رواية قتلتني قسوته الفصل الثاني عشر 12 بقلم جنة مياز
بارت الثاني عشر
بسم الله
اعطى ريان غياث المنشفة ثم قال بنبرة مرحة
-سبحان الله شوف اخلاق البنت حست انك حران فقالت تنزلك البسين
ليرمق غياث ريان نظرة هادئة و مرعبة قائلاً بعدها ببرود
-ابعتهالي على فوق
ثم تركه و ذهب ليبتلع ريان ريقه ثم يتوجه بعدها ليبحث عن اسيل و ما إن دخل المطبخ حتى قالت نور بسرعة
-اسيل مكانتش تقصد
تنهد ريان ثم التفت الى اسيل و وجدها جالسة على الطاولة تحرك قدميها كالأطفال و وجهها شديد الحمرة فقال بهدوء
-اسيل غياث عايزك فوق
اماءت هي له بشكل لطيف وهي تبدو كالطفلة البريئة و ما ان اخبرها ريان بمكان غياث حتى صعدت وهي تقرأ قرآن في سرها و ما ان وصلت طرقت باب الغرفة حتى جاءها صوت غياث الرجولي يخبرها بأن تدخل ففتحت هي الباب ثم ظلت واقفة في مكانها خاصةً عندما رأت غياث يرتدي ذاك القميص الأسود الذي يبرز عضلات جسده الضخم مع بنطاله الجينز و شعره المبلل عائد الى الخلف فأعطاه جاذبية لا وتوصف بالإضافة الى رائحة عطره التي تملأ المكان اما هو ما إن رأى اسيل امامه حتى قال بنبرة هادئة
-ادخلي
فحركت اسيل رأسها نافية ثم قالت بثبات
-لو عايز تقول حاجة قولها وانت بعيد
ليضحك غياث قائلاً باستفزاز
-شكلك خايفة
فابتسمت هي و قالت
-اكيد مش هخاف منك بس معنديش استعداد آخد ذنب عشانك
حك غياث ذقنه بخفة ثم امسك اسيل من يدها ادخلها الى الغرفة بسرعة قائلاً بنفس اسلوبه
-شايفة الاوضة ديه؟ عايزها تنضف
نظرت اسيل الى الغرفة بعد ان ابتعدت عن غياث ثم قالت
-مهي نضيفة
تنهد غياث ثم توجه الى الشرفة و كان بابها من زجاج فركله بقدمه بسرعة ليتهشم الى اشلاء في لحظات و بعدها قال
-كده مبقتش نضيفة
ثم مر بجانب اسيل وقال ببرود
-قومي بواجبك كخدامة
ثم دفعها و خرج من الغرفة لتغلق هي عينيها بهدوء كي لا تسمح لدموعها بالنزول و قالت بعدها وهي تبتسم
-مش هعيط عشان واحد زيه
بعدها شمرت اكمامها ثم ذهبت لتنظف آثار الزجاج المتناثر في كل مكان
.....
انتهت اسيل من تنظيف الغرفة و بالتأكيد كان هناك بعض الزجاج الذي دخل في يدها الناعمة جارحاً اياها فذهبت هي ثم نزلت الى الأسفل لتجد ريان يمازح نور في المطبخ فزفرت هي ثم ذهبت لتغسل يديها لأنها قد نزفت مرة اخرى وما ان انتبهت لها نور حتى قالت بفزع
-اسيل...ايه اللي عمل في ايدك كده؟
قضب ريان حاجبيه ثم قال
-غياث؟
فحركت اسيل رأسها نافية و قالت بنبرة هادئة
-لا...بس ازاز دخل في ايدي وانا بنضف
امسكت نور يد اسيل بينما أحضر ريان الإسعافات الأولية لها و بينما نور تطهر يد اسيل كي تقوم بلفها بالشاش اذ بغياث يدخل و علامات البرود بادية عليه فنظرت له اسيل بطرف عينيها و لم تعطه اهتمام ليقول هو وهو يستند على الرخام المقابل لها
-نضفتي عدل؟
ابتسمت اسيل ثم قالت
-حطتلك واحدتين تحت المخدة عشان تدخل في راسك وانت نايم
فبادلها غياث نفس الابتسامة قائلاً
--اطلعي نضفي مكتبي اللي في الدور اللي فوق
فسابقتها نور بالرد قائلة
-انا هعمله لحضرتك ....اسيل اديها متعورة
ليعطيها غياث نظرة احتقارية جعلتها تتصنم في مكانها ليقول هو بنبرة مرعبة و هادئة
-قولت اسيل...فاهمة؟
حركت نور رأسها بسرعة ليخرج غياث من المطبخ بينما زفرت اسيل و قالت بصوت مرتفع بعض الشيء
-شرير اوي
فربتت نور على كتفها بحنو قائلة
-لو مكانك كنت هقتله
لتنظر لها اسيل و ريان بدهشة بينما صمتت هي و ذهبت لتكمل عملها اما من جهة أخرى فتلقى مؤيد اتصال هاتفي وهو في منزله فقام بتحضير حقيبة سفره وهو يقول ببرود
-تمام يا مكرم...عندي سفرية مهمة بس اقسم بالله اول ما ارجع لأخد حقي منك
بعدها أغلق الخط ثم القى هاتفه بغضب بينما من جهة مكرم فوضع الهاتف على المكتب لتأتي نرمين ثم تقول
-حتى لو مؤيد اضطر يسافر للشغل انا متأكدة انه لما يرجع مش هيسكت فابتسم مكرم ابتسمة خبيثة قائلاً
-ده لو رجع بقى
لتبادله نرمين الابتسامة ما ان علمت بمخطته بينما من جهة مؤيد فما ان فتح باب منزله حتى وجد اسمهان تفتح الباب المقابل فقال هو بابتسامة لطيفة
-رايحة فين؟
حكت اسمهان مؤخرة رأسها بخفة قائلة
-هنزل اجيب اكل من المطعم
ليقول هو بعدها بهدوء
-خلاص هروح اجبلك
انتبهت اسمهان الى حقيبة السفر في يد مؤيد فتساءلت بهدوء
-انت مسافر؟
اماء مؤيد لها قائلاً
-مضطر اسافر بس مش هطول هما يومين بالكتير
فردت عليه اسمهان بحزن خفيف
-اول مرة تسبنا...المهم هنزل أنا عشان متتأخرش
فما كان لمؤيد سوى ان يقول بشيء من الحدة
-أسمهان قولت هروح انا خشي جوة خليكي مع اسراء
فوافقت اسمهان على مضض ثم دخلت و اغلقت الباب لينزل مؤيد كي يحضر لهم الطعام متوجهاً بعدها الى المطار
"""بعد بضع ساعات"""
كانت نور قد انتهت من عملها فأخبرتها اسيل بأن تذهب هي للمنزل لأن الوقت قد تأخر ريثما هي تنتهي من تلبية طلبات غياث التي لا تنتهي فكلما انتهت من شيء امرها هو بآخر دون اكتراث ليدها التى تؤلمها بشدة و في النهاية كان غياث قد طلب من اسيل ان تحضر له كوب القهوة و تضعه في غرفته و بينما هي تعد القهوة بهدوء في المطبخ بعد انصراف جميع الخدم اذ بأصوات الرعد تهز الأرجاء بقوتها يليها صوت قطرات المطر تتساقط على الأرض في الخارج فابتلعت اسيل ريقها لذلك الوضع المرعب التي هي فيه فقامت اخيراً بوضع القهوة في الفنجان ثم اخذته لتصعد الى غرفة غياث و عندما وصلت طرقت الباب ثم دخلت لتجد غياث يجلس على حاسوبه باندماج على الأريكة فوضعت القهوة على الطاولة امامه و قبل ان تخرج استمعت الى غياث يقول باستفزاز
-انتي يا....اسمك ايه؟
فابتسمت هي ثم التفتت له قائلة بحنق
-نعم يا....اسمك ايه؟
فوضع غياث حاسوبه المتنقل على الطاولة ناهضاً بعدها ثم وضع يده في جيبه بغرور و قال
-متنسيش نفسك وانتي بتكلميني...انتي خدامة هنا يعني ملكيش قيمة
اخذت اسيل نفس قوي ثم قالت بهدوء بعد ان اجبرت نفسها على التماسك
-شوف يا غياث ...بيه انا معرفش مين اللي اداك فكرة بصراحة عن الحياة الاجتماعية بس اللي حابة انك تفهمه كويس انك لما بتقولي خدامة انا مش يتضايق خالص عارف ليه؟ عشان مش بعمل حاجة تغضب ربنا مني فخلاص مش بيهمني كلام حد فيا صح ان كلام الناس مهم بس رأيي في نفسي اهم
ليضحك غياث بعدها بسخرية ويقول
-بتتفلسفي على ايه؟ انتي عارفة اللي زيك ولا حاجة اصلا ولا ليه اي لازمة في الحياة
فما كان لأسيل سوى ان تقول وهي مبتسمة
-ولما انا مليش لازمة طلبت مني كل شغل النهاردة ده ليه؟
اقترب غياث من اسيل حتى وقف امامها ثم قال وهو ينظر الى عينيها
-عشانك تحت مزاجي بحركك زي ما انا عايز
اقترب اكثر منها هامساً بجانب اذنها باستفزاز
-عروسة لعبة متقدرش تقولي لا...تحت سيطرتي انا
فدفعته اسيل ثم قالت بغضب و صوت مرتفع
-انت مش هتجبرني على حاجة انا مش عايزة اعملها يا غياث و صدقني لو كنت سكتالك من الاول فده مش ضعف مني...ده احترام للمكان اللي بشتغل فيه بس
امسك غياث معصمها بقوة قائلاً بعد ان قست ملامحه
-صوتك ميعلاش عليا….فاهمة؟
فسحبت اسيل يدها بعنف قائلة بعصبية شديدة
-لا مش فاهمة
ثم رفعت سبابتها امام غياث و قالت بحدة
-و اياك تلمسني تاني
ابتسم غياث بثقة قائلاً وهو يضع يده في جيبه
-يا اما ايه؟
فتابعت اسيل بنفس حدتها
-هوريك اسيل كمال الدين لما تتعصب
انتاب ذلك الصداع غياث مجدداً ما ان استمع الى اسمها فجعل غضبه يتزايد و قبل ان تخرج اسيل من الغرفة كان امسكها من يدها جاعلاً اياها تلتف له ثم قال بعد ان اصبحت عيناه داكنة من ذاك الصداع القاتل
-مش بتهدد يا اسيل...مش واحدة زيك هتيجي تهددني
اقترب غياث من اسيل اكثر وهو يدقق النظر في عينيها و ملامحها البريئة ثم قال بنبرة ابرد من الثلج
-ولما انتي خايفة مني بتطولي لسانك ليه؟
فقالت اسيل وهي تنظر لعينيه الداكنة التي تخفي الكثير خلف حدتها
-انا مش خايفة منك
ليجيبها الآخر وهو بنفس بروده و نظراته الحادة
-تؤ...خايفة
ابتلعت اسيل ريقها وقالت بهدوء وهي تتراجع للخلف
-على الأقل مقولتش اني خايفة....حتى لو بان عكس كده في عيني
فما كان لغياث سوى ان يقول
-سواء قولتي او لا هتفضلي ضعيفة و جبانة في نظري...بتمثلي الشجاعة وانتي اضعف من انك تكوني في مكان انا فيه عشان عارفة اللي اقدر اعمله فيكي
كادت اسيل ان تصفع غياث الا أن الآخر امسك يدها ثم قام بلويها خلف ظهرها قائلاً وهو يتك على اسنانه و يضغط على يد تلك المسكينة بقوة
-قبل ما تفكري فيها اكون قطعت ايدك يا اسيل
فادمعت عين اسيل وكلما حاولت الفكاك ضغط غياث على يدها اكثر وما المها حقاً هو كون تلك اليد هي التي نزفت في الصباح ليدخل ريان في تلك اللحظة و ما ان فعل حتى دفع غياث اسيل بقوة لتسقط هي ارضاً و الدموع تملأ مقلتيها فنهضت عن الأرض و خرجت من الغرفة دون ان تلتفت له او تجيب على اسألة ريان و ما ان فعلت حتى تحدث ريان بغضب
-يا غياث حرام عليك ملقتش غير ديه اللي تعملها كده؟
أمسك غياث فنجان القهوة ملقياً ايه على المرآة بغضب شديد قائلاً بعد ان أحمر وجهه
-مكنش ينفع تستفزني يا ريان وانت اكتر واحد عارف كده
فزفر الآخر ثم خرج بسرعة بينما خارج القصر كانت اسيل تسير تحت قطرات المياه المتساقطة بقوة و صوت الرعد الذي تكاد الجبال تهتز لقوته ولكنها لم تكترث لكل ذلك وانما كانت تلف يديها الصغيرتين حولها وهي تسير و تبكي لتختلط مياه دموعها المالحة بميها الأمطار العزبة على وجنتيها الحمراوتين جاعلة اياها تبدو الطف و بينما هي تسير في ذلك الشارع المظلم الذي لا يضيئه سوى البرق الذي يضرب كل بضع دقائق اذ بسيارة تقف امامها فزفرت اسيل و قبل ان تغير اتجاه سيرها اذ بشخص يترجل من تلك السيارة و يقول بنبرة حادة
-تعالي اركبي
ضيقت اسيل عينيها لترى من امامها و عندما وجدته غياث التفتت و كادت تسير الا انه زفر ثم سحبها من يدها ثم اركبها السيارة مغلقاً الباب بعنف و ما ان التف و ركب حتى صرخت به اسيل بقوة قائلة
-سبني في حالي بقى انت جاي تكمل إهانة ولا نسيت تقولي حاجة فوق فقولت تيجي تقولها هنا؟
انطلق غياث بالسيارة بسرعة متجاهلا اياها لتضرب اسيل السيارة وبقدمها بقوة ثم تقول
-نزلني دلوقتي حالاً....عايزة انزل نزلني
ظل غياث على حاله لتزيد اسيل من صراخها و ضربها المستمر للسيارة حتى تعبت و بدأت تبكي بهدوء وهي تهمس بكلمات غير مفهومة اما غياث فكان هادئاً بشكل مرعب و المرعب أكثر انه لا يعلم اين هو منزل اسيل هو فقط يقود السيارة بعشوائية وهو مستمتع بوجودها بجانبه وهي تبكي هكذا كالأطفال و بينما هي تبكي اذ بالمطر يزداد جاعلاً الرؤية صعبة بالنسبة لغياث فقلل من سرعة السيارة ليتفاجأ بأسيل تقول بصوت منخفض وهي تبكي
-عايزة بابا...محتاجاه
فقضب غياث حاجبيه و بشكل من الأشكال شعر بشعور سيء يجتاحه فتوقف بالسيارة عند أحد الاستراحات الموجودة على الطريق لترفع اسيل رأسها ثم تنظر حولها باستغراب و تقول بتساؤل
-احنا فين؟
فقال الآخر ببرود
-مش هعرف امشي و المطر زايد بالمنظر ده ممكن يبقى فيه سيول
ابتلعت اسيل ريقها و ظلت تنظر إلى الأمطار من خلال نافذة السيارة لتلتفت الى غياث بعدها قائلة بصوت هادئ
-ش.. شكراً
قضب غياث حاجبيه وهو يطالع فيها بشكل جذاب لتكمل هي
-عشان وصلتني يعني مكنتش هعرف امشي في المطر خصوصاً ان البيت بعيد جداً
ليعتدل هو في جلسته ثم يقول وهو مدهوشاً
-يعني سبتي كل اللي حصل و مسكتي في اني وصلتك؟
فحركت هي رأسها بالإيجاب قائلة
-مهما كان الشخص اللي قدامي اذاني ده ميمنعش اشكره لما يساعدني
ضحك غياث بسخرية ثم قال
-ده اسمه هبل و غباء
لتحرك هي رأسها نافية و تقول
-ده مش غباء يا غياث بيه بس هنفضل لحد امتى نفتكر الوحش لبعض و كارهين بعض؟ ليه دايما الإنسان المتسامح بيتقال عليه ضعيف؟ عارف يمكن كلامي يكون بدون اهمية بالنسبالك بس بالنسبة ليا هو ده اللي بيخليني احس براحة وانا نايمة كل يوم حاسة اني مش شايلة جانب اسود لحد ...صح بتعصب بس على الأقل عصبيتي بتروح بسرعة
تنهد غياث و لم يجب اسيل و انما اعاد مقعده للخلف ليصبح كالفراش و تمدد عليه بكل برود لتقول اسيل
-بتعمل ايه؟
فأجابها هو ببرود
-شايفة ايه؟
فقالت هي
-هتنام كده؟!! طب وانا هروح فين؟
زفر غياث بحنق ثم اعاد المقعد مرة أخرى و بعدها نظر الى تلك الإستراحة في محطة الوقود فقال وهو يغلق السيارة
-شكلها مطولة...انزلي
قضبت اسيل حاجبيها ليترجل غياث من السيارة ثم يلتف من جهة اسيل و يفتح بابها قائلاً
-يلا
فنزلت هي اسفل ذاك المطر لينزع غياث جاكيته و يضعه عليها ببرود ممسكاً يدها بعدها و بالتأكيد كلما حاولت هي الإفلات منه كلما ضغط هو على جرح يدها أكثر فأكثر حتى دخلا الى تلك الإستراحة فسحبت اسيل يدها منه بعنف قائلة بغضب
-كان ممكن تقولي رايح فين من غير ما تمسكني حرام كده الله هيزعل مني
لم يجبها غياث وانما ذهب إلى الإستقبال ليقول بنبرة باردة
-عايز احجز اوضتين
فحك الموظف رأسه قائلاً بأسف
-مفيش غير أوضة واحدة
فزفر غياث ثم قال
-تمام هاخدها
اماء له الموظف ليخرج غياث النقود من جيبه و بينما هو يفعل انتبه لنظرات الموظف الى شخص ما خلفه و عندما التفت وجد اسيل وجنتيها حمراء و قطرات المطر متناثرة عليها بينما هي تنظر الى المكان حولها بفضول كالأطفال فابتسم غياث ثم التفت الى الموظف قائلاً وهو يضرب خده بيده بخفة
-ركز فاللي بتعمله بدل ما اطلع عينك ديه في ايدي
ابتلع الموظف ريقه خاصةً بنظرات غياث الحادة و ما ان اعطاه مفتاح الغرفة و اخبره برقمها حتى سحب الآخر اسيل بعنف من يدها لتقول هي وهي تحاول الإفلات منه
-يووه ما تسبني بقى خلاص مش ههرب يعني
ظل غياث ممسكاً بيدها غير عابئ بضرباتها الخفيفة و ما ان وصل الى الغرفة و فتحها حتى وجدها صالة صغيره و يوجد بها باب لغرفة نوم صغير ايضاً و بها حمام و تبدو بسيطة فقال لأسيل بعد ان ترك يدها
-هنفضل هنا لحد ما تبطل مطر...روحي انتي ال...
ما كاد غياث يكمل الا ان اسيل ركضت الى الغرفة مغلقة الباب بسرعة ثم أغلقته بالمفتاح ليستمع غياث الى صوت دفعها لشيء ما كي تسد به باب الغرفة فقال في سره
-هبلة
.....
نزعت اسيل حجابها ثم وضعته على المقعد عله يجف حتى الصباح و عندما جاءت لتخرج هاتفها من جيبها حتى وجدته مبلل ولا بعمل فزفرت هي بحنق و واضطرت لارتداء حجابها و ازاحة المقعد من عند الباب و عندما فتحت الباب و خرجت كان غياث جالس على الأريكة واضعاً قدمه على الطاولة و معيد رأسه للخلف فتنحنحت هي ليقول هو وهو على نفس وضعه
-خير
فتنهدت اسيل قائلة
-عايزة الفون اكلم اخواتي عشان بتاعي مش شغال
صمت غياث للحظات ثم قال وهو على نفس وضعه
-تلفوني في جيب الجاكيت
ابتسمت اسيل ابتسامة هادئة و عندما اخرجت الهاتف من جاكيته اتصلت على هاتف اسمهان لتجيب الأخرى بغضب
-انتي فين يا اسيل؟ تلوفنك مقفول بقاله ساعة و مش عارفه اتنيل اوصلك و نور قلقتني لما حكتلي على اللي حصل اقسم بالله هضربه بس قوليلي مين البارد عديم المشاعر و القلب اللي عمل كده بس و وريني شكله وانا مش هرحمه
بينما اسيل كانت تحاول اغلاق مكبر الصوت بكافة الطرق ولكنها لم تعلم اين زر فتح الشاشة فما كان لها سوى ان تعانق الهاتف وهي تضع يدها على مكان السماعة و ما إن اعتدل غياث في جلسته و نظر لها نظرات مربكة حتى ضحكت هي ثم قالت وهي تكلم اسمهان
-خلاص يا اسمهان ده تلفونه اصلا
فتابعت اسمهان بغضب
-وانا هخاف يعني؟ بعدين بتاخدي تلفونه ليه البني ادم ده؟ ده اصلا واحد قل....
اغلقت اسيل الخط بسرعة ثم ضحكت قائلة وهي تعطي الهاتف لغياث
-اطمنت عليها خلاص...تصبح على خير
كادت اسيل ان تركض الى الغرفة الا انها توقفت عندما قال غياث
-اللسان الطويل وراثة في العيلة
فتنحنحت اسيل ثم التفتت له و قالت وهي تبتسم بشكل لطيف
-عشان متعودناش ان في حد بياخد حقنا او بيدافع عنا
اماء غياث لها بهدوء ثم ابتسم تلك الابتسامة الهادئة و قبل أن تدخل اسيل الغرفة حتى عادت له مرة اخرى قائلة بشيء من الفضول
-مش هعرف انام من التفكير
فرمقها غياث نظرة بمعنى "ماذا" لتكمل هي
-في حاجة مزعلاك
ليضحك غياث بقوة فنظرت له. اسيل باستغراب ثم حكت رأسها وقالت
-صح مليش فيه
ما كادت تدخل الا ان صوت غياث اوقفها وهو يقول
-اخويا اتقتل
التفتت اسيل مرة اخرى ثم سحبت مقعد جالسة امام غياث ليتابع هو
-جالي فقدان ذاكرة جزئي للسنة اللي جواد مات فيها
ادمعت عينا اسيل بتلقائية ليسترسل غياث دون ان ينتبه للدموع في مقلتيها
-تخيلي كل اللي حواليكي بيكذبوا عشان متعرفيش مين قتل اخوكي وانتي حاسة بالذنب انك مش قادرة تاخدي حقه
لم يستمع غياث الى رد من اسيل وما ان رفع عينيه حتى وجدها تبكي وهي واضعة يدها على فمها فابتسم هو قائلاً
-مالك؟
لتجيبه هي وهي تمسح دموعها
-قلبي وجعني...شعور الفقدان وحش لانك يوم تتوجع مش بتلاقي حد ترجعله
فابتلع هو ريقه ناظراً لها نظرات لطيفة ثم قال
-فقدتي حد من اهلك؟
لتومئ هي له قائلة
-بابا و ماما
شعر غياث بنغز في قلبه عند رؤيته لأسيل بذلك الهدوء اما هي فنهضت من مكانها ثم قالت وهي تبتسم
-اسفة لو سؤالي كان ضايقك
ليبادلها غياث الابتسامة فدخلت هي الى الغرفة ثم اغلقت الباب بالمفتاح وهي تشعر بسخونة وجهها و تسارع دقات قلبها بالإضافة الى شعور لطيف اجتاحها لأول مرة اما غياث فما ان دخلت اسيل حتى ظلت صورتها في ذهنه طوال الليل و كان كلما تذكر ابتسامتها ابتسم بشكل تلقائي
يتبع
بسم الله
اعطى ريان غياث المنشفة ثم قال بنبرة مرحة
-سبحان الله شوف اخلاق البنت حست انك حران فقالت تنزلك البسين
ليرمق غياث ريان نظرة هادئة و مرعبة قائلاً بعدها ببرود
-ابعتهالي على فوق
ثم تركه و ذهب ليبتلع ريان ريقه ثم يتوجه بعدها ليبحث عن اسيل و ما إن دخل المطبخ حتى قالت نور بسرعة
-اسيل مكانتش تقصد
تنهد ريان ثم التفت الى اسيل و وجدها جالسة على الطاولة تحرك قدميها كالأطفال و وجهها شديد الحمرة فقال بهدوء
-اسيل غياث عايزك فوق
اماءت هي له بشكل لطيف وهي تبدو كالطفلة البريئة و ما ان اخبرها ريان بمكان غياث حتى صعدت وهي تقرأ قرآن في سرها و ما ان وصلت طرقت باب الغرفة حتى جاءها صوت غياث الرجولي يخبرها بأن تدخل ففتحت هي الباب ثم ظلت واقفة في مكانها خاصةً عندما رأت غياث يرتدي ذاك القميص الأسود الذي يبرز عضلات جسده الضخم مع بنطاله الجينز و شعره المبلل عائد الى الخلف فأعطاه جاذبية لا وتوصف بالإضافة الى رائحة عطره التي تملأ المكان اما هو ما إن رأى اسيل امامه حتى قال بنبرة هادئة
-ادخلي
فحركت اسيل رأسها نافية ثم قالت بثبات
-لو عايز تقول حاجة قولها وانت بعيد
ليضحك غياث قائلاً باستفزاز
-شكلك خايفة
فابتسمت هي و قالت
-اكيد مش هخاف منك بس معنديش استعداد آخد ذنب عشانك
حك غياث ذقنه بخفة ثم امسك اسيل من يدها ادخلها الى الغرفة بسرعة قائلاً بنفس اسلوبه
-شايفة الاوضة ديه؟ عايزها تنضف
نظرت اسيل الى الغرفة بعد ان ابتعدت عن غياث ثم قالت
-مهي نضيفة
تنهد غياث ثم توجه الى الشرفة و كان بابها من زجاج فركله بقدمه بسرعة ليتهشم الى اشلاء في لحظات و بعدها قال
-كده مبقتش نضيفة
ثم مر بجانب اسيل وقال ببرود
-قومي بواجبك كخدامة
ثم دفعها و خرج من الغرفة لتغلق هي عينيها بهدوء كي لا تسمح لدموعها بالنزول و قالت بعدها وهي تبتسم
-مش هعيط عشان واحد زيه
بعدها شمرت اكمامها ثم ذهبت لتنظف آثار الزجاج المتناثر في كل مكان
.....
انتهت اسيل من تنظيف الغرفة و بالتأكيد كان هناك بعض الزجاج الذي دخل في يدها الناعمة جارحاً اياها فذهبت هي ثم نزلت الى الأسفل لتجد ريان يمازح نور في المطبخ فزفرت هي ثم ذهبت لتغسل يديها لأنها قد نزفت مرة اخرى وما ان انتبهت لها نور حتى قالت بفزع
-اسيل...ايه اللي عمل في ايدك كده؟
قضب ريان حاجبيه ثم قال
-غياث؟
فحركت اسيل رأسها نافية و قالت بنبرة هادئة
-لا...بس ازاز دخل في ايدي وانا بنضف
امسكت نور يد اسيل بينما أحضر ريان الإسعافات الأولية لها و بينما نور تطهر يد اسيل كي تقوم بلفها بالشاش اذ بغياث يدخل و علامات البرود بادية عليه فنظرت له اسيل بطرف عينيها و لم تعطه اهتمام ليقول هو وهو يستند على الرخام المقابل لها
-نضفتي عدل؟
ابتسمت اسيل ثم قالت
-حطتلك واحدتين تحت المخدة عشان تدخل في راسك وانت نايم
فبادلها غياث نفس الابتسامة قائلاً
--اطلعي نضفي مكتبي اللي في الدور اللي فوق
فسابقتها نور بالرد قائلة
-انا هعمله لحضرتك ....اسيل اديها متعورة
ليعطيها غياث نظرة احتقارية جعلتها تتصنم في مكانها ليقول هو بنبرة مرعبة و هادئة
-قولت اسيل...فاهمة؟
حركت نور رأسها بسرعة ليخرج غياث من المطبخ بينما زفرت اسيل و قالت بصوت مرتفع بعض الشيء
-شرير اوي
فربتت نور على كتفها بحنو قائلة
-لو مكانك كنت هقتله
لتنظر لها اسيل و ريان بدهشة بينما صمتت هي و ذهبت لتكمل عملها اما من جهة أخرى فتلقى مؤيد اتصال هاتفي وهو في منزله فقام بتحضير حقيبة سفره وهو يقول ببرود
-تمام يا مكرم...عندي سفرية مهمة بس اقسم بالله اول ما ارجع لأخد حقي منك
بعدها أغلق الخط ثم القى هاتفه بغضب بينما من جهة مكرم فوضع الهاتف على المكتب لتأتي نرمين ثم تقول
-حتى لو مؤيد اضطر يسافر للشغل انا متأكدة انه لما يرجع مش هيسكت فابتسم مكرم ابتسمة خبيثة قائلاً
-ده لو رجع بقى
لتبادله نرمين الابتسامة ما ان علمت بمخطته بينما من جهة مؤيد فما ان فتح باب منزله حتى وجد اسمهان تفتح الباب المقابل فقال هو بابتسامة لطيفة
-رايحة فين؟
حكت اسمهان مؤخرة رأسها بخفة قائلة
-هنزل اجيب اكل من المطعم
ليقول هو بعدها بهدوء
-خلاص هروح اجبلك
انتبهت اسمهان الى حقيبة السفر في يد مؤيد فتساءلت بهدوء
-انت مسافر؟
اماء مؤيد لها قائلاً
-مضطر اسافر بس مش هطول هما يومين بالكتير
فردت عليه اسمهان بحزن خفيف
-اول مرة تسبنا...المهم هنزل أنا عشان متتأخرش
فما كان لمؤيد سوى ان يقول بشيء من الحدة
-أسمهان قولت هروح انا خشي جوة خليكي مع اسراء
فوافقت اسمهان على مضض ثم دخلت و اغلقت الباب لينزل مؤيد كي يحضر لهم الطعام متوجهاً بعدها الى المطار
"""بعد بضع ساعات"""
كانت نور قد انتهت من عملها فأخبرتها اسيل بأن تذهب هي للمنزل لأن الوقت قد تأخر ريثما هي تنتهي من تلبية طلبات غياث التي لا تنتهي فكلما انتهت من شيء امرها هو بآخر دون اكتراث ليدها التى تؤلمها بشدة و في النهاية كان غياث قد طلب من اسيل ان تحضر له كوب القهوة و تضعه في غرفته و بينما هي تعد القهوة بهدوء في المطبخ بعد انصراف جميع الخدم اذ بأصوات الرعد تهز الأرجاء بقوتها يليها صوت قطرات المطر تتساقط على الأرض في الخارج فابتلعت اسيل ريقها لذلك الوضع المرعب التي هي فيه فقامت اخيراً بوضع القهوة في الفنجان ثم اخذته لتصعد الى غرفة غياث و عندما وصلت طرقت الباب ثم دخلت لتجد غياث يجلس على حاسوبه باندماج على الأريكة فوضعت القهوة على الطاولة امامه و قبل ان تخرج استمعت الى غياث يقول باستفزاز
-انتي يا....اسمك ايه؟
فابتسمت هي ثم التفتت له قائلة بحنق
-نعم يا....اسمك ايه؟
فوضع غياث حاسوبه المتنقل على الطاولة ناهضاً بعدها ثم وضع يده في جيبه بغرور و قال
-متنسيش نفسك وانتي بتكلميني...انتي خدامة هنا يعني ملكيش قيمة
اخذت اسيل نفس قوي ثم قالت بهدوء بعد ان اجبرت نفسها على التماسك
-شوف يا غياث ...بيه انا معرفش مين اللي اداك فكرة بصراحة عن الحياة الاجتماعية بس اللي حابة انك تفهمه كويس انك لما بتقولي خدامة انا مش يتضايق خالص عارف ليه؟ عشان مش بعمل حاجة تغضب ربنا مني فخلاص مش بيهمني كلام حد فيا صح ان كلام الناس مهم بس رأيي في نفسي اهم
ليضحك غياث بعدها بسخرية ويقول
-بتتفلسفي على ايه؟ انتي عارفة اللي زيك ولا حاجة اصلا ولا ليه اي لازمة في الحياة
فما كان لأسيل سوى ان تقول وهي مبتسمة
-ولما انا مليش لازمة طلبت مني كل شغل النهاردة ده ليه؟
اقترب غياث من اسيل حتى وقف امامها ثم قال وهو ينظر الى عينيها
-عشانك تحت مزاجي بحركك زي ما انا عايز
اقترب اكثر منها هامساً بجانب اذنها باستفزاز
-عروسة لعبة متقدرش تقولي لا...تحت سيطرتي انا
فدفعته اسيل ثم قالت بغضب و صوت مرتفع
-انت مش هتجبرني على حاجة انا مش عايزة اعملها يا غياث و صدقني لو كنت سكتالك من الاول فده مش ضعف مني...ده احترام للمكان اللي بشتغل فيه بس
امسك غياث معصمها بقوة قائلاً بعد ان قست ملامحه
-صوتك ميعلاش عليا….فاهمة؟
فسحبت اسيل يدها بعنف قائلة بعصبية شديدة
-لا مش فاهمة
ثم رفعت سبابتها امام غياث و قالت بحدة
-و اياك تلمسني تاني
ابتسم غياث بثقة قائلاً وهو يضع يده في جيبه
-يا اما ايه؟
فتابعت اسيل بنفس حدتها
-هوريك اسيل كمال الدين لما تتعصب
انتاب ذلك الصداع غياث مجدداً ما ان استمع الى اسمها فجعل غضبه يتزايد و قبل ان تخرج اسيل من الغرفة كان امسكها من يدها جاعلاً اياها تلتف له ثم قال بعد ان اصبحت عيناه داكنة من ذاك الصداع القاتل
-مش بتهدد يا اسيل...مش واحدة زيك هتيجي تهددني
اقترب غياث من اسيل اكثر وهو يدقق النظر في عينيها و ملامحها البريئة ثم قال بنبرة ابرد من الثلج
-ولما انتي خايفة مني بتطولي لسانك ليه؟
فقالت اسيل وهي تنظر لعينيه الداكنة التي تخفي الكثير خلف حدتها
-انا مش خايفة منك
ليجيبها الآخر وهو بنفس بروده و نظراته الحادة
-تؤ...خايفة
ابتلعت اسيل ريقها وقالت بهدوء وهي تتراجع للخلف
-على الأقل مقولتش اني خايفة....حتى لو بان عكس كده في عيني
فما كان لغياث سوى ان يقول
-سواء قولتي او لا هتفضلي ضعيفة و جبانة في نظري...بتمثلي الشجاعة وانتي اضعف من انك تكوني في مكان انا فيه عشان عارفة اللي اقدر اعمله فيكي
كادت اسيل ان تصفع غياث الا أن الآخر امسك يدها ثم قام بلويها خلف ظهرها قائلاً وهو يتك على اسنانه و يضغط على يد تلك المسكينة بقوة
-قبل ما تفكري فيها اكون قطعت ايدك يا اسيل
فادمعت عين اسيل وكلما حاولت الفكاك ضغط غياث على يدها اكثر وما المها حقاً هو كون تلك اليد هي التي نزفت في الصباح ليدخل ريان في تلك اللحظة و ما ان فعل حتى دفع غياث اسيل بقوة لتسقط هي ارضاً و الدموع تملأ مقلتيها فنهضت عن الأرض و خرجت من الغرفة دون ان تلتفت له او تجيب على اسألة ريان و ما ان فعلت حتى تحدث ريان بغضب
-يا غياث حرام عليك ملقتش غير ديه اللي تعملها كده؟
أمسك غياث فنجان القهوة ملقياً ايه على المرآة بغضب شديد قائلاً بعد ان أحمر وجهه
-مكنش ينفع تستفزني يا ريان وانت اكتر واحد عارف كده
فزفر الآخر ثم خرج بسرعة بينما خارج القصر كانت اسيل تسير تحت قطرات المياه المتساقطة بقوة و صوت الرعد الذي تكاد الجبال تهتز لقوته ولكنها لم تكترث لكل ذلك وانما كانت تلف يديها الصغيرتين حولها وهي تسير و تبكي لتختلط مياه دموعها المالحة بميها الأمطار العزبة على وجنتيها الحمراوتين جاعلة اياها تبدو الطف و بينما هي تسير في ذلك الشارع المظلم الذي لا يضيئه سوى البرق الذي يضرب كل بضع دقائق اذ بسيارة تقف امامها فزفرت اسيل و قبل ان تغير اتجاه سيرها اذ بشخص يترجل من تلك السيارة و يقول بنبرة حادة
-تعالي اركبي
ضيقت اسيل عينيها لترى من امامها و عندما وجدته غياث التفتت و كادت تسير الا انه زفر ثم سحبها من يدها ثم اركبها السيارة مغلقاً الباب بعنف و ما ان التف و ركب حتى صرخت به اسيل بقوة قائلة
-سبني في حالي بقى انت جاي تكمل إهانة ولا نسيت تقولي حاجة فوق فقولت تيجي تقولها هنا؟
انطلق غياث بالسيارة بسرعة متجاهلا اياها لتضرب اسيل السيارة وبقدمها بقوة ثم تقول
-نزلني دلوقتي حالاً....عايزة انزل نزلني
ظل غياث على حاله لتزيد اسيل من صراخها و ضربها المستمر للسيارة حتى تعبت و بدأت تبكي بهدوء وهي تهمس بكلمات غير مفهومة اما غياث فكان هادئاً بشكل مرعب و المرعب أكثر انه لا يعلم اين هو منزل اسيل هو فقط يقود السيارة بعشوائية وهو مستمتع بوجودها بجانبه وهي تبكي هكذا كالأطفال و بينما هي تبكي اذ بالمطر يزداد جاعلاً الرؤية صعبة بالنسبة لغياث فقلل من سرعة السيارة ليتفاجأ بأسيل تقول بصوت منخفض وهي تبكي
-عايزة بابا...محتاجاه
فقضب غياث حاجبيه و بشكل من الأشكال شعر بشعور سيء يجتاحه فتوقف بالسيارة عند أحد الاستراحات الموجودة على الطريق لترفع اسيل رأسها ثم تنظر حولها باستغراب و تقول بتساؤل
-احنا فين؟
فقال الآخر ببرود
-مش هعرف امشي و المطر زايد بالمنظر ده ممكن يبقى فيه سيول
ابتلعت اسيل ريقها و ظلت تنظر إلى الأمطار من خلال نافذة السيارة لتلتفت الى غياث بعدها قائلة بصوت هادئ
-ش.. شكراً
قضب غياث حاجبيه وهو يطالع فيها بشكل جذاب لتكمل هي
-عشان وصلتني يعني مكنتش هعرف امشي في المطر خصوصاً ان البيت بعيد جداً
ليعتدل هو في جلسته ثم يقول وهو مدهوشاً
-يعني سبتي كل اللي حصل و مسكتي في اني وصلتك؟
فحركت هي رأسها بالإيجاب قائلة
-مهما كان الشخص اللي قدامي اذاني ده ميمنعش اشكره لما يساعدني
ضحك غياث بسخرية ثم قال
-ده اسمه هبل و غباء
لتحرك هي رأسها نافية و تقول
-ده مش غباء يا غياث بيه بس هنفضل لحد امتى نفتكر الوحش لبعض و كارهين بعض؟ ليه دايما الإنسان المتسامح بيتقال عليه ضعيف؟ عارف يمكن كلامي يكون بدون اهمية بالنسبالك بس بالنسبة ليا هو ده اللي بيخليني احس براحة وانا نايمة كل يوم حاسة اني مش شايلة جانب اسود لحد ...صح بتعصب بس على الأقل عصبيتي بتروح بسرعة
تنهد غياث و لم يجب اسيل و انما اعاد مقعده للخلف ليصبح كالفراش و تمدد عليه بكل برود لتقول اسيل
-بتعمل ايه؟
فأجابها هو ببرود
-شايفة ايه؟
فقالت هي
-هتنام كده؟!! طب وانا هروح فين؟
زفر غياث بحنق ثم اعاد المقعد مرة أخرى و بعدها نظر الى تلك الإستراحة في محطة الوقود فقال وهو يغلق السيارة
-شكلها مطولة...انزلي
قضبت اسيل حاجبيها ليترجل غياث من السيارة ثم يلتف من جهة اسيل و يفتح بابها قائلاً
-يلا
فنزلت هي اسفل ذاك المطر لينزع غياث جاكيته و يضعه عليها ببرود ممسكاً يدها بعدها و بالتأكيد كلما حاولت هي الإفلات منه كلما ضغط هو على جرح يدها أكثر فأكثر حتى دخلا الى تلك الإستراحة فسحبت اسيل يدها منه بعنف قائلة بغضب
-كان ممكن تقولي رايح فين من غير ما تمسكني حرام كده الله هيزعل مني
لم يجبها غياث وانما ذهب إلى الإستقبال ليقول بنبرة باردة
-عايز احجز اوضتين
فحك الموظف رأسه قائلاً بأسف
-مفيش غير أوضة واحدة
فزفر غياث ثم قال
-تمام هاخدها
اماء له الموظف ليخرج غياث النقود من جيبه و بينما هو يفعل انتبه لنظرات الموظف الى شخص ما خلفه و عندما التفت وجد اسيل وجنتيها حمراء و قطرات المطر متناثرة عليها بينما هي تنظر الى المكان حولها بفضول كالأطفال فابتسم غياث ثم التفت الى الموظف قائلاً وهو يضرب خده بيده بخفة
-ركز فاللي بتعمله بدل ما اطلع عينك ديه في ايدي
ابتلع الموظف ريقه خاصةً بنظرات غياث الحادة و ما ان اعطاه مفتاح الغرفة و اخبره برقمها حتى سحب الآخر اسيل بعنف من يدها لتقول هي وهي تحاول الإفلات منه
-يووه ما تسبني بقى خلاص مش ههرب يعني
ظل غياث ممسكاً بيدها غير عابئ بضرباتها الخفيفة و ما ان وصل الى الغرفة و فتحها حتى وجدها صالة صغيره و يوجد بها باب لغرفة نوم صغير ايضاً و بها حمام و تبدو بسيطة فقال لأسيل بعد ان ترك يدها
-هنفضل هنا لحد ما تبطل مطر...روحي انتي ال...
ما كاد غياث يكمل الا ان اسيل ركضت الى الغرفة مغلقة الباب بسرعة ثم أغلقته بالمفتاح ليستمع غياث الى صوت دفعها لشيء ما كي تسد به باب الغرفة فقال في سره
-هبلة
.....
نزعت اسيل حجابها ثم وضعته على المقعد عله يجف حتى الصباح و عندما جاءت لتخرج هاتفها من جيبها حتى وجدته مبلل ولا بعمل فزفرت هي بحنق و واضطرت لارتداء حجابها و ازاحة المقعد من عند الباب و عندما فتحت الباب و خرجت كان غياث جالس على الأريكة واضعاً قدمه على الطاولة و معيد رأسه للخلف فتنحنحت هي ليقول هو وهو على نفس وضعه
-خير
فتنهدت اسيل قائلة
-عايزة الفون اكلم اخواتي عشان بتاعي مش شغال
صمت غياث للحظات ثم قال وهو على نفس وضعه
-تلفوني في جيب الجاكيت
ابتسمت اسيل ابتسامة هادئة و عندما اخرجت الهاتف من جاكيته اتصلت على هاتف اسمهان لتجيب الأخرى بغضب
-انتي فين يا اسيل؟ تلوفنك مقفول بقاله ساعة و مش عارفه اتنيل اوصلك و نور قلقتني لما حكتلي على اللي حصل اقسم بالله هضربه بس قوليلي مين البارد عديم المشاعر و القلب اللي عمل كده بس و وريني شكله وانا مش هرحمه
بينما اسيل كانت تحاول اغلاق مكبر الصوت بكافة الطرق ولكنها لم تعلم اين زر فتح الشاشة فما كان لها سوى ان تعانق الهاتف وهي تضع يدها على مكان السماعة و ما إن اعتدل غياث في جلسته و نظر لها نظرات مربكة حتى ضحكت هي ثم قالت وهي تكلم اسمهان
-خلاص يا اسمهان ده تلفونه اصلا
فتابعت اسمهان بغضب
-وانا هخاف يعني؟ بعدين بتاخدي تلفونه ليه البني ادم ده؟ ده اصلا واحد قل....
اغلقت اسيل الخط بسرعة ثم ضحكت قائلة وهي تعطي الهاتف لغياث
-اطمنت عليها خلاص...تصبح على خير
كادت اسيل ان تركض الى الغرفة الا انها توقفت عندما قال غياث
-اللسان الطويل وراثة في العيلة
فتنحنحت اسيل ثم التفتت له و قالت وهي تبتسم بشكل لطيف
-عشان متعودناش ان في حد بياخد حقنا او بيدافع عنا
اماء غياث لها بهدوء ثم ابتسم تلك الابتسامة الهادئة و قبل أن تدخل اسيل الغرفة حتى عادت له مرة اخرى قائلة بشيء من الفضول
-مش هعرف انام من التفكير
فرمقها غياث نظرة بمعنى "ماذا" لتكمل هي
-في حاجة مزعلاك
ليضحك غياث بقوة فنظرت له. اسيل باستغراب ثم حكت رأسها وقالت
-صح مليش فيه
ما كادت تدخل الا ان صوت غياث اوقفها وهو يقول
-اخويا اتقتل
التفتت اسيل مرة اخرى ثم سحبت مقعد جالسة امام غياث ليتابع هو
-جالي فقدان ذاكرة جزئي للسنة اللي جواد مات فيها
ادمعت عينا اسيل بتلقائية ليسترسل غياث دون ان ينتبه للدموع في مقلتيها
-تخيلي كل اللي حواليكي بيكذبوا عشان متعرفيش مين قتل اخوكي وانتي حاسة بالذنب انك مش قادرة تاخدي حقه
لم يستمع غياث الى رد من اسيل وما ان رفع عينيه حتى وجدها تبكي وهي واضعة يدها على فمها فابتسم هو قائلاً
-مالك؟
لتجيبه هي وهي تمسح دموعها
-قلبي وجعني...شعور الفقدان وحش لانك يوم تتوجع مش بتلاقي حد ترجعله
فابتلع هو ريقه ناظراً لها نظرات لطيفة ثم قال
-فقدتي حد من اهلك؟
لتومئ هي له قائلة
-بابا و ماما
شعر غياث بنغز في قلبه عند رؤيته لأسيل بذلك الهدوء اما هي فنهضت من مكانها ثم قالت وهي تبتسم
-اسفة لو سؤالي كان ضايقك
ليبادلها غياث الابتسامة فدخلت هي الى الغرفة ثم اغلقت الباب بالمفتاح وهي تشعر بسخونة وجهها و تسارع دقات قلبها بالإضافة الى شعور لطيف اجتاحها لأول مرة اما غياث فما ان دخلت اسيل حتى ظلت صورتها في ذهنه طوال الليل و كان كلما تذكر ابتسامتها ابتسم بشكل تلقائي
يتبع