رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل المئة والعشرة 110
سمعت خلود صوت السيارة المغادرة عندما فتح نائل باب الغرفة.
ثم رفعت رأسها نحوه كطفلة فضولية وسألته: "لماذا جاءت السيدة هادي إلى
هنا لتبحث عنك؟"
فانحنى نائل ومسح على رأسها بيديه قائلا: "لقد طلبت مني أن آخذك معي إلى
المأدبة غدا".
نظرت إليه خلود مشككة بما سمعت فقد كان من الطبيعي أن تدعوها جوليا
إلى الحفلة على اعتبار أنها المصممة أمل ولكن جوليا كانت تعرفها فقط باسم
خلود زوجة ابنها التي تحتقرها، ولذلك لم تفهم خلود لماذا قد تدعوها جوليا
إلى مثل هذه المناسبة.
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
ثم اقترب نائل من خلود وقبل رأسها قائلا: "ألم تقولي إنك تريدين رؤية أمي
وهي ترتدي الفستان الذي قمت بتصميمه لها؟ فلنذهب ونتجول في الحفلة
لتتمكن من إلقاء نظرة خاطفة عليها، ما رأيك؟".
غمر قلب خلود بعدها شعورًا جميلًا من السعادة فنظرة واحدة على الفستان
ستفي بالغرض! لن يكون هناك أي مشكلة، أليس كذلك؟
وصلت خلود إلى مكتبها في شركة الرضا في اليوم التالي دون تأخير. ولم تكن
مشغولة كثيرًا لأنه ليس هناك الكثير من العمل الذي يجب عليها القيام به قبل
عطلة نهاية الأسبوع. وبعد انتهاء اجتماعهم جاءت سندس إليها وقالت لها:
"خلود، هناك عميلة تريد أن تختار فستانا. لماذا لا تقومين بمساعدتها"
"حسنا".
كان يتم عرض مجموعة من الفساتين المتميزة بين الحين والآخر في قاعة
العرض الكبيرة التي توجد في الطابق العاشر من شركة الرضا. وكانت هذه
الفساتين عبارة عن مجموعة من الفساتين القابلة للبيع والمخصصة فقط للزبائن
من كبار الشخصيات وأحيانا كان هؤلاء الزبائن الذين يصعب إرضاؤهم يطلبون
من مصممي الفساتين مساعدتهم.
ولذلك، لم تبالغ خلود كثيرًا في التفكير في الموقف، فحزمت أشياءها وتوجهت
إلى قاعة العرض.
وسرعان ما وصلت إلى القاعة ذات الإضاءة الساطعة والتي عرضت فيها العديد
من الفساتين الرسمية المصممة خصيصًا حسب الطلب والتي تصل تكلفتها إلى
مبالغ طائلة جدا.
وقفت مايا مبتسمة في منتصف قاعة المعرض، والاستفزاز يملأ عينيها، عندما
كانت تلقي التحية: "ها نحن نلتقي من جديد، آنسة حديد".
في البداية، لم تنتبه خلود إلى البريق الغريب في عيني مايا. ولولا شخصيتها
كامل لما أدركت مدى دهاء هذه المرأة اللطيفة.
استقبلت خلود المرأة بهدوء وقالت: "مرحبا آنسة تامر. هل أنت هنا لاختيار
فستان اليوم؟"
وعندما نظرت مايا إلى خلود امتلأ عقلها بأفكار مختلفة.
إن جسدها يشبه جسد أمل. وتبدو ناعمة وضعيفة مثلها. يا لها من امرأة
متظاهرة استعملت جسدها لتجعل نائل يقع في حبها .
ضحكت مايا باستهزاء. "أحتاج إلى اختيار فستان مناسب لمأدبة السيدة هادي
الليلة. أنت مصممة لا شك أن لديك نظرة ثاقبة هيا. اختاري لي واحدًا".
ثم أمسكت مايا بيد خلود وسارت نحو الفساتين
على الرغم من انزعاجها من علاقة الصداقة المزيفة التي أقامتها مايا معها، إلا
أنه خلود أبقت عواطفها تحت السيطرة..
وبعد رؤية جميع الفساتين توقفت مايا وهي تعبث بالفساتين أمامها وقالت:
"أعتقد أن هذين الفستانين رائعين. ماذا تعتقدين؟ أيهما أجمل الأحمر أم
الأبيض؟"
نظرت خلود إلى الفساتين ومع ذلك، تابعت مايا دون أن تنتظر ردا منها: "نائل
لا يحب اللون الأحمر، لذلك أعتقد أنني سأخذ الفستان الأبيض".
ثم ابتسمت مايا لخلود بتلميح من الاستفزاز الذي لا يمكن لأحد أن يلاحظه
غير خلود. أما بالنسبة للآخرين، فكانت مجرد محادثة عادية بين
النساء.
وفي ذلك الوقت، اقترب زميل خلود ليأخذ الفستان الأبيض الذي اختارته مايا
ويقوم بتغليفه.
ثم مشت خلود وأمسكت بالفستان الأحمر وسلمته لمندوبة المبيعات الموجودة
في المعرض وطلبت منها أن تغلف الفستان وترسله إلى مكتبها.
وبعد ذلك أوماً زملاؤها إليها قبل أن يبتعدوا ومعهم كلا الفستانين.
كان تصرف خلود ردا على تلميح .مايا. سوف أرتدي فستانا أحمرًا حتى لو كان
نائل لا يحب اللون الأحمر.
ضحكت خلود بخفة، وقالت: "ما هذه الصدفة. أنا أيضا سأحضر المأدبة اليوم
وأحتاج إلى فستان مناسب رجاء، لا تفكري كثيرًا في ذلك، حسنا؟"
ابتسمت مايا بحرج، كونها لم تتوقع أبدًا أن ترد خلود بهذه الطريقة. "بالطبع لا".
ثم استداروا وتوجهوا نحو الباب بعد ذلك. ولكن عندما لاحظت مايا
الإكسسوارات الموضوعة على الجانب أوقفت خلود التي كانت تمشي أمامها،
وقالت لها: "آنسة حديد، هل يبدو هذا جميلا علي؟"
التفتت خلود وكانت المفاجأة عندما أمسكت مايا بقناع أسود يشبه إلى حد
كبير ذلك الذي كانت ترتديه أمل ووضعته على وجه خلود. ارتجفت خلود
وتجمدت عندما تم إخفاء وجهها بالقناع وظهرت فقط عينيها اللامعتين.
حدقت مايا بعينيها، وسألت بصوت يملأه الشك: "إنك تشبهين إلى حد كبير
المصممة أمل التي رأيتها قبل عدة أيام. هل تعرفينها؟"
تصلب ظهر خلود بينما قامت بإزالة القناع بهدوء وردت ببرود: "طبقا أعرفها.
إنها مصممة مشهورة جدا في مجال التصميم".
ابتسمت مايا بطريقة غريبة وهي تغادر بخطوات ثابتة وقالت لخلود: "أراك
الليلة، إذا.
شعرت خلود بمزيج من المشاعر المختلطة بينما كانت تحدق في القناع الذي
بين يديها.
ترى هل عرفت من أكون؟
سيحضر المأدبة اليوم الكثير من الشخصيات المهمة، كمجموعة الشبان الذين
نالوا لقب الكونت بالإضافة إلى مجموعة من الشباب الراقيين من دار اليشم.
وفي اللحظة التي دخلت فيها خلود إلى الحفلة اعتقدت أنها وصلت إلى مملكة
النساء، حيث رأت مجموعات من النساء يرتدين أفخم الملابس كيفما نظرت.
"هل أنت متأكد أن هذه . هي
مأدبة السيدة هادي؟ يبدو وكأنه..." كانت خلود في
حيرة من أمرها واعتقدت أن المشهد كان يبدو كحدث اختيار زوجة أكثر من
كونه حفلة عادية.
أمسك نائل بيدها وقال: "هيا لنذهب".
كان نائل يرتدي بدلة ذات لون أحمر نبيذي وقميضا أبيض، وكان يشع بهالة
مصاص الدماء الذي يظهر في الليل الحالك. على الرغم من أن عينيه كانتا
باردتين ونظراته تقشعر لها الأبدان، إلا أن النساء القين نظرات الغزل عليه بعد
أن دخلوا إلى قاعة الحفل.
لكن ما لم يعرفه الجميع أن نائل اختار بدلته بهذا اللون ليكمل إطلالة خلود التي
ترتدي فستانا أحمر ذو كتف عاري ويحمل ربطة ملتفة على الخصر تبرز
كانت
خصرها النحيل.
وبدا الثنائي وهما يقفان جنبا إلى جنب متوافقين تمامًا، كما لو أنهما خرجا للتو
من لوحة.
وبعد جولة قصيرة، رأى نائل جوليا تتحدث مع بعض النساء، فسار مع خلود
التي كانت تمسك بذراعيه وجذب انتباه هؤلاء النساء فوزا.
في الوقت ذاته كانت جوليا تحدق في خلود بانزعاج واضح على وجهها. حيث
بینت بشكل واضح أنها لم تكن تريد استقبالها كضيفة عندها. فقد كان هدفها
الرئيسي من إعداد حفلة اليوم هو تعريف نائل على مجموعة من الأصدقاء
والمعارف كونها كانت تعتقد أن نائل وقع في حب خلود من النظرة الأولى لأنه
لم يكن لديه تجارب أخرى مع النساء خلال السنوات الماضية.
ولذلك ظنت أن نائل عندما يتعرف على العديد من النساء والأصدقاء سيكتسب
خبرة جيدة في العلاقات العاطفية، وربما يشعر حينها أن تلك الفتاة الصغيرة لم
تعد مثيرة للاهتمام
نظرت جوليا إلى اتجاه آخر بينما كانت تقول: "تعال نائل: سأقدم لك بعض
الفتيات اللواتي نشأن في عائلات ثرية ومتعلمة وليسوا مثل الأوغاد من الأسر
ذات الدخل المنخفض".
وحينها، أشرقت عيون تلك الفتيات عندما رأين نائل ولمعت نفس الفكرة في
أذهانهم جميعا.
رائع! لقد سمعنا الكثير من الشائعات عن أنه الرجل المثالي لأي فتاة. وبعد أن
التقينا به وجها لوجه تأكدنا أن هذه الشائعات صحيحة.
وبعد أن كانوا على وشك أن يبدأوا بالكلام ألقى نائل نظرة تحذيرية عليهم
قائلًا: "حبيبتي لا تحب هؤلاء النساء".