رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل المئة والرابع والثلاثون 134
الفصل 134 البقاء
تكلمت خلود بفضول تبدو هذه العبوة مميزة حقا. لم أر مثلها في أي مكان من
قبل".
لم يعرف ساهر فيما كانت تفكر، إلا أن النظرة الجادة على وجهها كانت كافية
فشرح قائلا "لقد صنعه صديق قديم في المنزل ولا يبيعه إلا لأصدقائه
المقربين".
أومأت خلود بالموافقة ولمعت عيناها ثم أشارت إلى العبوة التي كانت بجانبها
وسألته "ألم تلاحظ أن هذه العبوة تشبهها كثيرا؟"
نظر ساهر إلى حيث أشارت بإصبعها، وشعر بالصدمة، لأنه رأى تلك العبوات في
كل مكان حوله.
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
هل يتم تعبئتها هنا في منزل هادي لتجفيف أزهار البابونج ؟
بما أن الأوعية تحمل نفس التوقيع بالضبط، فلم يكن هناك مجال للشك.
فجأة، انتابت ساهر مشاعر مختلطة لا يمكن وصفها. لا يعلم الجميع أن الطبيب
نصحه بشرب الشاي بالبابونج لعلاج مشاكله المعوية.
فهم على الفور سبب وجود الكثير من أزهار البابونج في الحديقة الخلفية. كل
تلك كانت أدلة كافية للتوصل إلى هذا الاستنتاج.
لاحظت خلود التغيير الذي حدث على وجه ساهر فتوقفت عن طرح الأسئلة.
وعندما عادوا إلى غرفة المعيشة، أبلغهم الخادم أن العشاء جاهز.
عندما دخلت جمانة انتبهت أن لينا لا تزال جالسة على الأريكة، وعلقت قائلة
"هذا تجمع عائلي يجب على الغرباء المغادرة".
من خلال كلامها لم يكن هناك أي شك في أنها تتحدث عن لينا.
لن تقبل جمانة أبدًا بأن تنضم لينا إليهم على طاولة الطعام.
و بدون تردد. اقتربت هلا من لينا وقالت بصوت ناعم "أرجوا أن تغادري من
فضلك".
على الرغم من أن لينا شعرت بالإهانة بسبب ذلك إلا أنها تجاهلت الأمر، لأنها
واثقة من أن ساهر سيقف بجانبها.
وقفت بتحد، وتلاقت نظراتها مع نظرات جمانة هل تطردينني؟، لنز من سيبقى
لتناول العشاء معك إذا!
بعد ذلك التفتت لينا نحو ساهر وقالت بصوت منكسر "إن السيدة هادي لا ترغب
في بقائي لتناول العشاء". وتقطع صوتها في نهاية الكلام.
ألقت جمانة نظرة سريعة على مظهر لينا المتظاهر ثم أدارت عينيها.
ولأنها لم تكن المرة الأولى التي تتظاهر فيها لينا بالظلم، فقد تمكن الجميع من
رؤية خداعها، باستثناء ساهر.
بينما كانت لينا تتظاهر بالبكاء بصوت منخفض، نظرت إليه من طرف عينيها.
عادة ما يدافع ساهر عنها في اللحظة التي تبدأ فيها البكاء.
لماذا لا يتكلم؟ ما الذي حدث اليوم؟ أعتقد أنني لم اجعل الأمر دراميًا بما فيه
الكفاية.
عضت لينا على شفتيها، وبدأت الدموع تتجمع في عينيها. وقالت: "أعلم أنك لا
ترحبين بوجودي يا سيدة هادي، ولكن "
قاطعتها جمانة قبل أن تنهي كلامها وقالت بسخرية "إذا لماذا تصرين على
الحضور؟ هل لديك مشكلة ما في تفكيرك؟"
شعرت بالألم من ذلك الكلام، وأحست لينا وكأنها تلقت صفعتين على وجهها،
لدرجة أنها شعرت بحرقة في خديها.
بعد عجزها عن الكلام لم تستطع إلا أن توكز يد ساهر. تبا ! ألا يرى ساهر كيف
تحاول إهانتي ! لماذا لا يدافع عني؟
كانت دموع لينا بالفعل على وشك الانهمار. قالت: "ساهر، أنا..."
بدا ساهر مشتئا، وقال سأجعل السائق يوصلك إلى البيت".
كانت لينا على وشك المغادرة لكنها توقفت في مكانها عندما أدركت ما قاله.
التفتت نحو ساهر بدهشة وسألت "هل تطلب مني أن أذهب بمفردي ؟"
هل يخطط لتناول العشاء مع هذه المرأة الغير منطقية ؟ لا بد أنني : سمعته بشكل
خاطئ.
ظهرت تعابیر مختلطة على وجه ساهر كان من الصعب تخمين ما يدور في
ذهنه، قال: "سأعود إلى المنزل بمجرد انتهائي من تناول العشاء. لن يستغرق
ذلك وقتا طويلا.
نظرت لينا بشك نحو خلود. لابد أن هذه الصغيرة قد أخبرته بشيء ما. وإلا،
لماذا يتصرف كشخص مختلف بعد عودتهما من الخارج؟
لم يكن أمام لينا خيار سوى الامتثال لأمر ساهر.
بينما تفاجئ الجميع من موقف ساهر عندما أمر المرأة التي يعشقها بمغادرة
المكان.
حتى جمانة شعرت بالصدمة، لكنها حافظت على هدوئها، ثم دخلت إلى غرفة
الطعام أول شخص.
بدأت الوجبة، وكان الأربعة يأكلون في صمت، كما لو كانوا غرباء يتشاركون
نفس الطاولة.
على الرغم من أن نائل كان مشغولاً بأدوات المائدة، إلا أنه بدلا من أن يأكل، أخذ
يملأ طبق خلود.
شدت خلود بلطف كم نائل وبسرية من تحت الطاولة ثم حدقت به بعينيها
المتسعتين واشتكت بهدوء قائلة: "توقف عن سكب الطعام لي. إنه كثير بالنسبة
لي لأنهيه".
لاحظت جمانة ذلك فقالت بصوت ثابت "يريد التأكد . أنك لن تشعري بالجوع
من
في منزل هادي".
ردت خلود بابتسامة محرجة. لماذا تصر أن تجعل الأمور تبدو غريبة بينما من
الواضح أنه يريدني أن أكل المزيد؟
الحق يقال، فإن بعد قضاء بعض الوقت سويًا، أدركت خلود أن جمانة لا تقصد
أي سوء على الرغم من لسانها الحاد.
إن شخصيتها كانت سببًا لهزيمتها. ولولا ذلك ما كانت لينا قادرة على منع ساهر
من العودة إلى المنزل.
يبمجرد انتهاء العشاء شعرت خلود وكأن معدتها ستنفجر من الأكل الزائد.
وعندما ذكرت أنها تشعر برغبة في شرب الشاي بالبابونج، تردد ساهر للحظة
قبل أن يبدأ في تحضيره
بعد ذلك، ذهب نائل ليتابع بعض الأعمال، في حين أن جمانة، كانت تجلس على
الأريكة، ولم تنطق أي كلمة ولم تشرب الشاي. وفي النهاية، كان على خلود أن
تقول شيئا لكسر الصمت المحرج.
كان ساهر يشاركها الحديث أحيانًا عند سماعه شيئا مثيرا للاهتمام أو يومئ
بالتأكيد في أحيان أخرى.
وقبل أن يدركوا ذلك، أصبح الوقت متأخرًا. كما لاحظت خلود أن لينا اتصلت
عدة مرات خلال هذه الفترة. في البداية، رد ساهر وتحدث قليلا، ثم بعد ذلك
أصبحت المكالمات المتواصلة تزعجه فقام بكنم هاتفه وتجاهلها.
بينما كانوا يواصلون الحديث بدأت خلود بالتجشؤ بعد أن ملأت نفسها بالشاي.
في الوقت نفسه، نظرت جمانة إليهما بارتياب بطرف عينيها. ولاحظت أن ساهر
كان يتجنب اتصالات لينا بينما كانت خلود تبتسم بمكر.
ما الذي تخطط له خلود؟ هل تحاول أن تماطل بالوقت؟
وعندما رأى الساعة تقترب من منتصف الليل نهض ساهر واستعد للمغادرة.
قائلًا: "حان وقت العودة".
لم تكن لدى جمانة أي نية في أن تطلب منه البقاء، فأمرت الخادم قائلة:
"جهزوا السيارة".
ولكن أبلغها الخادم قائلا: "تم إرسال السيارة للإصلاح اليوم يا سيدة هادي
لذلك ليس لدينا أي سيارة متاحة في المنزل".
تلك اللحظة نزل نائل على الدرج ولاحظ أن الجميع يقفون عند الباب.
وبالصدفة، بدأ المطر يهطل في الخارج، كأن القدر نفسه يرغب في بقاء ساهر.
ازدادت شدة المطر بسرعة وتحولت حالا إلى عاصفة شديدة.
في
لحظة
من الصمت المحرج، تقدمت خلود وسألت بصوت جدي: "أليس هذا
منزلك؟ إلى أي مكان آخر ستعود إذا؟"
كلماتها جعلت ساهر يقف مصدوفا . أليس من الواضح أين سوف أذهب؟ لماذا
تسألينني مثل هذا السؤال؟ يجب أن تحاولي جعلي أبقى.