اخر الروايات

رواية ليل يا عين الفصل الثاني عشر12 بقلم رضوي جاويش

رواية ليل يا عين الفصل الثاني عشر12 بقلم رضوي جاويش 



١٢- حل ثالث
بضع طرقات على باب الغرفة ثم انفرج بابها عن محياه مهللا في مودة :- حمدا لله ع السلامة ..
هتفت نجوى في سعادة لمرأى هشام موجهة حديثها لأمها التي تحسنت حالتها وانتقلت لغرفة عادية :- حضرة النقيب هشام يا ماما .. ده اللي ماسك موضوع عين ف أسوان ..
هتفت أمها في لوعة :- صحيح يا بني هي بخير !؟. نجوى قالت لي إنها كويسة ..
أكد هشام في اضطراب ونظراته حائرة بينها وبين نجوى التي اشارت إليه بلحظ خفي أن يؤكد على كلامها فأطاع هاتفا :- اه طبعا .. هي بخير متقلقيش.. بس هي مسألة وقت وهتكون معاكِ هنا بإذن الله ..
هتفت نجوى مؤكدة في مرح :- شوفتي يا ستي أهو حضرة الظابط قالك إنها بخير .. كان لازم تسمعيها منه يعني وأنا كلامي ملوش لازمة ..
ابتسم هشام مؤكدا :- لا طبعا ازاي يا آنسة نجوى.. كلامك ع العين والراس .. بس الظاهر إن الوالدة يهمها الكلام يبقى ميري ..
هتفت نجوى في مزاح تحاول إلهاء أمها عن السؤال مرة آخرى عن عين مشيرة بتحية عسكرية صارمة :- تمام يا فندم ..
قهقهت أمها على أفعال أبنتها بينما اتسعت ابتسامة هشام وهو يتطلع إليها في محبة لا يرغب في مفارقتها لكن يجب عليه العودة لأسوان فإجازته شارفت على الانتهاء .. ربما عند عودته يستطيع أن يصل لموضع عين الحياة وينهي تلك القضية قبل أن يضع النقاط على الأحرف فيما يخص حياتهما ..
***************
وصلا أخيرا لتلك القرية التي تتشابه دورها حجما ولونا .. فقد كانت كلها على هيئة مبان من طابق واحد بيضاء اللون تعلوها القباب ..
كلها تقريبا محفورة داخل جدران الجبل الذي تعتليه مشرفة على النيل ..
أشار لها لتتبعه بعد مشاورة مع بعض الرجال ..
تبعته في صمت تشعر بالتعب والأعياء والرغبة في الحصول على حمام دافئ والخلود للنوم ربما لأيام .. ولم يكن هو بأقل رغبة منها في ذلك .. لكن مهامه التي جاء من أجلها لا تترك له فرصة للراحة ..
دخل إلى الدار التي اختارها بعناية كما سابقتها في قرية جابر النوبية .. دار متطرفة ومنعزلة بعض الشئ عن باقي الدور ..
أشار لإحدى الحجرات هامسا في إرهاق :- دي اوضتك يا داكتورة .. شوفيها لو ناجصها حاچة جولي ..
همست هي في حرج :- طب أنا عايزة اخد حمام .. بعد العاصفة والنوم ع الرمل و..
هز رأسه المنكس متفهما وهمس :- ايوه طبعا .. معلوم يا داكتورة .. هخليهم يحضروا لك الحمام .. ادخلي ارتاحي .. ولما يچهز هنادمك ..
همست شاكرة واندفعت لحجرتها .. كانت حجرة بسيطة تحوي فراش صغير لكنه نظيف عليه العديد من الأغطية وطاولة صغيرة ومصباحان على كل جانب بالغرفة داخل كوة بالحائط ..
جلست على طرف الفراش لا ترغب في تلويثه بما علق بها من رمال أو ما شابه تمني نفسها بنوم عميق تعوض به ساعات السهاد لليلتين ماضيتين ..
طرقات على الباب انبأتها أن الحمام قد تم تجهيزه بكل ما يلزم ..
نهضت في عجالة تسير في الاتجاه الذي اشارت إليه إحدى النسوة .. هزت عين رأسها في امتنان فتركتها المرأة وانصرفت ..
همت عين بدخول الحمام، لكنها وجدت أن الفرصة سانحة تماما لتدرك ما تحويه كل هذه الصناديق التي كانوا يحملونها على طول الطريق وكانت بالدار الآخرى يضعون علي كل باب حارس لا يغادره..
أما هنا .. فلم تجد أي من الحراس فقررت المجازفة لتعرف محتوى الصناديق التي يتم تهريبها ..
تسللت في بطء نحو إحدى الغرف التي رأت الرجال عند وصولهم يضعون بها حمولتهم الثمينة، فتحت بابها في حذّر ودخلت تحاول تلمس طريقها حتى اصطدمت قدمها بحافة صندوق ما كان موضوع جانبا .. تأوهت بصوت مكتوم وتغلبت على وجعها وقد ارتفع فضولها لمستوى عالِ وهي تنحني عابثة بقفل الصندوق الذي عالجته قليلا حتى فُتح .. مدت كفها لمحتوياته فلم يكن هناك إلا بعض القش .. مدت يدها في خوف مما قد يكون مدفونا به فاصطدمت كفها بجسد املس ..
كادت أن تخرج يدها ذعرا إلا أنها تشجعت تتحسس باقي الجسد الأملس جاذبة إياه خارج القش لتشهق في صدمة وهي تمسك بذاك التمثال الفرعوني بين يديها ..
تمالكت أعصابها ومدت كفها من جديد تزيح القش في عجالة لتكتشف عدد من التماثيل الفرعونية المتعددة الأحجام والأشكال ..
إذن فهو يقوم بتهريب ثروة بلاده والاتجار بها ..
كانت تعلم أنه مهرب لكن لم يكن يخطر ببالها أن تكون تجارته هي تهريب آثار البلد وخيرها ..
امسكت تمثال بكل كف واندفعت خارج الحجرة ليتفاجأ كل منهما برؤية الآخر، شهق كلاهما في صدمة كان سببها مختلف لكلاهما ..
كان ليل قد انهى حمامه لتوه خارجا لا يستره إلا منشفة حول خاصرته يسير بها في أريحية تجاه غرفته معتقدا أنها بدورها تأخذ حماما على الجانب الآخر من الدار وتفاجأ عندما وجدها تخرج من الغرفة التي حفظ بها صناديق البضاعة حاملة بعضها بيدها ..
تجاسرت عين على مظهره الشبه عار متجاهلة إياه وهي تتقدم نحوه حاملة التمثالين بين كفيها هاتفة في غضب مكتوم :- إيه ده يا ليل بيه !؟..
هتف ليل ساخرا :- هيكون إيه يعني !؟.. أنتِ شايفة ايه !؟.. تماثيل فرعوني .. مساخيط كيف ما بنجولها ..
هتفت في غضب لازال مكتوما :- كنت أتوقع تتاجر ف أي حاجة إلا ده ..
هتف ليل بنفس النبرة الساخرة :- محسساني يا داكتورة اننا اتجابلنا على عرفات .. ما أنتِ عارفة م الأول إني بهرب بضاعة .. إيه تفرج بضاعة عن التانية !؟..
هتف في ثورة :- تفرق كتير .. ده تاريخ بلدك .. إزاي تبيعه كده بالساهل !؟..
هتف في لامبالاة :- متكبريهاش جوي كِده .. دول اسميهم لچية .. حاچة لجيناها ف الأرض وبنبعوها للي يشتري .. وبعدين أنتِ محموجة جوي على شوية التماثيل اللي بنبيعهم .. ما البني أدمين دلوجت بيتباعوا .. وعادي ..
دخل جابر في تلك اللحظة ليكتشف ما حدث، ليهتف به ليل في غضب هادر :- أني مش جلت تحط راچل يوجف على كل اوضة !؟.. محصلش ليه !؟..
هتف جابر معللا :- الرچالة كانوا بيفطروا وانتوا جلتوا إنها ف الحمام وهطول ..
ومال على ليل هامسا :- إيه العمل دلوجت يا بيه !؟ دي عرفت كل حاچة !؟..
هتفت عين في غضب :- عرفت وهبلغ البوليس كمان ..
أشار ليل لجابر بالمغادرة وما أن خرج طائعا حتى اقترب منها ليل في استمتاع، لتتقهقر هي حتى اصطدمت بمقعد خلفها اجبرها لتسقط جالسة عليه وهي لا تزل تحمل التمثالين بيدها لينحني ليل نحوها مستندا بكلتا كفيه على يدي المقعد هامسا وهو يتطلع لعينيها في مشاكسة :- جدامك حل من اتنين يا داكتورة .. يا تموتي .. يا تسكتي .. تحبي ايه !؟..
همت بأن تنطق إلا أنه وضع سبابته على شفتيها هامسا في تحذير :- لاااه .. متجاوبيش دلوجت .. خدي وجتك يا داكتورة ..
واقترب أكثر لتبتعد ملصقة ظهرها بظهر المقعد الذي تشغله، وهو يهمس مقتربا من مسامعها :- وفيه حل تالت بس نخليه بعدين ..
وغمز بإحدى عينيه في عبث فاضطربت لقربه بهذا الشكل الحميمي وما أن هم بالابتعاد حتى عاد يهمس من جديد :- اه بالمناسبة .. تعرفي تماثيل إيه اللي أنتِ شيلاها دي !؟..اجولك أني ..
أشار لأحدهما هامسا في نبرة ماجنة جمدتها حرفيا عن النطق :- دِه بيجولوا إنه اله المحبة عند الفراعنة اسميه .. (باسيت).. والتاني دِه اسميه (حتحور) يبجى اله الإخصاب والأمومة ..
رفعت ناظريها إليه ليتطلع إلى عمق عينيها في مجون مستمتعا قبل أن ينتصب واقفا واستدار راحلا وهو يشير لها أمرا :- رچعي اللي ف يدك دوول يا داكتورة دي حاچات ناس .. وادخلي فوچي وخدي حمامك ومتنسيش .. فكري هتختاري ايه ..
واغلق باب حجرته خلفه تاركا إياها تتطلع للتماثيل الفرعونية التي تحملها لتنهض تعيدهما موضعهما مغلقة باب الحجرة خلفها واتجهت للحمام في آلية تحاول أن تستنتج ما هو الحل الثالث الذي يخفيه عنها .. ربما عليها اختياره .. فهي لا تريد الموت بالتأكيد وكذلك لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما تره يحدث من تبديد لثروة البلاد ..
لكن تراه ما هو ذاك الحل !؟.. لديها فضول لتعرف، لكن تتمنى ألا يكون فضولها ذاك.. الفضول نفسه الذي قتل القطة ..
**************
يتبع..


الثالث عشر من هنا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close