رواية قتلني قلبي الفصل الحادي عشر11 بقلم خلود بكري
انسابت دمعتُها بغزارة تغرق وجنتها البريئة، ارتعش جسدها يئنُ ألمًا كليلة شتاء قارسة البرد وهي دون رداء يؤيها، بكت بنحيبٍ بعدما جرح قلبها بسكينٍ بارد وتركها دون وداع.
دلف يامن الغرفه بهدوء ثم أردف قائلًا فور دخوله :-
ـ انتي بتخاطري بحياتك يا روان ؟
نظرت له بأعين باكية فحاولت التماسك لتقول بعد صمتٍ مؤلم :-
ـ رغد أختى يا يامن وكنت مستحيل اشوفها محتجاني ومسعدهاش.
بلع غصة حلقه وهو يقترب منها والألم يعتصر قلبه بعدما علم ما أصبها قائلاً بعتاب :-
ـ كنتي عارفة إنك مريضة سكر قبل ما تتبرعي .؟
أغمضت عينيها بألم ارتسم بدقة على وجهها فقالت بثباتٍ صنعته بصعوبة:-
ـ كنت عارفه بس الدكتور قالت ينفع وأنه مش هيكون خطر عليها
زفر بضيق شديد محاولًا التماسك عن غضبه قائلًا:-
ـ بس خطر عليكي انتي يا روان ..
همست بضعف قبل أن تفقد وعيها أثر تبرعها بالدم وهي بحاجة له ، ومن تلك الصدمة التي لم تكن في الحسبان :-
ـ المهم رغد تكون كويسه يا يامن وترجعلك بالسلامة..
قالت جملتها الأخيرة وصمتت فنظر لها بخوفٍ عندما وجدها قفلت عيونها باستسلام فقال بهدوء:-
ـ روان انتي نمتي؟
وجدها ثابتة لا تتحرك فخفق قلبه بعنفٍ وهو يرقد مسرعًا ينادي على الطبيبة لفحصها ..
____________________
خرج من المشفى بصعوبة من تثاقل قدميه بعدما علم أمر مرضها، استند بهدوء على مقبض سيارته وهو يزفر بألم فخرج صوته متحشرج :-
ـ يارب انت ليك حكمة فى كده بس انا مش هقدر أخسرها زي ما خسرت أمي ..
ظهرت العبارات في مقلتيه فجذب الهاتف وأجرى اتصال هاتفي بأخيه …
بعد قليل أتاه رده فقال ببكاء فشل بأن يخبئه أكثر :-
ـ يونس انت فين ؟
استقام بوقفته بخوفٍ فقال بتساؤل ونبضات قلبه تسارع كلماته : –
ـ أمير مال صوتك ؟
قرر سؤاله قائلاً بصعوبة بعدما فقد قدرته على الثبات :-
ـ انت فين يا يونس تعال ليا قدام مستشفى……
بسرعة أخذ مفتاح سيارته وهبط مسرعًا وبداخله خوفًا أن يعود أخيه لتلك النوبة من جديد …
بعد فترة قد وصل إلى مكانه فصف سيارته بإهمال وهو يقترب من سيارة أمير …
فتحها بهدوء وجلس بجواره قائلًا :-
ـ أمير انت كويس
أغمض عينيه بألم ثم تحدث بحزن:-
ـ انا بموت يا يونس لاول مره أحس قد إيه أنا ضعيف..
استرسل حديثه بتعجب وحيره :-
ـ أنا مش فاهم حاجه وضحلى في ايه يا أمير
بلع غصة حلقه بتوتر وهو يقول بصعوبة :-
ـ كسرتها عشان متكِسرش أنا يا يونس بس قلبي بيبكي وهي فاكره اني ظلمتها ..
ثم تابع حديثه بجدية:-
ـ بس أنا مستحيل اقبل أنها تروح مني قدام عيني زي ما أمي راحت واشتد بكاؤه وهو يقول :-
دي ماتت على أيدي يا يونس ماتت وهى بتولد حور وانا معرفتش اعملها حاجه ..
لم يفهم يونس ما يرمى له أخيه فتحدث بتساؤل :-
ـ إيه اللي وصلك لكده يا أمير
اغمض عينيه بوجع نغز صدره بقوه ثم أردفت بألم:-
ـ البنت اللي حبيتها وكنت رايح اطلبها من اخوها طلع عندها
السكر ..
فهم الآن سبب حالته فربت على كتفه بحنان قائلاً:-
بس المرض والابتلاء من ربنا والمفروض انت وعدتها توفي بوعدك وتفوض الأمر لله لكن كل اللي انت فيه ده غلط يا أمير
رفع بصره بتثاقل وهو ينظر لأخيه قائلًا بحزن:-
ـ خايف تروح مني فاخترت أحبها من بعيد
ربت على كفيه بمحبة وهو يقول بجدية:-
ـ وهي عارفه انك بتحبها ؟ ومين البنت دي
صمت برهة واعتلى الحزن قسمات وجهه فأردف بصوتٍ حزين:-
ـ هي روان أخت يامن السيوفي اتقبلنا كذا مره كلها صدف غير مقصودة مكنتش أعرف إني هحبها إحنا من أول مقابلة كنا مش طايقين بعض بس بعد كده اكتشفت إني بحبها ، وقلت ليها إني هطلبها من يامن بس زي ما انت شايف كل يوم في مصيبه وختمت النهارده لما عرفت بمرضها ..
صدم يونس من معرفته من تلك البنت فتحدث بتعجبٍ:-
ـ أخت يامن !
ثم استرسل حديثه بعتاب :-
ـ ملقتش الا اخت يامن وبنت عم مالك يا أمير !
تنحنح بتوتر ملحوظ وشحب وجهه قائلًا :-
ـ يامن سمع كلامي وزعل ..
قبض يده بغضب ثم أردف بحدة :-
ـ كمان يعني انت عجنت الدنيا ..
خانته دموع عينيه ثانيًا، نظر لأخيه برجاءٍ ثم تحدث بصعوبة:-
ـ مش هقدر أخسرها لو هعيش عمري كله وحيد مش هضحى تاني بيها انا مصدقت لقيت واحده افتح لها قلبي واحس معاها اني مش يتيم …
ثم تابع حديثه ببكاءٍ مزق قلب يونس على حالته :-
ـ أنا لما عرفت بمرضها سمعت صوت قلبي بينكسر لتاني مرة ..
كانت نظرات يونس مليئة بالألم ، الحزن ، وحاجه بالبكاء أيضًا لتذكره يوم وفاة والدته الراحله وكيف ماتت بين يد أمير وهو في عمر الثانية عشرة من زهوره، كيف طعن قلب ذلك الصغير موت والدته بين يديه وهو عاجز عن الحركة وفعل أي شيء، ومنذ ذلك اليوم وهو يجاهد ليجعله ينسى مر ما رآه لكن كانت لعنة الذكريات تهاجمه كظله دون فِرار …
احتضنه بحنان وهو يربت على كتفيه بمحبة :-
ـ ربنا قادر على كل شيء بس قول يارب
…………………………………..
في بيت آل السيوفي ”
صرخت فيروز والدت رغد بعلو صوتها وهي تتحدث ببكاء حارق :-
ـ بنتى حصلها ايه يا مالك انطق
ابتلع غصة حلقه بألم ارتسم على وجهه قائلاً:-
ـ اهدي بس يا ماما فيروز والله رغد بقت كويسه
جلست على الأرض تبكي وصوت بكائها يقطع نياط القلب، فقالت بصعوبة من وسط شهقات بكائها:-
ـ انا هطلق من البنى آدم ده واخد عيالي واروح اقعد بعيد مش هسمح له يأذيهم ولا يتاجر بيهم تاني ..
اقتربت صفية تتحدث بهدوء :-
ـ ده بيتك وبيت عيالك ومش هسيبك تمشي في اي مكان.
أغمضت عينيها بألم شديد وهي تهمس لها:-
ـ هروح لرغد الاول قلبي هيقف من الوجع خدني لها يا مالك.
ربت على كفها بحنان وهو يقول بيقين :-
ـ رغد قويه وهتقوم منها وترجع احسن من الأول رغد قلبها كله إيمان وأمل بالله مستحيل حاجه تكسرها..
اقتربت ملك منه قائلة بهدوء وهي تتحاشى النظر له :-
ـ عنوان المستشفي ايه يا مالك
رفع بصره بهدوء وهو يتأمل قسمات وجهها بعد أن أرهقها الحزن ، غصة مريرة احتلت قلبه بألم وهو يراها تتجنب النظر له فهمس لها بشوقٍ يتدارى خلف ثباته :-
ـ هاخدك معايا
رفعت بصرها له وبعيون مُلئت بالبكاء والعتاب همست بضعف:-
ـ انا مش صغيرة يا مالك علشان تاخدني معاك ..
ثم تابعت بجدية وتحذير :-
ـ وبعدين مفيش حاجه تجمعني بيك عشان تقول معايا انا وانت مستحيل نكون مع بعض تاني ..
اغمض عينيه وهو يزفر بضيق ثم أردف قائلًا:-
ـ بعدين نبقي نشوف الكلام ده المهم نطمن على رغد
ثم استكمل حديثه بنبرةٍ غاضبة بعض الشيء :-
ـ وعلى ابوكي الغالي
يتبع…