رواية جواز اضطراري الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدير محمود
البارت 11
أما سيف فتردد كثيرا هل يخبر أدهم أم لا لكنها زوجته لابد أن يعلم وإلا سيخسره هذه المرة للأبد فاتصل به وأخبره بما حدث ف طلب أدهم منه أن يظل هو في المستشفى حتى يعد ما قد يلزمه حتى يحضرا وبالفعل لحظات وكان قد انطلق بسيارته متجها نحو شقة عمه وفي طريقه اتصل ب مريم فأجابته دينا :
-ألو مريم ..مريم ردي عليا أنا أدهم
-أيوه يا أدهم أنا دينا
-أيوه يا دينا مريم عاملة أيه؟
-مريم تعبانة أوي يا أدهم
-طب تقدر تتكلم ؟
-بتقولك لأ
-طب دينا افتحي الاسبيكر
-حاضر ثواني ..فتحته
-مريم متخافيش أنا جاي علطول أنتي كويسة متخافيش دينا نيميها على الأرض وأرفعي رجليها بمخدات السرير فهماني
-اه
-سيبي الموبايل أنا هفضل معاها ..مريم عشان خاطري ردي عليا بكلمة واحدة عايز أسمع صوتك عشان اطمن عليكي
-ردت مريم ب وهن شديد : أنا كويسة الحمد لله متتعبش نفسك سيف زمانه جاي
-أنا مش هرد .. أخس عليكي يعني سيف ودينا أولى أنهم يبقوا جنبك مني أنا للدرجادي يا مريم عموما أنا قولت ل سيف يفضل في المستشفى عشان لو احتجناه في حاجه أنا هاجي حتى لو مش عايزاني
هنا عند تلك اللحظة قد خارت كل قواها بل هي لا تريد سواه لكن كرامتها هي التي جعلتها لا تتصل به فقالت بوهن شديد:
-مستنياك متتأخرش عليا أنا محتجالك أوي يا أدهم
-حاضر يا مريومة مش هتأخر والله
كانت تلك هي المرة الأولى منذ أن تزوجا تسمعه يدللها
ساق أدهم بأقصى سرعته ووصل في غضون نصف ساعة وهذا زمن قياسي نظرا لبعد المسافة بين البيت والمستشفى ..ها هو يصعد درجات السلالم كأنه يطويها تحت قدميه حتى وصل أخيرا إلى باب شقتها خبط ففتحت له دينا لم يسلم عليها بل اتجه فورا ناحية مريم التي كانت قد أغمى عليها مجددا رفع قدميها إلى أعلى وطلب من دينا محاولة تثبيتها أما هو ف جلس على ركبتيه وظل يدلك أصابع يدها وما أن وضع يداه على وجنتيها حتى بدأت تستفيق رويدا رويدا ثم قالت :
-أدهم أنتا جيت
-أه جيت أنتي كويسة
-تعبانة أوي يا أدهم
-دينا ساعديني معلش نلبسها هدومها نظرت له دينا ومريم في آن واحد وقال بعد أن فهم نظراتهما:
-مراتي والله مراتي ومش وقته الكلام ده خلينا نخلص بسرعة
ساعداها في ارتداء ملابسها في عجالة وحملها أدهم بين ذراعيه بعد رفض ومحاولات منها لتنزل على الدرج دون أن يحملها وأخيرا فعل ما أراد وهبط بها سريعا وكان يحدث دينا أثناء سيرهما قائلا :
-دينا اركبي معاها ورا وأنا هسوق
-أجابته دينا قائلة : عربيتي اللي راكنة وراك خليني أنا أسوق وأنتا خليك معاها ورا عشان أنتا دكتور لو حصل حاجة تعرف تتصرف وعشان تعرف تركز
-مش هينفع أنا هسوق بسرعة وأكيد أنتي مش هتسوقي زيي
-لأاا متخافش أنتا متعرفنيش أكيد أنا بسوق أسرع منك أركبوا بس وامسكوا نفسكوا
اقتنع أدهم وركبا معا سيارة دينا وكان يود أن يظل بجوار مريم ليطمئنها جلسا على المقعد الخلفي سويا جعلها تضع رأسها على فخذه وتنام رافعة قدميها قليلا حتى لا يغمى عليها مجددا وحتى يصل الدم للمخ ف يبدو أنها تعاني من انيميا شديدة كانت دينا تسوق بحرفية شديدة مما أثار تعجب أدهم ف قلما يجد إمرأة تسوق بهذه السرعة هو نفسه لا يسوق بمثل هذه السرعة نظر لمريم ثم ربت على كتفيها قائلا :
-متخافيش يا مريم بإذن الله حاجة بسيطة بس أنا عايزك تقوليلي بالظبط أيه اللي حصل معاكي في الفترة الأخيرة لو قادرة تتكلمي
-مريم ب وهن شديد : النزيف بقاله 12 يوم وبشكل قوي جدا وجع بطني مبيقلش خالص مبعرفش أنام إلا بالمسكنات
-أدهم بغضب : ليه ؟!ليه يا مريم تسكتي كل ده !ليه تستني لحد ما تبقي كده ؟!
-عشان خايفة ..أه خايفة يا أدهم أنا دكتورة وأكيد فاهمة أن الأعراض ديه معظمها سببها الأورام خايفة يكون عندى ورم خبيث خالتي ماتت بيه في نفس المكان
-شعر بقبضة تعتصر قلبه ألما حينما أنهت جملتها الأخيرة :بعد الشر عليكي يا مريم ليه بتقولي كده هو خلاص مفيش غير الاحتمال ده وبعدين حتى لو مش ممكن نستأصل الورم أو حتى أضعف الايمان نستأصل الرحم نفسه ..
-قاطعته مريم بخضة أثر كلمته الأخيرة قائلة :وهو لو الرحم اتشال هبقى كده عايشة عارف ده معناه أيه؟ إني عمري ما هبقى أم ده أمل كنت عايشة عليه وده اللي مخليني لسه عايزة الدنيا ولو الأمل ده راح خلاص يبقى ملهاش لازمة إني أعيش
-وأنا ؟
-أنتا! ..ثم ابتسمت ابتسامة تملؤها المرارة والحسرة : أنتا أيه يا أدهم أحنا هنضحك على بعض ما أنتا عارف أننا كده كده هنطلق أحنا أصلا مش متجوزين يا أدهم وكلها فترة مؤقتة وكل واحد هيروح لحاله مش عشان تعبانة يعني هتضحك عليا بكلمتين أنا أصدق أن الزفت مروان ممكن يكون لسة بيحبني لكن لايمكن أصدق أنك أنتا تحبني
-بغيظ شديد :مروان ؟ أيه جاب سيرة الحيوان ده .. أممم ماشي يا مريم على العموم أنا مكنتش أقصد إني بحبك أنا كنت أقصد إني هحس بالذنب لو جرالك حاجة أنتي ناسية إني دكتور نساء وعمك هيفضل محملني ذنبك
-لأ أبقى قوله هي اللي مجنونة وكانت عايزة تموت
-طب اسكتي بقا يا مجنونة ولا هتموتي ولا نيلة وهتفضلي عايشة ترازيني
-مستعجل أوى على موتي بكرة أموت وأريحك
-طول عمرك بومة والله فاكرة واحنا صغيرين لما كنتي بتقوليلي أوعى لو مت تتجوز البت ليلى فاكرة ليلى
-ديه كانت بت رخمة أوى كنا كل ما نلعب مع بعض كانت تيجي تشدك وتقولك تعالا ألعب معايا
-لأ بس أيه أنا مكنتش بسيبك وكنت بفضل ألعب معاكي
-بس كنت بتجيبها وتخليها تلعب معانا
-مكنتش بحب أزعل حد
-ياااااه أنتا لسة فاكر الكلام ده أنا قولت أكيد نسيته
-حد ينسى الحب الأول في حياته حب الطفولة البريء
-ده كان لعب عيال والدنيا خدتنا كل واحد في اتجاه ولما رجعنا الحب ده اتحول لكره لدرجة أنك حتى مبقتش طايق تشوفني ولا تتكلم معايا
-ياربنا على قلبك الأسود ده
هنا قاطعتهم دينا بمزاح قائلة :
-معلش آسفة هقطع عليكوا الكلام الرومانسي الزبالة ده وجلسة الذكريات الأزبل لأننا وصلنا
-رد أدهم :بس مكنتش أعرف أنك سواقة شاطرة كده ده أنتي بتسوقي أشطر من الواد سيف
-دينا بفخر :أمال طبعا وبعدين أحنا عندنا أعز من مريومة
نظر داخل عيني مريم قائلا بصوت ملؤه الحنان :
- لأ طبعا مفيش
فتح باب سيارته وخرج منها ومد يديه حاملا مريم بعدما طوقته بذراعيها حول عنقه حتى تخفف حملها عليه دخلا المستشفى سريعا وكان سيف قد أخبر المستشفى بقدوم مريم وقد جهزا لها سرير وحينما وصلت شرعا في عمل التحاليل والآشعة التي طلبها أدهم ثم نظر إليها متسائلا :
-مريم فصيلة دمك أيه ؟
-O-
-أدهم بدهشة : أيه ده زيي
-لأ والله
-أه والله تصدقي
اتصل أدهم ببنك الدم وأخبرهم بفصيلتها وطلب منهم تحضير كيس دم فورا وبعد لحظات أتصلوا به وأخبروه أنه لا يوجد لديهم فصيلة الدم تلك فذهب إليهم وكان معه سيف وأخبرهم ما يلي :
-أنا فصيلة دمي O-ممكن تاخدوا مني
-ماشي يا دكتور بس لازم نعمل لحضرتك التحاليل الأول عشان نتأكد أنك تقدر تتبرع
-محدش ليه دعوة أنا قادر وكويس وزي الفل خلصوا بقا
-حاول سيف تهدئته قائلا : بس يا أدهم لازم تعمل التحليل
- يادكتور أدهم أنتا عارف أنه مينفع....
-قاطعهم قائلا : مفيش بس ولكن ومينفعش هتاخدوا مني كيس دم حالا أكيد مش هسيب مراتي تموت عشان اطمن على نفسي الأول
تعجبوا جميعا ف لا يعلم أحد أنهما متزوجين ومنذ متى ؟..نظر سيف لأدهم هو الآخر مندهشا فكيف له أن يخبرهم بزواجه منها وهو من أخبرها سابقا ألا تخبر أحدا بأمر زواجهما ..وبالفعل رضخ الجميع لرغبته وأخذوا منه الدم وجهزوه ثم علقوه لها وهي لا تعلم أن الدم الذي يجري في عروقها الآن هو دم ابن عم التي تظنه يكرهها....
وبعد ساعة كانت قد ظهرت نتائج التحاليل والآشعة التي توضح أن هناك ورم في الرحم وحجمه كبير لا أحد يعلم نوع الورم الموجود لكن لابد من استئصاله في أسرع وقت لأنه يكبر بشكل سريع لكن لابد من الانتظار حتى تتحسن حالة الانيميا الموجودة ولهذا كتب لها أدهم 3 أكياس دم وحقن حديد حتى ترتفع نسبة الهيموجلوبين وأعطاها حقن لوقف النزيف وذلك في غضون ثلاثة أيام على الأكثر حتى يقوم بإجراء العملية....
ذهب هو وسيف لإخبارها بنتيجة الفحوصات والتحاليل
-مريم نتيجة الفحوصات طلعت " قالها سيف "
-خير يا سيف بس طالما أدهم واقف ساكت يبقا أكيد حاجة وحشة Cancer?
-رد أدهم : اعوذ بالله من لسانك بصي يا مريم هو اللي ظاهر دلوقتي أنه فيه ورم في الرحم حجمه كبير جدا وده طبعا اللي بيفسر حجم بطنك اللي مكنش بيبان من لبسك الواسع وساكتة عليه كأنك عدوة نفسك والله مش عارف دكتورة أيه بس
-وأديني عرفت أني هموت استفدت أيه
-رد سيف نيابة عن أدهم : تموتي أيه بس يا مريم بشروا ولا تنفروا يا حبيبتي
-أيه حبيتك ديه أنتا كمان متلم لسانك يا سيف
"قالها أدهم بغضب"
-مقصدش يا عم أدهم حاجة أنتا كمان
-رد أدهم موجها حديثه ل مريم : المهم دلوقتي يا مريم أننا نرفع نسبة الهيموجلوبين في خلال ال 3 أيام اللي جاية عشان لازم نعمل العملية في أسرع وقت
-هو الهيموجلوبين كام ؟
-6
-أيه 6 ! ده قليل أوى
-بجد والله طب كويس أنك عرفتي أنه قليل أوى مهو العند حتى في المرض كمان
-جذبه سيف من ذراعه ثم قال له هامسا : خف عليها شوية هي تعبانة الأفضل أنك تطمنها
-مهي مستفزة بصراحة يا سيف وبتنرفزني "قالها أدهم بصوت عالي وانفعال "
-أديني هموت أهوه وأريحك يا أدهم
-أجابها سيف :يا بنتي والله تصدقي بقا هو عنده حق
-رد أدهم : بطلي بقا أسلوب الاستعطاف والاستمالات بتاعك ده مفيش حاجة تقلق كل الحكاية ورم ليفي وهنستأصله وخلاص
-مال سيف على أذنه قائلا: الله يخربيت لسانك أنتا كمان بالراحة أهدى
-وأنتا عرفت منين أنه ورم ليفي هو أنتا حللتها يعني
-لأ بس طالما بتكبر بسرعة كده تبقى أورام ليفية
-ملكش دعوة أنا بسأل سيف عشان متقولش استعطاف واستمالات ومعرفش أيه
-أووف اسكتي بقا "قالها أدهم بضيق"
-سيف بنفاذ صبر من هذا الثنائي : ياااارب عليكي أنتو الاتنين تصدقوا بالله أنتو عيال والله أنا حاسس إني واقف في خناقة ف فصل بين اتنين ف ابتدائي أكبروا بقا وأرحموني ..دخلت دينا عند تلك الجملة التي قالها سيف فردت قائلة :
-والله عندك حق يا سيف دول مجانين والله جننوني وأنا في العربية مكنتش عارفة أركز في السواقة منهم
-يالهوي هو أنتي اللي سوقتي بيهم
-أه
-طب الحمد لله أنهم وصلوا بالسلامة ديه مجنونة سواقة يا أدهم أعوذ بالله لما بركب معاها بتشاهد على نفسي
-ضحك أدهم قائلا : أه ما أنا جربت بس الحمد لله ربنا سترها معانا
-ردت دينا : بقا كده ماشي يا دكتور أدهم بس أنتا اللي قولتلي سوقي بسرعة
-أحنا آسفين يا أستاذة دينا والله..لأ بصراحة يا سيف لولاها كنا أتاخرنا تمام كده يا فندم؟
-دينا بفخر : أيوه كده
ضحكوا جميعا وانصرفا سيف ودينا وبقى أدهم الذي ظل متابعا لحالة مريم وكانت هي شغله الشاغل فقط طيلة الأيام التي قضتها في المستشفى كان لا يتركها أبدا حتى النوم ينام بجوارها على السرير المجاور وبعد ثلاثة أيام بدأت نسبة الهيموجلوبين في التحسن وأصبح الآن لابد من الجراحة فورا لاستئصال الورم لكن الورم كان حجمه كبير وقد يضطرا لاستئصال الرحم وكان لابد من أخبارها بذلك قبل العملية وأخبارها بمفاجأة آخرى قد قالها أدهم ل سيف بينما كانا واقفين خارج باب غرفتها وهي نائمة كانا يتحدثا سويا
-يعني هتقولها وهتعملها العملية بكره
-أه بس مش أنا اللي هعمل العملية
-ليه يا أدهم ؟ أنتا بتهزر امال مين اللي هيعملها؟
-دكتور أحمد محمود أنتا عارف أنه شاطر في النوعية ديه من العمليات صحيح أنا مش مرحب بفكرة أن دكتور يعملها العملية وكنت عايز دكتورة بس بصراحة الأشطر هو أحمد محمود سالي مش قد كده في العمليات ديه
-والله أنتا اللي أشطر من الاتنين يا أدهم ودول يجوا بعدك
-أنا لأ يا سيف وده أمر مفروغ منه مقدرش مريم بنت عمي ومقدرش اتخيلها مريضة عندي
-بنت عمك بس يا أدهم عليا أنا بردو
-أه يا سيف بنت عمي بس وبطل بقا كلام في الموضوع ده
-ماشي خلينا بقا ف موضوع العملية طب متسألها يمكن تكون تعرف دكتور أو دكتورة شاطرة في العمليات ديه
-ماشي نسألها بس ده أفضل واحد
هنا بدأت مريم في فتح عينيها والاستيقاظ وقد كانت سمعت حديثهما لكنها آثرت ألا تستيقظ حتى ينتهيا من حديثهما ف أذنت لهما بالدخول ثم قالت متسائلة :
-أيه خير انتو الاتنين عندي ليه؟
-قال أدهم : احنا هنا ل سببين أولا تعرفي دكتور أو دكتورة نساء شاطرين في العمليات ديه
-أه طبعا أعرف
-مين ؟
-نظرت له داخل عينيه : أنتا يا أدهم
-تهرب من نظرتها تلك : غيري يا مريم حد تاني
-لأمعرفش غيرك ومش عايزة حد تاني
-أنا منفعش أنتي عارفة لو حد قريبك يبقا صعب تعمليله عملية والأفضل يكون غريب
-اعتبرني غريبة وبعدين أفتكر أنك بتكرهني وأنتا بتعمل العملية
-لأ والله بكرهك ؟! أنتي شايفة كده ؟ماشي تمام حتى لو بكرهك في اللحظة ديه مش هحس ب كده
-أدهم أنا مش هآمن على نفسي مع حد تاني غيرك
-وهنا لم يستطع أدهم أن يعترض بأي كلمة ولم يرد على جملتها تلك سوي ب "حاضر"ثم أردف قائلا : بس في حاجة تانية يا مريم
-أيه ؟
-سيف ممكن يقولهالك
-قالت بحزم : أدهم أنتا الطبيب المختص اتفضل قول
-الورم زي مقولتلك أنه حجمه كبير وملتصق بجدار الرحم ولو مقدرناش نتخلص من الالتصاقات ديه ممكن نبقى مضطرين أننا..أننا نشيل الرحم
-لأ ارجوك يا أدهم حاول اعمل كل جهدك أنا نفسي أبقى أم
-أكيد هعمل كل اللي أقدر عليه ..أكيد يا مريم على العموم متقلقيش بإذن الله كله هيبقا تمام هو بس احتمال وارد فقولت لازم تعرفيه بس متخافيش
-مش خايفة يا أدهم طول ما أنتا دكتوري أنا واثقة فيك hundred percent
-يارب أكون عند حسن ظنك
-أكيد بإذن الله
وفي الصباح جاءت دينا لتكن بجوار مريم التي تم تحضيرها للعمليات وأثناء التخدير أمسك أدهم يديها مربتا عليها بحنو قائلا:
-متخافيش
أبتسمت له ثم غطت في سبات عميق كانت العملية صعبة للغاية واستمرت حوالي أربع ساعات متواصلة لكن أخيرا تم استئصال الورم الذي كان حجمه كبير للغاية واستطاع أدهم بمهارته بالرغم من صعوبة العملية أن يجتازها بنجاح دون أن يضطر لاستئصال الرحم وأخيرا انتهت العمليه دون قضاء أمل مريم في حلم الأمومة وبقى شيئا واحدا وهو الاطمئنان أن الورم ليس بخبيث فأرسل أدهم عينة من الورم لمعمل الباثولوجي للكشف على نوع الورم وبعد حوالي ربع ساعة بدأت مريم تستفيق وكان بجوارها هو ودينا وسيف نظرت وقتها ل أدهم نظرة متسائلة فهم مغزاها فورا فأجابها بابتسامة قائلا :
-متخافيش هتبقي ماما عادي في أي وقت مش قولتلك اطمني
-ابتسمت مريم قائلة :شكرا يا أدهم
-ششش المهم دلوقتي ترتاحي يلا بقا نامي ومتفكريش في حاجة
-والنتيجة بتاعت نوع الورم هتطلع أمتا ؟
-ها قولنا أيه ارتاحي بس النهارده والنتيجة هتطلع بكرة بإذن الله ومش هيكون فيها حاجة وحشة متقلقيش أدعي أنتي بس وربنا هيكرمنا بكره إن شاء الله
-حاضر
غطت مريم في سبات عميق أما ادهم ف كعادته ظل بجوارها لكنه طيلة ليلته لم يغمض له جفن من القلق على نتيجة معمل الباثولوجي
وفي الصباح اتصل بالمعمل وأخبروه بأن الورم ما هو إلا مجموعةأورام ليفية متجمعة ومتحدة معا يصل عددها لأكثر من ثلاثون ورم ليفي صغير ف كونت ورم واحد كبير وهي حالة نادرة من الأورام الليفية لكن لا يوجد منها أية خطورة على الاطلاق ..
ذهب أدهم لمريم ليطمئنها ويطمئن عليها وأخبرها بالنتيجة فرحت كثيرا وحمدت الله على فضله ثم نظرت إليه وسألته مرة آخرى :
-يعني بجد يا أدهم أقدر أخلف
-بإذن الله تقدري تحملي من بكره لو حبيتي
-ابتسم سيف ثم غمز ل أدهم قائلا : هي الست حابة أهيه أتشطر أنتا بقا وهاتولنا بيبي حلو ورخم زيكوا كده
ضحكت دينا وسيف أما أدهم ومريم ف كان الصمت هو ردهم الوحيد توتر أدهم كثيرا من مزحة صديقه ثم أستاذن منهم وانصرف بعدما جذب سيف من ذراعه ليخرجه معه وحينما خرجا من الغرفة نظر له بغضب وصاح منفعلا :
-أيه يا سيف..أيه الهزار السخيف ده
-أولا ده مش هزار يا أدهم أيه مش هتبطلوا استعباط بقا
-استعباط أيه ! ما أنا لسه قايلك أن مفيش أي مشاعر بينا كل الحكاية أنها بنت عمي وجوازتنا ديه هتنتهي عاجلا أم آجلا ومش هتبتدي أصلا هتفضل كده في نفس الاطار ده لحد ما تنتهي فاهم يا سيف
-لمصلحة مين يا أدهم اللي بتعمله ده ومتقولش بقا الكلام الأهبل بتاع بنت عمي ومعرفش أيه عشان أنا مش عبيط أنا ليا عين وأعرف أفرق كويس بين مشاعر الأخوة والقرابة وبين مشاعر الحب
-أنا مبحبش حد يا سيف ومش عايز أحب حد فاهم ولو سمحت متتكلمش ومتدخلش في الموضوع ده تاني أنا ومريم متفقين على كل حاجة وكل واحد فينا فاهم كويس طبيعة العلاقة بينا
-جملة أخيرة يا أدهم أنتا ومريم بتستهبلوا على بعض أنتو الاتنين بتحبوا بعض لكن بتكدبوا على نفسكوا على العموم براحتكوا سلام يا صاحبي....
تركه سيف وانصرف أدهم إلى غرفته ليجلس بها منفردا يفكر حينا ف كلام صديقه ويطرده حينا آخر من رأسه ..أما في غرفة مريم فقد كانت دينا تتحدث مع مريم حديثا موازي لحديث سيف وأدهم ، قالت دينا لها :
-ممكن أعرف اتضايقتي ليه من كلام سيف؟
-كده يا دينا عشان أنا وأدهم ولاد عم وبس وجوازنا ده هيفضل على الورق ومكنش ينفع سيف يقول كده
-والله! أنتي وأدهم ولاد عم بس تصدقي صدقت أنتو بتستعبطونا ولا أيه ؟ مبنشوفش احنا اهتمامه بيكي الفترة اللي فاتت وقلقه عليكي أدهم منمش طول الفترة اللي فاتت كان جنبك في كل لحظة مكنش بيرضى يروح ينام في البيت كان بينام على السرير اللي جنبك مش بس كده سيف حكالي على الخناقة اللي عملها ف بنك الدم عشان ياخدوا منه هو دم من غير ما يطمن على نفسه ويشوف إذا كان ينفع يتبرع ولا لأ ولا خضيته عليكي لما عرف من سيف أنك تعبانة وحاجات من ديه كتير تقول وتأكد أن العلاقة بينكم مش مجرد علاقة قرابة أنتو بس اللي حابين تضحكوا على نفسكوا وأنتي يا مريم عايزة تفهميني أنك مبتحبيش أدهم ده أنتي مطمنتيش إلا لما جه مرضتيش حد غيره يعملك العملية ولا نظرة عينك لما كان شايلك وأحنا جايين المستشفى أيه كل ده بيتهيألنا
-كفاية ..كفاية يا دينا مفيش حاجة من اللي بتقوليها حقيقة أنا مبحبش أدهم ومش هحبه هو ابن عمي وبس وقريب هنتطلق وكل واحد هيشوف حياته
كان أدهم يستعد للدخول للاطمئنان على مريم بينما سمع جملتها الأخيرة التي قالتها ل دينا فانتظر ثواني ثم طرق على الباب ليستأذن بالدخول نظر ل مريم قائلا :
-مريم أنتي هتقعدي هنا حوالي أسبوع لحد ما نتطمن عليكي ونتأكد أن كله بقا تمام والجرح يكون خف خالص ..صحيح المستشفى مدياكي أجازة أسبوعين أهو ترتاحي شوية
-أنا فعلا محتاجة للراحة ديه
-أه وأنا كمان هروح النهارده أبات في البيت عشان أنتي عارفة روك لوحده أنا كنت قايل ل احمد يحطله أكل بس أنتي عارفة أنه مبيحبش الكلاب ف بيعمل ده مضطر وعشان مش هينفع أبات هنا كل يوم
-أه طبعا متشغلش نفسك بيا أنا هخلي أي حد من الممرضات يبات معايا
- ما أنا أكيد كنت هعمل كده مكنتش هسيبك لوحدك طب أنا مروح بقا
-دلوقتي ؟
-أه مش قادر محتاج أنام جدا
-ماشي سلام
-سلام
وبعد انصراف أدهم نظرت مريم ل دينا قائلة بغيظ :
-شوفتي أهوه هيسبني لوحدي أهوه عشان الكلب
-يا مفترية مهو قاعد جنبك بقاله 4 أيام وبعدين هو مينفعش يفضل أكتر من كده هو عايز يأكد لنفسه وليكي أنكوا عادي بس الحقيقة غير كده
-امشي يا دينا أنتي كمان روحي شوفي سيف عايزك
-ماشي بقا كده طيب أنا هروح أشوف سيف وخليكوا كده يلا سلام
-سلام يا أختي
كانت مريم تشعر بالغيظ الشديد من أدهم تتمنى لو بقى معها فلقد اعتادت قربه لكن كرامتها أبت عليها أن تصرح له بذلك ..
وفي اليوم التالي جاء أدهم الذي لم يستطع أن ينم ليلته تلك ايضا لأن باله ظل مشغول على مريم التي تبيت ليلتها بمفردها كان يود أن يبقى معها لكن هو الآخر أبى الاعتراف أنه لا يستطيع أن ينام طالما هي بعيدة عنه كان يريد أن يطمئن نفسه ويخبرها أن الأمر مازال في قبضة يده وأنه مجرد اعتياد على وجودها في حياته وليس حب كما يقولا سيف ودينا، لقد قضى ليلته تلك في غرفتها لعله يشتم عطرها ف يطمئن قلبه عليها وهذا أيضا جعل النوم يهب من عينيه أكثر..
وفي صباح اليوم التالي ذهب إلى غرفتها في المستشفى وطرق الباب وحينما فتحه وجد هناك من أثار غضبه كان خالد الذي يجلس على الكرسي ملاصقا ل سريرها نظرإليه بإبتسامه تحوي كل معاني السخف ثم حك ذقنه قائلا :
-أهلا يا دكتور خالد
-أهلا بيك يا أدهم
-أيه هنا من بدري ولا أيه ؟
-لأ خالص أنا لسه جاي من عشر دقايق كده
-طبعا حضرتك دكتور وعارف أن زيارة المريض مينفعش تطول عشان منتعبهاش
-ردت مريم قائلة لتثير غضب أدهم أكثر وهي لا تعلم لماذا : لأ أنا مش تعبانة يا أدهم أنا بقت أحسن الحمد لله
-كده طب تمام الحمد لله ..سكت لحظة ثم قال أه معاد الحقنة بعد أذنك يا دكتور خالد عشان هي لازم تآخد الحقنة دلوقتي
-قال خالد :أه أكيد
ثم نظر ل مريم قائلا : خلاص يا مريم أنا هعدي عليكي بالليل عشان اطمن عليكي أنا سهر النهارده وممكن آجي أسليكي بدل ما تفضلي لوحدك وتزهقي
-جن جنون أدهم الذي كاد أن يفتك ب خالد فقال بعصبية شديدة :
نعم! أنتا مجنون ولا أيه تقضي ليلتك فين يا دكتور؟ متركز كده وتسلي مين أيه ظريف أوي كده حضرتك عشان تسليها وبعدين بأي حق تيجي تقعد معاها لوحدكوا بالليل ولا هو أي حك وخلاص
-نظر له خالد في حدة مماثلة ورد عليه قائلا : في أيه يا دكتور أدهم متهيألي أن حضرتك اتعديت حدود اللياقة في الكلام معايا وكمان قدام مريم ولولا أنها موجودة وأنك ابن عمها أنا كان ليا رد تاني ..ثم أردف قائلا وبعدين حضرتك منفعل أوي كده ليه ما أنتا كنت بتيجي كل يوم تقعد وتبات معاها بحجة أنك الدكتور المعالج ولا أيه ؟
-لا أيه أنتا بقا أولا هي بالنسبالك اسمها الدكتورة مريم ،
ثانيا أنا مش محتاج حجج عشان أقعد معاها زيك لانها ببساطة مراتي
-امتقع وجه خالد من أثر المفاجأة ثم نظر ل مريم لعلها تكذب كلامه لكنها أماءت رأسها بالايجاب فرد قائلا :مراتك! أنتو أتجوزتوا أمتا ؟
-رد أدهم ليغيظه أكثر : متهيألي مش المفروض لما نيجي نتجوز ندي لحضرتك تقرير أو نآخد منك أذن عادي اتنين حبوا بعض وأتجوزوا شيء بيحصل يعني
-بس محدش في المستشفى يعرف
-أدهم وهو يجز على أسنانه بغيظ حتى لا يتهور ويضرب هذا الأحمق : وأنتا مالك احنا حرين براحتنا نقول للأشخاص اللي نحب نقولهم
-ماشي يا دكتور أدهم على العموم مبروك ده من حظك الحلو أنك خدت جوهرة زي مريم قصدي الدكتورة مريم ..بعد أذنكوا
تركهم خالد وانصرف أما مريم ف نظرت ل أدهم بعصبية قائلة :
-أنتا أزاي تكلمه بالشكل ده وقدامي كمان
-والله وأنتي عايزني أكلمه أزاي ولا أقف أتفرج عليه وهو بيحاول يشقط مراتي
-حسن أسلوبك يا أدهم أيه يشقط ديه
-آسف مش قصدي بس مش فاهمك عايزاني أقوله أيه وهو بيقول عايز يجي يقعد معاكي بالليل
-تكلمه بطريقة مهذبة أكتر من كده أو كنت تسيبني وأنا هرد عليه
-والله أيه عايزاني أوطي صوتي وأبص في الأرض وأنا بكلمه ،وأسيبك تكلميه أنتي ليه وانا واقف
-لأ مش لازم تعمل كده بس تكلمه على الأقل باحترام خصوصا هو ميعرفش أننا متجوزين
-أديه عرف
-وليه قولتله ؟
-أيه مكنتيش عايزاني أقوله ..أه صح بعدين يطفش على العموم أهو مرمي عندك أبقى لما نتطلق أرجعي وقوليله أنا اتطلقت يا خلوده يا حبيبي وأدهم الوحش الشرير مبقاش في حياتي خلاص
-أسكت يا أدهم أحسن
وبينما هما في شجارهما دخل سيف ودينا فسألا عن سبب صوتهما العالي
قال سيف : في أيه يا مجانين أنتو بتتخانقوا ولا أيه ؟ مش بتبطلوا خناق أبدا علطول ناقر ونقير كده
رد أدهم قائلا : لأ ست مريم بتربيني هتعلمني أزاي أكلم الناس واحد داخل يلف ويدور حوالين مراتي المفروض أخده بالحضن
ردت مريم بحدة : مش مراتك
رد عليها أدهم بحدة أكثر : لأ مراتي وطول ما أنتي على ذمتي تبقي بتاعتي ملكي ومش من حق أي راجل غريب يقربلك ولا يتكلم معاكي حتى فاهمة
قال جملته الأخيرة وانصرف حاول سيف الامساك به لكنه كان منفعلا للغاية ولم يتوقف ولأن سيف يعلم صديقه جيدا ف لم يذهب خلفه لأنه يعلم أنه طالما وصل لهذا الحد من الانفعال ف لابد أن يظل بمفرده حتى يهدأ ، ف سأل مريم عما حدث فقصت عليه ما دار بين خالد وأدهم ثم ما دار بينها وبينه ..ف نظر سيف ل مريم قائلا :
-أنتو الستات أعوذ بالله منكوا تجننوا العاقل
-والله ليه بقا أنا غلطت في أيه؟
-مش موضوع غلطتي أنتي جننتيه بس كويس أديكي بتنفذي كلامي أهوه وبتشعللي غيرته بس شكلك تقلتي العيار حبتين ومش شعللتيها بس أنتي ولعتي ف أدهم نفسه
-بقولك أيه يا سيف أنا لا كنت بشعلل غيرته ولا بتاع هو اللي كان مستفز جدا وعايز يتحكم فيا وخلاص
-عليا أنا بردو يا مريم ماشي
-ردت دينا : أحسن جدعة والله يا مريم خليه يحس بقيمتك
-رد سيف : أيه ما تهدي يا بوتجاز أنتي كمان هي ناقصاكي ، وبعدين أدهم عارف قيمة مريم كويس كل الحكاية في العقد اللي عنده
-ردت مريم : هو حر في عقده أنا مليش دعوة بيه أصلا ومش من حقه يتكلم معايا بالطريقة ديه هو فاكرني شغالة عنده
-بصي يا مريم أدهم صاحبي من زمان هو صحيح مش صعيدي أوي في حاجات كتير لكن الاندفاع والعصبية والغيرة على أي ست تخصه دول فيها صعيدي جدااا بس كمان هو طيب شويه لما يهدى هيحس أنه غلط وهيجي يعتذرلك
-أه ما أنا عارفة ولا هيعتذر ولا نيلة هو كده علطول براحته بقا ومش هتكلم معاه أصلا
مرت حوالي ساعة ثم سمعوا صوت طرقات على الباب فأذنت له بالدخول وكان الطارق هو أدهم الذي نظر إلى مريم قائلا :
-أنا آسف بس أنتي اللي عصبتيني
قال جملته المقتضبة تلك وأستأذن وانصرف
-نظر لها سيف قائلا : والله أنتي مفترية
-ده أنا بردو مهو طبعا لازم تدافع عن صاحبك وراجل زيك
-مش بقولك مفترية حتى أنا كمان ده أنا علطول في صفك ماشي يا مريم يلا أنا رايح أشوف شغلي سلام
-سلام
-سيف:دينا وأنتي مروحة أبقى عدي عليا
-دينا بمرح:أنا ممكن أبات مع مريم أهو أسليها وبعدين عشان لما يجي خالد ده ميلاقيهاش لوحدها أهوه يسلينا احنا الاتنين بس هو خالد ده حليوة كده ؟؟
-سيف بحدة :نعم يا أختي اتلمي يا دينا بدل ما آجي أسليكي أنا عدي ليلتك على خير أحسن بدل ما أخليكي لا تشوفي حليوة ولا تشوفي خااالص أصلا
-حاضر حاضر يوووه على قطع الأرزاق ده
انصرف سيف وضحكت الفتاتان وقضت دينا مع مريم ليلتها ..
مر الأسبوع وقد أصبحت مريم على ما يرام ف استعادت صحتها واطمئن أدهم أن كل الأمور تسير بشكل طبيعي وأخبرها انها ستخرج في الغد ..وفي اليوم التالي كانت مريم قد أعدت نفسها للعودة ل منزلها وكانت قد عزمت الأمر على العودة ل بيت والديها وليس بيت أدهم....
ترى ماذا سيفعل أدهم ليعيدها لبيته ؟؟ وهل ستسامحه بعد كل ما مرا به في الفترة الأخيرة وتعود معه أم أنها ستظل في بيت والدها ؟؟ وأخيرا هل سينصلح حال أدهم وينتهي تهوره عند هذا الحد أم أن للأحداث رأي آخر ؟؟