس جواره يضع يده على خده كمن يستمع لقصة ما قبل النوم ...لم يفهم سلامة شيء من هذا المجنون لذا تحدث بضيق وتأفف :
_ هو حضرتك مجنون ؟؟؟ اتفضل ايه بالضبط ؟؟؟
ادعى هادي الصدمة وهو يشير لنفسه :
_ الاه ؟؟؟ هو مش إنت كنت بتقول من شوية لشيماء إنك حابب تتكلم شوية ؟؟؟ انا فاضي اساسا ولسه مخلص شغل فقولت اسمعك انا طالما حابب تتكلم لأن الآنسة شيماء مش هتقدر تقف كتير بسبب رجليها ..
_ اه ده إنت بتستخف دمك ؟؟؟
ابتسم هادي وهو يضع قدم على قدم متحدثا بفخر غبي بعض الشيء :
_ لا انا فعلا دمي خفيف حتى أسأل الكل ....
ابتسم الشاب بسخرية ثم اقترب من هادي وهمس له :
_ بيجاملوك صدقني
عاد فرج في هذه اللحظة بعدما كان لدى ام اشرف ليجد ذلك الشاب يحتل مقعده المقدس ليتحدث بحنق شديد وهو يدفع الشاب بعيدا عن مقعده :
_ ولا الكرسي ده بتاعي يالا قوم من عليه .... إنت يا زفت يا مروان (صبي القهوة ) مش قولت محدش يقرب للكرسي بتاعي ؟؟
أشار هادي له بالصمت :
_ فرج اسكت دلوقتي واقعد في أي داهية لغاية ما اشوف حكاية الاستاذ ده ...
تشنج فرج وهو يكاد يفتح فمه باعتراض ليشير له هادي بتحذير :
_ لو قام من هنا هقوم معاه على اول محل جاتوه واطلع على ام اشرف ومش هتلمحني غير وانا معايا فرج الصغير انا بقولك اهو .
صمت فرج بتذمر شديد وهو يلقي له بنظرات مشتعلة ثم بعدها نظر للشاب بغيظ وضيق شديد ينتظر انتهاء هذا كله، بينما هادي استدار مجددا للشاب واضعا يده أسفل ذقنه متحدثا بهدوء وكأنه ليس ذلك الذي كان يصرخ للتو في فرج مهددا إياه :
_ ها يا قلبي احكيلي كل اللي كان نفسك تقوله لشيماء ولا كلامك مش بيتكشف على شنبات ؟؟؟
شعر الشاب بسخرية هادي لينهض سريعا وهو يتحدث بغضب شديد :
_ هو واضح فعلا إن حضرتك مجنون وبتستخف دمك عليا اختي كانت مستلفة من الآنسة شيماء فلوس وكنت جاي ارجعها ليها عن اذنك ....
أنهى حديثه وهو يتحرك مبتعدا عن ذلك الشاب المجنون...... تاركا هادي يغلي محله ولم يفرغ غضبه بعد لذا سريعا نهض وركض خلف الشاب وهو يصرخ بغضب جحيمي :
_ ولا خد ياض لسه مخلصناش فضفضة والله لتقول كل اللي في نفسك .....
نظر فرج لأثر الاثنين بحنق ثم اتجه لمقعده وأخرج محرمه ومسحه بازدراء ثم تربع على عرشه وهو يشعر بالراحة الشديدة ......
كانت تقف من بعيد تراقب أفعال هادي مع سلامة برعب شديد لملامح الإجرام المرتسمة على وجه هادي لتلاحظ بعدها تحول ملامحه للهدوء وهو يتخذ وضع المستمع مع الشاب تعجبت كثيرا تصرفات وهي تراقب ذلك الشخص المعقد .....لكن فجأة وجدته يعود صوب القهوة وهو يبتسم بسمة مخيفة وكأنه قتل الشاب للتو لذا ابتلعت ريقها وهي تتراجع للخلف تنوي العودة للمنزل قبل أن يلمحها هادي الذي رماها بنظرة مرعبة جعلتها تطلق صرخة صغيرة وبعدها انطلقت برعب صوب المنزل وعيون هادي تكاد تحرقها وهو يتمتم بغضب :
_ ماشي يا مرهفة الحس أما ربيتك مبقاش هادي ....الظاهر إن رشدي مدلعك بس انا هوريكِ أنتِ واخوكِ .
____________________
_ اتفضل يا مولانا ابدأ ......
توقفت قدم فاطمة عن التحرك وهي تستمع لكلمات والدها التي لم تفهم مقصده منها أو فهمت وحاولت إنكار ما وصل لها لكن رؤية ذلك الشيخ مع دفتره يتوسط والدها ورجل اخر في نفس عمر والدها إن لم يكن اكبر جعلها تتأكد أن ما وصل لها صحيح لذا صاحت بصدمة وهي تتراجع سريعا للباب :
_ هو فيه ايه ؟؟؟ الناس دي بتعمل ايه هنا ؟؟؟
بكت منيرة بشدة وهي تنهار ارضا ترثي حالها وحال ابنتها التي لم تبتسم لها الدنيا يوما .....
اتجهت نحمده سريعا جهة فاطمة تجذبها للغرفة الخاصة بها قبل أن تفسد الأمر :
_ تعالي معايا بس يا حبيبتي وانا افهمك ...
بكت فاطمة بعنف شديد وهي تبعد يدها عنها برعب شديد :
_ سيبيني بس انتم عايزين ايه ؟؟؟ انا عمري ما هتجوز الراجل ده ؟؟؟
نظر لها الرجل بتعجب شديد ثم تحدث ببوادر غضب موجها حديثه لمرسي :
_ جرا ايه يا استاذ مرسي هو مش حضرتك قولتلي برضو أنها موافقة ولا ايه أصله ده ؟؟؟
انتهزت فاطمة الفرصة وهي تتحدث بلهفة وقهر شديد ودموعها كالعادة تسير على خدودها بكثرة :
_ لا لا انا مش موافقة على حاجة ومش هتجوز حد...
غضب مرسي يزجرها بعينه لكنها لم تهتم له ...ليتحدث مرسي محاولا إقناع الرجل :
_ يا معلم طول بالك عليها دي عيلة ومتسرعة بعدين هي اساسا اتفاجأت مش اكتر دلوقتي تهدي وتفهم الحوار ....
كان يتحدث بكلماته وهو ينظر بعين فاطمة مهددا إياها بقول عكس ذلك، وبالفعل فعلت ذلك وهي تصرخ بهم جميعا :
_ اتجوز مين ؟؟؟ اتجوز راجل قدك يابابا هو إنت عايز ترميني لاي حد وخلاص حرام علــــ.....اااه
توقفت فاطمة عن الحديث بسبب والدها الذي اندفع إليها فجأة وهو يمسكها من يدها بعنف شديد يرمقها بشر كبير
كان زكريا يقف في الخارج يستمع لكل ذلك الصراخ لا يعلم هل يتدخل ام لا ؟؟؟ في النهاية هو مجرد غريب ليس له أن يتدخل بين اب وابنته خاصة أنهم في منزلهم وليسوا في مكان عام حتى لينصحهم مجرد نصيحة ...هو إن تدخل الآن سيكون مقتحما وقحا...لكن صراخ فاطمة اصابه في مقتل ...نبرتها التي تصرخ بها عليهم تخبره أنها اعتادت هذا الظلم ..ابتلع ريقه بوجع شديد ثم تراجع للخلف ببطء شديد يلعن ضعفه على التدخل وانقاذها ...فمن هو ليقتحم منزلهم ويقف في وجه والدها .
كانت تشعر بيد والدها تكاد تخترق ذراعها من شدة ضغطه عليها وهو يصرخ في وجهها بعنف شديد :
_ هو ده اللي بتحفظ يا هانم ؟؟؟ باعتة بنتك لبيت شاب غريب مش كفاية اللي انا عايش فيه بسببها .
سقطت دموع فاطمة بعنف تحاول الفكاك من يد والدها وهي تتوسله أن يدعها وشأنها :
_ حرام عليكوا انا تعبت سيبوني في حالي ...مش عايزة منكم غير اني اعيش في حالي صعب ده ؟؟؟
اغتاظت نحمده من حديثها ذلك لتصرخ في وجهها توبخها :
_ شوف قليلة الرباية عايزة تمشي على حل شعرها ......
احمرت عين فاطمة وقد فاض بها لتصرخ فجأة ودون أن تهتم بأحد :
_ انا برضو اللي بمشي على حل شعري ؟؟؟ ولا بنتك يا عمتي اللي عماله تصاحب كل شاب شوية و.......
صمتت لتسمع صوت صفعة يرن صداها في المكان لتغمض عينها بعنف وهي ترتعش كقط مبتل أسفل مطر غزير لكن ثوانٍ مرت ولم تشعر بشيء لتفتح عينها ببطء وخوف تجد سد منيع يقف أمامها وهو من تلقى صفعة والدها بدلا عنها ...وكأنها شعرت فجأة بأمان يحيطها فيالعجب هذه الدنيا نحتمي من اناس كان من المفترض أن يكونوا ظهرا لنا في اناس كل ما نعرف عنهم هو مجرد الاسم فقط .....خرجت همسة من فاطمة مترجية باكية وهي تتوسل رجولته ألا يتركها معهم هنا فإما سيقتلونها أو يزوجها من ذلك العجوز ...
_ ارجوك ساعدني ......
______________________
وصلت شيماء للمنزل بسرعة وهي تخرج المفتاح وتنظر خلفها كل ثانية وأخرى ترى إذا ما لحق بها هادي ام لا وبسبب عجلتها لم تنتبه لتلك التي تجلس على الدرج في هدوء شديد ولم تحرك ساكنا ....
دخلت شيماء المنزل سريعا وهي تتنفس الصعداء لتخلصها من ذلك المجنون تتساءل كيف ستتعايش معه فيما بعد ولم تكد تبلغ غرفتها حتى سمعت صوت رنين هاتفها لتصدم من الرسالة التي وصلت لها من رقم غريب والذي كان مضمونها ( ما أنتِ حلوة اهو وبتسمعي للناس امال لما تقفي قدامي بتبقي زي القطر ليه يا ام قلب كبير يا حنينة ؟؟؟ )
ابتلعت شيماء ريقها تتساءل من أين أحضر رقمها ؟؟؟ لا تتذكر أن رشدي اخبرها بإعطائه رقمها ...حسنا عندما يعود رشدي ستسأله عن الأمر .
انهت حديثها وهي تتجه لغرفتها سريعا وبعدها ارتمت على الفراش وهناك بسمة حالمة واسعة ترتسم على وجهها لا تصدق ما عاشته منذ قليل ...هل غار عليها فعلا ؟؟؟ ام أنها تتخيل ؟؟؟
أغمضت عينها وهناك بسمة واسعة ترتسم على وجهها تدعو الله أن يكون ما يحدث معها هو بداية لسعادتها وهناك نقطة في اعماق اعماق قلبها بدأت تخفق لذلك الذي يحترق في الاسفل .
_________
صعد رشدي درجات منزله سريعا وهو يتحدث في الهاتف :
_ خلاص يا مصطفى حقق معاه وانا هجيب الورق واجيلك ...لا لا سيب التاني ليا .....ماشي تمام اقفل دلوقتي .
أنهى رشدي حديثه وهو يدلف للشقة الخاصة به سريعا متجها بعدها لغرفته يبحث في ادراج مكتبه عن بعض الأوراق يلعن في سره تلك القردة التي تزوج منها :
_ طبعا تلاقيها دخلت بهدلت الدنيا عشان تاخد شراب من عندي ...
فجأة انتبه لوجود الملف على الطاولة جوار الباب والتي لم ينتبه لها عند دخوله للغرفة ليمسك الملف ويخرج سريعا متجها صوب الباب ....
خرج رشدي من باب الشقة وهو ينظر للملف بيده لكن فجأة لمح خيال على الدرج المؤدي للأعلى ...رفع رشدي عينه بتعجب شديد ليصدم من وجود ماسة تجلس على الدرج بهدوء شديد وهي تنظر له دون أي ردة فعل وكأنها ليست بوعيها .....تحرك رشدي بخطوات بطيئة صوب الدرج ينادي بصوت خافت :
_ ماسة ؟؟؟ مالك ياقلبي قاعدة كده ليه ؟؟؟
انحنى قليلا ليجلس ارضا على ركبتيه وهو يحاول رفع وجهها من على قدمها :
_ ماستي مالك ياقلبي ؟؟؟
______________________
_ انت مين يا جدع انت ؟؟؟ وازاي تدخل البيت بالشكل ده ؟؟؟
أنهى مرسي حديثه الغاضب لزكريا ثم نظر لخلف ظهره حيث تختبئ ابنته يصرخ بوجهها وقد استفزه أن تحتمي بغيره منه :
_ اخرجي تعالي هنا ومتتقليش حسابك يا استاذة ...وانت يا اخ اتفضل من غير مطرود .
ابتلع زكريا إهانة مرسي ثم تحدث بهدوء يحاول استحضاره بصعوبة :
_ يا اخ اللي إنت بتعمله ده ميرضيش ربنا استغفر ربك دي بنتك عايز تجبرها على الزواج ومن راجل شيخ ؟؟
احتدت أعين مرسي بشدة لذا انطلق صوب زكريا تزامنا مع انطلاق شهقة فاطمة من الخلف وتمسكها بثيابه فجأة ليجفل زكريا من حركتها الغير متوقعة متقدما للامام محاولا ابعاد يدها عن ثيابه لكنها أبت إلا أن تتمسك به كما يتمسك الغريق بالقشة ليسمع صوتها الباكي :
_ بالله عليك ما تسبني ابوس ايدك ....
اهتز قلب زكريا بشدة لنبرتها التي تبدو كسكين اخترق قلبه وسمع صراخ مرسي به :
_ واضح إن الاستاذة المحترمة تعرفك كويس اوي ...مين بقى حضرتك عشان تقف في نص بيتي كده تعلمني الصح والغلط في حق بنتي ؟؟؟؟
_ انا الشيخ اللي بحفظها قرآن بس ......
لم يكمل حديثه بسبب صوت امرأة اتى من حلف مرسي صارخة بسخرية مريرة :
_ يعني كان عندي حق لما قولتلك مفيش في الحارة دي ولا شيخ غير شاب صغير....شوف بقى يا اخويا مراتك بتودي بنتك عند مين ؟؟؟ شاب صغير ويا عالم ....
_ انا مسمحش لحضرتك تسييء ليا ولا ترمي محصنات على حد اذا سمحتي ......
كانت كلمات صغيرة هادئة من زكريا الذي قاطع بها حديث تلك السيدة المقيتة عالما بما ستقوله عنهما لكن ورغم الهدوء في صوته إلا أن عينه قد بدأت تحتد وكأنه على وشك افتراس كل من بالمنزل ...يا الله هل يوجد أناس بتلك الحقارة ودون شعوره خرجت كلماته غاضبة وبشدة صارخا بالجميع :
_ يشهد ربنا اني ولا ثانية رفعت عيني في بنتكم ووالدتي كانت دايما قاعدة معانا وقت التحفيظ ووالدي كان بيكون جنبنا و اللي بالمناسبة كانت مرة واحدة بعدين طلبت من والدتي تتولى هي أمر تحفيظها مش انا ....
صمت ثم أكمل كلماته بتهكم شديد :
_ على الاقل كنت اظهري بعض من ثقتك بابنة تربت أسفل سقف منزلك سيدتي إذا لم تثقي بنيتي ......
_ ومين قالك اني واثقة فيها دي ...
_ نــــحـــــمـــــــــــــــــــــده
كانت تلك الصراحة تنطلق من فم مرسي الذي ألقى نظرة مرعبة لأخته والتي يعميها حقدها والغل المستوطن في قلبها عن التحكم في حديثها عن ابنته ......
_ خلص الحوار اتفضل حضرتك اطلع من هنا ... وفاطمة بعد كده مش هتحفظ قرآن عندك ولا هتحفظ خالص ...شرفتنا .
استغفر زكريا ربه في سره وهو يحاول التحدث لمساعدة تلك التي تتمسك به حتى كادت تقطع ثيابه :
_ يا سيدي الفاضل افهمني ...ايه اللي يجبرك تزوج بنتك بالشكل ده ؟؟ مفيش أي مبرر بكرة نصيبها يجيلها ويجي شخص يحافظ عليها مينفعش ترميها لاي حد كده وخلاص ....
ابتسم مرسي بسمة ساخرة متهكمة لم ترق لزكريا أبدا ثم تحدث بحنق شديد :
_ يعني انا لقيت وقولت لا يا خويا هو ده اللي موجود ...
لم يفهم زكريا مقصد مرسي من الحديث فما الذي يعيب فاطمة ليقول مثل تلك الكلمات لذا تساءل بعدم فهم :
_ يعني ايه هو ده اللي موجود ؟؟؟ هو حضرتك واعي بتقول ايه ؟؟؟ دي بنتك .
أخرج مرسي صوتا ساخرا من فمه ثم نظر لزكريا من أعلى لاسفل قائلا بجدية صدمته هو نفسه قبل أن تصدم زكريا :
_ خلاص اتجوزها إنت.......
____________________
لم تحرك ماسة ساكنا وهي تنظر لوجه رشدي بهدوء مخيف جعل رشدي يلقي كل ما بيده جانبا ثم انحنى جوارها وجذب رأسها لصدره بحنان شديد وهو يربت عليه بخوف :
_ قلبي مالك ؟؟؟ حد زعلك ؟؟؟
واخيرا صدرت منها حركة تظل على أنها حية حيث رفعت ذراعيها وطوقت رقبة رشدي بقوة ...رغم تفاجأه من حركتها إلا أنه شدد من عناقها وهو يستند على الجدار المجاور للدرج وقد أصبحت تسكن أحضانه يهمس لها بحنان :
_ مالك يا ماسة ؟؟؟
رفعت ماسة عينها له وهي تهمس بنبرة خاوية من أي تعابير تقريبا :
_ التليفون ....
لم يفهم رشدي شيء من حديثها :
_ تليفون ايه ؟؟؟ فيه ايه يا ماسة خوفتيني .
بكت ماسة وهي تضمه أكثر متحدثة بصوت متحشرج :
_ الصور بتاعتي معاه وبيهددني بيها ....
فتح رشدي عينه بفزع مما تقول ليبعدها سريعا عن أحضانه متحدثا بهدوء مخيف :
_ صور ايه ؟؟؟ ومين ده اللي بتتكلمي عنه ؟؟؟
بكت ماسة أكثر وهي تشير للشقة :
_ واحد بيضايقني على التليفون ....
اغمض رشدي عينه بغضب شديد ثم ابعد ماسة عنه بهدوء حتى لا يفزعها أكثر يكفيها ما هي به ثم تحرك بهدوء وأمسك يدها متحدثا بحزم :
_ تعالي وريني تليفونك فين ؟؟؟
سارت ماسة خلفه وهي تبكي بخوف شديد بينما رشدي كان يشتعل وهذا أبسط ما يمكن وصف حالته به ...سار معها حتى وصل لغرفتها لتحمل هي الهاتف وتعيد تشغيله ثم تمد يدها به إليه ...نزع رشدي الهاتف من يدها بعنف وغضب ثم أخذ يبحث فيه لعشر دقائق تقريبا وبعدها أخرج هاتفه بهدوء شديد وأجرى اتصالا :
_ الو يا مصطفى هبعتلك رقمين تعرفلي مين صاحبهم ضروري ...
أنهى كلماته ثم أعطاه الرقمين واغلق المكالمة ....
ابتلعت ماسة ريقها برعب من نظرات رشدي لها وهو يسألها :
_ من أمتى والولد ده بيضايقك ؟؟؟
_ من فترة يعني اسبوعين او.....
توقفت عن الحديث وهي ترى رشدي يلقي بكل شيء أمامه في غضب ثم صرخ بها وقد نسي حديثه لنفسه منذ قليل بألا يزيد خوفها :
_ اسبوعين ؟؟؟؟ اسبوعين ومكلفتيش خاطرك حتى تقوليلي ؟؟؟؟
بكت ماسة بخوف شديد وهي تتراجع للخلف مخافة أن تطولها يده :
_ انا ...انا والله فكرته واحد بيرخم زي العاده بس...
انطلق لها رشدي جاذبا إياها من ذراعيها بغضب شديد جعلها تطلق تأوها عاليا :
_ حتى لو يا ماسة ...حتى لو بيرخم تيجي تقوليلي ...سامعة حتى لو رقم اتصل بالغلط سامعاني ؟
أنهى كلماته بصراخ عنيف في وجهه وقد تحكم به غضبه...هزت ماسة رأسها بإيجاب وهي تبكي محاولة نزع يده مرددة بألم :
_ انت بتوجعني يا رشدي .
انتبه رشدي لعين ماسة ليجد أن يده تمسك بذراعها بطريقة مؤلمة وبشدة ليبتلع ريقه وهو يبعد يده عنها متراجعا للخلف يمسح وجهه بضيق شديد لما فعله ثم نظر لها باعتذار شديد فهو في غضبه لا يفرق بين حبيب وعدو بل يقتلع كل من أمامه ...
نظرت له ماسة بغضب من بين دموعها ثم تحركت لفراشها تاركة إياه يقف في منتصف الغرفة يلوم نفسه على ما فعله معها ثم تحرك بهدوء للفراش وهو يربت عليها بحنان :
_ ماسة ...متزعليش مني انا بس اتعصبت و...
توقف عن الحديث وهو يراها تغطي وجهها بالكامل بالغطاء دون أن تغيره أدنى اهتمام ليرفع رشدي حاجبه بسخرية من حركاتها تلك ...ابتسم بخبث وهو يعلم جيدا كيف ســـ
خرج من أفكاره الخبيثة على رنين هاتفه المزعج رفع الهاتف أمام عينه يردد بسخرية :
_ اكيد طبعا مفيش غيرك بأم الرخامة بتاعتك دي ...عيل لزج
فتح المكالمة وتحدث بتأفف :
_ نعم يا زفت الطين يا هادي قولتلك مش هرجع البيت غير .......
توقف عن الحديث وهو يستمع لحديث هادي من الطرف الآخر ثم ردد بعدم فهم :
_ أهدى بس وفهمني ماله زكريا ؟؟؟؟
قبل ذلك بعشرة دقائق :
_ ايه مسمعتش انا قولت ايه بقولك اتجوزها إنت طالما صعبانة عليك اوي كده وكمان شكلها عجباك فاتجوزها إنت لاني خلاص تعبت وانا مستني تتجوز .
صدم لا بل صعق زكريا لحديث ذلك الرجل هل هناك اب قد يقول هكذا حديث عن ابنته ؟؟؟ يا الله ألا يملك قلب ؟؟؟ شعر زكريا بارتخاء يد فاطمة الممسكة به وتلك الشهقة المجروحة التي خرجت منها ....
ابتلع ريقه وهو يرفع نظره للرجل ثم تحدث بعد صمت ليس بطويل لكنه مر على الجميع كدهر خاصة منيرة التي كفت عن البكاء وهي تنظر له برجاء تعلم جيدا أن الأمر صعب لكن هذا أملها الوحيد لانقاذ ابنتها فزكريا شاب محترم وسوف يحافظ على ابنتها لكن ذلك الرجل الذي أحضره زوجها تعلم جيدا أنه لن يذيق ابنتها الراحة ابدا ناهيك عن خدمتها لأبنائه فهو ارمل ولديه أبناء من امرأتين ويبحث عن زوجة ثالثة بعد موت الاثنتان.....قاطع كل تلك الأفكار التي تدور في رأس منيرة صوت زكريا الذي خرج ثابتة جادا وحازما :
_ انا اساسا كنت هكلم حضرتك عشان اطلب ايد الآنسة فاطمة بس كنت مستني الوقت المناسب وكنت هطلب من الست منيرة تكلم حضرتك عشان اطلب مقابلتك ....
صمت قليلا ثم قال بعدما ابتسم له بسمة هادئة :
_ ولولا الموقف اللي كنا فيه وخوفي إن حضرتك تظن الأمر مجرد شفقة أو عرض وخلاص كنت طلبتها انا للزواج ...بس بما إن حضرتك مش معترض ابدا فخليني أقولها بشكل رسمي ......
تنفس زكريا وهو يتحدث بهدوء شديد مبتسما له بعدما استرق نظرة لوجه فاطمة الشاحب وبشدة وكأنها رأت وحش ....
_ انا بطلب من حضرتك ايد الآنسة فاطمة وهيكون شرف كبير اوي ليا توافق .
_________________________
_ لا بس انت بوظت وش الواد عيل غبي صحيح ...
تجاهل هادي حديث فرج الذي يرغو ويزبد به منذ ضربه لذلك الشاب والذي اتضح أنه أتى بدلا من أخته لرؤية شيماء وقد كان ينوي التقدم لها ....
حمل هادي كوب المشروب الذي يتوسط الطاولة وهو يتحدث بسخرية :
_ طب بس لان أم اشرف لو سمعتك هتغير اوي .
ضحك فرج بشدة على حديث هادي وهو يفهم معانيه المبطنة :
_ لا يا خويا انا مستقيم والحمدلله ...
نظر له هادي بسخرية ولم يكد يتحدث له بلسانه اللاذع حتى استمع لرنين هاتفه ليجد أن المتصل هو زكريا ...فتح المكالمة وهو يرتشف بعضا من المشروب الساخن :
_ الو يا زيكو .....لا خلصت شغل بس ليه ؟؟؟
تحدث زكريا وهو يبتعد عن الجميع :
_ عايزك يا هادي تجيب رشدي وامي ولؤي وتجيلي عند بيتك عشان هتجوز .
بصق هادي المشروب في وجه فرج بفزع وهو ينهض متحدثا بصدمة :
_ تتجوز عند بيتي ؟؟؟ هتتجوز امي ولا ايه ؟؟؟
اغمض زكريا عينه وهو يؤنب نفسه على اتصاله لهادي لكن رجح أنه الوحيد المتفرغ لمعرفته أن رشدي الآن سيكون بعمله ولن يجيب عن هاتفه :
_ امك مين يا متخلف انت ......
لكن هادي لم يستمع له وأخذ يندب حظه :
_ يا مصيبتك يا هادي عمال تقول هتجوز أم اشرف هتجوز أم اشرف اديها هتتردلك في امك ...ومن مين ؟؟؟ صاحبي اللي آمنته على بيتي ....وياترة بقى هقولك بعد كده يا جوز امي ولا تحب اناديك بابا زكريا ...
صمت ثم تحدث بحسرة :
_ على آخر الزمن ابويا يبقى اسمه زكريا لؤي ...يعني يارب انا موعود ابويا اسمه عبدالهادي المهدي و جوز امي اسمه زكريا لؤي ؟؟
لم يتحدث زكريا ولا كلمة وصمت يستمع لجنون رفيقه فهو يعلم أنه عندما يبدأ التحدث فلن يصمت ابدا لذا تركه يفرغ ما في جعبته وهادي لم يتوانى عن الحديث بل أخذ يتحدث دون انقطاع :
_ وياترة بقى يا صاحبي هترميني برة الشقة عشان تاخد راحتك ولا يكونش ه....
لم يكمل حديثه بسبب فرج الذي التصق به وهو يقول ببسمة غبية :
_ قوله انا كمان عايز اتجوز ام اشرف ....خليه يقولي عملها ازاي ؟؟؟
نظر له هادي بنظرة شر ثم تحدث لزكريا :
_ عجبك كده ؟؟؟ شمتت فينا فرج يا اخي الله يسامحك .
_اسكت يا حيوان يا متخلف خلينا اتكلم ...بقولك هتجوز عند بيتك مش في بيتك ولا هو عشان البعيد نيته زبالة فاكر الكل زيه ...هتجوز فاطمة جارتك يا غبي ....اتينل هات رشدي ولؤي وامي وقولهم اللي هقولك عليه ده .......
قص زكريا الأمر بسرعة وهو يؤكد على هادي أن يوصل الأمر لوالديه بجدية ودون مزاحه الغبي
أنهى زكريا حديثه واغلق الهاتف سريعا في وجه هادي دون أن يعطيه فرصة للتحدث و استدار للعودة حيث يجلس والد فاطمة والمأذون وباقي العائلة بعد رحيل ذلك العريس المزعوم لكن بمجرد أن استدار وجد والدة فاطمة تقف أمامه بأعين دامعة ........
________
صعد كلا من هادي ورشدي درج بناية منزل زكريا ورشدي يؤكد على هادي ألا يتحدث بشيء غبي :
_ فهمت يا زفت ...سيبني انا اتكلم لغاية ما نفهم من زكريا الحوار كله .
_ خلاص فهمت فهمت هو انا غبي بقالك ساعة بتعيد وتزيد في نفس الكلام...
أنهى حديثه وهو يمد يده ليضرب جرس منزل زكريا ...وانتظر قليلا حتى فتح الباب وكان لؤي هو من فتحه ..كاد رشدي يفتح فمه للتحدث لولا ذلك الغبي الذي يقف جواره والذي قال ببسمة واسعة بلهاء :
_ يلا يا حاج لؤي ادخل البس بدلة حلوة كده واتشيك عشان انهاردة كتب كتاب زكريا ابنك .
سمع الجميع صوت شيء يكسر في الخلف ليستدير الجميع حيث تقف وداد وهي تضرب صدرها بيدها بصدمة لما سمعت منذ قليل ....
نظر رشدي لهادي بشر شديد ليبتسم له هادي وهو يتحدث بغباء مشيرا حيث وداد ولؤي المصدومين :
_ هيموتوا من الفرحة ......
________________
وليست كل الحقائق كما تبدو فلا تخدعك البسمات فخلفها تقبع حرائق كثيرة .....
ولسه اسرار كتير هتنكشف البارت الجاي ❤️⭐
دمتم سالمين



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close