رواية عذاب وانتقام الفصل الثاني عشر12 بقلم هنا عادل
عذاب وانتقام
الفصل الثاني عشر
نزلنا من على السطح وانا مش عارف هي ايه اللى مزعلها، ده انا اعتبر ساعدتها فى انها متخسرش حياتها، لكن هي رديت ده بمنتهى القسوة كعادتها اول ما دخلنا الشقة قفلت الباب وراها وكالعادة قلعتني هدومي ودخلتني الحمام...بقيت مستسلم خلاص قعدت على الارض زى ما بترميني هي كل مرة واستقبلت ضربات الخرطوم على جسمي وانا بعيط من غير ما اطلع صوت، لحد ما هي حسيت انها تعبت من شدة الضرب ونفسها راح من كتر الدعوات والشتيمة اللى طالعة على لسانها ليا، وكل ده بيحصل وانا بعيط وبس...مبقيتش بحس بوجع بس كان نفسي اني فعلا فى الوقت ده اكون بتفرج عليها وهي بتقع من على السطح...كان نفسي ابقى وقعت انا وخلصت من كل اللي بيحصل فيا ده.
سيدة:
- أنت ايه ياواد انت؟ بسبع ارواح، انا قولت هخلص منك.
خالد:
- انا اسف، انا والله كنت خايف احسن تقعي من فوق.
سيدة:
- أنت اللي المفروض تغور فى داهية، بقى انا ابني يفضل مرمي على سرير المرض كل الشهور دي وانت قاعد كده قصاد عيني رايح جاي؟
خالد بأنكسار:
- يارب يخف.
سيدة:
- اشوفك والع زي امك، داهية تاخدك زي ما خدتها.
خالد سمع وسكت.
سيدة:
- يلا غور اتكفن البس اي زفت خلينا نروح نشوف المخفي التاني، خليه كده لا نافع طبلة ولا طار، علشان يتعلم يمد ايديه عليا.
خالد بيسمعها وساكت.
سيدة:
- ما تغور يا مخفي، مستني ايه؟
خدت نفسي من سكات ودخلت لبست هدومي وطلعت معاها رايحين عند ماما فاطمة بعد ما قعدت طول الطريق تتوعدلي اني لو نطقت بنص حرف على اي حاجة بتعملها فيا هتدبحني بالسكينة...وانا صدقتها انا عارف ومتأكد انها تقدر تعمل كده وده خلاني لما اوصل عند ماما فاطمة متكلمش خالص ولا اقول اي حاجة، اصلا ماما فاطمة من وقت عمي ما تعب وهي بقيت مش بتاخد بالها من اي حد حواليها حتى عمتي كمان كانت على نفس الحال...اصل عمر كمال ده كان اطيب اخواته وعلطول هو اللى بيشيل همهم تقدروا تقولوا كده انه عمود العيلة.. قعدت سيدة تمثل الحزن كعادتها وماما فاطمة فى دنيا تانية...وعمى كمال على سريره عنيه بتتحرك وبيتحكلم بلسان تقيل وبس مش بيعمل اي حاجة تانية، كنت شايف نظرات السعادة فى عيون سيدة مع انها كانت بتحاول تداريها لكن انا حفظتها.
سيدة:
- معلش يا ام رحمة انا عارفة مش وقته، بس ميعاد التقديم بتاع المدارس جه وانا مش عارفة هقدم فين لخالد ولا اعمل ايه! حقكم عليا والله بس علشان التقديم ميضيعش عليه.
فاطمة:
- بكرة يا سيدة نبقى نروح سوا نقدمله، مدرسة البنات كويسة وقريبة واهو يبقى مع اخواته.
سيدة:
- خاصة لاء...قصدي يعني مصاريفها هتبقى كتير علينا، انتي عارفة البير وغطاه.
فاطمة:
- دي حكومي يا سيدة بس مستواها كويس، كلنا ماشيين بستر ربنا، ومتشيليش هم حاجة انا هجيبله حاجته كلها ومصاريف السنة الاولى عليا، ادعي بس لأبو رحمة يقوم بالسلامة.
سيدة بسعادة:
- يزيدك من نعيمه ياحبيبتي، وتقوم بالسلامة يا ابو رحمة ويخفف عنك.
سيدة كان لها هدف من دخولي المدرسة، هى مكانتش عايزاني اتعلم..لالالا خالص، لكن هي كانت عايزة توصل لحاجات تانية واولهم ان محدش يقول عليها انها حرمتني من الحق فى الدراسة، اما تاني حاجة كانت عايزاها هي انها تقدر تلم مساعدات من الناس على حس مدرستي، اللى فعلا مع اول اسبوع ليا فيها بقيت تقف قدام باب المدرسة مع اهالي الاطفال وتقول قد ايه ابويا مبيصرفش واني يتيم الام وبتروح الجوامع تشوف الناس اللى بتطلع فلوس لله علشان تقدر تدخلني المدرسة زى العيال، كانت تقف وتقول قد ايه انا اهلي مش بيصرفوا عليا قرش وهي اللى مسؤولة عني مسؤلية كاملة...لدرجة انها فعلا كانت بتلاقى اللى يتعاطف معاها، اصل ماما فاطمة كان مالهاش كلام مع حد لو كانت بتوصل البنات كانت بترجع على البيت علطول ومتعرفش تقف تتكلم مع الناس فى الشارع، وده كان سبب فى ان الناس تصدق انها غبية واكيد جوزها كمان زيها بعد اللى مرات ابويا بتقوله، كان اي حد عنده هدوم زيادة عند ولاده يجيبوهالها تروح تبيعها لبتوع الروبابيكيا وتاخد فلوسها، اللى يساعدها بفلوس واللى يساعدها بخزين، كانت عاملة زي الشحاتين ام ابويا كان شبه الثور فى الساقية، شغل وسرقة وييجي يديلها الفلوس وخلاص على كده...اما عادل لسه مفيش اي جديد.
فاطمة:
- ايه يا راوية هو الدهان اللى اختك قالت هتبعته لسه موصلش؟
راوية:
- لسه والله يا فاطمة، مش عارفة ليه حاسة انها نازلة بنفسها تطمن على كمال، اصل انتي متعرفيش كمال ده عند اختى فريال غلاوته عاملة ازاى.
فاطمة:
- والله يا راوية انا مش مصدقة موضوع الدهان ده، بس اعمل ايه الغريق بيتعلق بقشاية.
راوية:
- سلميها لله، والله بكرة يقوم بالسلامة ويبقى زى الفل.
فاطمة:
- بقاله كتير على الحال ده لما خايفة ايأس.
راوية:
- خلي املك فى الله كبير.
عند سيدة فى البيت...
- بقولك ايه يا سبع البرمبة؟
مجدي ببرود وهو بيشرب الشيشة:
- خير؟
سيدة:
- أنا لقيت لأبنك ورشة ميكانيكي هينزل يشتغل فيها؟
مجدي:
- طيب والمدرسة؟
سيدة:
- هتبقى بعد المدرسة، انا خلاص اتفقت مع الراجل ويوميته هتبقى 2 جنيه.
مجدي:
- اللى تشوفيه صح اعمليه.
سيدة:
- انا رايحة اطمن على الواد، مش عارفة انا ايه اللى يقعدك انت وابنك فى ارابيزي وابني يبقى هو اللى مرمي كده على سرير زيه زي المخدة اللى نايم عليها؟
مجدي ببرود:
- نصيب.
سيدة ببرطمة:
- راجل عرة.
فعلا خرجت سيدة من البيت بس قبل ما توصل لأول الشارع جالها وجع الولادة...كنت انا فى الوقت ده واقف فى الفرن بتاع العيش وشايفها وهي بتقف تسند على الحيطة وفيه ناس بتتجمع حواليها علشان تساعدها قبل ما تقع، كان فضولي بيقولي روح شوف في ايه، لكن فى نفس الوقت خايف اطلع من الطابور بتاع العيش تضربني، وعلشان كده اتفرجت من بعيد، وجت اختي للدنيا، مكانتش اختي...كانت بنتي كنت انا اللى مسؤول عنها بعمل كل حاجة المفروض الام هي اللى تعملها...بروح مدرستي الصبح وانا اقل من اقل طفل موجود معانا فى الفصل، وارجع اروح الورشة اشتغل وكأنى راجل كبير مسؤول عن بيت وعيلة، وارجع البيت اشوف ايه محتاج يتعمل واعمله، وبعدين اهتم بأختي واشوف طلباتها... لو هتغير هدومها، لو محتاجة اي حاجة، لدرجة انى كنت ممكن اقف قصاد البوتجاز وانا شايلها على كتفي، برغم اني كنت بموت تعب لكن انا كنت بحبها وفرحان بيها، ومرات ابويا ولا يوم اتغيرت بلعكس.
سيدة:
- يخربيتك، ايه العافية اللي فيك دي؟ نحلة يا ابن المحروقة، مدرسة وورشة وبيت وعيلة صغيرة، مبتتهدش؟ مش بتموت ليه؟
خالد بضعف:
- والله انا تعبان يا ماما سيدة، بس بخاف اقول علشان متضربنيش، ده حتى الاسطى حدفني النهاردة بالمفتاح في رجلي شوفي اتعورت ازاى.
رفعت البنطلون لحد ركبتي اللى كانت وارمة وزرقا ومحبوس فيها الدم، كل ده بيحصل فيا ومحدش من اهلي فايق يعرف فيا ايه لأنى قصادهم مش ببين حاجة خوف من سيدة، وفي نفس الوقت عمي تعبان وانا مش عايز حد يتضايق مني لو اشتكيت فى وقت زي ده، اه طفل فى سني المفروض ميجيش في باله التفكير ده، لكن اللى عيشته خلاني اكبر من ابويا وانا مكملتش السبع سنين.
فريال:
- أيه اللى صابك يا خويا؟
فاطمة بعياط:
- داخلين على سنة يا فريال على الحال ده، عملنا اللى ما يتعمل وبرضو مش عارفين ماله.
وقفت فريال جنب سرير اخوها بالظبط، دهنت ايديها مسك وابتديت تلمس وشه ورأسه وتقرأ ايات قرأنية محددة وكررتها كتير، وكمال اثناء ما فريال بتعمل كده دموعه نازلة من سكات.
فريال جسمها ارتجف فجأة:
- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ايه يا خويا اللى فيك ده كله؟
راوية بقلق:
- مالك يا فريال في ايه؟
فريال:
- اخوكي جسمي مش خالص يا راوية.
فاطمة:
- يعني ايه؟
فريال:
- لاحول ولا قوة الا بالله، حد اذاه يا فاطمة، اخويا اللي فيه ده مش مرض، المرض ابتلاء من ربنا، لكن اللى هو فيه ده تسليط يا حبيبتي.
فاطمة وراوية بذهول:
- تسليط!؟؟
فريال:
- بقولكم ايه فيه حد فيكم مش طاهر؟
راوية، فاطمة:
- الحمد لله طاهرين.
فريال:
- طيب ادخلوا انتم اتوضوا، وانا هحاول اساعده، حسبي الله فى اللى اذاك يا حبيبي.
فعلا ماما فاطمة وعمتي راوية عملوا اللى عمتي فريال قالت عليه من غير نقاش، بس مش بيفكروا فى مين اللى ممكن يكون عامل حاجة زى اللى عمتي بتقولها دي، مش بس كده هما اصلا ممكن يكونوا مش مصدقين اساسا ان الحالة اللى عمي فيها دي كل الفترة دي بسبب بني ادم او حتى شيطان.
اليوم ده كنت انا فى الورشة زي كل يوم نزلت تحت عربية لأن الأسطى اتأخر عليا شوية اصل كان يوم جمعة وأنا يوم اجازة المدرسة اللى مش طايقها دي كنت بصحي بدرى علشان اروح الورشة من اول اليوم، دخلت تحت عربية من العربيات اللى قدام الورشة بستخبى من الساقعة، الارض كان عليها ستاند حديد كده بعجل بينام عليه الاسطى لما بيدخل يكشف على العربية علشان ميبقاض على الارض، سحبت الجرار ده من تحت العربية ونمت على ضهري زى ما الاسطى بيعمل ودخلت بيه تحت العربية، وعيني راحت فى النوم.