رواية قتلني قلبي الفصل الثالث عشر13 بقلم خلود بكري
كنتُ أخيطُ چراحكَ من لُب قلبي’!
بينما كُنتَ أنت تجرح ولاتبالي ‘!
نزف قلبي معلنًا أمامك مصرعهُ !
فلبستٰ وجه قسوةِ الچلاديِ’!
بكت عيوني حينها دمًا فتفتتٰ القلبُ لدمائي’!
قولى بربك ماذا فعلتُ لك لترد قلبي ببترٍا في الفؤادِ’!
“خلود بكري”
___________
ضربات قاسية في تلك القاعة التي تعجُ بالحاضرين فاليوم هي الجلسة الأولى للنطق بالحكم على ذلك القاتل الذي فاق بعد فوات الأوان …
صاح صوت الحاكم بقسوة :-
نعلن نحن الحكم على المتهم” أحمد السيوفي “بالحبس ٥ سنوات مع الأشغال الشاقة ، لما صدر لنا من أوراق تدنيه في التجارة الغيرة مشروعة مع تبريئة من مقتل المدعو فارس فكان دفاعاً عن النفس رفعت الجلسة ….
ضجت القاعة بالأصوات الرافضة وأخرى شامته فاقترب رأفت منه قائلاً بحزنٍ:-
ـ الخمس سنين دول يا أحمد بمثابة عمر وصفحة جديدة أتمني تخططها كلها باللون الابيض وسيبك من السواد لأن سرق حياتك ..
هبطت الدمعات من مقلتيه فقال بصوتٍ باكي يملؤه العذاب والحسرة:-
ـ أنا خسرت كل حاجه يا رأفت خلاص خلي بالك من عيالي انا سيبهم أمانه ليك ..
خانته دموعه رغمًا عنه فبالنهاية هو أخية مو لحمه ودمه فردد بمحبة :-
ـ هتخرج من هنا إنسان نضيف هنستناك ترجع تاني
أمسك كفه برجاء قائلاً:-
ـ خلي فيروز ورغد وملك يسمحوني انا غلطت في حقهم كتير ..
اقتربت منه وهي تتحدث بألم ملء نبرتُها :-
ـ أسامحك على إيه ولا إيه روحي اللي لا يسامحك
ثم تابعت بنبرة منكسرة :-
ـ صبرت معاك وشوفت المر في عشرتك كنت تخون وبتكسر فيا وكنت بتزيد في قسوتك عليا وعلى عيالي هي كلمة أخيرة هقولها ليك ..
طلقني يا أحمد ..
صمت كل منهما ولا ينطق أحدا فتحدث رأفت قائلاً بهدوء:-
ـ مش هنا يا أم مروان انتي اعقل من كده بكتير
ثم تابع بجدية :-
ـ فكري في قرارك عشان ولادك كفايا اللي حصل واللي هيحصل ..
هبطت منها دمعةٌ صامتة تحمل بين طياتها الكثير من الألم فأردفت بنبرة منكسرة :-
ـ مش قادرة استوعب إن في أب يعمل في عياله كده بتاجر بيهم يا أحمد بعيالك لا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
أمسك كفها من بين فتحات حديد السجن المقفل علبة بأقفال يصعب فتحها ثم تحدث بنبرة متألمة :-
ـ متهديش الحب اللي بينا يا فيروز عشان خاطر اللي بينا فكري انا محتاج ليكم جنبي …
لبست رداء القسوة وغلفته برداء الكبرياء ثم إستدارت وهي تقول بقسوة صنعتها بصعوبة كادت أن تُطيحُ بها :-
ـ أنا مبقتش عايزك ولا عايزك في حياتي ولا في حياة عيالي من بكرة هبعتلك المحامي بأوراق الطلاق ..
__________________________
في منزل آل السيوفي
كانت الشمس تقترب على المغيب ، وفي هذا الجزء المخصص بالحديقة للجلوس جلست رغد بهدوء ترفض تصديق ما أصابها …
تهديد أبيها بالغصب على زيجة فاسدة ، وخطفها وتهديد أختها الصغيرة ما فعله ذلك اللعين وما فعله أبيها وأخيراً الحكم على أبيها بالسجن …
كانت تحمل من الحزن في قلبها أطنان لما فعله أبيها بها، لكن بالنهاية يظل أبيها لا مفر ولا مهرب ..
شردت بعيدًا تتمنى لو كانت حياتُها أسهل من كل ذلك التعقيد
وجدها شاردة فمدى الخطى يقترب منها ثم تنحنح بهدوء :-
ـ إزيك يا رغد أخبارك إيه النهارده
نظرت له بهدوء ثم خفضت بصرها خجلاً :-
ـ بخير الحمد لله أحسن
جلس على مقربة منها فقال بصوتٍ حنون :-
ـ أنتى أقوى من كده يا رغد متخليش اللي حصل يأثر عليكي
ابتسمت ساخرة فقالت بنبرة منكسرة :-
ـ ازاى بتقول كده ! ازاي هقدر انسى أذية أقرب الناس ليا
أغمض عينيه في محاولة لتجميع شتات عقله وحزنه لما تعانيه :-
ـ كلنا بنغلط يا رغد محدش معصوم من الغلط
تنهدت بضيق ثم تابعت بنبرة حزينة :-
ـ مش عارفه يا يامن هقدر اتخطى ده ولا إيه بس كل اللي اقدر اقوله :
انا مش مستعدة لأي علاقة تاني شوفي حد سليم نفسياً يا يامن
نظر إلي عيناها بدقة وهو يهمس بمحبة :-
ـ أنا مش عايز حد غيرك عايزك بكل التعب والحزن ده أنا بتعافى بيكِ إزاي مش هكون سبب في انك تتعافى من كل ده .
رفعت بصرها إليه وهمست بضعف :-
ـ خايفة في يوم تندم
اقترب من عينيها أكثر وهو يعمق النظر بها :-
«وكيف تخافي وفي قربي مأمنك وكيف أندم وأنت مسكني »
_____________________________
هبطت ألاء تبحث عن رغد فلم تجدها بالطابق الأرضي ولا بغرفتها استدارت لتخرج إلى الحديقة الخلفية للمنزل فسمعت صوت جرس البيت يدق مرةً بعد أخرى التفت تبحث عن أحد ليفتح الباب فلم تجد فاقتربت من المقبض تحرره بهدوء فتلاقت الأعين بلقاء خاص..
دقائق مرت لا تدري إن كانت أو أعوام الصمت المسيطر على الأمر تنظر له بعمق ويبادلُها نفس النظرة الساحرة فهمس لها بعد مدة طالت :-
ـ ممكن أقابل يامن ؟
خفضت بصرها مسرعة ثم تنحنحت بخجلٍ:-
اتفضل أقوله مين !
شبه ابتسامه هادئة ارتسمت على وجهه العابث :-
ـ قولي له يونس الدميري
تلجلج صوتها فخرج غير منتظمًا :-
ـ اتفضل حضرتك هنادي لك يامن حالاً
استدارت هاربة من بحر عيناه فهمست بعتاب لحالها:-
ـ وقفه مبلمه يا اختي يقول عليكي إيه الراجل دلوقتي
ثم تابعت ببسمة هادئة والخجل يسيطر عليها ودقات قلبها في سباق :-
بس عيونه قمر أوي عاملة زى موج البحر ثم تابعت بنبرة هائمة :-
شكلي وقعت ومحدش سمى عليا
_____________________
ذهب يامن مسرعاً بعدما أخبرته ألاء انا هناك من ينتظره وبقيت هي برفقة رغد
تقدم بخطى ثابتة وهو يرحب بهِ في هدوء قائلا :-
أهلاً يونس باش نورت
تنحنح بهدوء ثم تحدث بنبرة جعلها مستكينه بعض الشيء:-
ـ منور بأهله وناسه يا يامن
زفر بضيق من شعوره سبب زيارته فقال بصوتٍ متزن :-
ـ اللي يبارك فيك يا صاحبي
بلع غصة حلقة بتوتر ثم تحدث قائلاً بثبات :-
ـ طبعاً أنا عرفت اللي حصل مع أمير واختك وجاي اوضح لك كام نقطة وليك حرية التصرف
أومأ رأسه بتفهم فاسترسل يونس حديثه بحزن :-
ـ أمير بيحب روان وكان جاي يطلبها منك بس اللي حصل منه كان بدافع تجربة مر بها وإدى ردة فعل غير اللي في قلبه
صدقني يا يامن أمير مكنش يقصد يجرحها أو يكسرها
اعتلى الضيق قسمات وجهه فقال بصوتٍ ثابت :-
ـ وانا المفروض أسامحه عشان مقدرش يتحكم في ردة فعله وكسر قلب اختى قدام عيني
أغمض يونس عينيه بألم وخز قلبه فقال بصوتٍ يملؤه الحزن:-
ـ ماما ماتت في حضن أمير وهو عنده ١٢ سنه
صدم اعتلت قسمات وجهها وهو يستمع لحديثه المؤلم :-
ـ ماما كان عندها السكر ومكنش ينفع تخلف تاني بعد أمير بس بابا صمم إنها تحمل تاني ولما حملت كان الخطر كل يوم بيزيد
يوميها كان أمير في البيت معاها لوحده ولما خلاص مبقتش مستحمله وجت ليها اعراض الولادة وقعت بين ايديه ومعرفش يعملها حاجه كان وقتها عاجز إنه يفكر إزاي يساعدها وعلى ما انا جيت من بره وبابا كانت ماتت على رجله
اختنق صوته بالبكاء وهو يقول :-
ـ قعد أربع سنين في مصحة نفسية يتعالج وعملت المستحيل عشان يقدر يقوم ويكون راجل بس اللي حصل ده رجعنا لنقطة كنت خايف منها
استمع له يامن بحزن ارتسم بصدق على وجهه فقال بدهشة يصاحبه ندمه لسرعة حكمه بالباطل وسوء الظن عليه:-
ـ كل ده حصل لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تنهد يونس براحة ثم أردف قائلاً:-
ـ كل اللي عايزه منك إنك تسامح أمير وتخلى الأستاذة روان تسامحه وتديله فرصه يكون معاها
دقت على باب الغرفة بهدوء دموعها التي أغرقت وجهها أخبرتهم أنها إستمعت إلى حديثهم فقالت بصوت ضعيف باكي :-
ـ أنا بعتذر سمعت كلامكم غصب كنت جايا عايزه يامن
ثم تابعت بثبات من خلف بكائها :-
ـ أنا موافقة أعطية فرصه تانيه
يتبع