رواية الدلالة رفيقة الشيطان الفصل العاشر 10 بقلم هنا عادل
رواية الدلالة رفيقة الشيطان الحلقة العاشرة
“مروة” و “ناجية” كانوا الاتنين عارفين ان الكلام اللى اتقال ده هيفتح ابواب كتير مكانش في بال حد منهم انها ممكن تتفتح فى يوم من الايام،وده بسبب أن “ناجية” كانت عايشة طول عمرها كاتمة سر حياتها،وفى نفس الوقت “مروة” برغم معرفتها بأمها بشكل قوي جدا،الا انها متوقعتش ان السكك دى امها متعودة عليها،لكن الاتنين قرروا يسكتوا وميكملوش،لكن عارفين ان الكلام ده له راجعة قوية جدا.
ام هند:
– سميرة يا حبيبتى،حاسة بأيه دلوقتى؟
سميرة دموعها مش بتقف:
هند:
– انا شايفة ان انتى احسن من أمبارح،لسانك خف شوية.
سميرة:
– مش هتفرق يا هند،يخف ولا يتقل،هو بقى ايه لازمة الكلام،ماهو الوحيد اللى كنت بحب اتكلم معاه راح خلاص،هيفرق ايه بقى اتكلم ولا حتى ابقى خرسا؟
أم هند:
– بعد الشر عنك يا حبيبتي،وبعدين دى حكمة ربنا يا سميرة،وابوكى لو موجود مش هيحب انه يسمع منك كلمتين زى دول،أدعيله يا حبيبتي،وشدى حيلك.
سميرة بانهيار:
– حيل ايه يا طنط اللى يتشد،انا بقيت يتيمة خلاص،مبقاش فيه حاجة اسمها حيل.
قطع كلامهم صوت خبط على الباب،سمحت ام هند بدخول اللى بيخبط،علشان تتفاجئ بمها ومي بنتها وعمرو واقف وراهم على جنب علشان تبقى سميرة عارفة انه هيدخل الاوضة لو محتاجة تظبط هدومها او لو كانت قاعدة براحتها.
ام هند:
– مها!
– اتفضلي،اهلا بيكي،ادخلي يا مي.
مها:
– عاملة ايه يا ام هند؟
– لما عرفنا اللى حصل من عمرو قولنا لازم نيجي نعمل الواجب،اصل مروة اتصلت بينا بعد اللى حصل عندك فى البيت،ووالدتها كلمتنى تراضيني،قولت اصول انى اجى اعزي،واجب برضه.
ام هند:
– طول عمرك تفهمي فى الاصول يا مها،اتفضلي يا حبيبتى ادخلي.
فعلا دخلت مها ومعاها مي بنتها،لابسين اسود وبيحاولوا يبينوا الحزن،علشان يبان عليهم انهم فعلا جايين يواسوا ويقدموا واجب عزاء،لكن مها وبنتها جايين مخصوص علشان يراقبوا التصرفات بتاعت عمرو معاهم،وكمان تصرفاتهم معاه.
مها:
– البقاء لله يا سميرة،ربنا يصبركم.
– مي بابتسامة مش فى وقتها:
– سلامتك،ايه ده انتى وشك معووج كده ليه؟
عمرو:
– عاملة ايه يا سميرة النهاردة،بقيتى احسن؟
سميرة:
– الحمد لله يا دكتور،بقيت احسن،شكرا يا طنط لحضرتك،تعبتي نفسك.
مها:
– مفيش تعب ولا حاجة،ده واجب،ربنا يجعلها اخر الاحزان،ويكمل شفاكي على خير،هسيبك بقى ونروح نطمن على مامتك.
عمرو:
– لو تقدرى تجهزى بقى يكون احسن،علشان نلحق نخلص اجراءات الخروج،الظهر قرب،بلغتوا قرايبكم؟
سميرة:
– اهل بابا مش موجودين هنا مسافرين،وأهل ماما بعيد كمان معتقدش انهم هيهتموا وييجوا،لكن اصحاب بابا فى الشغل عرفوا واكيد هيكونوا موجودين.
عمرو:
– طيب اجهزى وانا هبلغ مامتك واختك كمان علشان نستعد اننا نخرج.
سميرة:
-حاضر.
كانت لسه سميرة لسانها تقيل شوية،واه وشها لسه معووج،ضايقها كلام مي،لكن اللى هى فيه اكبر من انها تشغل بالها بيها،وعملت اعتبار لوجود مامتها وتعب عمرو معاهم طول الليل،وعلشان كده مهتمتش غير بأنها فى اخر وقت ممكن تقضيه مع ابوها على وش الارض،ومن بعد الوقت ده هيبقى مجرد ذكرى،وكوم تراب هتقعد قدامه علشان تحكيله عن كل اللى واجعها.
ابتديت هند ومامتها يساعدوا سميرة علشان تقدر تقوم وتتحرك تخرج من الاوضة،خرج عمرو مع مها ومي علشان يروحوا يطمنوا على ناجية ومروة ويعزوهم هما كمان،وصلوا للاوضة وخبطوا على الباب،رديت مروة وسمحت بالدخول،وبرغم أن ناجية كان باين عليها الحزن,الا ان مروة عنيها لمعت لما شافت مها ومي قدامها،اصل وجودهم جنبهم فى ظروف زى دى يمكن يكون سبب فى تقوية العلاقات بينهم،وتكون هى دى اول خطوة هتوصل مروة للى هى عايزاه،برغم أنها لسه مقررتش ان عمرو هيكون هو فرصتها الحقيقية،لكن ده ميمنعش ان هو اللى قدامها دلوقتى.
مروة:
– اهلا وسهلا يا طنط،تعبتي نفسك،ازيك يا مي؟
– ماما،دى طنط مها مامت دكتور عمرو،اللى انتى كلمتيها فى التليفون.
ناجية بتعب وحزن:
– اهلا وسهلا،خطوة عزيزة.
مها:
– البقاء لله.شدوا حيلكم.
– مي:
– ربنا يرحمه يا طنط،ويصبركم
عمرو:
– الدكتور طمنى على حضرتك،بلغني انك بقيتي احسن،تقدرى تجهزى بقى علشان ميعاد الدفنة.
ناجية بمجرد ما سمعت الكلمة دى،حسيت بنغزة فى قلبها،دموعها نزلت وكأنها معيطتش طول عمرها،عمرو اضطر انه يسيبهم ويخرج علشان يشوف ايه اللى باقى علشان الخروج،وكانت مها ومي معاها ومع مروة،وفعلا مها كانت بتحاول تهدي ناجية،صعب عليها حزنها وتأثرها بموت جوزها،وده خلاها بتواسيها بصدق،لكن مي برغم تأثرها بالموقف،وسيطرت عليها فكرة الموت،وفتكرت باباها اللى مسافر وبعيد عنها،الا انها لاحظت ان مروة ووضعها مختلف تماما عن وضع اختها الصغيرة وعن والدتها كمان،كانت متماسكة جدا،حتى حزنها كان مش باين عليه انه حقيقي،نسبة تمثيلها الحزن،كانت اكبر من نسبة حزنها اللى خارج من جواها،وده زود عدم ارتياحها ليها.
خلصت الاجراءات بسرعة،كانوا اصحاب عمر موجودين عند المستشفى وطلعوا وراه،ناجية وسميرة كانوا راكبين مع عمر فى العربية اللى بتنقله للمسجد،مروة كانت راكبة هى وهند ومامتها، ومها ومي،فى عربية عمرو،برغم ان اصحاب باباها عرضوا عليها انها تركب معاها علشان العدد كبير فى العربية،لكن هى اتلككت بأنها هتكون محرجة تكون راكبة العربية لواحدها مع صاحب ابوها،صدقتها هند ومامتها،لكن الكلام ده مقتنعتش بيه مها وبنتها،لكن سابوا الامور تمشى بشكل طبيعي.
وصلوا المسجد،صلوا على عمر صلاة الجنازة،وطلعوا كلهم على المدافن،عمر كان محبوب جدا بين اصحابه و زمايله وحتى جيرانه،وده كان سبب كافى يخلي جنازته مليانة بناس غريبة عن دمه اه،لكن حزينة عليه بجد،برغم بعد اهله عنه،لكن كل اصحابه كانوا فى الجنازة حزنهم عليه من حُزن اهله لو موجودين،تم الدفن،وكان الوضع اصعب مما يكون على سميرة اللى انهارت ووقعت من طولها بمجرد ما نزل ابوها قبره،ناجية عقلها فى مكان تانى خالص خلاها مش حاسة ببنتها ولا بالناس اللى بتحاول تفوقّها حتى،مروة جحودها كان مخليها تتفرج على كل اللى بيحصل حواليها،وهى حاسة ان فيه مبالغة فى اظهار الحزن بالنسبة لأمها وأختها،اه سميرة طول عمرة قلبها خفيف،لكن ناجية!
– دى اقوى بكتير من انها تحزن بالشكل ده،لكن على مين؟،مثلي يا ماما براحتك،فى الاخر رجوعك ليا انا،البير الغويط هيطلع كل اللى جواه فى حجرى انا.
مر اليوم كله صعب،رجعت ناجية ومروة وسميرة فى عربية واحد من جيرانهم ومراته،ورجعت هند ومامتها مع عمرو ومها ومي،اللى قرر يوصلهم لأن الليلة كانت متعبة جدا بالنسبة لهم.
وصلوا للبيت.
عمرو:
– سميرة،لازم تهتمى بالعلاج بتاعك،صدقيني اهمالك لصحتك مش هيفيدك فى حاجة.
مي:
– أه،خلى بالك بجد،أحسن شكلك بقى كوميدي أكتر من الاول.
مها:
– مي،ايه اللى بتقوليه ده؟،مش وقت هزارك،خلي بالك من صحتك يا سميرة،وماتزعليش من مي،هى بس بتحاول توصلك ان العلاج مهم،بس هى طريقتها مش صح.
سميرة بحزن ودموع:
– شكرا،بجد تعبتوا جدا معانا.
ام هند:
-طيب يا مها اطلعي معانا ارتاحي شوية،حتى عمرو يدى لسميرة الحقنة بتاعتها.
مي:
– انا تعبت يا طنط محتاجة ارجع البيت ارتاح.
عمرو:
– طيب يا مي،اقعدى استنيني فى العربية،هطلع معاهم فوق تاخد الحقنة بتاعتها،وانزل علطول.
مي بغيظ:
– ايه اللى نستنى فى العربية دى؟
– لأ أنا هطلع معاك فوق،اللى بيحصل ده اوفر بصراحة.
تجاهل عمرو اسلوب اخته،فعلا طلع هو ومي مع مرات عمه وسميرة وكانت ناجية ومروة حصلوهم على فوق،قعدت مها تستناهم فى العربية،وهى حاسة ان الناس دى حد منهم هيوصل لأبنها بطريقة من الطرق،هى عارفة كويس ان عمرو هييجى وقت ويرتبط،بس محتاجة انها هى بنفسها اللى تختار البنت دى،مش البنت ولا ابنها هما اللى يختاروا بعض.
طلع عمرو معاهم، دخلت ناجية اوضتها علطول وقفلت باب اوضتها عليها،وسابت بناتها مع الجيران،وعمرو واخته،فعلا عمرو عمل اللى كان طالع علشانه،واستأذن ومشى هو ومي،والجيران بدأوا يمشوا ورا بعض،واخر ناس اتحركت من البيت كانت هند ومامتها.
وأخيرا فضا البيت عليهم،دخلت مروة على اوضتها،ومى قعدت على السفرة قدام اخر حاجة عمر مد ايديه فيها،كان الاكل اللى عمله لسه مكانه،مكانش حد لحق يشيله،اما ناجية كانت قاعدة فى اوضتها حاطة قدامها صندوق صغير مقفول بقفل، طلعت المفتاح من شنطة صغيرة قديمة،فتحت الصندوق وابتديت تطلع الورق اللى فيه،كان عبارة عن مثلثات صغيرة،عبارة عن حجاب،وابتديت تفتح الورق.
وبمجرد ما فتحت اول ورقة،اتغير لون نور الاوضة،الاضاءة الصفراء اللى خارجة من النجفة,بقى لونها احمر.
– ازاى تسيبيه يموت؟
– أزاى تخليه يمشى قبل ما انا اقول انه يمشي؟
صوت مخيف يضحك ضحكة مخيفة:
– وهو انا قولتلك ان عمره فى ايديا أنا؟
– هو انا قولتلك انى هعيشه او هموته؟
– انتى طلبتي مني انه يكون تحت رجليكي،انا ميشوفش ست غيرك ولا يخونك،انتى طلبتي انه يبعد عن كل اللى ممكن يقدموله نصيحة ويقبلها،أنتى طلبتي وانا نفذت كل طلباتك.
ناجية:
– وأنتى اشترطتي،وانا نفذت كل شروطك.
– لكن انا مش هقدر اتحمل انه يبقى بعيد عني،أنا عايزاه يرجعلي تاني،عايزاه يبقى فى حضني،قدام عيني،تحت رجلي زى ما كان طول عمره،أنا من غيره هيبقى ماليش قيمة وسط الناس،من غيره هبقى ولا حاجة.
– بس اللى انتى بتطلبيه ده،له شروط صعبة اوى عليكي،ومش هتقدري تنفذيها،وتمنه هيكون أغلى بكتير من اللى دفعتيه عمرك كله.
ناجية:
– ايه اصعب من انى قبلت اسلم روحي لشياطينك؟
– ،ايه اصعب من اني عاشرت عفاريتك؟
– ،ايه اصعب من ان بطني شالت ذريتهم؟
– لاء فيه اصعب من كل اللى فات ده،لو هتستعدى وتقدرى عليه،هرجعلك جوزك من تاني.
ناجية:
– عمر ممكن يرجعلى تاني،بعد ما اتدفن قصاد عيني؟
– أيوة،هيرجعلك،فكرى،لو لقيتي نفسك مستعدة،أنتى عارفة هتوصليلي ازاى.